مشاهدة النتائج 1 الى 7 من 7
  1. #1

    الطوارق والعيش في خفاء اللثام


    الطوارق والعيش في خفاء اللثام


    من كتاب الرجال الزرق

    يكتسي كتاب "الرجال الزرق" أهميته من محاولته إعادة إحياء تاريخ "الطوراق" الذي كاد أن يدفن تحت رمال الصحراء، وكذلك من تسجيله مأساتهم ومعاناتهم الحقيقية، ذلك أن الطوارق أو "الرجال الزرق" أو "الرجال الملثمين" هم مجموعات قبلية كبرى، جمعتها خصوصية الصحراء منذ عصور عديدة وسحيقة.
    ويطلق اسم الطوارق على قبائل الملثمين التي تسكن الصحراء الكبرى، المنحدرة من قبائل صنهاجة البربرية في المغرب الأقصى، ويطلق هذا الاسم غالباً على مواطنيهم من العرب الذين ساكنوهم الصحراء، واختلطوا معهم، فعُرف الجميع في الكتابات الحديثة بالطوارق. وهم يشكلون مجموعات قاطنة في منطقة آزواد شمال مالي، وآيير شمال النيجر، والهغار جنوب شرقي الجزائر، وآزجر جنوب غربي ليبيا.
    أما تسميتهم بهذا الاسم (الطوارق)، فهي محل اختلاف المؤرخين: فمن قائل إنهم سموا به لأنهم طرقوا الصحراء وتوغلوا فيها؛ ومن قائل نسبة إلى انتساب بعضهم إلى طارق بن زياد؛ وقول آخر إنه نسب إلى الوادي الذي تسكن فيه قبائل الملثمين القريبة من العواصم المغربية في الشمال، وهو وادي درعة جنوبي مراكش، الذي يسمى بالطارقية تاركَا، وجمعها: توارك. فأخذت هذه الكلمة من الكتابات الأوروبية التي نقلتها من المراجع العربية، لتمثل شكلها الحالي "الطوارق" بإبدال التاء طاء. لكن بعض المؤرخين يرجح أنهم سموا الطوارق كونهم أدلاء الصحراء والمتخصصين في طرقها ومسالكها.
    وعن تسمية "الرجال الملثمين" تقول الأسطورة، التي يرويها الطوارق عن توارثهم للثام، بأن رجال أكبر قبائلهم ارتحلوا بعيدا عن مضاربهم لغرض ما، فجاء العدو يطلب خيامهم التي لم يبق فيها غير النساء والأطفال وكبار السن، فنصح عجوز حكيم النساء أن يرتدين ملابس الرجال ويتعممن وبأيديهن السلاح فيظن العدو أنه يواجه الرجال حقاً، ففعلن وقبل التحامهن مع العدو ظهر رجال القبيلة ووقع العدو بين رجالها ونسائها وانكسرت شوكته. ومنذ ذلك اليوم عهد الرجال على أنفسهم ألا يضعوا اللثام جانباً. وتقول الحكايات أن رجل الطوارق دائم اللثام منذ أن يبلغ، حتى وهو يأكل فإنه يرفع لثامه قليلاً ويتناول الطعام من تحته! ويغالي في ذلك حتى أثناء الوضوء أو التيمم فإنه يلجأ إلى البعد عن عيون الناس. وغالباً ما يكون اللثام عمامة من القماش الأسود يلفها الرجل حول وجهه بإحكام حتى لا يظهر منه سوى الأهداب، ويتراوح طولها بين متر ومتر ونصف، ولا يضعها حتى حينما ينام، وإذا ظهر شيء من ستره فكأنما هو العار بعينه، والمبالغ في القول أنه إذا خاض غمار حرب وسقط لثامه لا يعرفه حتى أقرب المقربين.
    ويرجح المؤلف أن تسمية "الطوارق" تأتي من "تماشق" أو "تمازغ"، وتعني بلغة البربر "الرجال الأحرار" أو أن أصلها يعود إلى كلمة "تاركة"، وهي منطقة فزان بجمهورية ليبيا، حيث حطّ هؤلاء العرب رحالهم، إما في سعيهم وراء إبلهم، ثم انتشروا كدعاة للرسالة الإسلامية الخالدة. وقد عبروا مع قائدهم الفذ طارق بن زياد البرزخ المائي الفاصل بين أوروبا وأفريقيا، المعروف باسم مضيق جبل طارق، كرأس رمح كسر شوكة جيوش الفرنجة في معركة "الزلقة" في شجاعة نادرة بعد أن أحرق القائد سفنهم عند الشاطئ، مذكراً إياهم أن لا مناص من الحرب حيث "البحر وراءكم والعدو أمامكم" فلم يصدر منهم سوى أخلاق الفرسان وشجاعة الرجال. ويطلق عليهم أيضا في الكتابات الأوروبية الرجال الزرق نظراً لكثرة استعمالهم القماش الأزرق لباساً، لكن الطوارق يفضلوا أن يطلق عليهم اسم "إيماجغن" أو "تماشق" وهما مرادفان بلغة الأمازيغ ومعناها "الرجال الأحرار". كما يطلق على الطوارق اسم أصحاب اللسان "الأمازيغي"، وهى لغتهم الأولى والأصلية، وينتمى إليهم المرابطون الذين أسسوا دولة بهذا الإسم عرفت على أنها واحدة من أكبر الإمبراطوريات التى نشأت فى منطقة المغرب العربي.
    وبجانب الطوارق البربر انضمت الكثير من القبائل العربية الكبيرة، وأصبح للطوارق سلطان على الصحراء، ويميز الطوارق قدرتهم على إستيعاب الغير والإندماج معه والتأثير فيه دون السماح له أن يغير شيئاً من عاداتهم وتقاليدهم، لدرجة أن الكثير من القبائل العربية التى انضمت للطوارق أندمجت وتحول لسانها الى لغة "الأمازيغ" أو لغة الطوارق!
    ولا يعتقد المؤلف أن "الرجال الزرق" ينتظرون من العالم، والعرب خاصة، أية مساعدات مادية، بقدر ما يأملون أن ينظر إليهم كجزء لا يتجزأ من هذه الأمة من محيطها إلى خليجها، الذي يبدو أن تحققه صعب ما دامت صور الطارقي رهينة الأسطورة. وهو كما أذكته دول المنطقة ذات المصلحة في تغييب الطوارقي ومشكلتهم، وهي الدول التي دأبت على إظهارهم في وسائل إعلامية للجذب السياحي، وأصبحوا فيها بمثابة عالم "ديزني لاند" بكل ما احتواه. وعليه فإن المؤلف يسعى إلى تفنيد الصورة التي تظهر الطوارق كائنات خرافية جاءت في رحلة سيزيفية لتعمير أرض الخواء والظمأ ورمال الموت، كما رسمتها رواية "الطوارق" للكاتب ألبيرتو باثكث، بل وليسوا هم تلك الشخصيات الزئبقية التي رسمها إبراهيم الكوني في قراءته الروائية للطلاسم الطوطمية الكامنة في أسماء الآلهة المحفورة في كهوف الصحراء البرزخية. ذلك أن الطوارق ليسو أسطورة بقدر ما هم حقيقة، هم شعب تغلفه وتخفيه جمالية الغموض في الأسطورة، وتكشف غطاءه قساوة الواقع المرير، وهم شعب يعيش مأساته بيننا في دول عديدة متجاورة، ولكن قلما نسمع أو نقرأ عنهم. وبالتالي فإن الكتاب يسعى إلى نفض غبار الغموض عن كثير من الحقائق التي كادت تذهب أدراج النسيان، تحت وطأة العزلة التي يعيشها الطوارق.
    أما الأعداد الحقيقية للطوراق فلا يمكن معرفتها، نظراً لغياب إحصاءات دقيقة وموثقة في منطقة الساحل الأفريقي أو في دول شمال أفريقيا، ولكن بعض التقديرات غير الرسمية تذهب إلى أن عددهم الإجمالي يناهز 3.5 ملايين، منهم نسبة 85% في مالي والنيجر والبقية بين الجزائر وليبيا. وتذهب نفس التقديرات إلى أنهم يشكلون من 10% إلى 20% من إجمالي سكان كل من النيجر ومالي.
    وتؤكد كل الشواهد على أن الطوارق استطاعوا الحفاظ على صفات أجدادهم حتى على مستوى التكوين الجسماني من طول القامة والقوة والصلابة والإخلاص والوفاء بالعهود لدرجة أن المؤرخين وصفوا وفاءهم للعهد بأنه إسراف، كما أنهم اشتهروا على مرّ التاريخ بفروسيتهم، فهم لا يستخدمون الأسلحة النارية، لأنهم يعتبرونها أسلحة غدر، ولا يضربون أعداءهم من الخلف، ولا يسمون رماحهم وسيوفهم ويعتبرون ذلك ـ إن حدث ـ انتقاصاً من شجاعتهم!
    وتظهر تفاصيل حياتهم اليومية والاجتماعية على أنهم أمراء الرمال وأسود الصحارى، وهم في نفس الوقت من أكثر البشر احتراماً وتقديرا للمرأة، فهي بالنسبة لهم الأم التي يفتخر بها الرجل، والتي يسعى دوماً لأن يكون جديرا بأمومتها، حيث يرجع الرجل الملثم كل صفات الشجاعة التي يملكها إلى حليب الثدي الذي رضعه من أمه، لأنه أول شئ دخل جوفه. أما المرأة الثانية في حياة الرجل الملثم فهي الزوجة التي يتعامل معها بشكل فلسفي وانساني غريب، حيث يعتبرها أمّه فى الليلة الأولى من الزواج، وفى الليلة الثانية يتعامل معها على أنها أخته، وفى اللية الثالثة على أنها زوجته، حيث تقوده حكمة تقول "إنه لو فشل معها كزوجة يكون مستعداً على معاملتها كأخ، ولو فشل كأخ يكون مستعد أن يتعامل معها كأم، ولا فشل فى علاقة الأمومة لديه وفقاً للرؤية السابقة لعلاقته بأمه، وبذلك يضمن ان يعيش معها في هدوء ويدوم المعروف".
    ومن تفاصيل الحياة اليومية للطوراق نلمس جزءاً من المأساة التى تعيشها قبائل الطوارق، ليس لأسباب اقتصادية، لأنه يستحيل أن يحدث للطوارق ذلك طالما "الجمل" موجود، فالجمل يعني التجارة والتنقل كما يعنى امتلاك الصحراء، إنما بسبب الحصار الذى فرضه المستعمر على تلك القبائل التى تحمل تاريخا طويلاً ومشرفاً فى مواجهته، إذ تذكر لهم المقاومة الشرسة للإستعمار الفرنسى عام 1916، والتي قادها الشيخ "فهرون". ثم استمرت معاناة الطوارق وتفاقمت بعد خروج المستعمر، حيث تفرقت قبائلهم وتعرضوا لكثير من القمع والقهر من قبل الحكومات الجديدة، بخلاف حالات الجفاف التى كانت تسود الصحراء.
    ويشتكي المؤلف من الجهل بالطوارق، الذي يرجعه إلى الباحثين العرب، ممن كتبوا تاريخ المغرب من دون أن يتعرضوا للطوارق رغم أنهم يشكلون جزءاً حيوياً من المغرب. ولولا الرحالة والجغرافيون من الأوروبيين لما ذكر لهم أي شأن.




  2. ...

  3. #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    شكراا جزيلا لك أخي الكريم لمجهودك الطيب هذا وجزاك الله عنا خير الجزاء,,المعلومات

    المطروحة في الموضوع أدهشتني جدااا لأنني كنت أعتقد بأنهم غير مسلمين,,ويتبعون

    الأساليب القبلية العصبية,,

    ولكن لماذا يتم إهمالهم من قبل الحكومة المغربية ؟؟!!!!
    a8d27e1142565379d7205bd6ef8b47b3

  4. #3
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة همسة حنين مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    شكراا جزيلا لك أخي الكريم لمجهودك الطيب هذا وجزاك الله عنا خير الجزاء,,المعلومات


    المطروحة في الموضوع أدهشتني جدااا لأنني كنت أعتقد بأنهم غير مسلمين,,ويتبعون


    الأساليب القبلية العصبية,,


    ولكن لماذا يتم إهمالهم من قبل الحكومة المغربية ؟؟!!!!
    شكرا اخي على المرور الكريم
    هم فعلا مسلمين
    وفي بلدان عربية كثيره وافريقيا ايضا

    اما قصة الاهمال هذه فتستطيع القول اناه ممكن سياسية وتاريخية ايضا

  5. #4
    السلام عليكم ..

    مشكور اخوي العزيز برديس على الموضوع ..



    " الطوارق " اسم تردد على مسمعي اكثر من مرة ، ولكني لم اكن امتلك الا القليل معلومات عنهم ..
    فسلمت يداك على هذا التقرير الرائع عنهم

    كنت اظنهم من قبائل الجاهلية التي سكنت الجزيزة العربية ..
    لكن اوضح الموضوع انهم من المسلمين asian

    هناك الكثير من الاساطير التي نسجت حولهم وحول شخصياتهم الخفية ..


    وتؤكد كل الشواهد على أن الطوارق استطاعوا الحفاظ على صفات أجدادهم حتى على مستوى التكوين الجسماني من طول القامة والقوة والصلابة والإخلاص والوفاء بالعهود لدرجة أن المؤرخين وصفوا وفاءهم للعهد بأنه إسراف، كما أنهم اشتهروا على مرّ التاريخ بفروسيتهم، فهم لا يستخدمون الأسلحة النارية، لأنهم يعتبرونها أسلحة غدر، ولا يضربون أعداءهم من الخلف، ولا يسمون رماحهم وسيوفهم ويعتبرون ذلك ـ إن حدث ـ انتقاصاً من شجاعتهم!
    صفات رائعة ونبيلة gooood

    لكنهم يحتاجون الى تسليط المزيد من الضوء عليهم


    بانتظار جديدك ..

    اخوكم في الله ..
    اللهم اجعلني خيرا مما يظنون , واغفر لي ما لا يعلمون

  6. #5
    فنصح عجوز حكيم النساء أن يرتدين ملابس الرجال ويتعممن وبأيديهن السلاح فيظن العدو أنه يواجه الرجال حقاً، ففعلن وقبل التحامهن مع العدو ظهر رجال القبيلة ووقع العدو بين رجالها ونسائها وانكسرت شوكته. ومنذ ذلك اليوم عهد الرجال على أنفسهم ألا يضعوا اللثام جانباً.
    جميلة هذه العبارة
    أنهم أمراء الرمال وأسود الصحارى
    ،

    شكرا (برديس )على الموضوع
    attachment

  7. #6
    شكرا على مروركم الكريم

    واحب ابلغكم فعلا انني من الطواااااااااارق

  8. #7
    موضوع رااااائع ومعلومات لاول مرة اسمعها !!

    شكرا لك اخي الكريم على التوضيح ...

    وعلى الموضوع الراااائع

    اختكم

    سراب الرووح
    رسالة الى ابي الراحل

    لان طالت بنا الغربة وحاالت دون لقيانا ..

    وعاد الطير للغصن ..يغني النصر جلانا ..

    اعود اليك في زمن شغف ابث القبر تحنانا ..

    انثر فوق مثواك دموع الشوق ريحانا ..

    ياحلمي الموعود قد عدت فلاترحل

    ولاتجرح بحد الوجد وجداني ..وجداني

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter