الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلوات والتبريكات على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فإن رابطة الأخوة الإسلامية هي إشراقة إلهية سامية ، وهي الحبل الذي يجمع القلوب ويعقدها ببعضها ، وهي النور الذي يسري بين أرواح المؤمنين .
في هذه المحاضرة محاولة لإلقاء الضوء على مفهوم الأخوة الإيمانية كما عبرت عنها نصوص الوحي ، وبيان لفضائل التآخي في الله ، وللحقوق والواجبات التي تترتب على هذا التآخي .
أولاً : مفهوم الأخوة الإيمانية :
1- الأخوة الإيمانية امتداد لمحبة الله وتوحيده :
ثبتت رابطة الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ذكره ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) [ الحجرات : 10] ،
فهي رابطة بعقد الله سبحانه وتعالى ،
وإن أول ما يميز هذه الرابطة أنها في ذاته سبحانه وتعالى ،
فمفهوم الأخوة الإسلامية هي امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده ،
فالمحبة والموالاة للمؤمنين هي لازم لمحبة الله وموالاته ،
فمن أحب الله وولاه لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه وتعالى ومن يقرب من الرسل والصديقين والمؤمنين .
يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) [ التوبة : 71]
هكذا بهذا العموم ،
فالأخوة الإيمانية تفتح لكل موحد باب عظيم للأخوة في كل أنحاء الأرض ،
وما أجمله من شعور ، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا ،
له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه ،
في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى ،
فالأخوة الإيمانية فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية ،
وفي هذا إلماحة إلى ضلال أولئك الذين يفرقون المسلمين والموحدين على أساس ولاءات عصبية ،
وجنسيات وتابعيات مقيتة ،
تفتت الأمة وتمزقها ، وتضع الحدود التي تفصل بين أبنائها .
ورحم الله القائل :
يا أخي المسلم في كل مكان وبلد أنت مني وأنا منك كروح في جسد
2- الأخوة الإيمانية أخوة في طريق تعمير الأرض وتحرير الإنسان :
مما يميز الأخوة الإيمانية كذلك أنها لقاء بين الموحدين على مهام عظيمة ،
وأعمال كبيرة ، تسمو بالمسلم إلى المهمة الأصيلة في تعمير الأرض بالخير ، ونشر العدل في الأرض ،
ومحاربة الطواغيت ؛ فهي إذاً أخوة في سبيل تحقيق مهام جِسام في حياة البشرية لا يقدر عليها المسلم بمفرده ، وإنما تتآزر جهود المؤمنين وطاقاتهم مجتمعة لتحقيق هذه المهام العِظام .
أخوة المنهج :أخوة الإسلام أخوة لبناء دولة الإسلام .....
أخوة السلاح أخوة الإسلام أخوة في طريق إزالة الطواغيت ونشر العدل في الأرض ....
3- الأخوة الإيمانية أخوة فوق كل العصبيات الأرضية كمثل الجسد الواحد :
إن الإخوة الإيمانية أخوة إيديولوجية ،
تنطلق من أسس عقدية ،
فالمؤمنون والمؤمنات .. ربهم واحد ، ورسولهم واحد وقدوتهم واحدة ، وكتابهم واحد ، وقبلتهم واحدة ، ومنهجهم واحد ، ومعتقدهم واحد ، وقائدهم وأميرهم واحد .
فهم كالجسد الواحد الذي تسكنه روح واحدة ويديره عقل واحد وله تطلعات وأهداف واحدة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (َ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) ،
فهي فوق أخوة النسب ، وهي فوق أخوة القبيلة ، وهي فوق أخوة الوطن ...فوق كل الأخوات الأرضية ...تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية .
المفضلات