الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على بنينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد

فلله المنتهى في الأمور كلها كما قال سبحانه (( وأن إلى ربك المنتهى )) النجم 42 .
فإذا أيقن العبد ذلك لزمه أن يتجه إلى الله في جميع أموره ويسأله جميع احتياجاته ، وكذلك خزائن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى (( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم )) الحجر 21 .
وكما قال تعالى (( ولله خزائن السماوات والأرض )) المنافقون 7 .
وكما قال تعالى (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو )) الأنعام 59 .
فإذا أيقن العبد أن الله عنده مفاتيح كل شيء والخزائن لله فجدير بكل مسلم خاصة طالب العلم أن يلهج بذكر الله وبالدعاء لله ويكون هذا الدعاء مصحوبا بتذلل وانكسار أن يهبه العلم ، قال تعالى (( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) غافر 60 .
وقال تعالى (( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون )) البقرة 186 .
وأخرج الترمذي بسند حسن إلى سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين )) .
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى (( ...... يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم )) ، هذا الحديث فيه حث على طلب الهداية منه ، وطلب الطعام منه ، وطلب الكسوة منه ، وهذه بعض الحاجات على سبيل المثال لا الحصر ، وعلى ذلك فمن أراد شيئا فليطلبه من الله ، ومن أراد العلم فليطلبه من الله ، وأن يكون مطعمه طيب ومشربه طيب وملبسه طيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ...... وفيه .. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام وملبسه حرام ، وغذي بالحرام فأنّى يستجاب لذلك )) رواه مسلم .
وكذلك على طالب العلم أن يواصل الدعاء ويكرره ولا يسأم ولا يمل من ذلك ، فهو أولى الناس بالصبر والمصابرة والمرابطة ، وألا يستعجل وألا يقنط من رحمة الله ، فإن امتثل لذلك تحقق له ما يتمنى وذلك فضل الله ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، فيقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي )) رواه البخاري ، وفي رواية لمسلم (( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل )) قيل : يا رسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال (( يقول قد دعوت ، وقد دعوت ، فلم يستجب لي ، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء )) .
ولنا في أنبياء الله أسوة حسنة ، فهذا نبي الله أيوب عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ مرض مرضا شديدا فواصل الدعاء ولم يمل ولم يستعجل ، حتى كان آخر ما دعا به كما قال الله تعالى (( وأيوب إذا نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين )) الأنبياء 83 – 84 .
وهذا يعقوب عليه السلام قال لبنيه (( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )) يوسف 87 .
قال الشيخ ـ بكر أبو زيد ـ حفظه الله (( فيا طالب العلم ضاعف الرغبة ، وافزع إلى الله في الدعاء واللجوء إليه والانكسار بين يديه . وكان شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ كثيرا ما يقول في دعائه إذا استعصى عليه تفسير آية من كتاب الله تعالى (( اللهم يا معلم آدم وإبراهيم علمني ، ويا مفهم سليمان فهمني ، فيجد الفتح في ذلك )) حلية طالب العلم 42 .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم







منقول ... من
مكتبتي