هل دوما يدل الاسم على المسمى
لكل أمة طريقتها في تسمية الأفراد. فالعرب منذ عهد الجاهلية كانوا يسمون الشخص باسمه واسم أبيه فيقولون: (النعمان بن المنذر)، وهم في الغالب يضيفون اللقب الذي يدل على القبيلة فيقولون: (عنترة بن شداد العبسي) ويقولون: (طرفة بن العبدالبكري) وهم بهذا سبقوا الأمم الأوروبية في استخدام اللقب. أما الكنية فقد كانت موجودة منذ العهد الجاهلي أيضًا، وقد تطغى على الاسم الشخصي وتحل محله فيقال: (زهير بن أبي سُلمى) كما يقال (الأرقم بن أبي الأرقم). وقد يتخذ الاسم الشخصي بصيغة الكنية مثل اسم (أبوطالب).
وفي العصور الإسلامية أصبحت الطريقة المتبعة لتسمية الأشخاص المعروفين هي: (الكنية + اسم الشخص + بن + اسم الأب + اللقب) فيقال (أبو تمام حبيب بن أوس الطائي)، مثل ما يقال (أبو حامد محمد بن محمد الغزالي). لكن ذلك لم يكن قاعدة عامة، فبعض الأشخاص كانوا يُعرَفون بأسمائهم وأسماء آبائهم فقط دون استخدام اللقب، وربما يضاف اسم الجد أيضًا. مثال ذلك (عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث) الذي ثار على الأمويين في العراق فقد اشتهر باسم (ابن الأشعث) فقط ولم يلقب بـ(الكندي) رغم أنه من صلب ملوك كندة.
والاسم الذي يُعَطى للشخص عند ولادته في الأمم الإسلامية قد يكون كلمة واحدة هي ـ لغويًا ـ صفة في معظم الأحيان، مثل (محمود، قاسم، سمير... إلخ)، أو قد يكون مركبًا من كلمتين يربطهما معنى أو علاقة تاريخية فيقال: (أيوب صبري)، أو (علي غالب) وغالبًا ما يستخدم اسم محمد أو أحد مشتقاته مع اسم آخر ويُعطَى للشخص تيمنًا باسم الرسول [ فيقال: (محمد علي) أو (أحمد رياض) وقد يقرن اسم الشخص بكلمة الدين فيقال (حسام الدين) أو (صلاح الدين). واستخدام أحد أسماء الله الحسنى مسبوقًا بكلمة (عبد) مثل: (عبدالرحمن) أو (عبدالرازق) أمر شائع جدًا بالطبع. وقد ينسب الشخص إلى الله العزيز فيسمى (جار الله) أو (سعد الله).
ويكاد تعدد الخيارات ووجود الأسماء المركبة في إعطاء الاسم الشخصي في اللغة العربية مقتصرًا على أسماء الذكور دون الإناث وخصوصًا في عصرنا هذا. وقد كان البعض يدعون بناتهم في العصور الإسلامية الأولى بأسماء مثل (أمة الله) أو (أمة الرحمن) ويظهر أن هذه التسميات لم تعد مألوفة في زمننا هذا.
وقد اقتبست الشعوب الإسلامية الطريقة العربية في تسمية الأشخاص، وقام العثمانيون (ربما تسهيلاً للأمر) بحذف كلمة (بن) بين اسم الشخص واسم أبيه وأصبح الاسم الكامل يتألف كالتالي: (اسم الشخص + اسم الأب + اللقب) واعتمدت هذه الطريقة في كافة الدول العربية وفي تركيا ذاتها فيقال: (عبدالله سليمان العامري) ويقال: (سلوى سعيد الحلبي).
ويتخذ بعض المغاربيين في زمننا هذا طريقة اعتماد الاسم الشخصي واللقب فقط، مع تقديم اللقب في بعض الأحيان فيقولون (المعمودي سليم) أو (الصديقي عثمان).
أما لدى الأوروبيين فيتكون الاسم المعتمد من (الاسم الشخصي + اللقب أو اسم العائلة) ويدعى الاسم الشخصي أحيانًا باسم العماد أو الاسم الأول أو الاسم المسيحي. لكن هذه القاعدة لها تحويرات مختلفة في الدول الأوروبية والأمريكية المختلفة.
ففي الولايات المتحدة وكندا يعطى الشخص اسمًا ثانيًا يدعى بالاسم الأوسط، لكنه قلما يستخدم ويختصر بكتابة الحرف الأول منه فقط فيقال (أدوارد ب، جونسون) في حين أن الاسم الكامل هو (أدوارد برنارد جونسون). ويميل الفرنسيون إلى إعطاء أسماء مركبة فيسمى الشخص: (شارل ـ فرانسو) أو (جان ـ لويس) وغالبًا ما تستخدم للفاصلة (ـ) بين الاسمين عند الكتابة، ويضاف اسم العائلة إليه فيقال (شارل ـ فرانسو ترميير). وقد يعطى الشخص أكثر من اسمين شخصيين في بعض الحالات. أما الألمان فقد يعطون الشخص أكثر من اسم مثال ذلك (يوهان سيباستيان باخ) ويعتبر الاسم الذي يسبق اللقب الأكثر أهمية والذي يستخدم لمناداة الشخص من قبل أصدقائه وأقربائه.
وفي روسيا يستخدمون عند التسمية الكاملة للشخص (الاسم الشخصي + اسم الأب + اسم العائلة) أي أن نظامهم يشبه النظام العربي إلى حد ما. ووجه الخلاف هو أن اسم الأب يحرف بإضافة (Vich) إلى آخره عند كون الشخص ذكرًا أو (Va) إذا كانت أنثى. فابن الشخص المدعو (إيفان) من عائلة (سيمينوف) والمسمى (نيقولا) سيكون اسمه الكامل (نيقولا ايفانوفتش سيمينوف). أما أخته المدعوه (تانيا) فسيكون اسمها الكامل (تانيا إيفانوفاسيمينوف). ومخاطبة الأشخاص قريبي الصلة تكون باستخدام الاسم الأول واسم الأب فقط بدون استخدام الاسم العائلي.
وفي إسبانيا وأمريكا اللاتينية يتكون الاسم الكامل من اسم الشخص واسم عائلة أبيه واسم عائلة أمه، فالشخص المدعو (فيليبي أورلاندو أمبروس) ينحدر من عائلة أورلاندو من ناحية الأب ومن عائلة أمبروس من ناحية الأم، وإذا تزوج من امرأة تدعى (دولوريس فارميكا ايشيفيريا) فإن الاسم الكامل لابنهم المدعو خوان سيكون (خوان أورلاندو فارميكا). لكن الاسم الذي يشتهر به الشخص يكون عادة اسمه واسم عائلة أبيه فقط، فالأب في هذه الحالة يكون (فيليبي أورلاندو) والابن (خوان أورلاندو). ومن عادة الإسبان أيضًا أن تحتفظ المرأة المتزوجة باسم عائلتها دون استخدام اسم عائلة زوجها كما يفعله بقية الأوروبيين. فالأم في حالة العائلة أعلاه ستبقى تدعى دولوريس فارميكا ايشيفيريا بعد زواجها. والشيء الوحيد الذي يتغير هو مخاطبتها بلقب (سنيورا) بدل (سينيوريتا) أي آنسة.
ويتميز الهنكاريون بأنهم يقدمون اسم العائلة على اسم الشخص فالمدعو في لغتهم (زولتان إيمري) هو في الحقيقة (إيمري) المنحدر من عائلة (زولتان). لكنهم عند تعاملهم مع غيرهم من الأمم يقومون بعكس الاسم مجاراة للعادة العالمية فيقال للشخص آنف الذكر (إيمري زولتان).
أما الصينيون فهم يشاركون الهنكار في تقديم اسم العائلة على اسم الفرد الشخصي، ولكنهم يخالفونهم في أنهم لا يعكسون الاسمين عند تعاملهم مع أقوام أخرى. فالاسم الشخصي للزعيم الصيني الراحل هو (زيد ونك) المنتمي إلى عائلة (ماو) ليصبح اسمه الكامل (ماو زيدونك) وهذه بالمناسبة هي الطريقة المتبعة حديثًا من قبل الصينيين أنفسهم لكتابة أسمائهم باللغات الأخرى كبديل للطريقة السابقة، حيث كان يكتب (ماوتسي تونك). ويعير الصينيون اسم العائلة أهمية كبيرة، وهم أول من استخدمه، ويدّعون أن أحد أباطرتهم أصدر أمرًا باستخدام اسم للعائلة يعرف بوساطته الفرد، وذلك في العام 2852 ق.م.
.....
المفضلات