مولود في ضنك
من رحم ليلة حمراء والاجساد تحترق
ام فتية .. أطفال صغار
وأب يرتق ثوب العمر بخيط من ورق
رائحة الموت تفوح من الاجساد على حافات الطرق
والدموع تتلوى ألما على وجوه شاحبة مزقها ألأنين أنهكها الارق
كانت أياما عصيبة سعرت فيها النار
كان موسما لتحطيم الاعمار ..
فالموت رخيص جدا .. بأقل الاسعار
يكفي ان تذهب لتشتري رغيف خبز
لتحصل على رصاصة أو شظية
بالاضافة لكفن وحنوط و ربما خرقة و إزار
كل هذا وأكثر !!!
يالسخرية الاقدار ..
أتدري لماذا؟؟
لم يكن هناك أمة !!
كانت بقايا أمة مزقها الاستعمار ..
جسداً ملقى على قارعة الطريق..
كالحثاله .. لا لا .. ليست كالحثالة!! بل كالزباله
قلي .. أتعرف كيف أصبحت الأمة بهذه الحالة ؟
كنا نقيم هناك
وبالجواريسكن بعض الجيران
كانت أجسادنا هدفا لتلك النيران
صراخنا يخبوا ويعلوا
مع صوت الانفجارات مع هدير الدبابات ومع اعمدة الدخان
مشاهد رعب نقشت في عقلي .. ويلاه من ذاك الزمان
الانفاس تعج بالمكان !!
والصراخ لا زال يعلوا ..
الاب يلملم بعض القوة التي إدخرها ليوم كهذا
يوم . يذبح فيه الأنسان كالحيوان
رحماك ربي ..
الصغار يتباكون
وما باليد غير ضعف وهوان
والقبيلة هناك
والمسافة بعيدة
والام تنظر لصغارها ، بعين الزمن المر ولا أمان ..
نظرات الصغار تفترس ضعفها !!
مسكينة تلك الام ..
كان تستحق ان تكون نموذجا للتضحية .. نموذجا للحنان
ألاب : سنرحل هذه الليلة عندما تصمت المدافع ...
مغامرة خطرة .. لكن .. لابد منها الان ..
الجميع يشد الرحال الى الارض البعيدة !!
فالكل أدرك أن البقاء هنا يعني الموت أو الموت
ومن العار ان تموت جبان
أمي هل سيتغير الحال هناك ؟
هل سنشعر بالامان؟
نعم يا بني فهناك السند وهناك العزوة والقبيلة
أبي هل انت سعيد لأننا سنرحل ؟
لا يا بني ..
لكنني اخشى عليكم ضعفي وقلة الحيلة ..
لابأس يا ابي ..
سنعود حينما يتبدل الحال ، وعد اقطعه لك ..
مشينا لم نحمل سوى ذكريات وامتعة قليلة
رحلة مضنية ، شمس الصحراء قاسية
وقدوم في عتمة ليل شاحب
كتلك الوجوه التي قابلتنا عند أطراف المدينة
حتى معالمها اوشكت ان تختفي بفعل عوامل الطمع والرذيلة
كما قال أبي ...
ادركت حينها ان لا فرق فهنا موت وهناك موت
لكن ما يميز الموت هناك ، تلك الدموع التي ُتذرف حزنا على فراقك
وذات يوم وفي لحظات عصيبة ..
الكل مرتبك
طبول الموت تقرع في بيتنا ، ترى هل هناك مصيبة!!
أخي يخرج مسرعا !!
أمي ُتهيء الدموع في أحداقها ..
يا لها من لحظات عصيبة
أخي يعود ، خطاه تترنح ، كلماته غريبه
ترى ماذا حصل ؟
هل حدث مكروه لأبي ؟
لن اطيق سماع الخبر
صرخت بأمي .. سأذهب للمدرسة
أمي ..لحظة توقف يا بني .. لا تذهب ..
لا .. سأذهب الان ..
اشم رائحة مصيبة ..
لم اعد اطيق رؤية الدموع في عينيك أُمي
دعيني أذهب .. أتوسل إليك
أخي يسألني : الى اين ؟
نظرت في عينية
فرأيت جسد أبي مسجى
هربت بعدها مسرعا .. لا ادري إلى أين !
قادتني خطاي الى مدرستي الصغيرة
جلست على المقعد هزيلا كالجريدة
دموعي المتحجرة باتت على وشك التفتت
وعيوني ذبلت قبل ان تذرف دمعة وحيدة
وقلبي وعقلي ممدان انهكهما سؤال باتت إجابته أكيدة!!
ترى هل مات ابي ؟
المفضلات