((بسم الله الرحمن الرحيم))
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )
(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده فلا هادي له وأشهد إن لاإله إلاالله وحده لا شريك له و أشهد أن محمد عبده و رسوله{يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حقا تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون}أمابعد..
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد (ص)وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة و كل بدعة ظلاله و كل ظلاله في النار..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..
حياالله الجميع وأسال الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعنا وإياكم في دار كرامته, أساله سبحانه أن يجعلنا هداة مهتدين لاضالين و لامضلين, حديث الليلة خاص إليك أنت.. فأنت مدار الحديث كله.. بصلاح المرأة صلاح المجتمع كله, وإذا قامت المرأة بدورها العظيم فإن النصر و التمكين يكون قريباَ بإذن الله.. أهلا بك في لقاء بعنوان (أين أنتن من هؤلاء؟) قبل أن أبدا أود أن أقول ما الدافع إلى هذا الموضوع ؟
1- حاجة المرأة إلى القدوة, حاجة المسلمات اليوم إلى القدوة في زمن ضاعت فيه القدوات من الدوافع أيضا.. رفع الهمم في زمن أيضا ضعفت فيه همم كثيرات ثم الواقع الذي نعيشه اليوم رغبة الناس في الدنيا وعزوفهم عن الآخرة فكا لابد من التذكير.. تذكير النفس و تذكير الآخرين و الأخريات بإن ما أعد الله للمؤمنين والمؤمنات خير من الدنيا وما فيها ثم من الدوافع.. أنه من أراد الوصول فعليه بالوصول ومن سارت على الدرب وصلت بإذن الله إننا أيتها الغالية.. في أمس الحاجة للنظر في سيرة أولئك الرجال ولنا النساء.. لدراسة سيرة أولئك الرجال والنساء.. قال أبن مسعود رضي الله عنه: ( من كان متأسيا فليتأسنى بمن مات فإن الحي يخشى عليه من الفتنة) أيتها الغالية.. إننا حقيقة نحتاج إلى أن نصحح المسار و نتخذ من حياة أولئك الرجال و النساء مثالا لنا إننا بحاجة إلى القدوة في زمن قلة فيه القدوات.. إننا بحاجة أن نتعلم منهم العزة في زمن قل فيه المعتزون و المعتزات .. إننا بحاجة إلى أن نتعلم منهم الثبات في زمن قل فيه الثابتون و الثابتات .. أما تلاحظون أن المفاهيم قد تغيرت حتى أصبح الممثلون و الممثلات و المغنين و المغنيات هم القدوات .. كم تصرف الأوقات و الأموال و القراءة و متابعة أولئك الغافلين و الغافلات.. أكرر نحن بحاجة إلى أن نصحح المسار و أن نعرف من هم القدوات
سيتكون الموضوع بعد المقدمة التي ذكرناها من صورة من العزة و الثبات ثم المحبة و معناها ثم صورة من حب الله و رسوله ثم صانعة الأبطال ثم المؤمنة و الحياء ثم نختم بإذن الله ..
أيتها الغالية .. هل سمعتي عن تلك التي قالت لقومها أي و الله أني على دينه ؟!ما شأنها؟ ما قصتها ؟ ما خبرها؟
إنها أم شريك .. إنها غزية بنت جابر ابن الحكيم القرشية العامرية .. التي كانت من أوائل من أسلم هي زوجها تحكي رضي الله عنها قصة حياتها .. حياة الثبات و الصبر على دينها رغم التعذيب القاسي .. تقول: جاءني أهل زوجي فقالوا لي: لعلكِ على دين محمد قلت: أي و الله – تأملي نبرة العزة قلت: أي و الله إني لعلا دينه قالوا: لا جرم و الله لنعذبنكِ عذاباَ شديداَ ثم ارتحلوا بي على جمل هو شر ركابهم و أغلظ يطعمونني الخبر و العسل و يمنعون عني الماء حتى إذا انتصف النهار و سخنت الشمس نزلوا فضربوا أخبيتهم و تركوني في الشمس قائمة و فعلوا بي ذلك ثلاثة أيام حتى ذهب عقلي و سمعي وبصري قالوا لي اليوم الثالث : اتركي دين محمد و ما أنتي عليه تقول : قلت في نفسي ليتهم رجعوا إلى أنفسهم بعدما عاينوا صبري و قد ذهب عقلي و سمعي و بصري لعلهم يرجعون عن غيهم و فعلتهم هذه و يدخلوا في دين الله عز و جل الدين الذي تذوقت حلاوته , نعم أيها الغالية.. إنها امرأة لا تملك من حطام الدين شيئاَ لتفتدي بها نفسها من ذلك العذاب الشديد لكنها تمتلك الأيمان .. تمتلك الأيمان الذي خالطت بشاشة القلوب فأمتلات بحب علام الغيوب .. نعم إن الأيمان هو المحرك الرئيسي لهذا الإنسان .. تقول غزية: و ما دريت و الله ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة كنت أَشير بإصبعي إلى السماء
علامة على ثباتها على معرفة الله الواحد الأحد – تقول : فوالله إني لعلى ذلك و قد بلغ مني الجهد و لكن شاء الله عز و جل أن يلطف بي بعد ذلك البلاء المبين أما قال سبحانه و تعالى : { و لنبلونكم حتى نعلم المجاهدين و نعلم منكم و الصابرين و نبلوا أخباركم } .. أما قال سبحانه : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لم يعلم الله المجاهدين منكم و يعلم الصابرين } تقول و بين أنا على تلك الحال إذ وجدت برد دلو على صدري فأخذته فشريت منه جرعة واحدة ثم أنتزع فنظرت- و هي التي فقدت بصرها – فإذا معلق بين السماء و الأرض فلم أقدر عليه ثم تدلى ثانية فشربت منه جرعة ثم تدلى ثالثة فشربت حتى رويت و أرقت على وجهي و ثيابي خرجوا أهل زوجي و نظروا إلي على تلك الحال و قالوا : من أين لكِ هذه يا عدوة الله فقلت بكل عزة و ثبات : إن عدو الله غيري إنه من خالف دين الله و عصى أوامره أما هذا الذي تتسألون عنه فهو من عند الله عز و جل رزق رزقنيه الله .. الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه .. الله الذي قال : { و إذا سألك عبادي عني فإني قريب }
قريب أسمع وأجيب , أعطي القريب و البعيد .. و أرزق العدو و الحبيب .. قريب أغيث اللهفان .. و أشبع الجوعان .. و أسقي الظمآن .. أتابع الإحسان .. قريب عطائي ممنوح .. و خيري يغدو و يروح .. و بابي مفتوح .. و أنا حليم كريم صفوح .. قريب .. يدعوني الغريق في البحار .. و الضال في القفار .. و المحبوس خلف الأسوار .. كما دعاني عبدي في الغار .. قريب فرجي في لمحة البصر .. و غوثي في لفتة النظر .. المغلوب إذا دعاني أنتصر .. سبحانه أطلع فستر .. و علم فغفر .. و عيد فشكر .. و أوذي فصبر .. سبحانه لا إله إلا هو .. قلت : أما هذا الذي تتسألون عنه فهو من عند الله عز و جل رزق رزقنيه الله .. الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه
هنا أنطلق أهل زوجي سراعاَ إلى قربهم المملؤة بالماء و إلى أوعيتهم الأخرى يستجلون الخبر فعند القرب و الأوعية الخبر اليقين وجدوها موكئاه لم تحل فعادوا إليها و قالوا : نشهد بان ربك هو ربنا و إن الذي رزقك في هذا الموضع و هذا المكان بعد أن فعلنا بكِ ما فعلناه هو الذي شرع هذا الدين العظيم .. هو الإله الحق ..فأسلموا و هاجروا جميعا إلى رسول الله (ص) بثباتها و عزتها و موقفها الشديد أسلم أهل زوجها القوم و ظهر لهم الحق .. أنه درس على الثبات .. إنه الإيمان الذي جعل المؤمن كالجبال الراسيات .. فلا تعذيب و لا تهديد يجعلهن يقدمن أي تنازلات .. بل إباء و شموخ و ثبات .. أما قال بلال الذي ذاق أمر العذاب لما سئل : كيف تحملت كل هذا العذاب قال : مزجت حلاوة الإيمان بمرارة العذاب فطغت حلاوة الإيمان
كرر علي حديثهم يا حادي *** فحديثهم يجلي الفؤاد الصادي
في الصحيح عن أبن أنس بن قال : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان - و في رواية : ذاق حلاوة الإيمان – أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما , و أن يحب المرء لا يحبه إلا لله , و أن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار )
أخيه .. إن الإيمان ليس بالتمني .. و لا بالتحلي .. و لكن ما وقر في القلب و صدقه اللسان و عملت به الجوارح و الأركان يزيد بالطاعة و ينقص بالعصيان , أيتها الغالية .. إن الإله هو الذي يأله العباد يناله العباد حبا و ذلا و خوفا و رجاء و تعظيما و طاعة له بمعنى مألوه : و هو الذي تألهه القلوب أي تحبه و تذل له .
أيتها الغالية : إن العقول تحكم بوجوب تقديم محبة الله على محبة النفس و الأهل و المال و الولد و كل سواه و كل من لم تحكم عقلها بهذا فلا تأبه لعقلها فإن العقل و الفطرة و النظر تدعو كلها إلى محبته سبحانه بل إلى توحيده في المحبة و إنما جاءت الرسل بقريب ما في الفطر و العقول كما قيل ..
هب الرسل لم تأتي من عنده ... و لا أخبرت عن جمال الحبيبٍ
أليس من الواجب المستحق ... محبته في اللقاء و المغيبٍ
ممن لم يكن عقله أمرا ... بذا ماله في الحجاء من نصيبٍ
و إن العقول لتدعوا إلى ... محبة فاطرها من قريبٍ
أليست على ذاك مجبولة ... و مفطورة لا بكسب غريبٍ
أليس الجمال حبيب القلوب ... بذات الجمال و ذات القلوبٍ
فيا منكرا ذاك و الله أنت ... عين الطريد و عين المريبٍ
حظين و خابوا فلا تبتئس ... بكيد العدو و هجر الرقيبٍ
أسمعي أمة الله .. أسمعي أماه .. أسمعي أختاه .. عن المحبات الصادقات و تسألي و قولي: أين نحن من هؤلاء ؟؟
المفضلات