السلام عليكم و رحمة الله و بركاته




(( حب في اغسطس ))





انه اغسطس ..

انه اغسطس لكنه اغسطس آخر يختلف عن اغسطسنا الحار الرطيب

حيث يلتصق جسمك بالقميص بفعل صمغ كريه هو العرق

الحقيقة ان الطقس جميل بالفعل

هذه البلدة الصغيرة ساحلية و قرب الخليج

و يبدو ان هواء البحر العابث الخبيث لا يرحم العواطف هنا




ما اجمل ان توجد و ان تملأ المكان و الزمان ..

ما اجمل ان تكون لحظة قادمة تفعمك بالأمل ..

و لحظة ماضية تفعمك بالحنين ..

بطلة قصتنا تعيش هذا الواقع الافتراضي

الذي يخلقه لها الكمبيوتر كفتاة يابانية حسناء مليئة بالحيوية

اسمها ( متشيكو زاكو )




انها معلمة اطفال .. و هي كذلك عاشقة ..

عاشقة لهذا الفتى الخجول المسمى ( توشيو موكازا )

اعتادت ان تقابله عند مصرف زديوتومو

حيث اعتادا ان يمشيا يوميا عند الظهيرة

و هو ذلك المثلث الشهير في المدينة

مصرف زديوتومو ، مبنى ادارة الغاز ، و مبنى فوكوزايماى

هناك مشاكل عاطفية بسيطة

تبرهن لها على ان حبيبها انبل و ارق شخص في العالم

هكذا تدخل الصف و تقول للأطفال ::

" اليوم سأخبركم عن اجمل شي في العالم "

- " ما هو يا ( متشيكو ) ؟ "

- " خمنوا .. "

- " طيور السنونو ؟ "

- " لا .. هناك ما هو اجمل "

قال طفل سمين ::

- " كعك الزنجبيل ؟ "

- " لا "

- " اذن ما هو يا متشيكو ؟ "

قالت و هي تنظر الى العالم و هو يبدو من النافذة ::

- " انه .. انه ......... "


هنا ابيض العالم كله .. و لم تعد تسمع حرفا .. لم تعرف ما حدث ..

و لن تفهمه الا بعد زمن طويل

لكنها تذكرت في هذه اللحظة الحاسمة

انها لم تول عناية لاسم البلدة التي تقع فيها هذه الاحداث

الآن ترى لافته تطير في الهواء الساخن .. لافته كتب عليها :: (( هيروشيــما ))

انه اغسطس ..بالتحديد يوم الاثنين السادس من اغسطس عام 1945

الساعة الثامنة و الربع صباحا ..

في بادئ الامر حدث ذلك البريق الناصع .. لقد صار العالم كله لا شي ابيض

و معه ساد الصمت .. لم يعد احد يسمع اي شيء ..

اللحظة التالية هي لحظة الحرارة ..و في خمسين الف جسد من الاجساد التي لم تتفحم فورا

تركت الحروق علامة سيطلق عليها فيما بعد (( مخالب الشيطان ))

و على بعد خمسين او ستين كيلومترا سمع الناس صوت البركان الهادر

نبحت الكلاب في القرى البعيدة و ثارت الخيول .. لكن الانسان لم يفهم !!

الآن بدأت مرحلة الاعاصير .. اعاصير عنيفة تطير كل شي

تمزق الثياب .. تطير الاطفال في الهواء ..تنتزع اعمدة النور و اللافتات و تقلب السيارات

و معها جاء الغبار ليغطي كل شي ..

ثم انسحب الغبار .. و تغلف سماء المدينة سحابة سوداء ثقيلة

كأنهم جربوا النور التام و الظلام التام في ثوان..

الآن انتهت المرحلة الثالثة ..تنحت المؤثرات السابقة .. لتفسح المسرح للممثل المرهوب و المخيف ::

(( النــــــــار ))

لقد بدأ العصر الذري .. يمكن القول بدقة ان القنبلة سقطت في المثلث الذي يتكون من ::

مصرف زديوتومو ، مبنى ادارة الغاز ، و مبنى فوكوزايماى

نفس الموضع الذي كانت (( متشيكو )) تمشي فيه منذ ايام مع فارسها الرقيق (( توشيو ))

هذه الدائرة التي يمتد قطرها اربعة كيلومترات .. هي منطقة الفناء الشامل

منطقة (( الــــلا بشـــــــــر ))

حيث لم يفلت فيروس و لا نملة و لا قط و لا انسان من الفناء .. ليس الفناء بل التبخر

(( متشيكو )) تواجه هذا الجحيم مع خمسة اطفال بقوا احياء يصرخون كقطط عمياء

لقد تشوهت تماما .. لكنها تتماسك الي ان تستطيع الخروج من دائرة الحريق هذه

سوف تقابل (( متشيكو )) الطيار الذي قذف القنبلة ..

سوف تقابل جنرال (( جرو )) و (( اوبنهايمر )) المسؤولين عن صنعها

سوف تقابل (( ترومان )) صاحب القرار السياسي

سوف تخضع لجراحة تجميل تمنحها وجه جديد بدل وجهها الذي تشوه

و هي السياسة التي قدمت بها الولايات المتحدة نوعا من الاعتذار لليابانيين على كل ما صنعته بهم

الاهم انها ستقابل حبيبها (( توشيو )) الذي حسبته قد هلك في الانفجار

لقد تغير كل شي .. تغير وجهاهما .. تغيرت روحهما .. تغير اغسطس


فهل يمكنهما الاستمــرار ؟!
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
مع اطيب امنياتي
ساكورا العسل