مشاهدة النتائج 1 الى 6 من 6

المواضيع: البكاء

  1. #1

    تحقيق أو نبذه او قصه البكاء

    البكاء على موتى المؤمنين
    فكرة عامّة حول البكاء
    البكاء تعبير عن حاجة إنسانية يلجأ إليها الإنسان بطبيعته، عندما تكتنفه صعوبات الحياة وآلامها، فلا يملك إزاءها حولاً ولا قوة تعينه على الفرار منها خصوصاً في اللحظات الحرجة فيتنفس عبر البكاء، أو عندما يفاجأ بفقدان حبيب أو خسارة مادية أو معنوية، فيختل توازنه النفسي فيندفع تلقائياً وبلا شعور فيستفرغ احتصاره وكبته عن طريق البكاء، وهذه الحاجة لا تختص بعقيدة دون أُخرى، لأن منشأ البكاء نفسي وفطري.
    فإذا كان البكاء فطرياً يلجأ إليه الإنسان عند الاختناق والهلع النفسي، فيكون أداة لتفريغ الهموم والصدمات النفسية، فهل يا ترى للبكاء فوائد أُخرى يتضمنها، أم يقتصر على هذا الحد؟
    أوّلاً: لا يخلو البكاء من فوائد كثيرة منها الصحية والنفسية والسياسية، نذكر فيما يلي قسماً منها على سبيل الاختصار.
    أ ـ إن البكاء يمثل منهجاً لتزكية النفس من الأدران والذنوب، خصوصاً عندما يكون بدافع الندم والتوبة.
    ب ـ إن البكاء يرفع الإنسان إلى درجة التحسس بآلام المحرومين والمظلومين في الأرض، لأن البكاء يوقظ الضمير وينبّه الوجدان، في حالة الاعتراف بالتقصير أمام الله والخشية منه.
    ج ـ البكاء يعالج قسوة القلب المذمومة في الشريعة، مثل الطبع على القلب والختم عليه.
    قال تعالى: (ثمّ قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة)(1).
    وقال تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أُوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)(2).
    د ـ إن البكاء له بُعد سياسي، لأنه الطريق الأفضل لرفع الظلم واستنكار ممارسات الظالمين في الظرف الذي لا يسمح بالمواجهة، وعندما يشعر الإنسان بأنه لا يقدر على فعل شيء فيكون البكاء تعبيراً عن الرفض والمعارضة.
    ثانياً: ذكروا أن للبكاء الذي يلجأ إليه الإنسان ذاتياً دوافع، فقد يبكي الإنسان عندما يُفاجأ بخبر مفرح لم يتوقع تحققه إطلاقاً، كما يبكي الإنسان عندما يتعرض لحزن شديد، أو لفزع، أو لمداهمة من غريب، أو وجع مؤلم، أو رياء، أو شكر، أو بكاء من خشية الله.
    ثالثاً: والبكاء من الناحية الشرعية له عدة أقسام:
    أ ـ البكاء من خشية الله:
    فقد جاء في الحثّ على هذا القسم عدد من الآيات والروايات نذكر منها:
    1 ـ قوله تعالى: (إن الذين أُوتوا العلمَ من قبله إذا يُتلى عليهم يخرّون للأذقان سُجّداً * ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعدُ ربّنا لمفعولاً * ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)(3).
    2 ـ قوله تعالى: (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرّية آدم وممّن حملنا مع نوح ومن ذريّة إبراهيم وإسرائيل وممّن هدينا واجتبينا إذا تُتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سُجداً وبكياً)(4).
    3 ـ وحثّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على البكاء فقال: (لا ترى النار عينٌ بكت من خشية الله ولا عين سهرت في سبيل الله)(5).
    4 ـ وجاء عنه (صلى الله عليه وآله) (ما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دم في سبيل الله وقطرة دموع قطرت من عين رجل في جوف الليل من خشية الله)(6).
    ولما كان البكاء مطلوباً ومحبوباً عند الله سبحانه، فقد نجد الأنبياء (عليهم السلام) قد بكوا في مواطن متعددة.
    5 ـ بكى آدم على خطيئته مائة سنة، وما رفع رأسه إلى السماء بعد ذلك حياءً من ربه(7).
    وقيل بأن نوحاً النبيّ (عليه السلام) إنما سُمّي نوحاً لأنه كان نوّاحاً(8).
    6 ـ أما كثرة البكاء عند النبي داود (عليه السلام) فنسبتها (لو عدل بكاء داود بكاء أهل الأرض بعد آدم، لعدل بكاء داود بكاء أهل الأرض)(9).
    7 ـ وأما المثل الذي ضربه النبيّ يحيى في البكاء فهو كما قيل: (كان يحيى بن زكريا له خطّان في خديه من البكاء، فقال له أبوه زكريا: إنما سألت الله ولداً تقرُّ به عيني. فقال: يا أَبَه! إن جبرائيل أخبرني أن بين الجنة والنار مفازة لا يقطعها إلاّ كُلّ بكّاء)(10).
    ب: البكاء أثناء العبادات:
    منها البكاء عند قراءة القرآن والبكاء عند الصلاة والبكاء عند الدعاء.
    ج: البكاء عند فقدان الأحبّة والشهداء والصُلحاء والمؤمنين.
    والبكاء على موتى المؤمنين هو أحد الموارد المشروعة التي ندبت إليها الشريعة ولا يمكن تجزئته عن أنواع البكاء الأُخرى، لكن البعض ذهب إلى حرمته وعدم جوازه محتجاً ببعض الروايات التي لم يثبت صدورها عن رسول الله أو أنها حملت على الحرمة.
    من هنا سوف نتناول هذه المسألة ضمن عدد من المباحث في منشأ الخلاف في حرمة البكاء، وفي سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله) وبكائه على موتى المؤمنين، وفي سيرة المسلمين قبل وفاة الرسول وبعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله). وما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في البكاء، ثم أحكام البكاء عند الإمامية وأدلتها الشرعية لندرك بعد ذلك الطريق الصحيح الذي ينسجم مع أصول الشريعة الغرّاء.

    المبحث الأوّل
    منشأ الخلاف في حرمة البكاء على موتى المؤمنين
    إنّ منشأ الخلاف في مسألة حرمة البكاء على موتى المؤمنين يرجع لرواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله ، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (إن الميت يعذّب ببكاء أهله عليه).
    وقد نقلت هذه الرواية بعدة ألفاظ منها ببعض بكاء أهله عليه، ومنها ببكاء الحيّ عليه، ومنها يعذّب في قبره بما نيح عليه.
    ولا عبرة باختلاف الألفاظ لأن هذه الروايات كلها من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله(11).
    ووقف الصحابة من هذه الرواية موقف المعارض ونعتوا راويها بالخطأ أو النسيان، لأنها تعارض القرآن الكريم وأن رسول لله (صلى الله عليه وآله) لم يقل ذلك، وإنّما قال: (إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه) إلى غير ذلك من الردود.

    موقف عائشة من الرواية ومن حرمة البكاء
    عن ابن أبي مليكة قال: (توفيت بنت لعثمان بن عفان بمكة فجئنا نشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس، وأني لجالس بينهما، فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان ـ وهو مواجهه ـ: ألا تنهى عن البكاء؟! فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه؟!).
    فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك، ثم حدّث فقال: صدرت مع عمر من مكة حتى إذا كنا بالبيداء، فإذا هو بركب تحت ظل شجرة، فقال: اذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ فنظرت، فإذا هو صهيب قال: فأخبرته، فقال: اُدعه، فرجعت إلى صهيب، فقلت: ارتحل، فالحقْ بأمير المؤمنين، فلما أن أُصيب عمر: دخل صهيب يبكي، يقول: وآ أخاه، واصاحباه! فقال عمر: يا صهيب، أتبكي عليّ وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الميت ليعذّب ببعض بكاء أهله عليه؟
    فقال ابن عباس: فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة، فقالت: يرحم الله عمر، لا والله ما حدّث رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الميّت يُعذّب ببكاء أهله عليه، ولكن قال: إن الله يزيد الكافر ببكاء أهله عليه.
    وقالت عائشة: حسبكم القرآن: (ألاّ تَزِرُ وازرة وزِر أُخرى).
    قال ابن عباس عند ذلك: والله أضحك وأبكى.
    قال ابن أبي مليكة: فما قال ابن عمر شيئاً(12).
    وفي رواية قال ابن أبي مليكة: ذكرت الحديث لعائشة فقالت: أما والله ما تُحدّثون هذا الحديث عن كاذبين مكذّبين، ولكن السمع يخطئ وإنّ لكم في القرآن لَمَا يُشفيكم: (ألاّ تزر وازرة وزر أُخرى)(13) ولكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه(14).
    وعن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: سمعت عائشة وذُكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: (إن الميت ليعذّب ببكاء الحي عليه) نقول يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما أنه لم يكذب ولكنه نسي أو خطأ، وإنما مرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على يهودية يُبكى عليها، فقال: (إنه ليُبكى عليها، وأنها لتُعَذّب في قبرها) أخرجه الجماعة إلاّ أبا داود)(15).
    وفي رواية قالت: يرحمه الله، لم يكذب ولكنّه وهم، إنما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل مات يهودياً: إنّ الميت ليعذبّ وإنهم ليبكون عليه.
    وكانت عائشة مع عمر في هذه المسألة على طرفيّ نقيض فقد ناحت على أبيها يوم وفاته خلافاً لنهي عمر.
    وعن سعيد بن المسيب أنه قال: لما توفي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح، فأقبل عمر بن الخطاب حتى قام ببابها، فنهاههن عن البكاء عليه فأبين أن ينتهين، فقال عمر لهشام بن الوليد: اُدخل فأخرج إليَّ ابنة أبي قحافة، فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر: إني أُحرّج عليك بيتي. فقال عمر لهشام: اُدخل فقد أذنت لك، فدخل هشام فأخرج أُم فروة أُخت أبي بكر إلى عمر، فعلاها بالدرة فضربها ضربات فتفرق النوح حين سمعوا ذلك(16).

    موقف ابن عباس
    اتّضح موقف ابن عباس في مسألة البكاء على موتى المؤمنين ومعارضته لرواية عمر بقوله السابق الذكر(17).

    موقف أبي هريرة
    أما أبو هريرة، فقد قال: (مات ميت من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر ينهاهن ويطردهنّ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (دعهنّ يا عُمر، فإن العين دامعة، والقلب مصاب، والعهد قريب)(18).

    تعارض روايات تحريم البكاء مع روايات جوازه
    ورد عدد من الروايات التي اُدّعي أنّها تدلّ على نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن البكاء، فمع قطع النظر عن ضعفها وعدم صلاحيتها للتعارض، تبقى لا تنهض بدليلها حتى لو سلّمنا فرض صحتها، لأنّها بطبيعة الحال تتعارض مع الروايات القائلة بجواز البكاء، وكونه من سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) على من رآه مشرفاً على الموت وعلى من توفي شهيداً، أو غير شهيد وعلى قبر المتوفى.
    وأن استدراك عائشة، وأقوال الصحابة من كون روايات النهي محصورة بالخليفة الثاني وابنه عبد الله، وأنها ناشئة من الخطأ والنسيان، وأن رسول الله لم ينهَ عن البكاء، يجعلنا أن نعرض عن روايات النهي ونتمسك بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) القائمة على جواز البكاء.

    تعارض مضمون روايات تحريم البكاء مع مفاهيم القرآن الكريم
    والذي يلاحظ مضمون روايات تحريم البكاء، يجد أن هذه الروايات تنسب العقوبة لغير فاعل الذنب، وهي بذلك تخالف نصوص القرآن الكريم، التي لا تحمل الذنب إلاّ على فاعله.
    قال تعالى: (ألاّ تزر وازرة وزر أُخرى)(19).
    الوزر: هنا بمعنى الإثم والذنب المُثقل للظهر، والوازرة النفس المذنبة التي تذنب. والمراد: لا يحمل أحد من المذنبين ذنب غيره(20).
    وقال تعالى: (وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى)(21).
    وقال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره* ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)(22).
    وقال تعالى: (لتجزى كل نفس بما تسعى)(23).
    وقبل أن نختتم البحث نذكر بأن هناك روايات استدلّ بها البعض على جواز البكاء قبل الموت لا بعده، جاءت بألفاظ متقاربة في معناها من كون البكاء محرماً بعد الموت.
    منها: ما جاء عن عبد الله بن عمير، عن جَبْر: (أنه دخل مع النبي (صلى الله عليه وآله) على ميت فبكى النساء، فقال جبرٌ: أتبكين؟ لا تبكين ما دام رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالساً.
    قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (دعهن يبكين ما دام بينهن، فإذا وجب فلا تبكينَّ عليه باكية)(24).
    ويحمل هذا الحديث على رفع الصوت عالياً وخمش الوجوه، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لما بكى وقال عبد الرحمن: أولم تكن نهيت عن البكاء؟ قال: (لا ولكن نهيت عن صوتين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب، ورنّة شيطان)(25).


  2. ...

  3. #2
    مشكور اخوي على هذا الموضوع فعلا البكاء له اسباب وله فوائد
    [
    اعلم ان الله يحبك و أحن عليك من اي انسان

    من جاور السعيد يسعد ومن جاور الحداد ينحرق بناره

    لا تبع يوماً صالحاً بيوم طالح

    أخوك من صدقك النصيحة


    gooood

  4. #3
    مشكوووووووور....اخوي...

    يعطيك العافيه...
    مبارك عليكم الشهر ..
    كل عام وانتم بألف خير ..
    أللّهُمَّ افْتَحْ لي فيهِ أبوابَ الجِنان ، وَ أغلِقْ عَنَّي فيهِ أبوابَ النِّيرانِ ، وَ وَفِّقْني فيهِ لِتِلاوَةِ القُرانِ يامُنْزِلَ السَّكينَةِ في قُلُوبِ المؤمنين...

  5. #4

  6. #5

  7. #6

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter