السلام عليكم ورحمة الله
أدري طولت الغيبة بس ظروف السفر ........
معنى الهزيمة
رغم جفاف ذلك اليوم ..وتلك الأجواء التي تبعث الملل ..كان علي أن أمكث طويلاً داخل الباص ..المتجهة إلى رحلة طويلة مملة للغاية ...وكان من حظي النحس أن أجلس مع أختي الصغرى في مقعد وكأنني في حضانة ..حركات الأطفال الكثيرة وشغبهم المتتالي ..وأنت في قمة الملل ..تفقدك كل ذرات الهدوء داخلك ..أسلمت أمري إلى الله وحاولت تجاهل أصواتهم إلا أن المقعد الذي خلفي كان يضم أيضاً أطفالاً ..أصوات وأغاني ناهيك عن نكاتهم السخيفة ..وفوق كل هذا ذلك السائق هداه الله رفع صوت المذياع بأعلى صوت وكأننا لا نريد أن نرتاح من هذا السفر الطويل ...رغم اعتراض كثير من المسنين عليه في تلك اللحظة ومطالبتهم بإغلاقه ...ولكن ...
هل أتوقع من شخص لا يخاف الله أن يحترم رغبات من هم أكبر منه سناً ....؟؟!!
حاولت أن أشغل نفسي ..أخرجت هاتفي و أشغلت أجمل الألحان إنها لسورة يوسف ...يا سلام ..هدئت نفسي قليلاً وشعرت براحة عجيبة ..
وخيم الليل ولا زلنا على نفس الجلسة ..نفس الباص ..نفس الأشكال والوجوه ..نفس الغلبة والصراخ ..ممل ..شيء ممل حقاً ..
لا أدري كيف آن لعيني أن تغفو قليلاً ..استيقظت لأجد نفسي أنني لا أزال في الباص وأن الطريق لا يزال طويلاً ..شعرت بشيء ثقيل على فخذي ..التفت فإذ هي أختي الصغيرة قد أخذت من ساقي وسادة لها ..
تعجبت وربما غضبت فأنا أشعر بالضيق والملل من نفسي ولا أتحمل في هذه اللحظات وزناً زائداً عني ..ولكن
مددت يدي نحوها لأمسح على رأسها ولكن لا ..لا ستعتاد على ذلك مني وستطالبني بأن أفعل ذلك معها في كل مرة وأنا مشغولة ...نعم لا وقت لدي ...
مشغولة...............!!!
يا للي هذه المشاعر الجافة ...ألهذا الحد أصبحت مشاعري باردة وجافة ..لا وقت لدي للمشاعر النبيلة إطلاقاً ..!!!
أخذت نفساً عميقاً ونظرت نحو النافذة كان كل شيء أسود سوى القمر الغير مكتمل الذي كان يبدو مشوشاً مع ذرات الندى التي التصقت بالنافذة.. كل ذلك ذكرني بقلبي ..قلبي المشوش ..بل مهشماً ..وكأنه ليس قلبي الذي أعرفه ..أصبح صلداً ..قاسياً ..قد يبيع لحظات جميلة وسعيدة أو قد يضيع فرصة التصادق مع ناس ربما ستكون الحياة بصحبتهم جميلة وكل ذلك من أجل ألا يكلف نفسه بهم مبادلتهم المشاعر ..فهو مشغول ...؟؟؟
وكان الثمن هي وحدة قاسية و ألم العيش بدون أن تحس بجمال الورود من حولك
أخ أذكر ذلك اليوم جيداً عندما فقدت قلبي ..وشعرت بأن داخلي تجويف عميق لا غير ..أنفاسي كانت متلاحقة على غير عادتها..استوقفتني لعبة محشوة على شكل دولفين كان شعرها ناعم جداً ..رفعتها بيدي ..أحسست برغبة قوية لشرائها ولكن كيف ..؟ماذا سيقولون البنات عني ..؟هذه روح ...ولا يجوز أن أدخلها في غرفتي ..وأنا التي قلت أن الحصول على مثل هذه الأشياء هزيمة وضعف في الشخصية ...هل أحضرها الآن ...؟!!
لا يهم أستطيع أن أخلع العين وأن أضعها تحت اللحاف ...
كلا ..كلا لن أفعل ...هذه هزيمة ..
ولكني حقاً مهزومة ...أريدها ..أحتاج ...أحتاج أن ....
-حنان ....ما لذي تفعلينه هنا ..هيا لقد تأخرنا .
-آسفة يا غدير ..
ألقيت نظرة تأمل أخرى في هذا الدولفين ..وودعته دون أن أفعل ما أريد ..لكـــــــــــــــــــــــن
بعد ساعات قليلة عدت لوحدي ووقفت أمامه ..أمسكته وكأنني أرى ورقة السعر فيه ..تلفت يمنة ويسرى حتى أضمن عدم نظر أي شخص لي ..وأخيراً فعلت ما كنت أريده وبقوة ..أخيراً فعلتها وانهزمت ...
احتضنتها بقوة ..بقوة شعرت فيها بأن أنفاسي حقاً تجول في مكان خاوي داخلي وجرت ..وجرت دمعاتي لتوقع على هزيمتي أخيراً ..ولأدفع ثمن .....مشغوللللللله.
أحسست بأن شيء يتحرك على ساقي ..لقد كانت ستسقط أختي ...
وضعت يدي عليها لأمسكها ...وأدرت وجهي عنها بصرامة وهي لا تزال نائمة بملامح طفولية بريئة..نظرت للنافذة التي امتلأت بقطرات الندى ...أحسست بماء دافئ ينساب على وجنتي بسرعة ...عدت لأنظر إليها ...وهذه المرة فقط ضغط على رأسها بقوة أكبر ثم ..........
ملت عليها وضممتها بذارعي معلنة هذه المرة عن انتصاري ...لا هزيمتي.
أريد أن أسمع أرآكم حول كلمة .....مشغول ...مشغولة ....
المفضلات