الصفحة رقم 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 1 الى 20 من 59
  1. #1

    مقال او خبر حاربا لأجل الحب وماتا بسهامه.......( أروع قصة )

    الحب شعور رائع ودافىء , الحب....شيء جميل ويسير....

    لكن متى يكون الحب مشكلة ؟

    ربما عندما تختلف العادات والتقاليد وعندما تختلف الطبقات وعقليات الناس يصبح الحب صعباً خاصةً لو أرتبط

    بشخصين منع المجتمع أتصالهما.

    وهناك أسئلةٌ أخرى قد تتبادر إلى الذهن....هل يمكن للواحد منا ان يضحي بأي شيء لأجل الحب ؟ هل الحب

    خير أم شر ؟ هل يستحق أن يموت المرء لأجله ؟

    أسئلة كثيرة وأجوبةحائرة لكني أتمنى لكل من لم يعرف الجواب ومازال حائراً ... إقرأ هذه القصة التي ألفتها

    أختي بمفردها والتي أتمنى أن تنال إعجابكم ..... وبصراحة هي قصة غاااااااااية في الرومنسية والروعة .....

    ولاسيما ألفاظ القصة المنمقةالرائعة..... وحتى لا أطيل عليكم .... أترككم مع هذه القصة الرائعة وهي بعنوان :
    اخر تعديل كان بواسطة » زهرة المحيط في يوم » 29-06-2006 عند الساعة » 19:37
    0


  2. ...

  3. #2

    القصة

    حاربا لأجل الحب وماتا بسهامه

    منذ زمن بعيد عاش الفقراء والأغنياء معاً،في بلد واحد وأرض واحدة ولكن العادات والتقاليد لم تكن واحدة،بل

    كان هناك فرق شاسع بين الحياة التي عاشها الأغنياء وحياة الفقراء،فقد امتلك الأغنياء المال،

    والقصور،والأراضي الواسعة،بينما لم يمتلك الفقراء شيئاً،بل حتى أنهم لم يكونوا يملكون الحياة،فكان يمكن

    لأي غني أن يقتل فقيراً ولو بدون سبب،ولا يحاسب على ذلك،ولقد كانت تستباح نسائهم،أو يأخذن للعمل في

    منازل الأثرياء،أما الرجال فقد كانوا يوظَفون في المزارع والأعمال الشاقة،بينما يعمل الأطفال في تنظيف

    المداخن أو بيع الخضار.

    هكذا عاش الفقراء فقط لخدمة الأغنياء حتى أن بعضهم كانوا يعملون دون دفع أجور لهم أو طعام،أما الأغنياء

    فكل منزل منهم كان يزخر بالمال،والطعام،والملابس الفاخرة،فقد كانت المدينة كلها للأغنياء، أما الفقراء فقد

    حفروا لهم خندقاً تحت الأرض ليعيشوا فيه،وقد كان هناك حرس أشداء يطبقون هذه القوانين،فإذا سمعوا بأن

    أحد الفقراء أعجب بفتاة من أسرة ثرية،يؤخذ ويعدم على الفور،ولم يكن يحق للفقراء بدخول مدينة الأغنياء إلا

    بتصريح من صاحب العمل الذي يريده.

    ورغم كل تلك القوانين،والقواعد الصارمة إلا أن هناك صبي ولد ليكسر هذه القوانين،وهو صبي عاش في ذلك

    الخندق،وفي ما يمكن أن يسمى بشبه كوخ،وكان يدعى لوسيان،وقد بلغ من العمر السابعة عشرة،وقد كان

    لوسيان يعيش مع جدته العجوز بعد أن قُتل والداه على يد أحد الأثرياء،حينما أعجب الثري بـ صوفي وهي أم

    لوسيان،وعرض عليها الزواج منه،ولكنها رفضته،وتزوجت من فقير مثلها،وهو والد لوسيان،وكان يدعى

    براد،فغضب الثري جداً،وأحرق بهما المنزل بينما هم نيام،ولم يستطيعا النجاة،غير أن الجدة والتي كانت

    تسكن في الطابق العلوي قد أنقذت حياة حفيدها لوسيان من لهب النيران،وفرت من النافذة.

    وهكذا عاش لوسيان وحيداً مع جدته في كوخ مهجور،وقد أتت عليه عوامل الزمن فأكلت نصفه،واحتمى

    لوسيان وجدته بالنصف الآخر،وكانا يأكلان طعامهم مما تنتجه الأرض،ومما يجدانه مرمياً من بقايا الطعام الذي

    خلفه الأغنياء،فكان الأغنياء إذا ما أنهوا طعامهم رموا بمخلفاته لخندق الفقراء كطعام لهم،ورغم كل ذلك

    العذاب النفسي والجسدي،إلا أن الابتسامة لم تفارق وجه لوسيان قط،فكانت هذه الابتسامة هي ما تمد جدته

    بالطاقة لتبقيها على قيد الحياة،وقد كان لوسيان فتى نشيطاً،وقوياً رغم نحل جسده،فكان دائم اللهو

    والمرح،وسيم الملامح،عيناه رماديتان كالرصاص،وشعره أسود ناعم،

    كثير الضحك،حلو الحديث،لطيف المعشر،وبالإضافة إلى ذلك فقد كان رقيقاً خجولاً،إلا أن لكل إنسان عيوب

    وحسنات،فقد كان أكثر ما يخيف جدته عليه هو تهوره وطيشه،وعندما بلغ لوسيان الثامنة عشرة، حالفه الحظ

    فوجد عملاً في مزرعة لأحد الأغنياء،فكان يذهب إليها كل صباح للعمل بها،وقطف المحصول،وسقاية

    الزرع،وقد كان يحصل على خمس جنيهات يومياً،ويستطيع بها شراء الطعام له ولجدته.

    فما كان لوسيان يُرى إلا وهو ذاهب إلى المزرعة أوعائد منها،لكن حدث له شيءٌ ما جعله يتأخر في المزرعة

    ذلك اليوم،فبينما هو يعمل إذ حضر صاحب المزرعة كالعادة للإشراف عليها،ولكنه لم يحضر
    اخر تعديل كان بواسطة » زهرة المحيط في يوم » 29-06-2006 عند الساعة » 18:56
    0

  4. #3

    التكملة

    وحده هذه المرة،فقد نظر لوسيان إلى صاحب المزرعة،ولم يثر اهتمامه كما فعل في بقية العاملين اللذين

    ركضوا إليه مسرعين ليتملقوه،وأراد لوسيان متابعة عمله المعتاد إلا أن هناك شيء ما قد جعله يتوقف في

    مكانه،واتسعت عيناه،وفتح فمه في ذهول،عندما رأى قواماً بيضاء قد نزلت من تلك العربة الفاخرة، وقد

    أسدل عليها ثوب حريري بزرقة السماء،وما أبرزه أكثر هو ذلك الصدر المستدير الذي أضاف روعة وجمالاً إلى

    ذلك الثوب،وقد اعتلى هذا الثوب وجه كوجه الملاك بل كأنه مصباح منير،قد تخللته بلورتان زرقاوان ووجنتان

    حمراوان وشفاه ساحرة،وقد وضع في قمته خيوط ذهبية من الشعر تتحرك مع الرياح،لتجعل سحر هذا الكائن

    لا يقاوم،فأخذ الشاب ينظر إلى تلك الحسناء بتمعن،فهو لم يرى شيئاً مثل هذا من قبل،وقد توقف دمه عن

    الجريان حين التفتت تلك الفتاة بوجهها الملائكي ناظرة إليه،وأطلقت تلك الابتسامة الساحرة،والنظرات

    الأخاذة،فشعر لوسيان وكأن عدة رصاصات تنطلق من ذلك المكان لتخترق قلبه،وما لبث أن عاد إلى وعيه

    عندما سمع صوت شخص يناديه،فنظر فإذا به يجدها واقفة أمامه ومازالت تلك الابتسامة على وجهها وقالت:

    تبدو صغير السن يا هذا..أنا لم أرك هنا من قبل!هل أنت عامل جديد؟!

    فسكت لوسيان لفترة وكأنه يحاول استجماع قواه ليستطيع أن يحرك بها شفتاه،التي شعر بأنها ثقيلة، وغير

    قادرة على الحركة وقال في تلعثم:

    نـ..نعم ياسيدتي.

    فابتسمت الفتاة عندما رأت أنه قد تكلم معها أخيراً وقالت:

    هل العمل متعب هنا؟

    ــ قليلاً..ولكنني اكسب منه خمس جنيهات كل يوم.

    ــ أخبرني..هل أنت قادم من خندق القمامة كما يسميه الجميع.

    فدهش لوسيان من ذلك المسمى،وعندما رأت الفتاة ذلك،وضعت يدها مسرعة على فمها وقالت:

    عذراً لم أقصد الإساءة لمكان إقامتك.

    ولكن ما لبث أن ابتسم لوسيان وقال:

    لا بأس..لقد تعجبت من المسمى وحسب،فبالنسبة لي ذاك المكان هو بمثابة الجنة.

    ــ الجنة!

    ــ نعم تخيلي أن الطعام يسقط علينا دوماً من الأعلى،وكأن السماء تمطر طعاماً،ثم نجمعه ونأخذه و...........

    واسترسل لوسيان في الحديث بل حتى أنه ظل يتحدث لساعتين متواصلتين،ولكنه اضطر إلى التوقف حينما

    نادى صاحب المزرعة ابنته للرحيل،فالتفتت الفتاة إلى لوسيان في حزن وقالت:

    كلما أحضر مع أبي إلى هنا أشعر بالملل الشديد لأني لا أجد من أتحدث إليه،ولكني اليوم تعرفت إلى شخص

    لطيف ومسلي جداً..أتمنى أن نلتقي مرة أخرى يا....

    ــ لوسيان.

    ــ أنا كاترين هوارد..سررت بمعرفتك كثيراً يا لوسيان.

    ــ وأنا أكثر يا سيدتي.

    ــ أرجوك لوسيان في المرة القادمة التي نلتقي فيها اكتفي بمناداتي كاترين فقط..اتفقنا؟

    وودعت كاترين لوسيان وذهبت مسرعة.ولقد ظن جميع العاملين في المزرعة حينما رأوا لوسيان وكاترين معاً

    أن علاقتهما سوف تنتهي بعودة كاترين إلى منزلها فقط.

    ولكن الأمر لم يكن بهذه البساطة عند لوسيان،فقد طبعت صورت كاترين في مخيلته،بل في أحلامه

    وآماله،فأصبح يشتاق إليها،ويتوق إلى تجربة ذلك الشعور الذي راوده حين رآها لأول مرة.

    فقرر الذهاب للقياها بعد أن مر شهر على لقائهما الأول،واستغل لوسيان انسدال ستار الليل للتسلل إلى تلك

    المدينة،بعد أن عرف مكان إقامتها من العاملين في المزرعة،ووصل إلى منزلها الذي كان عبارة عن قصر كبير


    وفخم،وبينما كانت كاترين تُسرح شعرها في استعداد للذهاب إلى النوم،سمعت صوتاً مفاجئاً،فالتفتت يمنة

    ويسرة ولم ترى شيئاً،ولكن الصوت عاد ثانية،وعندما نظرت كاترين إلى النافذة وجدت بعض الحصى يصدم

    بها،ففتحت النافذة ونظرت إلى الأسفل ولم ترى أحداً،وسمعت فجأة صوت شخص يناديها ونظرت أمامها

    فذهلت عندما رأت لوسيان متسلقاً على الشجرة وجالساً على أحد فروعها،فابتسم لوسيان بشدة عندما رآها

    وقال:

    كاترين كم اشتقت إليك.

    فذهلت كاترين وأخذت تنظر في جميع الاتجاهات ثم نظرت إليه وقالت:

    لوسيان ما الذي تفعله هنا؟إن رآك أحد الجنود فستعدم.
    0

  5. #4

    التكملة

    ــ أنا لم أرك منذ شهر،وأشعر أنه مر كالسنة.

    ــ لوسيان..أرجوك لا تعرض نفسك للخطر،عد إلى منزلك بسرعة،ونم قليلاً.

    ــ لا أستطيع النوم وأنت السبب في ذلك.

    ــ أنا!!

    ــ لقد اعتدت على أن أنظر إلى القمر في كل ليلة،وظننت أنه الأكثر جمالاً وضياء،ولكني لمحت اليوم نوراً قد

    فاق ضياء القمر روعتاً،فعندما تبعته وجدت نفسي هنا أمامك.

    ــ أووه..لوسيان هذا شاعري جداً..ولكن عليك الذهاب أرجوك.

    ــ لحظة..قبل أن أذهب أود أن أسألك سؤالاً مهما جداً.

    ــ إذاً أسرع.

    ــ بعد ذلك اليوم الذي التقينا فيه هل نسيتني؟أم أنني قد عنيت لك شيئاً ما؟..هل كنت كسراب؟أم أن صورتي

    قد حفرت في مكان ما عندك؟

    ووضعت كاترين يدها على صدرها وقالت:

    هنا.. وللأبد.

    فابتسم لوسيان ابتسامة شديدة عندما علم أن كاترين تبادله الشعور ذاته،وفجأة سمع أصوات الكلاب والحرس

    تقترب منه فودع حبيبته واختفى مسرعاً في الظلام.

    وهكذا ظل لوسيان يتسلل كل ليلة لرؤية حبيبته كاترين،فيتبادلان أطراف الحديث الرومانسي،ويوضح كل

    منهما مدى حبه للآخر فكان لوسيان يقول:

    أحبك قدر امتداد البصر.

    وتجيب كاترين:

    وأنا أحبك قدر امتداد السماء الواسعة.

    ــ أحبك بقدر نبضات قلبي العاشق.

    ــ أحبك بقدر كل ما في هذه الحياة من ألوان..من أزهار وطبيعة وفنون،أحبك حباً يفوق كل وصف.

    وهكذا ظل الاثنان يغرقان في بحر حبهما،حتى أن كاترين أصبحت تتردد بكثرة على المزرعة بعد أن كانت لا

    تُرى فيها إلا نادراً،فتذهب مباشرة إلى لوسيان لتنهل من بحر عشقه وهيامه ما يجعلها تشعر بأن لديها أجنحة

    تستطيع أن تحلق بها إلى عنان السماء.

    كانا يتحدثان لساعات وساعات دون أن يملا،حتى إذا انتهى حديثهما ولم يعد هناك ما يقولانه،أخذ أحدهما

    ينظر إلى الآخر في صمت،وكأنه يطبع صورة عشيقه في مخيلته بل إنه يحفرها في قلبه.

    ولكن فجأة انقطعت زيارات لوسيان لكاترين عدة أيام،بسبب انشغاله في عمله،ومرض جدته المفاجئ،ولكنه

    فوجئ في أحد الأيام،وبينما هو يعمل في المزرعة،بخبر قد هز كيانه،فقد سمع العاملين هناك يتحدثون عن

    إقامة صاحب المزرعة لحفلة زفاف كبيرة،ولكن حفلة زفاف من؟إنها حفلة زفاف ابنته،ومن هي ابنته؟إنها

    كاترين حبيبة لوسيان وعشيقته.

    وما لبث أن سمع لوسيان هذا الخبر حتى استشاط غيظاً،وذهب ليستفسر من العاملين عن الأمر فقال:

    من الذي تقدم لها؟

    أحد العاملين:إنه شاب من أسرة ثرية ومعروفة جداً.

    ــ وماذا عن كاترين؟..هل وافقت؟

    عامل آخر:ومن التي لا يمكن أن توافق على شاب من أغنى شباب البلدة وتتركه؟!

    فقال لوسيان في ذهول شديد:

    وماذا عن حبنا؟..ماذا عن أحلامنا؟..هل نسيتني بهذه السرعة لمجرد أنني غبت عنها بضعة أيام؟

    ثم ازداد غضبه وقال:

    تباً لها..تباً لها..كانت مجرد حب زائف..كانت مجرد ثعلب يرتدي ثوب حمل وديع..الخائنة..الخائنة.

    وذهب غاضباً وسط دهشة العاملين وذهولهم،وما لبث أن أسدل الليل ستاره حتى اغتنم لوسيان الفرصة وتسلل

    خفية إلى منزل كاترين،وقد أنهت كاترين في ذلك الوقت للتو طعامها وصعدت إلى غرفتها،وبينما كانت

    تسرح شعرها أحست بحركة غريبة فالتفتت بسرعة وقالت:

    من هناك؟

    وأخذت تنظر إلى جميع أرجاء غرفتها،ثم لمحت أقدام تبرز من تحت الستار الموضوع على النافذة،فتناولت

    كاترين عصى خشبية كانت مستندة على أحد الأركان،وأمسكت بالستارة،وفتحتها بسرعة وأرادت أن تضرب

    الشخص الواقف خلفها،لكنها توقفت فجأة وظهرت على وجهها علامات الدهشة الشديدة وقالت:

    لوسيان!..لوسيان ماذا تفعل هنا؟

    فاقترب منها لوسيان،وعلى وجهه علامات الغضب وقال:

    أتيت فقط لأتأكد إذا ما كنت الفتاة نفسها التي أحببتها،والتي وهبتني حياة جديدة،أم أنك مجرد سراب؟

    ــ لوسيان!ماذا تعني بهذا الكلام؟

    ــ هل الإشاعة التي سمعتها عن زواجك صحيحة؟

    ودهشت كاترين للحظة،ثم اعترى وجهها حزن شديد وقالت:

    هل علمت بالأمر بهذه السرعة؟

    ــ إذا ًالإشاعة صحيحة؟

    فأومأت كاترين برأسها أسفاً وقالت:

    لكن ليس تماماً فلقد....

    فقاطعها لوسيان مسرعاً وقال:

    لا تكملي..لا أريدك أن تبرري لي موقفك،كنت أظنك تحبينني،وإذا بي أجدك تركبين مع أول قافلة تأتي

    لتأخذك!

    ــ الأمر ليس كذلك يا لوسيان.
    0

  6. #5

    التكملة

    ــ بل هو كذلك..ولا أريد سماع المزيد.

    ــ لوسيان أرجوك..بحق الحب الذي بيننا،والأوقات الجميلة التي قضيناها معاً استمع إلي.

    ثم تنفست كاترين بعمق وقالت:

    لقد تقدم لي شاب من أسرة ثرية،ووافق أبي من فوره عليه نظراً لثرائه،أما أنا...فقد رفضت.

    وهنا دهش لوسيان جداً وقال:

    رفضتِ!..لكن لماذا؟

    ــ ألم تعلم السبب حقاً؟..كيف تشك بي بعد أن غرقت في بحر حبك؟..نعم لقد أغرقتني في بحرك،بكلامك

    العذب،وأسلوبك اللطيف،وقلبك الصادق..أبعد ذلك كله تشك بي؟لقد رفضت ذلك الشاب من أجلك لأنني شعرت

    أنك الروح التي تمد جسدي بالقوة ليتحرك،وأني من دونك فأنا مجرد جسد بلا روح.

    فما كان من لوسيان بعد أن سمع تلك الكلمات إلا أن سحبها إليه فضمها إلى جسده،وأخذا يستمعان إلى

    نبضات قلبهما التي تزداد خفقاناً،ثم نظر الاثنان إلى بعضهما بعد أن أدركا أن كل منهما يحب الآخر حباً لا

    حدود له،وأنه لو كان هناك جائزة لأعظم حب في ذلك العصر لأعطيت لهما،وشعرا بأن هذا الحب قد وهبهم

    أجنحة،أجنحه بيضاء يستطيعان بها الطيران ليعيشا هناك بين السحب والنجوم دون أن يزعجهما أحد،وبينما

    هما سارحان بأفكارهما،وأحلامهم الوردية،إذ انفتح باب الغرفة فجأة،ومن كان هذا الدخيل المزعج؟كان والد

    كاترين نفسه وقد رآهما مرتميين في أحضان بعضهما دون أن يحسبا حساباً للقوانين والحواجز التي

    بينهما،وعندما رآهما الوالد على هذه الصورة استشاط غيظاً،وفر لوسيان مسرعاً من النافذة،بينما استدعى

    والد كاترين الجنود،وأخذوا يبحثون عن لوسيان في كل مكان،بعد أن عرف والد كاترين هويته وطرده من

    العمل،وأجبر كاترين على ملازمة المنزل ريثما يلقى القبض على لوسيان.

    وهكذا أصبح لوسيان مطارداً،وينتقل من مكان لآخر للاختباء،ولم يرى جدته أو حبيبته كاترين منذ عدة

    أيام،وبينما كان لوسيان يحاول الهرب والابتعاد عن كاترين،كان الشاب لويس(خطيب كاترين)يقترب من كاترين

    أكثر وأكثر محاولاً نيل قلبها،وذات يوم ذهبت كاترين في نزهة بالعربة،فرأت بستاناً جميلاً مليئاً

    بالزهور،فنزلت فيه لتتنشق القليل من الهواء العليل،وكان يرافقها حارسين لحمايتها،ولكنهما ما لبثا أن غفلا

    عنها،وسمعت صوت شخص يناديها بصوت منخفض،فالتفتت يمنة ويسرة وإذا بها تفاجئ جداً حين ظهر لها

    كيان

    من خلف الأشجار فشعرت كاترين بخوف،ولكن مالبثت الشمس أن سلطت أشعتها على تلك الشجرة فظهر الكيان

    المختبئ،وقد كان كيان لوسيان،ففرحت كاترين جداً،وأرادت الركض نحوه،لكنه قال لها مسرعاً:

    توقفي مكانك،ولا تقتربي أكثر،فلقد وجدت هذه الفرصة للقياك بصعوبة،ولست مستعداً لمطاردة الحرس لي

    مجدداً.

    ــ أنا آسفة يا لوسيان..كل هذا بسببي.

    ــ لا تقولي هذا مجدداً يا كاترين،فالحب ليس جريمة يوجب العقاب،ولكن بعض عقليات الناس تقول غير ذلك.

    وما إن سمع صوت الحارسان يقتربان حتى قال:

    علي الذهاب الآن..

    ــ ألن أراك ثانية؟

    ــ ثقي بأنه طالما الحب موجود بيننا فسوف نلتقي مجدداً.

    ثم ودعها وذهب،وهكذا أصبحت كاترين تكثر من خروجها من المنزل،وأينما تذهب تلتقي بلوسيان، ولكن من

    وراء حجاب،فقد كان يتبعها أينما تذهب متخفياً عن الأنظار،ورآه أحد الحرس المرافقين لكاترين ذات

    مرة،فحاول القبض عليه،ولكنه أخفق،وعندما علم الوالد بذلك ازداد غضبه،ومنع كاترين من الخروج بتاتاً،ولكن

    حبهما كان أقوى من كل الحواجز والقيود،فلم يكن هناك شيء يستطيع إيقاف هذا الحب،فشوهد لوسيان عدة

    مرات وهو داخل وخارج من غرفة كاترين،ولا يستطيع أحد إمساكه،فقد كان ذكياً ورشيقاً وخفيف الحركة،ولم

    يعد والد كاترين يحتمل ذلك،فسُمع صوته ذات يوم وهو يصرخ على أحد الحرس في غرفته ويقول:

    أحضر لي ذلك الشاب حياً أو ميتاً،ولا تدعوه يقترب من ابنتي مجدداً.

    وفجأة دخل الغرفة ضيف غير متوقع،إنه لويس(خطيب كاترين)وقال:

    اهدأ يا عمي..فأنت رجل كبير في السن،والصراخ مضر لك.

    فقال والد كاترين في غضب:

    أيعجبك ما يفعله ذاك الشاب المتشرد إذاً مع خطيبتك؟

    ــ طبعاً لا يا سيدي..وأنا لن أسكت عن هذا الأمر،بل سأضرب ضربتي القاضية قريباً جداً.

    وقد لاحظ والد كاترين عيني لويس الحادتين،ونظراته الماكرة التي كانت تكشف عن خطة لإبعاد لوسيان وربما

    أكثر
    .
    وقد صدق ظنه،ففي أحد الليالي وبينما القمر مكتمل دخل لويس فجأة غرفة كاترين،فوجدها غارقة في قبل

    لوسيان،وما إن رأته كاترين حتى ظهرت علامات الخوف الشديدة على وجهها‘فوقف لوسيان أمام كاترين

    مدافعاً عنها وقال:

    لا بد أنك لويس خطيب كاترين؟أو من يجبرها على أن تكون كذلك؟لن أسمح لك أبداً بأن تسلبها مني.

    فابتسم لويس ابتسامة غريبة وقال:

    بدل أن تقلق على كاترين لما لا تقلق على الشخص الآخر الذي رباك وملئ عليك حياتك؟

    وهنا تفاجئ لوسيان جداً،ومرت صورة جدته من أمامه وقال في فزع:

    ماذا فعلت بجدتي أيها السافل؟

    ــ هذا ما عليك أن تكتشفه بنفسك.

    وما كان من لوسيان بعد أن صدم بهذا الخبر إلا أن ركض مسرعا من النافذة،وتقدم لويس من كاترين وقال:

    لا داعي للقلق بعد الآن يا حبيبتي فلن يزعجنا ذلك الشاب المتشرد ثانية.

    ترى ماذا فعل لويس بجدة لوسيان؟وهل هي بخير؟أم أنه قد نفاها من الوجود؟أسئلة كثيرة دارت في عقل

    لوسيان وهو يركض،ولكن ما إن وصل حتى أتته الإجابة مسرعة،فقد رأى منزله يحترق بالكامل،
    0

  7. #6

    التكملة

    وكل شيء يتحطم،وبينما هو مصدوم بهذا المنظر إذ اقتربت منه شابة صغيرة،والدموع تسيل من عينيها وقالت:

    أأنت لوسيان؟

    فنظر إليها لوسيان وأومئ برأسه ببطء،فازدادت الدموع في عيني الفتاة وقالت:

    منذ رحيلك..أصبحت أنا من يهتم بجدتك،إنها امرأة رائعة،وعظيمة حقا ولكن...

    وأخذت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة،فأمسك لوسيان بها وهزها في عنف وقال:

    كيف ماتت جدتي؟من فعل ذلك أخبريني؟

    فحاولت الفتاة المسكينة حبس دموعها وقالت:

    لقد كنت أعتني بها في صباح هذا اليوم كالعادة،ولكن فجأة دخل علينا بعض الجنود وأمسكوا بي

    وأخرجوني من المنزل،ورأيتهم من النافذة وهم يقيدون جدتك بالحبال ثم..ثم...

    ــ ثم ماذا؟ تكلمي.

    ــ ثم وضعوا على وجهها تلك الوسادة التي تنام عليها،وضغطوا بها على وجهها حتى كتموا أنفاسها

    وأسكنوا حركتها،ولم يكتفوا بذلك بل أغرقوا البيت بالوقود،ثم أشعلوا فيه النار،وهكذا ماتت جدتك بكل

    بساطة.

    وبينما كان لوسيان يستعيد شريط حياته مع جدته،إذ أفاق فجأة على ضجة كبيرة،فنظر حوله وإذا بمجموعة

    من الحرس يحيطون به من كل الجهات،وهكذا ألقي القبض على لوسيان،وزج في السجن.

    وقد انتشرت قصت حب لوسيان وكاترين لتعم كل المدينة،فأصبح الجميع يتقصى أخبارهما،ويسأل عنهما.

    وفي ذلك المكان الموحش،والرائحة الكريهة،جلس لوسيان في تلك الزنزانة وحيداً،حزيناً،لا يدري أيبكي على

    فراق حبيبته؟أم على فقدانه لجدته العزيزة؟،ومر الوقت بطيئاً ثقيلاً عليه في السجن،وظل لوسيان يرى

    كاترين في أحلامه ويقظته،فما بقي مكان في جدران زنزانته إلا وملأها باسم حبيبته كاترين،ليعبر عن حبه لها.

    وما هي إلا ليلتان،وتشرق الشمس مجدداً لتبث ضوئها الشاسع على ذلك الثقب الصغير في زنزانة لوسيان

    المعدومة النوافذ،فكان لوسيان يعرف شروق الشمس من غروبها من خلال ذلك الثقب،واستيقظ لوسيان من نومه

    متثاقلاً على غير عادته،لأنه يعلم أنه مازال في تلك الزنزانة الموحشة وحيداً،ووسط اكتئابه وملله،أتاه حارس

    الزنزانة وقال بصوت مرتفع:

    لوسيان لديك زيارة.

    وقال الحارس هذه الجملة ثم انصرف،فدهش لوسيان وقال في نفسه:

    زيارة لي!ومن هذا الذي يزورني ولم يبقى لي أحد أعرفه في هذه الحياة؟

    وبينما هو يتساءل إذ سمع أصوات خطوات مسرعة تقترب من زنزانته،فوقف لوسيان ببطء وإذا بشخص مجهول

    الهوية يطل من خلف القضبان،وقد غطى وجهه وجسده برداء واسع فما عاد يظهر منه شيء،ونظر لوسيان إليه

    في تأمل لعله يعرفه،وإذا بيدين تخرج من الرداء لتزيل الغطاء،وعندها اعتلت وجه لوسيان دهشة شديدة

    وفرح أشد،فلم يكن الزائر المجهول إلا حبيبته كاترين الجميلة نفسها،ونادت لوسيان بصوتها العذب،فإذا به

    يلتصق بقضبان الزنزانة متأملاً وجهها الساحر وقال:

    كاترين!..هل هذا أنت حقاً؟لم أتوقع حضورك..ظننت أن والدكِ قد حبسك في المنزل ومنعك من الخروج.

    فتلفتت كاترين يمنة ويسرى وهي ممسكة بطرف ردائها لتغطي به نصف وجهها،واقتربت من لوسيان وهمست

    له قائلة:

    ليس لدي الوقت الكافي للحديث فقد أتيت لك خفية،ودون علم أحد،وإن رآني أحدهم هنا فمؤكد أنني سأنال

    أشد العقاب من أبي

    ــ أتحبينني إلى هذه الدرجة يا كاترين؟

    واقتربت منه كاترين مسرعة وقالت:

    أي درجة يا لوسيان؟حبي لك يفوق كل الدرجات،ولا تستطيع أن تضعه ضمن درجة معينة.

    وابتسم لوسيان في هدوء ثم أصبحت نظراته أكثر حدة وقال:

    فقط انتظريني حتى أخرج من هنا سأنقذك من هذا العذاب،ونهرب أنا وأنت معاً لنعيش في أي مكان بعيداً عن

    كل المزعجين والحاقدين،ويرعانا في ذلك المكان حبنا لبعضنا إلى الأبد.

    ولكن كاترين لم تبتسم لهذا الكلام كما توقع لوسيان بل إن حزنها قد ازداد،وهمها قد كبر فلاحظ لوسيان من

    فوره هذا وقال مسرعاً:

    ما بك يا كاترين؟لما شحب وجهك وتغير لونه فجأة؟

    وازداد هم كاترين وقالت في حزن شديد:

    آسفة يا لوسيان..ولكني لن أستطيع الهرب معك.

    فدهش لوسيان وقال:

    ولماذا؟ما المانع؟إن كنتِ خائفة من والدكِ أو من خطيبكِ لويس فلا بأس أنا سأحميك منهما.

    وازداد حزن كاترين وقالت:

    هنا تكمن المشكلة فأنا لا أريد الهرب من لويس.

    وصمتت كاترين قليلاً ثم نطقت شفتاها في تثاقل وقالت:

    لأنني..لأنني..سأتزوج من لويس في الغد.

    ونزلت هذه الكلمات على لوسيان كالصاعقة فظل صامتاً مذهولاً،ومرت لحظة صمت قاتلة اخترقها صوت كاترين

    الغارق في البكاء فقالت والدموع تنهمر من عينيها:

    لوسيان أرجوك سامحني..أنا مضطرة لفعل ذلك،إن هذا الأمر خير لي لك،كنت أظن أن حبنا أقوى من الفروق

    الطبقية ولكن اتضح لي العكس،لقد أجبرني أبي ولويس على الزواج منه،كما أنني أخشى عليك إن تابعت

    القتال معهم فإن النصر لن يكون حليفك بل على العكس،ربما تلقى حتفك فأعيش بقيت حياتي أتذوق ألم الندم

    لأنني لم أردعك ولو كان الثمن أن نفترق.

    ونظر إليها لوسيان ببطء ثم عاد أدراجه وجلس على كرسيه دون أن يحرك شفتاه بكلمة،فازدادت دموع كاترين

    وقالت:

    أرجو أن تفهمني يا لوسيان،لقد وعدني لويس بأنني إذا قبلت الزواج منه فإنه سيطلق سراحك،واعلم يا

    لوسيان أنني ما أحببت شخصاً قط كما أحببتك،وسأحبك إلى الأبد،ولو تزوجت ألف رجل غير لويس سأظل

    أحبك،وستظل في ذاكرتي مدى الحياة.

    وبهذه الكلمات ختمت كاترين لقائها مع لوسيان وانصرفت مسرعة،ولم تكن تعلم بأن هذا اللقاء قد يكون الأخير

    بينهما،وظل لوسيان على وضعه الصامت،فلم يكن أحد يعلم ما يدور في نفس لوسيان الآن،هل هو غاضب

    وناقم على كاترين؟أم أنه يفكر أن ما فعلَته هو الصواب؟وظل على حاله هذه طوال الليل
    .
    وأشرقت شمس اليوم الموعود،وما لبثت أن انتصفت الشمس في السماء حتى سُمعت أصوات الأجراس

    الرنانة،معلنتاً عن زواج كاترين ولويس،وقد كان لوسيان يستمع إلى أصوات الأجراس فتنهمر الدموع من عينيه

    بحرارة،ولم يتمالك نفسه عندما ارتفعت أصوات الأجراس فخر على ركبتيه وأخذ يصرخ باسمها:

    كاترين..كاترين..أرجوكِ افعلي أي شيء بي،ولكن لا تتركيني،اقتليني إذا أردت،لكن لا تتخلي عني..كاترين.

    وأخذ لوسيان يبكي بحرقة شديدة،بينما كانت عربة العروسين تطوف أرجاء المدينة.
    0

  8. #7

    التكملة

    وقد كانت كاترين جالستاً إلى جانب زوجها لويس،ولكن لم تكن ملامح وجهها،وتعابيرها تشير إلى أنها في

    عربة الزفاف،بل كانت كمن يركب في عربة العزاء متجهاً إلى الموت،بينما كان لويس يلوح للناس وينثر عليهم

    بعض النقود الذهبية وكأنها أزهار فيتجمع عليها الناس ويتقاتلون،وقد كانت كاترين تتوقع أن يطوف بها

    لويس شوارع المدينة ثم يعودان إلى المنزل،ولكن ما هي إلا دقائق حتى وجدت كاترين نفسها في خندق

    القمامة كما تسميه،فنظرت إلى لويس بتعجب وقالت:

    ماذا نفعل هنا؟

    فابتسم لويس وقال:

    فكرت في أن يشاركنا هؤلاء المساكين فرحتنا.

    ولكن شيء غريب كان يحدث هناك،فقد كانت الشوارع خالية،ولا يوجد فيها أحد،وبعد برهة توقفت

    العربة،ونظرت كاترين أمامها،وإذا بها تفاجئ بحشد من الناس المتجمعين في بقعة معينة،فنظرت كاترين إلى

    لويس وقالت:

    لما كل هذا التجمع هنا؟

    فابتسم لويس ابتسامة خبيثة وقال:

    لقد أتوا ليروا الهدية التي حضرتها من أجلك.

    فوقفت كاترين على قدميها ورفعت نفسها قليلاً لتتمكن من رؤية هدية زفافها التي أخلت الشوارع من

    الناس،ترى هل هي عربة أخرى مزينة بالورود؟،أم بيت فاخر؟،أم جواهر وألماس؟،أم هو ثوب في منتهى

    الروعة؟أم ماذا؟

    ولكن الهدية لم تكن أياً من تلك التي تخيلتها كاترين،بل إنها كانت هدية غير متوقعة،

    فبدل أن تسر بهديتها كما يفترض بكل عروس،تعالت على وجه كاترين نظرات الدهشة،والصدمة الشديدة.

    فلم ترى كاترين هديتها،بل رأت لوسيان نفسه قد وقف على مسرح كبير،معتلياً كرسياً صغيراً بينما التف

    حول عنقه حبل المشنقة.

    فوقفت كاترين صامتة بعد رؤيتها لهديتها المفجعة،ثم امتلأت عيناها بالدموع،ونظرت إلى لويس في دهشة

    شديدة وقالت:

    لما هو هناك؟

    ــ إنه يلقى جزاء أعماله.

    ــ لكنك وعدتني أنني إذا وافقت على الزواج بك فإنك ستطلق سراحه!

    ــ نعم وسأفي بوعدي سأطلق سراحه إلى مكان بعيد،بحيث لا يستطيع الاقتراب منك مجدداً.

    وهنا تغرغرت عيني كاترين بالدموع،وكأنها علمت أنها قد خدعت وأنها لن تستطيع الدفاع عن لوسيان كما

    أرادت فنظرت إليه بحزن شديد،فإذا به ينظر إليها وكأن قلبه قد أخبره عن مكان وجودها،وابتسم ابتسامة

    خفيفة،وحرك شفتيه في تثاقل شديد وهمس قائلاً:
    أحبك.

    وقد كانت عيناه ممتلئتان بالدموع،ولكنها لم تكن دموع حرقة وشفقة كالتي ظهرت في عيني كاترين بل كانت

    دموع حزن ووداع،بينما كان يهمس:

    أحبك..أحبك.

    لقد كانت همسة ولكنها وصلت إلى أذان كاترين،بل إنها تخلت عن ذلك لتتغلغل في قلبها مباشرة،

    وإذا بلويس يرفع يده،ويشير بأصبعه وما هي إلا دقائق حتى سحب الكرسي من تحت أرجل لوسيان

    وسقط،وشد الحبل على عنقه فلفظ أنفاسه الأخيرة وهو ما يزال ينظر إلى كاترين،وقد سقطت الدموع من عينيه

    وسالت على خديه لتستبغ بالدم الخارج من فمه،فأصبح وكأنه يبكي دماً لا دموعاً.

    ومرت لحظة صمت لم يحرك فيها أحد شفة،وإذا بالجميع يتلفت على صوت خطوات لويس،وهو يمشي وقد علت

    وجهه ابتسامة كبيرة،وصعد فوق المسرح،ونظر إلى لوسيان فبصق في وجهه ثم التفت إلى الناس وأشار إلى

    لوسيان وقال:

    أترون؟هذه عاقبته،وهذا ما كان يستحقه،وهذا ما سيؤول إليه مصير أي منكم إن تجرأ أحدكم على تعدي

    حدوده،واختراق القوانين،فنحن لدينا مكانتنا،وقصورنا،ولتكتفوا أنتم بالقمامة التي تعيشون فيها،ومن يرفض

    هذا المبدأ سيلقى نفس مصير هذا الشاب المتهور.

    وبينما كان لويس يلقي هذه المحاضرة إذ صعدت كاترين على المسرح،فنظر إليها لويس وقال:

    هاهي زوجتي الجميلة،مؤكد أنها عرفت الخطأ الكبير الذي اقترفته،فقد أحبت مزارعاً وأرادت الزواج به

    ولكنني أعدتها إلى رشدها قبل فوات الأوان.

    ووقفت كاترين أمام لوسيان تنظر إليه،وتتأمل قسمات وجهه،فأخذت تمسح بيدها البيضاء دموعه الدامية

    وقد كانت دموعها تنزل من عينيها بحرارة،واقتربت من لوسيان،وأمسكت وجهه وقالت:

    أحبك..أحبك يا لوسيان ولن أحب أحداً غيرك،أعرف أنك مت وأنت غاضب مني أرجوك سامحني لقد خدعني

    لويس،وكذب علي،ولو كنت أعلم لما وافقت على الزواج منه أبداً،لذا أرجوك سامحني أرجوك.

    ثم أخذت الدموع الحارة تنهمر من عيني كاترين بحرارة فما كان منها إلا أن دفعتها إلى تقبيل لوسيان قبلة

    كبيرة قبلة جعلت كاترين تشعر أن روح لوسيان قد توغلت داخل جسدها لتعطيها حياة جديدة.

    وهنا صدم لويس بعد أن رآها تقبل لوسيان بحرارة واشتد غضبه ولكنه ما لبث أن نظر إلى الناس الذين أخذت

    ترتفع أصوات همساتهم وتقدم لويس إلى كاترين وقال:

    هل أدركت خطأك يا حبيبتي؟لا داعي لأن تحتقري نفسك مما كنت تفعليه فليس هناك شخص معصوم من الخطأ.

    وعندها التفتت كاترين إلى لويس ونظرت إليه نظرة عجيبة،لقد كانت نظرت حقد،وكره،وغضب،وحرقة

    وحزن،وألم،كل هذه العوامل اجتمعت معا،فما لفت انتباه كاترين إلا تلك السكين الصغيرة في غمد لويس

    فهجمت عليه،وبحركة خاطفة أخذت تلك السكين منه،فتفاجئ لويس وقال في دهشة:

    ماذا ستفعلين بها؟

    ونظرت كاترين إليه نظرة حاقدة واقتربت منه،وهي ممسكة بالسكين وقالت:

    سأمزق قلبك كما مزقت قلبي.

    وأخذ لويس يتراجع إلى الخلف في خوف شديد وقال:

    اهدئي يا حبيبتي اهدئي.

    ــ كذبت علي،وخدعتني،وقتلت لوسيان،وقد مات وهو يعتقد أنني خنته مع قذر مثلك.

    فأخذ لويس يتوسل ويرجوها لكن كاترين اللطيفة كانت قد تبدلت،والحقد والكره الذي يعشش في

    صدرها كان كفيلاً بأن يقتل ألف رجل،فلم تتوانى كاترين ولم تنتظر بل هوت بتلك السكين على قلب لويس

    فطرحته على الأرض ميتاً،ولم تكتفي بذلك بل إنها ظلت تمزق جسده حتى أغرقته بدمه،وتقدم الحرس مسرعين

    ممسكين بأسلحتهم،وأصبحوا يطلبون من كاترين التوقف،ورمي السلاح،ولكن حال كاترين كان ميئوسا

    منه،فقد غطى ستار الظلال،والحقد على عينيها البريئتين،فأصبح كل همها هو الانتقام من قاتل عشيقها

    لوسيان.
    0

  9. #8

    النهاية

    فلم يجد الحراس بداً من إيقافها،وعندما لم تنجح معها كل محاولاتهم لتهدئة غضبها،قرروا إيقاف هذه

    المجزرة،فوقف صف من الحراس الممسكين بأسلحتهم،وبدئوا بإطلاق النار عليها،فأصبحت الرصاصات تخترق

    جسدها،فجثت كاترين على ركبتيها،ونظرت إلى السماء،وهي بين شفى الموت،وإذا بها تفاجئ بروح

    لوسيان قادمة نحوها،وقد برزت منه تلك الأجنحة البيضاء،فمد لها يده مبتسماً،وأخذ روحها ليطيران معاً إلى

    السماء،بينما ارتمى جسدها أسفل لوسيان فماتت،وهي مبتسمة بعد أن علمت أن لوسيان قد مات،وهو راض

    عنها فاستسلمت للنوم الأبدي الذي لا رجوع بعده.

    وعندما رأى الحشد ذلك أثر هذا المنظر في نفوسهم كثيراً فصمموا على أن يقاتلوا ويموتوا بشرف،خير لهم من

    الموت أذلاء،وقد قامت في ذلك العصر حرب كبيرة بين الطبقتين نتج عنها اتفاق يقضي بأن تتعايش الطبقتان

    في مستوى واحد،فأصبح لهم الحرية والعمل والمال والقصور،وأصبح لكل منهم حدوده التي يجب

    احترامها،وكثر العشاق من مختلف الطبقات بعد سماعهم بقصة كاترين ولوسيان،وقد حضر الجميع مراسم

    دفنهما،وقد دفنا معاً في قبر واحد،تحت إحدى أشجار البلوط المثمرة،وقد كتب على شاهد قبرهما

    "حاربا لأجل الحب وماتا بسهامه".


    "نهاية القصة"
    اخر تعديل كان بواسطة » زهرة المحيط في يوم » 29-06-2006 عند الساعة » 19:42
    0

  10. #9
    0

  11. #10
    رووووووووووووووووووووووووووووووعه
    روعه روعه بس حزينه كثيييييييييييييييييييييييييير cry
    تسلم ايدكـ عمري
    الله يعطيك العافيه
    روعه
    attachment

    عمري **سينشي** فديتك ياقلبي redface تسلمين لي ع الاهداء الروووعه

    0

  12. #11
    مشكورة اختي على القصة الروعة
    هي قصة جميلة و حزينة
    الله يعطيك العافية
    شكرا للاخ Arcando على الاهداء الروعةهنا

    شكرا أختي Hill of itachi على أروع اهداء
    attachment

    أخي في الله أخبرني متى تغضبْ؟
    إذا انتهكت محارمنا
    إذا نُسفت معالمنا ولم تغضبْ
    إذا قُتلت شهامتنا إذا ديست كرامتنا
    إذا قامت قيامتنا ولم تغضبْ
    فأخبرني متى تغضبْ؟
    0

  13. #12

    السلام ع7ليكم ورحمة الله وبركاته

    مشكووووووووووووووووووووووووووورة أختي عهد على مرورك لثاني مرة وردك الرااائع

    وأنا مسرور لأنو القصة أعجتبك asian ... .....
    اخر تعديل كان بواسطة » زهرة المحيط في يوم » 01-07-2006 عند الساعة » 19:09
    0

  14. #13

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مشكوووووووووووورة أختي فلسطينية الهوية على مرورك وردك الجميل... وأنا مسروووووورة

    لأنو القصة أعجبتكasian .....
    0

  15. #14

    تصووووووووووووووووووويت

    ممكن سؤال لجمممممميع من قرأ القصتين من الأعضاء الحلوين :

    ........... ( حاربا لأجل الحب وماتا بسهامة ) و ( الرهان ) ...........

    بإن يصوت لأي من القصتين كانت الأروع بالنسبه له ؟؟؟ wink

    و منتظرة باقي الردود ؟؟ ........ gooood
    0

  16. #15
    0

  17. #16

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مشكوووووووووووووووووررررررر أخوي dark scorpion

    asian asian asian ... على مرورك وردك وتصويتك ...وأنا مسرووووووووورة لأنو

    القصة أعجبتكasian

    وفي أنتظار أراء وتصويت البقية ؟؟؟gooood
    اخر تعديل كان بواسطة » زهرة المحيط في يوم » 02-07-2006 عند الساعة » 21:59
    0

  18. #17
    cry cry cry
    القصة حلوة وحزييييييييينة مرة..
    خسارة ليش ماتوا في النهاية frown

    تسلمييييييين أختي على القصة الرووووووعة
    وننتظر جدييييييدك asian
    0

  19. #18
    ماادري والله كل وحده لها جمالها
    بس هذي نهايتها تكسر الخاطر cry
    اممممممم كلهم asian
    0

  20. #19

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مشكورة أختي أحلا عهد على ردك وتصويتك asian بس من المفروض تختارين وحدهrolleyes

    على العموم شكرااا على دك الحلو مثلك وتسلمين لي ..gooood
    0

  21. #20

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    مشكورة أختي الحبيبة Queen of Legend على ردك ومرورك

    تسلمين لي وأنا مسرووووورة لأنو القصة أعجبتك asian
    0

الصفحة رقم 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter