الإسم : locy
العمر : 18
التحليل
لم تدرك (لوسي) في بداية طفولتها .. أنها مختلفة عن الآخرين ، ولم تلحظ أنها تميزت عن الآخرين في شكلها الخارجي ، تميزا بسيطا .. لم تدرك أن له تأثيرا قد يغير مصيرها يوما ما ، فما المشكلة إن كان أعلى رأسها أذني شبيهتان بأذني القطة .
بدأت حياتها في ملجأ للأيتام ، ولم تفهم سر إبتعاد الأطفال عنها ، وشيئا فشيئا .. بدأت تدرك ما يتهامس به الآخرين بشأنها ، لكنها لم تعرف طعم المعاناة الحقيقية إلا حين دخلت المدرسة ، ولم تكد تبلغ العاشرة ... حتى بدأ عذابها الحقيقي ، بعض زملائها يخشون الإقتراب منها ويخافونها ، وبعضهم .. ينفر منها ... والبعض الآخر يضايقها ، وينفي عنها صفة الآدمية ، وأنها وحش وليس بشرا ، ولم يكن لديها الحجة لتدافع عن نفسها .. فهي تشعر بداخلها بأنها مختلفة ، لكنها لا تريد ذلك ، تريد حياة طبيعية ...
ويوم أصيبت بالحمى ... لم تجد من يعتني بها ، بل إنها فجأة وجدت نفسها وحيدة في غرفة ، وسمعت إحدى المشرفات على الملجأ تقول .. بأن الأطفال يخافون أن يشاركوها الحجرة ، وبدأت تشعر كم هي وحيدة .. لا أحد يكترث بها ، فخرجت تبكي تحت المطر المنهمر ، وبينما هي في حزنها .. تجد كلبا صغيرا ، وتقرر الإعتناء به .. بعد أن رأت أنه صديقها الوحيد في هذا العالم ، وذات يوم أخذت معها إلى المدرسة ، وخبأته بعيدا عن زملائها .. حتى لا يضايقونه ، ولم تخبر إلا فتاة .. كان تتوسم فيها الطيبة ، لكن الفتاة ... لم تكن كما ظنت ، وأخبرت الجميع ، وقام بعض الصبية .. بأخذ كلبها .. وبدأت مشاجرة .. انتهت بأن قام أحدهم بقتل كلبها أمام عينيها ، وهنا أدركت لماذا هي مختلفة ... وأنها ليست بشرا ، وقبل أن يستوعب أحد شيء .. كانت الغرفة قد امتلأت بالدماء .. ولم يبقى جسد صبي واحد على حاله .. تفجرت الأجسام ... وحلقت الرقاب وتناثرت الأشلاء في كل مكان .. وخلفة عاصفة من الدماء ....
ولا شك أن هذه الأعوام القليلة .. بما فيها من معاناة كبيرة ، هي من شكلت شخصية (لوسي) القاسية ، والتي كرهت البشر ، وسعت إلى الإنتقام من الجميع ... وأعتبرت البشرية كلها مسئولة عما أصابها
لكن كان هناك فرصة أخرى لها ، فرصة لتغيير حياتها ، وجعلها فتاة سوية .. وذلك حين قابلت الوجه الآخر للبشرية ... الوجه المتسامح الطيب ، الذي لا يجد ضرا من التعايش بسلام مع أي كان .
حدث هذا في يوم من أيام الصيف .. كانت تسير وحيدة ، تختبئ من فرق البحث التي تبحث عنها ، وربما كانت تبحث عن ضحية جديدة ، لكن صوتا غذبا تناهى إلى أذنيها .. صوتا عذبا جميلا ، شعرت بأن الصوت يناديها إلى حياة جديدة بعيدة عن الكراهية التي سكنت قلبها ، وحين اقتربت رأت فتى صغير .. نظر لها بدهشة ، وكم لم تتوقع لم يسخر منها ، وبكلمات قليلة .. اتفقا على اللقاء يوم الغد ، وجاء وبصحبته قبعة صغيرة .. وضعها على رأسه ، حتى لا يضايقها أحد بنظراته لها .
وقضت (لوسي) برفقة صديقها الجديد (كوتة) .. أجمل أوقاتها ، وبدأت تبتعد عن الحقد الذي ترعرع في قلبها ، ولم تعد ترغب بقتل أحد بعد الآن ، وبدأت تشعر بجمال الحياة .
لكن هذا لم يدم طويلا ، فقد انتهت عطلة الصيف و(كوتة) سيعود إلى قريته ، وبدأ عذا الوحدة .. بجثم على صدرها ، وقررت أن تلقي على صديقها نظرة أخيرة ، لكنها وجدته بصحبة ابنة همه ، وشعرت بأنها نسيها .. وأنه لم يعد يهتم لها ، وسقطت داخل أحزانها .. وعادت نزعة الإنتقام تحل عليها ، ولم تعد تتذكر سوى ذكرياتها الأليمة ، وبداخلها .. تردد نداء الكراهية عاليا ، واضعا غشاوة على قلبها ... أنستها أي شيء آخر ، ولم تكن تحتاج إلى ركلة صغيرة من أحد المارة ، وهو يصيح فيها أن تنهض من على الأرض ، ونهضت (لوسي) ، لكنها نهضت فتاة أخرى ... لقد نهض بدلا عنها فتاة غذيت بالمعاناة والآلان ، ولم تعرف سوى القسوة والكراهية ، وتفجر كل شيء حولها ، وحلقت الرؤوس في الهواء ، وكأن السماء تمطر دماءا .. فقد امتلأت الطرقات حولها .. ببرك صغيرة من الدماء ...
يتبع ...
المفضلات