مشى فادي عائداً إلى القرية وهو يصفر لحناً منغوماً ليرفه عن نفسه قليلا ويبعد عنها بعض التوتر والقلق وبعد ربع ساعة تقريبا كان على مشارف قريته، وهنا فقط أحس بالاطمئنان أو بشيء منه ...وفجأة لمح ظلا يتحرك إلى جانبه..
فتوقف على الفور ولم يقم بأي خطوة ثم نظر إلى جانبه فلم يجد شيئاً فعاد يتابع سيره وهو يحاول أن يقنع نفسه بأنه كان يتوهم،هو لم يكن جباناً..ولكن الظل الذي رآه كان مخيفا فعلا وشكله غريب،وفجأة ظهر هذا الظل مرة أخرى ولكن إلى جانبه الآخر هذه المرة وعندها ركض فادي فراح ذلك الظل يجري خلفه فعرف حينها أنه لم يكن يتوهم أبداً وأن هذا الشيء الغريب حقيقي ولم ينتظر فادي كثيرا فلقد قفز صاحب ذلك الظل أمامه على الفور وعندها توقف فادي عن الجري ليجد نفسه واقفا أمام ثعلبة ناصعة البياض ذات ذيل يفوق في جماله ريش الطاووس هذا لأن الذيل كان مقسما إلى أذيال صغيرة منتشرة كذيل الطاووس.
راح فادي ينظر إليها برعب...ماهذا الشيء الذي أمامه؟؟!
تشجع فادي وسألها:
من أنت؟
قفزت تلك الثعلبة على صدره وأسقطته على ظهره فأطلق فادي آهة ألم وأجابته هي بصوت أشبه بالفحيح:
أعتقد أن جدتك أخبرتك في يوم ما عن قصتي ولكنك لم تصدقها، ولكن لا بأس لدّي لغز واحد وعليك الإجابة عليه خلال عشر دقائق فقط،سأطرحه عليك وسأذهب وسأعود بعد انتهاء الوقت المحدد إن أنت أجبت عليه منحتك ما شئت وإن لم تجب..
كشرت عن أنيابها وهي تتابع:
سأمتص دمك..
خفق قلب فادي بشدة عندما سمع الكلمتين الأخيرتين ثم قال:
حسناً ما هو اللغز؟
أجابته الثعلبة:
هو أبيض من اللبن وأخفُّ من الريشة ولكنه أثقل من الجبل هل عرفت اللغز؟
ثم ارتفعت إلى السماء ودارت حول نفسها بضع دورات رأسية مما أصدر بعض التوهج الذي أغشى عيني فادي وعندما فتحها مرة أخرى كانت الثعلبة قد اختفت تماماً..
ولم يعد لها أي أثر..
* * *
قال ثامر بقلق:
أتعتقد أن فادي قد وصل إلى منزلك يا بدر؟
أجاب بدر وهو يفتح علبة مياه غازية ويرتشف منها قليلا:
نعم والمفروض أنه في طريقه إلى هنا.
قال ثامر:
ولكن ماذا إن لم ينجح؟
أجاب بدر بلا مبالاة:
لقد قال أن لديه فكرة ذكية فربما تستغرق هذه الفكرة وقتاً أطول.
صمت بدر قليلا وراح يرتشف من مشروبه الغازي قليلا ثم قال:
ما رأيك يا ثامر أن ندخل هذه القرية ونذهب إلى البئر ثم نعود بسرعة على الأقل لكي لا نضيع وقتنا فيما بعد فنكون قد عرفنا الطريق؟
شهق ثامر وهو يقول بخوف:
أنت مجنون..أنت فعلا مجنون، ألم تسمع ما قاله فادي؟ هل تريد أن تعصي أوامر قائد الفرقة؟
قال بدر:
منذ متى أصبح فادي قائد الفرقة ، ألأنه أكبرنا سناً أم..
قاطعه ثامر هذه المرة وقد رفع صوته:
بل لأنه صاحب الفكرة وصاحب الفكرة يكون دائماً قائد الفرقة خاصة إن كان هو الأكبر سناً، ألم تفهم بعد يا فتى؟
قال بدر بسخرية:
أخفتني يا ثامر ...رباه أنقذني.
ثم رفع صوته مثل ثامر وقال:
إياك أن تتكلم معي بهذه الطريقة مرة أخرى و...
بتر عبارته فجأة وتطلع إلى وجه ثامر وقال:
ألم تسمع ما سمعته أم أني أتوهم؟
قال ثامر وهو يطالع بدر بدهشة وقال:
بلى، إنها صرخة...
إنها صرخة فادي!!!!
قال بدر بحماسة:
إذا ماذا تنتظر يا ثامر؟
وقام من مكانه وهو يتابع:
هيا بنا لننقذ قائد الفرقة.
فرح ثامر لاعتراف بدر بفادي قائداً للفرقة فقام على الفور وقال:
هيا بنا اذاً.
وانطلق الاثنان بسرعة إلى موقع الصرخة...
وكانت المفاجأة بانتظارهم..
كانت مفاجأة مذهلة إلى أقصى حد..
لم يجدوا فادي هناك..لقد وجدوا فقط هيكلاً عظمياً..
وكانت الدماء التي تسيل عليه ما زالت دافئة..
وحمراء داكنة...
* * *
المفضلات