السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
فكرت وقررت وضع هذا الموضوع فى القسم العام رغم أنه يجب أن يوضع فى قسم نور وهداية
حتى يعلم جميع الأعضاء أننى لو كنت أصبت بالكبر للحظة واحدة فالحمد لله لقد تبت الى الله
نعم بوضعى موضوع للمباركة لى على شئ ليس هناك داعى لذكره فى شُبه كبر وأنا أخطأت بوضعى هذا الموضوع
حتى قام المراقبين جزاهم الله خيرا بحذفه وتسألت عن السبب حتى قامت أحد العضوات جزاها الله خيرا وبارك الله فيها وأرسلت لى رسالة خاصة تنصحنى فيها أن مافعلته فيه كبر
فى لحظتها تذكرت حديث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"
فى الحقيقة شعرت كأن أحد صفعنى على وجهى ودمعت عينى وكلمات هذه العضوة الفاضلة أعادت الى صوابى
والله يعلم أنى تبت توبة نصوح ولن أكرر هذا الخطأ ما حييت
إنّ الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدّ ولا ندّ له. وأشهد أن سيّدنا و حبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه صلى الله وسلّم عليه وعلى كل رسول أرسله.
يا ابن أدم، يا ابن أدم إذا أصبحت فقل يا الله، وإذا أمسيت فقل يا الله، وإذا سألت فقل يا الله، وإذا استعنت فقل يا الله، وإذا نمت على فراش المرض فقل يا الله، وإذا دخل عليك ملك الموت فقل يا الله، يا الله، يا الله .
قال تعالى في سورة الأعراف :
( سَأَصْرِفُ عَنْ ءايَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ ) {146}
اتقوا الله عباد الله ولا تنسوا يوما يقال فيه لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لله، لله الواحد القهار، فاتقوا الله عباد الله القائل في محكم كتابه :
يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون
تقوى الله، أخي، مدارها على أمرين عظيمين: أداء الواجبات واجتناب المحرمات، اجتناب المعاصي ، وكلامنا اليوم بإذن الله تعالى عن معصية عدّها العلماء من معاصي القلب. التكبر على العباد من معاصي القلب، سببه ناشىء من القلب، وإن كانت مظاهره من أعمال الجوارح لأن القلب لَما يشعر بالتكبر الآثار تظهر على الجوارح، ينظر بعين الاحتقار إلى الفقير أو يعرض عنه ترفّعا، فالتكبر على عباد الله هو ردّ الحق على قائله مع العلم بأن الصواب مع القائل لنحو كون القائل صغير السن فيستعظم أن يرجع الى الحق من أجل أن قائله صغير السن . كذلك الذي يتكبر في مشيته، يمشي مشية المتكبر هذا ذنبه كبير، وقد ورد في الحديث:
"إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة كأمثال الذرّ (أي النمل الأحمر الصغير) يطؤهم الناس بأقدامهم" . قال تعالى في سورة المدّثر: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ { 8} فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ { 9 } عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ {10} ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا {11} وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُودًا {12} وَبَنِينَ شُهُودًا {13} وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا {14} ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ {15} كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا {16} سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا {17} إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ {18} فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ {19} ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ {20} ثُمَّ نَظَرَ {2} ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ {22} ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ {23} فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ {24} إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ {25} سَأُصْلِيهِ سَقَرَ {26} وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ {27} لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ {28} لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ {29} عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ {30
فعليك أخي بالتواضع، والرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: "إنكم لتغفُلون عن أفضل العبادة التواضع" كان يخاطب جمعًا من الصحابة هذا ليس للكل . كبارهم مثل أبي بكر وعمر هؤلاء متواضعون جدا.
كان سيدنا عمر شديد التواضع، كان خرج مرة للجمعة ولبس اللباس الذي يلبسه المسلم للجمعة وهو في طريقه نزل عليه من ميزاب دار العباس دم فرختين ذبحا مع ماء فذهب وغسل ما نزل عليه ثم قال: يزال هذا الميزاب، فقال العباس هذا الرسول نصبه فقال عمر يعاد كما كان وقال للعباس تطلع على ظهري، أمير المؤمنين عمر، عمر الفاروق، عمر يقول للعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلع على ظهري، وعزم عليه فوقف عمر وهو أمير المؤمنين وطلع على ظهره العباس وأعاده.
التواضع نتيجته سلامة من الفخر والبغي أي الاعتداء على الناس . التواضع نتيجته سلامة من الفخر، الله تعالى لا يحب الفخر في الثياب وفي الأثاث وفي المسكن وما أشبه ذلك، لا يحب الذي يعمل للفخر يلبس الثوب الجميل ويتخذ الأثاث الجميل للفخر، هذا ذنبه كبير، حتى إذا كان لبس ثوباً فاخرًا ليراه الناس ويقولوا ما أجمل ثوب فلان فهذا معصية كبيرة.
الرسول صلى الله عليه وسلم حدّثنا أن رجلا ممن كان قبل هذه الأمّة أمّة محمّد كان يمشي متبخترا ينظر في جانبيه، أعجبه ثوبه وشعره، تهيئة شعره وحسن شعره، بينما هو يمشي متبخترا أمر الله تبارك وتعالى به الأرض فبلعته فهو يتجلجل إلى يوم القيامة، والتجلجل معناه السؤوخ أي النّزول في الأرض والتحرك والتضعضع.
معالجة الكبر واكتساب التواضع :
واعلم : أن الكبر من المهلكات ، ومداواته فرض عين، ولك في معالجته مقامان :
الأول : في استئصال أصله وقطع شجرته، وذلك بأن يعرف الإنسان نفسه ويعرف ربه، فإنه إذا عرف نفسه حق المعرفة، علم أنه أذل من كل ذليل، ويكفيه أن ينظر في أصل وجوده بعد العدم من تراب، ثم من نطفة خرجت من مخرج البول، ثم من علقة، ثم من مضغة، فقد صار شيئاً مذكوراً، بعد أن كان جماداً لا يسمع ولا يبصر، ولا يحس ولا يتحرك، فقد ابتدأ بموته قبل حياته، وبضعفه قبل قوته، وبفقره قبل غناه.
وقد أشار الله تعالى إلى هذا بقوله :{ من أي شئ خلقه * من نطفة خلقه فقدره} [عبس :18و19] ثم امتن عليه بقوله: { ثم السبيل يسره} [عبس :20]، وبقوله: {فجعلناه سميعاً بصيراً} [الدهر:2]
فأحياه بعد الموت ، وأحسن تصويره، وأخرجه إلى الدنيا، فأشبعه وأرواه، وكساه وهداه وقواه.فمن هذا بدايته، فأي وجه لكبره وفخره؟
على أنه لو دام له الوجود على اختياره لكان لطغيانه طريق، بل قد سلط عليه الأخلاط المتضادة، والأمراض الهائلة، بينما بنيانه قد تم، إذ هو قد وهى وتهدم، لا يملك الشيء لنفسه ضراً ولا نفعاً، بينها هو يذكر الشيء فينساه، ويستلذ بشيء فيرديه، ويروم الشيء فلا يناله، ثم لا يأمن أن يسلب حياته بغتة.هذا أوسط حاله، وذاك أول أمره، وأما آخر أمره ، فالموت الذي يعده جماداً كما كان ، ثم يلقى في التراب فيصير جيفة منتنه، وتبلى أعضاؤه، وتنخر عظامه، ويأكل الدود أجزاؤه، ويعود تراباً يعمل منه الكيزان ، ويعمر منه البنيان ، ثم بعد طول البلى تجمع أجزاؤه المتفرقة، ويحضر عرصة القيامة، فيرى أرضاً مبدلة، وجبالاً مسيرة، وسماءً منشقة، ونجوماً منكدرة، وشمساً مكورة، وأحوالاً مظلمة، وجحيماً تزفر، وصحائف تنشر
، ويقال له: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً} [الإسراء:14]. فيقول : وما كتابي؟ فيقال : كان قد وكل بك في حياتك التي كنت تفرح بها وتتكبر بنعيمها ملكان يحصيان ما تنطق به وتعمل من قليل وكثير، وقيام وقعود، وأكل وشرب، وقد نسيت ذلك، وأحصاه الله تعالى، فهلم إلى الحساب عليه ، وأعد جواباً به، وإلا فأنت تساق إلى النار، فما لمن هذه حاله التكبر؟ فإن صار إلى النار ، فالبهائم أحسن حالاً منه، لأنه تعود إلى التراب، ومن هذا حاله وهو على شك من العفو عن أخطائه، كيف يتكبر؟ ?
ومن الذي يسلم من ذنب يستحق به العقوبة، وما مثله إلا كمثل رجل جنى على ملك جناية استحق أن يضرب لأجلها ألف سوط، فحبس في السجن ليخرج فيعاقب، وهو منتظر أن يدعى به لذلك. أفتراه يتكبر على أهل السجن؟ وهل الدنيا إلا سجن، وهل المعاصي إلا موجبة للعقاب؟.وأما معرفة ربه، فيكفيه أن ينظر في آثار قدرته وعجائب صنعته، فتلوح له العظمة، وتظهر له المعرفة، فهذا هو العلاج القالع لأصل الكبر.ومن العلاج العملي التواضع بالفعل لله تعالى ولعباده، وذلك بالمواظبة على استعمال خلق المتواضعين، وقد تقدمت الإشارة إلى طريقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان عليه من التواضع والأخلاق الجميلة.
المقام الثاني: فيما يعرض من التكبر بالأنساب، فمن اعتراه الكبر من جهة النسب، فليعلم أن هذا تعزز بكمال غيره، ثم يعلم أباه وجده، فإن أباه القريب نطفة قذرة، وأباه البعيد تراب، ومن اعتراه الكبر بالجمال، فلينظر إلى باطنه نظر العقلاء، ولا ينظر إلى ظاهره نظر البهائم، ومن اعتراه من جهة القوة، فليعلم أنه لو آلمه عرق، عاد أعجز من كل عاجز ، إن حمى يوم تحلل من قوته ما لا يود في مدة ، وإن شوكة لو دخلت في رجله لأعجزته، وبقة لو دخلت في أذنه لأقلقته.
ومن تكبر بسبب الغنى ، فإذا تأمل خلقاً من اليهود، وجدهم أغنى منه، فأف لشرف تسبق به اليهود ويستلبه السارق في لحظة، فيعود صاحبه ذليلاً.ومن تكبر بسبب العلم، فليعلم أن حجة الله على العالم آلد من الجاهل، وليتفكر في الخطر العظيم الذي هو بصدده، فإن خطره أعظم من خطر غيره، كما أن قدره أعظم من قدر غيره.وليعلم أيضاً أن الكبر لا يليق [ إلا] بالله سبحانه ، وأنه إذا تكبر صار ممقوتاً عند الله تعالى بغيضاً عنده. وقد أحب الله منه أن يتواضع، وكذلك كل سبب يعالجه بنقيضه ويستعمل التواضع.
واعلم: أن هذا الخلق كسائر الأخلاق له طرفان ووسط:فطرفه الذي يميل إلى الزيادة تكبراً.وطرفه الذي يميل إلى النقصان يمسي تخاسساً ومذلة.والوسط يمسي تواضعاً، وهو المحمود وهو أن يتواضع من غير مذلة، فخير الأمور أوساطها، فمن تقدم على أقرانه فهو متكبر، ومن تأخر عنهم، فهو متواضع، لأنه قد وضع شيئاً من قدره، فأما إذا أدخل على العالم إسكاف أو نحوه، فتنحى له عن مجلسه أو أجلسه فيه، ثم قدم له نعله ومشى معه إلى الباب، فقد تخاسس وتذلل، فذلك غير محمود، بل المحمود العدل، وهو أن يعطى كل ذي حق حقه، لكن تواضعه للسوقة بالرفق في السؤال واللين في الكلام،
وإجابة الدعوة، والسعى في الحاجة، ولا يحقره، ولا يستصغره، والله أعلم.
م
ن
ق
و
ل
اللهم اجعلنا من عبادك المتواضعين الزاهدين الصالحين العابدين الناسكين الوالهين بمحبتك يا أرحم الراحمين ، .
المفضلات