السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احضرت لكم هذا الموضوع هو طويل لكن يستحق القراءة وياريت تختاروا منه وتضعوها في تواقيعكم
خواطرُ قلبٍ
أبو مهند القمري
• كانت الأمة إلى عهد قريب تقاتل أعداءها ، ولا يزال بها بعض الرمق على الرغم من ابتعادها عن كثيرٍ من أوامر ربها ، أما الآن وبعد أن تحقق للأعداء ما لم يكن في حسبانهم يوماً من الأيام حيث تمكنوا من إعلامنا ، وتحكموا في مقوماتنا ؛ فإنه يخشى والله أن تكون ضربتهم القادمة ضربةً قاصمة ، إذ هيئوا موضعها بأيديهم في جسدنا المنهوك ، وذلك بنشر نتاج العقول الممسوخة المتعفنة في صحائفنا ، وبث روح الهزيمة و التخاذل في نفوسنا ، وإغراق الشباب في مستنقعات الشهوات والرذيلة ؛ ليسلبوا بذلك عصب شراييننا ، إلا أن الأسود الرابضة وراء القضبان في غياهب السجون ؛ كفيلة بإذن الله ونصرته أن تحول الهزيمة نصراً ؛ والذلّ عزاً إذا ما أتيحت لها الفرصة لذلك ، وهذا حسبما اقتضته سنة الله الكونية .
( وكذلك نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين )
• الصدق معنى يعترف له كافة الناس بالفضل ، ولكن تناولهم له مضطرد حسب مصالحهم المادية وكلما ازدادت تلك المصالح ، كلما كان ابتعاد الناس عنه أكبر ؛ نظراً لتعارضه _ حسب وجهة نظرهم _ مع هذه المصالح ، لذا أضحى الصادقون قلة ، ويا ليتهم محبوبون بصدقهم ، وإنما تجدهم مبغضون مبعدون لأنهم يجهرون بالحق دائماً ، ومعلوم أن قول الحق لا يبقي لقائله صديقاً
• المظاهر الخداعة ، ترمي بسهام خداعها القلوب الغافلة ، فتصيب منها لٌبَّها ، وتُحيّي فيها حزنها على فوات نصيبها من هذه الأوهام ، والوقاية من ذلك كله ؛ لا تكون إلا بالنظر في العواقب لمعرفة لب الحقائق ، ثم الاستعاذة بالعلي الخالق ؛ كي ينجيك من شر المزالق ، والخير ألا يفتأ لسانك عن دعاء ربك :
يا مقلب القلوب والأبصار ، ثبت قلبي على دينك
يا مصرف القلوب والأبصار ، صرف قلبي إلى طاعتك
• سوف يتذكر الناس أيام الغرر ، حين لم يدخروا وسعاً في إمعان الضرر ، والإعراض عن كل آيات النذر ؛ فلم يبق فيهم مدكر ، ثم أُخذت أرواحهم أخذ عزيز مقتدر ، فهزمت جموعهم وولى منهم الدبر .
• يشهد سطح الأرض في عصرنا الحاضر تظاهرة سفهٍ عارمة ، تُعلنُ فيها الحربُ على الله ويُستخفُ فيها بأوامر الله ، ويُضطهدُ فيها أولياءَ الله ، وكأن الأرض تتهيأ لأخذةٍ مباغتةٍ ، تزداد معها عقارب الساعة اقتراباً ؛ إيذاناً بوقوعها ، ألا فليلُذ الصالحون بجنابِ ربهم ، وليلجأ المتقون بحمى وليهم ، ولا يبرحوا ساحة تضرعهم بين يدي مليكهم ، سائلينه العفو والمغفرة على ما كان من الذنوب والآثام ، وذلك قبل حلول الفجيعة وتجرع الآلام .
• أيظن الناس أن يتركوا هملاً دون حساب أو مؤاخذة ، إن الزمن وإن أغراهم ، فإن يد المنية كفيلة بأن تتخطفهم وتغشاهم .
• لماذا الحزن على الدنيا والعمر فيها محدودٌ لا سبيل لزيادته ، والرزق فيها مقسومٌ لا سبيل لنقصانه والسعي للآخرة فيها مطلوبٌ لا عذر لفواته ، فلنحظى بنعمة الاستعداد لدار الرحيل ؛ كي ما يهنأ بنا الرحيل ، وليكن فراقنا للدنيا أولى خطوات سعادتنا في الآخرة ، إذ فيها يكون المستقر والتقلب بين ألوان النعيم ، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ .
• ليست العبرة بإمعان التغافل عن حقيقة لابد قادمةٍ ( كالموت ) وإنما العبرة وعين العقل أن تفكر في كيفية الاستعداد لمواجهة تلك الحقيقة قبل حلولها ، إذ أنها قادمةٌ لا محالة ، وإلا كان فعلنا كفعل النعامة حين تخفي رأسها في التراب ؛ لتواري جميع جسدها من سنان الحراب !! وهل يفعل ذلك إلا غبيٌ أحمق ؟!
• أقل مقارنة بين حالك حين الغفلة وظلمة المعصية ، وبين لحظات نقائك وشفافيتك حين التضرع والبكاء إلى الله ، كفيلة بأن تأصل في نفسك التمييز بين حقارة الدنيا ، وعظـيم شأن الآخرة .
• إذا كان لديك الاستعداد بأن تفوق الكلاب في عويلهم !! أو أن تنافس الذئاب على جيفهم !! أو أن تمكر بالثعالب مكراً يحيق بمكرهم !! فاخلع عن نفسك رداء الرجولة ، إذ لا يمكن ارتداؤه مع ثياب الخيانة التي أعدت لك ، واستلب من نفسك ضميرها ، إذ لا يمكن بقاؤه مع الغوص في وحل الرذيلة الذي خصّص لك ، واحذر أن تحدث نفسك بتقوى الله ، وإلا خسرت في حلبة المصارعة التي نصبت لك ، فإن لم ترض لنفسك كل هذه الألوان من التردي والضياع ، فعليك بتوثيق صلتك بربك ، بنقاء قلبك ، وطهارة سريرتك ، وحيينها سوف يحفظك الله ويرعاك ومن شرور الخلق يتولاك ، وبغنى النفس يغشاك .
• تعتصر النفس الحسرة حين تعلم أن كثيراً من المشركين كان لديهم الاستعداد للدخول في الإسلام قبل موتهم ، غير أنهم لم يجدوا من المسلمين من تفرغ من شهواته وملذاته يوماً ولو للحظةٍ قليلةٍ ؛ حتى يحدثهم عن هذا الدين !! فما هي حجتنا غداً بين يدي ربنا ؟!
• يظل الموت سيفاً مسلطاً على رقاب العباد ؛ كي يبطل حيلة كل داهية ، ويرغم أنف كل طاغية ويكشف الزيغ عن حقيقة هذه الدار الفانية .
• القلبُ وعاءٌ من زجاج ، يحفظ ما بداخله طالما كان التعامل معه بليونة ورفق ، ويهدر كل ما فيه إذا ما كان التعامل معه بالشدة وعدم الرفق ، فاستفتحوا القلوب بالرحمات ؛ كي تذعن لهدى الآيات ، ولا تأخذوها بالتقنيط ، فتكونوا سبباً في مزيد من التفريط !!
• كلُّ من عليها فانٍ ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ، فلماذا التعلق بالأوهام ، والإعراض عن رضى الرحمن ؟! فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟
• احذر عند أول وهلة للعجب بنفسك ؛ فإنك بذلك تضع قدمك على حافة هاوية الضياع إذ الفضل والمنة لله ، ولا يهلك على الله إلا من أرداه ، ولا يعجب بنفسه إلا من الشيطان أغواه.
• احرص على هذه الشعرة الدقيقة بين الكبر ، وبين حفظ هيبتك لدى الآخرين ، وذلك لأن التواضع أمرٌ مرغوب ، غير أن الابتذال أمر غير محبوب .
• طوبى لمن خُتم له بخير ، وترك في الناس أثراً يذكرونه على إثره بكل خير ؛ فإن ذلك هو سعيد الدنيا والآخرة .
• للصدق أبعاد حسب وجهات نظر الناس ، فمنهم من يصدق في عامة حديثه ، ويلجأ إلى الكذب في بعضه ، ومنهم من يكذب في عامة حديثه ، ويلجأ للصدق في بعضه ، ومنهم من يصدق في عامة حديثه إلى مدىً محدود ، فإذا ما بالخناق يضيق عليه في بعض المواقف ، أو خشي من فوات مصلحة في مواقف أخرى ؛ لجأ إلى الكذب ، ومنهم من حاله كذلك ، غير أنه يستبدل الكذب بالمواراة ، التي تؤدي في بعض الأحيان إلى الكذب _ متى أفرط في استخدامها _ والنادر من الناس من يصدق في عامة حديثه دون لجوء لأي نوع من ألوان الكذب أو المواراة ، فإذا ما وفقك الله للتعرف على مثل هذا العبد ، فامسك بتلابيبه ؛ فإنه عملةٌ نادرةٌ في هذا الزمان ؛ لأنه إذا أحبك أخلص إليك ، وأوفى فيك ذمته ، وإن لم تحظَ بحبه ، فلن ُتحرم أمانته ، وسوف يوافيك حقك على الوجه الذي ترضاه . . إذ بصحبته تكون النجاة .
• توقف عند كل كلمةٍ أو فعلٍ تقوم به ، فموازين الله في الجزاء والعقاب ، تختلف تماماً عما يمكن أن تتصوره ، إذ يمكن دخول الجنة بكلمةٍ ، أو الحرمان منها أيضاً بكلمةٍ ، حتى لو أنفقت معها ملء الأرض ذهباً لتفتدي به ، كما أن دخول النار أو الاحتجاب عنها ، يمكن أن يكون بفعلٍ صغيرٍ أو قولٍ يسيرٍ تستهين بوزنه ، ولا تعبأ بفعله ؛ إلا أنه عند الله كبير . . وفي عرصات يوم القيامة أمرٌ عظيمٌ ؛ إذا ما وضع في الميزان لك أو عليك ، فارحم نفسك بتقوى الله ، ولا تهلكها بالغفلة والبعد عن الله ، فاليوم عملٌ بلا حساب ، وغداً حسابٌ بلا عمل ، وسل ربك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرشد ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار ، فإن رزقك الله ذلك فهنيئاً لك النجاة .
• أبداً لم يكن الفقر عيباً ، يحق لأحدٍ أن يعير أحداً به ، إذ الرزق بيد الله ، ولا حيلة ولا إرادة لغير الله فيه ، فمن رضي بنصيبه من الدنيا على قلته ، هانت عليه أيام حياته برغم قصر ذات يده وخف عنه عبء سؤال القبر وضمته ، ومن يدري لعله لو رُزِقَ المالُ في الدنيا ، لكان للنَّار أول داخليها ، وللجنة أول مفارقيها ، إذ أن المال يُطغي ، والغنى يَعمي ، ولا ناجيَ إلا من أنجاه الله فلنرض بالقليل من الرزق ، ولنحمد الله على نعمة الستر ، ولا نحزن لفوات نعيمٍ زائلٍ ، سوف يودي بأصحاب التفريط فيه إلى عذابٍ دائمٍ ، وليكن رجاؤنا أن ينجينا ربنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ؛ حتى نكون يوم القيامة في مأمنٍ ومستقرٍ ، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ .
• ولله المثل الأعلى . . كيف يمكن للوالدة أن تضيّع وليدها ، أو تتركه هملاً دون رعاية أو مراقبة ؟ وكيف نظن بربنا الرحمن أن يضيعنا أو يتركنا هملاً في أي أودية الدنيا هلكنا ، ونحن عباده الفقراء إلا من رحمته ، الضعفاء إلا بقوته ، الضالين إلا بهدايته ؟ وقد أخبرنا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه أرحم بالعبد من الوالدة بولدها ، فنسأله تعالى أن يتغمدنا بواسع عفوه ومغفرته ورحمته .
• أنت في هذه الدنيا بين لئيمٍ لا تأمن غدره ، وبين خائنٍ تترقب خيانته ، وبين منافقٍ يتربص بك وبين طامعٍ يتحين فرصة الاستيلاء عليك ، وبين حاقدٍ يعتصر قلبه حقداً عليك ، وبين فاجرٍ يسخر منك ، وبين سفيهٍ تخشى أن يضر بك ، وبين مجتمع لا يعبأ بمثلك ، فسل الله السلامة والنجاة ، إذ لا منجى لك من هذه الفتن سواه .
• الدنيا غشاءٌ يصيب من بداخله بنوعٍ من التخدير الذي يسوّغ له التردي شيئاً فشيئاً ؛ حتى إذا ما وصل إلى قاع الحضيض ؛ صار ملطخاً بالأوساخ والأقذار التي يصعب معها التخلص إلا بتوبةٍ صادقةٍ ، يعينه الله فيها على الخلاص من كل شوائب السوء التي علقت به ، وإلا فمزيدٌ من التلطخ ، ومزيدٌ من الموبقات والآثام ، التي تلقي بالعبد حتماً في وادٍ سحيقٍ من الخسران .
• رجاء العبد مقطوعٌ ابتداءً ، ورجاء الله موصولٌ دواماً ، فمن رجا العبد خابت أمنيته ، وحار قصده ، أما من رجا الله تعالى ، فلا خيبة لرجائه ، ولا حرمان لأمنيته ، وإنما هو الرضا بعينه إذ يرحمه حال منعه ، ويأجره حال عطائه ، فمن رضي من الله برزقه ، شعر بالغنى طوال عمره إذ أن الغنى غنى النفس ، فمن ملك الدنيا بحذافيرها ، ولم يرزقه الله غنى النفس ، شعر بأنه أفقر الناس على وجه الإطلاق ، فليحمد الله كل من رزقه الله غنى النفس ، إذ حفظه حين أمنه من نوائب الدهر التي يجزع لها الأغنياء قبل الفقراء ، وأكرمه بأن جعل قيمته في كيانه ، وليست في ماله الذي إذا ذهب ؛ ذهبت معه قيمته ، وأضحى لا يعبأ الناس به ، فاللهم ارزقنا غنى النفس والاستغناء عن الناس ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
المفضلات