بسم لله الرحمن الرحيم
يا سيدي: افعل ما بدا لك!!
أنيس منصور
إنها حكاية أين تضع يدك. يقال إن متهما وقف أمام القاضي وقد وضع يده في جيبه، فغضب القاضي وقال: أخرج يدك من جيبك يا قليل الأدب! قال المتهم: يا سيادة القاضي والله أنا محتار، إن وضعت يدي في جيبي فأنا قليل الأدب، وإن وضعتها في جيوب الناس فأنا لص، قل لي سيادتك أين أضعها!
وهي أيضا حكاية جحا وابنه وحماره، إذا ركب ابن جحا الحمار قالوا: الولد قليل الأدب، كيف يترك والده يمشي وراءه، وإذا ركب جحا حماره وترك ابنه قالوا: رجل لا رحمة عنده كيف يترك ابنه الصغير يمشي وراءه، وإذا ركب الاثنان الحمار قالوا: ليس عندهما رحمة، وإذا سار الاثنان وراء الحمار قالوا: مجنون وابنه! وتساءل جحا: ما الذي أفعله، أنا لا أستطيع أن أحمل الحمار وابني فوقه؟ وقال شاعر مصري فصيح:
* ضحكت فقالوا: ألا تحتشم؟
* بكيت فقالوا: ألا تبتسم؟
* بسمت فقالوا: يرائي بها
* عبست فقالوا: بدا ما كتم
* صمتّ فقالوا: كليل اللسان
* نطقت فقالوا: كثير الكلم
* حلمت فقالوا: صنيع الجبان
* ولو كان مقتدرا لانتقم
* بسلت فقالوا: لطيش به
* وما كان مجترئا لو حكم
* يقولون: شذّ إذا قلت لا
* وإمّعة حين وافقتهم
* فأيقنت أنني مهما أرد
* رضا الناس لا بد من أن أذم!
وأنا إذا نشرت شعرا قالوا: ليس عنده ما يقوله. وإذا لم أنشر شعرا قالوا: صناعته الأدب ولا يحفظ بيتا واحدا ويدعي أنه شاعر ابن شاعر، وإذا قلت: شاعر قالوا: فأين شعره؟ وإذا قلت كان والدي شاعرا قالوا: لم نقرأ له ولا عنه. وإذا نشرت شعرا لوالدي قالوا: بل من تأليفي أنا، وإذا نشرت شعرا لي قالوا: بل نظم والده.
فبالله ماذا افعل؟ وأنا أتولى عنك الجواب: أن أقول ما يعجبني، فأنا لن أحصل على الأغلبية المطلقة للقراء في كل شيء!
لذلك حتى لو عملت العجب العجاب من المستحيل أن ترضي جميع أذواق الناس وذلك لإختلاف طبائعهم ونفسياتهم..
فقد قيل رضا الناس غاية لاتــدرك ومن عانى ليطلب رضا الناس مات هماً وحسرة..
لكن رضـا الله تعالى أمنيـة قد تدركها وتحققها أنت بنفسك,, لذلك فلتكن هي هدفنا وغايتنا ولنجعلها مقياساً لنا في أمورنا وتصرفاتنا كلها..
قال صلى الله عليه وسلم "إن الله إذا أحب عبداً دعا له جبريل، عليه السلام، فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً، دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض".
فأيهما أعظم رضا الناس أم رضا رب الناس!!
إلى اللقـاء
المفضلات