مشاهدة النتائج 1 الى 6 من 6
  1. #1

    من اروع روايات زهور,, العصفور الجريح

    مرحبا
    طبعا سلسلة زهور هي سلسلة غنية عن التعريف ورواياتها كثير حلوة
    وانا حابة اشارككم هالرواية اللي بعتبرها من اروع الروايات اللي قرات
    و انا متأكدة انها هتعجبكم لاني ذرفت دموع لما قرأتها لانها رواية مؤثرة وأحداثها غير متوقعة على الاطلاق
    اتمنى انها تعجبكم و تأثر فيكم مثل ما أثرت في
    فراءة ممتعة


  2. ...

  3. #2
    اسم الرواية:العصفور الجريح من روايات زهور
    الكاتب: د.نبيل فاروق
    والآن مع الفصل الأول




    الفصل لاول : فاتن...
    لست ادري كيف ابدا قصتي هذه..
    اابدؤها منذ تلك اللحظة التي وقعت فيها في حب فاتن؟
    ام ابدؤها لحظة ان فقدتها؟...
    ترى ااصفها اولا ام اصف نفسي؟....
    خضم من الاحداث و الذكريات يعصف بي و انا اجلس الآن في شرفة منزلي المطل على شاطئ البحر في مدينة الاسكندرية, امسك قلمي و اوراقي و اتامل غروب الشمس, و احاول العثور على نقطة البداية...
    ولكن مهلا...
    لم لا اعود الى حيث بدات القصة بالفعل؟
    الى تلك الليلة العاصفة من ليالي الشتاء القارصة البرودة...
    الى خمس سنوات مضت..
    الى اول لقاء لي بفاتن..
    يا لها من ذكرى؟
    اي تناقض تيعثه في نفسي هذه الذكريات؟..
    اي مزيج هذا من النشوة والسعادة والالم والعذاب؟..
    هل احببتها حقا؟..
    اكان لها وجود حقيقي في حياتي ام انها حلم عجيب عاشه خيالي طوال خمسة اعوام؟..
    وهل احبتني هي؟..
    يبدو انه لا مناص من العودة الى البداية..
    الى شقتي الصغيرة القديمة في الاسكندرية..تلك الشقة التي كنت اعيش فيها بعد تخرجيفي كلية الطب جامعة الاسكندرية, فانا لست من سكان عروس البحرالمتوسط, ولكنني نزحت اليها بعد ان ارسلني مجموع درجاتيفي الثانوية العامة الى هناك, و استاجر لي والدي هذه الشقة المفروشة الصغيرة, والتي استمررت اقيم فيها بعد تخرجي, واستمر والدي يسدد ايجارها. الذي يفوق راتبي. نتظارا لانتقالي الى بلدتي الاصلية, بعد انتهاء سنة الامتياز الاجبارية. التي يحصل خريج الطب بعدها على ترخيص مزاولة المهنة ...
    عشت في هذه الشقة الصغيرة سبع سنوات كاملة. دون ان اعرف شيئا عن سكان العمارة الكبيرة,, ربما لانني كنت منطويا بطبعي..منكبا على الدراسة والعلم, اقضي معظم ساعات اليوم في الكلية و معاملها. او في المستشفى الجامعي. او خلف مكتبي استذكر محاظراتي و دروسي. او اشاهد برامج التلفزيون في السهرة...
    قبل ان انتقل الى احداث القصة, اعتقد انه من الافضل ان نتعارف اولا...
    انا شاب ضئيل الجسد, عادي الملامح, نحيل, كثيف الحاجبين, حليق الوجه, ارتدي منظارا طبيا صغيرا, وفوق راسي شعر اسود مجعد قصير, وعلى الرغم من خلو ملامحي من الوسامة تماما, الا ان الجميع يقولون انني امنحهم شعورا بالارتياح والثقة, اما عن اسمي فهو فوزي...الالقاب هنا لا تهم.. يكفيكم فوزي فحسب, وهو اسم عادي كما ترون, عادي ككل ما يتعلق بي..
    كنت كما وصفت لكم نفسي , اجلس منكبا على مطالعة بعض النشرات العلاجية الجديدة, عندما سمعت فجاة طرقا عنيفا على باب شقتي...
    اصارحكم القول انني ارتجفت, وتوجست خيفة, فطوال سكني في الشقة, لم يحدث ان طرق بابي سوى زائر, او قريب, ولم يحدث هذا قط على هذا النحو العنيف, ولكنني اسرعت افتح الباب , ووقفت لحظة اتطلع الى وجه السيدة , التي اندفعت الى شقتي يادية الذعر والقلق, وصاحت وهي تلوح بذراعيها في لهفة و لوعة..
    _ انقذنا يا دكتور.. ابنتي الوحيدة سقطت في غيبوبة.
    لم اكن اعرف تلك السيدة, التي تبدو في منتصف الاربعينات, ولكنني اسرعت التقط حقيبتي الطبية, واهرع خلفها الى الطابق العلوي, وقد تملكني الانفعال كثيرا, شان اي طبيب امتياز, يجد نفسه فجاة مطلوبا لنجدة حالة عاجلة, ومطالبا بتطبيق كل ما درسه في سنوات الدراسة, وغير مصرح له بالخطا...
    عبرت خلف السيدة باب شقتها, و اسرعت الى الى الحجرة الصغيرة, التي اقتحمتها في لهفة, وهناك وقعت عيناي على فاتن لاول مرة...
    هناك فوق الفراش الصغير, كانت ترقد اجمل وارق فتاة وقعت عليها عيناي..
    كانت فاتن ضئيلة الجسد, رقيقته, تذوب ملامحها رقة و عذوبة..
    وجهها الصغي راقرب الى ملامح الطفولة, يضم في حنان شفتيها الصغيرتين, وانفها المستقيم الرقيق, وعينيها المسبلتين, برموشمهما السوداء الطويلة, ويحيط بكل هذا شعر اسود ناعم كالحرير, ينسدل كليل طويل على كتفيها, فيصنع بتناقضه مع بشرتها البيضاء سحرا يجذب العين, و يخلب اللب...
    وقفت لحظة احدق في ذلك الملاك مبهورا , مسلوبا, حتى انتبهت على صوت امها تهتف في لوعة, و دموع الحزن تبلل وجهها:
    _ماذا اصابها يا دكتور؟
    اسرعت افتح حقيبتي الطبية, و اقوم بواجبي كطبيب, وقبل ان انتهي من الكشف عليها, سمعتها تتاوه بصوت رقيق, زغردت له اذناي فرحا و نشوة, فرفعت عيني الى عينيها, و رايتها تفتحهما بهدوء, وتتطلع الى وجهي في حيرة و استكانة..
    لم تكد عيناي تلتقيان بعينبها, حتى خفق قلبي في قوة, وارتجف بين ضلوعي..
    كانت عيناها اجمل بحر وقعت عليه عيناي..
    زرقاء, شفافة, ناعمة, حانية, واسعة, رقيقة, جميلة, خلابة..
    يا الهي.. كم يختلج قلبي, وانا اعود الى ذكرى هذه اللحظة؟
    لقد سالتني في هدوء و استسلام, انهار لهما حصن مقاومتي:
    _ماذا حدث لي؟.. من انت؟
    حاولت ان اجيب سؤاليها, ولكن فمي ظل مطبقا, وعجز لساني عن الحركة..
    كنت اسبح في بحر عينيها في لذة, وسعادة,ولهفة..
    لم تنفرج شفتاي عن كلمة واحدة, في حين اسرعت امها تحتضنها في لهفة, وتهتف من خلال دموعها الغزيرة:
    _حمدا لله على سلامتك يا فاتن.. ليتني انا التي سقطت لا انت.
    كانت اول رة اعرف فيها اسمها, وشعرت انه يناسبها تماما, فكل شئ فيها فاتن و جذاب..
    قدرت عمرها في تلك اللحظة بسبعة عشر عاما, اوما يزيد ببضعة اشهر, وبدت لي وهي تستسلم لذراعي امها كعصفور صغير رقيق, استكان لعشه, وارتاح لجناحي امه..
    قاومت ذلك الشعور الجارف, الذي يملك كياني, وقلت في حنان:
    _يبدو انك ارهقت نفسك كثيرا و...
    لم استطع اكمال عبارتي, حينما التفتت الي, وبدا جزع فاجئ في عيني امها, فازدردت لعابي في صعوبة و عدت اتابع:
    _انك تحتاجين الى بعض الراحة في الفراش و...
    مرة اخرى, لم استطع اتمام عبارتي, فقد قفز الى العينين الجميلتين حزن عجيب, وعادت الدموع تتالق في عيني الام في لوعة..
    لم افهم ما يعنيه ذلك..
    لم افهمه ابدا..
    ولكنني لم اتابع حديثي..
    نهضت في بطئ, واخذت الملم ادواتي, و اعيدها الى حقيبتي, ثم قلت دون ان التفت اليهما:
    _ساعود لرؤيتها في الصباح الباكر باذن الله.
    و اسرعت اغادر الحجرة, وهرعت والدتها خلفي, وقالت فيما يشبه الاعتذار:
    _معذرة يا دكتور.. لقد اقلقناك كثيرا, ولكن..
    قاطعتها بسرعة:
    _لا تعتذري يا سيدتي..نحن جيران, وللجار حق على جاره, ثم انها مهنتي.
    نظرت الي في امتنان, وقالت:
    _كيف ارد لك الجميل؟
    ابتسمت و انا اقول في تلعثم:
    _بان تتوقفي عن التحدث بهذا الاسلوب.
    ثم اسرعت اغادر المنزل, وقلبي يخفق في لهفة و فرح..
    لم اكد ادخل منزلي, حتى اغلقت الباب خلفي في احكام, وكانني ارفض ان يقتحم احد خلوتي, ويعكر صفو تلك اللحظات السعيدة, التي احياها لاول مرة..
    استلقيت على فراشي بملابسي, و اغلقت عيني, وانا استعيد في ذهني ملامح فاتن, وملامحها, ورقتها..
    استعيد ذكرى عينيها, اللتين لم ار اجمل منهما في حياتي كلها..
    جذبتني الافكار, وسلبتني احساسي بالوقت, وانا هائم في ذكرى عينيها, حتى فوجئت باذان الفجر يتردد في المنطقة, فنهضت من فراشي, وقد ابى النوم ان يقتحم خلوتي, واخذت اتامل شروق الشمس, وانتظر مطلع النهار في لهفة, حتى اعود لؤية فاتن, و اعترفت لنفسي وانا ارقب قرص الشمس الاحمر, انني قد احببت..
    بل غرقت في الحب حتى اذني في حب ارق عصفور في الوجود..
    في حب فاتن..

  4. #3
    أعطوني رأيكم في هذا الفصل لشان أعرف عجبتكم الأحداث ولا لا
    في انتظار تعليقاتكم

  5. #4
    راااااااائع
    بإنتظار التكملة

    ودي لك غاليتي

    Angel 1118
    لَسْتُ بِهَذَا الغَرُورْ الذِي لا يُطَاقْ..
    وَ لَسْتُ الأُنثَى المُتَكَبِرَة التِي لا يَعْجُبَهَا شَيءْ !
    كُلْ مَافِي الأمَر ..
    إنْ طُهْرِي وَ نَقَائِي يَختَلِفْ عَنْ بَقِيَةْ النِسَاءْ
    لِذَلِك لا أَحَد يَسْتَطِيع فَهَمِي سِوَى القَلِيل مِنْ البَشَرْ..

  6. #5
    مرحبا
    اعذروني على التأخير بس الكتابة تستغرق وقت كما تعرفون
    والآن مع الفصل الثاني
    اتمنى ان يعجبكم




    الفصل الثاني: المفاجأة



    اشرق الصباح, واشرقت معه تساؤلات ومخاوف, اثارت الهواجس في كوامن نفسي..
    كيف يمكنني ان اغرق هكذا, في حب فتاة رايتها رة واحدة, وللحظات معدودة, ولم اتبادل معها سوى كلمات تعد على اصابع اليد الواحدة؟
    هل اسرني جمالها فحسب؟..
    هل بهرتني رقتها, و الهبني ضعفها؟..
    عدت استرجع ملامحها الجميلة الرقيقة, وقد تراجع خفقان قلبي, وعاد عقلي يسيطر على افكاري ومشاعري, ويحاول دراسة الامر, كما افعل مع اي حالة طبية تواجهني..
    بدات بسؤال محدد..ما هو الحب؟..
    اهو انفعال نفسي, وتوافق عاطفي بين شخصين من جنس مختلف, كما يحدث من تجاذب بين الاقطاب المختلفة في المغناطيس؟..
    اهو تفاعل كيميائي, ينشأ فجاة في الجسد, ويؤثر في القلب؟..
    ام هو عامل مجهول, تتضافر فيه كل خصائص الجسم والعقل والروح؟..
    فكرت طويلا, ولكنني عجزت عن تحديد ماهية الحب, فاسرعت الى كتب التحاليل النفسية, محاولا عبثا البحث عن جواب,ثم لم البث ان نحيتها جانبا, وكذلك فعلت بالسؤال الاول, وعدت ادرس حالتي من نقطة مختلفة..
    اعترفت في البداية بوجود شئ ما يربطني بفاتن, واخذت ابحث عن طبيعة هذا الشئ..
    لقد شعرت بهذه الرابطة عندما رايتها لاول وهلة..
    شعرت انها ضعيفة, رقيقة, جميلة,تحتاج الى الحماية والرعاية..
    ربما جذبني اليها ضعفها, وربما كانت طبيعتي المنطوية هي التي دفعتني للارتباط باول فتاة, تحتاج حقا الى معاونتي..
    ربما لم يكن هذا الذي احسه نحوها حبا, ولكنه عاطفة قوية على اي حال...
    القيت كل حيرتي جانبا, مع دقات الساعة التاسعة صباحا, واسرعت ارتدي ملابسي, وقد تنبهت الى تاخري عن موعد عملي, خاصة وانني احب المرور على فاتن قبل ذهابي الى المستشفى..
    حرصت على اناقتي كثيرا هذه المرة, وترددت طويلا في اختيار رباط عنق مناسب, وحلة متناسقة, ثم حملت حقيبتي الطبية, وصعدت الى منزل فاتن...
    تصاعد انفعالي مع كل خطوة اخطوها, ومع كل درجة سلم اعتليها, حتى وصل الى ذروته, وانا ادق باب شقتها, وكدت اعود ادراجي في عصبية لا مبرر لها, لولا ان فتحت والدتها الباب, وملأت الابتسامة وجهها الصبوح, وهي تهتف في ترحاب:
    _مرحبا يا دكتور..تفضل.. ان فاتن تسأل عنك منذ ان استيقظت في الصباح.
    خفق قلبي في شدة, مع ذكر اسم فاتن, حتى انني بذلت مجهودا خارقا لاحافظ على نبرات صوتي, وانا اقول:
    _كيف حالها؟
    قالت والدتها في طيبة و امتنان, وهي تقودني الى حجرة فاتن:
    _في خير حال.. لن ننسى جميلك هذا.
    ثم اردفت في اهتمام امومي, بعث في نفسي كثيرا من الارتياح و الحنان الى اسرتي:
    _هل تناولت افطارك؟
    تذكرت في هذه اللحظة انني لم اتناول حتى عشاء امس, ولكن الخجل منعني من ذكر ذلك, فغمغمت في شكر:
    _نعم يا اماه..شكرا لسؤالك.
    لمحت بريق الحنان في عينيها, حينما خاطبتها بلقب امي, وبدت السعادة في نبرات صوتها وهي تقول في حماس:
    _سأعد لك كوبا من الشاي اذن.
    ثم طرقت باب حجرة فاتن, وهي تقول:
    _الدكتور فوزي حضر لرؤيتك يا فاتن,
    ودفعت باب الحجرة, ثم تركتني, واسرعت تعد الشاي, وترددت انا لحظة, ثم خطوت الى حجرة فاتن, وان ارتجف من فرط الانفعال..
    ما زلت اذكر_بعد مرور خمس سنوات كاملة_تلك الابتسامة الرقيقة, التي استقبلتني بها فاتن, وهي ترقد في فراشها, تماما كما تركتها أمس, ولا صوتها الرقيق وهي تقول في هدوء:
    _صباح الخير يا دكتور فوزي..كيف اشكرك على ما تجشمته من اجلي امس؟
    وقفت اتأمل ملامحها الرقيقة في صمت, دون ان اجد جوابا,ثم انتبهت من استغراقي, فاسرعت اقول في تلعثم:
    _انني لم اتجشم شيئا في الواقع, فقد استعدت وعيك قبل حتى ان انتهي من الكشف عليك.
    اشارت الى مقعد قريب من فراشها, وكانها تدعوني للجلوس, وهي تقول في رقة متناهية:
    _ولكنك هرعت الى هنا , وهذا يكفي..
    جلست وانا اغمغم:
    _هذا واجبي..
    ابتسمت في رقة, وقالت وهي تتأملني بكل عينيها الساحرتين:
    _في عصرنا هذا حتى اداء الواجب يستحق الشكر.
    شعرت بعاطفة عاصفة تجتاحني, وخشيت ان تشف ملامحي عما يعتمل في نفسي, فأشحت بوجهي عنها, متظاهرا بتأمل حجرتها..
    كانت حجرة صغيرة انيقة..تنم عن ذوق رفيع, ولمسة جمال و رقة, وتوقفت عيناي عند قفص صغير بالقرب من النافذة, استقر داخله عصفور ائع الالوان, يقف صامتا, يتأمل الجو خارج النافذة, كما لو كان يتحسر على سجنه الانفرادي, فسألتها وانا احاول جذب أطراف الحديث معها:
    _عجبا.. انني لم انتبه الى وجود هذا العصفور أمس, هل تنقلينه الى حجرتك في الصباح؟
    اجابتني وهي تبتسم:
    _كلا.. انه يلازم حجرتي طوال الوقت.
    قلت وانا اتشاغل بمراقبة العصفور:
    _لماذا لا يتحرك او يغرد؟
    تسللت الى صوتها نبرة حزينة, على الرغم من ابتسامتها, وهي تقول:
    _لقد توقف عن التغريد منذ فترة طويلة.
    التفت اليها, اسألها في دهشة:
    _هل تتوقف الطيور عن التغريد؟
    أومأت براسها ايجابا, وقالت وهي تتأمل العصفور الصامت, فيما خيل الي انه شفقة بالغة:
    _لقد كان يشدو كل صباح, وكانت انثاه تشاركه الشدو, حتى عثرنا عليها ذات يوم وقد فاضت روحها, ومن يومها لم يغرد هو ابدا.
    ساد الصمت بيننا لحظة, وكأننا نؤدي الحداد على روح انثى العصفور, ثم غمغمت محاولا تحطيم روح الحزن التي خيمت علينا:
    _ربما كان سنه هو ما يحزنه.
    _لقد كان سجينا منذ مولده.
    _كانت انثاه تهون عليه من آلام سجنه, فلما فقدها ازداد احساسه به.
    _وكيف يعلم انه في سجن, مادام لم يغادره ابدا, ولم يذق طعم الحرية مطلقا؟
    _انه يرى الطيور والعصافير الاخرى, من خلال النافذة, تحلق في حرية كبيرة, وترفرف بأجنحتها في سعادة و انطلاق, في حين يختنق هو داخل سجن ضيق, لا يسمح لجناحيه بالخفقان.
    _هل تظن انه يغادر قفصه, لو اننا منحناه فرصة الاختيار؟
    _بالطبع..قد يتردد لحظة في البداية, ولكنه لن يلبث ان ينطلق خارج سجنه, مرفرفا بجناحيه في سعادة.
    _لقد اعتاد طيلة عمره على وجود غذائه جاهزا, ولن يمكنه البحث عنه, ومصارعة الطيور الاخرى من اجل البقاء, وقد يقتله خروجه من قفصه.
    _فلنترك له مهمةتقرير مصيره, حتى لا نكون أشبه بسلطات الاحتلال, التي تجعل من نفسها وصية على الشعب الذي تحتله, بحجة انه غير قادر على اتخاذ قراراته المصيرية.
    _سيؤنبني ضميري لو انه مات.
    _كلنا سنموت يوما,و ربما كان يفضل الموت في حرية, وسط الطبيعة التي خلق من أجلها, بدلا من العيش دهرا في قفص من الخشب والسلك.
    ساد الصمت بيننا بعض الوقت, وبدت فاتن وكأنها تدرس الأمر في عقلها, ثم لو تلبث ان ابتسمت, وقالت في هدوء و رقة:
    _أطلقه اذن.
    قلت وأنا أبتسم بدوري:
    _لما لا تطلقينه انت؟
    ضحكت ضحكة رقيقة, وقالت:
    _هل رأيت كم من العسير اتخاذ مثل هذا القرار؟
    ابتسمت لمنطقها, وعدت ادور بعيني في الحجرة, ثم أشرت الى صورة تمثلها في زي, بدا لي عجيبا, وسألتها:
    _أ هذه انت؟
    خيل الي ان ملامحها قد اكتست بالحزن وهي تقول:
    _نعم..هذه انا منذ عامين.
    عدت أسألها:
    _و ماذا ترتدين في الصورة؟
    ابتسمت ابتسامة حزينة, وقالت:
    _واحد من أزياء أوبريت, حصلت فيه على الجائزة الأولى.
    تطلعت اليها في دهشة, وانا أقول:
    _أوبريت؟ ماذا تعنين؟
    عادت تبتسم نفس الابتسامة الحزينة, وهي تجيب:
    _انه نوع من الأداء المسرحي, يعتمد على طبقات صوتيةمرتفعة, وحركات رشيقة.
    سألتها في اهتمام:
    _أأنت مطربة؟
    احنت رأسها في أسى وقالت:
    _كنت راقصة باليه.
    سألتها في حيرة:
    _كنت؟ وهل اعتزلت؟
    خيل الي أننب المح دمعة تترقرق في عينيها, وهي تخفض رأسها و تجيب:
    _نعم
    حاولت ان ابتسم و أنا أسألها:
    _في مثل هذه السن الصغيرة؟ ..كنت أعتقد انكن تعتزلن بعد الثلاثين على الأقل.
    لم تجب هي عن تساؤلي, وانما انتفض جسدي , عندما صرخت والدتها من خافي في جزع:
    _دكتور فوزي.
    استدرت اليها في دهشة..ولم أفهم سر كل هذا الذعر في عينيها..لم أفهمه قط..
    كان وجهها شاحبا, وجسدها ينتفض, حتى كاد كوب الشايالذي تحمله يسقط من يدها, فأسرعت ألتقطه, وانا أحدق في وجهها بدهشة, وحيرة, وتساؤل, ولا ريب انها فهمت ما تعنيه نظراتي,فأسكت يدي, وقالت وهي تنظر في عيني بنظرات ضارعة:
    _ما رأيك ان تتناول الشاي في ردهة المنزل؟
    لم أفهم سر دعوتها هذه, ولكنني أجبت:
    _حسنا يا سيدتي, دعينا نفعل.
    تبعتها في آلية الى الردهة, وجلست في المقعد الذي أشارت الي به, وجلست في لهفة و ترقب في انتظاركلماتها, ولكنني فوجئت بها تبكي في صمت, وهي تنظر الى عيني مباشرة, فارتجف قلبي و أنا أسألها:
    _ماذا بك يا سيدتي؟ ما الذي يحزنك الى هذا الحد؟ظلت تحدق في وجهي لحظة, بعينيها الدامعتين, ثم قالت في حزن انفطر له قلبي, وصرخت له خلاياي ألما, وانهارت له نفسي لوعة:
    _هناك أمر ينبغي ان تعلمه, ما دمت طبيب فاتن المعالج يا دكتور فوزي, ان فاتن مقعدة..قعيدة الفراش منذ عامين كاملين.

  7. #6

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter