قد يسمينا آباؤنا على اسم رجل صالح تبركا به، أو على اسم نبي تيمنا به، وربما باسم شهير إعجابا بفنان أو فنانة، وقد نولد في مناسبة، فنُسمى بـ(رمضان) أو (عيد) وربما (أكتوبر!)، لكن ماذا لو انقلب السحر على الساحر، وتحولت أسماء المشاهير تلك لتكون وبالا على أصحابها الجدد، بل قد يصل الأمر إلى حد التنكيل بهم، والافتراء عليهم، وخسف حقوقهم.
فمثلاً، في فترة حكم صدام حسين للعراق، كان معظم الآباء العراقيين المولود لهم ذكور في الثامن والعشرين من نيسان/أبريل (تاريخ ميلاد صدام) يسمون أبناءهم باسم "صدام"، ليس تيمنا أو تملقا كما يظن البعض، ولكنهم كانوا يطمعون في المكافأة السنوية التي تصرف لهم وقيمتها 150 ألف دينار عراقي.
500 صدام بمصر!
أما بعد الأحداث الأخيرة بالعراق، وسقوط صدام وحكمه، عانى "الصداميون" في كل مكان الويلات بسبب أسمائهم تلك، بدءا من السخرية والاستهزاء بهم، وانتهاء بعزلتهم عن المجتمع، مما دفع البعض منهم إلى تغيير أسمائهم رسميا، ففي مصر مثلاً أقدم 500 شخص يحملون اسم صدام على رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم المصرية يطالبون بتغيير أسمائهم عقب سقوط بغداد.
أما في السعودية، وعقب غزو العراق للكويت 1990، تقدم مواطن سعودي إلى إدارة الأحوال المدنية في الرياض مطالباً بتغيير اسم ابنه البالغ من العمر 14 عاماً من "صدام حسين" إلى "سطام حسين"، لكن تصادف سقوط صاروخ سكود عراقي على مكتب الأحوال عام 1991، مما أخفى الملف تحت الأنقاض، وضاع الطلب!
هذا الحادث جعل الأب يصرف النظر عن الموضوع حينها، إلا أن الأحداث الأخيرة في العراق وسقوط صدام، جعلت الأب والابن يزدادا حنقاً وغضباً من هذا الاسم، بعد أن سبب للابن كثيراً من المضايقات في المدرسة وخارجها، وأصبح زملاؤه يطلقون عليه "هدام"، وما شابه ذلك من أسماء وعبارات تهكمية، حتى أن أحد معلميه اتصل به وطلب منه سرعة تغيير اسمه ليتفادى ما يواجهه من متاعب جراء حمله هذا الإسم.
أن تكون أسامة
هذا عن اسم "صدام"، فماذا عن "أسامة بن لادن" أو ربما أسامة فقط!..
ففي أمريكا عانى "الأساميون" كثيراً بسبب أسمائهم، فقد أجري مع معظمهم تحقيقات فيدرالية وتعرضوا لمضايقات رسمية أو غير رسمية، مما دفع المخرج الشاب (محمود قعبور) أن يسلط الضوء على بعض "الأسامات" القانطين بكندا – محل إقامة المخرج- ليكشف عن التغيرات الحاصلة لهم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في فيلمه "Being Ousama أو أن تكون أسامة".
ومن أجل هذا الفيلم، مكث (محمود قعبور) عاما كاملا في البحث في إعلانات مختلفة للصحف الكندية عن أناس يدعون أسامة، حصر فيه 17 أسامة، ثم اختصرهم لستة أفراد، تعمد أن يكونوا مختلفين في الجنسية، الفكر، المظهر، المعتقد...الخ.
فكر المخرج (قعبور) أن يقارن بين حياة الست أسامات ليعبر عن واقع كل أسامة، وليرى تأثير أحداث الحادي عشر من سبتمبر على كل منهم، فتتبع الحياة اليومية للأسامات الست، ورأي كل منهم في التغير الحاصل له بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فجاء الفيلم متحدثا باسم العرب المهاجرين ورد لهم بعض الاعتبار الذي فقدوه.
لا أسامة.. لا هتلر!
أما في ألمانيا، فقد رفضت السلطات الألمانية طلباً لوالدين ألمانيين من أصول تركية بتسجيل ابنهما باسم "أسامة بن لادن"، هذا بموجب القانون الألماني الذي يحظر على الآباء إطلاق أسماء على أطفالهم قد تجلب عليهم الضرر أو السخرية. ومن الجدير بالذكر أن القانون الألماني يحظر إطلاق اسم (هتلر) على الأطفال!
الطريف أيضا أن ترفض أحد مكاتب الأحوال المدنية في إحدى الدول العربية تسجيل اسم مولود بـ(هتلر) نظرا لإن الدولة عقدت اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، واسم (هتلر) يذكر الإسرائيليين بمحرقته، فكان لابد من مراعاة مشاعرهم ومنع إطلاق هذا الاسم على أي مولود!
أما أطرف ما في الموضوع، أن يستغل البعض الأحداث الجارية لتسويق سلعة ما، ففي مصر يطلق تجار التمور على أسوأ أنواع التمور اسم "شارون"، بينما أطلقوا على أفخر أنواعه اسم "نانسي عجرم"، والذي بلغ سعره ما يزيد عن خمسة عشرة جنيها مصريا.
وحتى نعلم مدى أهمية قضية تسمية الابناء، يروي أبو الدرداء عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أنه قال: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، وأسماء آبائكم ، فأحسنوا أسماءكم"، ليس هذا فحسب، بل كان رسول الله (ص) ينفر من الأسماء الذميمة، بل كان يعمل على تغييرها بأفضل منها سواء كانت هذه الأسماء لأشخاص أو أماكن.
المفضلات