مشاهدة النتائج 1 الى 10 من 10
  1. #1

    بِشَارَةُ الشَّبَابِ



    +_+بِشَارَةُ الشَّبَابِ+_+

    بِمَا جَاءَ فِي غَضِّ البَصَرِ مِن الثَّوَابِ

    بقلم :
    أبُي الحَسَنَاتِ الدِمَشقِيِّ


    (مختصر)

    انَّ الحَمدَ للهَ نَحمَدُه وَنَستَعِينُهُ وَنَستَغفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِن شُرُورِ أنفُسِنَا وَمِن سَيِئَاتِ أعمَالِنَا،
    مَن يَهدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ،
    وَأشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهَ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ.وبَعدُ،
    فإنَّ هذا الزمان الذي نعيشُ فيه، زمانٌ كثُرت فيه الشرور والفتن،
    وَزادت فيه البَلايا والمِحَن،
    فَليسَ لنا إلا أن نعتَصِمَ بحبلِ الله تعالى، ونتمسَّك بِه،
    فنتبعَ أمرَهُ ونجتنِبَ نهيَهُ .
    وإنَّ من أفضلِ ما يُعين عَلى فعل ما أمرنا الله به واجتنابِ ما نهانا الله عنهُ؛
    مَعرفةُ فضلِ المأمور وثوابِهِ، ومعرفةُ ضَررِ المنهيِّ وعِقابه،
    والمداومة على تَذكُّر ذلك واستحضَارِه .
    ومِن هَذَا البَابِ، جمَعتُ هذه الرِّسَالةَ، تذكرةً لإخواني الشَّبابَ ،
    ونصيحةً لهم، في أمر هامٍ مِن أمور دِينِهم، وهو غَضُّ البَصَرِ،
    وليس قَصدِي مِن هَذِه الرِّسَالةِ بَيانُ تَفاصِيلِ أحكَامِ النَّظَرِ، وإنَّمَا أردتُ بِهَا أن أُذكِّر إخوانِي الشَّبابَ بِهذِه الفَريضَةِ، وأبيِّنَ لهم فَوائِدَها وَمنزِلَتَها في الشرعِ، وأسميتها :
    « بِشَارَةُ الشَّبَابِ بِمَا جَاءَ فِي غَضِّ البَصَرِ مِن الثَّوَابِ »
    وخَصَصتُ الشَّبابَ بهذه الرسالة، لأنَّ الشَّباب هم المعرَّضون للفتنة أكثَرَ مَّمَن سِوَاهُم،

    ****************
    أولا:
    فَصلٌ
    في بيانِ خُطورةِ فِتنةِ النِّسَاءِ:


    قَالَ ‏َتَعَالَى : ‏﴿‏زُيِّنَ للنَّاسِ حُبُّ الشَهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينِ ‏‏﴾‏ الآية ‏[‏آل عمرن‏:‏14‏] .

    قَالَ الْحَسَنُ البَصريُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في تفسير هذه الآية: "‏زُيِّنَ أي: زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ" .

    وقَالَ ‏َتَعَالَى : ‏﴿‏وخُلقَ الإنسَانُ ضَعِيفَاً‏‏﴾‏ [‏النساء‏:‏14‏] .
    قال طَاوسُ بنُ كيسَانَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في تفسير هذه الآية: "أيْ: ضَعِيفَاً‏ في أمرِ النِّسَاءِ، ليسَ يكونُ الإنسانُ في شيءٍ أضعفَ منهُ في النِّسَاءِ".

    عَنِ النَّبِىِّ  قَالَ: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ" .

    وَأَخْرَجَ مُسْلمٌ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ  قَالَ:" إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ".

    وَأَخْرَجَ الإمامُ أبو بكرٍ ابن أبي شَيبَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى عَن ابنِ عَبَّاسٍ  قالَ: لم يكُن كُفرُ من مَضَى إلا مِن قِبَلِ النِّسَاءِ، وَهُو كائنٌ كفرَ من بَقيَ مِن قِبَلِ النِّساءِ".

    وَأَخْرَجَ عن أبي صالحٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قالَ: "بَلغني أنَّ أكثرَ ذنوبِ أهلِ الجَنَّةِ في النِّساءِ".

    وَفي «صِفةِ الصَّفوَةِ‏»: عَن عَليِّ بنِ زَيدٍ عَن سَعيدِ بنِ المُسَيِّبِ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قَالَ: "مَا يَئِسَ الشَّيْطَانُ مِنَ شَيءٍ إلا أتَاهُ مِن قِبَلِ النِّسَاءِ" .

    ****************

    ثانيا:
    فَصلٌ
    في معنى غَضِّ البَصَرِ و حُكمِهُ :


    فغَضُّ البَصَرِ ِ:هُو عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّحْدِيقِ وَاسْتِيفَاءِ النَّظَرِ،

    وإنمَّا المقصُودُ: غَضُّ البَصَرِ خَوفَاً مِنَ اللهِ تَعَالى وَعِقَابِهِ، وَامتِثَالاً لأمرِِهِِ .

    فَمِن المَعلُومِ مِن الدِّينِ ضَرُورةً أنَّ الشَرعَ أمَرَ بِحفظِ الفُروجِ وَحرَّم الزنا،
    بَل إنَّ ذَلكَ مِن أعظَمِ مَقَاصِدِهِ، وَالأمرُ بحفظِ الفُروجِ يَتضمَّنُ الأمرَ بحفظِ الأبصَارِ لأنَّ النظرَ بَريدُ الزنا وَرَائِدُه، فَيكُونُ غَضُّ البَصَرِ مِن بَابِ سدِّ الذريعِةِ،
    وَلكِنَّ اللهَ تَعَالى أمرَ بِغَضِّ البَصَر تصريحاً زيادةً في الاهتمَامِ والزَّجرِ .
    وَقد دَلَّ الكِتابُ وَالسُنَّةُ وَالإجمَاعُ عَلى ذَلكَ،
    أمَّا الكِتَابُ فَقولُه تعالى: ‏﴿‏قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُم إنَّ اللهَ خبيرُ بمَِا يَصنَعُونَ‏‏﴾‏ الآية ‏[‏النور‏:‏ 30‏].

    وإما السُنَّة : فقد أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عن أَبي سعيد الخُدري  ، عن النَّبيّ  ، قَالَ : "إيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ ! " فقالوا: يَا رَسُول الله، مَا لنا مِنْ مجالِسِنا بُدٌّ، نتحدث فِيهَا . فَقَالَ رسولُ الله  :" فَإذَا أبَيْتُمْ إلاَّ المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ ". قالوا : وما حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ الله ؟ قَالَ :"غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأمْرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهيُ عن المُنْكَرِ" .

    وأمَّا الإجمَاعُ فَقَد حَكَاهُ غيرُ واحدٍ مِن أهلِ العلم، قال الإمام أبو مُحَمَّدٍ ابنُ حَزمٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في «مراتب الإجماع‏»: "واتَّفَقُوا على وُجُوب غَضِّ البَصَرِ عَن غَيرِ الحَريمَةِ والزَّوجَةِ والأمَةِ، إلا من أراد نِكاحَ امرأةٍ حلَّ لهُ أنْ ينظُرَهَا" .

    وقال الإمَامُ أبو بكرٍ بنُ عَبدِ اللهِ العَامِريُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في «رِسَالتِه في أحكَامِ النَّظر‏»: "إنَّ الذي أجمعتْ عليه الأُمَّةُ، واتَّفَقَ عليهِ عُلماءُ السَّلفِ وَالخلفِ مِن الفُقَهاءِ والأئمَّةِ: هُو نَظَرُ الأجانِبِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بَعضُهُم إلى بَعضٍ ، وَهُم مَن لَيسَ بينَهُم رَحِمٌ مِن النَّسبِ، ولا مَحرَمٌ مِن سَببٍ كالرِّضَاعِ وَغيرهِ، فََهؤلاءِ حرامٌ نَظَرُ بعضِهم إلى بَعضٍ" .
    attachment


    "اللهم اغفر لوالدي وارحمه انك انت الغفور الرحيم " اللهم انزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وجازه بالاحسان احسانا" وبالسيئات عفوا وغفرانا♡


  2. ...

  3. #2

    ثاثا:
    فَصلٌ
    في ذِكرِ الآيات الوَارِدَةِ في الحَضِّ عَلَى غَضِّ البَصَرِ


    -1-

    قَالَ ‏َتَعَالَى :‏ ‏﴿‏قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُم إنَّ اللهَ خبيرُ بمَِا يَصنَعُونَ‏‏﴾‏ الآية ‏[‏النور‏:‏ 30‏]

    قَالَ قَتَادَةُ بنُ دعامَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في قوله:﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ :"أي :عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَهُمْ".

    ====

    -2-

    ومن اللَّطائِفِ: أن اللهَ ذَكَرَ آيَةَ النُّورِ فِي قَوْلِهِ ‏: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ‏ عَقِبَ قَوْلِهِ‏:‏﴿‏قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ‏
    ليدلَّ على أَنَّ غَضَّ الطَّرْفِ يُورِثُ الْقَلْبَ نُورًا وَإِشْرَاقًا،
    كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ الْبَصَرِ يُورِثُ ذَلِكَ ظُلْمَةً وَكَآبَةً.
    ‏أفادَه شيَخُ الإسلامِ تَقيُّ الدينِ ابنُ تَيمِيَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى.

    -3-

    وقولِه تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر : 19] ،
    قالَ ابنُ عَبَّاسٍ فِي تفسير هذِهِ الآيةِ: "الرَجُلُ يَكُونُ في القَومِ فَتَمُرُّ بِهم المَرأةُ فَيُرِيَهِم أنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنهَا، فَإنْ رَأى مِنهُم غَفلَةً نَظَرَ إليهَا؛
    فَإن خَافَ أنْ يَفطَنُوا بِه غَضَّ بَصَرَهُ عَنهَا، وَقَد اطَّلَعَ اللهُ مِن قَلبِهِ أنَّهُ وَدَّ أنَّهُ نَظَرَ إلى عَورَتِهَا"

    -4-


    وَقَال تَعَالَى : ﴿إنَّا عَرضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَالجِبَالِ فَأبينَ أنْ يَحمِلنَهَا وَحَمَلََهَا الإنسانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومَاً جَهُولاً﴾ .قالَ ابنُ عُمَرَ  فِي تَفسِيرِ هذِهِ الآيةِ :" مِن تَضِييعِ الأمَانَاتِ النَّظَرُ في الدُّورِ وَالحُجُرَاتِ

    ***********
    رابعا:
    فَصلٌ
    في ذِكرِ االأحاديث الوَارِدَةِ في الحَضِّ عَلَى غَضِّ البَصَرِ
    َ

    -1-

    أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: "كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ"‏.

    وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ:"‏وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ"‏.

    وَأَخْرَجَ الْأئمة أَحْمَدُ وأبو بكرٍ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى الموصِليُّ رَحِمَهُم الله تَعَالَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ  عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ‏:"‏الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْفَرْجُ يَزْنِي".

    معنى الحديث:

    قال الإمامُ أبو زكريا النَوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: "مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ اِبْنَ آدَمَ قُدِّرَ عَلَيْهِ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَا,
    فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ حَقِيقِيًّا وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ مَجَازًا بِالنَّظَرِ الْحَرَام
    أَوْ الِاسْتِمَاع إِلَى الزِّنَا وَمَا يَتَعَلَّق بِتَحْصِيلِهِ, أَوْ بِالْمَسِّ بِالْيَدِ بِأَنْ يَمَسّ أَجْنَبِيَّة بِيَدِهِ,
    اوالْحَدِيث الْحَرَام مَعَ أَجْنَبِيَّة, وَنَحْو ذَلِكَ, أَوْ بِالْفِكْرِ بِالْقَلْبِ . فَكُلّ هَذِهِ أَنْوَاع مِنْ الزِّنَا الْمَجَازِيِّ, "

    وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ كُلّه أَوْ يُكَذِّبهُ" : مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يُحَقِّق الزِّنَا بِالْفَرْجِ, وَقَدْ لَا يُحَقِّقهُ بِأَلَّا يُولِجَ الْفَرْجَ فِي الْفَرْجِ, وَإِنْ قَارَبَ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم" .

    -2-

    وأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ:"كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ ،
    وَجَعَلَ النَّبِىُّ  يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ ".
    وفي رواية الإمَامَينِ أَحْمَدَ وأبُي عِيسى التَّرمِذيِّ من حديث عَلِىِّ  "وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ: "رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا".

    -3-

    وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَرَةَ  قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :"‏ثَلَاثَةٌ لَا تَرَى أَعْيُنُهُمْ النَّارَ‏:‏ عَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ كَفَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ ‏".

    -4-

    وَأَخْرَجَ الأئمةُ أَحْمَدُ وَأبو حاتِم ابْنُ حِبَّانَ وَأبُو عَبدِ اللهِ الْحَاكِمُ رَحِمَهُم الله تَعَالَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ  أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: ‏"اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ،
    اُصْدُقُوا إذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إذَا اُؤْتُمِنْتُمْ،
    وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ‏ ". صَحَّحهُ الحاكِمُ وغيره .

    -5-

    وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ  قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  لِعَلِيٍّ :‏ "‏ يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَك الْآخِرَةُ ‏ " ‏َحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ ‏.
    قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ‏ ‏:‏ "قَوْلُهُ  : "فَلَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ‏.. إلَخْ" رُبَّمَا تَحَايَلَ أَحَدٌ جَوَازَ الْقَصْدِ لِلْأُولَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْأُولَى الَّتِي لَمْ يَقْصِدْهَا" ‏.

    -6-

    وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ  قَالَ ‏: "‏ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ  عَنْ النَّظْرَةِ الْفَجْأَةِ قَالَ اصْرِفْ نَظَرَك‏ "
    قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ:‏ "وَهَذَا لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ يَحْضُرْهَا الْقَلْبُ،
    وَلَا يَتَأَمَّلُ بِهَا الْمَحَاسِنَ، وَلَا يَقَعُ الِالْتِذَاذُ بِهَا، فَمَتَى اسْتَدَامَهَا مِقْدَارَ حُضُورِ الذِّهْنِ كَانَتْ كَالثَّانِيَةِ فِي الْإِثْمِ"‏.

    -7-

    وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ و الطَبرانيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ  عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ:"‏مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إلَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا فِي قَلْبِهِ" .

    -8-

    وَرَوَى الْأَصْبَهَانِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى بسندٍ ضعيفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :"‏كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا عَيْنًا غُضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَعَيْنًا سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَيْنًا خَرَجَ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ" ‏.

    -9-

    وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ  عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ ‏:"‏ لَتَغُضُّنَّ أَبْصَارَكُمْ، وَلَتَحْفَظُنَّ فُرُوجَكُمْ، أَوْ لَيَكْسِفَنَّ اللَّهُ وُجُوهَكُمْ ‏ " ‏ ‏.

    -10-

    وَفِي «صَحِيحِ الْحَاكِمِ» و«مسندِ عَبدِ بنِ حُمَيدٍ» رَحِمَهُما الله تَعَالَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا :"مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا وَمَلَكَانِ يُنَادِيَانِ وَيْلٌ لِلرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ، وَوَيْلٌ لِلنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ" ‏‏. في إسناده خارجة بن مصعب، قال الذَهبيُّ في التلخيص: "خارجة واه".

    ************
    خامسا:
    فَصلٌ
    في ذِكرِأخبَارِ السَّلفِ في غَضِّ البَصَرِ وحرصِهِم عَلى ذلكَ


    -1-

    وأَخْرَجَ ابن أبي شيبةَ عن أبي مُوسَى الأشعَرِيِّ  قال: "لأن تَمتَلِئ مِنخَرَيَّ مِن رِيحِ جِيفَةٍ، أحَبُ إليَّ مِن أنْ تَمتَلِيَانِ مِن رِيحِ امرَأةٍ".

    -2-

    وأَخْرَجَ عن عَبدُ اللهِ بن مسعود  قَالَ: "لأن أُزاحِمَ بَعِيراً مَطلِيَّاً بِقطِرَانَ، أحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أُزَاحِمَ امرَأةً".
    وفي البخاريُّ َ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِى الْحَسَنِ لِلْحَسَنِ: إِنَّ نِسَاءَ الْعَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ وَرُءُوسَهُنَّ! قَالَ:"اصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُنَّ".

    -3-

    وأَخْرَجَ ابن أبي شيبة عن عَطَاءٍ بن أبي رَبَاحٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قَالَ :"نَظرَةٌ يَهوَاهَا القَلبُ، فَلا خَيرَ فِيهَا".
    وَأَخْرَجَ عن موسى الجُهنيِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قال: "كُنتُ مَع سَعيدِ بنِ جُبَيرٍ في طَرِيقٍ فَاستَقبَلَتنَا امرَأةٌ فَنَظَرنَا إليهَا جَميعاً، ثُمَّ إنَّ سَعيدِاً غَضَّ بَصَرَهُ، فَنَظرتُ إليهَا، فَقَالَ لِي سَعيدٌ: الأولى لَكَ، وَالثانِيةُ عَليكَ".

    -4-

    وَأَخْرَجَ عن قَيسٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قَالَ: "كَانَ يُقَالُ: النَّظرَةُ الأولَى لا يَملِكُهَا أحَدٌ، وَلَكنِ الذِي يَدُسُّ النَّظَر دَساً .." .

    -5-

    وَأَخْرَجَ عَن أيُّوبٍ السَختيَانيِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قَالَ: "كانَ طَاوسٌ رَحِمَهُ الله تَعَالَى لا يَصحَبُ رِفقَةً فِيهَا امرَأةٌ".

    -6-

    وأَخْرَجَ ابنُ أبي الدُنيَا عن حمَّاد بن زيد رَحِمَهُ الله تَعَالَى قال سمعت أبي وأسنده قال : "لَرُبَّ نَظرَةٍ لأن تَلقَى الأسَدَ فيأكُلَكَ خَيرٌ لَكَ مِنهَا".

    -7-

    وأَخْرَجَ عن خالد بن أبي عمران رَحِمَهُ الله تَعَالَى قال : "لا تُتبِعُوا النَّظَر النَّظَرَ، فَرُبَّمَا نَظَرَ العَبدُ النَّظرَةَ يَنغَلُّ مِنهَا قلبُه كَمَا يَنغَلُّ الأدِيمُ في الدِّبَاغِ ولا يَنتَفِعُ بِهِ" .

    -8-

    وأَخْرَجَ عنه : "لا تُتبِع بَصَرَك حُسنَ رِدَاءِ المرأةِ، فإنَّ النَّظَر يَجعَلُ الشهوَةَ في القَلبِ

    -9-

    وأخرجَ ابنُ الجوزيِّ في «ذمِّ الهوى» عن ذي النِّونِ المِصريِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى قالَ: "اللَّحظاتُ تورِّثُ الحَسَراتِ، أوَّلُها أسفٌ وآخرُها تَلفٌ، فمن تَابَع طرفَهُ تابعَ حتفَهُ".

    -10-

    وفيه:قالَ سُفيانُ: "كانَ الرَّبيعُ بنُ خَثيمٍ يَغُضُّ بَصرَهُ فَمرَّ بِه نِسوةٌ فَأطرَق حتى ظَنَّ النِّسوةُ أنَّه أعمَى، فتعوَّذنَ باللهِ مِنَ العَمَى!" .

    -11-
    وفي تَفسِير القُرطُبِيِّ :" وَلقَد كَرِهَ الشَّعبِيُّ أن يُديمَ الرَّجُل النَّظَر إلى ابنته أو أمِّه أو أختِه، وزمَانُه خَيرٌ مِن زَمانِنَا هَذَا ! !" .

  4. #3

    سادسا:
    فصل
    في ذِكرِطَرَفٍ من كلامِ العُلماءِ في غَضِّ البَصَرِ


    في «كتابِ الوَرَعِ‏» للإمام أحمد : قال الْمَرُّوذِيُّ‏:‏ قُلتُ لأبِي عَبدِ اللهِ: رَجُلٌ تَابَ وَقَالَ: لَو ضُرِبَ ظَهرِي بِالسِيَاطِ مَا دَخلتُ في مَعصِيةٍ، غَير أنَّهُ لا يَدُعُ النَّظَرَ!. قَالَ: "أيُّ تَوبَةٍ هَذِهِ !!".

    وفيه : قُلْت لِأَحْمَدَ رضي الله عنه‏:‏ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ‏؟‏ قَالَ: أَخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةَ، كَمْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ ‏.

    وقال الإمامُ أبو حَامِدٍ الغَزَالِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في «الإحيَاءِ» :" زِنَا العَينِ – أي: النَّظَرُ- مِن كَبَائِرِ الصغَائِر وَهُو يُؤدِّي إلى القُربِ عَلَى الكبيرةِ الفَاحِشَةِ وَهِي زِنَا الفَرجِ، وَمَن لمَ يَقدِر عَلَى غَضِّ بَصَرِه لم يَقدِر عَلَى حِفظِ فَرجِهِ".
    وقال ابن الجوزيِّ في «المواعِظِ وَالمجالِسِ» :"أكثَرُ فَسَادِ القلبِ مِن تَخلِيطِ العينِ: مَا دَامَ بَابُ عَينِ البَصَر مُوثَقَاً فَالقَلبُ سَليمٌ مِن كُلِّ آفَّةٍ، فإذَا فُتِحَ طَارَ الطَّائرُ، وَرُبَّمَا لمَ يَعُد بَعدُ".

    وقال الإمام أبو عبد الله القُرطُبِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في «تفسيره»:"البصرُ هو البابُ الأكبرُ إلى القلبِ، وأعمَرُ طرقِ الحواسِّ إليهِ، وبحسَبِ ذلك كَثُرَ السُّقوطُ مِن جهتِه، وَوَجبَ التحذيرُ منهُ، وغضُّه واجبٌ عن جميعِ المُحرَّماتِ، وكُلِّ ما يُخشَى الفتنَةَ مِن أجلِهِ".

    ************
    سابعا:
    فَصلٌ
    فِي ‏ فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ، من كلام الْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ


    ذَكَرَهَا في «الجَوَابِ الكَافِي لِمَن سَألَ عَن الدَّوَاءِ الشَّافِي» وفي «رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ وَنُزْهَةِ الْمُشْتَاقِينَ»، قال:"
    ‏إحْدَاهَا‏ :

    تَخْلِيصُ الْقَلْبِ مِنْ الْحَسْرَةِ فَإِنَّ مَنْ أَطْلَقَ نَظَرَهُ دَامَتْ حَسْرَتُهُ، فَأَضَرُّ شَيْءٍ عَلَى الْقَلْبِ إرْسَالُ الْبَصَرِ، فَإِنَّهُ يُرِيهِ مَا لَا سَبِيلَ إلَى وُصُولِهِ وَلَا صَبْرَ لَهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ غَايَةُ الْأَلَمِ ‏.

    الثَّانِيَةُ:

    أَنَّ غَضَّ الطَّرْفِ يُورِثُ الْقَلْبَ نُوراً وَإِشْرَاقاً يَظْهَرُ فِي الْعَيْنِ وَفِي الْوَجْهِ وَفِي الْجَوَارِحِ، كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ الْبَصَرِ يُورِثُ ذَلِكَ ظُلْمَةً وَكَآبَةً ‏.

    ‏الثَّالِثَةُ‏ :‏

    أَنَّهُ يُورَثُ صِحَّةَ الْفِرَاسَةِ فَإِنَّهَا مِنْ النُّورِ وَثَمَرَاتِهِ، فَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ صَحَّتْ الْفِرَاسَةُ،

    ‏الرَّابِعَةُ:

    أَنَّهُ يَفْتَحُ لَهُ طُرُقَ الْعِلْمِ وَأَبْوَابَهُ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ أَسْبَابَهُ وَذَلِكَ سَبَبُ نُورِ الْقَلْبِ، فَإِنَّهُ إذَا اسْتَنَارَ ظَهَرَتْ فِيهِ حَقَائِقُ الْمَعْلُومَاتِ، وَانْكَشَفَ لَهُ بِسُرْعَةٍ، وَنَفَذَ مِنْ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ ‏.
    وَمَنْ أَرْسَلَ بَصَرَهُ تَكَدَّرَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ، وَأَظْلَمَ، وَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الْعِلْمِ وَأُحْجِمَ ‏.

    ‏الْخَامِسَةُ: ‏

    أَنَّهُ يُورِثُ قُوَّةَ الْقَلْبِ وَثَبَاتَهُ وَشَجَاعَتَهُ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ سُلْطَانَ الْبَصِيرَةِ مَعَ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ ‏.

    ‏السَّادِسَةُ‏ : ‏

    أَنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ سُرُوراً وَفَرْحَةً أَعْظَمَ مِنْ الِالْتِذَاذِ بِالنَّظَرِ، وَذَلِكَ لِقَهْرِهِ عَدُوَّهُ وَقَمْعِهِ شَهْوَتَهُ وَنُصْرَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَفَّ لَذَّتَهُ وَحَبَسَ شَهْوَتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِمَا مَضَرَّةُ نَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، أَعَاضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَسَرَّةً وَلَذَّةً أَكْمَلَ مِنْهُمَا، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ "وَاَللَّهِ لَلَذَّةُ الْعِفَّةِ أَعْظَمُ مِنْ لَذَّةِ الذَّنْبِ" ‏.
    وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّفْسَ إذَا خَالَفَتْ هَوَاهَا أَعْقَبَهَا ذَلِكَ فَرَحَاً وَسُرُوراً وَلَذَّةً أَكْمَلَ مِنْ لَذَّةِ مُوَافَقَةِ الْهَوَى بِمَا لَا نِسْبَةَ بَيْنَهُمَا ‏، وَهُنَا يَمْتَازُ الْعَقْلُ مِنْ الْهَوَى ‏.


    ‏السَّابِعَةُ‏ :

    ‏ أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ أَسْرِ الشَّهْوَةِ، فَلَا أَسْرَ أَشَدُّ مِنْ أَسْرِ الشَّهْوَةِ وَالْهَوَى، قَدْ سَلَبَ الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ، وَعَزَّ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ،


    الثَّامِنَةُ‏: ‏

    أَنَّهُ يَسُدُّ عَنْهُ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، فَإِنَّ النَّظَرَ بَابُ الشَّهْوَةِ الْحَامِلَةِ عَلَى مُوَاقَعَةِ الْفِعْلِ، وَتَحْرِيمُ الرَّبِّ تَعَالَى وَشَرْعُهُ حِجَابٌ مَانِعٌ مِنْ الْوُصُولِ، فَمَتَى هَتَكَ الْحِجَابُ تَجَرَّأَ عَلَى الْمَحْظُورِ، وَلَمْ تَقِفْ نَفْسُهُ مِنْهُ عِنْدَ غَايَةٍ، لِأَنَّ النَّفْسَ فِي هَذَا الْبَابِ لَا تَقْنَعُ بِغَايَةٍ تَقِفُ عِنْدَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ لَذَّتَهُ فِي الشَّيْءِ الْجَدِيدِ ‏.
    فَغَضُّ الْبَصَرِ يَسُدُّ عَنْهُ هَذَا الْبَابَ،

    ‏‏التَّاسِعَةُ‏:

    أَنَّهُ يُقَوِّي عَقْلَهُ وَيُثَبِّتُهُ وَيَزِيدُهُ، فَإِرْسَالُ الْبَصَرِ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ قِلَّةٍ فِي الْعَقْلِ، وَطَيْشٍ فِي اللُّبِّ، وَخَوَرٍ فِي الْقَلْبِ، وَعَدَمِ مُلَاحَظَةٍ لِلْعَوَاقِبِ


    الْعَاشِرَةُ‏: ‏

    أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ سَكْرَةِ الشَّهْوَةِ وَرَقْدَةِ الْغَفْلَةِ، فَإِنَّ إطْلَاقَ الْبَصَرِ يُوجِبُ اسْتِحْكَامَ الْغَفْلَةِ عَنْ اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَيُوقِعُ فِي سَكْرَةِ الْعِشْقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي عُشَّاقِ الصُّوَرِ: ‏ "‏لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏ " ‏ فَالنَّظْرَةُ كَأْسٌ مِنْ خَمْرٍ، وَالْعِشْقُ سُكْرُ ذَلِكَ الشَّرَابِ ‏.
    وَآفَاتُ الْعِشْقِ تَكَادُ تُقَارِبُ الشِّرْكَ، فَإِنَّ الْعِشْقَ يَتَعَبَّدُ الْقَلْبَ الَّذِي هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ لِلْمَعْشُوقِ" ‏.


    ************

    فصلٌ
    في مُعالجةِ الهمِّ والفكرِ المتولِّدِ عن النَّظرِ


    قال ابن الجوزيِّ في «ذمِّ الهوى» : "إعلم وفَّقَك اللهُ أنَّكَ إذا امتثلتَ المأمورَ بهِ من غَضِّ البصرِ عندَ أوَّلِ نظرةٍ سَلمتَ من آفاتٍ لا تُحصَى،
    فإذا كَرَّرتَ النَّظرَ لم تأمن أن يزرَعَ في قَلبِكَ زَرعَاً يَصعُبُ قلعُهُ،
    فإن كانَ قد حَصَل ذلكَ فعلاجهُ بالحميَّةِ بالغَضِّ فيما بعدُ،
    وقطعِ مرادِ الفكرِ بسَدِّ بابِ النَّظرِ فحينئذٍ يَسهُلُ عِلاجُ الحاصلِ في القلبِ لأنَّهُ إذا اجتمعَ سيلٌ فسدَّ مجراهُ،
    سَهُلَ نزفُ الحاصلِ،
    ولا علاجَ للحاصلِ في القلبِ أقوى مِن قَطعِ أسبابِهِ،
    ثُمَّ زجرِ الاهتمام بِه خوفَاً من عُقوبَة اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَتَى شرعتَ في استعمالِ هذا الدَّواءِ، رُجيَ لكَ قُربُ السَّلامةِ،
    وإن ساكنت الهمَّ تَرقَى إلى دَرجةِ العزمِ، ثُمَّ حَرِّك الجَوارحَ".

    ‏*****************


    خَاتِمةٌ فيها ذِكرُ كلماتٍ مُختصَراتٍ في غَضِّ الْبَصَرِ

    النَّظْرَةُ تَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ .
    لا يزني فرجُكَ وقد غَضضَّت بَصرَكَ .
    العينُ أنمُّ منَ اللِّسانِ.
    أوَّلُ العشقِ النَّظرُ، وأوَّلُ الحريقِ الشَّررُ.
    مَن طاوعَ طرفَهُ تَابعَ حتفَهُ .
    مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ، كَثُرَ أَسَفُهُ ‏.
    النَّظَرُ سَهمُ سُمٍّ إلى القَلبِ .
    الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الطَّرْفِ أَيْسَرُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمٍ بَعْدَهُ .
    حَبسُ اللَّحظاتِ أيسرُ من دَوامِ الحَسَرَاتِ.


    والحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلاَ أَنْ هَدَانَا اللهُ، وصَلَّى اللهُ عَلَى وَعَلَى آلِه وَصَحِبهِ وسلَّم.

  5. #4
    +_+بِشَارَةُ الشَّبَابِ+_+

    بِمَا جَاءَ فِي غَضِّ البَصَرِ مِن الثَّوَابِ

    بقلم :
    أبُي الحَسَنَاتِ الدِمَشقِيِّ
    ماشااء الله جامع لأكثر مايتعلق بغض البصر..
    بصراحة موضوع أكثر من رائع <==مدري بالنسبة لي

    ثبت الأمر الرباني في الكتاب بغض البصر للنساء والرجال..
    لكن غض البصر يتأكد أكثر على الرجال لأنه يحرم عليه بالأساس النظر إلى المرأة الأجنبية..

    والمرأة يتأكد عليها الإلتزام بالحجاب الشرعي لكي لاتجعل نفسها عرضة لسموم نظرات أصحاب القلوب الضعيفة..

    لكن المشكلة في زمنا الآن..ermm

    كثير من الشباب مايصدق خبر يطلع فجأة على عورات النساء بل بعضهم يحاول جاهداً البحث عنها لإطلاق سهام نظره في الأسواق أو الأماكن العامة..
    ويتناسون قوله تعالى ((يَعْلَمُ خَائِنةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ))

    كذلك الكثير من النساء للأسف الشديد كأنها تهيأ نفسها للشباب الفاسد بإظهار محاسنها و مفاتنها لعدم إلتزامها بالحجاب الشرعي الذي قرره الله سبحانه وتعالى لنساء المسلمات..
    فتناسوا قوله تعالى{ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهنَّ أو آبائهن أو آباء بعولتهنَّ أو أبنائهن أو أبناء بعولتهنَّ أو إخوانهنَّ أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهنَّ ليُعلم ما يخفين من زينتهن ، وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّها المؤمنون لعلكم تفلحون . سورة النور الآية 31 } .

    ‏إحْدَاهَا‏ :

    تَخْلِيصُ الْقَلْبِ مِنْ الْحَسْرَةِ فَإِنَّ مَنْ أَطْلَقَ نَظَرَهُ دَامَتْ حَسْرَتُهُ، فَأَضَرُّ شَيْءٍ عَلَى الْقَلْبِ إرْسَالُ الْبَصَرِ، فَإِنَّهُ يُرِيهِ مَا لَا سَبِيلَ إلَى وُصُولِهِ وَلَا صَبْرَ لَهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ غَايَةُ الْأَلَمِ ‏.
    وبالتالي
    الوقوع بالتدريج في الزنا الحقيقي وإلا لما سمى الرسول صلى الله عليه وسلم زنا العين النظر..


    ‏‏التَّاسِعَةُ‏:‏

    أَنَّهُ يُقَوِّي عَقْلَهُ وَيُثَبِّتُهُ وَيَزِيدُهُ، فَإِرْسَالُ الْبَصَرِ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ قِلَّةٍ فِي الْعَقْلِ، وَطَيْشٍ فِي اللُّبِّ، وَخَوَرٍ فِي الْقَلْبِ، وَعَدَمِ مُلَاحَظَةٍ لِلْعَوَاقِبِ

    الْعَاشِرَةُ‏: ‏

    أَنَّهُ يُخَلِّصُ الْقَلْبَ مِنْ سَكْرَةِ الشَّهْوَةِ وَرَقْدَةِ الْغَفْلَةِ، فَإِنَّ إطْلَاقَ الْبَصَرِ يُوجِبُ اسْتِحْكَامَ الْغَفْلَةِ عَنْ اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَيُوقِعُ فِي سَكْرَةِ الْعِشْقِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي عُشَّاقِ الصُّوَرِ: ‏ "‏لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ‏ " ‏ فَالنَّظْرَةُ كَأْسٌ مِنْ خَمْرٍ، وَالْعِشْقُ سُكْرُ ذَلِكَ الشَّرَابِ ‏.
    وَآفَاتُ الْعِشْقِ تَكَادُ تُقَارِبُ الشِّرْكَ، فَإِنَّ الْعِشْقَ يَتَعَبَّدُ الْقَلْبَ الَّذِي هُوَ بَيْتُ الرَّبِّ لِلْمَعْشُوقِ" ‏.

    النَّظْرَةُ تَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ .
    لا يزني فرجُكَ وقد غَضضَّت بَصرَكَ .
    العينُ أنمُّ منَ اللِّسانِ.
    أوَّلُ العشقِ النَّظرُ، وأوَّلُ الحريقِ الشَّررُ.
    مَن طاوعَ طرفَهُ تَابعَ حتفَهُ .
    مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ، كَثُرَ أَسَفُهُ ‏.
    النَّظَرُ سَهمُ سُمٍّ إلى القَلبِ .
    الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الطَّرْفِ أَيْسَرُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمٍ بَعْدَهُ .
    حَبسُ اللَّحظاتِ أيسرُ من دَوامِ الحَسَرَاتِ.
    نعم كل ذلك صحيح....
    جزاك الله خيـر الجزاء على ماتقدمين لنا من مواضيع نافعة وهادفة..

    إلى اللقــاء.
    اخر تعديل كان بواسطة » HAYAT في يوم » 25-03-2006 عند الساعة » 11:51
    ازف الرحيـل
    اوصيـكم
    العمــاد
    تائبـون
    المصيـر
    اذا كنت مخطي على احد انا آآسف رجاء حللونـي
    في امـان للــه

  6. #5
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حياك الله اخي الكريم وبارك الله فيك


    كثير من الشباب مايصدق خبر يطلع فجأة على عورات النساء بل بعضهم يحاول جاهداً البحث عنها لإطلاق سهام نظره في الأسواق أو الأماكن العامة
    ..


    للأسف الشديد

    والمشكلة اذ وضع عينيه لا يحركها أبدا


    كذلك الكثير من النساء للأسف الشديد كأنها تهيأ نفسها للشباب الفاسد بإظهار محاسنها و مفاتنها لعدم إلتزامها بالحجاب الشرعي


    انت على حق

    كأنها خرجت تقول ((مشاهدة مجانية لمن يحب)

    الله الهادي


    جزاك الله خيـر الجزاء على ماتقدمين لنا من مواضيع نافعة وهادفة
    ..


    واياك وثبتنا الله واياك على الحق

    اخر تعديل كان بواسطة » ياقوت في يوم » 26-03-2006 عند الساعة » 15:59

  7. #6
    أوسكار&كايبا P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ღ♥جنى♥ღ








    مقالات المدونة
    7

    وسام "مراقب مثالي" وسام
    المركز الثالث المركز الثالث
    وسام منتدى القصص و الروايات وسام منتدى القصص و الروايات

    Talking

    [GLOW]بسم الله الرحمن الرحيم
    مشكورة ياقوت على الموضوع الرائع
    سلمتي وسلمت يمناكي
    كلم كلة درر والالئ منثورة
    وعبارات منسقة كونة جسرا مضيئا
    وفي الحقيقة كم نفتقر هذة الايام
    لشباب يخافون ربهو ويغضون بصرهم
    والى فتاة تضع نصب عينيها الخوف والحياء من الله عز وجل
    وندعوا الله لفتياة المسلمين بالعفاف والستر والشباب بالخوف ومخافة الله
    مشكورة مرة اخرى على الموضوع
    وجزاك الله خيرا وثبتكي على الدين وعلى الصراط
    وجعلكي ممن يمشون على الصراط من دون حساب
    تحياتي لكي يانور المنتدى
    اختك جنى
    [/GLOW]

    :Instagram

  8. #7
    كل شاب ينفذ ما يامره الله به سيحصل على جزائه...فكل شاب يغض نظره عن الفتاة فكأنه يقترب أكثر وأكثر في الحصول على اجمل النساء وهن نساء الجنة"حور العين"..

    مشكورة اختي ياقون على موضوعج القيم..جزاك الله خير على ما تقدمينه لنا من مواضيع هادفة

  9. #8
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة JANA
    [GLOW]بسم الله الرحمن الرحيم
    مشكورة ياقوت على الموضوع الرائع
    سلمتي وسلمت يمناكي
    كلم كلة درر والالئ منثورة
    وعبارات منسقة كونة جسرا مضيئا
    وفي الحقيقة كم نفتقر هذة الايام
    لشباب يخافون ربهو ويغضون بصرهم
    والى فتاة تضع نصب عينيها الخوف والحياء من الله عز وجل
    وندعوا الله لفتياة المسلمين بالعفاف والستر والشباب بالخوف ومخافة الله
    مشكورة مرة اخرى على الموضوع
    وجزاك الله خيرا وثبتكي على الدين وعلى الصراط
    وجعلكي ممن يمشون على الصراط من دون حساب
    تحياتي لكي يانور المنتدى
    اختك جنى
    [/GLOW]
    ياهلا ومرحب بالعسل
    العفو والله يسلمك من كل شر
    امين يارب واياكم
    جزاك الله خيرا
    نورتيناsmile

  10. #9

  11. #10
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة نويرة
    كل شاب ينفذ ما يامره الله به سيحصل على جزائه...فكل شاب يغض نظره عن الفتاة فكأنه يقترب أكثر وأكثر في الحصول على اجمل النساء وهن نساء الجنة"حور العين"..

    مشكورة اختي ياقون على موضوعج القيم..جزاك الله خير على ما تقدمينه لنا من مواضيع هادفة
    العفو smile

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter