رثاء
*****

اعود غريباً من بلاد بعيدةٍ
إلى أرض أحبابي يسابقني السعدُ

وشوقي إلى أمي وأمي بعيدٌةٌ
وترجعُ من بعدٍ فيلقُفها البعدُ

تقولُ لنا عما قريبٍ سنلتقي
فأخمدتِ الاشواق وانطفئَ الوجدُ

فإذ نبأٌ يأتي علينا كصرخة
دوى صوتها في الناس فاجتمع الحشدُ

وكلٌ يعزيني وما زلت صامتاً
إشاعةُ كذابٍ أقول كما تبدو

إلى أن رأيتُ النعش فنهرتُ باكياً
يمزقُ قلبي الحزنْ يَعصرهُ الفقدُ

لماذا تغطوها !! أتغفو بنومةٍ ؟!
أمس لها داءٌ ؟ أدثرها البردُ ؟

دعوني أرى أمي دعوني أضمها
أمرغُ في أقدامها الرأسُ والخدُ

يقولواْ كفاكَ انهض فحولكَ نِسوةٌ
توالينَ غرباناً مناقيرُها مرد

كليلٍ دجى والفجر بالصبحِ مشرقٌ
يبدد أستار الظلامِ لكي يبدو

ينحنّ ويلطمنّ الخدودَ لحسرةٍ
ويدفعنني دفعاً لأغدو فلا أغدو

يقولون ماتت قلت تالله لم تمت
لقد ذَبُلت قد يذبلُ الزهرُ والوردُ

ويوم حملتُ النعشَ أردفتُ كاهلي
لأكسره عمداً فأبعدني الوفدُ

وقبلتها في القبرِ ثم ضممتها
ووسدتها زندي وأنزلتها اللحدُ

فيا مالك الأملاك والكل هالكٌ
بمنك يا منان أن تجزها الخلدُ


الشاعر أبو نزار أمين حربه