مشاهدة النتائج 1 الى 2 من 2

المواضيع: مغرور!

  1. #1

    مغرور!

    السلام عليكم ^^
    هذه القصة القصيرة كتبتها كتحدي اقترحته لكتابة قصة في يوم واحد، وقد نشرتها اول مرة يوم 21 ابريل 2019م في إحدى المجموعات، ثم انتبهت انني لم انشرها في مكسات!
    لذا ها هي بين ايديكم:

    *****

    مغرور



    لم يستطع وليد اخفاء ابتسامة نصره وهو يغادر مكتب مدير المجلة التي يعمل بها؛ بعد أن اثبت له صعوبة الاستغناء عنه مهما فعل..
    اتجه نحو مكتبه بسرعة ليكمل قراءة الجزء الجديد الذي صدر من سلسلته المفضلة، والتي طالما حلم بأن يتم اختياره ضمن رسّاميها، لعله يصبح مشهورا مثل مؤلفها، أويحظى بفرصة مقابلته على الأقل، فهو الرجل الأكثر شهرة على مستوى الوطن العربي في الوقت الحالي! وبصعوبة حاول وليد العودة إلى واقعه المرير، الذي لم يمنحه فرصة عمل أفضل لتناسب موهبته الفذة!! فتناول قلمه بتكاسل شديد لعله يتمكن من إنهاء "الكاريكاتير" لعدد الغد؛ غير أن رأسه كان مشغولاً بتعليقات المعجبين والمعجبات حول أعماله السابقة، فرمى القلم على الطاولة، وأخذ يتصفح المواقع المختلفة، تارة يبتسم برضى وتارة يزمجر بضيق، غير أنه سرعان ما أخذ يهديء نفسه بقوله:
    - إنهم فعلاً مجموعة حمقى لا يقدرون الفن!
    فيما اتسعت ابتسامة رضاه عن نفسه وهو يتخيل منظر المدير:
    - حتى ذلك العجوز لا يجرؤ على طردي، فأنا عمود هذه المجلة الورقية القديمة، ولولاي لما صمدت أمام هذه المواقع الالكترونية!! عليه أن يكون ممتناً لي لبقية حياته..
    وأطلق ضحكة مجلجلة لم يسمعها غيره، غير أن هاتف مكتبه لم يتركه ليسترسل أكثر في ارضاء غروره؛ إذ اخذ يلح عليه باستماتة؛ ليجد نفسه بعدها في غرفة المدير من جديد! لم يعجبه ذلك الاستدعاء السريع في البداية؛ ورغم القلق الذي ساوره؛ لكنه طمأن نفسه كالعادة، فهو الركن وعامود الاساس، وليس من حق أحد أن يحاسبه على التأخير مهما كان السبب!! وبعد كلمات سريعة أوضح المدير من خلالها سبب استدعائه بإيجاز؛ أشار إلى المقعد المجاور للباب حيث جلست إحداهن، قائلاً:
    - هذا هو رسام المجلة وليد، أرجو أن تجديه متعاوناً..
    وقبل أن يكمل المدير جملته؛ التفت وليد نحوها بفضول، وألقى عليها نظرة سريعة فاحصة، تنهد بعدها باستياء ولسان حاله يقول:
    - وما الذي ستفعله هذه المرأة الرجعية البائسة التي لا تمتلك أدنى ذرة من جمال!
    بالنسبة له قوة المرأة الحقيقية تكمن فقط في جمالها ومظهرها، فإذا افتقدتهما اصبحت الآلة الصماء أكثر نفعاً منها! ولا شك أنها الآن ستكون محظوظة جداً لتحظى برفقة شاب وسيم وفنان مشهور مثله! حسناً.. ليس من السيء أن يقدّم لها هذه الفرصة الذهبية، فهذا عمل انساني قبل أي شيء! وهكذا شعر وليد بالرضا عن نفسه، فاصطنع ابتسامة مرحّبة، قائلاً يتواضع زائف:
    - يسعدني أن أكون في خدمتك يا آنسة..
    غير أن "الآنسة" نهضت من مقعدها قائلة بصرامة متجاوزة مرحلة التعارف المعهودة:
    - أستاذ وليد، نحن نقدر موهبتك بلا شك، ولكن يؤسفني القول أننا سنضطر لايقاف زاويتك في المجلة إذا استمر هذا التأخير!
    لم يستطع وليد استيعاب ما سمعه من هول الصدمة! من هذه الـ "مرأة" لتحدثه بهذه الطريقة!! اليست هي مجرد موظفة جديدة تبحث عن فرصة لاثبات ذاتها في مجلة متواضعة، لتصدع بعدها الرؤوس بقدرات المرأة وحقوقها الضائعة!!
    ولم يخف على المدير ملاحظة ارتباكه، فابتسم بتشفّي قائلاً:
    - الأستاذة جهاد حصلت على ملكية المجلة بعد مفاوضات مع صاحبها، وستكون صاحبة الكلمة العليا هنا من الآن فصاعداً، وعلينا أن نكون ممتنين لها لكونها ستمنحنا مهلة أسبوع، نثبت من خلالها جدارتنا قبل أن تقرر من سيتم تسريحه أو استمراره في العمل معها، وأهم أولوياتها في الوقت الحالي هو الالتزام بمواعيد التقديم!
    كان وليد لا يزال في طور الصدمة، فلم يفهم كلمة واحدة مما قيل، بل أخذ يتمتم بذهول:
    - هذه المرأة القبيحة ستكون صاحبة المجلة! إنها كذبة بلا شك!
    لكنه سرعان ما استجمع رباطة جأشه ليقول بثقة:
    - أظنك تعلمين من أكون يا أستاذة..
    فبادرته جهاد بقولها:
    - الفنان وليد صاحب الكاريكاتير الاسبوعي، والذي لا يلتزم بمواعيده؛ مما سبب تأخيراً في إصدار الأعداد الأخيرة، وهذا أثّر كثيراً على مصداقية المجلة وسمعتها وبالتالي على مبيعاتها! لذا أرجو منك التعاون معنا لأجل المصلحة العامة..
    لم يستطع وليد الصمود أكثر أمام رشق سهامها القاتلة، فشعر بأنه سيتهاوى على أرض المعركة قبل أن يستل سيفه! لكنه تمسك بالأمل الأخير قائلاً:
    - أقدّر حماستك يا أستاذة، ولكن أرجو أن تقدري بأن كلامك هذا قد يناسب الكتّاب والمؤلفين؛ فالكتابة أسرع من الرسم بكثير! الرسم يأخذ أضعاف مدة الكتابة، وبالنسبة لي جودة العمل أهم من..
    رمقته جهاد بنظرة حازمة قوية أرعبته، حتى أنه لم يعد قادراً على ابتلاع ريقه، لكنها سرعان ما أشاحت بوجهها عنه متطلعة نحو النافذة، قبل أن تلتقط نفساً عميقاً، كمن يحافظ على رباطة جأشه:
    - اسمعني أيها الشاب، لا تجعلني أكرر كلامي لو سمحت، نحن نقدر موهبتك بلا شك، ولكن عليك أن تعلم يقيناً بأن عامل "الزمن" يدخل ضمن التقييم أيضاً، وإلا فكل الناس سيكونون قادرين على إنجاز العمل نفسه في أزمان مختلفة! حتى الطفل الصغير سيكون قادراً على إنجازه أيضا بعد ثلاثين سنة أو عشرين سنة وربما عشر سنوات، إذا حصل على التدريب المناسب! هذا لا يهم، ما يهمني الآن هو شخص قادر على إنجاز العمل في الموعد المحدد، هل هذا مفهوم!
    كان وليد يتصبب عرقاً وقد ألجمه الصمت، وكأن جهاد شعرت بأنها أفرطت في القسوة عليه، فحاولت التحدث برفق أكثر قبل أن تهم بالخروج:
    - ألا تعلم أن الكتّاب أيضا قد يفقدون شعبيتهم الكبيرة بسبب التأخير؟ وبالنسبة لهم يرون أن الاتيان بأفكار جديدة، وصياغتها في قالب كتابي مناسب؛ أصعب بكثير من عمل رسام يقوم بتحويل ما أبدعته قريحتهم إلى رسومات على ورق! فإياك أن تعذر نفسك بحجج واهية! هذا لن يعود مقبولاً بعد اليوم! فالجودة والالتزام بالموعد كفتا ميزان النجاح، فإن لم توازن بينهما بدقة؛ لم تكن أفضل من غيرك!
    لم ينتبه وليد إلى أن جهاد قد خرجت، والمقابلة انتهت، فسعل المدير ليخرجه من شروده:
    - يبدو أنك لم تعرف من تكون هذه المرأة بعد! ألم تسمع باسم "جهاد أديب" من قبل؟! يبدو أن الأمر اختلط عليك كما اختلط على الكثيرين من قبلك، فاسم "جهاد" يُطلق على الاناث أيضاً!
    وهنا.. شعر وليد بأنه على وشك ان يفقد صوابه بالكامل..
    جهاد أديب؟؟ الكاتب الذي حصلت سلاسله القصصية على أعلى المبيعات في البلاد العربية كلها، والذي طالما تحرق شوقاً وهو يترقب صدور الاجزاء الجديدة من سلسلته.. كان مجرد امرأة!! بل وكانت أمامه قبل لحظات معدودة فقط، وهو الذي طالما حلم بمقابلته.. أو ربما عليه أن يقول.. مقابلتها!!
    لم يعد الأمر مهماً بعد الآن، فعليه عمل يجب إنجازه بسرعة، قبل أن يفقد لقمة عيشه الأخيرة!
    ********************
    تمت

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    sigpic268332_2
    يسعدني دعمكم ومعرفة آرائكم حول رواية ومانجا "مدرسة الفروسية" ^^
    https://nebrasmangaka.com/


  2. ...

  3. #2

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter