سألني ابني من هو الغني

لفت نظري -وأنا أطالع بعض الصحف– تقرير عن إحصائية تبين أغنى الشعوب في العالم فجاء على رأس القائمة سنغافورة والدولة الثانية كانت قطر والثالثة سويسرا ثم الإمارات والكويت وغيرها.

فتساءلت وأنا أقرأ هذا الخبر عن معيار الغنى ..؟ فتبين لي فيما بعد أن المعيار هو "من يملك مليون دولار فأكثر" من الأفراد ..! ونسبة من يملك المليون من الشعب في سنغافورة 10.6% بينما قطر 9.7% أما سويسرا 7.3%
ثم التفت إلى ابني – بعد قراءة الخبر – وسألته من هو الغني ؟ فقال : ( الغني اللي عنده فلوس ) فلمست حينها مدى فهم الأجيال القادمة لبعض الظواهر خاصة ما تعلـَّق منها بالمال.!
لكن هل نحن نعيش زمن انقلاب المفاهيم واختزالها ..؟ فالرزق لا يشمل المال فقط ..! وإن كان جزءاً منه إلا أن الصحة رزق والأولاد رزق والزوجة الصالحة رزق والمسكن رزق والأمن والاست
قرار رزق والحركة رزق والضحك رزق وهكذا كل ما يصيب الإنسان في الدنيا من خير هو رزق ساقه الله إليه, حتى إن مفهوم الرزق أحيانا يكون بالسلب..! فمثلا عندما لا يمرض أبناؤك هذا رزق, وهناك مفاهيم أخرى للرزق مثل التوفيق في كل ما يتوجه إليه الإنسان من عمل فهذا رزق من فضل الله كبير, وفوق ذلك كله الرضا بعطاء الله تعالى وبما قسمه لك من الرزق في حياتك, وهذه الأمثلة كلها عن الرزق الذاتي للإنسان فقط..!
فإنه يوجد هناك رزق للأرض كالمطر ورزق للمجتمع بانخفاض الأسعار مثلا... وهكذا تتعدد معاني الرزق ومفاهيمه, فالرزق ليس مالا فقط.
وعندما نربي أبناءنا على عقيدة (أن الله هو الرازق) فلا ينبغي لنا أن نحصر ذلك في الرزق المالي فقط ..! ولا أن نربط الغنى المالي برضا الله والفقر المالي بإهانة الله فنكون كما قال تعالى (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ).
فالعبرة إذن ليست فيما تملك ..! وإنما كيف تنفق ..؟ فقد يكون المرء غنيا إلا أن أمواله تصرف على علاجه من مرض معين !! فهل نسمي هذا غنى ً !؟ وفي نفس الوقت قد نجد شخصا فقيرا ماليا ً إلا أنه يستمتع بفيض من نعم الله عظيم .. فهل نسمي هذا فقرا ً !؟
إن أهمية هذا الموضوع تنبع من طبيعة الزمن المادي الذي أصبحنا نعيش فيه ...
فكيف سنوصل هذه المفاهيم لأبنائنا ...؟ سؤال مهم يطرح نفسه وبقوة


تمت