كُتبت هذه القصة للمشاركة في التحدّي اللطيف الذي عرضته عزيزتي Swan في موضوع التحدّيات القصصية
تفاصيل التحدّي: هنا
عنوان القصة: قُفل المحبة المطّاطي
تصنيف القصة: الواقعية السحرية
الكاتبة: ×hirOki×
"ماذا قال الطبيب ؟"
نفت السيدة الثلاثينية برأسها وهي تقلب ورقة التقرير الطبي " لاشيء جديد! كما قال كل الأطباء من قبله " تتنّهد بعمق بينما تُخرج مفاتيح السيّارة من جيبها " ورغم ذلك لا أزال غير قادرة على تقبّل الأمر! كيف يمكن لطفلتي أن تعيش مع شيء كهذا! ؟"
ضغطت رفيقتها على شفتيها بأسى قبل أن تستفسر قائلة " ماذا عن التدخّل الجراحي! ألم يعرضه عليك أحد الأطباء؟"
"بلى يا صديقتي ولكن قبول ذلك مستحيل بالنسبة لي! فلأنها ظاهرة غريبة ولم يسبق أن وُلد أي طفل بقلب مطّاطي، يشترط عليّ جميع الأطباء توقيع التنازل على ضرر الخطأ الطبي الجسيم!"
" أوه لا! " تأوهت الصديقة وقد تعرّجا حاجبيها بتعاطف شديد وهي ترى عينا صديقتها تغرقان بالدمع أمامها
كانت تلك السيدة تتحدث كابتة دموعها بقوّة ضاعفت من جمالها " لو تعلمين يا وُد كم هو مؤلما أن أجد نفسي بين خيارين مريرين لا توجد أدنى حلاوة لأحدهما! فإما أن نُعوِّد طفلتي على الامتناع عن الضحك طيلة حياتها، أو نجازف بحياتها لتجارب كبار الجرّاحين! "
ربتت وُد على كتف صديقتها التي كانت تسترسل في حديثها الأليم" نحن نقتلها في جميع الأحوال وهذا ما يمزّق قلبي! "
" أرجوك يا نقاء ألّا تقسي على نفسك! ولا تيأسي من العثور على حلول أخرى مُستقبلاً، فلا أحد يدري ما يُخبئه المستقبل خلف الرّبابْ "
أومأت نقاء برأسها شاكرة صديقتها على لُطف حديثها قبل أن تلج سيارتها مُغلقة الباب من خلفها، لتحرك يدها مجددا تلوّح براحة كفّها نحو صديقتها عبر الزجاج، وبينما كانتا كفيها المرتعشتين تديران المِقوَد كان قلبها يخفق بضراوة أجبرت لسانها على النطق بما يعجّ فيه، لتضرب راحة إحدى كفيها على المقود بغضب والدموع تجري على وجنتيها
" كم أنني حقيرة وتافهة، كم نحن أوغاد! فقط حتّى لا تزعج طفلتي الناس أو تخيفهم بضحكتها الغريبة نحاول إسكات قلبها البريء عن الضحك أو التضحية بها كاملة في جراحة مجهولة النتيجة!"
كانت تشهق باكية وهي بالكاد تتبين الطريق أمامها من الدمع الذي غشي عينيها " مالذي تساويه روحها لدينا! إنها وحيدة بِدَائها! لمَ على الوحيد أن يكافح فانيا نفسه بدلا أن يقبله الآخرين برحمة! "
ولم تكفّ تلك الخواطر تنهال على قلب نقاء وتبوح بها شفتيها طيلة الطريق حتى وصولها أمام باب شقّتها لِتُدير المفتاح في القفل وهي تمسح دموعها بيدها الأخرى، وما إن خطت أولى خطواتها بالداخل حتى وصل لمسامعها صوت برامج الأطفال من التلفاز، لتحدث نفسها وهي تضع حذائها في مكانه بأن طفلتها قد استيقظت باكرا هذه المرة، وبعد ثواني معدودة وحتى قبل أن تنتبه الطفلة لوصول أمها، كان البرنامج التلفزي قد أضحك قلبها البريء، ليتسع ثغرها المحمر الجميل وتتردد ضحكتها الغريبة، التي تبدو في بدايتها كضحكة صوت آلي حادّ جدا و لطيف وتتطور تدرجاتها الحادة والسريعة بعد ذلك كترددات المطاط إلى حدّ غير مألوف ومخيف بعض الشيء
كانت نقاء تسمع ذلك وهي تتقدم نحو غرفة الجلوس وما إن لمحت الطفلة والدتها حتى انتهت ضحكتها بشهقة قصيرة واحمرّ وجهها، لتركض نقاء نحو صغيرتها تضمّها إلى صدرها ومن ثمّ تقبّلها بين عينيها وتخاطبها ببهجة بينما تستقر أناملها على وجنتي طفلتها
" أتعلمين أين كنت يا فرح ! “
نفت الطفلة برأسها دون أن تزول ابتسامتها الناعمة، لتجيب نقاء من فورها " كنتُ عند الطبيب! ولكنني هذه المرة عدتِ إليك وقد حللت الأمر! بل وحتى عرفت سر عدم عثورنا على الدواء حتى الآن!"
رمشت عينا الطفلة بحماسة كبيرة وهي تهتف بوالدتها
" هل كان أحدهم يخبئ الدواء عنا يا ماما!"
" ليس هكذا يا صغيرتي، لا يوجد دواء لأن الدواء يكون في مقابل المرض، ولكنني اكتشفت أن ليس بك مرضا ولهذا لم يعطنا أي طبيب أي دواء! "
لتزمّ الطفلة شفتيها وقد غاص لمعان عينيها في بُهوت شارد " ولكنني لا زلتُ…"
قرضت الأم خد ابنتها وهي تستثير انتباهها مجددا " انتظري يا صغيرتي لم أخبرك بالمفاجأة بعد! إن ضحكتك الغريبة اسمها قُفل المحبة، إنها حماية تُمنح لأشخاص نادرين في هذا العالم، تحميهم من المُحبين الزائفين! لأننا في هذا العالم عادة نقابل أشخاصا يدّعون أنهم يحبوننا ولكن هذا الادعاء قد لا يكون حقيقيا ولأننا لا نكتشف ذلك، فنظل محاطين بالمحبة الزائفة وتكون هذه أكبر أسباب آلامنا وخيبات آمالنا في المستقبل، ولكنك لن تقعي في هذا الفخ والحمد لله! لأنّكِ ستكشفين المُحب الزائف، المُحب الزائف ذاك الذي ادّعى أنه يحبك ولكنه سيستاء حينما ستضحكين، بينما المُحب الحقيقي فحينما سيسمع ضحكتك الغريبة لأول مرة فسيخبرك بأنه سيرغب دائما في سماع هذا اللحن الذي لم يجد لجماله مثيل!"
كانتا عينا الفتاة ترمشان وعقلها يُبرمج استيعاب حديث والدتها ويحاول فهم كل تفاصيله، قبل أن تطفق أمها تُدغدغها بكلتي يديها، لتبتسم الطفلة ثم تنطلق ضحكتها عاليا في أرجاء الغرفة، مختلطة مع صوت ضحكات أمها المبتهجة!
وبينما كانت الأم وابنتها تلعبان لعبة الدغدغة البهيجة، تفاجأت نقاء بتغير صوت ترددات ضحكة ابنتها إلى لحن مختلف!
لتشهق الطفلة وقد فاجأها صوت ضحكتها هي أيضا، بينما كانت أناملها الصغيرة تلامس مكان قلبها، لتهمس نقاء وهي تنظر ببراءة جعلت منها طفلة تماما كابنتها
" ما كان ذلك يا فرح! "
تنفي فرح برأسها وهي تجيب بملامح حائرة ضاعفت من عذوبتها وبراءتها " أعتقد أنك ضغطتِ على قلبي دون أن تدري بينما كنتِ تدغدغينني يا ماما! "
لترمش نقاء بعينيها في عجب بينما تحرّك فرح يدها ضاغطة على الطرف التي شعرت أن يد والدتها قد لامسته أثناء اللعب
لتغمز نقاء لفرح وهي تهتف
"لنجرب الآن إذا"
وتنهال على ابنتها بالدغدغة من جديد، في تلك الأثناء كانت ضحكات فرح تتغير من لحن إلى آخر وهي تضغط على ذاك الطرف من قلبها بسعادة وشغب
بوجه محمر من فرط الضحك تقول نقاء لابنتها وهي تحضنها وتقبل وجنتها
" ألم أخبرك أنه ليس مرضاً! "
بينما تُجيب فرح بحبور كبير وبهجة
" لكنني لن أجعل أحدهم يسمع الألحان الجميلة قبل أن أتأكد من …"
لتهتف الأم وابنتها في آن واحد " قبل أن نتأكّد أنه مُحب حقيقي! "
تمت
المفضلات