الصفحة رقم 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 1 الى 20 من 31

المواضيع: Dead After Midnight

  1. #1

    Dead After Midnight

    attachment
    ألافوس بلدة تقع جنوب غرب فنلندا، بلدة جميلة و سكان لطفاء.

    كان ذلك حتى صباح يوم الأحد، عندما توجه السكان للكنيسة لأجل القداس، ليجدوا القس يستلقي ميتًا فوق المذبح، بوجه مُدمى وعين مفقودة!

    الآن..من بين المائتين و خمسين بالغاً في ألافوس، من منهم قتل القس الطيب الورع و التقي؟!
    اخر تعديل كان بواسطة » كاروجيتا السيان في يوم » 06-03-2021 عند الساعة » 21:13 السبب: تثبيت الوسام


  2. ...

  3. #2
    مقدمة







    كانت الثانية و النصف بعد منتصف الليل، صوت طقطقة الحطب في المدفأة هو كل ما يمكن سماعه.

    كانت ليلة باردة، ليلة الأحد الباردة، و هو كان هناك..

    يجلس في غرفة المعيشة، مع سيجارة تحترق ببطء بين أصابعه، يحدق في وهج النار في المدفأة و يفكر..

    كيف سيتخلص من الجسد الميت منتصف منزله؟!

    للأسف لم يكن هناك نصائح معلنة لذلك..

    كيف تتخلص من جثة في ثلاث خطوات بسيطة؟!

    لا أحد يجيب ذلك!


    سحب النفس الأخير من سيجارته ثم سحق رأسها في المنفضة، ينهض مع وجه منزعج و ينتزع عصا المدفأة من رأس الرجل الميت!

    يدرك أن لديه ليلة طويلة و مجهدة من إخفاء و التنظيف بعد جثة الرجل الذي كان !
    اخر تعديل كان بواسطة » كلمة مفيدة في يوم » 26-11-2020 عند الساعة » 19:19

  4. #3
    ★الفصل الأول★



    چاري ڤيرتانين، محقق تابع لقسم الشرطة الرئيسي في ألاڤوس.

    مع إثني عشر عامًا من الخبرة، معدل ذكاء متوسط و ملف مهني غير ناجح جداً!

    كان قد تم تعينه ليكون المحقق المسؤول عن قضية القس الميت، لذا ها هو الآن، يقود سيارته على الطريق الرئيسي الوحيد للبلدة متجهاً إلى الكنيسة مع شريكته.

    كانت شابة مبتدأة قد أنهت فترة تدريبها منذ شهر، مع سجل بلا لطخة حبر و خبرة معدومة، لكنها كانت كل ما لديه الآن!

    كان يوم الإثنين، الطبيب الشرعي إنتهى من تشريح الجثة و كتب تقريره أمس.

    سبب الوفاة كان نتيجة ضرر في الدماغ، لا يذكر الإسم التشريحي للموضع، لكنه كان الجزء ما خلف العين التى طُعنت!

    وقت الوفاة مابين الواحدة والثالثة بعد منتصف الليل.

    سلاح الجريمة كان جسمًا رفيعاً مستديراً و معدنياً بقطر 2.5 سنتيمترًا تقريباً!

    و كانت هذه هي كل المعلومات التي لديه ليبني عليها تحقيقه!

    *************

    كنيسة ألاڤوس لم تكن كبيرة، مبنى حجري جيد المظهر مع برج جرس صغير و عشرة صفوف من المقاعد على كلا الجانبين.

    - إنه مكان غريب للموت، مع ذلك أظنه لائمه تمامًا..القس الذي مات على المذبح!

    شريكته -أنسا كورهونين- قالت ما إن وقفا أمام البوابة المفتوحة للمبنى.

    كان ذلك تعليقًا غير ضروري و غير عملي و ليس في محله إطلاقًا، لكنه لم يملك الفرصة لإخبارها ذلك لأن عمدة البلدة مع رجلين آخرين كان يسلك طريقه لهما في هذه اللحظة بالذات.

    هيدار بيليرڤو، عمدة البلدة، كان رجل منتصف عمر مع هيئة باردة، جسد طويل و نحيل، شعر يكاد يكون رماديًا وملامح غير سعيدة جداً!

    - محقق ڤيرتانين، من الجيد مقابلتك، أنا هيدار، عمدة البلدة.

    صافحه كل من چاري و أنسا بينما عرّف الرجلين معه.

    - هذا نائبي، رينو كاچتان.

    حياهما الرجل بإمائة من رأسه دون كلمة واحدة، وخمن چاري أن الرجل الذي بدا في أواخر ثلاثينياته لم يكن متحدثاً كبيراً!

    - وهذا سيان ريتشارد، إنه يعمل في مكتب العمدة و سوف يقدم لك المساعدة في أي وقت.

    عرّف العمدة الرجل الآخر، الذي وعلى عكس النائب معدوم الكلام، كان أكثر حيوية مع إبتسامة مرحبة و سلوك تفاعلي.

    - مرحباً أيها المحقق، من الجيد معرفة أن القضية ستكون بين يدي شخص بمثل سمعتك!

    و لديه لسان معسول أيضًا!

    فكر چاري أن الشيء الوحيد المعروف عن سمعته هو كيف يتخلى عنه شركائه بعد شهرين من العمل معاً ويطلبون الإنتقال لفريق آخر..لكنه قَبل التملق على أي حال!

    - شكرًا لك، في الواقع سأود أن أبدأ بالتحدث إلى زوجة الضحية.

    بعد تبادل عدة كلمات أخرى، غادر العمدة مع نائبه بينما توجه المحققان مع موظف مكتبه إلى منزل القس الميت.

    *************

    الطريق من الكنيسة إلى منزل القس يستغرق عشر دقائق سيرًا، لم يقل أي منهم الكثير أثناء الرحلة القصيرة، فقط ريتشارد يشير لشخص ما أو مكان ما يخبرهم بإسمه كل دقيقتين، وچاري وجد هدوء الطريق ورياح أكتوبر الباردة المحيط المثالي ليراجع كل المعلومات التي كانت لديه عن القضية!

    القس ڤالدير ريكسا، أربعة وخمسون عامًا، كان قس البلدة طوال العقد الماضي، وكل من عرفه يؤمن أنه أنقى مخلوق سار على سطح الكوكب!

    هكذا لم يكن لديه مشتبه بهم، لا شهود، لا مسرح جريمة منذ أن الجثة تم نقلها للمذبح في وقت ما بعد القتل، ولا سلاح جريمة.

    لذا، كيف كان يفترض به أن يحل هذه القضية مجددًا؟!

    توقف الثلاثة أمام السور الخشبي القصير لمنزل صغير من طابقين، حديقة أمامية متناسقة وممر حجري ضيق.

    - ها أنت ذا، لمَ يرى أحد السيدة منذ أتت الشرطة صباح الأمس، لا شك أن الأمر لا يحتمل لها!

    سيان ريتشارد أشار بحركة عرضية للمنزل ما إن توقفوا، ولمعة الحزن المفاجئ في عينيه عندما تحدث عن زوجة القس جذبت إنتباه أنسا، تفكر كيف أنه لا شك يتعاطف مع الأرملة العجوز التي داهمتها المأساة قبل أن تدرك!

    - هل لديهما أطفال؟

    سألته بينما تلقي نظرة على المنزل الصغير الذي بلاشك لا يتسع للكثير منهم، ربما واحد أو إثنين، ثلاثة سيكون أكثر من اللازم.

    - لا، فقط هما الإثنين..كان هما الإثنين.

    چاري تجاهل نبرة الأسى في صوته وتأمل المنزل للحظة قبل أن يستدير ليشكره.

    - إن إحتجتما أي شيء فقط إتصالا بي، هذا رقمي الشخصي.

    ومد لهما بطاقة عمله ثم ودعهما ورحل.

    تبادل المحققان نظرة قبل أن يفتح چاري باب الحديقة القصير، يترك أنسا تدخل أولًا ثم يغلقه خلفه ويتبعها عبر الممر الحجري حتى الدرجتين القصيرتين للباب الأمامي حيث ضغطت أنسا الجرس.

    إنتظرا دقيقة كاملة قبل أن يسمعا الخطوات الخافتة تقترب، فُتح الباب وظهرت من خلفه إمرأة صهباء شاحبة ونحيلة، عيانها رطبتان و جفنيها محتقنان، كانت تبدو في النصف الأول من ثلاثينياتها على الأكثر.

    - معذرة سيدتي، نحن هنا للتحدث مع السيدة ميريل ريكسا زوجة القس ڤالدير ريكسا، نحن المحققان المسؤلان عن القضية.

    أخبرتها أنسا بينما تريها شارتها، و المرأة زمت شفتيها المرتجفتان وسحبت نفساً قبل أن تتراجع خطوتين للداخل وتخبرهما بصوت متهدج أن يتفضلا.

    المدخل كان جزئًا من منطقة الإستقبال، الدرج على اليمين وهناك شرفة مع باب زجاجي يطل على الطريق الفرعي خلف المنزل وتواجه الباب.

    - تفضلا بالجلوس، ماذا تشربان؟

    أشارت المرأة للأريكة و المقعدين في منطقة الجلوس بينما تقف في مكانها مع يدين مقبوضتان معًا تنتظر طلبهما.

    كان چاري في حاجة لكوب قهوة صباحي كثيف الرغوة يجلي ضباب عقله، لكنه لم يملك الفرصة لأن أنسا أجابت نيابة عن كليهما بأنهما لا يحتاجان أي شيء.

    عندما جلس الإثنان على الأريكة الوحيدة في الصالة، تقدمت المرأة وجمعت ثوبها الأسود الطويل حولها وجلست على المقعد المواجه لهما، والمحققان حصلا على نوبة إستنكار قصيرة قطعها چاري مؤكدًا إستنتاجه.

    - أنتِ السيدة ريكسا؟

    - نعم.

    غصتها حجبت نصف الكلمة لكن كلاهما فهما بوضوح، لقد كانت شابة جدًا لتكون زوجة رجل في عقده السادس!

    كان على وشك أن يعلق على ذلك، لكن -للمرة الثانية- لم تمنحه أنسا الفرصة عندما بدأت الحديث مباشرة مع زوجة الضحية الناحلة و الحزينة.

    - تعازي الحارة لكِ سيدة ريكسا، لم نكن نرغب في إزعاجك لكن الأمر لن يأخذ الكثير من الوقت، أعدك.

    ميريل ريكسا، سابقًا ميريل جايتانو، كانت في الثالثة والثلاثين، صهباء نحيلة وطويلة، من أصول أيرلندية وكانت زوجة القس للثلاث عشر سنة الماضية!

    - لقد تحدثت للشرطة أمس.

    همست تعلق على كلام أنسا، هناك منديل رطب في يدها تمسح به عينيها كل دقيقتين، أنفها الأحمر و وجهها الشاحب كان يدفع أيًا كان للتعاطف معها.

    - أعلم ذلك، نحن هنا للقيام بأخذ إفادتكِ رسميًا بإعتبار أنكِ آخر من رأى الضحية على قيد الحياة.

    إجابة چاري جعلتها تدخل في نوبة بكاء محموم قصيرة، والنظرة التي منحتها إياه أنسا أخبرته أنه قال شيئًا في غير محله، لم يكن واثقًا ما هو مع ذلك!

    أبقى الإثنان أنفسهما صامتين حتى هدأت المرأة، تجفف دموعها وتسحب نفسًا عميقًا وتومىء لهما، لذا أخرجت أنسا مفكرتها بينما إتخذ چاري وضعية عملية أكثر وبدأ أسألته.

    - متى آخر مرة رأيتِ الضحية على قيد الحياة؟

    - مساء السبت، في الساعة الحادية عشرة والنصف تحديدًا.

    - هل كان ذلك عندما توجهتما للنوم أو قبل ذلك؟

    ترددت الزوجة للحظة قصيرة لكنها كانت واضحة لأنسا التي أضافت بينما ترخي يدها التي تحمل القلم.

    - سيدة ريكسا، نحن في حاجة لكل التفاصيل مهما كانت صغيرة، رجاءًا لا تغفلي أي شيء.

    برزت أوتار رقبة ميريل وإرتجفت قليلًا قبل أن تترك زفرة خافتة وتجيب.

    - في الواقع، مساء ذلك اليوم كان قد خرج، قال إن لديه بعض الترتيبات عليه القيام بها في الكنيسة، أخبرته أن ينتظر للصباح الباكر لكنه قال إن الأمر لن يستغرق الكثير من الوقت.

    - لذا هو خرج من المنزل للكنيسة في الحادية عشرة والنصف مساءًا وكان ذلك آخر مرة رأيته فيها.

    قال چاري بينما يخرج مفكرته الخاصة ويدون المعلومة، هذا سيفسر بالطبع وجود الجثة في الكنيسة بما أنه كان ذاهبًا هناك على أي حال، مما يعني أنه قُتل في مكان ما بين بيته والكنيسة، وذلك سيحدد لهم مساحة للبحث عن مسرح الجريمة الفعلي.

    - في الواقع..

    ترددت الزوجة بينما رفع الإثنان رأسيهما لها، قبضتها المتشنجة حول المنديل القماشي كانت ترتجف.

    - في الواقع لا أظنه كان ذاهبًا للكنيسة فعلًا، لقد أخذ مسدسه معه.

    فغر چاري فمه بينما سألت أنسا

    - كان لديه مسدس؟

    - نعم، كان لديه جلوك قطر سبعة عشر ملليمترًا مع قبضة صيد.

    كانت تلك معلومة جديدة بالتأكيد.

    - هل تملكين أي فكرة عن مكانه الآن؟ لأنه لم يكن مع الجثة أو في الكنيسة عندما فحصت الشرطة المكان.

    چاري سألها، يعتصر ذاكرته ويجزم أنه محق، لا مسدس مع الجثة، لا آثار بارود كذلك، هذا يعني أنه لم يستخدم المسدس أصلًا.

    نفت ميريل إحتمال أن تكون قد عرفت أين هو المسدس.

    - هل كان القس يتجول في البلدة حاملًا مسدسه طوال الوقت؟

    أنسا ألصقت سؤالها نهاية حديث چاري، والزوجة توترت قليلًا قبل أن تجيب بصدق.

    - لا، كان المسدس وسيلة أمان إحترازية، هو لم يضطر لإستخدامه مطلقًا.

    - مع ذلك فقد خرج قرب منتصف الليل وأخذ معه مسدسه الذي لم يستخدمه قط! لماذا؟

    هزت الزوجة رأسها أنها لا تعلم، لكن أنسا أدركت أن ذلك ليس كل شيء، ربما هي لم تكن 'تعلم' لكن على الأقل كان لديها 'تخمين'

    - هل تعرفين أي شخص قد يكن عداوة شخصية لزوجك؟ ربما شخص تشاجر معه مؤخرًا، أي شيء مشابه؟

    چاري سأل، يشعر بالقليل من الحماس لكونه إستطاع تحقيق القليل من التقدم في عملية الإستجواب هذه!

    وميريل صمتت لدقيقة طويلة قبل أن تهز رأسها أخيرًا

    - قبل ثلاثة أيام، كان هناك مشكلة مع شبكة الإنترنت في المنزل، عندما إتصل ڤالدير بالشركة أخبروه أنهم سيرسلون الصيانة في غضون يومين، لكنه كان مستعجلًا، لذا طلب مساعدة يوستِس وينفرد.

    - من هو؟

    قاطعها چاري قبل أن تتابع، يضع ثلاث خطوط تحت الإسم الجديد ويستشعر طرف الخيط لهذه القضية أخيرًا.

    - إنه متخصص تطوير مواقع إلكترونية، منزله يقع قرب الكنيسة، رقم مائة وثلاثة.

    - حسنًا، هل كان هو من تشاجر مع القس؟

    - في الواقع..لقد أتى بعد أن إتصل به ڤالدير، أخذه إلى حجرة المكتب حيث المُستقبِل..لقد بقيا هناك نصف ساعة تقريبًا، كنت على وشك الصعود بالقهوة عندما سمعت حديث وينفرد، كان يتكلم بحدة مع ڤالدير، قال شيء مثل أنه منافق ومدعي فضيلة، ڤالدير كان يحاول إسكاته، لكن وينفرد لم يتوقف عن إطلاق الكثير من الأوصاف المهينة، ثم هبط الدرج غاضبًا ورحل.

    تبادل المحققان نظرة بينما إنخرطت ميريل في نوبة بكاء قصيرة.

    كان هناك مشتبه به بعد كل شيء!

    چاري كان يعاني من نبض مفرط من فرط الحماس!

    - هل هناك شخص آخر بالإضافة للسيد وينفرد؟ أي شخص لم تكن علاقته جيدة مع القس لأي سبب؟

    سألت أنسا بينما تفتح صفحة جديدة في دفتر ملاحظاتها، وچاري إستغرب ذلك للحظة قبل أن تأتيه إجابة ميريل المتهدجة.

    - نعم..كان هناك لايساندرا إيرڤارتى، كانت معلمة في المدرسة الإبتدائية هنا في ألاڤوس.

    - مالذي حدث؟ هل إستقالت؟

    أنسا منحته نظرة تخبره من يكترث لما المرأة ليست معلمة بعد الآن!

    لكن ميريل أضافت الإجابة التي جعلتها تنبهر للحظة قصيرة

    - لقد فقدت عملها في المدرسة بعد أن تحدث ڤالدير مع المديرة، كانت إيرڤارتى تريد إلقاء دروس توعية جنسية للأطفال من الروضة حتى الصف السادس، لم يعجب ذلك أي أحد، أولياء الأمور شكوها إلى ڤالدير، وهكذا بقيت عاطلة طوال الشهرين الماضيين، بعد أن تم طردها مباشرة ذهبت للكنيسة حيث كان ڤالدير وأفتعلت شجارًا لا أعرف تفاصيله، هو لم يخبرني بما قالته بالضبط وطلب أن أنسى الموضوع.

    إنتهت وسحبت نفسًا متقطعًا وجففت دموعها، بادلت بينهما نظرة ضعيفة بينما تحاول ألا تنفجر باكية الآن

    - أرجوا أن أكون قد أفدتكم بأي شيء، الآن هلا عذرتموني؟

    كان من الواضح أنها تحتاج المساحة لتنفجر وحدها، لذا نهضت أنسا بسرعة وشكرتها بينما تسحب خلفها چاري الذي أيقظ فيه المنظر الهش للزوجة المكلومة غريزة حماية لم يعرف أنه يمتلكها، لا يمانع أن يمنحها كتفًا لتنهار عليه الآن!

    *************

  5. #4



    ماشاء الله تبارك الله ^^

    سلم قلمك ^^

    أعجبتني المقدمة ، بها وصف جذاب جدا ^^

    هل تحتاجين مساعدة ؟ ^^

    أرى أنك تنزلين الموضوع و تقومين بحذفه ^^

    إن احتجتي مساعدة فأنا في الجوار ^^

    +

    تم النقل إلى القسم الصحيح (قسم قصص الأعضاء) ^^
    attachment


  6. #5
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة كاروجيتا السيان مشاهدة المشاركة


    ماشاء الله تبارك الله ^^

    سلم قلمك ^^

    أعجبتني المقدمة ، بها وصف جذاب جدا ^^

    هل تحتاجين مساعدة ؟ ^^

    أرى أنك تنزلين الموضوع و تقومين بحذفه ^^

    إن احتجتي مساعدة فأنا في الجوار ^^

    +

    تم النقل إلى القسم الصحيح (قسم قصص الأعضاء) ^^
    أنا فقط لم أجد الرواية في قائمة المواضيع سواء في قسم قصص الأعضاء أو القسم الشامل. لذا فقط قمت بإضافتها مجددًا! 😂

  7. #6
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة كلمة مفيدة مشاهدة المشاركة
    أنا فقط لم أجد الرواية في قائمة المواضيع سواء في قسم قصص الأعضاء أو القسم الشامل. لذا فقط قمت بإضافتها مجددًا! ًںک‚
    غالبا لإنها مثبته بالأعلى biggrin

  8. #7


    قرأت الفصل أخيرا e40b

    مررررررررررة حماااااااااس اش دااا e107

    فين كنتي عننا

    القصة مرررررررررة حمماس

    أبغى أعرف التكملة e411

    أرجو ألا تطيلي علينا e411

    يعجبني هذا النوع من القصص لذا حاولي التعجل في التنزيل و إلا نسيت القصة Samej

    حبيت الأسلوب و البساطة

    كلمات لطيفة وغير معقدة وتوصل المعنى بطريقة وجيزة asian

    أهنئك على هذه الرواية rolleyes

    لعل وعسى محبين أجاثا كرستي سيكونوا من متابعينك rolleyes

    هل الرواية مكتملة أم قيد الكتابة ؟ paranoid

    أود مناقشة أمور كثيرة معك ><

    اذا كانت مكتملة أتمنى سماع قصة كتابتك لها rolleyes

    إن لم تكن مكتملة فكيف هو تصورك للأحداث ؟

    هل لديكي تصور معين للاحداث أم تكتبين بدون معرفة كيف ستكون النهاية أم أن لديكي مذكرة حبكة القصة أو شيء من هذا القبيل ؟ rolleyes

  9. #8
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة كاروجيتا السيان مشاهدة المشاركة


    قرأت الفصل أخيرا e40b

    مررررررررررة حماااااااااس اش دااا e107

    فين كنتي عننا

    القصة مرررررررررة حمماس

    أبغى أعرف التكملة e411

    أرجو ألا تطيلي علينا e411

    يعجبني هذا النوع من القصص لذا حاولي التعجل في التنزيل و إلا نسيت القصة Samej

    حبيت الأسلوب و البساطة

    كلمات لطيفة وغير معقدة وتوصل المعنى بطريقة وجيزة asian

    أهنئك على هذه الرواية rolleyes

    لعل وعسى محبين أجاثا كرستي سيكونوا من متابعينك rolleyes

    هل الرواية مكتملة أم قيد الكتابة ؟ paranoid

    أود مناقشة أمور كثيرة معك ><

    اذا كانت مكتملة أتمنى سماع قصة كتابتك لها rolleyes

    إن لم تكن مكتملة فكيف هو تصورك للأحداث ؟

    هل لديكي تصور معين للاحداث أم تكتبين بدون معرفة كيف ستكون النهاية أم أن لديكي مذكرة حبكة القصة أو شيء من هذا القبيل ؟ rolleyes
    شكرًا على الإطراء😂 هي قصة قصيرة في الواقع وليست رواية، ولا تزال قيد الكتابة.
    بالنسبة للأحداث فهى مكتملة بالفعل كحبكة، لكنني أستكشف التفاصيل الصغيرة بينما أكتبها.

  10. #9
    الفصل الثاني.


    ★★★





    - المنزل رقم مائة وثلاثة!

    كررت أنسا الرقم بينما تعيد مذكرتها لجيب معطفها وتشده حولها، كان موسم تساقط الثلوج على وشك البدأ، ودرجة الحرارة هذه لم تكن تلائم سوى الجلوس تحت الأغطية مع كوب قهوة ساخن ومشاهدة فيلم قديم، لكن عوضاً عن ذلك كانت هنا، تحقق في قضية القس الذي مات على المذبح.

    - لم نسأل عن عنوان تلك السيدة، ما كان إسمها؟

    قلبت أنسا عينيها على مدى بلاهة شريكها الذي كان أقدم منها في العمل بعقد ونصف ربما، تقرر أنها ستطلب بالتأكيد نقلها لفريق آخر ما إن تنتهي هذه القضية.

    - لايساندرا إيرڤارتى..لقد إفتعلت شجارًا مع القس قبل فترة قصيرة، لاشك أن الجميع يعرفها، يمكننا أن نسأل أي شخص.

    كانا يسيران على طول الطريق المتجه للكنيسة، يفحصان لوحات البيوت الخارجية للبحث عن البيت رقم مائة وثلاثة.

    - ها هو!

    كان منزلًا من طابقين، صغير لحد ما، لونه الخارجي مزيج ما بين الرمادي والأحمر الطوبي، بلا حديقة أو سياج.

    رن چاري الجرس بينما أخرجت أنسا شارتها على وشك إشهارها في وجه أول من يفتح، لكنه سبقها عندما رفع شارته أعلى وتحدث أسرع ما إن فُتح الباب

    - چاري ڤيرتانين، شرطة ألاڤوس، هل السيد وينفرد موجود؟

    خلف الباب المفتوح كان مراهق في السابعة عشر على الأكثر، شعر كستنائي فاتح وقامة متوسطة، وكلاهما علما على وجه التأكيد أن هذا الطفل ليس خبير تطوير المواقع الذي شكك في شرف القس قبل عدة أيام.

    وقد تم تأكيد تخمينهما عندما ألقى الفتى نظرة لداخل المنزل قبل أن يظهر خلفه يوستس وينفرد الحقيقي!

    أنسا كان عليها أن تعض على شفتيها كي لا يسقط فكها إنبهارًا، وچاري إكتشف فجأة أنه كره مطور مواقع الإنترنت الذي شكك في شرف القس والذي يملك مظهرًا جيدًا بلا داعي!

    لكن نظرة واحدة إلى رد فعل أنسا جواره أخبره أنه ليس 'بلا داعي' يدرك الآن كيف ولماذا هو لايزال أعزبًا بينما هو على مشارف الأربعين!

    - يمكنك الذهاب، سأحدثك لاحقًا.

    وينفرد أخبر الفتى الذي يقف على بابه، واللكنة الخفيفة في كلامه لفتت إنتباه الضابطين، كان أجنبيًا إذًا!

    المراهق الصغير ألقى عليهما نظرة متوترة ثم نزل الدرجة الصغيرة أمام الباب وتجاوزهما مبتعدًا يلتفت كل عدة ثوان، و وينفرد أبقى عينيه عليه حتى إختفى مع إنحراف الطريق قبل أن يعيد عينيه لهما، والنظرة الفوقية التي منحها لچاري بسبب إرتفاع مستوى المنزل عن الشارع جعل الأخير يشعر بقلة ثقة مفاجأة!

    - تفضلا.

    ترك بابه مفتوحًا وإستدار داخلًا، وأنسا قفزت الدرجة الواحدة لداخل المنزل بلا تردد، يمكن لچاري أن يتفهم رد الفعل، لو أنه كان أنثى لفعل المثل!

    أغلق الباب خلفه بينما قادهم يوستس عبر المدخل وممر واسع إلى غرفة الجلوس، غرفة دافئة التصميم مع مدفأة جدارية يشتعل الحطب داخلها، عدة أرائك مخملية رمادية اللون وطاولة قهوة زجاجية.

    لم يعرض عليهما شرب أي شيء، جلس واضعًا قدمًا فوق الأخرى بينما ينتظرهما ليجلسا!

    جلس چاري مواجهًا له، متجاهلًا محاولة أنسا لدفعه لليمين قليلًا لتجلس هي مقابلة له!

    يوستس وينفرد كان شابًا في الخامسة والعشرين، الثامنة والعشرين على الأكثر، خمن چاري محيطه العمري، طويل القامة مع جسد نحيل لحد ما، بشرة بيضاء شاحبة تنتمي لشمال أوربا، شعره كان ذهبيًا خالصًا مع تموجات خفيفة تجعله يبدو كما لو خرج من صالون تصفيف شعر خاص بالمشاهير!

    كان لون شعره مثيرًا للإهتمام فعلًا، سيمنحه چاري هذا، شكل ولون شعره كان كما لو كان قشورًا كثيفة من سبيكة ذهبية صافية! لا يذكر أنه رأى مثل هذا اللون الأصيل من قبل!

    لكن الأكثر إثارة للإهتمام -ربما للإستغراب- كان لون عينيه، في البداية ظنهما عدسات لاصقة، لكن مع رؤية كيف توهجتا تحت الظلال البرتقالية للنيران في المدفأة أصبح واثقًا أنهما ليستا كذلك.

    كانتا في مرحلة ما بين الأزرق والأرجواني، لون هو واثق أن لا أحد قادر على خلقه معمليًا كي يتم إنتاجه كعدسات لاصقة!

    - نحن هنا لأخذ إفادتك بشأن مقتل القس ڤالدير ريكسا.

    بدأ چاري، ولاحظ كيف قسى وجه الشاب أمامه ما إن نطق الإسم، يحافظ على ثباته الإنفعالي مع ذلك.

    - أخبرتنا زوجة الضحية أنه كان قد إستعان بك لإصلاح شبكة الإنترنت في منزله، لكنك تشاجرت معه، ونعته بمدعي الفضيلة والمنافق، لماذا؟

    النظرة الباردة في عيني يوستس، والتي لم يكن يوجهها لأحد بعينه لم ترحم چاري ولو حتى قليلًا، لكنه كان لايزال عليه أن يطرح الأسألة.

    - لقد وجدت الكثير من الأشياء في سجل متصفحه، لذا نعم.. لقد كان مدعي فضيلة.

    ومنحه إبتسامة باردة جعلت كلاهما يدرك كم كانت عميقة وجميلة غمازتيه!

    - هناك قوانين تعاقب إنتهاك الخصوصية، كان من الممكن أن يقاضيك!

    قررت أنسا التكلم أخيرًا، لكن ما قالته جعلها تبدو كما لو كانت قلقة على مشتبههم الأول! وجعل جاري يمنحها نظرة جانبية قاتلة بينما منحها المشتبه به إبتسامة صغيرة مع غمازتين عميقتين أوقعت لها قلبها!

    - سجل متصفح أي شخص متوفر بشكل دائم على الخادم الرئيسي الذي يزوده بخدمة الإنترنت، هكذا إكتشفته عندما كنت أحاول إصلاح إتصاله بالخادم.

    أجاب يوستس التسآئل غير الموجه من قبل أنسا، بينما أعاد النظرة الباردة لچاري الذي سأل مرة أخرى

    - ما كان الشيء في سجل متصفحه والذي جعلك تظنه مدعي فضيلة؟

    لكن يوستس لم يجب مباشرة، لا يزيح عينيه عن چاري ويبدو كما لو كان يرغب بالإحتفاظ بالحقيقة لنفسه.

    - شيء مثل موقع مدفوع خاص يعرض مقاطع إباحية لأطفال بناء على طلب الزبائن؟

    يوستس أجاب السؤال بسؤال آخر، ليس سؤالًا بقدر كونه إستنكارًا.

    أنسا جعدت شفتيها لأجل إحتمال أن تلك كانت الحقيقة، بينما جادل چاري

    - كيف نعلم أن ذلك ليس إدعاءًا منك؟

    - حسنًا..

    أمال يوستس رأسه كما لو كان يفكر، ثم عاد عينيه إلى چاري وهز كتفيه

    - لا يمكنك.

    قاوم چاري دمه المحروق وتابع أسألته

    - أين كنت مابين الحادية عشر والنصف و الثالثة بعد منتصف الليل؟

    - في المنزل.

    - هل يمكنك إثبات ذلك؟

    لم يجب يوستس فورًا، لكنه تأكد بأن يقابل عيني المحقق عندما فعل

    - لا.

    لم يكن هناك ما يمكن إضافته للآن، لذا نهض چاري يشير لأنسا التي إسترخت أكثر من اللازم في مقعدها لتنهض

    - نحتاج عنوان مقر عملك وبيانات الإتصال بك.

    - أنا أعمل لحسابي الخاص.

    - لست موظفًا حتى؟

    چاري إستخدم سؤاله الإستنكاري كوسيلة إهانة، لكن يوستس منحه إبتسامة باردة مع غمازتين جميلتين بينما يمد له بطاقة عمله

    - ليس متوقعًا من موظف حكومي أن يفهم ما هو العمل الحر.

    *************

    - أنت فقط غاضب لأنه أدار المدفع في وجهك.

    أخبرت أنسا چاري بينما يسيران على جانب الطريق بعد أن غادرا منزل يوستس وينفرد بنبرة حاولت جعلها حيادية، لكنها خرجت تهكمية وربما فخورة قليلًا بالمشتبه به!

    هو تجاهلها، يخرج مفكرته ليسترجع إسم المشتبه بها الثانية على القائمة، لايساندرا إيرڤارتى.

    قرب التقاطع مع الشارع الرئيسي توقف طفل مع دراجة هوائية ثلاثية العجلات وحدق إليهم لوقت طويل، يقطع عليهم طريقهم فعليًا!

    كان في الخامسة على الأكثر، لديه عينان داكنتان وشعر بني وبشرة سمراء لطيفة.

    - هل أنت بخير أيها الطفل؟

    أنسا سألته منذ أنه لم يتحرك، لكنه لم يجب عن سؤالها، يتمتم عوضًا عن ذلك بصوت بالكاد سمعاه.

    - أنتما تبحثان عن من قتل القس ريكسا..لقد كان السيد إيليا.

    لم يستطع چاري إيقاف شعوره بالإنجاز بيننا يرى قائمة المشتبه بهم تطول أمامه!

    **********

    ظل الإثنان مكانهما بينما يحدقان للطريق الخالي الذي سلكه الطفل هاربًا قبل لحظات.

    نظرت أنسا لچاري، كان مشغولاً بالتحديق للإسم الجديد في مفكرته، لكنه عندما إلتفت إليها كان هناك عقدة كبيرة بين حاحبيه الكثيفين.

      - لنتصل بريتشارد!

    قال الإثنان في نفس الوقت، وچاري أخرج بطاقة العمل المستطيلة وإتصل بالرقم المدون أسفلها.

    لم يستغرق الأمر سوى ثلاث رنات قبل أن يجيب سيان، يتسآئل من المتصل قبل أن يجيبه چاري

      - هذا أنا، المحقق ڤيرتانين، أريد أن أسألك إن كنت تعرف أحدًا بإسم السيد إيليا؟

    "إيليان أودرت؟"

    كان ذلك سريعًا! ألقى چاري نظرة لأنسا التي كانت تحمل دفتر ملاحظاتها المفتوح والقلم، أوميء برأسه بينما يكرر الإسم لتكتبه

      - إيليان أودرت، من هو؟

    "  الإستشاري النفسي في المدرسة الإبتدائية للبلدة"

      - هل تعرف عنوان منزله؟

    "إنه يعيش قرب البحيرة، المنزل رقم ستة وستين"

      - ماذا عن لايساندرا إيرڤارتى؟ تعرف أين نجدها؟

    صمت سيان للحظة ثم همهم قبل أن يجيب

    " في الواقع لا أحد يعلم بالضبط أين تقيم منذ فقدت عملها مؤخرًا..أوه، قد تجدها في المكتبة! لقد كانت تمضي أغلب يومها هناك"

    بعد شكر سريع أغلق چاري الخط بينما يعيد البطاقة والهاتف لجيب معطفه.

      - سنذهب للبحث عن إيرڤارتى أولًا، بعد ذلك نذهب لمنزل أودرت، إنه يعمل كإستشاري نفسي في المدرسة الإبتدائية، قد يكون هناك علاقة بينهما منذ أنهما عمِلا في نفس المكان.

    سار الإثنان على طول الشارع الرئيسي للبلدة في طريقهما للمكتبة العامة.

    *************

    لايساندرا إيرڤارتى كانت إمرأة شابة على وشك بلوغ الثلاثين خلال إسبوعين، طويلة القامة مع جسد مثالي وشعر أسود كثيف يتجاوز منتصف ظهرها، عيناها خضراوان داكنتان وبشرتها بنقاء الخزف..أو هذا ما كان يراه الجميع!

    كانت جميلة، بالطبع، لكنها كانت بعيدة المنال جدًا، كان لدى كل شباب ورجال ألاڤوس نظرة مبجلة لها، ولا أحد منهم إعتقد يومًا أنه سيكون قادرًا على الحصول على إهتمامها.

    لايساندرا خريجة كلية الآداب، وكانت تعمل كمعلمة للفنلندية منذ أكثر من خمس سنوات الآن.

    كانت محبوبة جدًا من قِبل تلاميذها، وآباء تلاميذها!

    لكن كل ذلك إنتهى عندما قرر قس البلدة أن إقتراحها لتوعية الأطفال بشأن أجسادهم، كيف يدركون محاولات التحرش ويدافعون عن أنفسهم، كيف أن عليهم أن يعلموا أنه شيء خاطئ وأنهم يجب أن يخبروا شخصًا بالغًا في حال حدث ذلك، لم يكن شيئًا 'مناسبًا' لطفل في السادسة أن يعرفه!

    كانت غاضبة، على أولياء الأمور الذين شكوها أكثر من القس الذي تسبب في طردها من وظيفتها.

    في الواقع، كانت مسؤولية توعية الأطفال بشأن هذه النقطة من واجب الأهل، لكن في هذا المجتمع مدعي الحشمة، لم يرد أي من الأباء أو الأمهات فتح أعين أطفالهم على الجانب القذر وغير البريء من العالم، ربما لتجنب الأسألة الوجودية المحرجة لاحقًا، ربما لإبقاء الطفل 'نقيًا' أطول فترة ممكنة، لم يكن يهم السبب، كان هذا هو ما عليه الوضع.

    مكتبة البلدة العامة كانت مبنى كبير لحد ما، مكون من ثلاث طوابق والكثير من الأقسام، لم تكن المكتبة مزدهرة لهذا الحد حتى قبل ستة أشهر عندما تولى إدارتها المدير الجديد..

    إفرايم نورتون..

    توقفت أصابعها فوق أزرار لوحة مفاتيح حاسوبها المحمول بينما ترتسم الصورة المحببة له في عقلها..إبتسمت، لكنها لم تزح عينيها عن الشاشة بينما تجبر عقلها لإعادة تركيزه على المقال الذي تكتبه.

    أصبحت كتابة المقالات لموقع إلكتروني متنوع هي مصدر رزقها منذ شهر ونصف الآن، وهذا المقال الذي تعمل عليه كان يجب أن يسلم خلال الساعتين ونصف التاليتين.

    **********

    دخل كل من چاري  وأنسا المكتبة في تمام الساعة الثانية وأربعين دقيقة ظهرًا.

    كان مكتب الإستقبال على اليسار بينما إمتدت الأرفف والطاولات المرفقة بالمقاعد على طول المساحة الكبيرة يمين الباب.

    كان هناك العديد من الطلاب، الأطفال منهم والمراهقين، وعدة بالغين مع حواسيبهم المحمولة بينما الصوت المنغم لنقرات لوحة المفاتيح يصنع النسيج الصوتي للمكان.

    خلف المكتب الرئيسي كان العامل يعطيهم ظهره بينما يتحدث لفتاة صغيرة تحمل كتابًا علميًا على الزاوية الأخرى من الطاولة بينما يسجل عدة بيانات على شاشة الحاسوب الكبيرة أمامه، أنسا لاحظت وجود شاشتين على كلا الواجهتين للمكتب.

    إنتظر الإثنان بصبر حتى رحلت الفتاة بينما إستدار إليهما الرجل.

    چاري إرتبك للحظة قبل أن يخرج شارته سريعًا له، يسأل عن أين يجد لايساندرا إيرڤارتى، يخبره أمين المكتبة أنها في الجزء الخلفي، تجلس في المنطقة المطلة على البحيرة.

    عندما سار الإثنان مبتعدان عن المكتب في طريقهما عبر الأرفف الكثيرة، أطلقت أنسا تنهيدة راحة بينما تستعيد ذاكرتها الصورة التي رأتها قبل نصف دقيقة..

    أمين المكتبة كان شابًا، وكان جميلًا..نوع غير مألوف من الجمال، جمال لا تستطيع أن تقول إنه طبيعي!

    كان يملك وجهًا مثاليًا..وجه مثالي من النوع الذي سيصممه العلماء لأجساد الذكاء الصناعي كي يكون جسدًا مطابقًا للبشر بعد مائة عام من الآن مثلًا!
    نوع الجمال المصمم ليتجاوز المثالية بمراحل كثيرة!

    على الجانب الآخر كان چاري يشعر بعدم الإرتياح لأنه لوهلة ظن أنه مصاب بدرجة من المهق!

    كان له شعر فضي شديد النعومة لدرجة عكست الضوء الطبيعي القادم من الواجهات الزجاجية للمبنى، مع ظلال خفيفة جدًا من لون يكاد يكون بلاتينيًا، مع ذلك، حاجبيه وأهدابه كانتا أكثر دكانة بكثير، لون بشرته أهدئ من أن تكون بشرة ألبينو، لكن لا يزال..لم يكن مظهره مألوفًا، كما أن عينيه الخضراوان التي بدتا كما لو كان الضوء ينبع من داخلهما كانتا كافيتين لجعل أي شخص يشعر بعدم الراحة.

    .......


    كانت لايساندرا قد أرسلت المقال للتو، الآن تستطيع أن تأخذ إستراحة قصيرة ثم تذهب لإستعارة كتاب جديد من أمين المكتبة المصاب بتغاير القزحيتين الذي لا يعرف أحد عنه أي شيء! وهي لا تنوي فضح السر مطلقًا.

    لكنها لم تكد تطبق شاشة حاسوبها عندما رأت الهيئتين المقتربتين من طاولتها، فتاة بشعر بني وقامة نحيلة وعينين بندقيتان تبدو في منتصف عشرينياتها على الأكثر، برفقة رجل منتصف عمر مع قامة متوسطة وشعر أسود خفيف وأنف حاد!

      - هل أستطيع مساعدتكما؟

    نظرت الفتاة للرجل جوارها، والذي أخرج من جيب معطفه الداكن حافظة داخلها الشارة الذهبية لقسم الشرطة

      - نحن المحققان المسؤلان عن قضية مقتل القس ڤالدير ريكسا، هل لديك بعض الوقت لإجابة عدة أسألة؟

    شعرت لايساندرا بمعدتها تتقلص، لكنها حافظت على وجه مستقيم بينما تشير للمقعد الشاغر أمامها، تجلس عليه الفتاة بينما يسحب الرجل مقعدًا من طاولة مجاورة ويجلس، تخرج الفتاة دفتر ملاحظاتها بينما يعقد الرجل يديه على سطح الطاولة ويركز في عيني لايساندرا الساكنتين.

      - أنا المحقق چاري ڤيرتانين، هذه الضابطة أنسا كورهونين.

      - لايساندرا إيرڤارتى.

    أرجعت ظهرها للخلف وقاومت بعنف الرغبة في ضم ذراعيها حول صدرها في وضع دفاعي، لم تكن في حاجة لإثارة الشبهات أكثر مما كانت بالفعل.

      - أين كنتِ مابين الساعة الحادية عشرة والنصف مساء الأحد والثالثة فجراً؟

    قبضت لايساندرا فكها لا إراديًا وذكرت نفسها أنه مجرد تحقيق صوري، أخذ إفادة، هي ليست متهمة بأي شيء.

      - كنت في المكتبة حتى موعد إغلاقها في العاشرة مساءًا، عدت للبيت سيرًا على الأقدام، كنت داخل المنزل قبل الحادية عشر ولم أغادره حتى ظهر اليوم التالي.

      - هل هناك من يؤكد ذلك؟

    حركت فكها بإنزعاج، وقطبت بينما تتذكر مالكة المنزل العجوز

      - أنا أستأجر شقة صغيرة في مبنى تملكه السيدة تارڤو، يقع قرب الطريق الرئيسي المؤدي لخارج البلدة، لقد رأتني عندما عدت، يمكنها أن تأكد أقوالي.

    رغم أنها لم تكن واثقة جدًا أن العجوز المتدينة قد تنصفها خاصة بعد الشجار الذي إفتعلته مع القس قبل شهرين، لكنها قالت الحقيقة على أي حال، وهذا ما يهم..صحيح؟

      - كانت علاقتك مع القس سيئة منذ تسبب في طردك من وظيفتك، هل حاولتي إصلاح ذلك؟ ربما لتستعيدي وظيفتك مثلًا؟

    أنسا تدخلت في الإستجواب، تحاول ألا تخربش بالقلم على السطح النظيف للطاولة الخشبية بينما يفكر عقلها في الكثير من الإحتمالات.

      - في الواقع لا، لم أحاول إصلاح أي شيء، لقد حصلت على وظيفة جديدة وإنتهى الأمر.

      - مع ذلك فقد ذهبت للكنيسة بعد أن تم طردك وتشاجرت معه!

    چاري ظن أنه يحاصرها، لكنها هزت كتفيها وأجابت بصدق

      - لقد فعلت، كنت غاضبة، وهو لم يمنحني الفرصة لشرح موقفي حتى.

      - لمَ تظنين أن القس عارض إقتراحك لحد ذهب معه لطردك من المدرسة؟

    أنسا سألت، تعاد الجملة القصيرة ليوستس وينفرد في عقلها بينما تحاول التركيز على كل تفصيل صغير في رد فعل المرأة أمامها.

      - لأنه قس! يريد الحفاظ على الحشمة والأخلاق العامة، وطفل في الخامسة يعرف ما هو التحرش الجنسي لا يبدو شيئًا محتشمًا جدًا ليكون عليه الجيل الجديد!

    سخرت لايساندرا بينما تلقي نظرة ساخطة موجهة للاأحد على البحيرة في الخارج.

    تنهدت أنسا، تدرك أن المرأة لم تكن تعرف أي شيء عن بيدوفيلية القس التي لاتزال مجرد إحتمال مبني على أقوال مشتبههم الأول.

      - هل تعرفين إيليان أودرت؟

    رفت أهداب لايساندرا بينما تعيد عينيها لچاري وكأنها تتأكد أنها سمعت هذا السؤال فعلًا!

      - كنا زملاء عمل، قابلته مرات قليلة في أوقات متفرقة، لم نحظى بأي علاقة فعلية.

    كان بإمكان أنسا أن ترى بدايات الهلع في العينين الخضراوان للمشتبه بها أمامها، وتسآئلت لمَ كان هناك طفل يعتقد أن الرجل قتل القس، يتحدث عن الأمر بثقة من يعلم، ثم كان هناك لايساندرا التي تحاول بجهد نفي أي علاقة لها به!

      - هل كانت علاقته بالقس جيدة؟

    قطبت لايساندرا كما لو كان السؤال غير منطقي، وأدركت أنسا السبب عندما أتت الإجابة

      - لم يكن هناك أي علاقة بينهما أصلًا، لم يكن أودرت يحضر القداس، وفي الواقع هو لا يخرج من بيته كثيرًا، من النادر رؤيته على كل حال.

    تبادل چاري وأنسا نظرة سريعة ثم نهضا، تنهض معهما لايساندرا بينما تميل على الطاولة لتدعم قدميها الخائرتين.

      - سنحتاج لبيانات الإتصال بك، ورجاءًا لا تغادري البلدة حتى ينتهي التحقيق.
     

    فكرت لايساندرا أن الوقت ربما قد حان لذلك..مغادرة البلدة، ثم ظهرت صورة إفرايم في عقلها، وشعرت بالمرارة فجأة.

    *************

  11. #10
    منزل إيليان أودرت كان يواجه بحيرة كيركوچارڤي، على بعد خمسة عشر مترًا من الشاطئ، مكون من طابقين مع شرفة خارجية واسعة بها طاولة وأربع مقاعد خشبية وأريكة ملتصقة بجدار المنزل مع وسائد للجلوس مرتصة فوقها، والكثير من الطلاء الأسود.

    - لمَ يظن طفل في الحضانة أو الصف الأول أن الإستشاري النفسي في مدرسته هو من قتل القس؟

    أنسا كانت تحاول إيجاد العامل النفسي أو الذهني الذي رسّب هذه الصورة في عقل الطفل الذي لا يستطيع نطق الكلمات بطريقة صحيحة بعد!

    - حسنًا..نحن على وشك أن نعرف.

    عندما صعد الإثنان الدرجات الأربع الخشبية للشرفة، لاحظ چاري أنه لم يكن هناك جرس، فقط مطرقة معدنية مثبتة على الباب الأسود الصقيل، وبإلقاء نظرة سريعة على الشكل العام للمنظر، كان بإمكان كلاهما إدراك مدى جمود الذوق الذي يعيشه الرجل خلف الباب المغلق!

    طرق جاري الباب مرتين، ووقف كلاهما بصمت لدقيقة ينتظران، كانت الشمس قد زالت بالفعل، بقايا الضوء الخافت والهدوء الذي يحيط المكان ورياح أكتوبر الباردة كان يخلق جوًا جعل معدة أنسا تتلوى.

    طرق چاري الباب مجددًا، هذه المرة أعلى، وبالنظر لحقيقة أن أودرت لم يضع جرسًا لمنزله المكون من طابقين، فهو شخص لا يحب الزيارات وربما يتجاهلها، لكن چاري لم يكن ليرحل، ليس قبل أن يتحدث إليه، حتى لو كان عليه أن يقتحم المنزل إذا لم ينفع الطرق بأدب.

    لكنه أدرك بعد دقيقة أخرى أنه لن يضطر لذلك، لأن الصوت الخافت للحركة خلف الباب ثم فتحه جعلت الإثنان يتنهدان راحة.

    خلف الباب المغلق، والذي لم يعد كذلك الآن، كان يقف إيليان أدورت..

    طويل القامة مع جسد شديد النحول، بشرته تكاد تكون شفافة وكلاهما فكرا أنه يعاني من مرض ما، كان لديه شعر أشقر مجعد يغطي جبته وأطراف حاجبيه الذين إرتفعا فوق عينان فضيتان شديدتي الحدة!

    چاري كان عليه أن يكسر التواصل البصري القصير جدًا لأجل موجة الخوف التي بثتها تلك العينان منتصف صدره!

    أنسا كانت متوترة، لكنها أبقت عينيها عليه بينما تراقب اللون في قزحيتيه يكاد يكون شفافًا! هي لم ترى من قبل شخصًا يملك عينان فاتحتان لهذا الحد.

    كان يرتدي ملابس فضفاضة سوداء بالكامل، بنطال قماشي بأقدام واسعة وقميص ومعطف منزلي طويل لحد لمست أطرافه الأرض الخشبية للمدخل، وطول الثلاثين ثانية التي وقفها هناك لم يحرك عينيه المخيفتان عن المحقق الذي بذل جهده ليقابلهما!

    - نحن المحققان المسؤلان عن قضية القس ڤالدير ريكسا، لدينا عدة أسألة لك.

    لم يقل إيليان أي شيء، فقط يتقدم خطوة مجبرًا چاري على التراجع خطوتين للخلف بينما يغلق باب منزله خلفه!

    حدق المحققان له بيننا سحب مقعدًا وجلس على الطاولة الخشبية في الشرفة، يضم معطفه الطويل حوله ويضع ساقًا فوق الأخرى بينما ينظر لچاري الذي لايزال واقفًا.

    - حسنًا؟

    إبتلع المحققان الإهانة وسحبا مقعدين، يجلسان قليلًا إلى الزاوية كي لا يكونا مباشرة في مجال عينيه!

    - لديك شيء ما لتخفيه؟

    چاري ذكر نفسه أنه هو صاحب اليد العليا هنا، ليس عليه أن يهلع لأجل الهالة المظلمة للشاب الناحل أمامه، لكن عندما منحه إيليان نظرة جامدة مع جفنين مرتخيين كان عليه أن يمنع نفسه من الإنتفاض إجفالًا بمعجزة..نعم، إلى هذا الحد كانت مواجهة إيليان أودرت مهمة مأساوية!

    - أين كنت ما بين الساعة الحادية عشر والثالثة فجر يوم الأحد؟

    كي يمنح نفسه عذر عدم مقابلة العينيان الكابوسيتان، إنكب چاري فوق مفكرته الصغيرة يمسك قلمه وينتظر الإجابة.

    لكن إيليان لم يمنحه أي إجابة! عوضًا عن ذلك تحركت أصابعه النحيلة لجيب بنطاله بينما يخرج علبة سجائر وقداحة.

    العلبة كانت سوداء من العلامة التجارية Black Devil، صناعة هولندية وسعر مبالغ به..يبدو أنه حصل على مشتبه به فاحش الثراء!

    قانون فنلندا كان ينص على منع التدخين في الأماكن العامة أيًا كانت، حتى شرفات المنازل! لكن بينما يشعل إيليان أودرت سيجارته السوداء باهظة الثمن والتي تحمل شعار العلامة التجارية بلون ذهبي لامع، لم يجرؤ أحدهما على تذكيره بذلك.

    - مساء يوم الأحد كنت في منزلي، وحتى الأن لم أغادره!

    نفث الدخان جانبًا بينما يمنح چاري ثوان قليلة من العفو على ألا يكون عالقًا تحت عينيه!

    أنسا دونت الإجابة بيد مرتخية بينما تسمع النغمة المثيرة للإهتمام في صوته، كان لديه صوت جميل، ليس عميقًا أكثر من اللازم، فقط مثالي، ويعلق في الذاكرة لوقت طويل.

    - لذا أنت لم تغادر المنزل حتى بعد الفوضى التي تلت إكتشاف جثة القس وما حدث تاليًا؟

    - هل كان علي أن أفعل؟

    منحه إيليان نظرة متسعة كما لو كان يدعي الإندهاش، لكن ذلك فقط جعل جلد چاري يبرد بينما يشعر بالكهرباء تسري على طول فقرات عنقه مسببة وقوف الشعر هناك! لقد أراد أن ينهي هذا الإستجواب بأسرع ما يمكنه.

    - لماذا سيعتقد طفل من المدرسة حيث تعمل أنك من قتل القس؟

    كان على چاري مقاومة رهبته المبررة تمامًا والنظر في العينان البخاريتان أمامه، كان في حاجة ليرى رد فعله.

    والسيجارة المحترقة بين أنامله كانت الشيء الوحيد الذي يملك بعض الحرارة في كل مظهره!

    رأى چاري العينان الباردتان بالفعل تصبحان أكثر برودًا وأكثر قسوة، لايزال جفناه مرتخيًا كما لو كان أكسل من أن يفتحهما بطريقة مناسبة!

    سحب نفسًا ثانيًا وزفره لأعلى، يراقب الإثنان حلقة الدخان التي تشكلت بينما تمتم إيليان

    - تاڤي نيكتا..

    قال الإسم كما لو كان يتوعد صاحبه، وچاري شعر فجأة بالقلق على الطفل الصغير.

    - هل هذا إسم الطفل الذي تظن أنه وشى بك؟

    سألته أنسا، تدون الإسم قبل أن تفقدها العينان الحادتان التان حدقتا إليها عقلها.

    لكنه لم يجب، يمنحها نصيبها من الهلع قبل أن تذهب عيناه للأفق بعيدًا، دخان سيجارته يتصاعد في خط رفيع متموج بينما قد إحترق نصفها.

    - لماذا يظن طفل في مدرستك أنك من قتل قس البلدة؟

    كرر چاري السؤال، كان في حاجة لإجابة، سواء كانت كذبة أو لا، كان عليه أن يعلم إن كان سيحتاج طلب الدعم للقبض على إيليان أودرت بتهمة قتل القس ڤالدير ريكسا أم لا!

    - لأنه كان بيدوفيليًا.

    - الطفل؟

    - القس!

    إيليان منحه نظرة متسعة قاسية جعلته يشعر كما لو كان دودة عملاقة لزجة وقبيحة.

    - لماذا تظن ذلك؟

    أنسا سألته، تتذكر يوستس مجددًا، لا يمكن أن تكون تلك سلسلة من الكذبات الإرتجالية التي صدف وأن إتفقت مع بعضها البعض!

    - لأنه أخبرني، تاڤي نيكتا..الطفل الذي لا شك أخبركما أنني قتلته.

    - أخبرك ماذا؟

    لكن إيليان بقي صامتًا، الشرح أكثر من ذلك سيكون أكثر من اللازم، لاشك أنهم لا يقومون بإختبار معدل ذكاء الضباط قبل تعينهم محققين.

    - هل أخبرك الطفل أن القس..لمسه؟

    لم تجد أنسا لفظًا أقل إثارة للإشمئزاز لإستخدامه، لكن إيليان نهض، ينقر الرأس المشتعل لسيجارته فوق دائرة معدنية صغيرة ملقاة بعشوائية على زاوية الطاولة.

    - ربما عليكما الذهاب وسؤاله عن ذلك.

    ودخل المنزل مغلقًا الباب خلفه، تاركًا في شرفته المحققان المجهدان بعد نهار طويل من الركض بين منازل أهالي البلدة الصغيرة.

    *************

    روسيا، سيبيريا، مقاطعة ڤولوتشانكا.

    چيوڤاني دي لوكا، السكرتير البابوي سابقًا وأسير مافيا روسية ما حاليًا.. أو هذا ما يستطيع إستنتاجه للآن.

    دي لوكا كاهن في الثالثة والأربعين، تولى منصب السكرتير البابوي قبل سنة وخمسة عشر يومًا، وقبل ثلاثة أشهر من الآن تم إخفائه عن العالم في مكان ليس واثقًا أين هو بالضبط في نصف آسيا الشمالي.

    الغرفة الواسعة كانت باردة رغم المدفأة الجدارية التي تستمر في إبتلاع كم لا نهائي من الحطب.

    كانت الغرفة تحوى جدارًا زجاجيًا يطل على مساحة خالية من أي شيء سوى بعض الأعشاب الجافة هنا وهناك، وكانت تقع في الطابق الخامس على الأقل، يمكنه أن يخمن من الحجم الصغير للصخور والشجيرات في الأسفل.

    كان هناك العديد من المقاعد والأرائك، طاولة قهوة ومكتبة تحتل جدارًا كاملًا مكونة من كتب ومجلدات بلغات مختلفة، بعضها يعرفه والآخر لا، هناك غرفة ملحقة بهذه مع حمام داخلي، لايزال يقيم فيها منذ ثلاثة أشهر الآن.

    منذ جعله 'توڤريتش' يختفي عن العالم.

    كان يجلس على أريكة منفردة مواجهة للجدار الزجاجي، لا يفعل أي شيء سوى التفكير..الكثير من التفكير، محاولة إيجاد مخرج، لكن كل الطرق كانت تؤدي لموته الحتمي على الأقل.

    كان يعلم..لم أمسك به توڤريتش بينما يحاول الهرب، كان يعلم ما ينتظره، ولم يدفع حظه في تلك الجهة بعد.

    سمع صوت فتح الباب في الخلف، لكنه لم يستدر، كان يعلم بالفعل من كان..توڤريتش.

    - هل الإضراب عن الطعام خطتك الجديدة للخلاص؟

    سمع الصوت الذي حدثه بإيطالية خالية من أي لكنة يقترب، صوت عربة الطعام تدفع عند الباب، والرجل قربه يخبر الخادم أن يتركها ويخرج.

    ُأغلق الباب مجددًا، هو وتوڤريتش ووجبة طعامه الذي إمتنع عنه ليومين.

    أدار رأسه للرجل الذي أشعل سيجارة سوداء بلا أي علامات ونفث دخانها ببطء بينما يحدق في عينيه..

    توڤريتش، وهو لقب روسي إكتشف لاحقًا أنه يعني 'المالك' كان رجلًا في الثلاثين كأفضل تخمين، روسي أصيل ببشرته البيضاء وشعره البلاتيني الفاتح جدًا والذي لسبب ما كان طويلًا لدرجة أنه أوشك على أن يبلغ نهاية ظهره!

    خمن أنه لم يقص حتى ملليمتر واحد منه منذ ولد..كان شعره يستحق في الواقع!

    رفع عينيه للعينان اللتان تعانيان درجة من تباين لون القزحية، واحدة خضراء فاتحة يتداخل فيها لون أرجواني داكن يجعلها نصفين، الأخرى كان وضعها أخف، الربع السفلي فقط كان درجة مختلفة من الأرجواني بينما باقي القزحية باللون الأخضر..

    - هل تريدني أن أخبرك مالذي سأفعله بك إن لم تنهض لتناول طعامك الآن؟

    لا..فكر چيوڤاني، لكنه لم يفتح فمه، كان توڤريتش، الذي لا يعرف إسمه الحقيقي ولا يظن أنه سيفعل، رجلًا قويًا بكل المعاني الممكنة، كان قويًا جسديًا بالطبع، مع طول فارع وبنية مقاتل في جيش القوات الخاصة، لكن القوة الأكبر، والمخيفة أكثر، كانت حقيقة أنه واحد من أكبر رؤساء المليشيات المسلحة في العالم..ليس فقط روسيا، وإعتقاده أنه كذلك كان في الواقع ما أودى به لهذا الوضع الحالي غير المفهوم وغير المنطقي.

    كان هذا المكان أحد القواعد الكثيرة التي يملكها حول العالم، وقتله هنا والآن لم يكن سوى مسألة يهتم بها بينما ينهي سيجارته مع كوب براندي معتق.

    راقب توڤريتش السكرتير البابوي النحيل والأنيق ينهض بهدوء من مجلسه بينما يعدل معطفه المنزلي حوله ويذهب ليضع أطباق الطعام على الطاولة ذات الأربع مقاعد في زاوية الغرفة.

    يتوقف أمام الطاولة للحظة ثم يستدير إليه مع تلميح باهت في عينيه البندقيتين الفاتحين، وتوڤريتش إبتسم، ربما له وربما لفكرة ما، قبل أن يسحق رأس سيجارته في المنفضة فوق طاولة القهوة ويتقدم ليشارك رهينته المفقودة من العالم وجبة عشاء متأخرة.

  12. #11
    لي عودة قريبة لقراءة الفصل الثاني إن شاء الله asian

  13. #12




    لقد عدت ! surprised

    وصفك ... سردك ...

    أهنئئئئئئئئئئئك من أعماق قلبي


    الوصف والسرد متزن ماشاء الله تبارك الله وهو مرحلة بعيدة عن متناولي إلى الآن cry

    أكثر ما يميز كتابتك هي التناغم بين الوصف والسرد ، أشعر أنني أقرأ رواية عالمية لكاتبة معروفة بفنَها


    أشكرككككك كثيرا على الفصل اللطيف والجميل

    متشوق لمعرفة المتبقي ^^

    ملاحظة:
    بعد وصولي لجزء روسيا عقلي تشتت وبدأت أفقد تركيزي عن الأحداث وكأني أقرأ شيئا بعيدا عن القصة biggrin

    لكن مع ذلك أرى أن هذا تميزا في الكتابة ، لم تركز القصة فقط على جاري و أنسا ، بل على أحداث أخرى كذلك ^^



    الجزئية التي بها الاستشاري النفسي ...

    لقد لقد شعرت أنني معهم :خوف:

    ماهذا الابداع الوصفي cry

    أدخلتي الشعور بالبرودة و القشعريرة والهالة تلك الى نفسي cry

    اهنئك مرة أخرى ^^

    استمري حتى النهاية asian
    اخر تعديل كان بواسطة » كاروجيتا السيان في يوم » 03-12-2020 عند الساعة » 01:17

  14. #13
    الفصل الثالث
    ★★★


    المطعم العائلي الصغير والوحيد في ألاڤوس كان يكتظ بالسكان خلال ساعات الغروب من كل يوم، مع ذلك تمكن المحققان من إيجاد طاولة شاغرة وحشر أنفسهما وسط الحشد بينما يحصلان على وجبتهما الأولى هذا اليوم.


    - لايزال علينا إيجاد الطفل.

    تمتمت أنسا بين قضمتين، وحاولت ألا تنظر للمحقق الذي يفتقر الباقة والذي كان يلتهم طعامه كما لو كان لم يرى غيره طوال الأسبوع الماضي.


    - سنفعل ما إن ننتهي، لدينا إسمه بالفعل لذا يمكننا أن نسأل ريتشارد، إنها بلدة صغيرة على كل حال.

    وافقته بصمت بينما تحصل على قضمة أخرى من شطيرتها، تجول بعينيها بين الحشود، معظمهم رجال من أعمار مختلفة، شكلهم العام يوحي بأنهم عُمال من نوع ما، نجارين، صيادي سمك، لا شيء رسمي على الإطلاق، يمزحون بخشونة ويثرثرون بصوت مرتفع ويشربون الكثير من الكحول.


    بيئة لا ترغب أي أنثى عاقلة أن تعلق فيها لأي سبب، لكنها كانت كذلك، الآن..ولم تستطع سوى تجاهل اللمزات التي وجهت لها من بعضهم، لقد كانت محققة، لكنها قبل ذلك كانت أنثى، و كانت جميلة، وفي مكان كهذا، كان ذلك نقمة لا فرار منها.



    بين الطاولات الكثيرة لمحت هيئة مألوفة لم تستطع تحديد لمن كانت، النادل الصغير الذي كان يجلب الكثير من أكواب الشراب لطاولة مليئة برجال خشني المظهر مع الكثير من الضحكات السمجة كانت تعرف أنها رأته من قبل، لذا..من كان مجددًا؟


    ركلت ساق چاري أسفل الطاولة وأشارت بعينيها للفتى، وهو ألقى نظرة طويلة عليه قبل أن يهز كتفيه

    - الفتى من منزل يوستس وينفرد.

    وعاد لتناول طعامه بنفس الشهية المبالغ بها.


    أنهت أنسا طعامها وحملت الطبق وسارت حتى طاولة البار، الفتى كان ينزل حمولته من الأكواب التي تحتاج إعادة ملئ، وهي توقفت جواره مع طبقها الفارغ وإنتظرت حتى أدرك وجودها أخيرًا.

    - ما إسمك؟

    سألته قبل أن يفتح فمه، والشحوب في وجهه أخبرها أنه يخفي شيئًا ما..أو أنه خائف فقط!

    - نيلو ڤيكتورنوس..سيدتي.

    كشرت لأجل اللقب، وهو إرتبك أكثر يصحح نفسه

    - المحققة؟..سيدتي المحققة؟

    هزت أنسا رأسه وأشارت بيدها لتصمته، وضعت يدًا في خصرها وأتكأت على طاولة البار

    - مالذي تعرفه عن يوستس وينفرد؟

    بدا الفتى حائرًا، وأمسك الكؤوس التي تم ملئها وفكر للحظة

    - فقط ما يعرفه الجميع، هو مبرمج إلكتروني، وأنا أتعلم منه منذ شهرين الآن..إنه شخص جيد.


    يخبرها كما لو كان يحاول إبعاد الشاب ذهبي الشعر عن الشبهة، وأنسا إتفقت معه، لقد كان شخصًا جيدًا..أو هذا ما تأمله على كل حال.

    - ماذا عن تاڤي نيكتا؟ من هو؟

    - إبن الجزار؟ لماذا؟

    - أين هو متجر والده؟

    - قريب من منزل القس ريكسا، يقع نهاية الشارع بعد تقاطعين منه.



    *************



    متجر الجزارة الوحيد في البلدة يملكه توبياس نيكتا، رجل في الثانية والأربعين، بنية ضخمة وطبع خشن وليس النوع المثالي للأُبوة.

    كان قد أغلق متجره منذ ساعتين بالفعل عندما زاره المحققان، يستقبلهما في منزله الصغير الذي كان المتجر جزئًا مستقلًا منه، وأول شيء لاحظته أنسا هو أن المكان كان منظمًا جدًا، مع ذلك ومن رائحة المكان والمنفضة شبه الممتلئة فوق طاولة القهوة الصغيرة كان بإمكانها أن تدرك أن الرجل مدمن نيكوتين.


    - نحن هنا لأخذ إفادتك بشأن مقتل القس ريكسا، لن نأخذ الكثير من الوقت.

    بينما أخرج چاري مذكرته وبدأ في إستجواب الرجل الذي لم يكن راضٍ تمامًا عن الوضع، كانت عينا أنسا عالقتان على الظل الصغير المختبئ خلف الباب نصف المفتوح الذي يؤدي لباقي المنزل.


    - هلا سمحت لي باستخدام الحمام؟

    - بالطبع، إنه يسار الدرج نهاية الممر.

    أشار توبياس جهة الباب حيث هرب الطفل ما إن فعل.

    أنسا خرجت من الغرفة تدفع الباب بقدمها تجعله بالكاد مفتوحًا، الصالة كانت صغيرة ومظلمة بينما هناك درج في الزاوية وممر صغير، كان بإمكانها سماع الأقدام الصغيرة الراكضة في الأعلى، وبعد أن ألقت نظرة للخلف تتأكد بإن الرجلين لا زالا مشغولين، صعدت الدرج بخفة بينما يكتم نعل حذائها السميك صوت خطواتها.


    في الأعلى كان هناك بابين مغلقين وصالة صغيرة، لم تعرف أي الغرفتين هى للفتى، لكن صوت الحركة داخل الغرفة على يسار الدرج جعلها تخمن أنه هناك.

    لم تطرق الباب، فقط أدارت المقبض وهو إنفتح مصدرًا صريرًا خفيفًا، في الداخل كان تاڤي الذي يتكور فوق سريره يحدق إليها بعينان مذعورتان، وعندما إنتفض فجأة من مكانه على إستعداد للركض خارج الغرفة، أغلقت الباب وأستندت عليه، والتهديد الذي شعر به كان واضحًا في عينيه ممزوجًا بنوبة عنف قريبة.


    - فقط أريد أن أتحدث إليك؟

    - هل أخبرتي أبي؟

    عقدت أنسا حاجبيها وتسآئلت ما الشيء الذي كان الطفل يتنصت عليهم في الأسفل كي يتأكد أن والده لم يعرفه.

    - أخبرته ماذا؟

    تاڤي حدق بها للحظة، ثم أشاح عينيه وتسلق سريره مرة أخرى دون أن يجيب.

    إنتظرت أنسا دقيقة حتى تأكدت أنه هدأ، ثم إعتدلت عن الباب وسارت حتى جلست على طرف سريره، لم يبد أنه يمانع، فقط يرفع الأغطية فوقه بينما يجلس وقدميه تتأرجحان أسفلها.

    - لماذا قلت أن من قتل القس هو إيليان أودرت؟

    أشاح تاڤي برأسه متجاهلًا السؤال، لذا قاومت أنسا رغبتها في صفعه وحاولت مجددًا

    - هل تكره إيليان؟

    إتسعت عينيه كما لو كان السؤال عجيبًا جدًا، يفغر فمه قليلًا قبل أن يجيبها

    - أنا لا أكره السيد إيليا..لا أحد يكرهه!

    ليس الجميع بالتأكيد، فكرت أنسا في العينان المسببتان للهلع وشعرت بقلبها يتقلص للذكرى.


    - أنت لا تكرهه، لكنك أخبرتنا أنه من قتل القس ريكسا، لذا..هل تعلم مالذي سيحدث له؟

    بدا الطفل قلقًا، وانعقد حاجبيه بينما ينفي برأسه.

    - سيحكم عليه بالإعدام، هل تعلم مالذي يعنيه ذلك؟ سوف يموت.

    أخبرته بنبرة جادة جدًا، وكان بإمكانها رؤية الخوف يزحف على وجهه الصغير، عينيه متسعتان بهلع وهناك بعض الدموع في الزوايا!

    - لكنني لا أريد ذلك!

    - إذن عليك أن تقول الحقيقة.

    شهق الطفل مرة قبل أن يجفف عينيه بأطراف أكمامه يحاول ألا ينفجر باكيًا الآن.

    - لذا، مرة أخرى، لماذا تظن أنه هو من قتل القس؟

    صمت تاڤي لوقت طويل، رأسه منكس بينما أصابعه تعبث بالغطاء الوبري.


    - لقد أخبرني القس ألا أخبر أحدًا، لكنني أخبرت السيد إيليا، وعندما علم القس ريكسا أنني فعلت، كان غاضبًا جدًا.

    شعرت أنسا بصدرها يضيق بينما ترى الحقيقة التي كان يخبرها بها كل من يوستس وإيليان طوال اليوم تتجسد أمامها.

    - تاڤي..هل كان القس يلمسك؟

    رفع لها عينان مضطربتان لكنه لم يقم بأي حركة، لم يقل أي شيء، ثم أشاح عينيه جانبًا بصمت.

    - هل أخبرت إيليان بما كان يفعله القس؟

    أومئ الطفل مرة واحدة دون أن ينظر إليها.


    - مالذي فعله إيليان عندما أخبرته؟


    فكر الفتى للحظة قبل أن يهز كتفيه ويتمتم

    - لم يفعل أي شيء، فقط قال أنه سيخبر والدي إن تركت القس يفعل ذلك مرة أخرى.

    رفعت أنسا حاجبًا على ذلك..هو حتى لم يحاول الإبلاغ عن القس؟


    - لكنك أخبرت القس بإن إيليان يعلم، أليس كذلك؟

    نفى تاڤي بقوة، لكنه إستدرك ببعض الذنب

    - لقد كان يحاول فعل 'ذلك' مجددًا، أنا لم أكن أريد، لكنه لم يدعني أذهب، لذا أخبرته أن السيد إيليا قال أنه سيخبر أبي إن فعلت ذلك الشيء معه مجددًا، وعندها كان القس غاضبًا جدًا، لا أذكر ما قاله في ذلك الوقت لأنني ركضت بعيدًا.

    تذكرت أنسا القس الذي خرج قرابة منتصف الليل مع مسدسه وشعرت بحلقها يجف.


    - متى حدث ذلك تاڤي؟

    - قبل عشرة أيام.

    كان واثقًا تمامًا كما لو كان يعد الأيام منذ تلك الحادثة.


    - أين والدتك؟

    - قال أبي أنها رحلت بعيدًا قبل ثلاث سنوات..قال أنها لا تريد البقاء معنا هنا، لذا رحلت.



    *************




    في تمام الساعة العاشرة أغلقت المكتبة العامة أبوابها، وفي الخارج جلست لايساندرا على جزع شجرة مقطوعة تنظر لظهر أمين المكتبة بينما يغلق الباب الأمامي بنسخته من المفاتيح.


    إفرايم نورتون، مدير المكتبة الذي يظنه الجميع أمينها، بينما هو كان في الواقع كلاهما!


    لم تكن تعلم أي شيء عنه سوى إسمه، وحقيقة أنه يملك عينًا خضراء وأخرى رمادية، وأن التحديق فيهما كاف لينسى المرء من هو وماذا يكون..لو كان بإمكانها، لبقيت تراقبهما لما بقي من حياتها، لكن ذلك لم يكن ليحدث للأسف.

    كان يعيش وحيدًا في منزل صغير قرب البحيرة، لا أهل ولا أقارب معروفون، وحيد تمامًا، بلا جيران كذلك لأن أقرب منزل له كان منزل إيليان أودرت..وتلك الحقيقة لسبب وجيه جدًا كانت تقلقها.

    الآن مع وجود جريمة قتل وكون إيليان مشتبه به، لا يمكنها سوى أن تشعر بالقلق على إفرايم لوجوده قريبًا منه! صحيح أنه يملك بنية قوية كفاية ليدافع عن نفسه ضد أي هجوم جسدي، لكنها ظنت دائمًا أن إيليان مختل بدرجة ما..هو لا يحتاج القوة الجسدية ليسبب الكثير من الضرر، ربما حتى الموت.


    تركت نفسًا دافئًا يتبخر أمامها بينما ترى إفرايم يرحل أخيرًا تجاه منزله، قلنسوة معطفه تغطي شعره الفضي الكثيف بينما صوت خطواته يتلاشى ببطء.



    *************



    جنازة يوم الثلاثاء..فكرت أنسا أنه ليس يومًا رائعًا جدًا لدفن أي أحد، لكن اليوم لم يكن يوم جنازة أي أحد، لقد كان يوم جنازة القس، القس البيدوفيلي الذي لا تزال لم تعرف بعد إن كان يجب عليهما فتح قضية للتحقيق في أفعاله التي طالت بالتأكيد أكثر من طفل واحد، وربما بعض البالغين أيضًا.

    في المقبرة الواسعة، كان هناك جمع من أكثر من خمسين شخصًا يقفون أمام القبر المفتوح حيث كان القس الجديد الذي أرسلته أبرشية المقاطعة يتلوا صلاته الأخيرة فوق التابوت المغلق.

    ألقت أنسا نظرة حولها، كان هناك الكثير من الوجوه التي لا تعرفها، وكان هناك معظم من قابلتهم خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.

    أمام التابوت وقفت ميريل ريكسا، بثوبها الأسود الطويل وقبعة كذلك، لم ترتدي نظارة شمسية، وتذبذبها بين فترة وأخرى مع بعض الشهقات كان مرئيًا للجميع.

    لم يكن هناك أي شخص قربها يمكن تميزه كفرد من العائلة، لكن سيان ريتشارد كان هناك، يقف قربها ويضع يدًا داعمة على كتفها.

    فكرت أنسا أنهما هي وچاري لم يفكرا في الدافع العاطفي للجريمة، ماذا لو كان هناك نوع من الخيانة هنا؟

    تفقدت عينيها الهيئة العامة لسيان، كان يملك بنية قوية بالتأكيد، ظهر عريض وكتفين قويين، كان يملك القوة لفعلها..لكن مجددًا، هل كان هناك خيانة هنا؟


    تركت نفسًا يتلاشى أمامها بينما تلتفت عن يسارها، كان الجزار يقف نهاية الحشد مع وجه جامد وعينان قاسيتان، دافع آخر للجريمة، ماذا لو كان الرجل قد إكتشف ما يفعله القس بطفله؟

    توبياس نيكتا كان يملك بالتأكيد القوة الجسدية، وبالنظر لحقيقة أنه جزار، كان يملك الكثير من الأدوات، وربما الكثير من الخبرة.


    إلى الخلف قليلًا كانت لايساندرا، وأنسا لم ترى كيف يمكن لإمرأة في مثل بنيتها النحيلة أن تستطيع طعن الرجل في عينه بقوة تخترق جمجمته، لم يكن الأمر مستحيلًا مع ذلك، لكنه كان مستبعدًا.

    فكرت أن القس الذي كان مسلحًا لا شك تمت مباغتته، لكن كيف يمكن لرجل يحمل مسدسًا ويهدد على الأغلب شخصًا يقف أمامه أن يفقد تركيزه كفاية لتسنح الفرصة لهذا الشخص لطعنه في عينه!

    ربما تم تجريده من سلاحه أولًا، وهذا سيحتاج كم لا بأس به من القوة الجسدية، وبالنظر لقائمة المشتبه بهم الحالية، ستخمن أنه يوستس وينفرد، تليه لايساندرا إيرڤارتى، وربما الجزار.

    إيليان أودرت كان خارج القائمة بالتأكيد..تذكرت الهيئة النحيلة وفكرت أنها كانت لتكون قادرة على هزيمته لو دخلت مع في عراك، مسلح أو لا، ربما كان شخصًا مريبًا ومادة مناسبة للجريمة، لكن ليس في هذه القضية.

    كانت تلاوة القس الجديد على وشك أن تنتهي عندما لمحت في الخلف يوستس وينفرد إلى جواره الفتى النادل وأبعد منهما قليلًا أمين المكتبة ذو الشعر الفضي من الأمس.


    كان يوستس يرتدي كنزة رمادية ومعطفًا أسود مع حزام خصر ذهبي تركه مفتوحًا، يرتدي نظارة سوداء ويعلق يديه في جيبيه.

    كان يبدو أنيقًا، وليس زائرًا في جنازة..لا تعلم إن كان قد تعمد أن يبدو كما لو أنه لا يهتم، لكنه بدا كذلك على كل حال، ولا تستطيع أن تقول أنها تلومه، في النهاية كانت هذه جنازة القس الذي يشاهد أفلامًا إباحية للأطفال في موقع مدفوع.


    أغلق القس كتاب الصلوات، وأشار للحاد بأن يبدأ إنزال التابوت للقبر، إرتفع نحيب الأرملة لحظتها، وكان هناك سيان الذي عانقها تقريبًا بينما يحاول منعها من الإنهيار أرضًا.



    عندما بدأ الردم تنفست أنسا الصعداء، كان هذا الحدث على وشك الإنتهاء أخيرًا.


    كانت المقبرة قريبة من الطريق وبلا حواجز عالية، هكذا سمع الجميع صوت السيارة الميني كوبر التي مرت عابرة بهم، ثم توقفت وعادت للوراء لتصطف قرب المدخل، رأى الجميع نافذة السائق تفتح، وفي الداخل كان الرأس الأشقر المجعد مع نظارة رمادية العدسات ينظر إليهم من مقعده كما لو كانوا مشهدًا يستحق التأمل!

    بعد لحظة أُغلقت النافذة وفتح الباب، وراقبت أنسا إيليان أودرت يترجل من سيارته السوداء الصغيرة بينما يصفع الباب خلفه ويتقدم حيث الحشد الذي تحاشاه بصمت.

    فكرت أنسا أن ملابس الإستشاري النفسي السوداء بالكامل لم تكن مراعاة منه للجنازة - والتي على الأغلب قرر حضورها من باب تضيع الوقت ليس أكثر - ولكن لأن ذوقه كان في المجمل مظلمًا، هو على الأغلب يرتدي ملابسه الداخلية من نفس اللون!


    إبتسمت على أفكارها بينما تتابعه عينيها، كان قد دار إلى الطرف الأبعد، لا يندمج في الحشد فعلًا، يقف مع يديه في جيبي معطفه الأسود الخفيف يراقب التراب يتراكم فوق السطح الخشبي للتابوت ولا يبدو أنه يرى أي شيء آخر.


    بعد إنتهاء الجنازة غادر معظم الحضور، الأرملة الحزينة تمت مرافقتها من قبل ثلاث سيدات لا تعرفهم أنسا بينما تطوع شخص ما لإيصالها للمنزل بسيارته.


    چاري ه‍رب لسيارته ما إن إنتهى الدفن وأخبرها أن تتبعه، لكنها لم تفعل، تقف هناك وتراقب القلة الباقية من المعزيين.

    إلتقت عيناها بعيني لايساندرا التي أومأت لها بتحية صامتة بينما تحكم وشاحها حول رقبتها وتغادر أرض المقبرة.

    قرب المدخل وقف سيان ريتشارد مع حاجبين معقودين وسيجارة بين شفتيه، كان يهز قدمه بعصبية وكان بإمكانها أن تدرك أنه كان يعاني لسبب ما..الحب ربما.


    هل كان سيان واقعًا في حب ميريل ريكسا؟ من يمكنه أن يعلم.

    تنهدت وسارت على طول الممر الحجري للخارج، چاري وبخها على تأخرها ثم حشر في يديها شطيرة لحم ساخنة، أي منهما لم يكن قد تناول إفطاره بعد، لذا رحبت بالرائحة الغنية للطعام بينما تلقي نصف إنتباه للمقبرة المواجهة للسيارة.



    .....………

  15. #14
    كان الجميع قد غادر تقريبًا عندما أنهى يوستس كلامه مع نيلو، النادل الصغير كان يسأله عن مشكلة واجهته أثناء تدربه العملي على لغة البرمجة 'چاڤا' والشرح أخذ منه بعض الوقت.

    لذا عندما ودعه الفتى ورحل، وجد يوستس نفسه وحيداً تقريبًا أمام البوابة المعدنية لأرض المقبرة.

    خلال ربع ساعة من إنتهاء الجنازة بدأت تثلج، لأول مرة هذا الشتاء، يوستس راقب الندفات البيضاء الصغيرة وألقى نظرة أخيرة على المقبرة قبل أن يبدأ في السير تجاه منزله، لكن في الداخل كان هناك إيليان أودرت يقف بلا وشاح ولا قفازات ومعطف قماشي خفيف لحد جعله يتبعثر حوله مع الرياح الخفيفة التي تشتد مع إقتراب المساء..

    كان يريد العودة للمنزل الآن، لكنه لم يستطع! بدل ذلك سار بخطوات سريعة يتظاهر أنه لا يدرك وجود سيارة المحققين خلفه ودخل المقبرة مجددًا.


    - لمَ لازلت هنا؟

    السؤال جعل إيليان يرفع عينين باردتين لصاحبه، وهناك وجد يوستس وينفرد مع حاجبين معقودين وتعبير شبه مهتم بينما يتابع خطواته أقرب إليه.

    إيليان ألقى نظرة أخيرة على القبر الجديد ثم استدار وواجه الشاب الذي لا يملك سببًا ليكون هنا.. أو ليكون قلقًا!

    - فقد أتأمل..كيف يمكن للموت أن يحل كل شيء تقريبًا.

    توقف يوستس في منتصف خطوته عندما سمع ذلك، وعلى بعد أقل من متر منه وقف إيليان مع عينان مرتخيتان وعنق شاحب، تعبيره كما لو كان قد قال ذلك فقط ليرى رد فعله، لكن يوستس لم يقم بأي رد فعل، عوضًا عن ذلك حدق للعنق الشاحب الذي برزت أوتاره وعظمة الترقوة أسفله وشعر بالبرد سلفًا له، يقاوم غرزته لمد يده وإغلاق الزر المفتوح للمعطف ورفع قلنسوته فوق رأسه المجعد.


    - فقط إذهب إلى البيت، ثم يمكننا مناقشة كيف يحل الموت كل شيء في مكان آخر!


    بدا إهتمامه الممزوج بالإنزعاج لطيفًا لإيليا لحد جعله يبتسم إبتسامة واسعة كفاية لتظهر أنيابه.

    لكنه لم يعلق على طلب يوستس وعوضًا عن ذلك سار متجاوزًا إياه تجاه الشارع.

    في الخارج كان الطريق خاليًا عدا عن سيارة المحققين وسيارة إيليا الصغيرة، وعندما أوشك على بلوغها إلتفت ليوستس مع إبتسامة جانبية

    - كنت لأوصلك..

    وترك الجملة غير منتهية، يوستس ألقى نظرة عليه ثم على سيارة المحققين مظللة النوافذ ونفض الطبقة الرقيقة من الثلوج على كتف معطفه

    - قم بإيصالي.

    ثم ترك إيليا الذي إبتسم لسبب ما يركب في مقعد السائق بينما حشر هو نفسه فوق المقعد الصغير في الجانب الآخر.





    **********



    مساء يوم الجنازة لم يكن كئيبًا جدًا كما يمكن لأي شخص أن يتوقع، عوضًا عن الجلوس في البيت مع كأس شراب ومراجعة ملف القضية ثم الخلود للنوم مبكرًا، قرر چاري أن يحصل على كأس شرابه في الحانة الصغيرة للبلدة.


    حانة البطة المرحة..إسم سخيف، ومكان حقير بدرجة ما، أرضية كالحة والكثير من الطاولات والمقاعد الخشبية التي تصدر صريرًا مع كل حركة.

    الأضواء البرتقالية تمنح المكان دفئًا لا بأس به وتكسر الجو الكئيب، والصخب حوله أخبره أنه ليس الكثير من سكان البلدة يحزن على الرجل المغدور.

    تنهد چاري وإبتلع المزيد من كأس الجعة البارد، كان يجلس على طاولة البار، يمنح ظهره للجمع الصاخب، يشرد في إنعكاس الضوء على كأسه رديئ الصنع.


    أنسا عادت للمنزل منذ وقت طويل، وهو قرر أن الكثير من الأشياء يمكن أن تظهر بعد دفن جثة، ثرثرة ما، تلميحًا ما، أي شيء، لذا كان هنا، يتظاهر بأنه لا يسترق السمع لكل المحادثات العشوائية في الخلف.

    لم يفكر أنه من الغريب أن يجتمع كل من تورط في هذه الجريمة بطريقة أو أخرى في مكان واحد.

    أين قد يذهب القاتل بعد دفن ضحيته؟

    الإجابة في رأي چاري كانت هنا.. الحانة الرخيصة للبلدة، حيث يسمح لنفسه أن ينسى كل شيء لنصف ساعة.

    - ڤيكتور، سآخذ زجاجة نبيذ أحمر!

    يوستس وينفرد أخبر الساقي الذي كان يقف عند طاولة بعيدة يتبادل حديثًا طويلًا مع المجموعة التي جلست حولها، يدور حول طاولة البار ويختار أفضل زجاجة فوق الحامل يفتحها ويسكب لنفسه كأسًا حتى ما فوق النصف.

    چاري خمن أنه زبون دائم..في الواقع بدا الجميع هنا زبائن دائمين، في النهاية كانت هذه الحانة الوحيدة في البلدة.

    شعر بالشخص الذي دخل للتو يمر به ثم يجلس بعده بمقعدين، لكنه لم يلتفت له حتى سمع النبرة المميزة التي تلت ذلك.


    - سوف آخذ كأسًا.

    لم يستطع چاري سوى أن يدير عينيه لإيليان أودرت الذي يجلس قريبًا، ملابسه خفيفة كما دائمًا والظل الميت في عينيه كما كان.

    - أنا لست الساقي خاصتك.

    رغم أن يوستس قال ذلك، إلا أنه سحب كأسًا وسكب أقل من نصفه يدفعه تجاهه، مع ذلك لم يسحبه إيليا، يسترخي في مقعده مع ساق فوق الأخرى ولا يحرك عينيه عنه.


    چاري حياه على صموده أمام الجليد المسبب للهلع في عيني إيليا، بعد كل شيء كان هناك شخص ما لا يهابه.

    في النهاية سحب يوستس كأسه وزجاجة نبيذه ورحل لطاولة أخرى.

    في الخلف كان بإمكان چاري رؤيته مع سيان ريتشارد يتحدثان بأريحية عن شيء ما، وفي الطاولة المجاورة كان أمين المكتبة الذي لايعرف إسمه لكنه يذكر ملامحه جيدًا يجلس وحيدًا مع كوب قهوة أو شاي وكتاب صغير!

    من كان يأتي لحانة كي يقرأ؟

    لم يحدق أكثر من اللازم، مع ذلك رفع الشاب عينين حادتين له، مباشرة يحدق لعينيه مع تعبير جامد، وچاري وجد نفسه يدور بعينيه بعيدًا، يلتقط الجزار من الأمس يجلس مع مجموعة صغيرة ولا ينخرط في الحديث تمامًا.


    - من المؤسف أنك لا تستطيع معرفة ما يوجد داخل عقل شخص ما، لو أنك تفعل..لكان كل شيء قد إنتهى منذ يوم ونصف.

    كان ذلك تعليقًا جانبيًا من إيليان أودرت، لا ينظر إليه بينما يقرر سحب كأسه أخيراً، يلتفت إليه بينما يرفعه في وجهه، ومع أكثر وجه خال سبق لچاري أن رأه في حياته أخبره

    - نخبك.

  16. #15


    وااااااو الفصل الثاااالث أخيييرا asian

    لي عودة قريبة ان شاء الله asian

  17. #16
    السلام عليكم ورحمة الله..
    لم أقرأ الرواية بعد لكن وجدت محفز قوي ألا وهو الأسلوب ، الوصف عميق بلا تكلف في المفردات وحشو كلمات لاداع له «هذا نوعي المفضل + لاحظت للأوصاف الجسدية للشخصيات وهيئتها فوجدتها غير تقليدية أي ليست مجرد وصف للون الشعر والبشرة والطول وهذا سبب جعلني أقر تمكنك من رؤية الشخصيات بشكل جيد + الحوار متقن إلى حد ما..هذا بالنسبة لما وقعت عليه عينيّ لذا استمري في الكتابةgooood..

  18. #17
    عودة سريعة..
    ظرف لطيف دفعني لقراءة روايتك وأهنئك أن انطباعي عن اسلوبك لازال كما هو وصف الشخصيات متقن ويوجد شيء من المرونة في وصف تحركاتها سعدت لذلك حقاً، لكن ظهرت لي مع ذلك بعض الأخطاء الإملائية والنحوية وتسرع على مايبدو في سرد الأحداث..
    لكن أولاً دعيني القي الثناء والتصفيق الحار على هذه العبارة:
    (ومنحه إبتسامة باردة جعلت كلاهما يدرك كم كانت عميقة وجميلة غمازتيه!)
    بصراحة ابتسمت بسعادة عندما قرأتها حقاً كتابتك لمثل هذه التفاصيل أمر رائع..

    ليس لدي الكثير لأعلق عليه لأن الملابسات غامضة بعض الشيء السيدة زوجة القس لها الدافع أيضاً لو أنها اكتشفت تصرفات زوجها المشينة وقد يدفعها ذلك للتخلص منه أو لو أنها واقعة في حب إحدى الشخصيات وقررت التخلص من زوجها الكهل لتعيش حياتها مع احدهم نعم هي اسباب واهية لكنها تظل أسباب.
    أما بالنسبة لشخصية المحقق جاردي لاأعلم تماماً لكنه لايتمتع بمرونة وهيبة رجل تحقيق، المحقق الحق ينظر للناس في اعينهم يقف أمامهم وليس كما فعل لأول مرة مع إليليان هذا، يفترض أن يجعل إليليان يهابة لا العكس، سيتحلى الشاب هكذا بالثقة الزائدة ليفعل مايريد.
    سأكون صريحة بشأن الأخطاء لأن اسلوبك جميل واريده أن يكون بأبهى حلة لاتشوبه شائبة..
    بالنسبة للأخطاء النحوية أرجو منك الملاحظة لعدم وضع الهمزات على الأسماء الخمسة من اسم وغيرها + لاحظتك تضعين في كثير من الأحيان الفاعل أولاً ثم الفعل مثلاً (انستا لاحظت) لكن الصحيحة (لاحظت انستا) وأيضاً هنالك أفعال يفترض أن تكون ماضية جعلتها مضارعة + لاحظي لاعراب جمع المذكر السالم والمثنى، وكلمة (أسئلة) أيضاً كتبت بشكل خاطئ في أغلب المواضع وبعض الهمزات هنا وهناك موضوعة بشكل خاطئ اتمنى ان تنتبهي لها في المرة القادم. وأخيراً علامات الترقيم أيضاً محتاجة لمراجعة منك.
    بالنسبة للأحداث كنت اتمنى لو اظهرت لنا المزيد من الحوار الداخلي مع المحقق عن اعتقاداته بشان الجريمة + الاستجواب الخاص بإليليان وزوجة القس شعرته مستعجل ومختصر نوعاً ما، لم يتعمق المحققون مع زوجته أو في حياته الشخصية وشعرت أن الزوجة ينبغي أن تستجوب أكثر من مرة مع ازدياد قائمة المشتبهين لمعرفة بشكل أوضح علاقاتهم مع زوجها + في المرة الأولى عندما قابلهم ذلك الصغير وصرح لهم باسم اليليان توقعت أن يتم استجوابه مباشرة أو يركض المحققان خلفه والغريب أن والده كما قلت له الدافع لقتل القس لكنه لم يستوجب وهنا تأتي مشكلة الثغرات، هنالك بعض الثغرات هنا وهناك كان يجب ان تُغطى لكن ذلك لاينفي أبداً حماس الأحداث وكما قلت نبهتك لأنني أحببت أسلوبك وطريقتك في توصيل الأفكار للقارئ لذا أريده أن يكون بأفضل حال..
    ومتحمسة لمعرفة بقية الأحداث..


  19. #18
    الفصل الرابع




    ★★★





    لنصف ساعة ظلت لايساندرا جالسة ترتجف فوق الأريكة الوحيدة في شقتها.

    كان المحققان قد إقتحما خلوتها منذ أقل من ساعة يخبرانها أن هناك شاهدًا رأها تغادر المنزل بعد الحادية عشرة، مع المزيد من الإستجواب وتأكيدهم على منعها من مغادرة البلدة قبل إنتهاء التحقيق.

    كانت تعرف من هو الشاهد الذي أوقع بها..لقد كانت مالكة البيت العجوز بلا شك.

    ضمت ذراعيها حولها ونهضت تتجول في أنحاء غرفة معيشتها الضيقة بلا هدف.
    كانت تهلع بصمت، تشعر أنها محاصرة، وكانت خائفة..

    في ذلك اليوم كانت قد خرجت في تمشية مسائية لا تقوم بها عادة، كانت تشعر بالوحدة والإكتئاب وقد فقدت عملها مؤخرًا ولا شيء ليملىء وقتها..لذا خرجت، تتجول في الطريق الصامت والمظلم قرب البحيرة وحيدة، تفكر أن عليها فعل شيء ما بشأن حياتها التي تنهار تدريجياً.

    كانت غارقة تماماً في أفكارها عندما توقفت فجأة لرؤيتها الشخص القادم من الطرف الآخر من الطريق، كان الوقت متأخراً والطريق مظلمًا وهي وحيدة، لذا توارت تلقائياً في ظل الأشجار على حافة الطريق وتوقفت.

    لاحقاً أدركت أن الشخص على الطرف الآخر من الطريق كان القس ريكسا، يسير بوتيرة منفعلة ويتوقف أمام ذلك المنزل بالتحديد، لم تفهم لماذا..من بين جميع المنازل التي قد يقوم القس بزيارتها منتصف الليل لمَ كان هذا المنزل؟

    توقف القس للحظة، يخرج شيئاً من جيب معطفه يلقي عليه نظرة قبل أن يعيده لجيبه ويلتفت حوله قبل أن يصعد الدرجة الأمامة القصيرة ويطرق الباب.

    لايساندرا رأت الباب يفتح، شاهدت القس يدخل، ثم دارت على عقبيها وعادت للمنزل.


    تنفست بعمق بينما تغطي وجهها بيديها، كان عليها أن تغادر هذه البلدة منذ طردها القس من المدرسة، لو أنها فعلت كانت لتتجنب كل هذا.

    لكنها لم تفعل.. لم تفعل لأجله، لأنها لم تستطع حمل نفسها على عدم رؤية أمين المكتبة مرة أخرى.

    دمعت عيناها، تشعر برغبة عارمة في البكاء لكنها تكبح نفسها وتقلب عينيها على كونها ملكة دراما، مسحت عينيها وتوجهت لغرفتها، تقرر أن الحياة أكبر من أن تفنيها في هذا المكان المتعفن.





    *************



    المنزل رقم سبعة وستين كان واحداً من أكبر البيوت في ألاڤوس، مع مرآب خاص وسقف مرتفع والكثير من المزروعات العضوية حوله.

    لم يعلم أحد كيف تمكن أمين المكتبة الذي على الأغلب لا يحصل على أجر أعلى من الحد الأدنى من تحمل تكلفة إستإجار هذا المنزل، مع ذلك، لا أحد سأل.

    كانت هذه الجهة من البلدة تضم منزلي إثنين من الإنطوائين الذين كان من النادر رؤية وجوههما في أي وقت، لذا تركهما الجميع بلا أي إهتمام خاص.

    في الطابق الثاني، حول طاولة القرآءة ذات المقعدين والمجاورة للنافذة الكبيرة المطلة على البحيرة جلس إفرايم مع كتاب مفتوح أمامه.

    كان الكتاب بالصينية، ثلاث مائة صفحة أنهى منه أكثر من نصفه، لكن الصفحة ظلت نفسها لوقت طويل..

    كانت عينيه متباينتي اللون مفتوحتان، كان ينظر للكلمات فوق الورق جيد الجودة، لكنه لم يرى كلمة واحدة.

    لقد علق مجدداً.

    لنصف ساعة الأن، إفرايم كان يعيش مشهداً آخر من حياته، يرى ويسمع ويشعر بكل شيء، فقط جسده هو الحاضر، عقله في مكان آخر تماماً.

    بالإضافة لكونه مصابًا بتغاير لون قزحية العين، ولكونه يملك شعرًا فضيًا ووجه أكثر جمالاً مما على الإنسان أن يكون، لم تكن تلك كل المميزات التي أتت معه.


    إيفرايم نورتون كان مصابًا بمتلازمة فرط الاستذكار، معروفة علمياً باسم هايبرثيميسيا وإختصارًا hsam.


    إفرايم كُتب عليه ألا ينسى..والآن -كما ظل يحدث طوال حياته- كان عالقًا في ذكرى ماضية، يعيشها مجدداً كما لو كانت المرة الأولى، وبالنظر للحزن الذي يكاد يمزق ملامحه فهي لم تكن ذكرى سعيدة جداً.

    بدون محفز خارجي، لم يكن بإستطاعته الخروج من تلك الحالة قبل فترة طويلة.

    كان من الواضح أن الذكرى تزداد حدة، المشاعر تزداد بؤسًا، و وريد جبينه الذي برز من فرط إنفعاله كان دليلاً كافيًا على أنه سينفجر خلال لحظات.

    لكن المحفز الخارجي أنقذه، ولم يستطع كبح شهقة الإجفال التي أطلقها عندما إخترق صوت جرس الباب وعيه يسحبه بعنف للواقع.

    إفرايم حدق للكتاب بين يديه، ثم نهض يسحب خطواته للباب ويتوقف لحظة ليفرك عينيه.

    في الأسفل عندما فتح الباب، لم يكن بالتأكيد يتوقع أن من يدق جرسه في الواحدة بعد منتصف الليل كان زائرة المكتبة الدائمة لايساندرا إيرڤارتى.


    - أحتاج التحدث إليك، إنه أمر مهم.

    لم يقل إفرايم أي شيء، لكنه ألقى نظرة على حقيبة الظهر المنتفخة التي كانت تحملها وأفسح لها الطريق لتدخل.


    عندما أغلق الباب خلفها أدرك أنه لم يكن يرتدي عدسته التي يغطي بها عينه الرمادية، يده إمتدت تجاه عينيه قبل أن يوقفها منتصف الطريق، يقبض كفه ويضعه في جيبه بينما يتظاهر أن لا شيء غريب بشأن الأمر.

    لايساندرا أدركت ما كان يحاول فعله وابتسمت

    - لا تهتم لذلك، لا سبب يدفعك لتغطية لون عينك لأجل الناس إفرايم!

    - إخترتي وقتًا نموذجيًا للرحيل، مع ذلك أتيت هنا لأنكِ..؟

    قال يتركها تكمل الجملة بإجابتها، وهي لم تستطع سوى أن تبتسم رغم كل شيء، تتأمل الظل الخفيف الذي يعكسه الضوء الجانبي على عينيه.

    - لأودعك.

    ضيق إفرايم عينيه لكنه لم يقل شيئاً، يدعوها للجلوس ويتوجه هو للمطبخ.

    جلست لايساندرا على أريكة منفردة قرب المدفأة الجدارية الصغيرة وتأملت الصالة الواسعة، كان هناك أريكتين ومقعدين رماديين، طاولة قهوة زجاجية ذات أقدام معدنية مشغولة، وعلى الجدار المقابل للمدفأة كان هناك طاولة جدارية فوقها هاتف موصول بسلك الشاحن وموزع كهربائي وميدالية مفاتيح، يبدو أنه بالإضافة لكونه وسيمًا ومثقفًا كان غنيًا أيضاً!

    لا يمكن لأي فتاة حالمة أن تجد ما هو مثالي أكثر، لكنها لم تكن تلك الفتاة الحالمة لحسن حظها..

    عاد إفرايم بعد دقائق مع كوب شوكولاة ساخنة وبعض البسكويت، شكرته بهدوء وتناولت الكوب الكبير تلف أصابعها المرتجفة حوله، الرائحة اللطيفة للكاكاو والحليب والبندق تدفئ قلبها، والغشاوة على عينيها جعلت إفرايم الجالس أمامها يمنحها لحظة لتتماسك.

    - تعرف كم هو غريب كيف لفعل صغير جداً أن يتسبب في الكثير من المصائب، تأثير الفراشة كما يجب أن يكون!

    لم ترفع عينيها إليه، ترتشف القليل من الشراب الساخن وترفع حاجبيها إعجاباً بالنكهة.

    - هل تعرف لمَ أنا هنا؟

    لم يكن لدى إفرايم أي فكرة، بالنسبة له كانت لايساندرا إيرڤارتى مجرد زبونة منتظمة أكبر منه بست أعوام ولا شيء آخر، لكنه لم يجب سوى بسؤال بسيط جداً.

    - لماذا؟

    سحبت نفساً عميقاً وانحنت لتضع الكوب على الطاولة، تسحب نفسها لطرف الأريكة وتعقد يديها معًا.

    - لقد أتيت لأودعك، أعلم أننا لم نحظ بأي نوع من العلاقات فعلاً، لكنني فقط شعرت بالحاجة لرؤيتك لمرة أخيرة، لكن هذا ليس السبب الوحيد لوجودي هنا، لقد أتيت لأحذرك.

    رفعت عينها إليه بينما تخبره بالسبب الذي كان يدفعها للهرب من البلدة كلها.

    - أنا أعرف من قتل القس ريكسا.

    راقبت لايساندرا العقدة الخفيفة بين حاجبيه والنظرة التي قالت بضوح أنه لا يصدق ذلك، لكنها ظلت صامتة حتى طلب هو المزيد من التفاصيل.

    - من؟

    إبتلعت غصتها وزفرت نفساً عميقاً بينما تشعر بقلبها يخفق ضد أضلاعها بقوة ألمتها

    أخبرته الاسم، وراقبت ملامحه تتصلب بينما يفقد جلده لونه، الرمادي في عينه يتوهج والخوف الذي رأته يزحف ليغطي القزحيتين المتباينتين جعلها تشعر بالقلق، بالتأكيد كان الأمر مفاجأة لأكثر من سبب، والآن تشعر كما لو كان بإمكانها ألا تقلق بشأن الأمر بعد الآن.

    من الغريب كيف كان الحديث لشخص واحد عن الأمر قادراً على جعلها تتحسن لتلك الدرجة!

    - لماذا لم تخبري الشرطة؟

    كانت تعتقد أنه سيلومها، أو في أسوأ الأحوال يتهمها بأي شيء كونها تهرب الآن، لكن سؤاله كان إستفهاميًا بحتًا، خال من أي عاطفة عدائية، ولايساندرا فكرت كيف إنتهى بها الأمر في هذا الوضع

    - لا أعلم فعلاً، ربما لأنني كرهته، أو لأنني خائفة أن تتهمني الشرطة بالمشاركة في الجريمة أو عرقلة التحقيق إن أخبرتهم الآن.

    - لذا أنتِ فقط سترحلين؟

    - نعم.

    ظل كلاهما صامتين لفترة، عندما توقف البخار عن التصاعد من كوب الشكولاة حملت لايساندرا حقيبتها ووقفت، تبعها هو أيضاً بينما قالت وداعها الأخير

    - كن بخير، ويمكنك دائماً الذهاب للشرطة مع هذه المعلومة، قد تضع نفسك في موقف سيء معهم، لكنها الطريقة الوحيدة كي تتخلص هذه البلدة من خطر وجود قاتل بين سكانها.

    وكي تحصل هي أيضاً على حريتها، لكنها لم تقل ذلك.

    توجه كلاهما للصالة، في المدخل إرتدت حقيبتها وقالت وداعًا بينما إستدارت لتتجه للباب.

    مدت يدها على وشك أن تلمس المقبض المعدني قبل أن تشهق بعنف لأجل الشيء الذي خنقها من الخلف بقوة أسقطت حقيبتها وجعلتها تمد يدها لرقبتها حيث كان السلك الكهربائي الرفيع يلتف حول عنقها..

    يديها أصبحتها مقيدتان بقوة خلف ظهرها بينما يضغط السلك أكثر على عنقها، شهقت، ركلت بكلتا ساقيها بعنف، شعرت بالضغط يكاد يفجر عينيها وأذنيها، أنفها يكاد ينزف، رأتيها تتمزقان من نقص الأوكسجين، قواها تخور وشهقاتها لا تجلب أي هواء لمجراها التنفسي..

    في النهاية أدرك عقلها المحتضر ما يحدث، إفرايم نورتون كان يقتلها..لماذا؟


    .
    .


    عندما توقف الجسد عن الحركة وشعر بالتثاقل الذي سحبها للأرض لم يفلتها قبل دقيقة أخرى، بعد ذلك تركها تنزلق ببطئ للأرض، يترك يديها المقيدتان خلف ظهرها ويسحب سلك الشاحن من حول رقبتها، كان السلك قد ترك أثراً بنفسجيًا غائراً حول عنقها، وكانت طبقته البلاستيكية قد تمزقت من فرط الشد، ربما لن يعمل بعد الآن..

    ترك السلك جانباً وانحنى قربها، شفتيها كانتا متفرقتان قليلاً، عيناها متسعتان وهناك دمعة باردة إنزلقت جانبيًا على عظمة أنفها.

    أدار رأسها المائل ليقابله، أغلق عينيها وأخرج منديلًا مسح به دموعها قبل أن تسقط على السجادة ثم أحرقه في المدفأة.


    مساء يوم الخميس، حظيت ألاڤوس بضحية جديدة.



    *************


    روسيا، سيبيريا، مقاطعة ڤولوتشانكا.





    كان ذلك يومًا آخر من الأسر الذي لا يبدو كأسر، أكثر ما كان يزعج السكرتير البابوي في الوضع كله هو أنه لم يكن يعرف موقعه من كل هذا..مالذي كان الروسي الشاب يخطط لفعله معه؟ ليس شيئاً جيداً بالطبع، لكنه أراد أن يشعر بالخوف للأسباب الصحيحة، وهو شيء لم يتفضل توڤريتش بمنحه إياه حتى الآن!


    كان في غرفة الجلوس الكبيرة التي إلحقت بها غرفة نومه، وحيد وسط المساحة الواسعة المليئة بالأثاث الفخم والعديد من التحف الرخامية.

    على الطاولة المواجهة الأريكة حيث كان يقف يشاهد البياض الممتد لمالانهاية خارج النافذة رأى لوح شطرنج، كان مصنوعًا من الرخام الأبيض والأسود، ولسبب ما لم يكن هناك سوى مجموعة واحدة من القطع صنعت من رخام أسود لامع.

    عقد ساعديه وجلس نصف جلسة فوق ذراع الأريكة المبطن، كان الليل قد حل بالفعل عندما رفع عينيه للسماء خارج النافذة الواسعة، الضوء الخافت في الداخل يأتي من المدفأة الجدارية فى الجدار المقابل، ولوحة الشطرنج ذات المجموعة الواحدة بدت العنصر الرئيسي في المشهد.

    لماذا كان هناك مجموعة واحدة؟

    لم يرى توڤريتش طوال الثلاث أشهر الماضية يلعب الشطرنج، ولا يعتقد أنه قد يملك الذائقة ليضع لوح شطرنج مع مجموعة واحدة فوق طاولة مخصصه له فقط من باب الديكور.


    في الخارج كانت تثلج، الشيء الوحيد الذي يبدو أن جو شمال روسيا قادر على فعله هو جلب المزيد من الثلوج ومراكمتها في كل مكان.

    خلفه كانت المدفأة الجدارية ترسل قدرًا منتظمًا من الدفئ لكل الغرفة.

    كانت الليلة أكثر برودة من باقي أيام الإسبوع، والجو الكئيب لم يساعد على جعل ليلته أقل بؤسًا.

    كان توڤريتش في مكان ما بعيد لحسن الحظ، لذا كان هذا يعني حصوله على أمسية وحيدة وهادئة مع فنجان شاي والخلود للنوم باكرًا.

    نهض عن جلسته الجانبية في طريقه لغرفته، النيران في المدفأة ترسل ظلالًا متراقصة في كل ركن من الغرفة.

    لسبب ما أدار رأسه ليلقي نظرة أخيرة على القطع السوداء الستة عشر في الخلف، وعندما فعل لم يستطع سوى أن يقف مكانه لا إراديًا، رأسه ملتفت للجانب بينما يحدق للملك على الرقعة..

    لماذا كان هناك حفر لعنقاء ذهبية على الجسم الأسود الصغير؟

    شعر چيوڤاني بجلده يبرد بينما يعود خطوة حيث الرقعة ويلتقط الشاه الذي كان في الصف الثالث يتقدم كل القطع.

    تحت الضوء البرتقالي لنيران المدفأة رأى بوضوح الطائر الذهبي..

    لم تكن تلك مجرد عنقاء، لقد كان شعار فينكس..

    إرتجفت أصابعه التي تحمل القطعة اللامعة والباردة للملك، لمَ كان رئيس مجموعة من المليشيات الروسية يملك شيئًا كهذا؟

    لم يملك الوقت ليطرح المزيد من التساؤلات لأنه في هذه اللحظة بالذات فُتح الباب المزدوج للغرفة ودخل توڤريتش.

    شعر چيوڤاني بمفاصله تتيبس، والقشعريرة التي زحفت على جلده بينما تقبض أنامله بقوة على قطعة الشطرنج جعلته يشعر كما لو تم إمساكه متلبسًا.

    توڤريتش ألقى نظرة عابرة على اللوح ثم على الملك بين يديه، كان بإمكان چيوڤاني أن يرى تلكما العينان تبردان بينما تحدقان للقطعة بين يديه، كان وجهه خال من التعبير لكن چيو أدرك أنه لم يحب حقيقة أنه كان يمسك بالملك بين أنامله المتيبسة.

    راقبه بينما تحرك تجاهه أخيراً، شعره يتأرجح خلف ظهره وعيناه تركزان على عيني چيوڤاني، لا عنف أو غضب، فقط نظرة هادئة وربما باردة قليلاً.

    إرتد خطوة لم يستطع كبحها عندما وصل إليه توڤرتيش، كان أطول منه بعدة بوصات، وتلك الحقيقة لم تساعده على الهدوء بأي شكل.

  20. #19
    عندما مد الروسي ذو الشعر الطويل أنامله وألتقط رأس الشاه من بين أصابعه، تركه چيوڤاني بينما كتف ذراعيه بحمائية أمام صدره ولم يقل أي شيء بينما يراقبه يحني رأسه يعيد الملك لمكانه على الرقعة برفق، يتساقط شعره حول وجهه بينما يحرص على أن يجعل قاعدة قطعة الشطرنج تتوسط المربع تماماً.


    ما كان ذلك؟ أراد چيوڤاني أن يسأل، لكنه لم يجد صوته ليفعل.

    - لمَ رفضت تناول طعامك مجدداً؟

    فاجئه السؤال قليلاً، كان لا يزال يتذكر التهديد الضمني من اليوم السابق بشأن الإضراب عن الطعام ولم يرد أن يثير أي رغبة سادية هو في غنى عنها الآن.

    - أنا لا آكل السمك.

    بدا الروسي متفاجئًا، والنظرة التي منحها له بينما يقف كلاهما أمام النافذة أربكت السكرتير البابوي قليلاً.

    - ماذا عن الروبيان؟

    - إنه أيضاً سمك!

    - إنه قشريات.

    ابتسم چيوڤاني على ذلك، وأدار وجهه ليقابل النافذة بينما يجيب

    - أنا لا آكل أي شيء يعيش في البحر.

    - كان بإمكانك أن تقول ذلك!

    قطب چيوڤاني بينما يعيد عينيه إليه مع العقد لاتزال بين حاجبيه وأخبره بصدق

    - لم أظن ذلك الخيار متاحًا.


    لم يقاوم توڤريتش رغبته في تقليب عينيه على الكاهن الذي كان أكبر منه بعشر سنوات تقريباً مع ذلك كان لايزال يملك هذا الجانب الطفولي المتردد..ربما حتى اللطيف.

    - أنت لست في معتقل، لذا توقف عن التصرف كما لو كنت في واحد.

    ثم رفع هاتفه ليجري إتصالًا بالمطبخ يأمرهم بتحضير وجبتين خاليتين من البحريات!


    ذهب تروڤيتش ليسكب لنفسه كأس نبيذ أحمر عند طاولة المشروبات في زاوية الغرفة، لكنه عوضاً عن يشربه حدق في السائل الأحمر للحظة طويلة كما لو كان يعيد التفكير في الأمر قبل أن يمده للكاهن الذي رفع حاجبًا على تصرفه قبل أن يأخذه منه مع شكراً خافتة.

    إرتشف چيوڤاني القليل من كأسه بينما يقف أمام النافذة يراقب المصابيح البرتقالية التي أنارت مساحة صغيرة حول المبنى، في الخلف كان تروڤيتش يسكب لنفسه كأسًا من شيء أقوى من النبيذ، قبل أن يعود ليقف قربه، عيناه باردتان بينما يبدو وكأنه يشرد في المشهد أمامه.

    .
    .
    - ما علاقتك بڤينكس؟

    كان چيوڤاني يعلم أنه ميت على كل حال، لذا لا بأس بإشباع القليل من الفضول.
    لكن الرجل قربه لم يقل أي شيء إلا بعد فترة طويلة، يستدير مع تعبير بارد بينما تحدق عيناه مختلطتي اللون له

    - شخص سأتخلص منه يوماً ما.

    - حلف مكون من خمسين دولة لم يستطع ذلك، مالذي يجعلك تظن أنك تستطيع؟

    إبتسم تروڤيتش بينما يحدق في عيني أسيره بندقيتي اللون الهادئتان، إن كان هناك أي شيء يعجبه في السكرتير البابوي فهو حقيقة أن لا شيء قادر على مفاجئاته، يتعامل مع كل شيء بسلاسة أكثر من اللازم، يتفهم أكثر الأمور غرابة ويتعامل معها بموضوعية تامة.

    - لأنني أملك شيئاً لم يملكه حلف يوم الهلاك.

    راقب چيوڤاني العينان المبهرتان أكثر من اللازم يبحث عن أي نوع من الهزل، لكن كل ما كان هناك هو برودة قاسية وابتسامة لطيفة!

    ثم إستدار فجأة بعد أن أنهى كأسه يكاد يصفعه بخصلاته الطويلة جداً وغادر الغرفة قائلاً أنه سيعود حين ينتهي تحضير الطعام.



    وقف السكرتير البابوي وحيداً مع كأس نبيذ أمامه لوح شطرنج معكوس الترتيب من مجموعة واحدة والملك قد حفر عليه نفش عنقاء ذهبية دائري.


    كان شعار العنقاء الذهبية الدائري معروفاً لكل شخص في هذا العالم.

    لقد بدأ كل شيء قبل وقت طويل جداً، لا أحد يعرف متى تحديداً، لكن الكثير من الروايات تقول أن فينكس الأول كان موجوداً مطلع القرن الحادي عشر الميلادي، قبل ألف سنة من الآن، أكثر أو أقل، شخص ما من سكان أوربا الغربية بدأ حياته كتاجر مجوهرات.

    ومع مرور الوقت أصبح تاجر المجوهرات واحداً من أغنى الشخصيات في أوربا كلها، أسس أسرة توارثت مهنته، ومع الوقت أصبحت فينكس أحد أشهر وأغنى الأسر النبيلة في كل أوربا.

    لم يكن المال فقط هو كل ما حصلوا عليه، فمع الإمتيازات الملكية التي منحت لهم، والمصاهرات مع الأمراء وورثة العروش، كان لهم نصيب كبير في الجانب السياسي لفترة العصور الوسطى.


    كما أنهم لم يكتفوا بالبقاء داخل أوربا وحدها، يقال أنهم كانوا من أوائل المغامرين الذي غادروا القارة بحثاً عن أراض جديدة أثناء ما عرف بفترة الكشوف الجغرافية.

    لا أحد يعلم مع ذلك إن كانوا قد تمكنوا من إيجاد مكان جديد أم لا..إن كانوا قد فعلوا فهم حرصوا على ألا يعرف أحد ذلك مطلقاً.

    فينكس بدأت أسرة غنية وسط فقر العصور المظلمة المقدع، وبحلول القرن العشرين لم يعد هناك مكان على الأرض خال منهم.

    من الشرق للشرق، من القطب الشمالي حتى أخر نقطة في أمريكا الجنوبية كان هناك شيء ما يخصهم.

    منجم ما، مصنع ما، فندق ما، أو حتى مشفى..لقد كانوا في كل مكان، جزء من كل شيء، التعدين، التجارة، الصناعات الغذائية، البحث العلمي، الصناعات الدوائية والكميائية، التكنولوجيا والأبحاث الفضائية، فقط..كل شيء.

    هذا كان ما إستطاع تطورهم على مدى ألف عام أن يمنحهم..العالم.

    لقد كانوا مرضًا خبيثًا متأصلًا بعمق في هذا العالم، ولا أحد كان قادراً على التخلص منه.

    لكنهم حاولوا..يذكر چيوڤاني جيداً ذلك اليوم قبل خمسة عشر عاماً..

    اليوم الذي قرر فيه قادة أكثر من خمسين دولة عظمى أن الوقت قد حان للتخلص من هذا المرض للأبد، أن يتخلصوا من قبضة فينكس التي كانت تتحكم في العالم سياسياً واقتصاديًا لوقت طويل جداً، طويل بقدر ما يستطيع التاريخ أن يذكر.

    لذا، وبمباركة البابوية، تكون حلف من خمسين دولة أطلقوا على أنفسهم لقبًا مناسبًا جداً وهو «حلف يوم الهلاك» وهذا إلى حد كبير ما كانه الأمر، يوم هلاك إمتد لسنوات طويلة.

    في ذلك اليوم عندما استيقظ الملايين على صوت كل وكالة أخبار على الأرض تبث الخبر الذي لم يظن أحد أنه كان ممكناً قبل الآن..آخر سلاسة فينكس تمت إبادتهم فجراً في قصرهم في إستراليا.

    من كان بإمكانه أن يتوقع أن العالم سينهار بهذه الطريقة فقط لأن مجموعة صغيرة من الناس قد ماتوا فجر يوم ما..

    الكساد العظيم الذي بدأ ذلك النهار كان أعظم كساد عالمي في التاريخ، أسوء حتى مما كان في الحربين العالميتين.

    النزاعات السياسية والعسكرية للسيطرة على ما كان سابقاً ملكًا لفينكس تسببت في سفك الكثير من الدماء، كان يوم هلاك فعلاً، لكن الوقت كان قد فات للندم بشأن ذلك.

    لا أحد يريد في الواقع أن يعود لما أطلق عليه المؤرخون المعاصرون في ذلك الوقت «عصر الظلام الحديث» كان ذلك الكثير من الفوضى، لكنهم على الأقل كانوا قد تخلصوا من فينكس، كل ما كان يحتاجه العالم الآن هو فترة من التأقلم، فترة من السيادة الشخصية على الشؤون الداخلية وسيصبح العالم بخير.

    لكن العالم لم يحظى بالفرصة للتأقلم، لأنه كما تنبعث العنقاء من رمادها، عادت فينكس للعالم مرة أخرى، هذه المرة أشد فتكاً وأقل تساهلًا..

    چيوڤاني ضم ذراعيه أكثر وراقب الثلوج المتراكمة خلف النافذة بينما تستعيد ذاكرته تلك الفترة قبل سنوات، عندما جعل كلاوس فينكس كل من تورط في حلف يوم الهلاك يدفع ثمن ذلك بدمه..هو متأكد أنه كان هناك الكثير من الوحشية التي لن يعرف عنها أحد منذ أن الحلف لم يكن رسمياً وقد تم تدمير كل دليل يمكن أن يثبت وجوده يوماً.

    في ذلك الوقت كان البابا الذي شارك في الحلف قد أنقذه موته، لو أنه كان لايزال حيًا كانت لتقتله الصدمة قبل أن يفعل فينكس.

    في ظرف خمس سنوات فقط كان كلاوس فينكس قد إستعاد ما سلبه العالم منه، ثم زاد عليه حتى أوشك على أن يملك العالم فعلياً.

    والشيء الذي تعلمه من تجربة الموت والدمار تلك، هو أنه يجب أن يكون مستعداً للحرب عندما تُقرع الطبول، لذا أنشأ «بارڤا» جيشه الخاص الذي كرسه فقط لحماية ما كان مهمًا فعلاً له..عائلته.

    لا أحد يعلم أعداد هذه القوات بالضبط، ليس هناك أي معلومات رسمية عنهم ولم يفلح أي جاسوس في الخروج بتلك المعلومة حيًا، لكنه سيخمن أنهم ليسوا أقل من مائة ألف مقاتل، مع أطنان من الأسلحة وتمويل لا نهائي، كان كلاوس فينكس قادرًا على إمتلاك العالم إن أراد.

    الآن..كيف يعتقد رئيس مافيا روسية وتاجر سلاح شاب أنه قادر على إسقاط هذا الشخص؟




    **********

  21. #20
    لا خيار أمامي سوا قراءة الفصلين الثالث والرابع بأسرع سرعة laugh

الصفحة رقم 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter