لا أحد ينكر أن ليونيل ميسي أحد أفضل لاعبي كرة القدم على مر التاريخ بشهادة زملائه
ومنافسيه وعالم كرة القدم بأكمله.
يتمتع ميسي بموهبة فذة وروح تنافسية عالية، لكن دائماً ما يشعر جماهير كرة القدم
أن هناك نسختين من ميسي، ميسي الذي فرض سيطرته على عالم كرة القدم مع
برشلونة، وميسي الذي يحاول بيأس الفوز مع الأرجنتين.
وهذا أمر لا خلاف فيه كذلك، فهناك اختلاف بين برشلونة والأرجنتين، فبرشلونة تعتمد
على العديد من مفاتيح اللعب التي يمكن للمدرب إيجاد منفد منها، وهنالك لاعبين أقوياء
جداً يجاورون ميسي مما يخفف الضغوطات التي عليه على خلاف الأرجنتين، فالأغلبية
تعتمد على ميسي ليبادر في أخذ الخطوة الأولى ويصنع الفارق للمنتخب، بل إن مدربي
المنتخب باختلافهم يجدون صعوبة دائماً في العثور على طريقة يوظف فيها ميسي بشكل
سليم داخل الملعب حتى يستفيدوا منه كما استفادت منه برشلونة.
وباستثناء الميدالية الذهبية الأولمبية التي حققها مع منتخب بلاده عام 2008، فإن
ميسي لم يفز بأي شيء مع المنتخب الوطني، والمؤلم أن ما يفصله عن اللقب خطوة
واحدة فقط بالأغلب.
فقد وصل ميسي مع منتخبه للنهائي ثلاث مرات، كأس العالم 2014، كوبا أمريكا
2015 و 2016، وقد خسر المنتخب فيها كلها، وتعددت الأسباب من اختلاف زملاء فريق
المنتخب، وقلة وقت الاستعداد، عدم كفاءة الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، والعبء الكبير
الذي يحمله ميسي، لكن الملام دائماً وأبداً هو ميسي.
ضغط الإعلام والجماهير على ميسي ومقارنته بمارادونا الذي عاد بكأس العالم إلى
الأرجنتين بعد فوزه عام 1986 بالمكسيك يجعله أكثر توتراً، فرغم كون ميسي شخصية
هادئة ويتجنب غالباً المشاكل والخلافات ضد الخصوم في برشلونة، إلا أن هناك تحول
في شخصيته مع منتخب الأرجنتين.
فالبارسا تعتمد على العديد من مفاتيح اللعب التي يمكن للمدرب إيجاد منفد منها،
وهنالك لاعبين أقوياء جداً يجاورون ميسي مما يخفف الضغوطات التي عليه على خلاف
الأرجنتين، فالأغلبية تعتمد على ميسي ليبادر في أخذ الخطوة الأولى ويصنع
الفارق للمنتخب.
ومهما تراجع مستوى البارسا إلا أنه يبقى ضمن أقوى فرق أوروبا، مما يجعل التوتر
والضغوط التي على ميسي أقل وأخف بكثير عما يواجهه في منتخب الأرجنتين، والإعلام
والجماهير العالميين والمحليين لم يرحموا ميسي، ودائماً ما يتم تحميله مسؤولية
إخفاق المنتخب.
ومن الطبيعي أن يفقد الشخص قدرة التحكم بأعصابه كلما شعر بتوتر وضغط شديدين،
لذلك يرى إخفاق ميسي في ركلة الجزاء حيناً وافتعاله بعض المشاكل داخل
الملعب حيناً آخر.
كرة القدم لعبة جماعية بحتة ومن المحال على لاعب واحد أن يغطي جميع أدوار الفريق
من دفاع، هجوم، وسط أو حراسة مرمى بنفس الوقت، فكيف لو تم التفصيل في الأدوار
كالتمرير والتغطية والتسديد والمراقبة وغيرها ؟!
كرة القدم لعبة جماعية تعتمد على عناصر عديدة للانتصار، فإن وجد مدرب متمكن مع
تكتيك ممتاز واستطاع أن يفهم ويعطي كل لاعب دوره الأمثل في التشكيلة، فإنه من
الممكن تحقيق البطولات والتغلب على الفرق التي تحتوي على أكبر وأهم اللاعبين.
مثلما فاز مورينهو بأشرس وأهم بطولة للأندية (دوري الأبطال عام 2004) بفريق
من الدوري البرتغالي وهو بورتو - مع العلم أن هذا الدوري ليس من أفضل 5 دوريات حتى –
وأخذ البطولة من أمام أعرق الفرق مثل: ريال مدريد، بايرن ميونخ، يوفينتوس وغيرها
من الفرق القوية.
مع أن بورتو بتلك الفترة لم يكن يضم لاعب واحد من الطراز الممتاز، فالفريق إن لم يكن
لديه مدرب ممتاز يديره فلن يستطيع الحوز على البطولات حتى وإن ضم فريقه لاعبين
من الصف الممتاز، والأرجنتين ليس مستثنى من هذه المسلمة.
ومن أسباب عدم فوز المنتخبات بالبطولات الكبرى حتى وإن احتوى الفريق على لاعب
عريق كالسويد قديماً مع ابراهيموفيتش والجزائر مع رياض محرز، وهو "الكمستري" بين
اللاعبين، فاللاعبين في النادي يقضون أغلب فترات السنة مع بعضهم البعض ويقضون
فترات طويلة مع المدرب لكي يوجههم ويبين لهم دورهم في الفريق وكيفية أدائه، ففي
برشلونة سابقاً كان الفريق يعمل كمنظومة متكاملة، وكان يساعد ميسي تشافي
وانيستا وبويول وكانوا في قمة الانسجام مع مدربهم ريكارد وجوارديولا أيضاً.
أما في المنتخب وعلى سبيل المثال بطولة كأس العالم، فهم يلعبون جميع المباريات
ويتدربون خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وعلى الأغلب المدة أقصر من ذلك، فمن
الطبيعي أن يُلاحظ بأن أغلب اللاعبين لا ينسجمون مع بعضهم البعض، وأيضاً لا يمكن
إهمال أن اللاعبين يواجهون بعضهم البعض كخصوم طيلة الموسم في الأندية.
في الأخير لعبة كرة القدم لعبة جماعية ولاعب واحد لم ولن يستطيع خلق الفارق دائماً.
المفضلات