.
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..
فريق || الْأَزْرق اَلسَّمَاوِيْ ||
سعيد بمشاركتكُم عملَه
.،
بسم الله..
----------------------------------------
----------------------------------------
----------------------------------------
----------------------------------------
.،|| أوْرَاقُ الخَرِيف: حِكايَةُ السَّقْطةِ الأُوْلَى .. ||،.
.
.
كلَّ موسمِ خريفٍ تَتَهَادَى أوراقُ الشجرِ
ساقطةً، وقد يمّمت وجهها قِبل الأرض من تحتها، فتبرز الأغصانُ الدقيقةُ المتطاولةُ إلى السماء وقد تعرت من زينتها، فيما تتلحف الأرصفةُ بدثارٍ ثقيلٍ من أوراق مُصْفرّةٍ تشربت بعضُها لونًا مُذهّبًا، وبعضُها الآخر خُضِّبَ بلون الوَرَس. يجتهد عمال النظافة في إجلائها كل صبيحة، ويكتفون أحيانا بإخفائها كُوَما كُوَما خلف المقاعدِ الحديديةِ وعلى حواشي الممرات.
تسقط أوراق الأشجار على طُرقاتٍ تُوَقِّعها خطواتُنا.. فتذكرنا بكل الأشياء الأخرى التي تمارس السقوط ذاته، حتى أنها لتذكرنا بسقوطنا نحن!
من قال أننا لا نسقط؟ بلى.. نحن أيضا نهبط ونرتطم على الأرض بقوّة!
.،
الخريف مسرحية تمثل فيها الأوراق المرتعشة بين زفرات الهواء حكايةَ سقوطنا نحن، حكاية هبوطنا ذلك الهبوط القديم مذ قال ربنا: (اِهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعا).
ذاك الهبوطُ الأولُ الذي أعقب معصيتَنا الأولى، كان ذلك ذنبَنَا البكرَ وسقوطنا البكرَ أيضا، ومن المؤسف أنه لم يكن الأخير! فها نحن أُولاء نتعاطى السقطة تلوى الأخرى، كأنّا اعتدنا الأمر وصار من لزوميات كينونتنا.
تسقط الأوراق من علٍ فتمثّل أكثر مشهدٍ محزنٍ من حكايتنا، لكنها لا تمثله بدقة؛ هناك فرق واضح بيننا وبينها.. فهي لا تسقط على هذه الشاكلة ولا تهب الرياحُ المعاندةُ عاصفةً بها إلا في موسمٍ وحيدٍ مقدرٍ من العام، أما نحن فنصنع مواسم سقوطنا بأيدينا، فمع كل ذنبٍ سقوطٌ ومع كل ذنبٍ يَحِقّ قول ربنا: (اِهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعا)ففي العام الواحدِ للأوراقِ سقطةٌ ولنا سَقَطَات !
نحن الذين خُلقنا من خليطين لا يقبلان التجانس، ويجب أن يغلب أحدهما على الآخر حتما، حين تغلب قبضةُ الطينِ فينا على نفخةِ الروحِ العلويةِ تصبح أنفسُنا جرداءَ كشجيراتِ الخريف الحزينة، سرعان ما تنزل بنا طبيعةُ الطينِ من ملكوت الروح، فنبقى كأوراق متناثرةٍ في طريقٍ عامٍّ، تدوسُها أقدامُ الحَيَارَى والعَابِرين..
الخريفُ تذْكِرةٌ لك، إن كنت نسيت أو تناسيت، فإنه آية من آيات الله تضرب على ذاكرتك فتُحييها، وتمسح على أطرافك فتُلهب فيها جراحَ السقطةِ الأولى.. لتبقى على العهدين: عهدِ العداوة الأبدي مع شيطانك الأكبر الذي استزلك واستنزلك إلى أسوإ ما في خِلقتك الطينية !
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءَاتِهِمَا)
وعهدِ التذللِ والابتهالِ لربك الذي ما قدرته حق قدره!
(قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِين)
وعندها يمكن أن ترتاحَ.. ونرتاحَ جميعا
ونستعدَّ لقَبول البشرى؛ لأن حكاية سقوطنا يمكن أن تُكلّل الآن بصعود آخر!
مادام يعقبها هدًى(فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى)
مادام هناك قابليةٌ لنكون في مصافِّ التائبين..
(فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْه)
تماما كما الأشجارُ تستعد للارتواء من سقيا المطرِ لربيعٍ قادم، فنحن أيضا أهدانا الله ربيعَنا الخاص: ربيعَ توبتِنا!
.
.
تمت بفضل الله
المفضلات