الصفحة رقم 2 من 2 البدايةالبداية 12
مشاهدة النتائج 21 الى 33 من 33

المواضيع: إرث غيلاس

  1. #21
    حجز
    * انا قرأت الفصل الثالث في الواتباد cheeky *


  2. ...

  3. #22
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة ~پورنيما~ مشاهدة المشاركة
    حجز
    * انا قرأت الفصل الثالث في الواتباد cheeky *
    أهلا بورنيما سبقتيني حتى قبل لا أحطه هنا em_1f606، في انتظارك embarrassed

  4. #23

    الفصل الثالث: سيختفي تاريخنا للأبد


    -حمدا لله أني بقيت نائما…
    بدى زينو ممتنا لنومه الطويل في السيارة بعد أن جلس أقاربه يحكون له ما حصل من فوضى مبهرجة في تلك الحفلة التي كانت تبدو في الدعوة إليها، حفلة رسمية مرموقة، كان يلتهم وجبة منتصف الليل التي اعتاد على تناولها وهو يقهقه لوصف ايزم -و الذي بدى بشكل غريب مبتهجا جدا- ثم يحدق لوجه رودس وملابسه التي صارت كلها شوكولا وانتشرت رائحتها الحلوة في جميع أرجاء السيارة، ليذرف الدموع و هو يسخر من أخيه الأصغر سنا - الذي كان هو الآخر مبتهجا - ثم يتظاهر بأنه يغمر بعضا من وجبته في أخيه محولا إياه لمرطبان شوكولا ذائبة، ثم يتناول تلك القضمة ليتغير وجهه لوجه ذلك الطفل الممتلئ الذي يتناول بعضا من الليمون لأول مرة بالحياة.
    -يال طعمك الفضيع…
    ثم ينفجر ضاحكا لتهتز السيارة العائدة للمنزل اهتزازا عنيفا بسبب وزن زينو الكبير، وتنحشر سيليا ملاصقة لباب السيارة وهي تطلب الرحمة في داخلها، فقد احتل ماكسن مقعدها في الأمام لأنه لم يرضى أن يتسخ زيه الأبيض بسبب رودس كما أنه قد اختنق في طريق الذهاب و هو لا يرغب في أن يخوض نفس التجربة في طريق العودة، فما كان إلا من سيليا التضحية كما تفعل عادة و الجلوس محشورة بجانب رودس، متمنية فقط ألا تقوم حرب بين ابني العم، ولأجل هذه التضحيات العديدة سمت نفسها بحمامة سلام المنزل، اللقب الذي لا أحد يلقبها به غيرها.
    -لا أحد مبتهج هنا غير ايزم… كم جمعت من ثروة؟
    خاطبت سيليا ابن عمها و هي تتفحص هاتفها ليرد عليها وهو يشير لجيب سترته :
    -ثروة تسمح لي بشراء سيارة فاخرة كهذه…
    ضحك زينو عليه وهو يقول:
    -أنا أغناكم هنا و لم أجمع ثمنها بعد
    قاطعه ماكسن موضحا:
    -كيف ستجمع ثمنها و أنت لا تزال تملك ديونا هائلة بسبب غرفة المحاكاة تلك…
    وافقه ايزم وهو يقول مؤنبا زينو:
    -لو لم تقم ببنائها لكنت اشتريت هذه السيارة…
    -لست بحاجة لها… أنا أقضي حاجاتي كلها في غرفتي فقط…
    ثم انطلق يقهق كعادته من دون سبب، لربما هو يتفاخر بثروته التي تمكن من جمعها بسبب بطولات الألعاب التي يشارك بها و بسبب شهرته كلاعب عريق على قناته في مواقع التواصل، الأمر الذي كان سيغضب ايزم بكل تأكيد لكنه يدرك بأن الأحمق ابن عمه قد رمى بكل ثروته لأجل غرفة محاكاة يعادل بناؤها ثمن قصر من القصور الملكية… ياله من ناجح وفاشل في الآن ذاته… فقط لو ائتمنه على نقوده لجعله أغنى الرجال في العالم و لن يحتاج للقب أو اسم لعائلة مرموقة… لكن أنى لهذا البدين أن يفهم هذا… إن عقله فارغ تماما مثل بطنه طوال الوقت… ابتسم ايزم وهو يكلم نفسه بهذا الحديث ليقاطع جوهم المبهج ذاك تعليق مكسون الساخر:
    -ها نحن ذا نعود بمجد عائلتنا… كسبنا حلفاء وأصدقاء ذو شأن عظيم… والتقينا بالعائلة الحاكمة وعرفنا المغزى من وصية جدي… لنصفق جميعا…
    ثم قام يصفق بغيض، لتفاجأه ضربة على رأسه من سيليا التي كانت خلفه:
    -لا تتحدث عن الإنجاز وكل ما فعلته هو الاختباء في الحمام كالجرذ… ثم العالم لن يتغير في ليلة و ضحاها و نحن لن نصعد الهرم في رمشة عين…
    ضربته مجددا و هي تتباع كلامها :
    -هذا الواقع وليس رواياتك البوليسية التي تقرؤها …
    ضحك زينو بسعادة لتهتز السيارة من جديد ليهتف ايزم في انزعاج:
    -ارحم السيارة يا أخي علينا أن نعيدها للوكالة سالمة...
    -لا تقلق بشأنها لو تعطلت سأدفع ثمنها كاملا بعد بطولة الألعاب الدولية القادمة…
    ثم واصل ضحكه دون ان يردعه أحد، أما ماكسن فبعد أن صمت لتأنيب سيليا للحظات عاد يتهمها بسخرية:
    -تتكلمين و كأن حضرتك قد حصلت على آنجاز…
    -بالفعل قد فعلت…
    ثم رفعت رأسها في فخر و قد حدق الجميع لها في دهشة :
    -ما الذي حصل أختي سيليا؟
    سأل إيزم في مكر لتجيبه هي بفخر:
    -التقيت بوريث العرش…
    -ماذا؟؟؟!!!… .
    ***
    انصدم جميع من بالسيارة غير مصدقين لما يسمعون ثم انهالوا على من يدعونها بأختنا بالسؤال من كل حدب وصوب :
    -كيف هذا؟
    -ماذا قال لك؟
    -كيف كان شكله؟...لا تخبريني بأنه أحد أولئك الأغبياء أصحاب الأزياء المخزية…
    -كيف علمت بأنه وريث العرش؟ هل أخبرك بهذا؟
    تنحنحت قليلا وهي تذوق طعم السلطة فها هي محط أنظار الجميع و هاهم ينتظرون تفسيرها لكل شيء:
    -كل من كان في الشرفة التي خرجنا منها حراسه الشخصيون… و قد قادونا لذلك المكان لكي نلتقي به… لكنكم تشتتم و تركتموني وحيدة… لأجل هذا أنا الوحيدة التي قابلته…
    ظلت رافعة رأسها و هي تخاطبهم وغبطة عجيبة تسري في جسدها… أهو الفخر يا ترى؟
    -و ماذا قال لك؟
    سألها زينو بفمه المملوء لتجيبه :
    -تكلم عن لعبة… ثم قال لي بأنه يحتاج لسيفه… وبعدها أرسل لي ملفا عبر هاتفي… لكنه كان يعلم اسمي و من أكون بكل تأكيد…
    قال رودس مستنتجا:
    -إذا فهو من قام بدعوتنا لأجل هذا اللقاء…
    لكن ماكسن قال مشككا :
    -أخبرك بلعبة و أرسل لك ملفا؟ لما عليه أن يكون وريث العرش؟ لا يوجد دليل على هذا…
    -لقد كان له وشم تاج على خنصره…
    بررت سيليا سبب اقتناعها بأنه وريث العرش ليجيب ماكسن مشككا من جديد :
    -لكن الوشم ليس بدليل أبدا…
    عادت سيليا لتضربه على رأسه في غضب وقالت :
    -أخبرتك أن تترك استنتاجات رواياتك لعالمك الخيالي…
    ثم عادت تجمع كلتا يديها لصدرها و هي تقول مقسمة:
    -أقسم لكم بأنه هو… كل شيء يوحي بأنه هو… الوشم ومكان تواجده و عدد حراسه الهائل على الشرفة… ثم هدوءه ورزانته كما هالته العجيبة…
    -ماذا عن الملف الذي أرسله لك؟...لقد قام بدعوتنا لأجله على ما يبدو…
    سأل رودس سيليا ليقاطعهم ماكسن العنيد مجددا:
    -لما لم يقم بدعوتك فقط للقصر الملكي… كان ليكون الأمر أسهل… لم ينطق سوى ببضع كلمات ثم غادر بسبب الحشد المجنون…
    تنهدت سيليا وقد فكرت بالفعل في إجابة لهذا السؤال ثم قالت
    -لا يوجد إجابة غير أنه يتحرك وحيدا دون علم أحد…
    -يفعل هذا لأجلنا مثلا؟
    تساءل إيزم مستغربا تصرف وريث العرش كما ادعت سيليا، لتجيبه هي:
    -لا أدري… لكن عدم نزع اسم عائلتنا من عرش الملك و عدم نزع أوسمتنا فهذا دليل على أهميتنا… حتى لو بدأ الناس في نسيان من نكون وتجاهلنا… لكن يبدو بأن لنا أهمية بشكل من الأشكال…
    ثم حدقت نحو هاتفها و هي تقول :
    -وهذا الملف قد يكون دليلنا…
    -هاتي لأرى ما فيه…
    مدت سيليا الهاتف نحو زينو ليلقي نظرة ثم قال :
    -إنها لعبة…
    ثم عاد يتفحص خواصها و قال مستنتجا :
    -من النادر أن ترسل ملفات الألعاب هكذا في يومنا هذا… إنه لا يرضى أن يفتح…
    عاد يتفحص المعلومات فيها ثم قال وهو يعيد الهاتف لصاحبته
    -لن تشتغل إلا في غرفة محاكاة…
    ضحك ماكسن وهو يرفع يديه في إيحاء لاستسلامه ثم قال ساخرا:
    -إذا في نهاية المطاف وريث العرش يشعر بالملل و يرغب في أن يلعب مع أحدهم بدل اللعب مع أولئك الأغبياء من العوائل المرموقة…
    صفعته سيليا على رقبته في غضب ثم قالت :
    -لا يغرك مظهر اللعبة… من يدري ما بداخلها...
    ليكمل كلامها زينو:
    -وعندها ستكونون شاكرين كلكم لأني ضيعت ثروتي في بناء غرفة المحاكاة…
    في ذلك الوقت كان أفراد العائلة قد وصلوا في تمام الواحدة صباحا لمنزل العائلة.
    كان على السيارة أن تأخذ طريقا خلفيا حيث صفت أشجار الصنوبر في كل مكان حول التلة التي بني عليها منزل العائلة، وكانت تلك الطريق الوحيدة التي تأخذ لباب خلفي لمرآب السيارات،و ما إن وصلوا نحو الباب و بينما هم منشغلون في تبادل أطراف الحديث،إذ بإيزم يلمح سيارة فاخرة تشبه سيارتهم تماما مصفوفة عند المدخل يقف بقربها رجل بدا كبيرا في السن وهو يضع كلتا يديه على عينيه ليحجب عنه نور الضوء القادم من سيارة أفراد العائلة.
    -انتظروا هنا.
    نزل إيزم من السيارة و تقدم بطوله الهائل نحو الرجل العجوز مستغربا، لينحني له هذا الأخير ثم يقول بأدب :
    -أنقذ سيدي من فضلك…
    -سيد؟
    ليشير له الكهل نحو السيارة الغريبة السوداء المركونة بقربه، عندها نزلت سيليا من السيارة مسرعة لتستفسر عما يحصل
    -أنقذوا سيدي أتوسل إليكم…
    كرر العجوز ترجيه وهو يفتح أبواب السيارة لترتفع للأعلى مفسحة المجال لرؤية شاب ببذلة سوداء أنيقة يضع إحدى يديه على جبينه حاجبا عينيه وملامح وجهه ، وواضعا الثانية على صدره وقد بدا من خلال أنينه و أنفاسه المتعبة بأنه شبه غائب عن الوعي وحالته سيئة… فهتفت سيليا في ارتباك يشوبه القلق:
    -خذه لجدتي حالا…

    اخر تعديل كان بواسطة » أروكاريا في يوم » 14-08-2019 عند الساعة » 11:44

  5. #24

    ***
    في تلك الغرفة البيضاء الشاسعة الواسعة التي لم ترى حدودها لشدة بياضها، جلست على طاولة هي الأخرى بيضاء مستطيلة بدت بأنها تمتد لنهاية الغرفة الطويلة، النهاية التي بدت كأنها فضاء و عالم فارغ، وعلى جانبيها رأت والدها جالسا مطأطئا الرأس ملامحه ممسوحة كما هي ملامح السيدة صوفيا، و أمامه مباشرة كان ذلك الرجل الكهل ذي البشرة البيضاء، والعيون العسلية و الشعر العسلي يحدق فيها مع ابتسامة فخر ونشوة، ابتسامة لم تفهم مكنونها من هذا الرجل الذي كان له ملامح مقاربة لملامحها، أنف رفيع مرتفع و ذقن نحيل عيون لوزية حادة وشفاه و جبهة صغيرة رأس صغير و رقبة طويلة، الوجه الذي لن يذكرك إلا بالسيدة صوفيا ووجوه العامة من روما، كأنها نحتت لتكون تماثيل تعرض في متاحف مرموقة.
    ووسط تحديقها له سمعت ذلك الصوت المألوف الذي عهدته آذانها الصغيرة و ترنم فيها لبرهة من الزمن فما عاد ينوي الرحيل عن مخيلتها كما فعلت ملامح صاحبها من قبل "إنه جدي و جدك عزيزتي" ...كان ذلك صوت والدها الذي ظل مطأطأ رأسه ممحي الملامح، أما جدها فقد حدق فجأة للطاولة الطويلة التي بدت من دون نهاية ليظهر بأن هنالك عدد كبيرا من الأشخاص جالسين عليها ممسوحي الملامح غير سيليا وجدها الأكبر ووالدها، ثم فجأة لاحظت بأن الجميع يرتدي زي العائلة الرسمي الأسود، فخاطبت دواخلها "هل هي جنازة!؟" لكن ضحكات جدها الأكبر وبهجته لا تدل على وجود مقتم أبدا، ثم عادت تحدق لوسط الطوالة حيث ظهر من العدم ذلك الكأس الكبير الذهبي المرصع بالأحجار الكريمة و الصوان، ثم جاءها صوت جدها يخاطبها "هيا اشربي يا وريثة غيلاس" ومد يده نحو الكأس ليناولها إياه، لكنها بدت مترددة نوعا ما و لم ترغب في شربه، ففي عمقها أدركت بأنه لا يمكن أن يكون غير شراب، لكن إلحاح جدها عاد مجددا ليزعزع ثقتها" إشربي كما فعل أجدادك ووالدك...إنه دورك كوريثة لنا... أم هل ستخذلين أجدادك يا ترى" ثم تعالى فجأة صوت ضحكات صاخب للأشخاص في الغرفة المنيرة تلك، لقد بدى لسيليا بأن عددهم قد يبلغ المئات من خلال هذه الضحكات،فسألت مستنكرة هذا الضحك وعلامات الحيرة و القلق بادية عليها "و ماذا في هذا الكأس؟" ليرد جدها بفخر مع صوت منخفض ماكر "الخيانة... إنه كأس الخيانة بنيتي... وكلنا تجرعناه" عندها دفعته بعيدا رافضة العرض الذي قدم لها لكن صوت والدها عاد يلوح مجددا في القاعة " اشربيه... خيانة الفاسقين ليست بجريمة يا ابنتي" فوجدت نفسها تمد يدها للكأس الذي رفضته قبل لحظات في طاعة كانت تسري في دواخلها منذ نعومة أظافرها لوالدها، كان بإمكانها أن ترفض أوامر الملك نفسه لكن لا يوجد أحد سيمنعها من طاعة والدها... أو هذا ما تخيلته قبل أن تمتد يد من العدم، يد رفيعة طويلة شاحبة، لتدفع الكأس وتجعله يسقط ليتدفق منه سائل بلون الدم ثم ليتكسر الكأس كأنه زجاج لا ذهب، حينها فتحت سيليا عيونها على صوت صديقتها لانا التي لم تتوانى عن استخدام كل الوسائل لإيقاظها من حلمها الطويل العجيب.
    حدقت للغرفة من حولها في دهشة، فهي التي كانت تستيقظ كل صباح دون الحاجة لمنبه، وتستيقظ على خطوات جدتها الصامتة إذا مرت بقرب غرفتها، ها هي اليوم غير قادرة على النهوض كأن الحلم الذي عايشته قد حبسها في طياته ولولا تلك اليد التي ظهرت من العدم لكانت لربما لا تزال هنالك.
    - ماذا حصل إذǿ هل التقيت بأحد الأمراء؟ أو أحد المشاهير...
    كانت لانا فتاة في مثل عمر سيليا ذات شعر بني قاتم عيون زرقاء وبشرة حنطية، كانت ممتلئة و دائما ما ترتدي ملابس و أثوبة فضفاضة تخفي امتلاءها هذا، و قد كانت فضولية لأبعد الحدود، لدرجة اقتحام المنزل في عز الصباح دون استئذان و الهروع لغرفة صديقتها لمعرفة آخر الأخبار، وفي المقابل كان لقبها في العائلة بالأرشيف، فقد كانت تحمل في دواخلها أسرار كل الناس الذين تعرفهم.
    قامت سيليا من سريرها متململة تتثاءب في إعياء شديد لتخاطب صديقتها في انزعاج:
    - لنأجل الحديث لاحقا... دعيني أحظى بفطور مريح...
    لكن الأخرى تبعتها بنشاط وعنفوان عجيبين لتوقفها قبل أن تخرج من باب غرفتها وهي تقول:
    - إنه مصيرك فكيف نأجل الحديث عنه ...
    فما كان من سيليا غير دفعها بعيدا بسهولة تامة ومواصلة طريقها نحو المطبخ وهي تقول :
    -أي مصير تتحدثين عنه؟
    وصلت المطبخ لتجد جدتها هنالك تنتظر آلة إعداد القهوة من الانتهاء من عملها لتسألها سيليا في فضول :
    -جدتي كيف حال ذلك الشاب ؟
    ردت الجدة وهي تحمل كأسين من القهوة في صينية من رخام أسود :
    -إنه بخير، كان بحاجة لجرعة أنسلين بسبب ارتفاع السكر في دمه...لقد كان هذا كارثيا...
    تنهدت سيليا براحة تامة بعد أن علمت بأن ذلك الشاب في أحسن حال له بعد النوبة المرعبة التي تعرض لها عند دخوله لمنزلهم، كانت تحمد الله مرارا و تكرارا لأن جدتها كانت متخصصة في الطب الداخلي و قد أمضت كامل مشوارها العملي في مستشفى المدينة العريق و كانت من أعظم أطبائه، و كانت دائما ما تنقذهم و تعتني بهم أثناء مرضهم فما كانوا بحاجة لأي طبيب إلا في حالات نادرة.
    ووسط راحتها بأنه لم تحصل أي مشكلة في منزل عائلتها تساءلت لانا الفضولية باستغراب شديد لتكسر هدوء و راحة سيليا :
    - لقد قال مرافق ذلك الشاب بأنهم ضلوا الطريق... لكن لو سألوا أحدا من أهل القرية في الطريق لدلهم على المستوصف وسط القرية...لما صعد التل البعيد بدلا من النزول للقرية... ؟
    فأجابتها الجدة قائلة و هي تتنهد:
    - هذا ما سنعرفه الآن...

    ***

    - لقد كنا أنا و سيدي في طريقنا لمنطقة أكمي لكن يبدو بأن قائد السيارة الذاتي لم يميز ما بين إسم أكني و أكمي، و قادنا لقريتكم هذه قرية أكني بدلا من وجهتنا المحددة...
    ضحكت الجدة في تملق لتقول وهي تسكب القهوة للرجل الكهل أمامها -و الذي غزاه الشيب وهو لم يبلغ الخمسين بعد من عمره -:
    - يال الصدفة...لو ذهبتهم إلى هناك لربما كانت حالة سيدك لتسوء بشكل فضيع فمنطقة أكمي تبعد عن هنا ثلاث ساعات كاملة...
    وافقها الرأي وهو يحتسي من كوبه قائلا في هدوء:
    - بلى صحيح لقد أراد الله أن ينجيه...
    فاجأته لانا صديقة سيليا التي جلست معهم كأنها فرد من العائلة تستقبل الضيف هي الأخرى بسؤال صريح دون خجل:
    - ما الذي كنتم ستفعلونه هناك؟ تلك المنطقة تابعة لعائلة تيبا.
    ضحك الكهل في ارتباك ثم قال مترددا:
    - اه حسنا... ههه....
    حدق الجميع فيه مستغربين ارتباكه الخجول ذاك ليتابع كلامه:
    - في الحقيقة سيدي أحد طلبة النخبة في جامعة أوراديا...
    شهقت الجدة في انذهال مبتهج في حين أن سيليا قد فاجأها اسم أوراديا لدرجة جعل الكعك يغص في حلقها فقامت تسعل بقوة وصديقتها تلطم ظهرها لتخفف عنها ، فقد كانت هذه الجامعة التابعة لجامعة روما تعد الأعرق و الأرقى في هذه المعمورة و قد أخرجت خيرة العلماء و المفكرين و السياسيين الكبار، وقد كان دخولها يعتمد على ذكائك بالدرجة الأولى، كما أن طلاب دفعاتها لا يتجاوز العشر طلاب فقط، ما يعني بأن من يدخلها مهما كان سيحصل على سمعة عظيمة في كل مكان يذهب إليه.
    تابع الكهل كلامه في فخر وهو يرى الذهول الذي اعتلى مضيفيه:
    - و الآنسة بيرنا من عائلة تيبا المرموقة قد قبلت في نفس الجامعة في تخصي القانون ... لهذا فقد قررنا زيارتها لتعريفها على الجامعة و التعرف عليها و على عائلتها...
    همهمت الجدة وانزعاج يختلط بهمهمتها ثم قالت باقتضاب:
    - جميل...
    تنحنحت قليلا ثم عادت لتحذر الكهل كأنها تحذر طفلا صغيرا:
    - أفهم من كلامك رغبة سيدك في الارتباط بهم... فالعوائل المرموقة عوائل محترمة و لا تقبل العلاقات و الروابط العابرة الغير رسمية... كما أنها ستستدعي ببساطة خيرة الدكاترة الكبار ليعرفوا ابنتهم على الجامعة... ولن تحتاج لشاب كسيدك...
    حدقت لانا باعجاب لفطنة الجدة و راحت تهز رأسها موافقة تنتظر رد الكهل وهي تسجل كل الكلام في أرشيف ذاكرتها لتسرده على والدتها لاحقا، أما سيليا فقد بدت غير مهتمة لهذا الحديث حتى شرعت جدتها تقول:
    - لا يغرنك مظهرهم... ما قاموا به في حفلتهم بالأمس لا يغتفر...
    ثم راحت تصف له الأحداث السخيفة التافهة التي حصلت في الحفل كما وصفته لها سيليا، قائلة بأن على نخبة هذا الشعب و البلد أن يحضوا ببعض الاحترام وأن يظهروا دائما بمظهر مرموق رزين مؤدب، لا طائش غير مبال بالعادات و التقاليد كما فعلوا بالأمس... و ياليتهم كسروا التقاليد في بعض التصرفات فهذا محمود، لكنهم قذ بلغوا مبلغا لم يبلغه أحد من قبل... التبذير و البذخ و اللهو و المرح كأن العالم لا يعاني من أية مشاكل... لكن الرجل الكهل قد دافع عليهم قائلا "لربما هي بضع سويعات تحرر مقابل أيام و سنوات من الشقاء، لا بأس في الهروب من المسؤولية من حين لحين" لكن الجدة رمت له بالمثل القائل "من شب على شيء شاب عليه" ثم أعلمته بأن هؤلاء يقيمون حفلات لا حصر لها في كل مناسبة و لأي سبب صغير، تكاد تكون حفلاتهم أسبوعية، و التحضير لها يأخذ كل وقتهم و تفكيرهم، كما المناسبات الأخرى، فأي شقاء هذا الذي يشقونه يا ترى، أعوانهم و خدمهم من أمثال أبنائها العاقين هم وحدهم من يسيرون أمور تلك العوائل أما أصحابها فهم لا يهتمون غير بالرحلات و الحفلات و ما يعادلها من لهو و مرح.


  6. #25

    دافع الكهل مجددا عن خياره قائلا في انزعاج أخفاه خلف ابتسامة مؤدبة:
    - الآنسة بيرنا مختلفة... أنا متأكد بأن فتاة ستقبل في جامعة أوراديا لن تحمل هذه المواصفات أبدا...
    ضحكت الجدة في أدب هي الأخرى مخفية لكنة سخرية في كلماتها:
    - يمكن لأي آلة حفظ دخول قسم القانون في تلك الجامعة...
    نكزتها سيليا أخيرا مستنكرة هجومها على الآنسة و على أبناء العوائل الأخرى، ثم قالت هامسة وسط نحنحة الكهل المستنكرة:
    - دعيه وشأنه... ليفعل ما يحلوا له...
    لكن الجدة تجاهلتها ثم راحت تقول:
    - لا يمكنني أن أصدق كيف بإمكان آبائهم أن يتحملوهم، لو كان لي حفيدة مثلهم كنت لأجن بكل تأكيد... لكن لدي حفيدة ذكية مطيعة و صالحة، تفكر بعمق وروية، وهذه أجمل هدية من الله لي...
    أدركت سيليا أخيرا وسط نظرات الكهل المتفحصة هدف جدتها، فعادت تنكزها وهي تقول هامسة بامتعاض:
    - دعيهم و شأنهم...
    لكن سؤال الكهل كسر الجو المشحون المتوتر بين الحفيدة وجدتها:
    - إذا فحفيدتك قد حضرت حفل الأمس؟!!... هل هي من المشاهير أو الشخصيات المفكرة؟
    لتجيبه الجدة في ثقة وفخر:
    - بل هي وريثة من ورثة العوائل المرموقة.
    هزت سيليا رأسها موافقة ثم قالت للكهل كأنها تشرح مسألة عويصة:
    - وريثة مميزة للغاية و يبدو بأنك لم تسمع عنها من قبل... لا بل يبدو بأنك لم تتعرف عليها كما فعل الناس بالأمس...
    هز رأسه موافقا وهو يحلل كلام الفتاة، ثم عاد يتفحصها هي وجدتها، ليلاحظ أخيرا الشبه في عيونهما العسلية ثم ينطق في ارتباك:
    -غيلاس؟
    لتصحح له سيليا كلامه وهي تشدد على حروف كلماتها:
    - عائلة غيلاس المرموقة من فضلك...
    ازرد ريقه وشحب وجهه فجأة وبدى بأن بركانا قد بدأ يشتعل في داخله فتصبب العرق من على جبينه، ووسط صدمته تلك بوصوله إلى اراضي عائلة غيلاس المنبوذة إذ بصوت هتاف يأتي من الحديقة الخلفية التي كانت تطل عليها غرفة الجلوس حيث جلس الضيف و المضيفون:
    - جدتي... جدتي
    كان طفلا من المتدربين عند أندي يرتدي بدلة العائلة البيضاء يركض في جنون ليدخل عبر الباب الزجاجية لغرفة المعيشة ثم يتوقف لاهثا لبضع ثوان و يتكلم أخيرا وهو لم يلتقط كل أنفاسه بعد:
    - الشرطة تحوم حول المنطقة و قد يأتون لتفتيش المنزل...
    - الشرطة؟!!
    نطق الجميع في ذهول ليتابع الطفل حديثه و الرعب يدب في عينيه :
    -هنالك قاتل يجوب المكان...
    التفتت لانا و سيليا و الجدة نحو الكهل في استنكار جاعلين من نظراتهم المتفحصة له اتهاما صريحا على أنه موضع شك وريبة، فنطق الرجل متلعثما مترجيا :
    - ل... لما.... لا تحدقوا في هكذا... لست أنا...
    قالت الجدة في استنكار وهي تهتف:
    - من ذا الذي يجلب معه مريضا منهارا لمنزل أعلى التل بدل أخذه لأقرب مستوصف في القرية؟
    تلعثم الكهل مجددا ورفع يده كأنه يحاول تهدئة الأمور:
    - لقد كنا ضائعين تماما بسبب قلة النوم و لم أكن مركزا جيدا طوال الطريق...
    فجأة وقفت سيليا من مكانها تحدق في الكهل بنظرات مهددة، ثم سارعت لتغادر غرفة المعيشة و هي تقول:
    - إن لم تكن أنت فهو سيدك...
    ثم عبرت الردهة الواسعة للمنزل نحو آخر غرفة فيها و التي خصصت لنوم الضيوف، ليتبعها الكهل محاولا أن يقنعها، لكنها دفعته و هو يتشبث بمعصمها ثم فتحت الباب بعنف وهي تهتف في غضب:
    - هل استيقظت أيها القاتل؟...أعد نفسك فالشرطة قد وصلت...
    وقف الرجل الكهل ذي البدلة الأنيقة السوداء حائلا ما بين سيليا و سيده الذي كان يتأمل الحديقة الخلابة من نافذة الغرفة و هو متكئ بظهره على الوسادة الوثيرة في سريره، وانصدم لدخلة سيليا وغضبها العنفواني فجأة.
    كاد الرجل الكهل يركع وهو يتوسل:
    - لا دخل له أقسم لك... أنا هو من تبحث عنه الشرطة...
    دخلت عليهم لانا وهي تشغل فيديو مباشر من هاتفها، وقد على صوته أرجاءالغرفة الصغيرة:
    - قتل ليلة أمس ابن عائلة نوس المرموقة في مهجع جامعة أوراديا لا أحد يعلم من هوية القاتل لحد الساعة لكن من المرجح أن يكون زميله في السكن... حتى الآن الشرطة لا تزال تبحث عنه لاستجوابه وفراره قد يؤكد ضلوعه في الجريمة...
    - اجمع حاجياتك و استعد لتسليمك للشرطة...
    بدت سيليا وهي تخاطب الشاب ذي الشعر الأسود المفحم البشرة الشاحبة و العيون العجيبة التي لم يبدو بأنها قد ثبتت على لون واحد، فلا هي كانت خضراء باهتة و لا هي كانت زرقاء باهتة و لا حتى ذلك اللون النادر الذي قد لا تراه في الواقع إلا عبر عدسات ملونة، اللون الارجواني الباهت جدا...
    - أنت وريثة عائلة غيلاس...
    بدى هادئا في سؤاله وابتسامة متأسفة تعلو محياه قد جعلت الجو المشحون يهدأ نوعا ما، فردت سيليا عليه ببرود:
    - نعم ثم ماذا بعد؟
    - هل لي ببضع دقائق للحديث معك؟...هل يمكن للجميع المغادرة؟
    حدقت فيه سيليا في حدة شديدة و قطبت حاجبيها وشعرت بأن الغضب يكبر فيها شيئا فشيئا، فكيف له أن يأمرهم وهو في موضع المشتبه به، هل يرغب في أن يفسر لها مثلا جريمته؟ أم يرغب في أن يفسر لها بأنه ليس القاتل مثلا... هي ليست الشرطة و لا المحققين ولا العدالة لتغفر له...فما عساه يرجو منها مثلǿ هل يمشي على خطى أبناء العوائل الغبية الأخرى مثلǿ ...كيف لا وهو يرغب في الارتباط بآحداهن... ان يترجى وريثة عائلة منبوذة فهو ضرب من الجنون... لربما كان يسعى لحماية عائلة تيبا له... لكن بما ان الخطأ قد وقع الآن هو يحاول أن ينقذ نفسه بكافة الطرق... لربما هو يعتقد بأن عائلة غيلاس سيئة السمعة محترفة في الأعمال الغير قانونية... وهنا زاد انفعال سيليا أكثر وظلت واقفة تجمع كلتا يديها لصدرها تحدق للشاب بنظرات حادة تكاد تلتهمه التهاما في حين غادر الجميع الغرفة تاركين المجال للإثنين للحديث أكثر.

  7. #26

    -بما أنك وريثة العائلة وابنة الرجل الخائن لهذا البلد... هل تعلمين ما هي المعلومات التي سربها والدك من قبل ؟ ومن هي الجهة التي تسلمتهǿ
    رفعت حاجبيها مستنكرة لهذا السؤال المباشر الصريح وهي تفكر في دواخلها بأنه يلعب على وتر حساس لاستجلاب استعطافها، فأجابته بجفاف :
    -لا .
    صمت قليلا ،ثم سأل مستفسرا في فضول:
    -كيف لابنته ألا تعلم مثل هذه المعلومات المهمة؟
    فجأة ركلت سيليا بقدمها الطاولة بجانب السرير بعنف وغضب عارم كاشفة عن طبيعتها المتوحشة إذا شعرت بالاستفزاز من أحدهم ثم قالت في جفاف:
    - لا شأن لك... واصل الحديث عن والدي و سأحطم عظامك كما هذه الطاولة...
    كانت الطاولة قد تشققت إحدى سيقانها الأربع بالفعل وهي التي كانت مصنوعة من خشب ثخين متين ما دل على شدة قوة ركلة الفتاة ، فحدق الشاب فيها وهو يقول ضاحكا :
    - على رسلك أنا لا أنوي استفزازك أو السخرية منك بل الحديث بجدية...
    عادت لتكلمه ببرود:
    - بسرعة لا أملك الوقت...
    تنهد مستسلما و التعب يدب فيه أكثر فأكثر، ثم قال ونظرات جدية تعلوه:
    - قبل قرنين من الآن اندلعت الحرب البيولوجية في هذا العالم، ووقتها كانت بوماويا بلدا منفصلا ومستقلا عن روما...
    - ثم ماذا بعد هل هذا درس تاريخ؟
    هاجمته بجملتها في تهور والغضب لا يزال يعتريها... لكنه تابع كلامه في هدوء حذر :
    - بعد اندلاع الحرب تمكنت روما أخيرا من فرض سيطرتها على البلد، ثم راحت تمحي هويته حتى سمته باسم روماني وأصبح أبناؤه يسمون بأسماء الرومانيين، يرتدون ملابسهم و يأكلون أكلهم و ينسخونهم في كل شيء، ببساطة أضحت بوماريا جزء من روما لكن لبعدها عن روما التي يفصلها عنها بحر واسع، فقد ظلت لها سلطة مستقلة نوعا ما ...هل تساءلت يوما لما لم تبد روما بوماريا كما فعلت بمستعمراتها السابقة؟
    لم تجبه سيليا فتابع حديثه مستسلما لعدم ردها عليه :
    - روما طوال تاريخها الطويل عمدت لاستخدام أسلوب الأرض المحروقة و أبادت شعوبا لا حصر لها لتوسع سلطتها... لكنها آثرت ان تحتفظ ببوماريا و ناسها لخدمتها و حولتهم لشعب منسلخ عن هويته ليتحولوا لرومانيين... كل هذا دام لقرنين فقط... لكن هل تدرين من ساعد روما لدخول البلد و لسقوطهǿ
    غابت عنها ملامحها الحادة و هدأ خاطرها قليلا وبدت بأنها تركز في حديث الشاب الذي كان جادا في كلامه و نبرات متأسفة تتخلل كلماته و نبرة صوته، ثم تابع كلامه وعيون معتذرة غير مبررة تحدق في سيليا:
    - إنه جدك الأكبر... خوري غيلاس...
    توسعت عيناها اللوزيتين من أثر الدهشة وهي تسمع هذا لأول مرة، فما كانت تعلمه هو فقط كون جدها الأكبر سرب معلومات مهمة كما فعل والدها من قبل.
    - روما كانت تجد الدخول لهذه الأرض صعبا بسبب جيش بوماريا المرعب، لكن قائده خوري غيلاس سرب المداخل التي لم تكن محروسة و التي كان من السهل عبورها... فعل كل هذا دون ان يغير تشكيلة الجيش لكي لا تفضح خيانته... ثم لاحقا عندما علم الملك باقتراب اسطول روما أمر بأن يعطى مقابل كل رأس روماني وزنه ذهبا... ما جعل جيش البلد ينتظر حتى عبور جيش روما للساحل و دخولها للوسط لكي يتمكنوا من عد الرؤوس المقطوعة و مقايضتها بالذهب...فالحرب ضد الأساطيل البحرية تعني سقوط رؤوس وغرقها في البحر وضياع المكافأة معها... وكان هذا الخطأ الفادح الذي ارتكبه أجدادنا... الطمع و التكبر... فسقطت بوماريا بسهولة ما إن كانت روما قد وصلت للداخل... بعدها بسنة اندلعت الحرب البيولوجية التي أدت لابادة شعوب و أعراق بأكملها وروما وبوماريا الوحيدتين اللتان نجتا من تلك الحرب العويصة...
    ازدردت سيليا ريقها بصعوبة ثم أبعدت ناظريها عن الشاب أمامها و خزي يسري في دمها... إن كان ما يقوله صحيحا فحري بها أن تتبرأ من اسمها للأبد...
    أثناء ارتباكها ذاك و قبل أن تطلب منه دليلا على كلامه مد يده الطويلة الرفيعة الشاحبة نحوها وفي راحتها وسام شعار بدى كأنه أحد أوسمة العوائل السبع، مدت سيليا يدها بعد أن ترددت لثوان في أخذه ثم تفحصت البلورة الزمردية التي كانت تتوسطه وتخرج منها ومن حولها خطوط مستقيمة متفاوتة الطول بدت كأنها ترمز لأشعة الشمس، لتبصر في داخلها رمز وجه الملك الذي كان يظهر و يختفي بفعل الضوء، وكانت تلك علامة على أن الوسام أصلي ولا غبار في هذا، لكن الرمز الذي يشكله لا يرمز لأي عائلة من العوائل السبع.
    - لم تلمس روما أحدا من بوماريا غير عائلة واحدة... أبادتها عن بكرة أبيها...
    شهقت سيليا وهي تحدق في الوسام لبرهة من الزمن و تربط كلام الشاب ببعضه البعض ليتابع الشاب كلامه و الهدوء يعلوه:
    - لكننا نجونا... نجونا بأعجوبة... حتى الساعة لا تزال تطاردنا و تبيدنا...
    أعادت سيليا الوسام بلطف ليد الشاب وقد شعرت ببعض من المواساة ثم قالت ببرود محاولة إخفاء رقة كادت تبدو في نبرة صوتها :
    - اذا فهم قد اتهموك عمدا ليتخلصوا منك...
    هز رأسه موافقا و تنهد براحة لأن تلك الفتاة المتوحشة قد اختفت من أمامه لتظهر هذه الفتاة المتفهمة المراعية:
    - لما فعلت روما هذǿ لما أبادت إحدى العوائل المرموقة؟
    حدق لوسامه بنظرات متأسفة وهو يجيب:
    - لأنها كانت تملك أعتى سلاح من بين جميع العوائل...
    - سلاح؟
    جلست أخيرا سيليا على كرسي قريب من السرير وهي مهتمة لكلامه ليتابع وهو يحدق إليها بجدية:
    - دعيني أجيبك عن أول سؤال سألتك إياه من قبل...
    - تعني المعلومات التي سربها والدي...
    هز رأسه موافقا ثم قال:
    - لقد سرب سر أحد أسلحة العوائل السبع لجهة غير معلومة... دعيني أخبرك بشيء لربما لا تعرفينه... روما قد أبقت على بوماريا بسبب العوائل التي كانت تحكم البلد... و السبب في حكمها و سيطرتها على البلد هو أسلحة سرية لا يعلم أحد مهيتها أو كيفية عملها غير أفراد هذه العوائل... إنها تسمى أسلحة.. لكنها قد تكون أبعد منها لشيء مادي... هي شيء لا يمكن حتى تفسيره... لكنها بالتأكيد قوة تخاف روما نفسها منه... شيء لو اتحد معا بالتأكيد سيبيدها عن بكرة أبيها...
    وسط ذهولها لما تسمع لأول مرة، نبض قلبها خوفا و حماسا وفخرا، وسرت قشعريرة في جسدها كله... فهم يملكون سلاحا لا علم لهم به... وروما قد تموت رعبا بسبب هذا السلاح... و لأجل هذا لم يزل اسمهم على كرسي العرش لحد الساعة... هل كانوا ينوون جعلهم يستسلمون وينسون قوتهم؟... هل كانوا يرغبون في إبادتهم شيئا فشيئا للتخلص من هذا السلاح الذي يؤرقهم ... كما فعلوا بمثل هذه العائلة التي ظلت صامدة في الخفاء... يا ترى أي سلاح مرعب هذا الذي جعلهم يبيدونهم دون تأني... إن لم يكن سلاحا ستكون روما قادرة على التحكم فيه فلا بد من أن مصيره هو الزوال بكل تأكيد...
    - أنا آخر فرد من هذه العائلة...
    رفع وسامه للتأكيد على مكانته ثم نطق في تهديد خفي وهو يقول:
    - اذا تمت إبادتي فسيختفي تاريخنا للأبد...

  8. #27
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    ها نحن ذا نعود مجددا للقاء في موعدنا الأسبوعي
    لا أخفيكم شدة تعبي في الكتابة الأسبوعية hurt لكن بما أن الأفكار لا تزال تتدفق فسأستمر فيها لربما لفصلين آخرين إذا لم يمنعني ظرف من ظروق الحياة عن التأجيل أو التأخر بإذن الله.


    ظهرت شخصيات إضافية في القصة واتضحت هوية شخصات أخرى، ثم في النهاية يبدو بأن هنالك سرا كبيرا قد بدأ ينكشف شيئا فشيئا cheeky
    ما رأيكم بالأحداث لحد الساعة؟ هل أنتم متحمسون لمتابعة البقية hurt ؟
    من يكون هذا الشاب الغريب الذي ظهر من العدم وما هو مصيره مستقبلǿ كيف ستتعامل العائلة معه يا ترى؟ وهل سيسلم للشرطة؟
    كل هذا وأكثر ستعرفونه في الفصل القادم beard





    اخر تعديل كان بواسطة » أروكاريا في يوم » 14-08-2019 عند الساعة » 12:26

  9. #28

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف حالكِ؟ أتمنى أن تكونِ في أفضل حال! gooood

    فصل جديد asian
    ومفاجأت رهيبة!!

    حظ زينو جيدٌ حقاً؛ حيث أنه لم يُضطر لحضور حفل غريبيّ الأطوار! laugh

    حمامة السلام!! paranoid ربما تكون سيليا على حق cheeky ربما تجبرها الظروف والأحداث القادمة على اتخاذ هذا اللقب knockedout

    لربما أدفع مبلغاً عالياً بعض الشيء لأجل بعض التكنولوجيا المتطورة لكن لن أهدر مبلغاً كبيراً كهذا من أجلها!! لقد أضاع رودس ثروة من أجل غرفة محاكاة tired

    ماكسن مستعجل جداً laugh إن الوقت مبكر جددددداً لحصول كل ذلك.. إن العائلة منسية، وهم لم يتجرؤا بالتعريف هم أنفسهم.. الطريق أمامهم طووويل..

    الفرد المتبقي من عائلته paranoid إن كان كلامه عن والد سيليا صحيحاً.. إذاً فإن خيانة والدها ليست سهلة أبداً.. لقد تسبب في مقتل الكثير! إلا إن كان هناك سبب مخفي لتلك الخيانة cheeky

    أعتقد أن وريث العرش يعلم بكل شيء ـ حتى أمر الفتى ـ cheeky لهذا أرسلت الدعوة لعائلة غيلاس.. يحتاج لمساعدتهم؟ paranoid

    ربما هم لديهم سر فتح اللعبة؟ paranoid

    لازلت أتساءل إن كانت لعبة حقاً.. أم شيئاً آخر.. فربما مسمى اللعبة لديهم مختلف عن ما نعرفه نحن knockedout

    وإن كانت لعبة.. ربما أسلحتهم موجودة فيها cheeky ويعرف الفتى الغامض كيفية تشغيلها؟ paranoid

    لكن ما سر ذلك الحلم الذي حلمت به سيليا؟ أهو محض أفكار ومشاعر تأنيب الضمير كونت كابوسها knockedout.. أم أنه رسالةٌ ما.. تنبئها بأنه سيكون عليها اتخاذ مثل قرارهم cheeky

    فصل جميل جداً كشف الكثير وأشعل فيني الحماس لمعرفة الأسرار المتبقية asian

    في أمان الله ورعايته وحفظه



    attachment attachment
    سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
    | قناعٌ قابلٌ للكسر |

  10. #29

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف حالكِ؟ أتمنى أن تكونِ في أفضل حال! gooood
    و عليكم السلام ورحمة الله تعالى و بركاته، أعتذر على ردي المتأخر hurt و شاكرة لك تفاعلك الدائم و السريع الله يسعدك
    e40d

    حظ زينو جيدٌ حقاً؛ حيث أنه لم يُضطر لحضور حفل غريبيّ الأطوار!
    ايه :
    em_1f606:

    حمامة السلام!! paranoid ربما تكون سيليا على حق cheeky ربما تجبرها الظروف والأحداث القادمة على اتخاذ هذا اللقب knockedout
    تعجبني توقعاتك
    e106
    لربما أدفع مبلغاً عالياً بعض الشيء لأجل بعض التكنولوجيا المتطورة لكن لن أهدر مبلغاً كبيراً كهذا من أجلها!! لقد أضاع رودس ثروة من أجل غرفة محاكاة tired
    هذي هوسه وشغله الشاغل كككك بإمكانه أن يبيع أراضي العائلة لأجل الألعاب ، تصحيح بسيط المهووس بالألعاب و الذي يعتبر الأغنى في العائلة هو زينو الثخين كككك

    ماكسن مستعجل جداً laugh إن الوقت مبكر جددددداً لحصول كل ذلك.. إن العائلة منسية، وهم لم يتجرؤا بالتعريف هم أنفسهم.. الطريق أمامهم طووويل..
    يب متهور و متذمر دائما كككك

    الفرد المتبقي من عائلته paranoid إن كان كلامه عن والد سيليا صحيحاً.. إذاً فإن خيانة والدها ليست سهلة أبداً.. لقد تسبب في مقتل الكثير! إلا إن كان هناك سبب مخفي لتلك الخيانة cheeky
    والد سيليا لا دخل له بإبادة العائلة، لربما لم أشرح ذلك بشكل جيد على لسان الشخصية سأعيد شرح الأمور بشكل معمق في الفصول القادمة ، لكن بالمختصر العائلة بدأت إبادتها منذ احتلت روما بوماريا قبل قرنين و استمرت الإبادة حتى زمن الأحداث الحالية.
    أعتقد أن وريث العرش يعلم بكل شيء ـ حتى أمر الفتى ـ cheeky لهذا أرسلت الدعوة لعائلة غيلاس.. يحتاج لمساعدتهم؟ paranoid
    ربما هم لديهم سر فتح اللعبة؟ paranoid
    ربما كل الاحتمالات ممكنة
    e40a
    لازلت أتساءل إن كانت لعبة حقاً.. أم شيئاً آخر.. فربما مسمى اللعبة لديهم مختلف عن ما نعرفه نحن knockedout

    وإن كانت لعبة.. ربما أسلحتهم موجودة فيها cheeky ويعرف الفتى الغامض كيفية تشغيلهǿ paranoid

    لكن ما سر ذلك الحلم الذي حلمت به سيليا؟ أهو محض أفكار ومشاعر تأنيب الضمير كونت كابوسها knockedout.. أم أنه رسالةٌ ما.. تنبئها بأنه سيكون عليها اتخاذ مثل قرارهم cheeky
    أسئلة في محلها
    e106
    فصل جميل جداً كشف الكثير وأشعل فيني الحماس لمعرفة الأسرار المتبقية asian

    شكرا على ردك الجميل كعادتك، مسرورة لحظورك الدائم بهذي المناسبة أعطيك نجمة المتابعة الرائعة e106 <كف
    في أمان الله و حفظه


    اخر تعديل كان بواسطة » أروكاريا في يوم » 16-08-2019 عند الساعة » 09:31

  11. #30
    أرجوان ♥ P2Q2CH
    الصورة الرمزية الخاصة بـ ×hirOki×









    مقالات المدونة
    17

    Snowy Diamond Snowy Diamond
    مسابقة يوم صحي في رمضان مسابقة يوم صحي في رمضان
    نجمة القصص والروايات لعام 2019 نجمة القصص والروايات لعام 2019
    مشاهدة البقية
    .
    .
    .
    .

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


    مرحبا أروكاريااا
    ما هذه التحفة الناردة التي زيّنت قسمنا الجميل e106
    أحببت هذا الارتباط المكشوف والمخفيّ في الوقت ذاته ، بين عنوان الرواية وأحداثها
    وأيضا إيقاعه الملحمي الخاص ، صدقا إنني أحب ارتباط هذين الأمرين معا
    ( رائحة التاريخ مع نكهة المستقبل )
    وصلتُ بعد قراءة ثلاثة فصول متتالية لذا لا يمكنني أن أتحدّث كثيرا عن الفصل الآن < تشعر بالتشويش لكثرة النقاط التي يفترض بها التعقيب عليها em_1f635
    ولكنني في شوق للفصل للجديد < ويا للمصادفة إنه أكثر فصل شدّتني نهايته وأخذت بلهفتي وفضولي
    تلك الأسرة الوحيدة التي أبيدت <والتي أظنها الأكثر نبلا وشأنا بين العائلات السبع
    أرجو ألا يتأخّر الفصل الرابع طويلا < تريد الاستمتاع بقدر الإمكان بأسبوع إجازتها
    أووه وملاحظة مهمة < لماذا سمعتكِ كأنكِ تقولين ستغيرين المكان لو كان التفاعل قليلا <<
    أينما نشرتِ الفصول لا تنسي أبدا ترك نسخة هنا < أنتِ تعلمين أن متابعين مكسات مثل سبائك الذهب em_1f60e فقد يكون عددنا قليل ولكن شعاع بريقنا طويل e40a
    em_1f606
    تحيّتي وتهانيّ لكِ يا صديقة
    على هذا النسيج الفائق
    من وصف وسرد وفكرة آسرةe106 e106











    .
    .
    .
    .

    و إذا يْنَفْعّك الله
    حاشا يضرّك إنسان

    e032


    my blog
    goodreads


  12. #31

    مرحبا أروكاريااا
    ما هذه التحفة الناردة التي زيّنت قسمنا الجميل e106
    أحببت هذا الارتباط المكشوف والمخفيّ في الوقت ذاته ، بين عنوان الرواية وأحداثها
    وأيضا إيقاعه الملحمي الخاص ، صدقا إنني أحب ارتباط هذين الأمرين معا
    ( رائحة التاريخ مع نكهة المستقبل )
    أهلا بك هيروكي شرفتني في روايتي e106 جميل جدا أحببت وصف أجواء الرواية e106 وأردت أن أشير لأمر مهم بما أنك ذكرتني بزمن الرواية، التاريخ لحد الساعة لم يظهر سوى في أسماء العوائل وتمثال السيدة صوفيا طبعا هنالك أماكن أثرية أخرى غيرها كما في زمننا الحالي حيث يختلط التاريخ مع الحاضر المعاصر

    وصلتُ بعد قراءة ثلاثة فصول متتالية لذا لا يمكنني أن أتحدّث كثيرا عن الفصل الآن < تشعر بالتشويش لكثرة النقاط التي يفترض بها التعقيب عليها em_1f635
    هههههههه صحيح نفس مشكلتي لما أردت كتابة ملخص ملائم للرواية e412 هنالك العديد من النقاط المهمة التي لا تندرج تحت صنف واحد لهذا من الصعب دمجها وكتابة ملخص ملائم
    ولكنني في شوق للفصل للجديد < ويا للمصادفة إنه أكثر فصل شدّتني نهايته وأخذت بلهفتي وفضولي
    تلك الأسرة الوحيدة التي أبيدت <والتي أظنها الأكثر نبلا وشأنا بين العائلات السبع
    أرجو ألا يتأخّر الفصل الرابع طويلا < تريد الاستمتاع بقدر الإمكان بأسبوع إجازتها
    للأسف تأخرت كثيرا عليكم، كان من المفروض أن أضع الفصل الجديد بالأمس لكن لدي العديد من المعرقلات التي تمنعني e413

    أووه وملاحظة مهمة < لماذا سمعتكِ كأنكِ تقولين ستغيرين المكان لو كان التفاعل قليلا <<

    أينما نشرتِ الفصول لا تنسي أبدا ترك نسخة هنا
    لأني كنت خائفة من عدم الحصول على أية ردود e412، لو كان بإمكاني لوضعتها في كل مكان وزمان ، لكن هنالك قوانين لا تسمح لي بهذا، لكن حاليا مما أراه فأنا أستمر في النشر هنا لآخر فصل سأكتبه بإذن الله.
    أنتِ تعلمين أن متابعين مكسات مثل سبائك الذهب em_1f60e فقد يكون عددنا قليل ولكن شعاع بريقنا طويل e40a
    em_1f606
    في هذا صدقت e106e106

    تحيّتي وتهانيّ لكِ يا صديقة
    على هذا النسيج الفائق
    من وصف وسرد وفكرة آسرةe106e106
    شاكرة جدا ردك الرائع و المشجع لله يسعدك e106e106e106

  13. #32

    إعلان مهم

    كنت أتمنى ان أنشر الفصل الجديد في أقرب فرصة لي، لكن خلال هذين الأسبوعين وتقريبا منذ نهاية عيد الأضحى والمشاكل الصحية تصب علي الواحدة بعد الأخرى، لم أعد قادرة على التفكير بروية ولا حتى الكتابة، توقعت أن أحصل على بعض الراحة في هذا الأسبوع لكننا سافرنا ثم تدهورت حالتي من جديد وحاليا مصابة بألم في الكلى وحرارة مرتفعة بسبب البرد
    em_1f61f دعواتكم لي الله لا يبلاكم بأي شر.
    قد يكون قرارا متسرعا لكن حاليا أفكر في أخذ فترة راحة لمدة شهرين، فلدي أشغال أخرى تلوح في الأفق مع الدخول الإجتماعي القادم :تنتحب:، لربما سيتغير هذا القرار تبعا للظروف، فمتاسفة جدا و أنا التي كنت قد وعدت بفصل كل أسبوع :تحس نفسها تحمست شوي:
    ونلتقي في أقرب فرصة بإذن الله e418




  14. #33
    أختي الغالية أروكاريا:

    أتمنى لك كامل الشفاء العاجل بإذن الله ولا مشكلة في تأخر الفصول خذي راحتك في الكتابة فلكل منا ظروفه.

    دمت بخير وفي آمان الله:
    e20c:e20c

الصفحة رقم 2 من 2 البدايةالبداية 12

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter