_
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمَن الرحيم
حدث حوار لطيف بيني وبين أحد الأشخاص مؤخرًا، مما أوحى لي بفكرة لهذا الموضوع
وَ هو قد يكون موضوعًا مهمًا نظرًا لحلول شهر رمضان المبارك قريبًا ^^
أعتقد أننا جميعًا نذكر الحديث الشريف الذي ذُكر فيه أن طريق الجنة محفوف بالمكارة وَ
طريق النار محفوف بالشهوات ... وهذا الحديث ذُكر في حوارنا عندما أجبتُ شخصًا يتساءل
كيف يستشعر روح العبادة دون أن يشعر بأنها حمل ثقيل عليه ؟
أجبته، كما أرى أن الخلل يكمن لدينا في أن لنا نظرة تحيد عن الصواب عندما ننظر للعبادة
حيث أننا نراها عملًا من المفترض أن النفس تصتصعبه، ترفضه، وتقاومه... وأنه من المفترض
أن نرى ممارسة العبادة نوع من أنواع " جهاد النفس " ، وهذا برأيي موطن الخلل عند الكثير
حيث رسخت الفكرة ببالهم واصبحوا إزاء شعور التقصير .. يضعفون أكثر ويكرهون عبئها أكثر!
لهذا، قلت بأننا يجب أن نغيّر هذه الفكرة ونستبدلها بفكرة أفضل وتناسب الفطرة التي
جاء بها الإسلام، فالإسلام دين يسر لا عسر ... دين يهذب النفس ويريحها ولم يأتِ ليسلبها
راحتها ويجعلها في صراع مستمر لأجل أن تمارس عبادة من المفترض أنها ملجأ للطمأنينة
والخشوع ، أليس كذلك؟! العبادة ليس عبئًا على النفس على الإطلاق بل هي خلوة وسكينة
يخلو بها العبد مع ربه ، سواء كانت بالصلاة أو غيرها من العبادات الأخرى .. كالإبتسامة وحسن
الظن ، عندما تقصدها لله سبحانه وتعالى.
أتاني الرد بهذا الحديث الشريف الذي ذكرته في بداية قصتي، على أن ما قلته غير صحيح
وَ أنها لو كانت سهلة... إذن، فلمَ الجنة محفوفة بالمكاره؟!
حسنًا إذا كانت اللحاق بالشهوات طريقًا إلى النار، فـ الإبتعاد عن هذه الشهوات ومنع النفس منها
هي " المكاره" فالنفس تكره أن تُمنع منها لكن المؤمن والرغب بالجنة ، سيمنع النفس من طريق
الشهوات مهما أراد السير فيها وَ هكذا أجد معنى المكارة وليس العمل الصالح أو العبادة .
في الوقت الذي تخوض فيها النفس صراع الحدود والحيل بينها وبين الخطأ ، فإني أرى العبادة والأعمال
الصالحة نعمة وعوّض من الله سبحانه وتعالى للمؤمن، حيث يملأ فراغ قلبه بالخير والرضى والسعادة في
الدارين بدلًا من تدمير النفس وخوائها سيرًا وراء طريق الشهوات الزائلة، إذا عرفنا ماهو الشيء الذي
يجب مقاومته والبعد عنه وماهو الشيء الذي نرحب به ونسعد ونستمتع بفعلة، لن تعود العبادة ثقيلة
أو صعبة ... لن تكون شيئًا ترغم نفسك على الإلتزام بها وعدم نسيانها، بل ستسارع إليها مستبشرًا.
ربما يكون ماذكرته أمرًا يعرفه الجميع، وربما لا ... لكن أرجو أن أكون أضفت ولو شيئًا يسيرًا من الفائدة^^
شكرًا جزيلًا للجميع على إتاحة هذه الفرصة ، والله يوفقنا وإياكم لما فيه الخير ()*
المفضلات