بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على الرسول الأمين
توالت تقاويم الزمان حتى غدت الأشهر سراعا , لا تلبث طموحاتنا أن تولد إلا أدركتها أشتية الزمان وأخمد البرد حرارة مرامينا
تُرى هل أصبحت الدنيا ضيقة حتى لاتكاد تسع أحقر طموحاتنا !
جدران الحياة علت من حولنا حتى ظننا أننا لن نتخطاها , لكن تُرى هل ماوراء الجدران يكفي لسد المبتغى ؟ وهل مانحن فيه بأس حقيقي !
ذاك اليأس وبعض اليأس لهو عدو النفس وانهزامها لايردي النفس إلا في هوان , فهو شعور في الوجدان يقود للنأْي عن الميؤوس منه والميؤوس فيه
فتكون النفوس اليائسة بائسة مكبلة الأطراف مقعدة الهمة بليدة الشعور ..
كن عن همومك معرضاً و كل الأمورَ إلى القضاء
أبشر بخيرٍ عاجل تنسى به ما قد مضى
فلرُبَّ أمرٍ مسخطٍ لك في عواقبه رضا
و لربما اتسع المضيقُ و ربما ضاق الفضاء
الله يفعل ما يشاء فلا تكن معترضا
الله عودك الجميل فَقِس على ما قد مضى |
*(صفي الدين الحلي)
فإن اشتد وامتد فصابر واصطبر فإن الفرج لايحين إلا بعد شدة اليأس كما الفجر يحين بعد أحلك ساعة من الليل ؛ فإن مع العُسر يُسرًا
وبعض التساؤل والتفكر يكلله حسن الظن بالعظيم المدبر , وتذكر جميل نعمه والتسليم بأن الخير فيما قضاه وأن الحق سوف يكون
وإن الشر إن حل فهو بما كسبته النفوس وتلك النائبة من فقر أو فقد أو فشل أو سقم ماهي إلا لتكفير أو دعوة ليعود المرء لله تعالى ويراجع نفسه فلا يضل
أو هي علو ومنزلة عظيمة إن أحسن الصبر فيها والاحتساب.
والآن وفي خضم سقطات الدنيا واحتضار الضمائر وضبابية القيم التي نعيشها وغياب الذوقيات والمبادئ الراسخة ...
فإنها تضنى بعض النفوس وتشقى فتكاد تُقادُ للإحباط قسرًا
أما مفاهيم الفرج والسعة فإنها تختلف في المدارك , فيظنون الفرج في مال وفي قصر وجاه أو يظنّونه في ثناء الأفواه وهتاف الأسماء
وكل الفرج كله في الصبر على هذه الحياة برمتها , والصبر على زيفها وذاك الجمال الذي تكشفه عن وجهها كل مرة بمفهوم وتشكيل متقلب لتجذبنا وتوسمنا بالحرية
وكل الحرية في الاستغناء والتوكل على الله وانتظار نصره وعدم التهاون بالقبض على القيم العليا التي دلنا عليها الإسلام
والدعوة لها والدفاع عنها والتسليم لها دون الاكتراث للملهيات والجماعات ودون الخضوع والتجرد من البذل والاجتهادات ؛ وهذا انتظار الفرج.
والأهم ضبط شعور النفس بالتخلي عن الدنيا فلا نكون كالساخطين الحاقدين تمكن القنوط من القوم في نفوسهم
فظنو أنهم الأخيَر والأصلح وحكموا فاستفردوا وتركوا خلفهم كل متروك ...
بل إن الصنيع الحسن يكون في وزن الأمور وتثبيت الحال ولو بدت الغرابة وأصبح التواضع اتهام والتحفظ عتاب وتوهمنا أن المصاب جلل لا مناص منه وأن الغمام والتعتيم لن ينزاح.
(وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)
نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه وأن يتولانا بتوفيقه.
المفضلات