أسيرٌ لأحلامِه , غريقٌ في أوهامِه.
لم يعدْ يرى في الحياةِ ما يُشجّعه للتنعُمِ بها.
يُفكر .. يَتأمل .. يَغفو على أملِ رؤيةٍ تأتيه بِبُشرى لم يجدْها في واقعه.
يتمسكُ بالأطلالِ , يبكي على الأسوارِ , يتشبثُ بالظلالِ ..يَعضّ على الأشواقِ , يغوصُ إلى أعماقِ ذاته , ليطالعَ بها ذكرى باتت كُلّ ما يملك.
ذكرى تُؤلمُه وتُؤنسه , توجعُه وتضحكُه , تحييه وتميتُه , ذكرى كانَت في يومٍ رجاءً ,ثُمّ ما لبثت أنْ صارَت أملاً , ثُمّ ما لبثت أنْ صارت حُلما ثُمّ تحولت لذكرى, ربُما تصيرُ إلى النسيانِ وربما تذهبُ به إلى الهلاك.
ذاكَ رجلٌ مِثلك إنسانٌ له من الحقوقِ ما لك ,وله من الآمِال ما له ,وليس له من الحظوظِ سوی أنْ جُعِلَ في أرضٍ ليست تصلحُ ليحيا بها من هو مِثله.
ليس ذنبي أنّي قد مشيتُ بفطرتِي ,وسرتُ ببراءتِي .
ليس ذنبي أنّي لم أخلقْ بخبيثَ ,أو مخادعٍ.
ليس ذنبي أنّي لم أكُ ذِئباً ,ولا ثعلبا .
ليس ذنبي أنّي خُلِقتُ إنساناً في زمنِ الوحوشِِ .
ما الذي اقترفته حتى أذوقُ كُلّ هذا العذابِ , ماذا فعلتُ حتى يُقدّر عليّ أنْ أحيا وحيداً .
لا تؤلمني وحدتي كما يؤلمني جرحي بك .
كيف تحيين الآن ؟ وكيف صرتِ ؟
هل كبرتِ ؟ هل ما زلتِ تذكريني؟
لمَ رحلتِ ؟ ولماذا بقيتُ أنا ؟
لماذا لم يجمعني قدري بك ؟
راضٍ أنا عن قدري ,ولستُ أعترضُ , ولكني أمارسُ حقّي في تجرّعِ عذابي.
أمارسُ حقّي باجترارِ آلامي.
أمارسُ حقي بأنْ أكونَ وفياً لك .
لم يكنْ خطأً ,أو تجاوز , فلستُ أولُ من يحيا على حبِّ الطفولة ,وما كنتُ أولَ من يكبرُ مع حُبّه.
لستُ نادماً لأنّي عَرفتك , لست نادما أبداً, فأنتِ أجملُ ما حصلَ لي .
فَخورٌ بحبٍ لم يتجاوزْ ضلوعي , يُسعدني وفائي لك , وأنتظرُ لقاءَكِ في الجنة .
المفضلات