وعند الصباح دنا منّي النّسيم فراعني جمعٌ من الذكرياتِ أشعلها في ذاكرتي , و أوقدَ نارَ حُرقتها في صدري.

ذاتُ الرائحةِ , ولكن اختلفَ الطعم , هل يا تراه قد قطعَ المسافاتِ لأجلي ؟ أم لتعذيبي؟؟

هل عادَ شوقاً ؟ أمْ عادَ يريدُ أن يطلبَ ثأراً ؟ لأحبابٍ خذلناهم , وعدناهم بأنّ مكانهم في القلبِ محفوظٌ لعودتهم , وأنّ الشوقَ لن ينفنى , سنحفظه بورقِ الغارِ , ونتركُه بكُلِّ صباحٍ يعانقُ سحابةً مرّتْ على أرضٍ بكم عبقت.

 نجددُه ,ونحفظُه ,ونرعاه..

ولكن دون فائدةٍ ..

فقد جاءَ النسيمُ اليومَ يودّعُنا , ويخبرُنا بلزومِ تغيير المسار.

لن يأتيَ النسيمُ بعدَ هذا الصباحِ من جهةِ الغربِ أبداً , ولن تحملَ الغيومُ بعدَ اليومِ عبقاً لهم , ستكونُ تذكاراً , وحسرةً تغوصُ بنا فتخرقُنا , وتحرقُنا , وتتركُ جُرحَكُم في القلبِ محفوظٌ , لعودتكم على غيرِ الذي كُنّا نُمنّي النّفس أنّ الغدّ موعِدُه .

سنتركُه بدونِ ضمادٍ ,نعرّضه لنورِ الشمس , يحرقُه , ويلهبُه , وبردٌ عند المساءِ يقرصُه, وعند نزولِ الغيثِ نغسلُه بماءِ عابقٍ بخيطٍ من نَسجِ الحياةِ مقتبسٍ , يلطّفُه , وينعشُه , ويبعدُ فرصةً بالبترِ عنه لنتركَه , ونبقيه لكم ليومِ العود ...

يخطّ حكايةً كُتبَت بعيداً عن محيّاكم , يُذكِركم , ولستُ بحاجةِ التذكير ...

يؤرقكم ,ولو لدقائقٍ عدة , ويأخذُكم إلى الماضي , ويحملُكم بعيداً عن مستقبلٍ تعبتُم في تصوّره , وترسيمه , لغيرةٍ من أصدقاء , ورغبةٍ إلى النماء , ورهبةٍ من البقاء.

سنعذرُكم , ونأسفُ من سوادِ الحظّ ..

نسامحُكم , ونتركُكم ليومِ البعث..