مشاهدة النتائج 1 الى 3 من 3
  1. #1

    ككلِّ شيءٍ آخر قد رحل

    attachment

    ككلِّ شيءٍ آخر قد رحل



    لم أقف أمامه طويلًا، أجل كان يستحق التأمل
    لكنني عرفتُ منذ البداية، أن سعادة الحلم به وتأمله من بعيد .. ستفوق سعادة رؤيته وجهًا لوجه
    ككل شيءٍ آخر،
    أن تحلم، هو الأمر الأكثر متعةً من أن يتحول الحلمُ إلى حقيقة
    ففي الحلم، كل شيء كاملٌ .. والسعادةُ مطلقة
    ولكن في الحقيقة، ليس هناك شيءٌ كامل !

    (( لقد كان جميلًا جدًا .. ))

    ككل شيءٍ سُلِب مني .. كان جميلًا
    ككل شيءٍ أردتُه .. كان جميلًا
    ككل شيءٍ تخيلتُه .. كان جميلًا
    كان جميلًا كالحلم تمامًا .. إلا أنني لم أستطع الاستمرار في النوم طويلًا
    كان عليّ أن أفيق ، وكان على كل شيءٍ في حلمي أن يتلاشى
    حتى لم يتبقّ منه شيء

    حتى تلك الأشياء القبيحة، لم تعد موجودة .. حتى تلك الأشياء التي أردتُ التخلص منها بشدة، لم تعد موجودة ..
    حتى تلك الأشياء التي كان يجب أن تموت ..حدث وأن تحقق يومًا ما ما يجب أن يتحقق .. ولم تعد موجودة

    وتلك التي كان يجب أن تبقى حيةً إلى الأبد
    تلك التي كان يسكنها الخلود
    تلك التي كانت روحًا لكل ما يطيرُ في سماء هذا الكون ..
    كان عليه أن يستمر بالطيران في السماء التي بلا نهاية

    لكنه قُتِل !

    كان عليها أن تتحطم .. تلك السماء .. في تلك اللحظة حينما مات كلُّ ما هو جميلٌ تحتها
    إلا أنها لا زالت تتسع بكل ما أوتيت من قوى وتحمل
    لا أدري إلى متى ستحمل خطاياهم .. لكنني واثقةٌ أنها يومًا ما ستنفجر

    بوجهه الحنطي وقميصه الأزرق .. بعينيه السوداوتين ذواتي الرموش الطويلة
    أضاء بريقُه المكان

    ومع أنني كنتُ خائفةً أنني لن أحظَ بفرصةٍ ثانية، لم تجرؤ عيناي على إطالة النظر
    بل كانت نظرةً خاطفةً فحسب، وكأنني كنتُ أعرف أن لا شيء يستحق التأمل طويلًا
    حتى مدّ يده إلي .. لترتعش يداي رافضتان الانسياق إليه
    حتى اللحظة الأخيرة .. خفتُ أن ألحق به
    في ذلك اليوم، أخبرني أنني لن أبكِ ثانيةً ..
    في ذلك اليوم، أخبرني أنه لن يعود
    وأنني لن أجد ما يستحق أن تُذرف لأجله تلك الدموع
    لقد كان جميلًا جدًا .. كجمال دموعي التي اشتقتُ إليها منذ أن رحل

    إنني أحيانًا أرغم نفسي على البكاء .. لكي أشعر أنني لا زلتُ حيةً .. وأنني أستطيع الطيران
    لكنني أخشى أن جناحاي قد كُسرا .. ككل شيءٍ آخر قد رحل

    لكل شيءٍ نهايةٌ، أجل !

    لكنني لم أفهم إلى الآن .. علامَ نعتذر ؟ ولأجل ماذا ولأجل من ؟
    إن كان الاعتذار عن الألم .. أشدُّ وجعًا من الألم ذاته
    إن كان الاعتذار في كثيرٍ من الأحيان .. أقبح من أي شيءٍ آخر قد تقدّمه لضحيتك
    نحن لسنا بحاجةٍ للاعتذار، لا أحد بحاجةٍ إليه
    إن الجميع بحاجةٍ لأن يشعروا أنهم على حق

    وحينما اعترف الجميعُ بخطئهم .. ما عاد الأمرُ ممتعًا كالسابق
    لقد كان ظني السيء بهم أفضل بكثير من سماع ذلك من أفواههم
    فإنني وإن أظهرتُ العكس, تأملتُ دائمًا أنني قد أكون مخطئة .. فظنوني لم تثبتها الحقيقة بعد
    ومع أنني كنتُ دائمة الاتهام .. لم أرد يومًا أن يصدق ظني بهم .. لقد أردتُ فقط أن أثبت لنفسي ولهم أنني أذكى من أن يتم خداعي
    وبعدما تبين أن ظنوني كانت على حق .. تمنيتُ حقًا لو أنني كنتُ غبيةً كفاية كي أُخدَع
    أو ذكيةً كفاية كي أوهمهم بأنني مخدوعة
    فأنا أضعفُ من أن أتحمل أعباء الانتصار !

    تلفّتُّ حولي .. لعلّي أجدُ مظلةً أحتمي بها من المطر
    لم تكن تمطر !
    لقد كنتُ فقط أبحث عن شيءٍ أختبىء تحته
    فكل شيءٍ كان ينظر إلي ..
    لا أدري إن كانت الشوارعُ والأزهارُ والأبنيةُ وإشارات المرور يسخرون مني
    أو إن كانوا يشفقون عليّ
    لم أرد منهم أيًّا من الموقفين
    أردتُ فقط أن يدعوني وشأني .. أن يتركوني أحزن وحيدة
    لا أريد من تلك الطرقات أن تبكي لأجلي
    ولا أريد حتى من السماء أن تتألم لأجلي

    دعوها تكبرُ وتتسع كما تريد .. وإلا كيف ستحمل خيبات آمالنا

    إن الكون لا يتسع من فراغ .. فالأوجاع أيضًا تتسع ..
    ولا تتلاشى .. هي إما أن تكبر بسرعةٍ أو ببطء
    لكنها لا تموت ولا تُدفن
    بل تبقى حيةً حتى بعد وفاة أصحابها

    لقد كان جميلًا جدًا حتى عندما رحل

    أما أنا .. فعرفتُ منذ البداية أنه حلم ،
    فالذي لم يمتلك عينين متلألئتين .. لن يضيء العالمَ بهما
    والذي لم يمدّ يده يومًا .. لن أرفض الانسياق إليه
    والذي لم يأت منذ البداية .. لن يرحل أبدًا

    ها هي السماءُ تمطر من جديد .. أشكركِ أيتها السماء
    فقد شاطرتِني كل شيءٍ حتى البكاء
    اخر تعديل كان بواسطة » ضَــوْء في يوم » 01-12-2017 عند الساعة » 16:28 السبب: وسام مُستحق للقراءة :)


  2. ...

  3. #2
    أخالها من النصوص التي لا تُقرأ سوى لمرة، ورغم ذلك تعلّق في الذاكرة لشدّ ما هي مدججة بالمشاعر!

    لم أقف أمامه طويلًا، أجل كان يستحق التأمل
    لكنني عرفتُ منذ البداية، أن سعادة الحلم به وتأمله من بعيد .. ستفوق سعادة رؤيته وجهًا لوجه
    حقا لا أدري ما أقول!

    بوركتِ يا عزيزتي ..

  4. #3

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter