استقبلت أذناها الصافرة من جديد وكم كرهت ذلك الصوت الصاخب لكن ماذا عساها تفعل فهذا هو واقعها ،
ابتسمت المذيعة مجددا وقالت :< فل نعد إلى موضوعنا الرئيسي وهو دراما ’’ الأسيرة ’’ ، آنسة نسرين فل تخبرينا قليلا عن هذه الدراما > ،
ردت نسرين وهي تقبض عضلات وجهها بينما أصابع يدها ترتعش وتحاول بجد إخفاء توترها لتقول :< بالنسبة لتمثيلي في هذه الدراما فقد كان محض صدفة فعند انتهائي من تمثيل فلم العاصفة لم يكن لدي أدنى ارتباطات بعدها إلى أن عرض علي مخرج الدراما فؤاد سالم العمل في دور البطلة وبعد أن رأيت أنني بلا ارتباطات فوافقت موافقة أولية ، وبعد يومين سنعقد نحن الممثلون مع المخرج لقاء لنتدارس أحداث الدراما وحينها سأؤكد موافقتي أو ألغيها ، وبالنسبة للدراما فلا معلومات لدي لأحداثها بعد > ،
ضحكت المذيعة وهي تقول :< الفضول يقتلنا جميعا لمعرفة أحداثها حتى الأسئلة التي أراها أمامي للجمهور فهي تتكلم عن محتوى الرواية فقط ، وهذا أمر لم يمر على تاريخ التمثيل أبدا حقا هذا الأمر يوترنا > ،
مرت لحظة صمت فأمسكت نسرين كأس الشاي لتحتسيه فنقلت ناظريها لمحتواه لتجده دما أحمرا فسقط الكأس من يدها لكنه لم ينكسر فلقد تداركت الأمر وأمسكته بيدها الأخرى ووضعته على الطاولة وأخذت نفسا عميقا ومسحت بأصبعها على حافة الكأس
كان فريق التصوير قد تدارك الأمر ونقلوا العرض مباشرة للكاميرا الأولى حيث تظهر المذيعة بمفردها وأشاروا للمذيعة بأخذ فاصل مؤقت،
فابتسمت المذيعة بارتباك وهي تقول :< يبدوا أنكم لن تلحقوا على ذكر جميع أسئلتكم للممثلة نسرين لذلك سنعطيكم فاصلا آخر فاغتنموا الفرصة ، فنحن هنا لننقل آرائكم > ،
ذوت الصافرة فنهضت نسرين بسرعة متجهة نحو الحمام في حين صرخت مساعدتها سلمى في وجه الطاقم قائلة :< نسرين لديها حساسية ضد عصير التوت فلماذا وضعتموه لها ، لقد اتفقنا على أن يتم ملأه بالقهوة أو الشاي > ،
اعتذر منها طاقم الإخراج وتم تغيير محتوى الكأس مباشرة أما المذيعة فقد أبدت استياءها كثيرا ،
في حين لحقت سلمى بنسرين لتسعفها فوجدتها تبكي وتفرغ ما بمعدتها وتقول :< لقد كان دما ، أؤكد لك لقد كان دما أحمرا ورائحته مقززة >
ضمتها سلمى إلى صدرها وهي تقول :< لا بأس عزيزتي أنا أعتذر لعدم اهتمامي بك جيدا ، لا تبكي كل شيء على ما يرام > ،
مسحت لها دموعها وهي تقول في نفسها :< يا إلهي ، لا بد أن الهاشمية ما زالت تسكن فيك يا نسرين فمهما غيرت اسمك فلن يتغير فيك شيء > .
كانت تجلس على ذلك الكرسي المتحرك ترمق تلك الشاشة بحنق إلى أن قالت تلك المذيعة :< فنحن هنا لننقل آرائكم > ،
ضحكت بعجرفة وهي تقول :< آراءنا في ماذا ، في فتاة قتلت أباها وغيرت اسمها تتصنع وتدعي أنها ممثلة > ،
أطفأت شاشة التلفاز ودفعت عجلة الكرسي بيديها متجهة نحو غرفتها لتجد ذلك الرجل يرتدي بذلته الزرقاء ويرش عطره ويستعد للخروج ،
فسألته بقسوة :< إلى أين في هذا الليل ؟ > ،
نظر إليها باستغراب قائلا :< ألا يمكنك أن تقولي كلمة طيبة ، أن تمدحي شكلي أو أن تتكلمي بلطف على الأقل > ،
رفعت أحد حواجبها ، فتنهد قائلا :< يجب علي إيصال أمي إلى صالة العرس ، انتظريني سأعود للعشاء > ،
تمتمت بحنق وهي تتجه نحو سريرها وحملت عصيها ووقفت بصعوبة لتجلس على سريرها وعندما استقرت أرجعت عصيها إلى مكانها ،
في حين هو لم يغادر الغرفة حتى يتأكد من جلوسها بشكل سليم وحين فعلت انسحب وهو يقول :< متى ستتخلص هذه المريم من عجرفتها ، متى ؟ >
تبسمت المذيعة مرة أخرى لتسأل نسرين قائلة :< بالنسبة لهذه الدراما فأنت ستمثلين مع محبوب الملايين الممثل عادل ، كيف هو شعورك وانت تمثلين مع عملاق مثله > ،
ابتسمت نسرين بخجل مصطنع بينما جسمها يرتعش وهي تقول :< لقد اعتدت أيام الدراسة على أن أتابع الدرامات الخاصة بالنجم عادل رغم انشغالي لأنني كنت وما زلت أعتبره من أفضل الممثلين و أكثرهم اتقانا لأدوارهم لذلك سأغتنم الفرصة وأتعلم منه ومن الفنانين العمالقة الذين سيمثلون معي إن شاء الله > ،
ابتسمت المذيعة وهي تقول :< أنا أيضا من المعجبين بالممثل عادل لذلك لن أفوت على نفسي مثل هذه الدراما النادرة ، على كل حال نشكرك آنسة نسرين على قبولك الدعوة للقائنا هذا ، وننتقل بكم للفقرة التالية وهي أخبار الفنانين لكن بعد الفاصل > ،
أعلنت الصافرة فتحررت نسرين من ذلك القيد الذي دام يؤرقها نصف ساعة أو أكثر ،
فشكرها طاقم التصوير والبعض التقط معها بعض الصور لكنها انسحبت سريعا مع مديرة أعمالها سلمى وارتدت نظاراتها الشمسية لتتخفى بشكل أفضل رغم أن الكم الهائل من الصحفيين الذين استقبلوها أمام الاستوديو كثيرين فأجابت على أسئلة بعضهم ودخلت سيارتها وهي تجلس على الكرسي الخلفي بينما السائق و سلمى جلسا في الكرسيين الأماميين وانطلقوا نحو منزلها .
خرجت بعد أن فتح لها السائق الباب ، دخلت وعند الباب نزعت كعبها العالي ووضعته في رف الأحذية واختارت خفا ورديا ولبسته وولجت إلى البيت ،
كان بيتا كبير يحتوي على طابقين طابق سفلي يحتوي على صالة لاستقبال الضيوف ومطبخ وصالة لأكل الطعام وصالة أخرى لممارسة الرياضة وغرفة صغيرة منعزلة لربة البيت وزوجها السائق وغرفة أوسع لسلمى مديرة أعمالها بينما الطابق العلوي فهو خاص بأكمله بها حيث هناك غرفة نومها وصالة سينما لمشاهدة جديد الممثلين والأفلام الخاصة بهم ،
وغرفة خاصة بملابسها ومستلزماتها وأخيرا غرفة تحتفظ بها بذكرياتها من شهادات وجوائز حازت عليها مع سرداب علوي مقفل تحتفظ هي بمفتاحه فقط ،
دخلت إلى غرفة نومها غسلت وجهها جيدا مزيلة بذلك مكياجها رغم أنه كان بسيطا و رفعت شعرها الطويل وربطته على شكل غرة سميكة ثم غيرت ملابسها مرتدية بيجامة نوم بلون قمحي تتخلله ورود سماوية ،
نظرت إلى طاولت مكياجها وقد قامت بالإعداد مسبقا لقناع منعش للوجه كانت تخطط لوضعه قبل النوم كعادتها لكنها تجاهلته وتجاهلت غسل أسنانها وتقليم أظافرها وطلي يديها بمرطب اليدين بالأحرى قد تجاهلت كل شيء لهذه الليلة هي فقط تريد أن تتكور في سريرها وتنام كطفل ينتظر أمه لتهزه رغم كونها تدرك أن أمها لن تأتي ولن يأتي أي أحد ليهز آلامها ويخلصها من حزنها ،
كادت تسيل دموعها لكنها تحجرت عندما طرق ذلك الباب ،
باب غرفتها وفتح بعدها لتدخل ربة البيت قائلة :< سيدتي نسرين ، لقد جهز العشاء > ،
تنهدت بضيق وهي تخرج الهواء وما حوى من آلام وتقول :< لا أريد أن آكل > ،
انسحبت ربة البيت لكن سرعان ما عادت وفتحت الباب مرة أخرى لتصرخ نسرين قائلة :< قلت أنني لا أريد أن آكل > ،
ارتبكت ربة البيت وهي تقول :< آسفة سيدتي ، لكن لديك ضيف > ،
زفرت بحنق وهي تقول :< آه من يأتي في هذا الوقت المتأخر ؟ > ،
ردت ربة البيت قائلة :< إنه زوج أختك مريم >
يتبع
المفضلات