الصفحة رقم 3 من 3 البدايةالبداية 123
مشاهدة النتائج 41 الى 54 من 54
  1. #41
    Never Mind vF7v7e
    الصورة الرمزية الخاصة بـ الصوت الحالم









    مقالات المدونة
    2

    أفضل وصف - مسابقة مداد أفضل وصف - مسابقة مداد
    نجم القصص والروايات 2016 نجم القصص والروايات 2016
    مسابقة من المتحدث؟ مسابقة من المتحدث؟
    مشاهدة البقية
    وضعت إيديلين الصينية التي كانت تحملها على الطاولة، ثم حملت إبريق الشاي المصنوع من الخزف الصيني المزخرف بوردة زرقاء في منتصفه، وبدأت تسكب الشاي في الأكواب الثلاثة التابعة للإبريق.
    اللون الأحمر للسائل المنسكب انعكس بجمال على لون الطقم الأبيض بينما تصاعد البخار هاربًا.
    رفعت الغطاء عن علبة السكر وسألت وقد اعتلت وجهها ابتسامة زائفة: سيد وولف كم قطعة؟
    استعجب وولف وكأنه يرى إيدلين أخرى تختلف عن تلك التي رآها آخر مرة، إنها أشبه بالفتاة التي التقى بها أولًا ! الكياسة ذاتها هبطت عليها فجأة!
    عجبًا للمال ما أنتنه، كيف يفسد السرائر والأفئدة؟!
    نطق مجيبًا: واحدة.
    وضعت القطعة المكعبة التي التقطتها في الكوب ودفعته باتجاهه فأومأ لها شاكرًا.

    وفعلت المثل مع إيثان الذي خاطبته مبتسمة وهي تضع السكر في كوبه: وأنت كالعادة قطعتان طبعًا.
    حدجها بنظرة ذات مغزى وحدث نفسه: يا للئيمة... تعرف كيف تتملق!
    أزاحت طبق الكعك المحلى ليستقر في المنتصف ثم أمسكت بكوبها والصحن المستدير الخاص به،
    وجلست منتصبة في مقعدها حول ذات الطاولة، في الجهة المقابلة لوولف.

    ارتشفت رشفة سريعة ثم قالت: سيد وولف أظن أن إيثان أخبرك...
    تجاهلت النظرة التحذيرية التي أرسلها إيثان في اتجاهها وأكملت: أنني سأجيب عن أسئلتك مقابل عشر فرنكات فضية.
    رمق وولف إيثان بنظرة خاطفة تشي بأنه لا يعرف عن الأمر شيئًا ناهيك أن طلبها غير المعقول ينمي عن جشع، وكأنها ستأتي له بالرجل في حين أنها لا تعرفه أصلًا! ومع ذلك رد على الفور: لا أمانع!

    انتعشت نفسها سرورًا حيث توقعت أن الرجل سيعارض طلبها غير المنطقي،
    وعزمت في قرارة نفسها إن فعل ذلك أن تخفض المبلغ إلى ثماني فرنكات لكنه أدهشها.
    بسطت يدها أمامه بعد أن وضعت الكوب أمامها وكأنها تتهيأ للإجابة بكل رحابة صدر: الآن اسأل ما بدا لك.

    كان إيثان يرسل بصره بين الاثنين بدون أن يقول شيئًا وكأنه في وضع ترقب.
    ثم أشغل نفسه بتناول قطعة من الكعك عندما تنحنح وولف لتصفية صوته الغائر في أعماقه وقال: لو تحدثيني... كيف التقيتِ بالرجل وماذا قال لكِ؟
    هزت كتفيها بكل بساطة: كنتُ في المحطة عندما تقدم مني وسألني إذا ما كنتُ سأقدم له خدمة صغيرة مقابل ثلاث فرنكات. كان يبدو عليه أنه من المسافرين الذين وصلوا للتو. بدوري استفسرت عن نوع الخدمة التي يريدها، فأشار إليك وطلب مني أن أعطيك الحقيبة وأتركها معك دون أن أشعرك بذلك. وهنا خطرت ببالي فكرة أن أطلب منك الاهتمام بها.
    توقفت عن الحديث وقد أمسكت بكوبها لتحتسي رشفة أخرى.

    من المسافرين الذين وصلوا للتو؟ هذا يعني أنه كان معه على نفس القطار!

    - هلا وصفتِ لي هيئته؟
    حالما انساب السائل الدافئ في حلقها، أجابت وقد نظرت إلى إيثان وكأنها تسترجع طيف الرجل فيه:
    يبدو أنه أكبر من إيثان عُمرًا رغم أنه أقصر قامة منه... ذات بشرة حنطية وشعر أسود قصير. كان يرتدي لباسًا بسيطًا أشبه باللباس القروي.
    سكتت للحظة ثم أضافت على عجالة: آه صحيح وقد كان أعرجًا.
    وكأن وولف رسم التفاصيل في ذهنه، وكونّ صورة مطابقة للمواصفات التي أدلت بها إيديلين.

    صمت مطوّلًا حتى بدا وأنه خرج عن نطاق المحيط الذي يتواجد فيه مما جعل إيثان وإيديلين يتبادلان النظرات في ريبة.
    وفجأة نهض عن مقعده في وثبة واحدة وأخرج من جيبه كيس نقود، فضّه على عجل وأفرغ محتوياته التي أحدثت رنينًا إثر الاصطدام ببعضها. أحصى عشر فرنكات بسرعة ودفعها في اتجاه إيديلين: ها هي ذي!
    وقف إيثان بدوره وعندها أحس وولف بأنه مدين له بتفسير الموقف فقال له قبل أن يمضي مغادرًا: أظنني رأيته!
    كاد إيثان أن يلحق به لولا الهاجس الذي مر بباله فأرجعه.

    عاد ليسأل إيديلين التي انشغلت بعد المال وقد شقت ابتسامة واسعة وجهها...
    -إيدي!
    لم ترفع رأسها لتنظر إليه حتى: ماذا ؟
    -هل تعرفين ماذا كان يوجد في تلك الحقيبة؟

    كانت في حالة من عدم التصديق، لم يسبق أن عرفت أنه قد يكون للكلام هذه القيمة، تخّيل أن تجد من يشتري كلماتك لمجرد أن تنطق بها!
    أين يوجد أشخاص مثل هذا الـ وولف؟ إنها تريد أن تلتقي بهم كل يوم.

    كانت في ذهول لدرجة أن عقلها لم يكلف نفسه عناء استيعاب السؤال المطروح: ها ؟
    زفر إيثان في غيظ وقال وقد صفق بيده على القطع النقدية اللامعة ليحجب عنها الرؤية ويعيد إليها الإدراك: إيدي ركزي معي للحظة... أسألكِ عن الحقيبة التي أعطيتها للسيد وولف ماذا كان يوجد فيها ؟
    نفضت يده عن المال ونظرت إليه شزرًا: وما يدريني أنا ؟
    هز رأسه في يأس وضرب إحدى يديه بالأخرى: لا جدوى من هذه الفتاة.
    كانت المقصودة تتفحص القطع النقدية إذ رفعت قطعة منها عاليًا باتجاه كبد السماء، وقد لمحت بريقها الذي انعكس إثر التقاء سطحها بأشعة الشمس، وقد عاودت الابتسامة الظهور على محيّاها...
    اخر تعديل كان بواسطة » الصوت الحالم في يوم » 06-05-2017 عند الساعة » 00:12
    أول إصدار لي في جرير وفيرجن
    attachment


  2. ...

  3. #42

    صحّ المثل: الفلوس تعمي النفوس biggrin
    إيدلين ينطبق عليها المثل حرفيًــــــــــــا، الله يبعد عنا شرار خلقه laugh xD

    أكثر سؤال الآن يدور في ذهني:
    هل حقًا فقد وولف ذاكرته؟ و هل سيكون إيثان صديقًا أم عدوًا ؟
    هل قلتُ سؤالًا بالأعلى أسحب كلمتي، بل سؤالين على الأرجح، cheeky

    الجزء كان ممتعًا و إن كان قصيرًا ..
    الأخطاء الإملائية هنا و هناك و مع ذلك، شكرًا جزيلًا لكرمك المستمر gooood
    و بانتظار القادم ..


    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة Silent Breaths مشاهدة المشاركة
    17-7
    كل سنة واحنا طيبين وبأبهى الحلل رغم كل الظروف e40a
    attachment

    e40ae20c



  4. #43
    ظلال من يقين gnmhS4gnmhS4gnmhS4
    الصورة الرمزية الخاصة بـ Memoяίes









    وسام مسابقة الصيادين وسام مسابقة الصيادين
    وسام سجن نور و هداية وسام سجن نور و هداية
    وسام الشعر و الخواطر وسام الشعر و الخواطر
    #تسجيل_حضور
    #بصمة
    وكم أدين لذاكرتي بذكريات عظيمة!

    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد

  5. #44

  6. #45
    Never Mind vF7v7e
    الصورة الرمزية الخاصة بـ الصوت الحالم









    مقالات المدونة
    2

    أفضل وصف - مسابقة مداد أفضل وصف - مسابقة مداد
    نجم القصص والروايات 2016 نجم القصص والروايات 2016
    مسابقة من المتحدث؟ مسابقة من المتحدث؟
    مشاهدة البقية
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أولًا تقبلوا فائق اعتذاري عن تأخري...
    الأسبوعان الماضييان كانا حافلين بالأحداث
    مع وصول ضيف جديد في أسرتنا + وبعض إجراءات السفر التي لم تنتهِ إلى الآن
    e406
    ولذا فإن الغنيمة رغم طول الغياب ليست بالكبيرة
    em_1f636

    ساتان، ميمو
    مرحبا بكما في كل وقت
    وبالنسبة للأخطاء الإملائية يا مستر فأرجو منك توضيحها للعمل على تعديلها
    لأختك عقل يخرج عن التغطية - والله المستعان
    وشكرًا لوجودكما هنا

  7. #46
    Never Mind vF7v7e
    الصورة الرمزية الخاصة بـ الصوت الحالم









    مقالات المدونة
    2

    أفضل وصف - مسابقة مداد أفضل وصف - مسابقة مداد
    نجم القصص والروايات 2016 نجم القصص والروايات 2016
    مسابقة من المتحدث؟ مسابقة من المتحدث؟
    مشاهدة البقية
    لَحِق إيثان بوولف ورافقه في طريق العودة في صمت مهيب. فقد احتل التفكير رأس كل منهما.
    كان إيثان أن يستفهم ويسأل عما حدث. في حين بدا وولف شاردًا يتذكر تلك الليلة التي تحاور فيها مع السيدة أوليفيا يوم وصل إلى النُزل.
    لقد شعر حينها بالأعين التي تراقبه وعندما جال ببصره في الحضور لمح الرجل الذي كان يعرج وقد بدا في الثلاثينيات على الأرجح.
    كان يرتدي لباسًا قرويًا ويتمتع ببشرة حنطية تعارض سواد شعره.
    رغم أنه لم يكن ينظر إليه حينها إلا أنه بلا ريب الشخص نفسه الذي وصفته إيدلين!
    وعلى حين غرة ابتدأ الحديث قائلًا: لقد رأيته في النُزل... لا بد أنه أحد النزلاء هناك.
    انتبه إيثان لمحدثه الذي باغته والتفت إليه معلقًا: تعني أنك رأيتَ رجلًا بذات الصفات؟
    أومأ: أجل.
    - إن كان نزيلًا هناك، فلا بد أن إيميلي وأوليفيا تعرفانه.
    تفاءل وولف وأجاب زافرًا: مؤكد!
    ******

    نظرت أوليفيا شزرًا للداخلَين اللذين بدا وكأنهما اقتحما المكان مندفعين اتجاه المنضدة التي كانت تقف خلفها.
    نظر إيثان يمنة ويسرة علّه يلمح إيميلي فيستفسر منها حتى لا يضطر إلى سؤال والدته التي يتوقع منها أن تحيل استفساره إلى استجواب عقيم.
    - إيميلي لم تصل بعد، أليس كذلك؟
    تقوس أحد حاجبيها في احتجاج مبطن وأجابته كمن يسأل لا يجيب: فترة عملها مسائية وكأنك تنسى!
    كان وولف يقف صامتًا عن يمينه، لم يكن يفضل أن يستعلم من إحدى المرأتين دون الأخرى، الأمر سيآن عنده؛ كل ما يهمه أن يجد جوابًا شافيًا فحسب.
    وحين أوشك أن يطرح السؤال الذي قفز إلى شفتيه في عجل وهمّ بأن يلفظه بغض النظر عن مماطلة إيثان أي كان هدفه، نطق الأخير: أمي نريد أن نسألكِ... أيوجد نزيل شاب هنا قصير القامة أعرج ذو بشرة حنطية وشعر أسود؟
    عقدت بين حاجبيها وقد أطرقت مفكرة في أمرين معًا، الأول مَن مِن النزلاء يحمل هذه الميزات؟ وشاغلها الثاني لماذا يسألان عنه؟

    حالما استحضرت ذاكرتها صورة مطابقة للصفات المذكورة، أجابت: تعني ذاك الشاب الواجم المدعو ستيفن؟
    تبادل الرجلان نظرة سريعة، ثم رد إيثان: نحن لا نعرف اسمه... إذا كان الوحيد الذي تنطبق عليه هذه الصفات فأرشدينا إلى غرفته، رجاءً.
    مررت إصبعها على خدها ثم قالت مسترسلة: أظن ذلك...
    قطع حديثها عطسة مفاجئة جعلتها تسارع بإخراج محرمة من جيب مئزرتها الأمامي، وتنشغل بتنظيف أنفها ثم أردفت تشتم: آه هذا الزكام البغيض ينتشر هذه الأيام...إنه...
    قاطعها إيثان قبل أن تسترسل: أمي أكملي... من هو ستيفن هذا ؟
    لم تعجبها نبرة إيثان المعترضة وبكل الأحوال أجابت: أتذكر حين أخبرتك ذلك اليوم أن الكثير من الغرباء باتوا يرتادون نزلنا في الآونة الأخيرة؟ لقد حل هذا الغريب نزيلًا عندنا في ذات اليوم الذي وصل فيه السيد وولف...
    وجّهت سؤالها إلى وولف مباشرة: هل تعرفه؟
    هز وولف رأسه نفيًا: لا... لكن على الأرجح هو يعرفني.
    - كيف اهتديت إليه إذن وأنت بلا ذاكرة؟
    زفر إيثان في استياء: سأخبركِ بالتفاصيل لاحقًا... فقط أخبرينا أين يمكث؟
    - عن أي تفاصيل تتحدث؟
    مسّد على شعره بامتعاض: عن كل شيء تريدين أن تسألي عنه...
    حدقت في ابنها ببرود ثم أجابت: كان يقطن الغرفة المجاورة لغرفة السيد وولف.
    - الغرفة المجاورة لغرفتي؟
    كرر وولف ما قالته مستعجبًا... بالأحرى هو لم يستفهم بل تمتم مخاطبًا نفسه.
    ازدادت الأمور تشويقًا وإثارة بالنسبة لإيثان الذي استعلم فورًا: هل هو في غرفته الآن؟
    - لا لقد ترك النُزل ليلة البارحة.
    انهارت آمال وولف فجأة، صار حاله حال الغريق الذي يتعلق بقشة: الى أين؟
    - وما أدراني؟ أتراك تظن أنني أستجوب نزلائي قبل رحيلهم عن الوجهة التي يمضون إليها...
    ثم استطردت بشكل جدي: تخيل لو أنني طرحت عليك سؤالًا كهذا وأنت مغادر... هل ستكلف نفسك عناء الرد أصلًا ؟ إن الناس يا سيدي لم يعودوا سمحين معطاءين كما في السابق، حتى أن أحدهم يبخل في عدد الكلمات التي ينطقها وكأنها تكلفه أموالًا طائلة.

    لاحظ إيثان كيف اكتست ملامح الحيرة والاضطراب وجه وولف... لربما أن الرجل بات يخشى على نفسه من الجنون لشدة ما يُلقى في طريقه من أحجيات غامضة.
    إن كان الرجل يلاحق وولف فلماذا رحل على هذا النحو؟ السؤال الأهم ماذا يريد منه؟ وما الذي يمنعه عن مواجهته؟
    انفرد إيثان بوالدته جانبًا، ومن الواضح أنه كان يحاول أن يتجنب الإدلاء بالتفاصيل التي وعدها بذكرها قبل لحظات، أما وولف فقد تصعدت موجة غضب في أعماقه لكنها كبحها ولم يسمح لها بأن تطفو على السطح. ها قد عاد إلى نقطة الصفر مجددًا تمامًا مثلما بدأ.
    فجأة حمل نفسه ومضى خارجًا بدون أن يكترث لنداءات إيثان خلفه، مكتفيًا بالرد على السؤال الذي هتف به من ورائه: سيد وولف إلى أين؟
    - إلى الجحيم!

    سار لمدة طويلة، هكذا من غير هدى، كان يريد أن يبتعد عن كل شيء وفي مقدمة تلك الأشياء نفسه، عقله وأفكاره!
    في نهاية المطاف، أجبره الثقل الذي وطأ قدميه على الجلوس في قارعة طريق، أخذ يشعل غليونًا تلو الآخر حتى حل الظلام.
    أكثر ما كان يزعجه هو هذه المشاعر التي تأخذ الأمور على محمل الجد بدون أن يملك قدرة للسيطرة عليها وتطويعها بما يوافق هواه.
    لو أنها توافق هواه لاستجابت لرغبته المُلحة... كان يتمنى شيئًا واحدًا فقط ألا وهو أن ينام فلا يستيقظ... كانت لديه رغبة غريبة تتمثل في أن يعيش المنام أكثر من الواقع، أن يطرد الحقائق ويستبدلها بأحلام أو حتى كوابيس، المهم أن يخرج عن دائرة الشعور بأقل الخسائر النفسية.

    مهما طال به المكوث هناك، يعلم أنه في النهاية لا بد أن يعود إلى السقف الذي يأويه. لقد أخفق في كل شيء حتى في الهروب.
    نهض عن مكانه ونفض ملابسه مما علق بها من غبار. وسلك طريق العودة مطأطئ الرأس، بصره معلق بقدميه وكأنه يحصي الخطوات التي يخطوها.

    في لحظة ما استبد به شعور قوي؛ ثمة شخص يتبعه، توقف فورًا والتفت خلفه لكنه لم يرَ أحدًا.
    تكرر ذلك عدة مرات، إن كان هنالك من يتقفى أثره حقًا فلا ريب أنه شخص خفيف الحركة كالظل، يرافقك بلا صوت ويختفي متى شاء.
    وقبل أن يقترب من النُزل عند انعطافه اتجاه أحد الأزقة أحس بخطوات تقترب منه على نحو سريع في إيقاع منتظم، وفي اللحظة التي قرر أن يلتفت، تلقى ضربة خلف رأسه وسقط مغشيًا عليه.
    ***************

    لم يستطع تحديد أين هو بالضبط؟ المكان مظلم وثمة خيط ضوئي أرشده إلى موقع الباب الخشبي الذي كان الضوء يتسلل من أسفله.
    يسود المكان صمت وسكون فظيع، الظلام حالك يعجزك عن إدراك أي تفاصيل غير ذاك الشعاع الضوئي والباب الموصد وصفير حشرة مزعجة قابعة في شق الجدار جانبه.
    كان يشعر بتشنج عضلات عنقه وتخدّر أوصاله، يشتهي جرعة ماء ولو كان عكرًا فقط ليبدد جفاف حلقه وشفتيه.

    من هذا الذي يحتجزه؟ أيكون ذاك الأعرج أم شخص آخر؟ هل لكل هذا السيناريو علاقة بما حدث قبل عشرين عام؟ ثم أين هو الآن؟ هل هذا هو الجحيم الذي تحدث عنه؟
    لم يكن ثمة ريق يبلعه ليعوض هذا الجفاف، حاول تحريك يديه فأفلتت منه أنة وجع مكبوتة. لقد غُيّب عن كل شيء، فلا هو يدرك المكان ولا الزمان.
    يا للتعاسة التي أقسمت أن لا تتركه وبرّت بقسمها لأبعد حد. كانت وفيّة مخلصة معه ولم تحنث بقسمها يومًا.

    حاول بكل ما يملك أن يتحرك، وكل ما نتج عن محاولاته لم يتجاوز صوت احتكاك أرجل المقعد بالأرضية الباردة، إلى جانب جذب انتباه الشخص الجالس في الخارج.
    أُدير مقبض الباب الذي فُتح بهدوء، وظهر من خلفه شاب قصير أعرج.
    ثم أغلق الباب بنفس الهدوء الذي دخل به، وعلى إثر ذلك تلاشى الضوء الذي اقتحم الغرفة معه.
    تقدم وسط ترقب وولف الذي كان ينتظر منه أي شيء يثبت وجوده. أن يصدر عنه أي شيء ينفي شكوكه بأنه لربما يجلس وحيدًا ويعايش تخيلاته.

    رفع الرجل شيئًا وحينها انتبه وولف لقنينة الماء التي كان يحملها.
    أخرج طرف لسانه تلقائيًا ومرره على شفته العلوية وعندها سمع صوته المتهكم لأول مرة:
    - ظمآن؟
    كان يريد أن يجيبه إيجابًا ولكن عوضًا عن ذلك سأل: ستيفن؟
    فتح الرجل القنينة وشرع يسكب الماء بطريقة عشوائية نحو فم وولف حيث تبلل ذقنه بالكامل: اشرب.

  8. #47

    وصلنا إلى قمة الحماسة ثم!
    انقطع الفصل =_=

    أوه..
    لا يمكنني التعليق أبدًا على هذا الفصل أفضل من سابقيه بكثير
    كيف يمكن لشخص فقد ذاكرته أن يذكر شيئًا حدث قبل 20 عاما أم تراه تذكر بسبب تلك الحقيبة؟
    و من هو ستيفن هذǿ

    رائع جدًا .. بانتظار الجزء القادم بشوق


  9. #48

    رمضان شهر العطايا و الكرم
    هل سيكون هناك جزء جديد قبيل دخوله؟

  10. #49
    Never Mind vF7v7e
    الصورة الرمزية الخاصة بـ الصوت الحالم









    مقالات المدونة
    2

    أفضل وصف - مسابقة مداد أفضل وصف - مسابقة مداد
    نجم القصص والروايات 2016 نجم القصص والروايات 2016
    مسابقة من المتحدث؟ مسابقة من المتحدث؟
    مشاهدة البقية
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قبل كل شيء أرفع لكم أسمى آيات الاعتذار عن تأخري في إكمال الرواية
    التي تعرقلت لأسباب وظروف شتى مما لا حاجة لذكره في هذا المقام.
    ولا أنسى شكر الذين ما زالوا ينتظرون تتمتها ومن كانوا يشحذون همتي لأنهيها.
    ممتنة أنا لكم جدًا...

    قبل أن نستأنف الأحداث سأضع موجزًا مختصرًا عن الأحداث السابقة...
    وصل السيد وولف إلى إنترلاكن، باحثًا عن شيء ما أو بالأصح هاربًا من شيء ما...
    يلف الرجل الغموض حيث لا يعرف عنه أحد شيئًا.
    وقد وقعت في يده حقيبة أقضّت مضجعه فبدأ رحلة بحث عمن كان يسعى لتوصيل هذه الحقيبة ومحتوياتها إليه.
    التقى بالشاب إيثان الذي أبدى رغبة في مساعدته من باب الفضول وحب المغامرة، على الأقل هذا ما كشفته الأحداث حتى الآن.
    وعن طريق إيثان قادته الفتاة الجشعة إيديلين إلى خيط من الخيوط التي قد توصله إلى مبتغاه،
    حيث قدمت له معلومات عن الشخص الذي طلب منها أن تسلمه الحقيبة،
    لكن الشخص اختفى وبذلك فقد وولف الخيط الذي أمسكه وصار في حالة من اليأس...

    وفي الليلة نفسها تقفى أثره شخص ما... وبضربة على رأسه سقط مغشيًا عليه،
    ليجد نفسه بعد ساعات محتجز لدى الشخص الذي كان يبحث عنه ^^

    ابقوا بالقرب

  11. #50
    Never Mind vF7v7e
    الصورة الرمزية الخاصة بـ الصوت الحالم









    مقالات المدونة
    2

    أفضل وصف - مسابقة مداد أفضل وصف - مسابقة مداد
    نجم القصص والروايات 2016 نجم القصص والروايات 2016
    مسابقة من المتحدث؟ مسابقة من المتحدث؟
    مشاهدة البقية
    أُدير مقبض الباب الذي فُتح بهدوء، وظهر من خلفه شاب قصير أعرج.
    أغلق الباب بنفس الهدوء الذي دخل به، وعلى إثر ذلك تلاشى الضوء الذي اقتحم الغرفة معه.
    تقدم وسط ترقب وولف الذي كان ينتظر منه أي شيء يثبت وجوده. أن يصدر عنه أي شيء ينفي شكوكه بأنه لربما يجلس وحيدًا ويعايش تخيلاته.
    رفع الرجل شيئًا وحينها انتبه وولف لقنينة الماء التي كان يحملها.
    أخرج طرف لسانه تلقائيًا ومرره على شفته العلوية وعندها سمع صوته المتهكم لأول مرة:
    - ظمآن؟
    كان يريد أن يجيبه إيجابًا ولكن عوضًا عن ذلك سأل: ستيفن؟
    فتح الرجل القنينة وشرع يسكب الماء بطريقة عشوائية نحو فم وولف حيث تبلل ذقنه بالكامل: اشرب.

    بعد وهلة أمال رأسه على كتفه ليمسح قطرات الماء التي ما زالت معلقة حول فمه،
    صحيح أنه لم يرتوِ ولكن لا بأس بالقطرات التي انحدرت في حلقه بعد أن بللت شفتيه.
    أرسل نظرة حنق في اتجاه ستيفن الذي كان يقف بشكل مائل ويحدق فيه بازدراء.
    كز وولف على أسنانه محاولًا كبت جماح الغضب الذي كان يهدد بالثوران وسأل بنبرة هادئة: من أنت؟
    ابتسم المخاطب ساخرًا وأجابه وهو يدير القنينة في يده: ناديتني ستيفن قبل لحظات!
    ثم تجاهل نظرات محدثه المترقبة واستدار ليغادر وحينها علا صوت وولف: ليس اسمك ما أريد معرفته بل ماذا تريد مني؟ لماذا تتعقبني؟
    استدار المعنيّ وعرج مستعيدًا الخطوات التي سارها وعاد إلى موضعه الأول.
    انحنى وهو يدلك ركبته بيده على مقربة من مقعد وولف الذي كان جبينه يتصبب عرقًا.
    ثم بكل بلاهة أشار بإبهامه إلى نفسه وهو يكرر سؤال وولف: ماذا أريد منك؟ أنا ؟!
    هز كتفيه وأردف بكل بساطة وهو يحك أسفل ذقنه: لا أريد منك شيئًا.
    تقلصت المسافة بين حاجبي وولف الذي عبس واستفسر: لماذا أنا هنا إذن؟
    أفلت ستيفن ضحكة متهكمة واستقام مجيبًا: قبل سويعات معدودة كنتَ تبحث عني ولذا أحببتُ أن أكلفك عناء البحث. وبذلك أنا من يجب أن أسألك ماذا كنت تريد مني؟
    كست نبرة وولف جدية مضاعفة وخرج صوته كزئير مكبوت: لماذا تلاحقني؟ لماذا أوصلتَ لي تلك الحقيبة؟
    مط ستيفن شفتيه: إنني أنفذ الأوامر.
    في أعماقه لعن وولف وشتم؛ أي حياة بائسة هذه التي يحياها! أي مصير مشؤوم قاده إلى هذا المكان!
    سأل وكأنه يحقق: أوامر من؟ لِمَ لا يأتي سيّدك ويتحدث معي أو يقضي عليّ وينهي هذه المهزلة؟
    أهداه ستيفن ابتسامة ساخرة وكرر هازئًا: سيأتي بالتأكيد... بالتأكيد سيأتي.
    تململ وولف في مقعده محاولًا أن يتحرك بصعوبة بيد أن أطرافه تخدرت بالكامل.
    نبس بيأس: فك وثاقي وأعطيك كلمة شرف بأني لن أهرب.
    حدّجه ستيفن بنظرة ومضى إلى الخارج متجاهلًا طلبه في حين بقي وولف على وضعيته منهزمًا أمام نفسه.
    ************
    تصلب ظهره من فعل جلسته على المقعد الخشبي لساعات، بينما أفقده فتور يديه المقيدتين إلى الخلف الإحساس بهما،
    وموجات ألم متفرقة تسري في أنحاء جسده، لكنه لم يصدر صوتا ولم يئن أو يبدِ أي حركة تكشف عن وجعه.
    كان يُخرس نفسه بقسوة وهو يطبق أسنانه على شفته السفلى حتى شقها، وبرز منها خيط دم رفيع.
    رمى برأسه إلى الخلف وأرخى أعصابه المشدودة؛ إنه متعب وجائع جدًا، أغمض عينيه وهو يتمنى أن يفتحهما ليجد نفسه في مكان آخر.
    وعلى تلك الوضعية المرهقة وغير المريحة غفا.

    مع شروق الشمس فُتح الباب الخشبي ودلف منه رجل ضخم البنية يلتحف معطفًا أسودًا وعلى رأسه قبعة، يخفي الجزء الأيمن من وجهه تحت عصابة سوداء مائلة. وقف يتأمل وولف المنتصب في مقعده وهو مغمض العينين.
    تقدم منه ببطء وحين صار على بعد متر منه انحنى وهمس بصوت مسموع جعل وولف يجفل من غفوته: وولف واندرو... وأخيراً!

    استجاب وولف للصوت الهامس على الفور وفتح عينيه ليحملق في محدثه بشكل غريب.
    تجمّدت أحاسيسه وغاب المنطق عن ذهنه بسبب هذه القفزة السريعة بين العالمين؛ النوم واليقظة.
    تحركت شفتا الرجل الذي لم يمهل وولف ليستوعب ويقيس التحوّل في معطيات الأمس واليوم، حين ردد وكأنما يحدث نفسه: وولف... لطالما قلتُ أن هذا الاسم كثير عليك! جدير بك أن تكون نعجة لا ذئبا.
    حدّق وولف في الرجل وهو يخمن أن هذا ولا بد هو السيّد الذي تحدث عنه ستيفن.
    استجدى ذاكرته علّها تسعفه بمن يكون، لكنه لم يصل إلى شيء ناهيك عن أن هيئة الرجل المخفية تحت لباسه لم تكن عاملًا مساعدًا أبدًا.

    عقد الرجل ذراعيه وسحب نفسا عميقا نفخ صدره: خمسة وعشرون عاما وأنا أنتظرك بفارغ الصبر وأعد لهذا اللقاء يا وولف.
    كررها بصوت مبحوح وهو يشير بكلتا يديه: خمسة وعشرون عامًا وأنا أرسل الأعين تلو الأعين لتراقبك، هناك في سجنك...
    لم ينطق وولف بكلمة، كان يريد من هذا الرجل أن يفرغ ما في جعبته، ويبوح بكل ما لديه، لكن رغبة الآخر لم تتفق مع رغبته.
    - ما بالك تحدق هكذا ؟ إياك أن تظن أنني سأصدق حكاية أنك فاقد للذاكرة؟ كل هذه المحاولات التي تبديها للهرب من الماضي لن تنفعك بشيء... ماضيك الأسود سيظل يطاردك كظلك إلى أن يبتلعك.

    لم يفهم ما هذه الترهات التي يتفوه بها هذا الرجل، تجاهل كل ذلك وسأله بجرأة: من أنت؟
    يبدو أن سؤاله لم يرق للرجل الذي انتفض وقد تصعّد الدم دفعة واحدة إلى أعلى رأسه وفي لمح البصر امتدت قبضته إلى عنق وولف: إياك أن تتظاهر بأنك لا تعرفني، سأفصل أجزاءك عن جسدك أمام عينيك... أقسم بأنني لن أرحمك.
    جحظت عينا وولف وبدا أنه سيختنق بأنفاسه، وحين لاحظ صاحب القبضة ذلك حرره وهو يقول: ثق بأن هؤلاء الذين يحاولون العبث والتلاعب مع غابرييل برونولي لا يعيشون طويلًا.
    استعاد وولف الأنفاس التي أعاقت قبضة غابرييل وصولها إلى رئتيه قبل لحظات، ثم أطرق متأملًا...
    "غابرييل برونولي"
    هذا الاسم أحدث رنينًا في رأسه وأعاد بذاكرته إلى الأيام التي قضاها في منزل الطبيب الفرنسي هوجو الذي عالجه بعد أن استفاق من غيبوبته.
    في قرارة نفسه تساءل مشدوهًا: "غابرييل؟! أيكون هو؟ لكن وفقا لمعلومات هوجو أليس من المفترض أن يكون هذا الرجل ميتًا ؟!"
    استجمع كل الطاقة المتفرقة في خلايا دماغه ليتذكر ما حدّثه به الطبيب...

    كان ذلك بعد أن أفاق من غيبوبة دامت ثلاثة أيام... حينها عرف من هوجو أنه قد فقد ذاكرته إثر الضربة التي تلقاها رأسه عند سقوطه من منحدر يطل على غابة أفينيو. كان هوجو حينها أمله الوحيد إذ وعده أن يستقصي عن أخباره ويرى إن كان سيعرف عنه شيئا.

    وفِي ذلك اليوم دخل هوجو ووجده مستلقيًا جاحظ العينين يفكر في اللاشيء الذي صار إليه، كالورقة الخاوية التي لا تحوي حرفًا ولا رسمًا.
    من الصعب أن تفتح عينيك يومًا فتجد كل شيء يعمل فيك على أكمل وجه إلا رأسك... لا تجد فيه جوابًا عن أبسط سؤال يمكن أن يطرحه عليك إنسان... من أنت؟ ما كان يشعر به وولف أشبه بالسقوط من علو؛ كأن تتحول من كونك عنوان الكتاب الأبرز لتجد نفسك فجأة مجرد نقطة في هامش.

    حاول أن يسترجع ما قاله هوجو في حين كان غابرييل يدور حوله ويتحدث للفراغ: أنا لا أريد حتى أن أتخيّل أنك نسيت الماضي، أتعرف لماذا ؟! لأن ذلك يفقدني قيمة كل هذا الانتظار...أريد أن أوجعك وأنت تعرف غريمك وتراني كغابرييل، غابرييل الذي دمرت حياته.
    ما زال يحاول استرجاع كل التفاصيل التي أدلى بها الطبيب.

    في ذلك المساء حياه هوجو بابتسامة وهو يضع حقيبة الكتف الخضراء التي كان يحملها إلى جواره: مساء الخير... من الجيد أن أراك مستيقظًا.
    ابتسم وولف ساخرًا: ليس الأمر وكأن هناك فرق كبير بين نومي واستيقاظي... في كلا الحالين أنا نكرة.
    تنهد هوجو تنهيدة جعلت وولف يركز ناظريه في وجهه وهو يسأل: هل عرفت عني شيئا ؟
    هز هوجو رأسه هزة إيجاب خفيفة ثم قال: دعني أولًا أفحصك.
    هم بأن يقوم بعمله لولا أن وولف أوقفه: تعلم أني لا أحتاج إلى هذا... فقط أعلمني ماذا عرفت؟ ما هو اسمي؟ ألدي عائلة؟ منزل؟أسرة أي شيء؟
    سحب هوجو كرسيًا وجلس قائلا: اسمك وولف واندرو... أنت الوريث الشرعي للسيد واندرو صاحب أكبر الأراضي في أفينيو بصفتك حفيده الوحيد... وقد مات جدك قبل عشرين سنة.
    تأمل وولف في الاسم الذي نطقه هوجو وكرره كمن يحاول حفظه: وولف واندرو ! وولف إذن.
    ثم استنطقه في عجل: ماذا أيضًا ؟
    أخذ هوجو الحقيبة القماشية وسلمها لوولف: الشاب الذي وجدك وجاء بك إلى هنا وجد معك هذه الحقيبة... يبدو أن بها أشياء تخصك.
    بدت الحقيبة غريبة كليًّا وكأنه يراها لأول مرة... فتحها ونظر بداخلها في حين تابع هوجو حديثه: ومن ضمن الأشياء التي وجدتها في داخل الحقيبة ...
    صمت للحظات لعله يخفف وطأة النبأ على وولف الذي كان قد أفرغ محتويات الحقيبة على السرير وبسطها على الفراش أمامه:
    دفتر مذكرات... صورة مقطوعة من منتصفها له وهوأصغر عمرًا مما هو عليه الآن بنحو خمس وعشرين سنة أو أكثر، نظارة قراءة، بدلة...
    قطع وولف استرساله في التحديق بهذه الأشياء التي لم يعرفها وكأنها لا تخصه بتاتًا ثم حث هوجو على متابعة حديثه: ماذا وجدت؟
    كان هوجو قد استجمع شجاعته وصارحه: شهادة حسن سيرة وسلوك... حوت اسمك وبعض المعلومات عنك...لقد كنت سجينًا ولسوء الحظ يبدو أنك سقطت من المنحدر في يوم خروجك من السجن.

    كان ذلك بمثابة صدمة لوولف الذي استفهم بعدم تصديق وكأنه يسأل عن شخص آخر: كنتُ سجينًا ! أنا ! بأي جُرم؟
    منذ استيقظ كان يفكر بأنه من الممكن أن يكون أي شيء إلا مجرمًا ! افترض كل شيء عدا هذا... لكن لحظة، ما جريمته؟ لعله كان مظلومًǺ إنه لا يتخيل نفسه مجرمًا!
    أومأ هوجو ثم أردف: أجل... حُكم عليك بالسجن لمدة خمسة وعشرين عامًا مع الأشغال الشاقة وكنت حينها في نحو الخامسة والعشرين أو السادسة والعشرين من عمرك.
    ظهرت ابتسامة ممزوجة بالسخرية والصدمة وعدم التصديق على زاوية فمه ثم قطب جبينه وقد سرت في جسده قشعريرة، خمسة وعشرون عامًا يعني أن جرمه ليس هيًنا البتة. ازدرد ريقه مكررًا سؤاله: بأي جرم؟
    - لقد قمتَ بإشعال حريق في منزل آل برونولي راح ضحيته سكان المنزل وهم ثلاثة أشخاص، غابرييل وزوجته إيفا وطفلتهما ماري.
    هز رأسه بتتابع وكأنه ينفي الجريمة عن نفسه: أنا قتلتهم؟ لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا! هذه الحقيبة بكل ما فيها ليست لي... وماذا لو وجدت معي؟! ليس وكأن الإنسان لا يحمل على كتفه سوى ما يخصه.
    وتلقائيًا امتدت يده للصورة التي كان قد وضعها قبل لحظات وأخذ يتفرس في ملامح الفتى المبتسم... إنه حقًّا نسخة مصغرة عنه!
    ثم وضعها جانبًا في امتعاض لماذا يوجد كل هذا الشبه بينه وبين صاحب الصورة... تناول المذكرة وتصفحها عَلى عجل...
    هل هو من كتب هذه العبارات حقًّا ؟
    لماذا يبدو كل شيء غريبًا جدًا ولا يمت له بصلة! إنه يرفض هذا الماضي الشنيع، ولا يتذكر أدنى جزء من تفاصيله.

    خرج من تأملاته على صوت غابرييل الذي صرخ في وجهه: أكنت تظن أن مجرد اعترافك بجرمك ونيل عقابك وتلك المذكرات التافهة ستشفع لك؟
    كان وولف مجهدًا وأعصابه وصلت مرحلة التلف. تلك النظرة السارحة في عينيه أيقظت آمال غابرييل الذي سأله: هه... تذكرتني الآن؟
    هز رأسه نفيًا، فهجم عليه غابرييل وأمسك بتلابيب ثيابه وتمتم في حقد: انتظرتك لأعوام، وكنت أحسب لهذا اللقاء يوم بعد الآخر... ما جدوى كل هذا الانتظار إذا كنت ستقول لي في النهاية أنك لا تذكر...
    انهال غابرييل بضربات عشوائية على وجه وولف الذي بدأ ينزف وقد تركت اللكمات بقع داكنة في أنحاء متفرقة من وجهه.
    كان يتنفس بصعوبة و بعد أن تمالك نفسه أجاب بشكل متقطع نافيًا حقيقة تذكره لأي شيء: أنا لا أعرف عما تتحدث. لا أتذكر شيئا مما تقول. أنا لا أذكر حتى نفسي.
    هاج غابرييل وتقدم منه منفعلا: لا تتذكر إذن؟ لا بأس ... أنا سأذكرك.
    ثم صرخ مناديًا: ستيفن أحضر لي ماء مثلجًا سأعلّم هذا الوضيع كيف يتذكر.

    بدأ غابرييل يتحرك في كل اتجاه بانفعال وهو يشد إحدى يديه بالأخرى: اسمع يا وولف... إما أن تختصر على نفسك الطريق فتتذكر، و إما أن يطول بك العذاب حتى أعيد إليك ذاكرتك... لا أريد أن أقتلك وأنت تدعي جهلك بمن أكون. أريدك أن تموت وأنت تعرف أنني... غابرييل قاتلك. وقبل ذلك أريد أن أعرف لماذا فعلت ما فعلته؟
    كانت أنفاسه تخرج بتتابع وبصوت مسموع نطق بنبرة غارقة في الألم: أنا لا أتظاهر...
    لم يدعه يكمل إذ هجم عليه غابرييل كالسهم الضال وصفعه بما يملك من قوة: اخرس
    أحنى رقبته بأقصى ما يستطيع ليصل إلى كم قميصه ويمسح الدم الذي وجد مذاقه في فمه بفعل صفعة غابرييل.
    قرب هذا الأخير وجهه من وجه وولف حتى لم يعد يفصل بين أنفيهما سوى مسافة قصيرة. كانت عينا وولف الفارغتان تتفرسان في النصف المكشوف من وجه هذا الرجل الذي يغشاه حقد يصعب وصفه. برغم كل هذه العنجهية والعنف والشر المنبعث من مسامات غابرييل، إلا أنه كان من الواضح أنه رجل مجروح، معذّب.
    صرخ في وجهه مجددًا: تريد أن تقنعني بأنك لا تذكر إيفا التي قتلتها وهي حامل بطفلنا الثاني، وطفلتي ماري ومنزلنا الذي أضرمت النار فيه...
    دخل ستيفن ومعه دلو معدني به ماء وقطع ثلج كبيرة.
    وعلى الفور أصدر غابرييل أوامره لستيفن قبل أن يغادر: أغرقه بهذا الماء ثم أطعمه بما يضمن له البقاء على قيد الحياة فقط.
    أومأ ستيفن مستجيبًا قبل أن ينفذ ما طلب سيّده.

  12. #51


    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    مساء الخير
    و أخيرًا! لا أصدق و بعد طول انتظار و ترقب!
    لا أدري هل بعد طول انتظار جاء الفصل؟ أم صارت الأحداث تتضح بشكل أفضل؟

    عمومًا في كلا الحالتين هنيئًا لنا و شكرًا لك على الاستمرار .
    استمتعت جدًا بالفصل و لو أن الحقائق التي اكتشفت لم تكن صادمة نوعًا ما
    كما لو أنني توقعتُ هذا على أنني لم أتوقعه فعلًا biggrin

    بانتظار الفصل القادم بشغف
    شكرا جزيلًا لك

  13. #52

  14. #53
    Never Mind vF7v7e
    الصورة الرمزية الخاصة بـ الصوت الحالم









    مقالات المدونة
    2

    أفضل وصف - مسابقة مداد أفضل وصف - مسابقة مداد
    نجم القصص والروايات 2016 نجم القصص والروايات 2016
    مسابقة من المتحدث؟ مسابقة من المتحدث؟
    مشاهدة البقية
    صباح الخير...
    أعرف أن لا شيء يشفع لي مع تعليق هذه القصة هكذا
    لكنني جئت لأُذكر بأنني لم أنساها وفي المرة القادمة التي أترك فيها ردًا هنا
    فستكون كل الفصول مكتملة بإذن الله...

    وأُذيّل هذا الرد باعتذاري الشديد لكل من انتظر وما زال ينتظر إتمامها

  15. #54

الصفحة رقم 3 من 3 البدايةالبداية 123

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter