الصفحة رقم 1 من 9 123 ... الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 1 الى 20 من 169
  1. #1

    لعبة بين يدي حاقد ~

    attachment
    attachment .
    attachment
    بسم الله الرحمن الرحيم



    اسم الرواية : لعبة بين يدي حاقد ..


    اسم الكاتبة : شجون الذكريات ~


    نوعه : غموض ، درامي ، مدرسي ، كوميدي ، رومنسي ..


    عدد الفصول : 48 ..


    الحالة : مكتملة ..


    ملاحظة : الرواية نزلتها من قبل .. لكن قررت أنزلها من جديد بعد ما أجريت تعديل على كل الفصول ..


    هم ضحيا لشخص أقرب ما يكون لمسخ قاتل ، يتلذذ بتعذيب ضحاياه قبل أن ينهي حياتهم ..
    يتخذ من الأمور السخيفة سببا لتبرير أفعاله البشعة ، مريض نفسي بعقل خبيث ..
    لعبة مخيفة سيضطر أبطالنا للخوض فيها ، طلبات وأوامر يُجبرون على فعلها وإلا ستضطر صديقتهم الأسيرة لدفع الثمن ..


    الأقنعة .. ستسقط


    الحقائق .. ستظهر


    الماضي .. سيعود


    المشاعر .. ستظهر


    الأسرار .. ستنكشف




    ~ مقتطفات ~
    ظهر لي رجل يرتدي ملابس سوداء .. ويبدو ملامحه الجمود والقسوة ..

    قلت له : أخبرني هل أنا الوحيدة التي تم إختطافها أم ماذا ؟؟
    رفع حاجبه الأيمن متسائلا : ولماذا تطرحين سؤالا كهذا ؟؟ ظننت أن أول شيء ستقولينه لي هو من أنت وماذا تريد مني ؟؟
    قلت بضجر : أجبني على سؤالي ، هل أخذت ..... كذلك ؟؟
    أسند ظهره على الجدار المقابل لي وقال : لا تقلقي لقد أمرنا بإلقاء القبض عليك فقط ..
    .
    .
    رفع الحارس الأصلع أصبعيه السبابة و الوسطى ، ثم قال : لديك خياران ، الأول أن تغمسي يدك في هذا الزيت والمدة ستكون أربع دقائق تحديداً ، بعدها تخرجين يدك ، الثاني أن تقومي بإمساك جمرة مشتعلة وتبقي محتضنة له في كفك لمدة خمس دقائق ، ماذا ستختارين إذاً ؟؟
    وضعت ...... سبابتها على شفتها السفلية علامة التفكير ، ونحن ننظر إليها بترقب ، ماذا ستختار ؟؟ بعد ثواني من الصمت قالت مبتسمة : إذاً سأختار الخيار الثالث ..
    احتدت ملامح الأصلع وصاح غاضباً : هل تمزحين معنا ؟؟
    .
    .
    تحدث ....... : يبدو أنك كنت تحلم بكابوس مزعج حتى أن دموعك تنهمر وأنت نائم ..
    رفعت يدي على خدي لأدرك أنني كنت أبكي كما قال ....... ، مسحت دموعي بسرعة وأنا أقول : منذ متى وأنت هنا ؟؟
    تجاهل ....... سؤالي وهو يقول : بماذا حلمت يا سيدي الصغير ؟؟ ومن هي ...... التي كنت تناديها في حلمك ؟؟
    أجبت وأنا أشد على قبضتي الممسكة بالفراش وأهمس بنبرة ضعيفة : إنها صديقتي وأنا تسببت في إيذائها كثيراً ، بسبب جبني ..
    .
    .
    صرخ حينها المدير بشكل مرعب : أتسخروني مني ؟؟ أنتم لم تعرفوه لأنه طالب انتقل إلى هنا هذه السنة فقط ، أنا لست مجنوناً لأتخيل أشخاصاً وهميين ..
    قال أماي بهدوء : وأين هو الآن إذاً ؟؟ لماذا لم تستدعه ؟؟
    صمت المدير حينها ، لأجيب بهدوء عوضاً عنه : لأنها مختطفة ..
    ثم إلتفت إلى المدير وقلت : أليس كذلك ؟؟
    أومأ برأسه بإيجابية ، ليقول زميلي في الصف بتفاجؤ : أتقصدون ....... ؟؟
    .
    .
    قلت بهدوء : ألا زلت تثرثر حتى الآن ؟؟ ظننت أنك أقفلت .
    سمعت صوت ...... الذي بدى متفاجئاً وهو يقول : ماذا !! أتعني أنك لم تكن تنصت إلى ماكنت أقوله ؟؟ وكنت طوال هذا الوقت أثرثر إلى نفسي ؟؟
    ابتسمت بمكر فقد أفلحت في إغاظته وقلت : نعم للأسف لم أنصت إلى أي كلمة مما قلته ..
    قال وقد بدى على صوته الإنزعاج : ....... أنت لئيم حقاً ، لقد جف حلقي من كثرة الثرثرة ، وفي النهاية ضاع كل ما قلته سدى ..
    قلت ببرود : هذا لتعلم أنني لا أرغب حقاً في سماع صوتك ، وأرجو منك حذف رقمي من هاتفك ، فلو اتصلت بي مجدداً فسأتجاهلك كما الآن ..
    .
    .
    لم أكن أركز على كلماتها ، فالحرارة التي أحسست بها من يدها الموضوعة على عضدي أشغلتني كثيراً ، يدها ساخنة جداً ..
    نهضت بصعوبة ، ووجهت ببصري إليها ، فإذا بوجهها شاحب ومرهق ، وقد احتقن احمراراً من شدة التعب ، والعرق يتصبب منها ، ومع كل هذا لازالت ترسم على شفتيها إبتسامة هادئة ..
    وضعت يدي على جبينها لأتحسس حرارتها ، وكما توقعت كانت لاتزال مصابة بالحمى ..
    صرخت بغضب : أيتها الحمقاء أنت مريضة لماذا لا تزالين تتصرفين بشكل طبيعي ؟؟ يجب أن تقلقي على نفسك قبل غيرك ..
    .
    .
    محوت الرسالة وأعدت الهاتف إلى مكانه ، لا أستطيع مقابلته بعد الآن ، وعدت أبي بذلك وسأفي بوعدي هذه المرة ، لا أريد أن أتسبب له بالمزيد من المشكلات ، يكفي أنه كاد أن يفقد حياته بسبب كلماتي القاسية ..
    وعدته بأن أكون صداقات جديدة مع أشخاص من مدرستي الجديدة ، لكنني حتى الآن لم أختر صديقاً ، فالجميع لم يروقوا لي ، وليسوا متوافقين مع أفكاري ..
    .
    .
    قلت وأنا أهز كتفاي ببرود : صحيح أن الموضوع يخصني ، لكنكم لم تحاولوا السؤال عن رأيي ، لذا لا أجد سبباً مهماً لبقائي معكم ..
    تبادلا النظرات لثواني وتقول جدتي بعدها : صحيح أن الأمر يتعلق بك ، لكن لن يكون لك رأي في الموضوع ، فوالداك قطعا لي وعداً ، ولن أسمح لهما بنقض هذا الوعد ..
    فكرت قليلاً في حل يرضي كلا الطرفين العنيدين ، وبعدها خطرت في بالي فكرة ستعيد لم شملنا ولذا قلت مقترحة : بما أنك يا جدتي تريدين مني العيش في منزلك ، ووالداي لن يتخليا عني ، فما رأيك بأن نذهب جميعاً للعيش معك ؟؟
    قالت جدتي برفض قاطع : لا وألف لا ، إقتراحك هذا مرفوض ، لن أدع أحداً يسكن في منزلي سواك يا ...... ..
    .
    .
    رغم أن أمامه أربعة رجال إلا أنه لم يختر سوى تلك الكائن الضعيف من أجل التلاعب بهم ، إنه ماكر ويجيد فعلاً اختيار الأساليب التي تؤثر في النفوس قبل الجسد ..
    الجميع يقفون بلا حول ولا قوة أمام هذا الظالم الذي زفر بملل : لم أنتم صامتون ؟؟ لا بأس بأن نتجاذب الحديث فيما بيننا قليلاً لا تحاولوا كبت ما تريدون قوله فقد تندمون لاحقاً ..
    قال ...... بصوت يتخلله السخرية : أيمكننا شتمك إذاً ؟؟
    حملق فيه ....... بغضب فقد خشي أن يغتاظ ...... من جملته ويقوم بشيء ما لـ........ ولم يكن وحده من يفكر في ذلك فحتى ...... و ...... قد رمقا ...... بنظرة تهديد ليضحك ........ ويثير استغراب الجميع : لا مشكلة لدي فالشتائم لا تؤثر فيني مطلقاً ..
    .
    .
    أخذت ..... نفساً بعد أن أرهقها الضحك طويلاً : ألا تعتقد أنك قلت أكثر مما يجب ؟؟ سأعتبر كلامك هذا بمثابة إعتراف لكنني لن أجيب عليه إلا بعد أن أنهي دراستي لذا أظن أنك يجب أن تنتظر لعدة سنوات أخرى ..
    نظرت إليها بإستنكار : إعتراف !!! لا تضحكيني ألست أنت من قال بأنني لست مرشحاً سيئاً ؟؟ إذا أنت تقبلين بي كزوج ويستحيل لأي فتاة أن تقبل بأحدهم إلا إن كانت تحبه ألست محقاً ؟؟ إذا أنت من اعترف لي أولاً ..
    أدارت رأسها بإتجاه ..... وقالت ببراءة : هل قلت ذلك حقاً ؟؟ لا أتذكر شيئاً كهذا ..
    ليهز الآخر رأسه نافياً قائلاً بغباء : وأنا لا أذكر أنني سمعتك تقولين ذلك ، أظن أنه قد أتى بهذا الكلام من خياله ، المسكين إنه غارق بحبك بشدة لدرجة أنه يتخيلك تقولين أشياء لم تقوليها ..

    اخر تعديل كان بواسطة » كاروجيتا السيان في يوم » 06-03-2021 عند الساعة » 21:18 السبب: تثبيت الأوسمة


  2. ...

  3. #2
    [CENTER]attachment
    ..( 1 )..


    ~ جوليا ~


    عطلة نهاية الأسبوع والجو صحو ، هذا يعني أنني أستطيع أخذ جدتي في نزهة قصيرة ..


    ها أنا الآن أقف أمام المشفى التي ترقد فيها جدتي وقد اشتريت لها سلة فواكه طازجة ..


    هممت بفتح باب المشفى إلا أن أحدا قد سبقني لفتحه من الداخل واندفع بعدها بإتجاهي ، كدت أفقد توازني حين أزحت عن الطريق قليلا لأمنع تصادمنا ، أنحيت رأسي للأسفل وأنا أعتذر بسرعة : آسفة قد يكون الخطأ خطئي ..


    شعرت به يربت على رأسي وهو يضحك قائلا : لا داعي للإعتذار وداعا ..


    حين رفعت ببصري كان قد انصرف من المكان لأدرك أنه كان في عجلة من أمره ..


    تابعت ما كنت أريد فعله وكالعادة لقائي مع جدتي لم يجري بشكل جيد لكن لا بأس سأحاول معها في المرات القادمة ..


    يوم جديد أتى مع شروق الشمس ، كنت قد أنهيت صنع وجبة الطعام وارتديت زيي المدرسي بسرعة ، ثم ركضت خارجة من غرفتي فإذا بي أصادف أختي جودي التي رمقتني بتلك النظرة الساخرة التي ترمقني بها في العادة وهي تقول عبارتها الدائمة : أخت غبية ..


    اكتفيت بأن أطلق ضحكة قصيرة كرد وتابعت طريقي مغادرة المنزل ..


    حالما وصلت إلى المدرسة أخذت ألتقط أنفاسي وأنا أجلس على مقعدي ، فإذا بي أسمع صوتا ساخرا قريبا لصوت أختي يقول : وكما العادة تأتين راكضة وكأن المدرسة ستختفي ، أنت تثيرين غيظي ..


    نظرت إلى روز التي تجلس بجوار مقعدي وقد نطقت فابتسمت لها : لا أحبذ فكرة أن أصل متأخرة ، فأنا سأكون سببا في تعطيل شرح المعلم حينها ..


    زفرت بيأس : أرجوك توقفي عن التصرف هكذا ، هذا يغضبني ..


    ثم صمتت لبرهة قبل أن تخبرني : صحيح يُقال أن ذلك التافه المغرور سيعود اليوم ..


    قالت جملتها بكره واشمئزاز فأجبت عليها وأنا أقطب حاجباي محاولة التذكر : من تقصدين ؟؟


    ـ إنه ياماتو الطالب الذي قيل أنه قد أصيب بحادث مروع في أول يوم دراسي له لذا لم يستطع الحضور حتى هذا اليوم ..


    ـ الآن تذكرت ، أرغب فعلا برؤيته خصوصا وأن الجميع يتحدث بشأنه ، أظنه شخصا لطيفا وإلا لما كان محبوبا هكذا ..


    صرخت روز حينها : هو ليس لطيفا البتة ، إنه مزعج ومغرور أنا أكره الأشخاص من أمثاله ، مثاليته مقززة كثيرا ، ستكرهينه حتما يا جوليا ..


    لم أستغرب مطلقا من حديثها السيء عنه ، فهي تتصرف هكذا عامة مع جميع الذكور ، رغم أنها في الماضي لم تكن كذلك ..


    دقائق قليلة حتى انطلق صوت الجرس معلنا بدء الحصة الأولى وقد أقبل معلم اللغة الإنجليزية ومن خلفه كان هو ، الشاب الذي أترقب وصوله ..
    ما إن وقع بصري عليه جتى تبادر إلى ذهني كلمة وسيم ، لا .. بل خارق الجمال ، وقف أمامنا بطوله الفارع وأخذ يقول بإبتسامة ساحرة : شكراً لكل شخص كان قلقاً علي وقام بالسؤال عني ، لقد اشتقت إليكم كثيراً ..
    لسبب ما أشعر وكأنه يتحدث بغطرسة رغم كلماته البسيطة ، تعالت الترحيبات الحارة من جميع تلامذة الصف ووسط كل هذا كانت روز التي بجواري تتأفف وتتذمر بوضوح ..
    أقبل الطالب بإتجاهنا وحالما وقف بمحاذاتنا قال محدثاً روز : كيف حالك يا روز ؟؟ أعتقد أنك كنت وحيدة من دوني ..

    رمقته بنظرة مشمئزة : لم لم تمت في ذلك الحادث وتريحنا من وجهك ؟؟
    تلاشت تلك الإبتسامة التي كان منحوتاً على وجهه حتى هذه اللحظة ، وأخذت معالم الغضب تسيطر عليه ..
    همست حينها : روز لقد أغضبته ، إعتذري إليه ..
    لترد بصوت جهوري وعن قصد : جبان مثله لا يخيفني ..

    أستطيع أن أقول أن معركة طاحنة قد تحصل في هذه اللحظة لذا وجب علي التدخل ، أخذت أنكس برأسي معتذرة : آسفة لا تلقي بالاً لما قالته روز ..
    وجه بصره نحوي للمرة الأولى فزالت تلك النظرة المرعبة عنه ليقول بإبتسامة : إنها لمصادفة غريبة أن نلتقي مجدداً ..
    إلتفتت روز إلي بسرعة : هل قابلتيه مسبقاً ؟؟ لماذا لم تخبريني ؟؟ كيف وأين حصل ذلك ؟؟
    لم أملك جواباً لسؤالها فأن لا أتذكر أنني رأيت وجهه سابقاً ، ولا أستظيع حتى أن أقول أنني نسيت ، فوجه مثله لا يمكن نسيانه بسهولة ..
    عاد ياماتو ليقول : أرى أنك صديقة هذه البلهاء ، أعتقد أن غريبي الأطوار يصاحبون أمثالهم من الأشخاص ، لكن من الجيد يا روز أنك وجدت صديقة ..
    - أغرب عن وجهي وحسب أيها المزعج ..
    كان لعراك الألسن أن يطول لولا صراخ المعلم : ياماتو روز كفا عن هذا ، وأنت يا ياماتو اختر مقعداً بسرعة ..
    قلت حينها : أنا آسفة حقاً أرجو أن تعذرنا ..

    أطلق حينها ياماتو ضحكة قصيرة وهو يتخطانا ويختار مقعداً خلفنا ، فلم يكن هناك العديد من المقاعد الشاغرة سواهما ..
    شرع المعلم بالدرس فيما بقيت روز تتمتم بالشتائم طوال الوقت حتى أني فقد تركيزي بسببها ..
    في استراحة الغداء لم يكن صفنا مكتظاً كهذا من قبل ، مجموعة كبيرة من الصفوف الأخرى جاءوا إلى هنا لإلقاء التحية على ياماتو ، الغريب أن الفتيات ليسوا وحدهم من تحلقوا حوله حتى الفتيان كانوا كذلك لذا أعتقد أنه محبوب من قبل كلا الجنسين ..

    الزحام كان شديداً من خلفنا حتى وصل زحامهم إلينا ، وليس هناك من داعٍ لأصف كيف كانت تعابير روز ، ولأمنع حصول إنفجار كارثي هنا قلت بإبتسامة : ما رأيك أن نتناول غدائنا في الخارج ؟؟
    لترد بحدة : حسناً ، فأنا لم أعد أتحمل هذه الحشرات القذرة التي تتحلق هو القمامة العفنة ..
    بفضلها أصبحنا هدفاً لتلك النظرات المنزعجة والغاضبة ، لأسمع ياماتو يقول بصوت عالي : أنت تقصديق نجوم متلألأة حول بدر منير ..
    جررت روز إلى خارج الصف قبل أن أسمح لها بالرد ، لتصب جام غضبها علي ..
    - لماذا لم تدعيني أرد على ذلك النرجسي القذر ؟؟

    زفرت بضيق وأنا أحدق في السماء الغائمة من النافذة : سألتك هذا السؤال كثيراً وها أنا أعيده عليك مجدداً ، لم تبغضين الفتيان إلى هذه الدرجة ؟؟ لماذا أصبحت حادة الطباع هكذا ؟؟
    فأجابتني كالمعتاد : إن أفصحتي عن سبب تغيرك ربما سأفكر بإخبارك ..
    هذا الحوار دار بيننا كثيراً بعد رجوعي إلى هذه المدينة ، سنتين فقط كنا قد افترقنا وحين اجتمعنا مجدداً لم أجدها كما كانت في العادة ولا هي كذلك وجدتني كما أنا ، وبمجرد أن نصل إلى هذه النقطة أبدأ بالتهرب كالعادة ، لذا قلت مغيرة دفة الحديث : يبدو أن السماء ستمطر قريباً ..


    ** نهاية الجزء **




  4. #3
    attachment

    ..( 2 )..

    ~ روز ~
    انتهى الدوام المدرسي أخيراً ، كنت غاضبة في هذا اليوم أكثر من المعتاد وهذا يرجع لوجود ياماتو البغيض ..
    انهيت جمع أغراضي وقلت لجوليا : هيا اسرعي ..
    - أسفة لكن انتظرني قليلا ، علام العجلة ؟؟

    وقفت أمام الباب انظر إليها ، كيف أصف لكم جوليا ؟؟ هي أصبحت فجأة إنسانة ضعيفة دائمة الإعتذار ، حتى لو لم تكن مخطأة ، وهذا يغضبني فهي ليست مضطرة للإعتذار عن كل صغيرة وكبيرة ، لكن لا يغرنكم تصرفها هذا فهي في الواقع إنسانة مخيفة أكثر مما تتصورونه ، لكن هذا الجانب من شخصيتها لا يبدو ظاهراً عليها ..


    نحن صديقتين منذ نعومة أظافرنا ، والعلاقة بيننا كانت أكثر من ممتازة ، لكن الآن أشعر وكأن فجوة عميقة أصبحت بيننا ، فلم أعد أفهمها ولا حتى أن أخمن ما حل بها ..
    لكني لم ألح عليها في السؤال ولست أرغب بذلك حتى إن كان كشفها عن سرها سيجبرني على كشف سري أنا الأخرى ..

    - في ماذا انت شاردة الذهن ؟؟
    صوت جوليا كان قد قطع حبل أفكاري فابتسمت قائلة : لاشيء هيا بنا ..
    أتاني حينها صوت من خلفي : آووه الفأرة المتأسفة والسنفورة الغاضبة لايزالان هنا !!
    عرفت صاحب الصوت مباشرة دون الإلتفات ..
    - اصمت أيها الأحمق ، ولا تطلق علينا ألقابا غريبة
    هتفت بها غاضبة وأنا أستدير باتجاهه ..

    -لكنه يناسبكما تماماً ..
    - ابتعد يا يا ....
    فكرت في لقب اطلق عليه ، لكني لست بارعة في هذا ، لذلك نظرت إلى جوليا وقلت : أطلقي عليه اسماً مضحكاً يا جوليا ..
    ظهر التوتر على وجهها ، ويبدو انها ستبدأ بالإعتذار كالعادة ..
    - لا تبدإي بالإعتذار وإلا قتلتك ..
    قلتها بنبرة تهديدية ليقول ياماتو : لا تتصرفي بحدية مع صديقتك الوحيدة ..
    - لا شأن لك ..
    وأردفت قائلة لجوليا : وأنت اختاري لقبا أطلقه على هذا المغفل ..
    نطقت جوليا أخيراً : ما رأيك بالمحاق الثرثار ..
    - المحاق الثرثار !!! نعم لقب يناسبه حقاً ، احسنت يا جوليا ..
    ياماتو : المحاق الثرثار !! ما هذا اللقب الغريب !!
    ابتسمت قائلة : انه يناسبك تماماً ، انت لست بدراً كما تدعي انت محاق مظلم وثرثار ..
    أخذت أضحك بشماتة لأغيظه ، ثم أمسكت بمعصم جوليا وقلت : هيا نعد للمنزل ..
    مررنا بجانبه متجاهلينه ، وعندما وقفنا امام بوابة المدرسة كانت ما تزال الأمطار تنهمر بغزارة ..
    قلت بقلق حينها : كيف سنعود الآن ؟؟ انا لم احضر مظلتي
    لتجيبني ببساطة : و لا انا ، لكن لا بأس سنمشي تحت المطر ، سيكون شعوراً رائعا ..

    لم يكن لدينا خيار غير ذلك ، بدأنا نمشي تحت المطر بدون اي مظلة تحمينا ، لكن الأمر كان ممتعا ، والجميع ينظر إلينا بدهشة واستغراب ..
    دوى صوت رعد قوي فقفزت جوليا علي واسقطت اثنتانا على الأرض الموحلة ، قلت بصوت متألم : أنظري ماذا فعلت أيتها الغبية ..
    ضحكت حينها : آسفة متأسفة ..
    - ماذا سيفيدني اعتذارك ؟؟ آنظري لقد اتسخ زيي ..
    ربتت على ظهري : لا مشكلة سيزول مع الغسيل ..
    تبادلنا حينها النظرات لثواني فانفجرنا ضاحكين بصوت واحد ، نحن فعلاً في حالة يرثى لها ..

    بعد ثواني شعرت بوجود شخص خلفي ، ومظلته تغطينا من الأعلى ، فالتفت لأنظر من يكون ..
    أطلقت صرخة فزعة بمجرد أن وقع بصري عليه ، ثم زحفت مبتعدة عنه وأنا أحاول إلتقاط أنفاسي ..
    لمع البرق في السماء ليظهر وجهه واضحاً ، رجل يلف وجهه المضادات ولا يُرى منه إلا عينيه الحادتين وفمه الذي يبتسم بسخرية ..
    قال لنا : تبدوان ككلبتين مشردتين ..
    لم نرد عليه فقد كنا نحاول استيعاب مظهره ..
    تنهد بعد أن أحس أننا لن نجيب عليه وقال : خذا هذه المظلة وعودا إلى منزلكما ستمرضان إذا بقيتما هكذا طويلا ..

    ترك مظلته عندنا وغادر وهو يجري تحت المطر الغزير ، وأنا وجوليا لانزال متسمرتين في مكاننا ..
    نطقت بصعوبة : لقد رأينا مومياء أليس كذلك ؟؟
    - نـ..نعم أظن ذلك وقد ترك لنا مظلته ..
    - ستحل علينا اللعنة إذا أخذناها .
    - إذاً لنعد إلى المنزل بسرعة ..
    ركضنا مسرعتين إلى منازلنا ، وكان طريقنا واحدا ، لأن منزلي مقابل منزلها تماماً ، دخلت للمنزل ودخلت هي منزلها ، ولا أزال غير مصدقة ما رأيته ..


    ** نهاية الجزء **

    ..( 3 )..

    ~ جوليا ~
    وقفت بعد انتهائي من تناول الإفطار وقلت لوالداي : سأذهب الآن إلى اللقاء ..
    خرجت من المنزل ، وإذا بي أرى روز تخرج من منزلها فأخذت أحييها ..
    - صباح الخير ..
    مشينا معا في الطريق ثم عدت للحديث : كيف حالك الآن سمعت انك كنت مصابة بالحمى ..
    - وأنت كذلك أُصبتِ بالحمى ، وكنت طريحة الفراش مثلي ليومين كان أمرا جنونيا حقاً ، لكنه كان ممتع ..
    تمتمت بهدوء : لقد كان تصرفا أنانيا مني ، فقد جعلت والداي يقلقان علي ..
    - آووه ها قد عدنا مجددا لموضوع الأنانية ، كم مرة علي ان أقول ان تتوقفي عن المبالغة ..

    وقفت سيارة سوداء فاخرة بمحاذاتنا ، فُتحت النافذة الخلفية ليظهر من خلفها ياماتو ..
    - مرحباً يا فتيات كيف حالكما ؟؟ يبدو أن غريبي الأطوار يمرضون في آن واحد ..
    نظرت أمامي لأجد أن روز قد أكملت طريقها ويبدو انها لم تنتبه له ، وإلا لكانت قد انفجرت بالصراخ في وجهه فهي ليست من اللواتي يتجاهلن الآخرين ..
    نظرت إلى ياماتو وقلت : آسفة لكن ليس هناك وقت لأتحدث إليك فقد أتأخر ..
    قال بإبتسامة : إذا اصعدي أيتها الفأرة المتأسفة ، فوجهتنا واحدة ..
    ارتكبت من دعوته وقلت : آسفة لكني سأرفض دعوتك بإحترام ..
    - إذا لم تصعدي سأحملك بين ذراعاي حتى الفصل ..
    قال عبارته وهو يرقص بحاجبيه بمكر ، زفرت بضيق لا جدوى من الرفض ، كما أنني لن أعرض نفسي لموقف محرج كهذا ..
    عاد ليسألني : هل ستصعدين أم أحملك ؟؟
    لم يكن أمامي خيار فقد خشيت فعلاً من أن ينفذ تهديده ، صعدت سيارته وتعمدت إقفال الباب بعنف ، فقل وهو يرفع حاجبه الأيمن : جوليا سيارتي باهضة الثمن وتكلفة إصلاحها قد يساوي الملايين ..
    قلت بتلقائية : أعتذر أنا آسفة كثيراً ..

    أطلق حينها ضحكة عالية كانت كنغمة موسيقية ، لم كل شيء حوله مثالي وجميل إلى هذه الدرجة ؟؟
    هندما هدأ قليلاً قال متسائلاً : أخبرني كيف أصبتما بالحمى في وقت واحد ؟؟
    فأجابته ضاحكة : لأننا في اليوم السابق لمرضنا قد مشينا أسفل المطر دون مظلة بعد انتهاء دوام المدرسة ..
    - لماذا لم تخبراني ؟؟ كنت لأوصلكما معي بالسيارة في ذلك الوقت ..
    نظرت إليه بطرف عيني أشعر وكأنه يتباهى بسيارته ، لكني لم أعلق على ما قاله ..
    فجأة تبادر إلى ذهني سؤال ما فأفصحت عنه : أخبرني لقد بدوت وكأنك تعرفني عندما تقابلنا لأول مرة في المدرسة ، أخبرني متى حصل هذا ؟؟
    أشار بسبابته إلى وجهه : ألا تذكرين وجهي حقاً ؟؟
    حركت كتفاي لأعلى : مطلقاً ..
    أخذ يفكر لبرهة : أعتقد أن هذا طبيعي لأنك تركزين ببصرك نحو الأسفل وتنحنين للآخرين دائماً ..
    لم أنكر كلامه فهو مصيب تماماً ، أدركت لتوي أن السيارة متوقفة وها نحن أمام بوابة المدرسة الآن ..
    أمسكت بمقبض الباب وأنا أهم بالمغادرة : شكراً لإيصالي ، سأنزل الآن ..
    أمسكني بسرعة : لحظة لم أخبرك أين رأيتك أول مرة ..
    - إذاً قل وأرحني ..
    - أنا أحفظ شكلك لأني أدين لك بإعتذار ، أسف لأني دفعتك في ذلك اليوم أمام المشفى ولم أعتذر ، كنت متعجلاً جداً وقد كنت متفاجئاً حين تأسفت إلي رغم أنني من أخطأ في ذلك الوقت ..
    أومأت برأسي : هكذا إذاً ، حسناً سأغادر الآن ..
    حين ترجلت من السيارة أصبحت موضع أنظار الجميع ، فهم يدركون أن هذه السيارة الفاخرة تعود لياماتو ومجيئي معه مثيراً للريبة ..
    تعالت الأصوات من حولنا وأخذت الشكوك تراودهم ، لم أشعر يوماً بالتوتر كما أشعر به الآن ..

    أخذت أقول محاولة تبرير موقفي بصوت جهوري : أنا آسفة لكن لقائنا كان محض مصادفة ، ليس الأمر وكأنني رغبت بصعود سيارته لكنني أجبرت على ذلك ، لا تفهموا الأمر بصورة خاطئة ..
    لم يجدي معهم هذا العذر السخيف ، لكنني كنت قلقة أكثر من ردة فعل روز إن علمت خصوصاً وأني تركتها في منتصف الطريق وأكمل طريقي مع شخص آخر والأدهى أنه فتى ..
    لمحتها من بعيد وقد كانت ترمقني بنظرات لم تقل حدة عن البقية ، هرولت بإتجاهها مباشرةً ، لكني تعثرت بقدم إحداهن ..

    رغم أنني مدركة لحقيقة أنها تعمدت ذلك إلا أنني قلت بهدوء : آسفة لم أنتبه على قدمك ..
    حين عدت أنظر إلى المكان التي كانت روز بها لم أجدها ، يبدو أنها قد تابعت طريقها متجاهلة ما رأت ..
    حين وصلت إلى الصف كانت تجلس على مقعدها بسكون غريب ، اقتربت منها بتردد : روز صدقيني أنا لم أشأ الصعود لكنه .....
    دفعتني بعنف وهي تصرخ بغضب : لا تتحدثي إلي أيتها الخائنة ، أنت واحدة من أولئك السخيفات المطاردات لياماتو ، صداقتنا انتهت هنا ..

    هذه حماقة ، حماقة كبيرة ، كيف لعلاقتنا المتينة أن تنتهي هكذا ؟؟ لم أكن لأرضى بهذا مطلقاً ، عدت أمسك بيدها متوسلة : روز اسمعيني أرجوك ..
    لا جدوى مهما قلت فهي لن تنصت لي ، ليس هناك طريقة سوى أن آتي بياماتو ليشرح لها ..
    كان قد دخل للصف لتوه ، هذا جيد لست بحاجة للبحث عنه ، قلت له حينها : ياماتو تعال وأخبرها لم كنت في سيارتك ..
    فاقترب إلينا وقال بنبرة متلاعبة : هذه الفأرة المتأسفة معجبة بي لذا صعدت معي بمجرد أن رأتني ..
    قلت بإندفاع : كاذب أقسم لك أنه كاذب هو من أرغمني ..
    مزاحه السخيف لم يكن في وقته ، كما أن هذه الإشاعة الغبية قد تنتشر في أرجاء المدرسة وتسبب لي المزيد من المشكلات ..
    وضع يده حول كتفي وقال : لا تنكري يا جوليا فالإعجاب بادٍ على وجهك كالشمس ..


    طفح الكيل ، بسببه أشعر بنظرات الفتيات الحارقة تخترقني ، ودعابته السخيفة قد طالت كثيراً ، لم أستطع أن أتمالك نفسي أكثر ، وبحركة سريعة دفعته إلى الجدار ويداي مثبتتان على رقبته ، همست بهدوء مرعب : أنت مزعج أيها الفتى ودمك ثقيل للغاية ..
    أخذ يحاول تحرير رقبته لكن الأمر لم يكن سهلاً فأنا جوليا ولست فتاةً عادية كما يظن ..

    ***

    ~ روز ~

    تعالت صرخات الفتيات حين رأوا كيف دفعت جوليا محبوبهم ياماتو بقسوة نحو الجدار ، وأنا لم أكن أقل تفاجئاً منهم ..
    ، لم أستطع أن أبقى مكتوفة الأيدي ، إن لم أهدئ من غضبها الآن فلا أعلم ماذا ستكون النتيجة ..
    أمسكت جوليا وقلت بخوف : توقفي قد يموت حقاً ..
    رمقتني بنظرة باردة وهي لم تبعد يداها عنه : أليت تكرهينه ؟؟ لم لا أتخلص منه من أجلك ونعود أصدقاء كما كنا ..
    سرت رعشة قوية على جسدي : لا داعي لذلك ، أنا سامحتك مسبقاً ..
    أرخت جوليا يدها : لم تعودي غاضبة صحيح ؟؟
    - نعم ..

    أفلتته أخيراً وهي تحتضنني بسعادة ، في حين كنت أنظر إلى ياماتو بشفقة وأنا أراه يسعل بشكل متواصل ..
    حينها سمعنا صوت المعلم الذي أتى لتوه وهو يقول بإستغراب : لماذا هذه الأجواء الغريبة في الفصل ؟!!
    لم يرد عليه أحد فالكل مازال تحت تأثير الصدمة ..
    فقال بعدها : حسنا ليعد الجميع إلى مكانه ..
    توجهنا إلى مقاعدنا ، وأنا أنظر إلى ياماتو الذي وقف بصعوبة عائداً إلى مكانه الموجود خلفي وعيناه مثبتتان على جوليا ، إلتفت إلي قائلا بغضب : إلى ماذا تنظرين ..
    ابتسمت له لأغيظه وعدت أنظر إلى الأمام ، ويبدو أنني نجحت في إغاظته ، إذ أنني كنت أسمعه يتمتم بالشتائم طوال الحصة ..
    انتهت الحصة الأولى ، وفي الحصة الثانية علمنا أن معلم الأحياء لم يحضر ، إذا سنكون متفرغين ..

    نظرت إلى جوليا وقبل أن أقول كلمة واحدة ، إندفعت قائلة : أنا آسفة حقاً آسفة لكنه من أجبرني على ذلك ..
    كنت سأرد عليها لكن فجأة تحلقن الفتيات حولنا ، قالت إحداهن : هي أنت من تظنين نفسك ؟؟ تأتين إلى المدرسة بنفس سيارة ياماتو ، وتقومين بخنقه !! لا تكوني مغرورة جدا ..
    كنت سأرد عليها ، لكنني أردت أن أرى ماستفعله جوليا بنفسها ..

    ** نهاية الجزء **


  5. #4
    attachment
    ..( 4 )..
    ~ جوليا ~
    وقفت متجاهلة الفتيات فلست قلقة بشأنهن والتفت إلى ياماتو وقلت بإعتذار صادق : أنا آسفة ، أعلم أنك مذنب وتستحق ذلك ، لكنني بالغت قليلا في ردة فعلي ، سأقبل بأي عقاب تحكمه علي ..
    كان ينظر إلي بنظرات باردة ، ولم يبد أي ردة فعل ، بينما دفعتني إحدى الفتيات أرضا وقالت : فالتموتِ أيتها القذرة ..
    هتفت الفتياتمن خلفها بصوت متفاوت مؤيدين : نعم فالتموت .. فالتذهب إلى الجحيم ... إنها جرثومة قذرة يجب أن نقضي عليها ..

    لم أحرك ساكنا ، فأنا أستحق ذلك ، ماكان لي أن أغضب وأقوم بما فعلته ، بقيت على الأرض وأنا أسمعهن يشتمنني وينعتنني بأقبح الكلمات ..
    فجأة سمعت صوتاً رجولياً يقول : لا شأن لكن يا فتيات ، هي لم ترتكب خطأً أنا المذنب هنا ..
    جفل في مكاني عند سماعي لصوت ياماتو ، ثم رأيت يدا مُدت إلي ، رفعت رأسي إلى الأعلى ببطء أحاول قراءة ما في داخله وفي عيني نظرة غبية ..
    لماذا يساعدني وأنا التي رغبت في خنقه حتى الموت ؟؟
    - مابك ؟؟ هيا انهضي فهذه ليست منزلتك ..
    قالها وهو يحثني على الإمساك بيده للنهوض ..
    لم أمسك بيده وفضلت الوقوف بمفردي وعلامة تعجب كبيرة مرسومة على وجهي ..

    قالت إحدى الفتيات معارضة : ياماتو كيف لك أن تساعدها وهي كادت أن تقتلك ؟؟
    قلت مؤيدة لها : نعم لماذا تساعدني ؟؟
    قال ببشاشة : أنت قوية رغم مظهرك هذا ، لقد فاجأتني كثيراً وأنا أعتذر بدوري على استفزازك ..
    لم أكن لأرضى بهذا أبداً : لا يمكنك مسامحتي بسهولة ، يجب أن تختار عقاباً لي ..
    كان مندهشاً من إصراري لكنني استمريت في الحديث : سأخدمك طوال هذه السنة يا ياماتو تكفيراً عن ذنبي ..
    حك مؤثرة رأسه بحيرة : لست حاجة لفعل كل هذا ..
    قلت بإصرار : بل إن هذا مهم ، أخشى أن أتمادى بأفعالي إن تركتني ..
    قاطعنا صوت روز الغاضب حينها : يكفي هذا ، كفي الحديث بطريقة غبية يا جوليا ..
    نظرت إليها بهدوء : أرجوك يا روز لاتتدخلي ، أنا راضية بأن أكون خادمته ، ففي النهاية أنا مذنبة ..
    - لست المذنبة ، لا تلومي نفسك يا جوليا ، هو من جعلك تفقدين صوابك ، لهذا فهو ليس خطأك ..
    - بلى إنه خطأي ، إذ أنني كان من الواجب أن أتمالك أعصابي ..
    قاطع حوارنا ياماتو الذي قال : إن كنت مصرة كثيراً فلن أمانع مطلقاً ، لا تقلقي يا روز سأحسن التصرف معها ..
    أنهى جملته وهو يضحك بخفة ، نظرت إلى روز برجاء فأنا لا أرغب أن يطول الشجار أكثر ، فهمت روز نظراتي وقالت : كما تشائين لكن لا تأتي إلي باكية في المستقبل ..
    هتفت بمرح : حسنا حسنا ..

    عادت الفتيات إلى أماكنهن لكن علامات عذم الرضى لازالت مرسومة على وجههن ، أما الفتيان فقد توجهو نحو ياماتو وبدؤوا يتحدثون عن ما حدث ، وكيف أنه حصل على خادمة غبية مثلي ..

    لم أعرهم أي إهتمام ، على الرغم من أن الجميع ينظرون إلي على أنني جبانة ، بسبب كثرة إعتذاري وإرتباكي ، إلا أنني في وقت الغضب أتحول إلى أنثى شرسة ، وأنتم شهدتم على ذلك بأعينكم ..
    لكن هذا الجانب مني لا يعجبني إطلاقا ، فأنا أكره إيذاء الآخرين ، ولا أحب أن أغضب كثيرا على أي أحد ، وحين يحصل ذلك فأنا لا أقصر مطلقاً في معاقبة نفسي ..

    ***

    ~ روز ~

    نظرت إلى جوليا وقلت لها : والآن أخبريني لماذا صعدت إلى سيارة ذلك الغبي المحاق الثرثار ؟؟
    أتاني صوته من خلفي قائلا : أنا أسمعك ..
    - ومن قال أنني لا أرغب في أن تسمع ، أنا لا أخافك ..
    ثم وجهت حديثي إلى جوليا : هيا أخبريني ..
    اقتربت مني وهمست بصوت خافت كما لو أنها لا تريد من أحد سماعها : لقد قال لي إذا لم أصعد فسوف يحملني إلى الصف وهذا سيكون أسوء من صعودي لسيارته ..
    - يالحقارته ، في المرة القادمة إذا حاول مضايقتك فأخبريني ..
    - حسنا ..

    صمتنا لثواني بعدها قلت : لقد مر زمن طويل لم أرك غاضبة بهذا الشكل ، كنت مرعبة ..
    - آسفة لم أقصد أن أفقد السيطرة على نفسي لكن حديثه أغضبني حقاً ..
    - لا بأس ففي النهاية هو يستحق ذلك ..
    - شكرًا لك لأنك تدخلت ، فلو لم تفعلي ما كنت لأهدأ ..
    قلت مازحة : في الواقع أنا نادمة الآن لتدخلي ، لو لم أتدخل لخلصت العالم من هذا النرجسي ..

    في إستراحة الغداء ومن جديد بدأ جميع الطلبة من هذا الصف وخارجه بالتجمع خلفنا ، عند ياماتو تحديدا ..
    ومحور حديثهم هو ما حصل بينه وبين جوليا ، كنا نتناول الغداء الذي أعدته جوليا ، فهي تعشق الطبخ وماهرة فيه ، عكسي أنا تماماً ..
    فتحت علبة الغداء التي أعدته جوليا لي : كالعادة مظهره شهي للغاية ..
    إبتسمت جوليا : يجب أن أعلمك أنت الأخرى الطبخ ، فأنت بحاجة لذلك عندما تصبحين أماً ..
    - لا أحتاج ذلك فأنا لا أفكر في الزواج إطلاقا ، فجميع الرجال قذرون ..
    قلت الكلمة الأخيرة وأحسست بنظرات حادة مصوبة نحوي من الخلف ، إلتفت لأرى أن جميع الفتيان ينظرون إلي بغضب ..
    قلت ببرود : لماذا تنظرون إلي هكذا ؟؟ أنا محقة فجميعكم قذرون وأولهم ذلك المحاق الثرثار ..
    قال أحد الفتيان : أنت هي القذرة الوحيدة هنا ، أيتها المغرورة ..
    وقال آخر : ياماتو قل شيئا لهذه المتعجرفة ..
    ياماتو بإبتسامة : أعذروها يا شباب ، فالسنفورة الغاضبة تقول ذلك لأن لا أحد من الفتيان يلتفتون إليها ، لذلك هي غاضبة بهذا الشأن ..
    انفجر جميع الفتيان والفتيات بالضحك بشماتة ، وياماتو ينظر إلي بإنتصار ..
    قالت إحدى الفتيات بدلال : فاليتبرع واحد منكم يا شباب ويخرج معها ، أنا أشفق عليها حقاً ..
    قالت أخرى : لا أظن أن أحدهم سيوافق عليها ، من يرغب في فتاة مثلها ..
    كنت أغلي من الغضب ، وقفت مستعدة لضربهم جميعا ، لكن جوليا أمسكتني وهي تنظر إلي بعين ان متوسلتان..
    - لا تعيريهم أي اهتمام ، أرجوك لا تحدثي شجارا ..
    فقال أحدهم ساخراً : اوه أنظروا هاقد تحدثت الخادمة أخيراً ..
    إنهم يستمتعون كثيراً بالسخرية منا ، وهذا أمر مثير للسخط ، أوشكت على الرد إلا أن صوت ياماتو قاطعني : كفاكم ضحكا إياكم والسخرية من جوليا مجددا ..
    توسعت بؤبؤة عيني غير مصدقة لما أسمعه ، لقد دافع عن جوليا ، هذا غريب حقاً ..

    توقف الجميع عن الضحك ، وظهرت علامات الدهشة والإستغراب على وجوه الجميع ، حتى جوليا نفسها ..
    قال ياماتو : اسمعوني جيدا من غير اللائق أن تتخذوا من كلمة خادمة إهانة ، كما أنه لا يحق لكم دعوتها بالخادمة ..
    حتى إن قام بالدفاع عن جوليا لا يزال حشرة بغيضة في نضري ، قلت مخاطبة الجميع : إسمعوني جيدا إذا أردتم العيش فمن الأفضل أن تغربوا عن أمامي حالا ، لديكم دقيقة واحدة فقط ..
    في غمضة عين انفض الجميع عن ياماتو وغادروا الصف بتذمر وغضب ، ولم يبقى إلا ياماتو ..
    - ألم تسمع ما قلته ؟؟ أم أنك أصم ؟؟
    قال ببرود واضعا كلتا يديه خلف رأسه وهو يسند بجسده إلى الوراء : هذا مكاني ، وليس لك حق في طردي ..
    - تبا لك فالتمت >> تمتمت بها غاضبة ..
    جلست في مكاني وعدت أتناول الغداء الذي أعدته جوليا لي ..
    سمعت ياماتو يقول : جوليا ألم تغضبي مما قالوه ؟؟
    إلتفت إليه وقلت وفمي ممتلأ بالطعام : لا تتحدث إلينا ..
    قال وعلامات القرف بادية على وجهه : أنت التي لا يجب أن تتحدثي وفمكِ مليء بالطعام ، ثم أنني لم أسألك ..
    فأجابتني جوليا : لا أهتم حقا ..

    ** نهاية الجزء **


    .( 5 )..

    ~ ياماتو ~

    -لا أهتم فاليقولوا ما شاؤوا ..
    كان هذا ما أجابت به لأطرح بعدها سؤالاً جديداً : في السنة الماضية في أي صف كنت ؟؟ فأنا لم ألمحك ولو لمرة ..
    - لم أكن هنا ، لقد انتقلت إلى هذه المدرسة في هذه السنة فقط ..
    - هكذا إذا ، لكن كيف أصبحت صديقة هذه السنفورة الغاضبة ؟؟
    - نحن أصدقاء منذ الطفولة ..
    قلت مازحا : يبدو أن طفولتك كانت مأساوية ، بما أن السنفورة الغاضبة صديقتك ..
    صرخت روز : أصمت أيها المحاق الثرثار ، ثم توقف عن الحديث مع جوليا ..
    وأردفت وهي تنظر إلى جوليا : وأنت يا جوليا تجاهليه فقد يُعديك بغبائه ..

    استدارتا وتجاهلانني، أما أنا فقد أخذت أفكر في طريقة أتحدث فيها معهما مجدداً ، فتبادر إلى ذهني فكرة قد تبدو حقيرة قليلاً لكن لا بأس إن كنت سأفعلها من باب المزاح ..
    قلت بنبرة آمرة : جوليا أنا أشعر بالعطش ، إشتري لي شيئا أروي بها عطشي ..
    إلتفتت روز وقالت بحدة : اشترها بنفسك او مت عطشا ، جوليا ليست خادمتك ..
    لم أرد عليها لأن جوليا وقفت قائله : ماذا تحب أن تشرب ؟؟
    إبتسمت بإنتصار لروز ، ووجهت حديثي لجوليا : أمم أريد الشاي البارد بالليمون ..
    هزت رأسها وكادت أن تذهب ، إلا أن روز أمسكتها قائلة : هل أنت جادة ؟؟ هل انت راضية عن كونك خادمته ؟؟
    ابتسمت جوليا وقالت : لا بأس ثم أنني أشعر بالعطش كذلك ..
    تركتها روز ثم ذهبت لشراء ما طلبته ، ما إن خرجت جوليا حتى إلتفتت روز نحوي ، والشرر يتطاير من عينيها ..
    قلت بسخرية وأنا أتظاهر بالخوف : أوه أنا خائف أوشك أن أبلل نفسي ..
    ضربت روز طاولتي وقالت : إلام تهدف ؟؟ ماهي نيتك ؟؟ إلى ماذا تريد أن تصل ؟؟
    قلت ببرود وأنا أسند ظهري إلى الوراء : وهل أنا مضطر على الإجابة عن أسئلتك ؟؟

    ظللنا ننظر إلى بعضنا بنظرات حادة مليئة بالتحدي ، ولا أحد منا يرغب في الخسارك ، لذا بقينا على هذا الحال لدقائق ..
    - هي أنتما توقفا عن ذلك ، لستما طفلين ..
    كلانا التفتنا إلى مصدر الصوت ، وكانت جوليا هي التي قاطعتنا ..
    وضعت جوليا علبة العصير وقالت : خذ ..
    إبتسمت قائلا : شكرًا لك ..
    بادلتني الإبتسامة والتفتت إلى روز وقالت : ستنتهي الإستراحة قريبا ، هيا انهي الغداء الذي صنعته لك ، أم أنه لم يعجبك ؟؟
    - لا لا إنه لذيذ حقاً ..
    ألقت إلي نظرة خاطفة مليئة بالحقد ، وبعدها عادت إلى مكانها وعادتا لتناول غدائهما ..

    أسندت مرفقي الأيمن على خدي وقلت : جوليا هل أنت من أعد الطعام ؟؟
    إلتفتت جوليا : نعم ، لكن لم تسأل ؟؟
    صمت لثواني وقلت بهمس : أنا أريد أيضاً ..
    - ماذا ؟؟ ارفع صوتك لم أسمعك جيدا ..
    - أريدك أن تعدي لي علبة غداء كذلك ..
    صرخت روز بغضب وهي تلتف إلي : هي أنت ألا تعتقد أنك قد بالغت كثيرا ..
    قلت بحدة : أنا لم أتحدث إليك ، لا تتدخلي ..

    قاطعتنا جوليا : توقفا عن الشجار ، لا تقلق سوف أعد لك علبة غداء يا ياماتو ، لكن توقف عن الشجار مع روز أرجوك ..
    فرحت كثيرا عندما وافقت ، قلت بإبتسامة : حسنا لن أتشاجر مع السنفورة الغاضبة من جديد ..
    روز بغضب : توقف عن مناداتي بالسنفورة الغاضبة بدأ هذا اللقب يزعجني ..
    - لكنه مناسب لك تماماً ، فأنت قصيرة بالإضافة إلى أنك غاضبة دائماً ..
    - لست قصيرة وأنا لا أغضب إلا عندما يغضبني أحمق مثلك ..

    صرخت جوليا : كفى لقد سئمت من كثرة جدالكما ، توقفا عن ذلك كم مرة يجب أن أوقفكما ..
    صمتنا جميعا ، لكننا مازلنا نرسل إلى بعضنا سهام من النظرات الغاضبة ، حتى رن الجرس الذي يعلن نهاية إستراحة الغداء ..

    مر اليوم بدون مشاجرة أخرى ، لأنه لم تسمح لي الفرصة لإزعاجهما ..
    عند انتهاء الدوام ، خرجت من المدرسة لأتفاجأ بالفتيات متحلقات حولي ، وكل منهن تقول شيئا لكن بسبب تداخل الأصوات لم أفهم كلمة واحدة مما قالوه ..
    - اهدؤوا جميعا ، فالتتحدث واحدة فقط منكن فأنا لن أفهمكن هكذا ..
    صمتن الفتيات جميعا ، وبدأن بالإلتفات نحو بعضهن ، كأنهن محتارات في إختيار من تتحدث ..
    في النهاية تقدمت فتاة إحداهن وهي تعبث بخصلة من شعرها الليلكي : في الواقع يا ياماتو ، جميع الطالبات يشعرن بالغضب بسبب ما حصل ..
    قلت متصنعاً الجهل : وما الذي حصل ؟؟
    - لماذا سمحت لتلك الفتاة القبيحة بالمجيء معك للمدرسة بالسيارة نفسها ؟؟ ثم أنها أرادت خنقك لكنك سامحتها ، لماذا تعاملها معاملة خاصة ؟؟
    - من تقصدين بالفتاة القبيحة ؟؟
    قالت بحدة : ومن غيرها تلك الفأرة صديقة تلك الشرسة ..
    أطلقت ضحكة خافتة عندما سمعتها تقول الفأرة ، يبدو أن الجميع ينظرون إليها على أنها فأرة ..
    قالت الفتاة مقطبة الجبين : لا أظن أن هناك ما يضحك ..
    قلت بإبتسامة : المعذرة لكن نعتك لها بالفأرة أضحكني ..
    قالت بإبتسامة : جميعنا نسميها بذلك لأنها جبانة كالفئران ( وأردفت بغضب : لكن يبدو أنها لا تعرف مكانتها ، كيف تجرؤ على خنقك ..
    هتفت حينها بجدية : أسمعوني جيدا أنتم لا شأن لكم في ما يحدث لي..

    ظهرت ملامح الغضب وعدم الرضى على وجوههن ..
    بينما عادت الفتاة لتقول بسخط : نحن لا نمانع فكرة أن تعجب بأحدهم ، لكن ما يغضبني أن تختار فتاة حقيرة وجبانة كجوليا ..
    قلت بإبتسامة : ومن المناسبة لي برأيكن ؟؟
    قبل أن يجبنني على سؤالي ، قاطعنا صوت رقيق من خلفي : أنتم تقفون في الطريق ، ستعيقون الطلاب الآخرين ..
    إلتفت خلفي لأرى فتاة جميلة ، بشرتها صافية كالأطفال وشفتيها أحمر كالتوت ، وبيضاء كالثلج وأجمل من القمر ، شعرها كالحرير يصل إلى أسفل ظهرها بقليل ، أسود كظلمة الليل الحالك وناعم كالحرير ، جسدها مثالي ومتناسق كل شيء فيها يصرخ بالأنوثة ..

    تنحينا جانباً ، بينما قامت إحدى الفتيات بجرها نحوي وقالت : هذه هي الفتاة المثالية التي تليق بك ، لا تلك الفأرة ..
    قلت بإبتسامة : لكن من هذه الفتاة ؟؟
    ظهرت علامات الصدمة في وجوه الجميع :؟هل أنت جاد ؟؟ كيف لك ألا تعرف أجمل فتاة في المدرسة !!
    - لقد رأيتها قبلا لكني لا أتذكر اسمها ..
    قالت الفتاة : أنا هانا في السنة الثانية ، وأنا في الصف المجاور لصفك ( ثم أردفت مخاطبة الفتيات : ثم ماذا تقصدين بأنني الفتاة التي تليق به ؟؟
    حكت لها إحدى الفتيات ما يحدث بإختصار ، وعندما انتهت احمر وجه هانا وقالت : هل جننتم !! أنا لا أن أناسبه أبدا ، فهو يستحق من هي أفضل مني ..
    قالت الفتيات لها : وليس هناك من هي أفضل منك ، أنت متواضعة كعادتك ..
    وقالت أخرى لي : هل رأيت يا ياماتو ، شتان ما بين هانا اللطيفة والمتواضعة وتلك الفأرة المغرورة والقبيحة..
    نظرت إلى هانا لأراها تشتت أنظارها بخجل ، قلت بإبتسامة : توقفن عن الترهات ، جوليا مجرد صديقة وحسب ..
    -هل أنت متأكد ؟؟ أنا أشعر أنك تحبها ..
    - إحساسك ليس في محله أنا لا أحبها قط ، والآن إلى اللقاء سيارتي في انتظاري منذ مدة ..
    تجاوزتهن وأنا أضحك في سري على تفكيرهن السطحي ..

    ( نهاية الجزء )






  6. #5
    [CENTER]
    attachment

    ..( 6 )..

    ~ جوليا ~
    استيقظت اليوم باكرة لأقوم بإعداد علب الطعام لي وللبقية ..
    قالت أختي جودي التي أقبلت للتو :ها أنت ذا تعدين علب الطعام لتلك المرعبة من جديد ، ألا تستطيع هي إعداده بنفسها ؟؟
    ـ لا تنعتيها بالمرعبة يا جودي ، فهي أعز صديقاتي ، ثم ما شأنك أنت ؟؟ من يسمعك سيظن أنك من تعدين الطعام لا أنا ..
    قالت جودي بإستغراب وهي تلمح علبة ثالثة : أوه أنا أرى علبة إضافية على غير العادة ، لمن هي ؟؟ هل هي لي ؟؟
    إبتسمت قائلة : آسفة لتخيب ظنك لكنها لأحد أصدقائي ..
    ـ أوه حقا !! من غريب الأطوار الذي سيصاحبك ..
    قلت بإنزعاج : ماذا تقصدين بقولك هذا ؟؟
    لوحت بيدها مودعة : لا شيء ، وداعا أنا سأذهب إلآن ..

    تجاهلتها ولم أعرها أي إهتمام .. هي هكذا دائما .. لكن على الرغم من كل شيء أنا أحبها لأنها أختي ..

    بعد أن انتهيت من تجهيز نفسي .. توجهت إلى المدرسة .. لم أرى روز في طريقي .. يبدوا أنها قد غادرت باكرا .. أو أنها ستغادر متأخرة ..
    صحيح أننا صديقتين لكننا لا نتدخل في شؤون بعضنا ..

    في أثناء طريقي للصف .. كنت أشعر بنظرات الفتيات المصوبة نحوي .. وهمساتهم الخافتة .. يا إلهي يبدوا أنهم لم ينسوا ما فعلته لياماتو بالأمس .. لكن ما فعلته لم يكن هينا .. فأنا لم أغضب أمامهم قط .. لكن في الأمس لم أستطع تمالك نفسي .. وفعلت ما فعلت ..

    جلست على مقعدي .. وروز لم تكن موجودة .. أي أنها ستتأخر .. بعد دقائق سمعت صوت ضوضاء صادر من الخارج .. علمت أن ياماتو قد حضر .. فهو الوحيد الذي يجعل الجميع يصرخون فرحين برؤيته ..
    وبالفعل كنت على صواب .. إذ أنه دخل إلى الصف وجيش الفتيات خلفه .. لكن يبدو عليهن الإنزعاج هذه المرة .. يبدو أن شيئا قد حصل ..
    قالت إحدى الطالبات : ياماتو أيها المتهرب ، لم تعطنا جوابا بعد ، هيا تكلم الآن ..
    قال ياماتو وهو يجلس خلف المقعد المجاور لي : قلت سابقا وسأقولها مجددا ، ليس لدي جواب ..
    ـ ولماذا ؟؟
    ـ من دون سبب ..
    توجهت نظراتهن نحوي وقالت أخرى : أنا أعرف ، هذه الفأرة هي السبب ..
    نظرت إليهن متفاجأة .. مالذي يحدث هنا .. وما دخلي أنا ؟؟
    قلت مباشرة : أنا آسفة آسفة حقا ، أعتذر لأنني السبب ..
    ـ إذا هي السبب حقا ، والدليل على هذا هو إعتذارها ..
    ـ سحقا لها من تظن نفسها ..
    كانت هذه كلمات الفتيات الغاضبة .. قاطعنا ياماتو : هذه الفتاة حمقاء وتعتذر بدون أي سبب ، لذلك لا تأخذن إعتذارها على محمل الجد ..
    إبتسمت قائلة : أعتذر لأنني حمقاء ..
    ياماتو : إسمعنني جيدا نحن مجرد أصدقاء كفوا عن تضخيم الأمر ..
    قلت بحزم : لا بل نحن سيد وخادمة ..
    نظر إلي حينها ياماتو بإستنكار لكنه لم يعلق على ما قلته فقدرن الجرس معلنا عن بدء الحصة الأولى .. فعادت كل الفتيات إلى صفوفهن .. لكن المشكلة الآن هي أن روز لم تأتِ بعد .. هل أصابها مكروه أم ماذا ؟؟

    فُتح الباب الأمامي .. ودخل المعلم قائلا بعد تحيتنا : رحبوا معي جميعا بالطالب الجديد ، فالتتفضل أرجوك ..
    لم أهتم بالطالب الجديد .. ولم أنظر إليه حتى .. كنت أخربش على دفتري بملل .. وجل تفكري هو عن سبب تأخر روز ..
    سمعت أن أصوات الهمسات إرتفعت .. كما لو أن شيئا غريبا يحدث .. لمكني أكلف على نفسي عناء رفع رأسي لأرى ..
    سمعت الطالب الجديد يقول دون أن أراه : أنا سوبارو ..
    تفوه بكلمتين وحسب رغم أنه من المفترض أن يعطي خلفية بسيطة عنه ..
    قال المعلم : سوبارو تحدث عن نفسك قليلاً ..
    ليصلني صوته البارد : لا أظن أن أحداً يرغب بمعرفتي ..
    كلماته أثارت فيني الفضول لأراه رفعت رأسي ببطئ وما إن وقع عيني عليه حتى وقفت قائلة وأنا أشير عليه : أنت .. أنت هو المومياء الذي رأيته قبل عدة أيام ..

    نظر الجميع إلي .. وأدركت ما قلته للتو .. لم يكن علي قول ذلك .. لكن الأوان قد فات .. وأنا قلت ما قلت ..
    تعالت أصوات القهقهات .. قلت بحرج وأنا أنظر إلى الأسفل : أنا .. أنا آسفة حقا ، لقد زل لساني ..
    قال المعلم وهو ينظر إلي بقسوة : ما قلته لم يكن أمرا جيدا أبدا يا جوليا ، إعتذري إلى سوبارو حالا ..
    قلت وأنا أنظر إلى سوبارو : أنا آسفة حقا لم أقصد ذلك ، أرجوك أعذرني ..
    نظر إلي بحدة لثواني بعدها قال للمعلم متجاهلا وجودي : معلمي أرجوك أخبرني أين أجلس ؟؟
    لم يكن هناك مكان شاغر إلا المقعد الموجود خلفي .. لذلك قال له المعلم : إجلس هناك في الخلف بجانب ياماتو ..
    هز رأسه بإيجابية .. وبعدها توجه لمقعده .. عندما مر بالقرب مني ألقى علي نظرة حاادة أظنها كانت ستحرقني من حدتها .. وبعدها جلس على مقعده ..

    بدأ المعلم بالشرح .. وأنا مشغولة البال في ما قلته له .. لقد كنت قاسية حقا .. أقسى حتى من روز .. لكن ما قلته كان لأنني رأيت أمامي شخصا يضمد وجهه بالضمادات .. ولا يُرى من وجهه شيء إلا عينيه وشفتيه .. ويغطي رأسه بقبعة سوداء..

    شكله مثير للريبة حقا .. لكني على يقين أنه هو الشخص نفسه الذي أعارنا مظلته في ذلك اليوم ..
    وأنا الآن أجازيه بهذه الطريقة البشعة .. كم أتمنى أن يعود الزمن إلى الوراء وألا أقول ما قلته ..

    أطلقت زفيرا عاليا جعل الجميع ينظر إلي .. حتى أن المعلم إلتفت إلي قائلا : ماذا هناك يا جوليا ؟؟ ألا تعجبك الحصة ؟؟ إذا تستطيعين الخروج ، ألا يكفيك ما قلته للتو ؟؟
    قلت بسرعة : آسفة يا معلمي ، لكني لم أقصد ذلك ، تابع شرحك أرجوك ..

    أدار المعلم رأسه وعاد على الكتابة على السبورة .. أحسست بحركة من الخلف .. إلتفت لأرى أن الباب الخلفي للصف مفتوح .. بعدها وقع عيني على روز التي تحاول التسلل بخفة .. كتمت ضحكتي على شكلها .. وبما أننا في الصف ما قبل الأخير .. فقد إستطاعت الوصول بسلام ..

    ـ معلمي هناك حشرة قد تسللت للتو إلى الفصل ..
    كان هذا صوت ياماتو وهو يشي بروز ..
    إلتفت المعلم قائلا : روز فالتخرجي حالا ، لقد تأخرت عن الحصة كثيرا ..
    وقفت روز بغضب وهي تضرب بالطاولة .. بعدها إلتفتت إلى الوراء قائلة بحنق : أيها المحاق الثرثار ألا تـسـ...........

    بترت عبارتها وهي تنظر للشخص الموجود بجانب ياماتو .. قالت بصوت عالي وهي تلمس كتفي : جوليا جوليا أنظري إنه المومياء الذي قابلناه تحت المطر ..
    دفنت وجهي بين كفي وأنا أسمع صوت ضحكات الطلبة للمرة الثانية على الطالب الجديد .. قالت روز وهي لا تزال تضرب كتفي حتى أنظر : جوليا أنظري أنظري إنه هو أقسم أنه هو ..
    قلت بحرج : رووز هذا يكفي ..
    ـ لكن منذ متى وهو هنا ؟؟ هل إنتقل إلى هنا حديثا ؟؟ ولماذا يضع هذه الضمادات على وجهه ؟؟ هل هو مشوه ؟؟ لكن ما سبب تشوهه ؟؟ وكيف .............
    قطعت سيل أسئلتها قائلة : روز قلت هذا يكفي ، توقفي عن إحراج الطالب الجديد ..

    صرخ علينا المعلم : فالتخرجا حالا أيتها المزعجتان ، أنتما تعطلان الحصة ..
    قالت روز معارضة: لن نخرج أبدا ، من أنت حتى تطردنا ؟؟ هذا صفنا ، وأنت هو الدخيل هنا لا نحن ..
    ظهرت علامات الغضب على وجه المعلم .. لقد تمادت روز كثيرا ..
    تدخلت بسرعة قبل ان يتفاقم الأمر : آسفة يا معلمي ، أرجوا أن تعذرنا ، سنخرج الآن ..
    سحبتها من ذراعها نحو الخارج .. وهي تقاوم ذلك .. لكني لن أدعها تبقى أكثر .. فقد يبدأ حرب ما إذا تركتها ..

    إستطعت إخراجها بشق الأنفس وأقفلت الباب .. قلت بضيق : روز ما قلته اليوم كان سيئا ..
    قالت بإندفاع : لكن المعلم يستحق ذلك ، فهو ..............
    قاطعتها وقلت : لا أقصد المعلم ، أقصد الطالب الجديد سوبارو ..
    قالت بلا مبالاة : لا يهمني كل ما هنالك أنني رغبت في معرفة سر ذلك المومياء ، ثم هو المخطئ لماذا يبقى بهذه الضمادات ؟؟ يبدو كالمومياء حقا ..
    هززت رأسي وقلت : لا جدوى من ذلك ، انت متبلدة الأحاسيس حقا ، ولا تراعين مشاعر الآخرين ..
    ـ لا يهمني ..

    في الواقع أنا أيضا يجب أن أقول عن نفسي هذا .. فأنا أيضا سميته بالمومياء أمام الجميع .. وجعلت منه أضحوكة للجميع .. أنا سيئة أيضا .. يجب أن أتحدث معه قريبا ..

    لكن وللأسف لم يكن هناك وقت كافي لأتحدث معه .. فما كان مني إلا إنتظار إستراحة الغداء ..
    عندما رن الجرس معلنا إنتهاء الحصة وإبتداء موعد إستراحة الغداء .. إلتفت خلفي مباشرة إلى الطالب الجديد وقلت له : سـ..ـ سوبارو هل لي أن أتحدث معك قليلا ..
    نظر إلي بعينيه الباردتين ولم يجب علي بكلمة واحدة .. تجاهلني وذهب إلى خارج الصف ..
    وقفت حتى ألحق به .. لكن ياماتو قال لي : جوليا تعالي إلى هنا ، هل نسيتِ ما طلبته منك في الأمس ؟؟
    ـ لا لم أنس ، لقد أحضرته معي ..
    أخرجت علب الطعام الثلاثة .. ووضعت أمام روز واحدة ولياماتو واحدة وأبقيت واحدة لي ..
    قالت روز : أنت حمقاء حقا ، لو كنت مكانك لما صنعت لهذا المحاق الثرثار شيئا ، ثم كيف تسامحينه بعد ما فعل ذلك بي ..
    علمت أنها تقصد عندما وشى بها عند المعلم ..
    ـ أنا لا شأن لي بمشاجرتكما ، أنتما تفاهما مع بعضكما، كلاكما صديقاي وأنا لا يمكن أن أختار شخصا منكما ..
    أطلقت شهقة عالية خُيل إلي أنها قد سحبت كل الهواء من حولي : أيتها الخائنة ، أنا صديقتك منذ زمن ، كيف تجعلينني في نفس المستوى مع هذا المتدني ؟؟ كيف لك أن تساوينا ببعضنا ، هو لم تتعرفي إليه إلا منذ عدة أيام فقط ، ولم تتحدثي معه إلا قليلا أنا صديقة طفولتك كيف يمكن أن أكون في نفس مستواه ..

    في الواقع أنا قلت هذا لأني أشعر بالذنب تجاهه .. لكن هذا الأمر أثر على روز ..
    قال ياماتووقد انشرحت أساريره: أنا سعيد أنك تنظرين لي على أنني صديق، خشيت أن تكرهيني ..
    قلت له : ولماذا أكرهك ؟؟ من عادة الخدم هو الحب والوفاء لأسيادهم ..
    إنفجر ياماتو ضاحكا وقال : لم تنظرين إلى نفسك بإستصغار ؟؟ أنت صديقة لا خادمة ..
    لا أعلم حقاً ما إذا كان متواضحاى حقاً أم يتصنع ذلك ..
    قلت وقد لفت نظري أمر ما : صحيح أين معجباتك يا ياماتو ؟؟ عادة ما يتجمعون حولك في هذا الوقت ..
    روز : يبدو أن معجباته قد سئمن منه ، كيف لا وهو شخص ثرثار ومزعج ، ولا أحد يستطيع أن يتحمله أكثر من يوم ..
    قال ياماتو بنبرة واثقة : أنا لست مثلك يا روز ، مهما فعلت فسأظل محبوبا ، لكن يبدو أن هناك شيئا أشغلهن ، ثم أن هذا أفضل ، لأنني أرغب الآن بتناول الطعام الذي أعدته جوليا لي خصيصا ، أي لصديقها العزيز ..
    ختم كلامه بإبتسامة أثارت غضب روز جدا .. ها هو جانبه الكتغطرس يبدأ بالظهور .. أمسكتني من كتفاي وبدأت بهزي بعنف قائلة : جوليا في المرة القادمة لا تعدي شيئا لهذا الأحمق ، وإذا ما أجبرك على ذلك ضعي السم في طعامه ..


    إبتسمت لها وهذا أغضبها أكثر .. لكني لا أعلم كيف أتصرف الآن ؟؟
    نظرت إلى ياماتو عله يساعدني .. لكنه فتح علبة الغداء ببرود متجاهلا ما يحدث أمامه ..
    أمسك بعيدان الطعام .. وأخذ شيئا منه .. بعدها أدخلها في فم روز التي لاتزال تصرخ في وجهي ..
    تغير وجهها عندما وضع ياماتو الطعام في فمها .. إلتفتت إليه ببطء شديد .. أما ياماتو فقد قال ضاحكا : الآن أنا مطمئن أنه لا يوجد سم في الطعام ..
    كنت أنظر وأنا أكتم ضحكتي .. إن وجهها مضحك للغاية .. نظرت إلى روز التي كانت تمضغ بهدوء غريب لماذا هي هادئة هكذا ؟؟ لربما يكون هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ..
    نظرت إليه وقالت بهدوء : هل تعلم لماذا ابتلعت اللقمة ؟؟
    قال بإبتسامة : لأنها من يدي ..
    ـ بل لأنها من صنع جوليا ، وقد عملت جاهدة لصنعه ، لكن هل تعلم لماذا أنا غاضبة ؟؟ >> قالتها بنفس النبرة الهادئة
    ـ لأنك ترغبين في أن أطعمك المزيد وأنا لا أريد ذلك >> قالها بذات الإبتسامة ..

    وقفت روز وقالت : لأنها من يديك القذرتين ، ستموت الآن ..
    انقضت روز عليه بوحشية وأسقطته أرضا .. رفعت قبضتها لتلكمه على وجهه .. لكنه كان أقوى منها .. استطاع إمساك يدها وقلب الأمر عليها ..
    حيث أنه جعلها في الأسفل وصار هو في الأعلى .. حاولت روز مقاومته لكن هيهات .. فهو أضخم منها بنية .. وأقوى منها بكثير .. إذا لا فرصة لها أمامه ..
    تجمع الطلبة حولهم .. وأنا لاأزال متسمرة في مكاني .. بعد ثواني أدركت أنني يجب أن أتصرف بسرعة ..
    إقتربت منهما وقلت : توقفا حالا ..
    ثم نظرت إلى الطلبة وصرخت قائلة : ساعدوني لأفصلهما عن بعضهما ..
    أمسكت ياماتو من سترته .. وحاولت سحبه .. ولم يتقدم أحد لمساعدتي .. وذلك لأنه وبكل بساطة هم يكرهونني ويكرهون روز أيضا ..
    حاولت سحبه من قميصه عدة مرات .. لكني لم أستطع .. لكن المريح في الأمر أن روز هي الوحيدة التي تحاول ضربه .. وهو فقط يتجنبها ولا يقوم بالهجوم عليها .. لكني أخاف من أن يفقد أعصابه ويحدث أمر لا تحمد عاقبته ..

    شعرت بوجود شخص يقف بجانبي ويقوم بسحب ياماتو بقوة من قميصه .. واستطاع أن يبعده عن روز ..
    استغلت روز الفرصة ووقفت مستعدة للهجوم عليه .. لكنني أسرعت وأمسكت بها .. أسقطتها أرضا على بطنها وأمسكت يدها للخلف وقلت : لا تتحركي يا روز وإلا خُلع كتفك ..
    صرخت روز بجنون : دعيني أيتها الحمقااء ، سأقتله لن أدعه يفلت ..
    قمت بسحب يدها بقوة أكبر جعلها تصرخ من الألم .. صحيح أن هذا قاسي قليلا .. لكنها الطريقة الوحيدة لإيقافها .. قلت لها : عديني أنك لن تعودي للشجار إذا ما أطلقت سراحك ..
    صرخت غاضبة : لن أدعه أبدا ، دعيني وشأني يا جوليا ..
    قلت بإصرار : مستحيل لن أدعك إلا بعد أن تعديني ..
    ـ لن أعدك ..
    ـ إذا ستبقين على هذا الحال حتى تهدئي ..
    قالت بإستسلام : حسنا حسنا سأدعه وشأنه لكن هذه المرة فقط ..

    تركتها وقلت بإعتذار : آسفة لكني كنت مضطرة لفعل ذلك لك ..
    ثم إلتفت إلى الشخص الذي كان ممسكا بياماتو وقلت : شكرا لك لأنك ................
    بترت عبارتي عندما رأيت المومياء .. لقد كان هو من ساعودني عندما اكتفى الجميع بالمشاهدة ..
    قلت له مباشرة : سـ.. سـوبارو إسمعني أنا آسفة على ما قلته ، لم أقصد أن أجرحك ، أرجوك اعذرني ..
    إلتفت سوبارو إلى الطلبة وقال : فالينصرف الجميع إنتهى الأمر ، ثم أنكم لم تكونوا ذا فائدة ، لذا لم يكن عليكم أن تتجمعوا هكذا ..

    انصرف الطلبة مبتعدين عنا .. لكن مجموعة من الفتيات أتين من المجهول واندفعن بإتجاه ياماتو والقلق باد على صوتهن .. إنهن معجبات ياماتو .. لكن أين كانو من قبل ؟؟
    تقدمت إحداهن ناحيتي وقالت : هي أنت أيتها الفأرة..
    نظرت إليها وقلت : ماذا ..
    ـ لقد تماديت كثيرا ، لن نسامحك على هذا أبدا ، أنت وصديقتك القذرة تلك ..
    إنحيت جسدي قليلا بإعتذار : آسفة على ذلك ، أرجوكم أعذرونا ..
    صرخت الفتاة غاضبة : وهل تعتقدين أن الإعتذار سيجدي ؟؟ أنت فتاة حمقاء غبية ..
    رفعت يدها إلى الأعلى .. علمت أنها ستصفعني لكني لم أحاول تفاديها فأصابتني الصفعة التي لم تكن بتلك القوة .. لكن كان لها صوت عالي .. جعل الجميع يلتفت نحونا ..
    قلت لها : إذا كان صفعك لي سيجعلك راضية ، فأنا موافقة على أن تصفعيني عدد ما شئت ..
    هتفت غاضبة : أيتها المغرورة المتعجرفة ..
    رفعت يدها مرة أخرى لتصفعني ثانيةً .. لكن ....

    ^_^ نهاية الجزء ^_^



  7. #6
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    كيف الحال ^^ إن شاء الله تكونوا بخير وعافية ..
    أهلا وسهلا بجميع أعضاء وزوار مكسات ..
    إذا كانت هذه أول مرة تقرأ فيها الرواية فأهلا وسهلا .. ولا تبخلوا علينا بطلتكم الحلوة ..
    وإذا قرأتوها قبل وحابين تعيدوا فحياكم الله .. رح يسعدني أشوف رأيكم حول كيف تطور اسلوبي embarrassed
    بإذن الله كل يوم رح ينزل كذا دفعة من البارتات :classic:
    دمتم في حفظ الرحمن ..

  8. #7


    ,



    ما شاء الله جهد كبير منك ، موفّقة شجون embarrassed

    : قطُوفُها دانِية *,
    ما هِي إلّا حروفٌ ضائعة تمّمتُها.

    Just SHOCK of everything
    - حين أتُوه.. فأنا هُنا.

  9. #8
    [CENTER]attachment
    **( 7 )**
    رفعت يدها مرة أخرى لتصفعني ثانيةً .. لكن يداً امتدت وأمسكت بها .. نظرت فإذا به ياماتو الذي قال بحزم : يكفي هذا ، توقفي عن ذلك ، ألم أخبركن سابقاً ألا شيء بيننا ؟؟
    صرخت الفتاة قائلة : كااذب ، لقد أعدت لك صندوق الغداء وهذا يعني أنك تواعدها ، كفاك كذبا ، لقد كنا نراقبك حتى نكتشف الحقيقة ، وها نحن قد كشفناه ..

    قلت لياماتو : دعها أرجوك ، فالتفعل ما تشاء بي ، أنا راضية ..
    ـ لا تكوني غبية سوف تتأذين ..
    ـ لا بأس أنا قوية ..

    تقدمن مجموعة أخرى من الفتيات وقلن : إذا كنت راضية فنحن أيضا نرغب في التنفيس عن غضبنا ..
    ـ لا بأس فالتفعلن ما تشأن ..
    ـ إذا فالتأتي معنا ..
    صرخ ياماتو : هل جننت ؟؟ لا تذهبي معهن ، وأنتن توقفن عن التصرف بهذا الشكل ..
    روز : إذا أردتن القتال فأنا مستعدة ..
    الفتيات : نحن لا نريدك نريد جوليا فقط ..
    صرخت روز : أنتن جبانات ، هل تخشين من قبضتي ؟؟

    قاطعتهن قائلة : يكفي هذا ، أنا سأذهب معهن لوحدنا ، وأنتما حاولا أن تتصالحا ..
    ياماتو : لكن ...
    قاطعته بإبتسامة : لا تقلق سوف أعود سالمة ، لن أموت ..
    ياماتو : بما أنك قلت ( لن أموت ) فأنا قلق الآن أكثر من قبل ..
    الفتاة بحدة : يكفي هذا ، فالتأتي ..

    خرجت معهن من الصف .. وقاموا بقيادتي إلى حديقة المدرسة .. وبشكل أدق في الحديقة الخلفية من المدرسة حيث لا يمكن للمعلمين رؤيتنا .. وهناك القليل من الطلبة المتواجدين هناك ..

    ***

    ~ ياماتو ~

    كنت قلقا عليها .. لكن تلك الحمقاء بدت واثقة جدا أنها ستكون بخير .. في الحقيقة أشعر أنها فتاة قوية وتستطيع تدبر امرها لوحدها .. وأنا بنفسي جربت قوتها .. لكن علي الآن إيقاف روز التي كانت مستعدة للذهاب معهن ..
    أمسكتها قائلا : روز من الأفضل ألا تذهبي ..
    دفعتني روز قائلة : وما شأنك ؟؟
    ـ إذا ما ذهبت أخشى أن الأمر سيتفاقم ، ثم أن جوليا قوية وتستطيع حماية نفسها ، وأنت ستكونين مجرد عبئ ثقيل عليها ..

    تغير وجهها بالكامل وقالت بصوت خافت : أعلم ، أعلم أنني ضعيفة ، وأعلم أنني على الرغم من كل ما أقوم به لا أزال أضعف من جوليا بكثير ، أدرك حق المعرفة أنني لا أساوي شيئا أمام قوتها ، صحيح أنا ضعيفة حقا ، لكني .. لكني..
    صمتت لبرهة لتعود لتقول بإنفعال : .. لا أريد أن أبقى هكذا..
    تفاجأت كثيرا .. لأول مرة تعترف بضعفها .. وتتخلى عن كبريائها .. أمسكت كتفها وقلت : روز أنا لا أفهم ما تقصدين ، لكنك تستطيعين التغيير لو أردت ..

    ابتسمت بألم وأكملت تقول بضعف لم أعهده في صوتها : لا جدوى ، حتى لو تغيرت فمن حولي لن يتغيروا ..
    ثم تغير وجهها الذي كان يكسوه الألم .. وتحول إلى وجه خائف .. وقالت بشراسة : إبتعد عني أيها الحقير ، جميعكم متشابهون ، أنا أكرهكم جميعا أيها الفتيان ، فكلكم كالحيوانات ، سحقا لكم أتمنى أن تموتوا جميعا ..
    كلمتها هذه جعلت الفتيان يستشيطون غضبا .. قال واحد من الفتيان وهو يتقدم نحوها غاضبا : أنت من تشبهين الحيوانات أيتها الشرسة ..
    وقال آخر : من تظنين نفسك يا روز حتى تقولي عنا هذا ؟؟
    قلت لهم : توقفوا يا فتيان ..
    ـ لا لن ندعها وشأنها ، سنريها كيف تكون الحيوانات ..

    وقفت أمامها وفردت بذراعي لأحميها قائلا : لن أسمح لكم بلمس شعرة من رأسها ..
    ـ لماذا تدافع عنها ؟؟ لا تنسى أنك من الفتيان ، وهي قامت بإهانة الفتيان جميعهم أي أنك من المهانين ..
    ـ لا يهمني ..

    ظهرت علامات الغضب والإنزعاج على وجوه الفتيان .. الجميع يعلمون أنني أشهر طالب في المدرسة بالإضافة إلى أنني أقواهم .. ثم أن والدي صاحب أشهر الشركات في العالم أي أن لدي مميزات أكثر من غيري هنا .. ولا أحد يستطيع أن يتغلب علي .. عادوا إلى أماكنهم لكنهم مازالوا يتمتمون بكلمات وشتائم غاضبة ..
    إلتفت إليها وقلت : إذا استمريت على هذا الحال سيكرهك الجميع ، وأنا لا أظن أنك ترغبين في أن تكوني مكروهه ..
    قالت بشراسة : فاليكرهونني ، أنا لا أريد محبتهم ولا صداقتهم ، أفضل الموت على أن يندمجوا معي ..
    يبدوا انها تريد أن تموت حقا .. الفتيان لن يتحملوا إهاناتها أكثر .. يجب أن آخذها بعيدا قبل أن يغضبوا من جديد وأفقد السيطرة على زمام الأمور ..
    أمسكت يدها وسحبتها خارجا .. صرخت قائلة وهي تحاول فك معصمها من يدي : دعني أيها الأحمق ، لا تلمسني أيها القذر ، إلى أين ستأخذني ..
    قلت لها : سنذهب لنرى ماحصل لجوليا ..
    عندما قلت لها هذا .. بدأت بالركض دون أن تقاومني عندها تركت يدها .. علمت أنهم سيكونون في الحديقة الخلفية منعا من أن يُفتضح أمرهم ..
    عندما وصلنا تفاجأت مما رأيت .. فقد كانت جوليا ملقاة على الأرض .. وإحدى الفتيات تدوس على يديها .. وجوليا في حالة يرثى لها .. قلن الفتيات لها شيئا لكني لم أسمعهم .. فلازلنا بعيدات عنهن .. عندما كدنا نقترب إنصرفن الفتيات .. ولم تبقى سوى جوليا التي جلست على الأرض وبدأت بفض الغبار عن ملابسها ..

    إقتربنا منها وقلت لها : لماذا لم تقاومي ؟؟ لقد تركتك تذهبين لوحدك ظنا من أنك ستلقيننهم درسا لن ينسوه في حياتهم ..
    إبتسمت جوليا وقالت : ولماذا تظن ذلك ؟؟ لو أنني قاومتهم كنت سأهزم لا محاله ..
    فتاة كاذبة .. هي قوية وتستطيع هزيمتهم جميعا .. لكنها تتظاهر بالضعف ليس إلا ..
    قالت روز وهي تهزها بعنف : لماذا أنت غبية ؟؟ لماذا سمحت لتلك الحمقاوات بضربك ؟؟
    وقفت جوليا قائلة : الموضوع قد أنتهى لاداعي لأن تعاتباني الآن ..
    نظرت إلى جوليا .. هي ذات شخصية غريبة جدا .. عجزت عن فهمها حقا ..

    جوليا : لنعد الآن للصف ، فالإستراحة على وشك الإنتهاء ونحن لم نتناول الغداء بعد ..
    قلت : أوه الغداء لقد نسيت أمره تماما ، أتمنى ألا يكون قد سكب أثناء شجارنا ..
    عدنا إلى الصف وحدث ماكنت آخشاه .. فقد سقطت علبة الغداء على الأرض .. وقد تم دهسها ..
    قلت بإحباط : يا إلهي إنها العلبة الأولى التي تعده جوليا لي ، لم أستطع أن أسعد به ..
    روز بشماتة : تستحق ذلك ، ثم أنها ستكون الأخيرة ..
    ـ لا شأن لك يا روز ، جوليا ستعد لي علبة غداء مرة أخرى أليس كذلك ؟؟
    جوليا : حسنا لكن لا تتشاجرا ..

    جلسنا في أماكننا .. وسوبارو الطالب الجديد كان يقرأ كتابا .. قلت لجوليا : جوليا أنا جائع ، أريد أن آكل شيئا ..
    إلتفتت جوليا إلى الخلف وقالت لي : إذا لتأخذ طعامي فأنا لا أشتهي تناوله ..
    أعطتني علبة غداءها .. وأنا سعدت كثيرا .. شكرتها وبدأت بالأكل .. شعرت أن أحدا يراقبني بحدة .. رفعت رأسي للأعلى لأرى روز ..
    قلت لها : ماذا تريدين ؟؟ دعيني آكل بسلام ..
    قالت بغضب : ألا تخجل من نفسك ؟؟ إنه طعام جوليا ..
    ـ لكنها هي من أعطتني إياه ، لا دخل لك أيتها السنفورة الغاضبة ..
    ـ سأقتلك يا ياماتو ، سأقتلك ..

    هززت أكتافي بلا مبالاة وقلت : لا تستطيعين ذلك ..
    تمتمت غاضبة : أنت شخص مغرور ..
    ـ وأنت مزعج ..
    ـ أنت أحمق ..
    ـ وأنت غبية ..
    ـ أنا أكرهك ..

    قلت بإبتسامة : وأنا أحبك ..
    صمتت روز عندما قلت لها ذلك وملامح وجهها قد تغير كليا .. كتمت الضحكة حتى أرى ماذا ستفعل .. لكنها إستدارت للأمام وقالت : فالتذهب إلى الجحيم ..
    إنفجرت ضاحكا .. لم أتوقع ردة الفعل هذه .. ظللت أضحك بصخب حتى أن الجميع كانوا ينظرون إلي بدهشة .. قلت بعد أن توقفت عن الضحك : أنا أمزح معك أيتها الغبية ، من المستحيل لي أن أحب فتاة غبية مثلك ، بالإضافة إلى أنني لا أحب العصبيات أبدا ، أحب الفتاة الهادئة المبتسمة على الدوام ..

    عادت روز تنتظر إلي بعينان غاضبا.. وفجأة قالت بإبتسامة : هذا جيد لأنني للتو فكرت في الإنتحار بعد إنتهاء الصف ..
    قلت متفاجئا : إنتحار !! هل جننت ..
    ـ نعم فكرت في أن أنتحر ، وذلك لأني أفضل الموت على أن تحبني ..
    قلت ساخرا : لا تقلقي ، لا يجب عليك التفكير في الإنتحار لأنني لن أحبك أبدا ..
    ـ هذا جيد إذا ..

    وهكذا إنتهى حوارنا .. وانتهى فترة الإستراحة معها .. وفي نهاية الدوام كنت أجمع أغراضي .. لأسمع جوليا تقول : سوبارو أرجوك تعال معي أريد أن أتحدث معك ..
    قال سوبارو بنبرة باردة : ليس هناك ما أتحدث به معك ..
    نظرت إلى جوليا التي يبدو على وجهها الضيق .. أظن أنها لا تزال تلوم نفسها على ماقالته عن سوبارو .. هي فتاة حساسة حقا .. على عكس روز التي لا تفكر بالإعتذار حتى .. شتان ما بين هاتين الصديقتين ..
    وقف سوبارو وغادر الصف متجاهلا نداء جوليا .. قلت لجوليا : جوليا لماذا أنت مصرة على التحدث معه ؟؟
    قالت جوليا بهدوء : أنا لا أستطيع أن أتجاهل شخص قد أسأت إليه ..
    ـ أنت إعتذرت وأقررت بخطأك إذا لاداعي لأن تعتذري أكثر ، ثم أنها مشكلته ، لأنه لم يقبل اعتذارك ..
    ـ أنا لا أستطيع أن أترك الأمر هكذا ، لا أستطيع أن أعيش حياتي وأنا أشعر أن أحد ما غير راضي عني ..
    قلت مبتسما : هذا صحيح ، حتى أنك عندما حاولتِ خنقي بسبب مزاحي الثقيل قمت بالإعتذار لي ، وعملت على خدمتي لتعويض ما فعلته ، أنت إنسانة غريبة حقا ..

    قاطعتنا روز قائلة بسخرية : يبدو أنك يا جوليا مستمتعة بالحديث مع هذا الوغد ، وقد نسيتني تماما ..
    إلتفتت جوليا نحوها وقالت بسرعة : لا لست كذلك ، أنت صديقتي كيف لي ان أنساك ..
    أمسكت روز حقيبتها وقالت : من الآن وصاعدا لاتتحدثي معي أبدا ، فأنا لم أعد أعرفك الآن ..
    ـ إنتظري لحظة أرجوك أنتظري ..

    لم تلتفت روز ناحيتها .. ويبدو أنها غاضبة فعلا من جوليا .. المسكينة أنا أشفق عليها .. إلتفتت جوليا نحوي وقالت : كل هذا بسببك ، منذ أن أتيت وانا دائما أتعرض للمشاكل ..
    قلت لها : ليست مشكلتي أنها فتاة عصبية وتغضب بسهولة ..
    صمتت جوليا لثواني وقالت : إسمعني من الآن وصاعدا لا تتحدث معي عندما تكون روز بالقرب مني هل فهمت ؟؟
    ـ وماذا إذا كنت أريد شيئا منك شيئاً ..
    ـ لا تتحدث معي ، تستطيع أن ترسل لي ما تريده على ورقة ، لاتنسى أنك تجلس بجانب المقعد الموجود خلفي ، سيكون هذا سهلا ..
    قلت مبتسما : انا لن أعدك ، لكنني سأحاول ..

    ***

    ~ جوليا ~

    إنه يغضبني حقا .. لكن لا يسعني قول شيء له .. بما أنني وعدته بأن أكون خادمته .. أمسكت حقيبتي وقلت : إلى اللقاء أنا ذاهبة إلى المنزل الآن ..
    خرجت من المدرسة وأنا أمشي بهدوء .. وجل تفكيري هو كيف لي أن أكفر عن ما فعلته لسوبارو وأجعله يسامحني .. وكيف أعتذر لروز العنيدة ..
    نظرت إلى السماء .. يعجبني منظره وقت الغروب .. إنه حقا ساحر .. توجهت نحو ضفة النهر لمراقبة الغروب .. بدأت برمي الحصى واحدة تلو الآخر ثم نظرت إلى الجهة اليسرى مني ووجدت شخص لم أتوقع مقابلته هنا أبدا ..
    كان سوبارو على بعد مسافة مني .. ويبدو أنه لم ينتبه لوجودي .. فقد كان جالسا قرب النهر وفي يده كتاب يقرؤها ..
    إنها الفرصة المثالية للتحدث معه .. ولن أضيع فرصة كهذه .. إقتربت بهدوء .. وما إن وقفت على مقربة منه حتى رفع رأسه للأعلى بعد أن أحس بي ..
    قلت له بإبتسامة متوترة : امم ماذا تفعل هنا ؟؟
    قال ببرود : ألا ترين بنفسك ؟؟
    ـ أقصد مانوع الكتاب الذي في يدك ؟؟
    ـ وما شأنك ؟؟

    تبا إذا ظل على هذا الحال فلن أستطيع أن أعتذر له .. قلت : سوبارو أنا آسفة حقا بشأن ما حصل اليوم ، أرجوك اعذرني ..
    ـ إلى متى ستظلين تعتذرين ؟؟
    قلت بسرعة : إلى أن تسامحني ..
    نظر إلي لثواني وبعدها قال : ولماذا أنت لحوحة هكذا ؟؟
    ـ لأنني أخطأت لذلك أعتذر ، ولن أدعك حتى تسامحني ..
    ـ وماذا إذا لم أسامحك ..
    قلت بإصرار : سأفعل أي شيء حتى تسامحني وهذا وعد ..
    قال بإبتسامة جانبية : أنت مثابرة حقا ، ولكن هل أنت على إستعداد لتحمل ما سأطلبه منك ..
    ـ نعم فالتطلب ما شئت .. المهم أن تسامحني ..
    قال بهدوء غريب : حسننا ، أنا لن أطلب الكثير ، كل ما أريده هو أن تكوني حبيبتي ..

    ^ـ^ نهاية الجزء ^ـ^
    اخر تعديل كان بواسطة » شجون الذكريات ~ في يوم » 08-03-2017 عند الساعة » 17:24

  10. #9
    [CENTER]attachment
    **( 8 )**
    جفلت في مكاني لثوان .. لم أستطع تصديق ما سمعته .. لدي مشكلة في سمعي ربما ..
    قلت بهدوء : ماذا طلبت ؟؟ لم أسمعك جيدا ..
    ـ قلت أنني أريدك أن تكوني حبيبتي ..
    ها هو ذا سمعي الغبي يسمع شيئا أخرق من جديد .. علي أن فحص حاسة السمع لدي .. أشعر أنني مصابة بحول سمعي ..
    قلت بإبتسامة : آسفة لكن هل لك أن تعيد ما قلته ..
    أقفل الكتاب الذي بين يديه بقوة وقال : لقد سمعته جيدا ، لكنك تحاولين إنكار ما سمعته ، وتظلين تحاولين إعادة السؤال حتى أغير طلبي ، ثم أنك لن توافقي على أن تكوني حبيبة مومياء ..

    قال كلمته الأخيرة بنبرة ساخرة .. وهو ينظر إلي بحدة .. سرت قشعريرة في جسدي بسبب نظرته الحادة .. تراجعت للوراء خطوتين .. وأنا أراه يقف وينفض الغبار عن ملابسه ..
    ثم عاد ليقول : في المرة القادمة لا تقطعي وعداً إذا لم تستطيعي الإيفاء به ..
    غادر مبتعدا وأنا لا أزال واقفة في مكاني .. ونظراتي تتبعه حتى إختفى عن ناظراي .. هذا جنون حقا .. لم أتوقع منه هذا الطلب ..
    لم أنتبه إلى الوقت إلا بعد أن حل الظلام .. يبدو أن طلبه أثر فيّ حقا .. أمسكت حقيبتي التي سقطت مني .. وبعدها توجهت إلى المنزل ..


    عندما وصلت نظرت إلى المنزل المقابل لمنزلي .. والذي هو منزل روز .. سأعتذر منها في الغد .. لن أدع صداقتنا تنتهي بسبب ياماتو .. يجب أن أتحدث معها ..
    دخلت المنزل .. وتوجهت مباشرة إلى غرفتي لتغيير ملابسي ..


    ***

    ~ روز ~
    إستيقظت من النوم على صوت المنبه .. إرتديت زيي المدرسي ونزلت إلى الأسف حيث أمي وأخي ـ الذي يصغرني بعامان ـ جلست معهما وبدأت بتناول الإفطار .. بعد أن انتهيت قالت لي والدتي : روز لاتنسي ما قلته لك ..
    صرخت غاضبة : لا أريد ، وأنا لن أسمح لك بذلك ..
    صرخ أخي قائلا : روز لا تقفي أمام مستقبل أمي ..
    وقفت غاضبة : قلتها سابقا وسأقولها من جديد ، لن أدعك تتزوجين مجددا ..
    ـ لا شأن لك في حياتي يا روز ، رأيك لا يهمني ..

    كلما فتحت موضوع زواجها أبدأ بالغضب .. سيرته يجلب الغضب .. لا أريد لأمي أن تتزوج شخصا آخر .. ألم تشبع بعد من الزواج ؟؟ ألا يكفي أنها تزوجت مرتان في حياتها ؟؟ هل ترغب في أن تتزوج للمرة الثالثة ؟؟
    الجدال هكذا لن يفيد .. يجب أن أذهب إلى ذلك الرجل وأتحدث إليه ..
    أمسكت حقيبتي وخرجت من المنزل .. في طريقي رأيت جوليا تمشي ويبدو عليها الشرود .. كنت سأناديها .. لكني تذكرت أننا متخاصمتين الآن ..

    تعمدت المشي بسرعة لأسبقها بخطوات حتى تراني .. وحين لمحتني أخذت تناديني .. لكني كنت أتجاهلها عن قصد .. هي تغضبني حقا كلما رأيتها تتحدث مع ذلك الغبي ياماتو .. وأشعر أنها قد إنجذبت إليه .. كيف لا وهو وسيم جدا .. وكل من يراه لابد من أن يعجب به ..

    شعرت بيد تمسك معصمي .. لقد عرفتها مباشرة دون أن ألتفت .. كيف لا وهي اليد التي كنت أمسك بها دائما في الماضي .. تلك اليد التي كانت تدافع عني منذ زمن ..
    نعم إنها يد جوليا ..

    سحبت يدي من بين كفيها بعنف .. وتابعت طريقي بخطوات سريعة .. لا أستطيع أن أتجاهل ما تفعله .. مجرد حديثها مع ياماتو يغضبني .. والتفكير في أنها معجبة به يغضبني أكثر فأكثر ..
    كنت أسمعها تناديني بنبرة متوسلة متجاهلة الأشخاص الذين ينظرون إلينا .. لكن هذا لن يثنيني عن قراري .. قلت أني لن أتحدث معها يعني لن أتحدث ..

    وصلت إلى بوابة المدرسة الرئيسية .. وجوليا لم تستلم بعد .. إنها عنيدة حقا .. كما كانت في السابق تماما ..
    عندما أحسست أنها لن تستسلم .. إلتفت إليها وقلت : جوليا أنت لن تغيري رأيي مهما حاولت ، إبتعدي عني وكفي عن إزعاجي ..
    بدأت جوليا بالإعتذار .. تبا إنها تغيظني حقا .. أكره رؤيتها هكذا ..
    صرخت قائلة : توقفي عن الإعتذار أيتها الحمقاء ، فالأسف لا يجدي نفعا ، ضعي هذا في حسبانك ..
    ـ ماعساي أن أفعل إذا ؟؟
    ـ إبتعدي عني فقط ..
    أدرت ظهري وأكملت طريقي إلى الصف .. نظرت إلى إحدى الطالبات الموجودات في الصف والتي تجلس في الأمام ..
    تقدمت ناحيتها وقلت : هي أنت فالنتبادل الأماكن ..
    نظرت إلي بإستنكار .. يبدو أن طلبي لم يعجبها .. لكني لن أعطيها فرصة لترفض ..
    ضربت الطاولة بقبضتي وقلت : هيا إبتعدي سأجلس هنا من الآن وصاعدا ..

    إبتعدت الفتاة من مكانها مرتعبة .. وجلست أنا في مكانها .. بينما قالت جوليا التي دخلت إلى الصف للتو : روز هل أنت جادة ؟؟ هل ستجلسين هنا حقا ..
    تجاهلتها كما لو أنها غير موجودة .. هي تستحق هذا وأكثر .. من قال لها أن تتحدث مع ذلك الغبي ياماتو وهي تعلم أنني أكرهه , ولا أطيق رؤيته إطلاقا ..

    لاحظت أن عينيها مثبتتان إلى الخلف .. تبا يبدو أنها تنظر لياماتو .. إلتفت لأرى ذلك الغبي .. لكني تفاجأت عندما وجدت مقعده خاليا .. وهو غير موجود في الخلف ..
    نظرت إلى جوليا من جديد .. إلى من تنظر يا ترى ؟؟
    أعدت النظر إلى الخلف .. لألاحظ أن المومياء ينظر إلى جوليا.. بدأت أنقل ببصري بينهما .. لماذا هذه النظرات ؟؟ هل حدث شيء ..

    إنتابني الفضول فجأة .. يجب أن أعرف مهما كلف الأمر .. وقفت من على الكرسي .. وتوجهت إلى مقعدي القديم الذي هو بجوار جوليا ..
    وقلت للفتاة بنبرة آمرة : فالتعودي إلى مكانك ..
    نظرت إلي بغضب .. ومن الواضح إنها تكتم غضبها .. فمعظم الفتيات هنا يخفن مني .. قامت الفتاة لأجلس أنا في مكاني .. ويبدو أن جوليا لازالت تنظر إلى المومياء ..
    إلتفت إلى الخلف وقلت له : هي أنت أيها المومياء ذكرني بإسمك مرة أخرى ..
    نقل ببصره نحوي .. لكنه لم يجب بكلمة واحدة ..
    قلت ساخرة : لا تقل لي أنك فوق تشوهك أبكم أيضا ..
    تغيرت نظراته الباردة إلى نظرات حادة .. جعلتني أقشعر منه ..
    حتى ياماتو لا يمتلك نظرات حادة كهذه .. عدت أنظر للأمام .. وجوليا عادت إلى مقعدها ..
    شعرت أنها اللحظة المناسبة لتروي لي سبب هذه النظرات ..
    إلتفت إليها وقلت : جوليا هل حصل بينكما شيء ؟؟
    نظرت إلي بدهشة .. قبل ثواني كنت غاضبة منها .. ولم أعرها إهتماما .. لكن الآن بدأت بالتحدث معها ..
    لكن السبب الحقيقي هو ليس لأنني قد سامحتها .. لا كل مافي الأمر أنني أريد أن أشبع فضولي ..
    قلت لها : هل ستتحدثين او لأ ؟؟
    ـ ماذا تقصدين بسؤالك ؟؟
    قلت بصوت خافت حتى لا يسمعنا سوبارو الموجود في الخلف : أقصد ماسر تلك النظرات التي بينك أنت والمومياء ..
    إبتعدت عني متفاجئة وهي تقول : وما أدراك أن هناك شيئا حصل بيننا ؟؟
    إبتسمت بخبث وقلت بذات الصوت الخافت : من نظراتكم لبعض قبل دقائق ..

    بدا علامات التوتر على جوليا .. وأنا ازددت شوقا لمعرفة مايحدث ..
    قالت بعد صمت دام لثواني : سأخبرك إذا أخبرتني عن سر كرهك للفتيان ..
    تبا إنها ماهرة في قلب الطاولة لمصلحتها .. عدت أنظر للأمام وأنا غاضبة منها ..
    قلت غاضبة : ليس من شأنك سؤالي عن الماضي ، ثم أنك أنت أيضا تخفين شيئا ، لاتنكري ذلك ..
    ـ لن أنكر ذلك ، لذلك لست مجبرة على الإجابة على سؤالي ، لأنني سأكون مضطرة لأروي لك ماحدث إذا ماأخبرتني ..

    هذا الحوار شبيه بالحوار الذي دار بيننا في أول لقاء لنا بعد إنفصالنا عن بعضنا البعض لسنتين .. إنه تماما كما اتفقنا في الماضي ..
    إذا أخبرتها عن ماحصل لي هي ستخبرني بما حصل معها .. لكن كلتانا تأبى البوح بما حصل معها .. لذلك فضلنا الصمت ..
    دخل ياماتو للصف .. نظرت إليه بطرف عيني .. كالعادة إنه محاط بالفتيات .. إنه يغضبني حقا .. وما يغضبني أكثر هو أنني أقريت أمامه بضعفي .. سحقا لقد كانت لحظة ضعف مني ..

    ***

    ~ ياماتو~
    طوال الحصص السابقة كنت أحاول التفكير في طريقة أحصل فيها على علبة غدائي دون أن ترانا روز وتغضب من جوليا .. مما يؤدي إلى غضب جوليا علي ..
    عندما حان موعد إستراحة الغداء .. كنت لم أتوصل بعد إلى حل مناسب ..
    نظرت إلى باب الصف لأجد مجموعة الفتيات متكدسات هناك .. استغربت كثيرا .. لماذا لم يتحلقن حولي كالعادة ؟؟؟
    أشارت إحداهن بإصبعها بأن آتي إليها .. إنهن غريبات اليوم .. مالسبب في هذا ؟؟
    توجهت نحوهن قائلا : ماذا هناك ؟؟
    ـ ياماتو أرجوك غير مقعدك ، لن نستطيع الإقتراب منك إذا ما كنت بجوار ذلك المضمد ..
    إلتفت إلى الوراء .. لأرى أن مايقصدنه بالمضمد هو سوبارو .. هكذا إذا .. هن يخشين من سوبارو .. هذا جيد ..
    إبتسمت إليهن وعدت إلى مكاني متجاهلا ندائهن .. يبدو أن وجود سوبارو مفيد لي .. نظرت إلى سوبارو وقلت مبتسما : شكرا لأنك بجانبي ..
    نظر إلي بعينيه الحادتين .. وعلى رأسه علامة إستفهام كبيرة .. يبدو أنه لم يفهم ماأقصده ..
    قلت بذات الإبتسامة : ليس من المهم أن تفهم ..

    أعاد ناظريه إلى الكتاب الذي في حوزته .. لقد لاحظت أنه محب للقراءة كثيرا .. فهو في أوقات الفراغ دائما مايمسك كتابا ويقرأه .. أما أنا فلا أتحمل رؤية الكتب ..
    قلت بملل : بماذا تشعر وأنت تقرأ الكتب ؟؟
    سوبارو : أشعر بالمتعة ..
    ـ أي متعة تقصد ؟؟ إن الكتب مملة حقا ..
    قال وهو ينظر إلي : إسمعني الكتب ليست مملة ، وهي كنز لن يحصل عليه الحمقى من أمثالك ..
    غضبت من وصفه لي بالأحمق ..
    قلت بحدة : عدم محبتي للكتب لا يعني أنني أحمق ..
    تجاهلني وعاد إلى كتابه .. زفرت بيأس .. لاوقت لدي لأتجادل مع هذا الغبي .. سأفكر الآن في طريقة لأحصل على علبة غدائي ..
    لا أريد أن تغضب مني جوليا كما حدث في تلك المرة .. عندما أرادت خنقي حتى الموت .. لازلت أتذكر تلك اللحظة المرعبة..

    فجأة خطرت في بالي فكرة .. قلت لسوبارو بهمس : سوبارو أحتاج مساعدتك ..
    نظر إلي بطرف عينه .. قلت له بذات النبرة : أرجوك ساعدني ، أعدك أني سأحل لك واجب الرياضيات ..
    قال ببرود : لا أريد ..
    ـ أرجوك يا سوبارو ، حسنا لو ساعدتني سأدعك تتناول معي علبة الغداء التي أعدتها جوليا ..
    إلتفت إلي وقال : هل أنت جاد ؟؟
    إبتسمت قائلا : نعم أنا جاد ..
    ـ ماذا تريد مني أن أفعل ؟؟
    ـ أريدك أن تأخذ روز بعيدا عن جوليا حتى أستطيع أن آخذ علبة الغداء منها ..
    قال بإستغراب : ولماذا لا تطلب منها ذلك ببساطة ؟؟
    ـ لأن روز ستغضب ، لذلك لا أريدها أن تراني عندما آخذ من جوليا الغداء ..
    ـ حسنا سأساعدك ، لكن في المقابل لا أريد منك أن تقاسمني علبة الغداء ، لدي شيء آخر أريده منك ..
    ـ وما هو ؟؟
    ـ سأخبرك به لاحقا ، سأقوم بالمهمة الآن ..

    وقف سوبارو من مكانه .. وتوجه حيث روز جالسة على مقعدها ..
    قال سوبارو مخاطبا روز : تعالي معي قليلا ، أريد أن أتحدث معك قليلا ..
    لم أستطع أن أرى ملامح روز .. لأنها كانت تجلس أمامي وهي تعطيني ظهرها .. لكني أشعر أنها مندهشة ..
    بعد عدة حوارات دار بينهما استطاع سوبارو أن يأخذ روز بعيدا عن جوليا وخرجا من الصف ..

    لكن المشكلة أنه عندما خرج سوبارو هجمن الفتيات علي .. وتحلقن حولي .. ها هو ذا العقبة الثانية ..
    قلت لهن : يا فتيات إبتعدن عني قليلا ..
    قالت إحداهن : تبا لك يا ياماتو لماذا تجاهلتنا عندما قمنا بندائك ؟؟
    قلت بضيق : وما شأنك ؟؟ هيا إبتعدن عني ..
    قالت أخرى : لماذا تغيرت كثيرا يا ياماتو ؟؟ هل هذا بسبب بعض الجرذان التي تحوم حولك ؟؟

    كنت أعلم أنهن يقصدن بذلك جوليا وروز .. قلت غاضبا : كفوا عن النظر إلى صديقتاي بإستصغار ..
    صرخت واحدة منهن بغضب : يبدو أن هذه القذرة قد لعبت بعقلك ، لن نسامحها على هذا ..
    إلتفت الفتيات نحو جوليا .. والشرر يتطاير من أعينهن .. ما إن رأت جوليا نظراتهن حتى بدأت بالإعتذار كالعادة ..
    ضربت الطاولة بقبضتي وقلت : هذا يكفي غادروا الصف بسرعة ..
    إرتعبن الفتيات من نبرتي العالية .. وبعدها خرجن مسرعات .. وأنا أسمعهن يتمتمن بالكلمات الغاضبة على جوليا .. ما إن خرجن حتى قلت لجوليا : أنا آسفة فكل مايحصل بسببي ..
    قالت جوليا مبتسمة : لا بأس ..
    ـ أمم أين علبة غدائي ؟؟ هل أعددتها ؟؟
    أخرجت جوليا علبة الغداء وقالت : خذ ، لكن لاتنسى ما اتفقنا عليه ، لاتتحدث معي عند وجود روز ..
    ـ حسنا ..
    أخذت علبة الغداء .. وما هي إلا دقائق حتى عادت روز وسوبارو .. نظرت إلي روز بحدة عندما لاحظت علبة الغداء وقالت بعصبية : من أين لك هذا ؟؟ لا تقل لي أن جوليا من أعدته لك ..
    قلت بكذب : لا ليست جوليا ، إنها من إحدى الفتيات ..
    أرمقتني بنظرة حادة ثم عادت إلى مقعدها .. وعادت تتحدث مع جوليا ..

    نظرت إلى سوبارو مبتسما وقلت : شكرا لك ، لكن ماذا قلت لها ؟؟
    ـ عندما خرجنا من الصف ، سألتها أين يقع غرفة المعلمين ، غضبت كثيرا عندما سألتها ذلك ، وظلت تصرخ في وجهي وتناديني بالمومياء ، يالها من فظة ..
    أخفيت ابتسامتي حتى لا يغضب سوبارو .. روز فظة مع الجميع دائما .. وهذا ليس غريبا ..

    قلت بعد صمت دام لثواني : صحيح ماذا كنت تريد مقابل الخدمة التي أسديتها إلي ؟؟
    قال بهدوء : أريد أن نكون أصدقاء ..
    تفاجأت قليلا من طلبه .. بعدها إنفجرت ضاحكا .. لم أستطع كبت ضحكي .. إنه شخص مضحك حقا ..
    سمعت روز تقول ساخرة : شخص مجنون ..
    قلت بعد أن هدأت وأنا أنظر لسوبارو : نحن أصدقاء أيها الأحمق ، حتى لو لم تطلب مني ذلك ..
    إبتسم لي قائلا : ظننت أنك سترفض مصادقتي ..
    لأول مرة أراه يبتسم .. يبدو أنه سعيد حقا بمصادقتي ..
    قلت له : ولماذا كنت تظن أنني سأرفض ؟؟
    قال بتردد : أمم كما ترى فالكل يخشاني لأني وكما تقول روز كالمومياء ..

    تدخلت روز في حوارنا وقالت : إذا كنت تعترف أنك كالمومياء لماذا لاتنزع هذه الضمادات التي على وجهك ؟؟
    نظرت إليها وقلت : هي أنت لاتتدخلي بيننا أيتها المتطفلة ..
    قالت جوليا لروز : روز لايجب أن تكوني فظة هكذا ..
    قال سوبارو ساخرا : أنت لست بأفضل منها يا جوليا ..
    طأطأت جوليا رأسها وهمست معتذرة .. بعدها عادت تنظر للأمام .. وهي تعطينا ظهرها ..
    أما روز فلا زالت ملتفة نحونا وقالت : هي أيها المومياء عندي سؤال ..
    ـ إسئلي ماشئت لكن إذا سألتني عني سر الضمادات فأنا لن أخبرك ..
    روز : لاتقلق لايهمني أمر الضمادات ، فأنا أعلم أن خلفها وجه مشوه بسبب حريق أو ماشابه ، سؤالي هو لماذا كنت أنت وجوليا تتبادلان النظرات الغريبة في صباح هذا اليوم ؟؟
    إتسعت عينا سوبارو وقال : متى حصل ذلك ؟؟ لاتكذبي ..
    ـ أنا من يجب أن يقول ذلك ، لقد رأيتكما تتبادلان النظرات بأم عيناي ، لاتحاول الإنكار ، إعترف مالذي حصل ؟؟

    أمسك سوبارو الكتاب وقال : لاشيء حصل بيننا ..
    عاد يقرأ كتابه .. وأنا أشتعل فضولا .. قلت لروز : هل حصل ذلك بينهما حقا ؟؟
    قالت روز : نعم ، وهل تظنني كاذبة ؟؟
    ـ مالسبب ياترى ؟؟
    ـ وما أدراني أنا ، لقد سألته لأنني لا أعرف الجواب ايها الغبي ..
    قلت متسائلا : ولماذا لاتسالين جوليا ؟؟ فهي صديقتك ولا أظن أنها ستخفي شيئا ..
    إبتسمت عندها روز إبتسامة سااخرة .. لم أفهم ماتعني من تلك الإبتسامة ..
    قالت بهدوء : وهل على الأصدقاء البوح بجميع أسرارهم ؟؟

    تفاجأت من سؤالها .. ماذا تقصد بذلك ؟؟ قلت بغباء : أليس الأصدقاء يقومون بذلك ؟؟
    ضحكت روز ضحكة خافتة .. بعدها اعتدلت في جلوسها ..
    كنت أرمش مستغربا .. مالذي كانت تقصده من كل ماقالته ؟؟

    ***




    اخر تعديل كان بواسطة » شجون الذكريات ~ في يوم » 08-03-2017 عند الساعة » 17:51

  11. #10
    [CENTER]


    ~ سوبارو ~
    بعد إنتهاء الدوام .. قمت بجمع أغراضي .. ما إن انتهيت حتى قال ياماتو لي : سوبارو هل أنت متفرغ هذا اليوم ؟؟
    تفاجأت من سؤاله .. لكني قلت : نعم لماذا ؟؟
    قال مبتسما : مارأيك أن تأتي معي اليوم ..
    قلت متسائلا : إلى أين ؟؟
    ـ لاتكثر السؤال تعال معي فقط ..
    أمسك ياماتو بيدي وبدأ بجري .. كانت هناك مجموعة من الفتيات في الخارج ما إن رأوني حتى إبتعدوا بسرعة عن الطريق .. إنه شيء طبيعي بالنسبة لي .. فالجميع يخافني .. الفتيات والصغار .. والرجال يخشون من الحديث معي ..
    لقد اعتدت الأمر تماما .. لذا فهذا لا يؤثر فيني إطلاقا ..

    وقفنا أمام سيارة سوداء فخمة .. وقف رجل أمام الباب وهو يرتدي زيا رسميا وفتح الباب .. دخل ياماتو ودخلت ورائه .. بعدها أقفل الرجل الباب وعاد إلى مقعد السائق وبدأ بتحريك السيارة..
    نظرت إلى ياماتو .. إنه من عائلة غنية حقا .. وهذا واضح جدا من نوع السيارة ..
    قلت بفضول : ياماتو لدي سؤال ، لماذا شخص مثلك يدرس في مدرسة عادية مثل مدرستنا ؟؟ أنا أشعر أنك شخص ثري ، لماذا لاتدرس في مدرسة مرموقة أكثر ؟؟
    إلتفت إلي ياماتو ثم إبتسم وقال : أمم لأسباب خاصة ، لا أستطيع البوح به ..
    قلت له: حسنا لن أجبرك ..
    بقينا صامتين طوال الطريق ..وعندما توقفت السيارة ..
    قال ياماتو مبتسما : هيا ننزل ..
    ترجلنا وإذا بي أتفاجئ من المكان الذي أنا فيه .. لقد كنا في حي متواضع .. عكس ماكنت أتوقعه ..
    قلت متفاجئا : هل تسكن هنا ؟؟
    قال ضاحكا : لا لا ليس كذلك ، أنا هنا لزيارة مكان ما ..
    ـ وما هو ؟؟
    ـ اتبعني ..
    بدأنا نمشي بين البيوت المتواضعة .. والمحلات البسيطة .. حتى توقفنا أمام مطعم صغير ومتواضع ..
    قال ياماتو مبتسما : هيا فالندخل ..
    تفاجأت منه .. لماذا شخص بمثل ثراءه يدخل إلى محل متواضع كهذا ..
    دخلت خلفه لأرى أن المكان ليست بتلك الفخامة ..
    جلسنا على أحد الطاولات وطلبنا طبق رامن ..
    قال ياماتو : هذا أفضل مكان يبيع فيه الرامن ، وطعمه ليس له مثيل إطلاقا ..
    قلت متفاجأ : ولماذا أحضرتني إلى هنا ؟؟
    قال بإبتسامة : حتى نتناولها معا ، إعتبرها عربونا لصداقتنا ..
    إبتسمت على حديثه .. يبدو أنه ليس كما توقعت .. لقد ظننت أنه إنسان مغرور ومتكبر .. لكن يبدو أنه عكس ذلك تماما ..
    ماهي إلا دقائق حتى قُدمت إلينا طبق الرامن .. بدأنا بالشروع بتناوله .. ولأكون صادقا لقد كان لذيذا حقا كما قال ياماتو ..

    بعد أن إنتهينا من تناولها .. دفع ياماتو ثمنها عوضا عني .. وكما قال إنها هدية بمناسبة صداقتنا ..
    عندما خرجنا قال ياماتو : ها مارأيك ؟؟ أليست لذيذة ؟؟
    قلت بإبتسامة : بلى هي كذالك ..
    ـ توقعت أنك ستحبها ، على الرغم من أن المكان متواضع ، إلا أنها أفضل من المحلات الكبيرة ..
    مشينا إلى حيث السيارة .. ما إن إقتربنا حتى رأيت رجلا يمشي بالقرب منا .. أحسست بالإرتباك .. وبسرعة أخذت أسحب ياماتو وتوجهنا إلى إحدى الزقاقات الضيقة .. إختلست النظر حتى أراقب وجهته .. وماهي إلا دقائق حتى ابتعد عن المكان ...
    تنهدت براحة عندما غادر .. بينما قال ياماتو بإستغراب : ماذا هناك ؟؟ لماذا اختبئنا ؟؟
    قلت بإبتسامة : لا شيء ، لاتشغل بالك ..
    نظر إلي ياماتو نظرة مريبة .. تظاهرت بالغباء وقمت بسحب ياماتو حيث السيارة ..
    صعدنا معا .. بعد صمت دام ثواني قال ياماتو : سوبارو هل كان لك أصدقاء في الماضي ؟؟
    ـ لا لم يكن لدي أصدقاء ، لقد كان الجميع يتجاهلونني ..
    ـ إذا إسمعني هناك قاعدة مهمة في الصداقة ..
    ـ قاعدة مهمة ؟؟
    ـ نعم ، بين الأصدقاء يجب ألا توجد الأسرار ..
    فهمت مايقصده .. يريد مني أن أفسر له ماحدث للتو ..
    لكني قلت متغابيا : أوه حقǿ؟ لم أسمع بهذا القانون من قبل ..
    ـ لأنك لم تكون صداقات من قبل ، لكن بما أنك صديقي الآن يجب ألا تخفي شيئا عني ..
    ـ وهل هناك قوانين وقواعد أخرى ؟؟
    ـ عندما يحين الوقت سأخبرك ، لكن الآن أريد تفسيرا لما حصل ..
    أسندت بجسدي إلى الخلف وقلت بهدوء : عندما يحين الوقت سأخبرك ..

    بعد أن قلت هذا بدا علامات عدم الرضى على وجه ياماتو .. لكن هذا لن يضعفني .. فعدم معرفته سيكون أفضل له ولي ..
    ظل الصمت سيد المكان لدقائق .. حتى قطعه ياماتو بسؤال : أين يقع منزلك ؟؟ أخبرني حتى أستطيع أن أوصلك ..
    ـ لا بأس أوصلني إلى المدرسة وأنا سأكمل باقي الطريق مشيا فهو ليس بعيدا عن المدرسة ..
    ـ لاتكن أحمقا ، بما أنك في السيارة فسأوصلك إلى منزلك مباشرة لاداعي بأن تتعب نفسك ..
    ـ أحب ممارسة الرياضة ، لذلك لابأس ..
    ـ تبا يالك من عنيد ..

    ***

    ~ روز ~
    على مائدة العشاء .. كان الصمت يسود المكان .. بسبب التوتر الذي حصل في صباح هذا اليوم .. بعد أن انتهيت وقفت قائلة : سأصعد إلى غرفتي ، لاتزعجوني ..
    سمعت أخي يقول : فتاة أنانية ..
    تجاهلت ما قاله .. لن أدعه ينجح في إغضابي .. صعدت إلى غرفتي .. وأقفلتها بإحكام .. سأبدأ الآن بما خططت له ..
    إرتديت ملابس مريحة .. أنرخيت جسدي إلى مستوى الأرض .. وأدخلت يدي تحت سريري باحثة عن شيء ما .. شيء احتفظت به منذ سنتين .. ولم أخبر أحد عنه ..
    ما إن وضعت يدي عليه حتى أخرجته وعلى شفتاي إبتسامة ماكرة .. وضعت هذا الشيء في حقيبتي السوداء .. وبعدها فتحت نافذة غرفتي ..
    كانت هناك شجرة كبيرة قريبة من الشرفة .. ومن السهل جدا القفز نحوه .. أخرجت جسدي قليلا .. وقفزت نحو الغصن .. وبدأت بالنزول من على الشجرة .. أصبحت الآن خارج المنزل .. وأمي لن تكتشف غيابي .. فأنا عندما أطلب منهم عدم إزعاجي فهم لن يفعلوا ذلك أو بمعنى آخر هي لن تفكر مطلقاً في الإطمئنان علي ..

    بدأت أمشي في الظلمة.. فالوقت قد تأخر الآن .. إنها الساعة الثامنة ليلا .. ووجهتي ليست بعيدة جدا .. إنها تستغرق ربع ساعة مشيا على الأقدام .. لذلك لن أتأخر ..
    سرت بهدوء نحو هدفي .. كل ما أريده الآن هو منع زواج أمي .. لن أسمح لها بأن تتزوج رجلا آخرا ..

    تجاوزتني سيارة حمراء وبعدها توقفت على بعد مسافة بسيطة مني ..
    لم أهتم كثيرا .. لكني تفاجأت عندما خرج منها .........


    *_* نهاية الجزء *_*



  12. #11
    [CENTER]
    attachment
    ( 9 )

    شهقت فزعة حين رأيت أمي وأخي يخرجان من سيارة الإجرة.. كيف علما أنني تسللت من المنزل ؟؟
    توجهت أمي نحوي راكضة .. ويبدو على ملامحها الغضب ..
    إقتربت مني وأمسكتني من كتفاي وهي تصرخ : هل أنت مجنونة ؟؟ لماذا خرجت من المنزل دون إخباري ؟؟ سيكون عقابك عسيرا جدا في المنزل ..
    سحبتني من يدي إلى السيارة.. وعندما مررت بجانب أخي كان ينظر إلي بإنتصار .. وعلى شفتيه إبتسامة مغرورة .. هو من وشى بي إذاً ..
    ركبنا السيارة التي أتت بها أمي إلى هنا .. وعدنا أدراجنا إلى المنزل وأنا أشعر بالدم يتجمد في عروقي ..
    نظرت إلى أخي وأنا أهمس بحنق : كيف علمت بمغادرتي ؟؟
    رمقني باستحقار : أصمتي أيتها اللعينة و أعدي نفسك فقط للعقاب ..
    ..
    بلعت ريقي بصعوبة وقد تجمدت أطرافي من شدة الخوف .. وكم أتمنى أن يطول الطريق لكن للأسف ما هي إلا دقائق حتى وصلنا إلى البيت ..
    بمجرد أن دخلنا المنزل وأغلقنا الباب خلفنا حتى أتاني صوت أمي الغاضب : في ماذا كنت تفكرين أيتها المجنونة ؟؟
    قلت محاولة التبرير : أنا لم أحاول التسلل يا أمي صدقيني ..
    ردت أمي بغضب : لو لم ينظر أخاك إلى النافذة المطلة إلى الشارع لما رآك ولما علمنا عن خروجك من المنزل في هذا الوقت ..
    تقدم ماركو ناحية أمي وقال : أمي يجب أن تعاقبيها وإلا كررت فعلتها ثانية ..
    صرخت عليه : لاتتدخل أيها المتطفل ..
    قالت أمي وهي ترمقني بكراهية : لا تخاطبي إبني بهذه النبرة أيتها الوقحة ..
    قال ماركو بخبث وهو يناول أمي سلك الكهرباء : خذي هذا يا أمي ، إنه مناسب لمعاقبة روز العنيدة ..
    عندما رأيت سلك الكهرباء في متناول يد أمي .. بدأت أرتعش من الخوف .. وحقدي قد ازداد على ماركو ..
    إقتربت أمي مني وأنا أشعر بالدماء تتجمد في عروقي ، وما هي إلا لحظات حتى أطلقت صرخة عالية هزت أركان المنزل .. لكن الأمر لم يقف على هذا الحد .. فيما أكملت أمي ضربي متجاهلة صرخاتي وبكائي وتوسلاتي .. وماركو من خلفها يشجعها على ضربي أكثر وأكثر ..

    كنت أشعر بالألم في أرجاء جسدي .. وكلما وقع السلك على جسدي كنت أصرخ بأقوى مالدي .. دموعي لم تتوقف عن الأنهمار .. وماهي إلا لحظات حتى شعرت أن جسدي قد تخدر .. ولم أعد أقوى على الصراخ أكثر .. وبعدها غرقت في الظلام ..

    ***

    ~ جوليا ~
    في صباح اليوم التالي .. كنت قد وصلت إلى المدرسة مبكراً فلا روز كانت حاضرة ولا حتى ياماتو ، وقررت حينها أن أشغل نفسي بقراءة إحدى الكتب التي بحوزتي ..
    في الواقع أنا مهووسي الكتب.. لكني للأسف أمتلك صديقة تنفر من الكتب وتبغض القراءة بشكل كبير ، لذا وحفاظاً على رابطة الصداقة التي بيننا أنا لا أمارس هوايتي أمامها البتة ..

    بينما كنت منغمسة بالقراءة قاطعني صوت مألوف : من الغريب جداً رؤيتك تقرأين شيئاً ..
    رفعت رأسي للأعلى حيث يقف ياماتو ، وقلت مبتسمة : لا أرى في الأمر غرابة إطلاقاً ، هل من الخطأ أن تثقف نفسك ..
    قال ياماتو : لا أبداً لكن الأمر يزعجني قليلاً ..
    أطلقت ضحكة قصيرة : إذاً أنت الآخر لا تحب القراءة ، المهم لا تزعجني قد تأتي روز في أي لحظة ولا أريدها أن تراني أتحدث معك ..


    في هذه اللحظة لمحت سوبارو يدخل إلى الصف .. وجلس في مكانه مباشرة دون أن يرمقني بنظرة ..
    بعدت أشغل نفسي بالقراءة من جديد .. ووجود سوبارو خلفي يوترني كثيراً وأنا أحاول جاهدة إخفاء هذا ..
    عاد ياماتو إلى مقعده وأخذ الشابان يتجاذبان أطراف الحديث بشكل بسيط ، أظن أنهما أصبحا أقرب قليلاً لبعضهما ..

    فجأة بدأ ياماتو بمناداتي .. في البداية كنت أحاول تجاهله لكنه كان لحوحاً بشكل مزعج مما اضطرني إلى الإلتفات إليه قليلاً ..
    - ماذا تريد ؟؟
    قلتها وأنا أحاول ألا يقع بصري على الشخص المجاور له ..
    قال ياماتو : سوبارو يحب قراءة الكتب العلمية ، وأنت أي نوع تفضلين ؟؟
    - لا بأس بجميع الكتب معي ..
    لاحظ ياماتو ارتباكي فقال متعجباً : ماذا بك يا جوليا ؟؟ تبدين غريبة ، ماذا حصل معك فجأة ..
    لم أستطع أن أجيب عليه .. ماذا أقول له يا ترى ؟؟ لم أجد جواباً لسؤاله لذا قررت التهرب منه فوقفت قائلة : أعذرني أرغب في الذهاب إلى دورة المياه قليلاً ..
    قال ياماتو : إذاً أسرعي فالحصة الأولى ستبدأ قريبا ..


    ***

    ~ ياماتو ~
    بعد مغادرة جوليا الصف .. إلتفت إلى سوبارو وقلت ضاحكا : ماكان يجب أن أسئلها عن سبب تغيرها ، يبدو أن لديها مشكلة مع معدتها ..
    قال سوبارو : هل جوليا دائما ما تقرأ الكتب ؟؟
    أجبت بلا مبالاة : لا أعلم ، لم أرها تقرأ كتابا قط ، إلا هذه المرة ..
    بعد قليل رن جرس المدرسة معلنا عن بدء الحصة الأولى .. وجوليا لم تعد بعد .. ماهي إلا دقائق حتى دخلت جوليا قبل معلم الكيمياء ..
    قلت لها : لقد تأخرت ..
    إبتسمت وقالت : المعذرة ..
    جلست في مكانها .. ولازال مقعد روز خاليا .. لماذا لم تأت بعد ؟؟ هل ستتأخر كما حدث سابقا أم أنها ستغيب ؟؟
    في هذه اللحظة أقبلت علينا معلمة لم أرها قبلاً عوضاً عن معلم الكيمياء ..
    كانت فاتنة بكل ماتعنيه الكلمة من معنى .. ترتدي تنورة قصيرة باللون الأسود .. وقميص فاضحة باللون الأزرق البحري .. ملابسها أبعد ما يكون عن معلم محترم ..
    وقفت أمام السبورة وقالت : دعوني أعرفكم بنفسي ، أنا المعلمة راي ، وسأبدأ بتدريسكم الكيمياء عوضا عن معلمكم القديم ، لأنه أصيب بحادث وأنا هنا كبديلة له حتى شفائه..
    قالت رئيسة صفنا : لكن يا آنسة راي كيف حال المعلم الآن ؟؟
    - لا تقلقوا حالته ليست بتلك الخطورة ، المهم الآن أرجو أن تكونوا تلامذة مهذبين ، وتتركوا بصمة حسنة في ذاكرتي ..

    بهيئتها هذه استطاعت إسحار التلامذة الذكور .. شعرها أشقر محمر طويل يصل حتى فخذها .. ووجهها مليء بمساحيق التجميل الذي زاد جمالها إضعافاً مضاعفة .. أما عيناها فقصة آخرى من يحدث فيها لن يستطيع إبعاد ناظريه عنها ..
    أرحت خدي على كفي وقلت لسوبارو بهمس : ما رأيك بهذا النوع من النساء ؟؟ ألا تجلب الإشمئزاز ؟؟ لا أعلم لم جميع الشبان ينظرون إليها بإعجاب ..
    قال سوبارو : ألا تراها جميلة ؟؟
    قلت له : لا أنكر أنها جميلة ، لكنني أكره النساء اللوات ، أشعر أن هذا النوع من النساء ذوات جمال زائف ، أفضل الفتاة البسيطة والعفوية أكثر ..
    ـ هكذا إذا ..
    ـ وأنت هل تعجبك هذه المعلمة ؟؟
    قال بإبتسامة ساخرة : مهما تزينت من الخارج لا تزال بشعة من الداخل ..
    قلت بإستغراب : لماذا تتحدث وكأنك تعرفها ؟؟ هل هي قريبة لك ؟؟
    - كنت لأقتل نفسي لو كانت قريبتي ، أنا لا أعرفها ولا أرغب في معرفتها حتى لكن تستطيع أن تدرك مدى قذارتها من النظرة الأولى ..
    عدت أنظر إلى المعلمة راي .. صحيح أنني لم أستسغها بسبب مظهرها لكن لم يخطر في ذهني أنها سيئة من الداخل ..


    فرغنا من ثلاث حصص لم تأت روز بعد .. قلت لجوليا : جوليا أعتقد أن روز لن تحضر اليوم..
    فأجابتني دون أن تلتفي نحوي : ربما لا أعلم ..
    إلتزمت الصمت وأنا أشعر وكأن لا رغبة لها في الحديث كعي ، ولكني لا أعلم لما ..
    ***

    ~ سوبارو ~

    عندما رن الجرس معلنا عن موعد إستراحة الغداء .. أخرجت الكتاب الذي مازلت لم أكمله .. وشرعت في قراءته ..
    وأخذت أذني تلتقط الحوار الذي يدور بين ياماتو وجوليا : أتعلمين يا جوليا لقد أدمنت طعامك ..
    - يسعدني أن طهيي المتواضع قد أرضى ذوقك ..
    - بالمناسبة لازال بحوزتك علبة غداء إضافي صحيح ؟؟
    - نعم ، لكن لم السؤال ؟؟
    - أظن أنه من الإهدار رميه لذا أعطني إياه وأنا سأتصرف به ..
    - هل ستتناول كلاهماا !!

    ضحك بخفة : وهل تظنينني سميناً ؟؟ سأعطي سوبارو واحدة ..
    اعترتني رغبة ملحة لرؤية ملامحها ، فلم أستطع منع عيني من النظر إلى وجهها فإذا بها تحدق بياماتو متفاجئة ..
    أشحت ببصري نحو ياماتو وقلت : لست بحاجة إلى شفقتكم ، لست بجائعاً لذا لا داعي لإعطائي شيئاً ..
    ياماتو : لكنها علبة غداء إضافية ، لا يجب أن نقوم برميها ، كلها أرجوك ..
    قلت بإبتسامة ساخرة وأنا أحدق بجوليا التي لم تنظر إلي قط : لا تقرر ما ستفعله بأشياء الآخرين فلعل صاحبتها غير راضية عن قرارك..
    نظر ياماتو إلى جوليا وقال : جوليا فتاة لطيفة لا أظن أنها ستمانع ، أليس كذلك ؟؟
    لم تجب جوليا .. فقلت بسرعة منهياً النقاش : لا تزعجاني أرجوكما ..
    عدت أقرأ الكتاب وأنا أنحت على وجهي ابتسامة ساخرة .. شتان ما بين تعاملها معي وتعاملها مع ياماتو .. هه هذا مضحك حقا !!
    الجميع لا يهتمون إلا بالمظاهر .. يكنون الحب والمودة لياماتو لأنه شاب وسيم .. ويتجنبونني ما إن يروني لأنني ملفوف بالضمادات ..
    العالم أصبح يتعامل بالمظاهر فقط .. لم يعد جمال الروح هو المقياس .. المظاهر ولا شيء ..

    بعد إنتهاء الدوام .. بدأت بجمع أغراضي في الحقيبة ..
    فإذا بياماتو يقول لي : سوبارو مارأيك أن تأتي معنا ؟؟
    قلت متسائلا : إلى أين مرة أخرى ؟؟
    فأجابني : إلى منزل روز حتى نطمئن عليها ، فهي لم تحضر اليوم كما تعلم ..
    رفعت نظري إلى جوليا التي تقف على بعد مسافة بسيطة منا .. ويبدو أنها تنتظر ياماتو حتى يذهبا معا .. ما إن وقع عيني عليها حتى أشاحت ببصرها بعيدا .. وهي تدعك كفيها ببعضهما بتوتر ..
    قلت بخبث : حسنا سآتي معكما ..
    توسعت حدقاتا عينيها بتفاجؤ .. لقد ظنت بأني سأرفض .. لكني خيبت أملها .. مشيت بجانب ياماتو .. وجوليا تسبقنا بمسافة .. خرجنا معا من المدرسة .. فإذا بي أرى جوليا تقوم بسحب ياماتو بعيدا عني .. وتهمس له بكلمات لم أسمعها ..
    لكني موقن أنها تتحدث معه بشأني .. فهي لاتريد مني مرافقتهما ..
    إبتسمت ساخرا من نفسي لست راغب حقاً بالذهاب إلى سليطة اللسان تلك .. أردت فقط أن أرى ردة فعل جوليا والآن بإمكاني الإنسحاب ..
    قلت بصوت جهوري حتى يصل صوتي لهما : ياماتو أعتذر نسيت أن لدي ما أنجزه اليوم ، أنا مضطر للرحيل ، إلى اللقاء ..

    ***

    ~ ياماتو ~

    نظرت إلى جوليا بغضب .. بدت حركاتها واضحة كالشمس .. يبدو أن سوبارو قد فهمها لذلك قرر المغادرة ..
    نظرت إليها بعد أن ولى سوبارو مغادراً وقلت موبخاً : جوليا ما هذا التصرف الفظ ؟؟ لم أتوقع منك ذلك إطلاقا ..
    فأخذت تحاول التبرير : أنا آسفة لكن .......

    بترت عبارتها حين لم تجد عذراً لتصرفها : لكن ماذا ؟؟ لا تقولي أنك تتصرفين بهذاا لشكل تجاهه بسبب مظهره ، لقد خيبت أملي حقا ..
    طأطأت جوليا رأسها وهي تتمتم بالإعتذار .. لكني قلت لها ساخرا : ما فائدة الإعتذار الآن ؟؟ هل تظنين أن الأمور ستحل بمجرد أن تعتذري ؟؟ لقد جرحت مشاعره بتصرفاتك الطفولية هذه ..

    ثم أدرت ظهري إليها وقلت : إذهبي إلى روز لوحدك ، فأنا لم أعد راغبا في الذهاب ..
    ركبت سيارتي وعدت بها إلى منزلي ..
    فُتحت البوابة الرئيسية للقصر .. دخلت السيارة حيث تلك الحديقة الغناء والكبيرة .. في وسط الممر نافورة كبيرة قد بُعثرت بتلات الورد على سطح مائها بطريقة تزيد من جمالها ..

    فُتح باب السيارة .. ليستقبلني مجموعة من الخدم ..
    ترجلت منها ليأخذ أحدهم الحقيبة مني .. ثم إنحنى الجميع لتحيتي كما تجري العادة ..
    دخلت إلى ذلك القصر الكبير .. والذي يبدو موحشا جدا بالنسبة لي .. تقدم ناحيتي رجل في الثلاثين من العمر .. يضع نظارة تزيد من جدية وجهه وحدة نظراته .. ويرتدي ملابس رسمية سوداء ..
    قال لي آلبرت والذي يترأس الخدم : سيدي الصغير إن السيد يطلب رؤيتك ..
    نظرت إلى آلبرت ببرود .. أعلم ما يريده لذلك لا داعي لأن أذهب إليه ..
    قلت له : أخبر أبي أنه لن يأخذ رأيي حتى لو ذهبت إليه ، لذلك فاليفعل ما يشاء ..
    قال آلبرت بنبرته الباردة المعهودة : فالتوصل له الرسالة بنفسك ..
    على الرغم من أنه خادم إلا أنه يتصرف بطريقة تثير الغضب حقا .. نبرته الباردة تعطيه هيبة غريبة ..
    قلت وأنا أصعد السلالم متوجها إلى غرفتي : تبا لك يا آلبرت ، أنت تغضبني حقا ..
    إبتسم إبتسامة قصيرة يعبر فيها عن انتصاره ..
    دخلت إلى غرفتي والتي قد طغى عليها اللون البني بتدرجاته ...

    غيرت ملابسي بسرعة وخرجت متوجها إلى مكتب أبي .. حيث يكون فيه معظم وقته ..
    لم أطرق الباب قبل دخولي .. دخلت لأجد أبي يتحدث بالهاتف ويبدو الغضب على محياه .. جلست على أحد المقعد المصنوع من الجلد أمام طاولة أبي .. وبقيت أنتظر منه إنهاء المكالمة .. مر أكثر من خمس دقائق .. وهو لايزال يتحدث بالهاتف .. ضقت ذرعا بالأمر ..
    قلت بقليل من الغضب : أبي إذا لم ترد أن تتحدث معي لا تنادي في طلبي ..
    أشار لي أبي بيده بالإنتظار .. ولم يغلق الخط حتى الآن .. قررت أن أنتظر قليلا .. لكن لو تركني أنتظر أكثر من ذلك فسوف أخرج حالا .. واليكمل حديثه بعد ذلك كيفما شاء ..

    إنتظرت بعد ذلك خمس دقائق إضافية .. ولا يزال أبي منشغلا بالهاتف .. ضربت الطاولة بقبضة يدي وأنا أقول بإنزعاج حقيقي : أبي أنا هنا فالتؤجل المكالمة في وقت لاحق ..
    أشار لي بيده مرة أخرى .. لكني لن أنتظر هذه المرة .. وقفت قائلا : لا تناديني مرة أخرى إذا كنت ستجعلني أنتظر هكذا ..
    أدرت ظهري لأنصرف .. لكنه أمسك بيدي ..
    سمعته يقول للمتصل : سنؤجل حديثنا لاحقا ، أنا مشغول الآن ..
    إبتسمت بسخرية .. لماذا لم يقل ذلك منذ البداية ؟؟ ياللأسف إنه لا يعتبرني شيئا مهما ..
    أقفل أبي الخط .. وإلتفت إليه وفي عيناي نظرة باردة .. نظرة دائما ما أنظر فيها إلى أبي ..
    قال لي بنبرة آمرة : إجلس يا ياماتو ..
    ألقيت بجسدي على الأريكة وقلت بهدوء : ماذا تريد ؟؟
    قال أبي وهو يجلس على مقعده الأسود : إسمعني يا بني ، غدا ستأتي زوجتي الجديدة إلى المنزل ، لذلك أتمنى أن تكون هنا لإستقبالها ..
    أملت فمي بسخرية .. كما توقعت تماما .. هو دائما ما يتزوج من النساء الجميلات .. وما هي إلا أيام حتى ينتهي بهم الحال بالطلاق ..
    قلت ببرود : لا تقلق فأنا دائما أستقبل زوجاتك اللواتي سيكونون طليقاتك ..
    قال أبي بنبرة أبرد مني : لا شأن لك في ما أفعله ، ثم أن هذه المرأة مختلفة تماما عن سابقاتها ..
    قلت ساخرا : وما المختلف فيها ؟؟ هل هي كائن فضائي أو ما شابه ؟؟
    نظر أبي إلي بحدة .. وقال : لم أظنك خفيف الظل هكذا ..
    وقفت لأنهي النقاش : حسنا علمت ما تريد قوله ، والآن أنا سأذهب ..
    استوقفني أبي : إنتظر لحظة ، كيف حالك الآن مع مدرستك ؟؟
    قلت : ومالذي يجعلك تسأل عن حالي ؟؟
    ـ لأنك إبني ..

    ابتسمت بمرارة : لقد ظننت أنك نسيت أنني إبنك ، من الجيد أنك لا زلت تذكر ..
    قال والدي بجمود : ولأنك إبني لا زلت غير راضياً بفكرة أن تبدرس في مدرسة عادية كمدرستك الحالية ، لماذا لم تسجل في مدرسة مرموقة كما فعل أصدقائك من المرحلة الإعدادية ؟؟ لماذا اخترت هذه المدرسة بالتحديد ؟؟
    ـ لا فرق بين مدرسة ومدرسة جميعها أماكن للتعليم ..
    ـ ياماتو أجبني بصراحة ، وإياك والمراوغة ، ماسبب إختيارك لذلك المدرسة ؟؟
    نظرت إلى أبي بهدوء .. ولم أرد عليه .. فضلت الصمت على الجواب .. فأنا لا أمتلك جوابا في الأصل ..
    بينما أردف أبي بنبرة شاكة بعد صمتي : هل هذا بسبب فتاة ؟؟
    قلت بسرعة نافيا : لا أبدا ..
    لا زالت نظراته الشاكة مصوبة نحوي .. يبدو أنه لم يصدقني .. لا حل آخر سوى الهرب ..
    قلت بسرعة : أنا سأغادر الآن ..
    مشيت بخطوات سريعة نحو الباب .. لأخرج من الغرفة قبل أن يوقفني أبي ثانيةً..
    عندما أمسكت بمقبض الباب سمعت أبي يقول : إن كان ما قلته صحيحا فالويل لك يا ياماتو ..
    لم أهتم بتهديده وخرجت من مكتبه بسرعة ..

    ***

    ..





  13. #12



    ~ جوليا ~

    عندما قرعت جرس منزل روز .. كان ماركو هو من فتح الباب .. تراجعت للخلف قليلا .. أنا أكره هذا المخلوق كثيرا .. ولا أطيق رؤيته إطلاقا ..
    سألته بهدوء : أين روز ؟؟
    قال بنبرته المغرورة : ماذا تريدين منها ؟؟
    ـ أريد أن أتحدث معها بأمور خاصة ..
    ـ أخبريني بما لديك وأنا سأوصل الرسالة لها ..
    إنه يماطل كثيرا .. يالغثاثته.. يبدو أنه لا يرغب في أن أراها .. لذلك قررت زيارتها في وقت لاحق ..

    قلت له : سأعود إلى منزل الآن ..
    أدرت ظهري له .. وتوجهت إلى منزلي .. لم أقم بالإتصال بها لأنها لا تملك هاتفها محمولا ..
    قررت سؤالها غدا عن سبب غيابها اليوم عندما أراها ..

    وفي صباح اليوم التالي .. نهضت كما العادة مبكرا .. لأنني وبكل بساطة لم أستطع النوم .. طوال ليلة البارحة كنت أفكر في ما قاله ياماتو لي .. وفي تعاملي مع سوبارو .. وفي ما قاله سوبارو ..
    مللت من كثرة التفكير .. إرتديت زيي المدرسي .. وعندما انتهيت خرجت من المنزل بعد أن ودعت والداي ..

    ترددت قليلا حول فكرة طرق باب منزل روز من جديد .. أخشى أن يرد عليّ ماركو أو والدتها .. سيتعكر مزاجي حينها بالتأكيد ..
    لذلك قررت أن أكمل طريقي .. و سأقابلها قريبا في المدرسة ..

    بينما كنت أسير في طريقي .. لفت نظري فتاة ترتدي الزي الرسمي لمدرستنا .. وتضع قبعة غريبة الشكل على رأسسها .. دققت النظر إليها جيدا .. إنها تبدو مألوفة بشكل غريب .. نظرت إلى تنورتها الطويلة التي تصل حتى أسفل الركبة .. وتحته شراب أسود طويل .. ولا يظهر من قدمها أي جزء حتى ..

    لحظة .. الوحيدة التي ترتدي هكذا هي .. روز بلا شك .. أسرعت إليها بخطوات كبيرة .. ما إن إقتربت منها حتى أمسكت بمعصمها وأدرتها ناحيتي .. لأتفاجأ بأنها تضع نظارة كبيرة غير شفافة .. أي أنه لا يمكنني رؤية عينيها .. وتضع كمامة بيضاء على وجهها .. تغطي بها أنفها وفمها..
    قلت متسائلة : روز ماهذا الذي ترتدينه ؟؟ هل أنت حمقاء ..
    قالت روز ضاحكة : لقد أحببت أن أغير مظهري قليلا ..
    ـ قليلا !! إن هذا كثير جدا ، ثم أنك تبدين غريبة حقا بهذا المظهر ..
    ـ لا يهمني رأي الآخرين ، إنه يعجبني ..
    سرت بجانبها وقلت : غريبة حقا ، صحيح لماذا تغيبت عن المدرسة يوم أمس ؟؟
    لم تجبني روز .. وبقيت صامتة لثواني .. بعدها قالت بهدوء : لا شيء لقد تعبت قليلا ..
    ـ هكذا إذا ، إنتبهي على صحتك أكثر ..
    سرنا بجانب بعضنا .. وكلتانا صامتتين .. فجأة شعرت بضربة قوية من الخلف على كتفي ..

    وصوت من خلفي يهتف بمرح : مرحبا أيتها الفتاتان المزعجتان ..
    أمسكت مكان الضربة والتفت إلى الخلف لأقول متظاهرة بالألم : هذا مؤلم يا صاحب القبضة العملاقة ..
    ضحك ياماتو قائلا : أنت مدللة جدا ، أنظري إلى .......
    بتر جملته عندما نظر إلى وجه روز .. وبعدها نقل ببصره ناحيتي .. ظل يرمش عدة مرات وكأنه غير مصدق لما يراه ..
    قال وهو لا يزال وسط صدمته : ماذا بكما ؟؟ لماذا تبدين شاحبة هكذا يا جوليا ؟؟ وأنت يا روز ما سر هذا المظهر الجديدة ؟؟
    قلت بإبتسامة : مابك مصدوم هكذا ؟؟ كل ما في الأمر أنني أصبت بالأرق ليلة أمس ، أما روز فقد قررت أن تجدد من نفسها قليلاً ..
    قالت روز غاضبة : أيها الأحمق المغفل ، لماذا ضربتي بقبضتك الضخمة هذه ؟؟ تبا لك أيها المتوحش ..
    بعد ثواني إنفجر ياماتو ضاحكا .. مما جعل الجميع يلتف ناحيتنا مندهشين من سبب ضحكه العالي ..
    يا إلهي أصبحت الأنظار مركزة نحونا ..وأنا لا أحب ذلك إطلاقا .. خصوصا وأن ياماتو واقف معنا ..
    أمسكت بيد روز وركضت مبتعدة عن ياماتو بأقصى سرعتي .. وعلى حين غرة إصطدمت بشخص وسقطت على الأرض .. وروز سقطت من خلفي ..
    رفعت رأسي للأعلى ببطء وأنا أتمتم معتذرة .. ما إن رأيته حتى عجز لساني عن إكمال إعتذاري .. إنه سوبارو ..
    إلتفت إلى روز لأطمئن عليها .. لكن ما إن وقع بصري عليها حتى أخذت الدهشة ترتسم على وجهي ..

    نهاية الجزء


    [/quote]

  14. #13
    [CENTER]
    attachment
    ..( 10)..
    بعد سقوطها كان القبعة الموضوعة على رأس روز قد سقط .. بالإضافة إلى النظارة .. والكمامة كانت قد سقطت من جهة .. والحبل الآخر معلق على اذنها الأيسر فقط .. وحينها ظهر وجهها الذي كان متورماً وقد امتلأ بالعديد من آثار الجروح الحديثة ..
    لم أكن الوحيدة المتفاجئة قحتى ياماتو الذي لحق بنا قال بصدمة : روز مالذي أصابك ؟؟ لم كل هذه الجروح التي على وجهك ؟؟
    وقفت روز بسرعة وقد أعادت الكمامة على وجهها .. وارتدت القبعة والنظارة من جديد .. وقالت بغضب : تبا لك أيها المومياء ، إبتعد عني حالا ..
    ثم ركضت بعدها مسرعة إلى الصف .. قال ياماتو وهو يخاطبني : جوليا مالذي أصاب روز ؟؟ هل حصل لها أي مكروه ؟؟
    قلت بهدوء : لا أعلم حقاً ..
    ساعدني ياماتو على النهوض وقال : تعالي لنتحدث معها ، يبدو أن مكروها قد أصابها ، يجب أن نعلم بحقيقة ما حصل معها ..
    أردت منعه من ذلك لأني أعرف مسببيها لكني لو فعلت ذلك فسيدرك ياماتو أني أخفي شيئاً .. دخلنا إلى الصف .. وكانت جالسة على مقعدها .. وقفت أنا وياماتو أمامها .. قال لها : روز أخبريني ماذا حصل لك ؟؟

    رفعت روز رأسها إليه لكنها لم تقل كلمة واحدة .. عاد ياماتو ليقول بغضب : روز تحدثي بسرعة ، قد نساعدك إذا ما كنت في مشكلة ..
    أجابت روز أخيرا : لا أريد مساعدتكما إطلاقا ، أغربا عن وجهي ..
    نظرت أنا وياماتو إلى بعضنا البعض .. كلانا يعلم أن روز عنيدة ، ولن تفصح عما في داخلها بسهولة .. قال ياماتو بإصرار : روز نحن أصدقاء ، وسنساعدك في محنتك ، لذلك أخبرينا بمشكلتك .
    على الرغم من أنني لا أرى ملامحها بسبب الكمامة والنظارة ، إلا أنني على يقين انها في داخلها الآن تسخر من ياماتو على ما قاله .. بينما أردف ياماتو : حتى لو لم تعتبريني صديقا لك ، فعلى الأقل تستطيعين التحدث مع جوليا ..

    قالت روز أخيرا بعد صمت : نعم صديقتين ، لكني لست مجبرة على البوح لها بكل شيء ففي النهاية أنتما لا تستطيعان مساعدتي ..
    ياماتو : لا تقولي هكذا ، تخيلي لو أن جوليا تخفي عنك شيئا ، ولا تريد أن تُفصح لأحد حتى لك ِ ، ألن يجرحك هذا ؟؟
    - ومن قال أنها لا تخفي شيئا !! إنها تخفي الكثير ..

    التمست السخرية من نبرتها ، أما ياماتو فقد نظر إلي باستغراب ، وقبل أن يقول كلمة أسرعت أنا بقولي : ياماتو لندعها الآن ، والنحاول فيما بعد ..
    وافقني ياماتو على اقتراحي ، وعدنا إلى أماكننا .

    - كما تجري العادة ، تحشرين أنفك في أمور الآخرين بينما تفضلين إخفاء أسرارك >> قالتها روز ساخرة ..
    قلت بهدوء وأنا أخرج الكتاب الذي سنأخذه في الحصة الأولى : لست مجبرة على التحدث معي ، لكن إذا أردت ذلك فكلي آذان صاغية ..
    صمتنا جميعا .. وما هي إلا لحظات حتى بدأت الحصة الأولى .. دخل معلم الرياضيات للصف .. وبدأ بشرح الدرس .. وحتى يتأكد من فهمنا كتب سؤالا على السبورة .. وقال لنا : من منكم سيحل هذه المعادلة ؟؟


    لم يرفع أحدهم يده ..نظرت إلى المعادلة المكتوبة على السبورة .. أممم إنها تبدو معقدة قليلا .. لكني أستطيع حلها .. قال المعلم غاضبا : مابالكم جميعا ؟؟ إنها معادلة سهلة ، فاليقم أحدكم بحلها ، وإلا عاقبتكم جميعا ..
    كان من الأنانية أن أتجنب حلها رغم أني أعرف .. كدت أن أرفع يدي .. لكني سمعت صوت آتي من خلفي يقول : معلمي أنا سأقوم بحلها ..
    إلتفت إلى ورائي .. إنه سوبارو .. تقدم سوبارو نحو السبورة .. وأمسك القلم وبدأ بحل المعادلة بكل يسر وسهولة .. ما إن انتهى حتى قال المعلم : أحسنت يا سوبارو ، هذا رائع لقد أنقذت زملاءك من العقوبة ..
    ثم أردف كلامه محاورا الطلبة : يجب أن تكونوا ممتنين لسوبارو ، فلو لم يحل المسالة لما نجوتم من العقوبة ..
    قال أحد التلاميذ مستهزئا : يبدو أن لديه إيجابية واحدة على الأقل ..
    إنفجر الجميع ضاحكين على ماقاله .. لم أستطع تحمل ذلك .. وقبل أن أقول كلمة .. سمعت صوت غاضب يأتي من الخلف أيضا : توقفوا عن السخرية منه ، فهو أفضل منكم جميعا ..

    إبتسمت برضى على ماقاله ياماتو .. يعجبني حقا عندما يدافع عن الحق .. بعد قليل رن الجرس معلنا عن إنتهاء الحصة.. عاد سوبارو إلى مكانه .. كنت مترددة قليلا .. هل أتحدث معه .. أم أدعه وشأنه .. في النهاية قررت أن أستجمع شجاعتي ..
    إلتفت إلى الوراء وقلت بإبتسامة : سوبارو لا تهتم بما يقوله الناس عنك ..
    نظر سوبارو إلي .. لم أستطع تحديد مشاعره .. فالضمادات التي على وجهه تجعلني عاجزة عن فهمه .. بينما سمعت ياماتو يقول لي ساخرا : أنظروا من يتحدث ، ألست أنت كالبقية !! لا تهتمين سوى بالمظاهر الخداعة ..
    قلت بسرعة : لا لست كذلك إطلاقا ..
    ـ لا تحاولي الإنكار ، تصرفاتك الغريبة في تعاملك مع سوبارو خير دليل ..

    تبا لقد فهم الأمر بشكل خاطئ .. أنا أشعر بالتوتر منه ليس لأني خائفة منه .. بل بسبب ما قاله لي ذلك اليوم .. إذ أنه طلب مني أن أكون حبيبته.. أردف ياماتو بعد أن رآني صامتة : ولا تنسي أنك في أول يوم له صرخت أمام الجميع وأسميته بالمومياء ، ألست قاسية مثلهم !!

    لم أعد أتحمل أكثر .. قلت وتأنيب الضمير يقتلني : أنا آسفة ، أقسم أنني نادمة بعدد شعر رأسي ، لقد زل لساني في ذلك اليوم ، لذلك قلت ذلك ، لكني أشعر بالندم حقا ، ثم أنني .. أنا ...
    لم أعد أستطيع أن أكمل أكثر .. بدأت وجنتاي بالإحمرار .. والكلمات تأبى الخروج .. لقد فكرت في ليلة البارحة كثيرا .. واتخذت قرارا .. لكنني لا أستطيع أن أنفذه الآن .. أشعر أني مخنوقة .. وصوتي مبحوح .. ولساني يعجز عن الكلام .. لقد خانتني جوارحي ..
    قال ياماتو : أنت ماذا ؟؟ أكملي ما كنت ستقولينه ..

    أخذت نفسا عميقا جدا .. وقلت بهدوء وأنا أنظر إلى سوبارو : أنا موافقة على ما طلبته ..
    حاولت قراءة ردة فعله لكنني فشلت كالعادة .. بينما قال ياماتو : موافقة على ماذا ؟؟ عن ماذا تتحدثين ..
    لم أهتم بسؤاله .. أنا أنتظر الآن ما سيقوله سوبارو .. لكن صمته قد طال .. و ياماتو الحائر بيننا ينظر إلينا ببلاهة ..

    ***

    ~ روز ~

    لاحظت أن جوليا تتحدث مع سوبارو وياماتو .. إلتفت قائلة : عن ماذا تتحدثون ؟؟ ثم ألم أمنعك يا جوليا من التحدث مع المحاق الثرثار ؟؟
    لاحظت أن جوليا تحدق بسوبارو والآخر كان يحدق في وجهها كذلك . و ياماتو يبدو كالطرش بينهما .. قلت بإبستغراب لياماتو : مالذي يحصل ؟؟
    هز ياماتو كتفاه لأعلى دلالة عدم معرفته .. أمسكت جوليا وقلت وأنا أهزها بعنف : هي أنت أيتها الحمقاء ، ماذا يحصل بينك وبين هذا المومياء ..
    صرخ ياماتو في وجهي : روز كم مرة قلت لك ألا تكوني فظة مع سوبارو ..
    قلت بتغابي : وهل أخبرتني بذلك قبلا ؟؟ نحن لا نتحدث كثيرا في الأصل ، إذاً هذه هي المرة الأولى ..
    ـ لا يهم ، المرة الأولى أو المرة الأخيرة المهم أن تتوقفي عن ذلك ..
    ـ ومن أنت حتى تأمرني ..
    ـ أنا ياماتو أم أنني لا أعجبك ..

    قلت بإشمئزاز : أرجوك اصمت فكثرة الجدال معك يجلب الغثيان ..
    ثم التفت لجوليا وأنا أتجاهل هذين الأحمقين : جوليا ألا تظنين أن معلم الكيمياء قد تأخر ؟؟ يبدو أنه غائب ..
    قالت جوليا بإبتسامة : في الواقع إن المعلم قد أصيب بحادث .........
    قاطعتها بسعادة : حقا !! واو هذا رائع لن ندرس الكيمياء مجددا ..
    سمعت ياماتو يقول : لا تفرحي كثيرا ، فقد عينوا معلمة بديلة ..

    نظرت إليه ببرود وأنا أقول : ومن تحدث معك ؟؟ متطفل ..
    سمعت سوبارو يتمتم : فتاة مغرورة ..
    ضحكت في داخلي .. أحب أن يغضب الشبان كثيرا .. أدرت ظهري نحوهم .. وكذلك جوليا فعلت المثل ..
    ماهي إلا ثواني حتى دخلت معلمة جميلة رائعة فاتنة .. أعجز عن وصف جمالها .. لكنها تبدو مألوفة كثيرا .. أشعر كما لو أنني رأيتها قبلا .. لا .. أنا لم أقابلها .. لكني أشعر أني قابلت شخصا يشبهها .. شعرت أن رأسي سينفجر من كثرة التفكير .. لذلك قررت عدم التفكير أكثر ..
    بدأت المعلمة بشرح الدرس .. وأنا لم أستسيغها .. تتمايل بدلال أمامنا .. وتعبث بخصلات شعرها أثناء الشرح .. تبا إنها متصنعة .. وضعت رأسي على الطاولة .. فأنا لا أتحمل رؤيتها أكثر .. لن أستطيع كبح نفسي أكذا إذا استمريت بالنظر إليها ..
    بعد دقائق بدأت جوليا بهزي وهي تهمس : روز إرفعي رأسك ، لقد لاحظتك المعلمة راي ..
    لم أبالي .. بعد ثواني سمعت خطوات كعبها العالي يقترب مني .. جيد سأحدث مشكلة إذا ما حاولت خصامي .. أحسست بيد ناعمة توضع على كتفي .. وهمس قريب من أذني : أيتها الطالبة الغريبة ، نحن في وسط الحصة فالتستيقظي ..
    سرت قشعريرة في أنحاء جسدي عندما قامت بالهمس في أذني .. فما كان مني إلا أن نهضت بقوة وأنا أدفعها بعيدا عني .. بدأت أرتعش في مكاني .. أكره أن يقترب مني أحد إلا هذا الحد .. بدأت يداي بالإرتجاف .. وأسناني تتصاكك في بعضها .. بدأت ذكريات الماضي تعود ..

    تذكرت تلك الهمسات التي كانت كحفيف الأفعى .. تلاشى الجميع من أمامي .. ولم أعد أرى سوى تلك الحادثة تتكرر أمامي .. وضعت يدي فوق رأسي محاولة أن أنسى .. لكن أصوات صرخاتي وآهاتي .. وأصوات ضحكاته الخبيثة تأبى الرحيل ..
    صرخت بغضب : إبتعد، إبتعد عني حالا .. لم أستطع الإحتمال أكثر .. بدأت أصرخ بشكل هستيري .. حتى أظلمت الدنيا في عيناي .. ولم أعد أرى شيئا ..

    ***

    ~ ياماتو ~
    تعالت الأصوات بعد أن دفعت روز المعلمة بقوة .. إصطدمت المعلمة بالطاولة المجاورة وسقطت على الأرض .. تجمع الجميع حولها .. لكني أنا وسوبارو وجوليا لازلنا في أماكننا .. لاحظت حركات روز الغريبة .. لاحظت رجفة جسدها .. ورعشة يديها وشفتيها .. مالذي أصابها يا ترى ..

    بدأت أناديها .. لكنها لاترد علي .. كل ماتفعله هو الإرتعاش .. أمسكتها وبدأت أهزها .. لكن يبدو أنها لم تلاحظني .. بدأت بالصراخ بشكل هستيري .. وهذا أفزعني حقا .. سمعت أصوات الطلبة وهو يشتمون روز بسبب ما فعلته بالمعلمة .. كانت جوليا قلقة عليها كذلك .. وما هي إلا لحظات حتى سقطت بين يدي وأغشي عليها ..
    ارتعبت من رؤيتها بهذا الشكل .. بدأت أصفعها على خدها علّها تستيقظ .. لكن لا أمل .. سمعت جوليا تقول لي : ياماتو فلنأخذها إلى الممرضة ..
    رفعتها بين يدي .. وخرجت أنا وجوليا متوجهين إلى العيادة .. فتحت جوليا الباب .. ودخلت باحثا عن الممرضة .. لكنها لم تكن موجودة .. وضعتها على أحد الأسرة الموجودة .. وقلت لجوليا: جوليا فالتبقي مع روز قليلا ، وأنا سأذهب للبحث عن الممرضة في الخارج .
    اخر تعديل كان بواسطة » شجون الذكريات ~ في يوم » 13-03-2017 عند الساعة » 11:41

  15. #14



    خرجت من العيادة وركضت في الممر باحثا عنها .. دخلت إلى غرفة المعلمين من دون طرقها .. ما إن رأيت الممرضة حتى تنهدت بإرتياح وأنا أتوجه إليها قائلا : أيتها الممرضة تعالي معي ، هناك طالبة فاقدة للوعي ..
    توجهنا أنا والممرضة إلى الغرفة .. نزعت الممرضة النظارة من على عينيها .. والكمامة من على وجهها وبعدها ظهر على وجهها علامات الصدمة ..
    قالت الممرضة وهي توجه سؤالها إلينا : مالذي حدث لهذه الطالبة ؟؟ هل تشاجرت أم ماذا ؟؟
    قالت جوليا : لا نعلم فهي لم تخبرنا بالأمر ..
    رفعت الممرضة أكمام قميص روز .. فقد كان الزي الرسمي بأكمام طويلة .. ما إن رأينا يدها حتى شهقنا جميعا في آن واحد .. هناك رضوض كثيرة على يدها .. بالإضافة إلى الجروح والدماء المتخثرة..
    قالت الممرضة بغضب : أخرجا قليلا ..
    كنت سأرفض .. لكنها منعتنا من النقاش وأخرجتنا رغما عنا .. بقينا ننتظر خلف باب العيادة .. والقلق قد اعترانا بالكامل .. نظرت إلى جوليا وقلت : هل حقا لا تعلمين ما سبب تلك الكدمات التي على جسدها ؟؟
    لتجيبني بهدوء : وهل تظن أنني إذا علمت سأبقى صامتة ؟؟

    بعد دقائق خرجت الممرضة والغضب يبدو على محياها .. ركضنا أنا وجوليا نحوها لنطمئن على حالها .. قالت الممرضة بغضب : هناك جروح ورضوض في أنحاء جسدها ، وليس فقط في وجهها ويدها ، وإنما في كل مكان ،يبدو أنها تعرضت للضرب في الأمس ، وهناك علامات حروق موجودة في ظهرها ..
    قلت أنا وجوليا في آن واحد : حروق !! هل أنت جادة ؟؟
    ـ وهل تظنونني أمزح معكم ؟؟ يبدو أن هذه الطالبة تعاني من بعض المشاكل ، أخبراني بإسمها كاملا وصفها ، حتى أخبر المدير بهذا الموضوع ..
    أخبرتها جوليا بإسمها وصفها .. بعدها سألناها عن حالها .. فأخبرتنا أنها بخير .. وهي الآن نائمة على السرير .. ورفضت منا أن ندخل إليها حتى لا نزعجها .. عدنا إلى الصف .. لنجد أن المعلمة راي تنظر إلينا بهدوء ..
    قلت لها : أنا أعتذر عن ما فعلت روز ..
    حدقت المعلمة بوجهي لثوان : هل أنت ياماتو كودو ؟؟

    اجبتها بتتساؤل : نعم لماذا تسألين ؟؟
    إبتسمت إبتسامة غريبة وهي تقول : لا بأس فالتعودا إلى مكانيكما ، سنتابع الحصة ..
    استغربت كثيرا من إبتسامتها .. لكني لم أطل التفكير .. عدنا أنا وجوليا إلى مكاننا .. وأكملت المعلمة الشرح .. بعد إنتهاء الحصة ..
    إجتمع مجموعة من طلاب الصف حول جوليا .. قال أحدهم : تبا لك أنت وصديقتك تلك ، بعدما فعلته تتظاهر بالإغماء حتى تهرب من العقاب ..
    ردت جوليا بضعف كعادتها : أنا آسفة حقا آسفة ، أعتذر لكم عوضا عنها..
    صرخ أحد الفتيان بقسوة : وبماذا سيفيدنا الأسف ؟؟ ماذا لو حصل شيء ما للمعلمة راي ؟؟ لن أسامحك أنت وروز إذا كررتما فعلتكما ..
    قالت فتاة : أنت وروز تشعران بالغيرة لأنها أجمل منكم بكثير ، لذلك فعلتم ذلك ..
    قال آخر : حتى أنكم خدعتم ياماتو بمسرحيتكم السخيفة تلك ، لن تنجيا من فعلتكما هذه ..

    قد طفح الكيل .. ضربت الطاولة بقبضتي .. ووقفت قائلا بغضب : لماذا تصرخون على جوليا ؟؟ هي ليس لها شأن في الأمر ، ثم ما شأنكم بالموضوع ؟؟ الآنسة راي لم تقل شيئا لماذا تتدخلون أنتم إذا ؟؟

    بدأ الطلاب بتشتيت أنظارهم ..بالطبع هم يخشون من مواجهتي .. لأني وبكل بساطة وريث شركة كبيرة ومعروفة .. على الرغم من أني أكره ذلك بشدة .. قلت لهم بذات النبرة الغاضبة : إسمعوني جيدا ، إذا كان لديكم أي تعليق فأنا سأسمعه ، سأتحمل مسؤولية ما حصل ..
    كانوا وما ظلوا صامتين .. ولا أحد منهم يجرؤ على التحدث .. قلت لجوليا : جوليا إذا ما قام أحد بإزعاجك فأخبريني ..
    ثم أردفت مخاطبا الطلاب : إبتعدوا عن جوليا حالا ، فمعلم الأحياء قادم ..
    في موعد إستراحة الغداء .. أعطتني جوليا علبة غدائي كالعادة .. لكن شهيتي مغلقة .. لذلك لم أستطع أن أتناول سوى لقمة واحدة .. نظرت إلى جوليا التي لم تكن أفضل حالا مني .. فعلى الرغم من أنها ممسكة بعيدان الطعام إلا أن ذهنها كان في مكان آخر تماما ..
    نظرت إلى سوبارو الذي كان يجلس بجانبي .. لازال يقرأ الكتاب كما العادة .. قلت : سوبارو بعد خروجي أنا وجوليا من الصف هل قالت المعلمة شيئا ؟؟
    نظر سوبارو إلي قائلا : عندما سقطت المعلمة وقاموا بالتحلق حولها ، كانت تنظر إليك عندما كنت تمسك بروز ، وعندما خرجت حاملا روز ظهرت ملامح الغضب على وجهها ، لكن سرعان ما تلاشت تلك الملامح عندما بدأ التلاميذ بالتحدث معها ، اصطنعت الطيبة أمامهم ، أشعر أنها تخفي شيئا ..

    وأنا أشعر بذلك أيضا .. قلت بإبتسامة : شكرا لك ، لكن ماذا كان دورك عندما حدث كل ذلك ؟؟
    هز أكتافه بلا مبالاة : لم أفعل شيئا ولم أتحرك إنشا من مكاني ..

    إبتسمت له .. إنه شخص بارد حقا .. فجأة تذكرت ما قالته الممرضة لنا .. لماذا كانت روز مصابة ؟؟ من قام بذلك يا ترى ؟؟ ولماذا لا تريد أن تخبرنا ؟؟ يجب أن أجد الجواب ..
    وقفت قائلا لجوليا : جوليا ما رأيك أن تأتي معي لزيارة روز ..
    قالت جوليا بفرح : حقا ! هل نستطيع ذلك ..
    ـ لن نخبر الممرضة بذلك ، فهي ستمنعنا ، لكننا سندخل خلسة ..
    ـ لكن ماذا نفعل إذا كانت الممرضة في العيادة ؟؟

    صمت لأفكر .. قاطع تفكيري صوت سوبارو وهو يقول : أنا سأساعدكما ..
    قلت متفاجئا : ماذا !! هل أنت جاد ؟؟
    ـ نعم ، ثم أنني أنهيت الكتاب للتو ، ولم أجلب معي كتابا آخر ، لذلك سأشارككم ، أنا سأقوم بإلهائها بطريقتي ، وأنتما حاولا أن تدخلا بسرعة ، لكن الأمر لن يطول كثيرا ، سأفعل ذلك في خمس دقائق فقط ..
    قالت جوليا بإحباط : خمس دقائق !! قليل جدا ..
    قلت لها : لا يهم المهم أن نطمئن عليها ، قليل خير من لا شيء ..

    وقف ثلاثتنا معا .. وخرجنا من الصف .. وأثناء طريقنا وقفت فتاة أمامي في الردهة .. ويبدو أنها ترغب في قول شيء ما لي ..
    قالت الفتاة بتوتر : امم ياماتو هل أنت مشغول الآن ، أريد أن أتحدث معك ..
    قلت بسرعة وأنا أتخطاها : آسف لنؤجل الأمر فيما بعد ، أنا الآن مشغول ..
    أكملنا طريقنا حتى وصلنا إلى غرفة العيادة ..
    قال سوباارو: إختبئا الآن ، وعندما آخذها بعيدا تسللا من خلفها بسرعة ..
    ـ حسنا >> قلناها أنا وجوليا في آن واحد ..

    طرق سوبارو الباب .. وفتحت الممرضة له .. ما إن رأته حتى تفاجأت لثواني .. بعدها قالت بإبتسامة : مـ.ــ. مرحبا هل تشعر بشيء ما ؟؟
    قال سوبارو : تعالي معي قليلا أرجوك ..
    ـ آسفة لكني منشغلة قليلا الآن ..
    ـ لن يستغرق الأمر أكثر من خمس دقائق ، أرجوك ..
    ـ آه حسنا ..

    خرجت الممرضة من العيادة برفقة سوبارو .. وأنا وجوليا أسرعنا للدخول.. بعد أن تسللنا زفرنا بإرتياح.. رأيت الأسرة خالية .. ويوجد سرير واحد فقط كان مغطى بستارة بيضاء .. علمت مباشرة أنه السرير الذي ترقد فيه روز .. أسرعت أنا وجوليا ما إن فتحنا الستارة حتى وجدناها نائمة بالفعل ..
    قالت جوليا بنبرة حزينة وهي تمسح بيدها جراح صديقتها : كم هذا قاسي حقا ، من الواضح أنها تلقت ضربا مبرحاً ..
    قلت بإحباط : إذا كنت أنت صديقتها المقربة لا تعلمين بالأمر ، فمن سيعلم ؟؟..

    قالت جوليا : أنظر إليها ، يبدو أنها مستمتعة بالنوم ..
    علمت أنها تتهرب من الموضوع .. لقد فعلت الأمر ذاته من قبل ..
    قلت بهدوء : جوليا أجيبيني بصراحة ، هل حقاً لا تعلمين ما حصل لها ولو القليل ؟؟
    ـ ماذا تعني ؟؟
    ـ أشعر أنك تخفين شيئاً ما يخص روز صحيح ؟؟
    رفعت جوليا معصمها لتنظر إلى الساعة الموجودة وقالت : لقد مر خمس دقائق بالفعل ، لنخرج قبل أن تدخل الممرضة إلى هنا ..

    ها هي ذا تتهرب من جديد .. إنها تغضبني حقا .. أمسكت معصمها وضغطت عليه قائلا : جوليا عندما أتحدث عن موضوع لا تحاولي الهرب منه ..
    كنت أنظر إلى ملامحها الباردة .. ألا تشعر بالألم ؟؟ زدت من ضغطي لمعصمها .. لكن ملامحها جامدة تماما .. هذه ليست جوليا التي أعرفها ..
    دفعتها بخفة وأنا أقول : جوليا مالذي أصابك ؟؟ ماهذه النظرات الباردة التي على وجهك ؟؟
    أغمضت عينيها لثواني .. بعدها فتحتها وقالت مبتسمة : هيا لنخرج الآن ..
    تخطتني جوليا وتوجهت إلى الباب .. وأنا لازلت متصنما في مكاني .. لحظة !! هل ما يدور في داخلي صحيح ؟؟ هل جوليا مصابة بإنفصال في الشخصية !!؟؟

    ^ـ^ نهاية الفصل ^ـ^


    اخر تعديل كان بواسطة » شجون الذكريات ~ في يوم » 13-03-2017 عند الساعة » 11:48

  16. #15
    [CENTER]attachment

    ..(11)..

    بعد أن عدت إلى الصف .. لم أتحدث إلى جوليا بعدها إطلاقا .. مجرد التكفير في أنها مصابة بإنفصام في الشخصية يرعبني .. لكن ما أراه يؤكد لي ذلك ..
    فهي تارة تكون مبتسمة طوال الوقت .. وتارة أخرى هادئة .. وأحيانا إنسانة مرعبة .. تخشى حتى النظر إليها .. وحينا آخر تكون فتاة جبانة ..
    كل هذا يؤكد أنها تمتلك أكثر من شخصية .. لذلك هي مريضة تماما ..

    قلت لسوبارو الجالس بجواري : سوبارو ماذا تعرف عن مرض إنفصام الشخصية ؟؟
    نظر إلي بطرف عينه .. قلت له بسرعة : حسنا حسنا لن أجبرك على التحدث معي ، عد إلى قراءة كتابك ..
    عاد سوبارو ينظر إلى كتابه من جديد .. أما أنا بقيت أتحلطم مع نفسي ..
    لحظة .. تذكرت شيئا .. إلتفت إلي سوبارو وقلت : هي أنت ألم تقل قبل قليل أنك أنهيت الكتاب ؟؟ ولم يعد لديك ما تقرأه ؟؟
    نظر إلي سوبارو من جديد .. وقال بنبرة باردة : ماذا ستفعل إذا قلت أني كنت أكذب ؟؟
    قلت بإندفاع : ولماذا فعلت ذلك ؟؟ هل هناك هدف لما فعلته ؟؟
    لم يرد علي وعاد يقرأ كتابه .. إنه شاب خجول حقاً أراد مساعدتنا لكنه لا يريد الإعترف بذلك .. وجهت بصري إلى جوليا .. يبدو أنها قامت بالمثل .. إذ أنها كانت تمسك في يدها كتابا .. وقد أشغلت نفسها به ..
    نظرت إلى ساعتي .. لم يبقى الكثير على إنتهاء إستراحة الغداء .. إذا لا وقت لدي للخروج الآن ..

    ***

    ~ روز ~
    فتحت عيناي وسرعان ما أعدت إغلاقهما بعد أن اخترق ضوء المكان عيني .. ثم شيئاً فشيئاً أخذت أرفع جفوني حتى توضحت الرؤية عندي لأدرك أنني لست في غرفتي .. نهضت بصعوبة محاولة تذكر أين أنا .. أو مالذي حصل لي ..
    سمعت صوتا آتي من الجهة اليمنى لي : وأخيرا استيقظتي ، كيف أنت الآن ؟؟
    إلتفت إليها لأجدها ممرضة المدرسة .. إذا أنا الآن في العيادة .. لكن مالذي أتى بي إلى هنا ..
    قلت لها : آنسة يومي مالذي أتى بي إلى هنا ؟؟
    ـ ألا تتذكرين ما حصل ؟؟
    صمت محاولة إسترجاع ماحدث .. فجأة تذكرت تلك المعلمة .. وتذكرت ملامحها .. وتذكرت أين رأيت الملامح ذاتها .. وضعت رأسي بين كفي .. وأنا أقول بخوف : مالذي أتى بها إلى هنا ؟؟ هل تسعى خلفي ؟؟ يا إلهي ماذا أفعل ماذا أفعل ..
    بدأت أرتجف خوفا في مكاني .. يبدو أنه هو من أرسلها للإنتقام .. أنا لم أكن مخطأة .. كل ما فعلته هو الدفاع عن نفسي .. هو من بدأ بإيذائي أولا .. نعم .. هو الملام لا أنا ..

    انتشلني من ذكرياتي صوت الممرضة : روز هل أنت بخير ؟؟
    ـ نعم أنا بخير ..
    وقفت لأخرج من المكان .. لأتذكر أن وجهي مليء بالجروح .. وضعت يدي على وجهي .. أحاول أن أتفحص الكمامة والنظارة .. لكن وجهي خالٍ تماما .. إلتفت إلى الممرضة ببطء .. لأراها ترمقني بنظرات جادة ..
    قال بحزم : روز ما سبب تلك الجروح والرضوض التي على وجهك ؟؟ بالإضافة إلى علامات الحرق الموجودة خلف ظهرك ..
    سرت قشعريرة في جسدي .. قلت بخوف : هل .. هل تفحصتي جسدي كاملا !!
    ـ نعم ففي النهاية أنا ممرضة ، والآن أجيبيني يا روز ، من فعل هذا بك ؟؟ هل هناك من يتنمر عليك ؟؟
    جمعت شتات نفسي وقلت بحدة : لا شأن لك بالأمر ..

    أدرت ظهري لها وسرت متوجه نحو الباب .. لكنها أوقفتني بقولها : لقد أخبرت المدير بالأمر ، وهو سيساعدك ، إذهبي إليه إن كنت بحاجة إليه ..
    إلتفت إليها غاضبة وصرخت في وجهها : لماذا تتدخلين في أمور لا تعنيك ؟؟ إنها مشكلتي وليس من شأنك التدخل في أموري الخاصة ..
    وقفت الممرضة وقالت بحدة : أنت تلميذة في مدرستنا ، وهذه من واجبنا ..
    أجبتها بشراسة : لا أريد مساعدتكم ولا أحتاجها البتة..
    فتحت باب العيادة وخرجت بعد أن أغلقت الباب بقوة .. سرت متوجهة إلى الصف .. لكني تذكرت أني تركت الكمامة والنظارات هناك .. عدت أدراجي إلى العيادة .. فتحت الباب من جديد لآرى الممرضة متفاجئة من وجودي من جديد ..
    قلت لها بسخرية : لم آتي هنا للإعتذار أو شيء من هذا القبيل ، أين نظارتي وكمامتي ؟؟
    أمالت فمها قليلا .. ليصدر منها ضحكة ساخرة .. بعدها قالت : إنها على مكتبي ، خذيها إن شئت ، لكن صديقيك يعلمان بهذا الموضوع ..

    قطبت حاجباي قائلة : صديقاي ؟؟
    ـ نعم فقد أتى بك شاب برفقة فتاة ، وبعدها أخبرتهما بشأن الجروح المنتشرة على أنحاء جسدك ، بالإضافة إلى الحرق ..
    غضبت كثيرا .. فهما آخر من أريد أن يعرفا .. صحيح أنها رأيا وجهي .. لكني لم أخبرهما ، عن جسدي والحروق ..
    صرخت عليها بغضب : كم أنت ثرثارة حقا ، ألم تستطيعي أن تكتمي الأمر عنهما ؟؟

    توجهت نحو المكتب الموجود في غرفة العيادة .. ليلفت نظري قلادة ذهبية اللون على شكل قلب .. بكل فضول أمسكته وفتحت القلادة .. فقد كان القلب قابلا للفتح ..
    لأرى صورة الآنسة يومي وبجانبها شاب يبدو في الثلاثين من العمر ..
    سُحبت القلادة من بين يدي .. قالت يومي بغضب : أيتها المتطفلة ، لقد قلت لك أن تأخذي أغراضك ، لا أن تفتشي أغراض الآخرين ..
    إبتسمت في وجهها بخبث .. قلت بنبرة مقصودة : من هذا الرجل ؟؟ هل هو صديقك ؟؟
    رفعت الآنسة يومي القلادة .. وأخذت تتأمل في الصورة .. بعدها تمتمت : لقد كان زوجي ..
    إتسعت إبتسامتي الخبيثة أكثر .. قلت حتى أحرجها أكثر : بما أنك قلت ( كان ) فهذا يعني أنه لم يعد كذلك الآن ، يبدو أنكما قد انفصلتما ..
    بعدها إنفجرت ضاحكة عليها بسخرية .. ثم أردفت : بالطبع هو لن يتحمل إمرأة ثرثارة مثلك ، تفشي الأسرار دائما ..
    صرخت غاضبة : أخرجي من هنا حالا أيتها الفتاة النزقة ..

    إبتسمت بإنتصار لأني استطعت أن أغضبها .. ماكان لها أن تخبر ياماتو وجوليا عن جروحي .. تستحق ذلك وأكثر ..
    أمسكت بنظارتي وكمامتي وارتديتهما .. بعدها خرجت من العيادة .. متوجه إلى الصف ..

    ـ روز إيشيدا توقفي مكانك حالا ..
    فاجأني هذا الصوت الغليظ الآتي من الخلف .. إلتفت ببطء لأرى رجلا يرتدي ملابس رسمية.. ويضع نظارات كبيرة على وجهه أخفت نصف ملامحه .. وبجانبه الأيسر من الزي الزسمي قماش طرز فيها ( المدير كازوما ) ..
    قلت وأنا أتراجع للخلف : كيف علمت بإسمي ؟؟
    ـ أنا المدير وأعرف كل طالب هنا ، تعالي معي قليلا ..
    قلت بعنف : لن أذهب معك ..
    ـ أنت الآن في وسط الحصة ، لن يسمحوا لك بالدخول ، لذلك تعالي معي حتى تنتهي الحصة ..

    فكرت قليلا .. إنه محق .. سأذهب معه إلى غرفته خير من أن ألقى توبيخا محترماً من المعلمين ..
    تبعت المدير إلى مكتبه .. بعد أن دخلت ألقيت نفسي على أحد الأريكة بملل .. أما هو فقد جلس على كرسيه البني الموجود خلف المكتب ..
    أحسست أنه ينظر إلي .. رفعت ببصري إليه لأتأمله كما يفعل ..
    ليفاجئني بقوله : أعلم أنني وسيم لكن لاداعي لأن تنظري إلي هكذا ..
    أملت فمي بسخرية.. من يظن نفسه .. قلت ببرود : أنت تذكرني بشخص مغرور مثلك ..

    رد مبتسما : ومن هذا الشخص ؟؟
    ـ إنه ياماتو الكريه .
    ـ تقصدين ياماتو كودو الذي في صفك !!
    قلت متسائلة : كيف تعرفه أيضا ؟؟
    إبتسم بجاذبية وقال : أنا المدير هنا ، ويجب أن أعرف الجميع من دون أي إستثناء ..
    قلت وأنا أفكر : لكنك توليت هذا المنصب قبل فترة ليست بطويلة ..
    ـ لذلك أنا أعمل جاهدا لأكون مثل المدير السابق ..
    إعتدلت في جلستي بعد أن كنت مستلقية وقلت بجدية : كيف توليت هذا المنصب أيها المدير ؟؟

    إبتسم المدير إبتسامة عريضة أظهرت أسنانه المرصوصة بترتيب ..
    المدير : بعد وفاة المدير والذي هو والدي توليت أنا المنصب من بعده ..
    قلت بملل : اهاا هكذا إذا ، لكن مظهرك يبدو كالحمقى كيف سمحوا لك بأخذ منصب مهم كهذا ؟؟

    علت قهقهته أرجاء الغرفة الباردة
    بعد أن توقف من نوبة ضحكه قال : وهل أبدو هكذا حقا ؟؟
    قلت: نعم تبدو كذلك تماما ، أنظر إلى نفسك في المرآة وستعرف أنني على وصواب ، فأنت تبدو كشخص مشرد وغبي ..
    تغيرت نظراته إلى نظرات حادة من خلف زجاج نظارته .. وأصبح صوته أكثر صرامة وهو يقول: أرجو ألا تنسي أنني المدير هنا ، وغير مسموح لك بإهانتي هكذا ..

    تبا ياله من مدير متقلب للمزاج .. للحظة كان يتحدث بطريقة طبيعية وعادية .. لكن الآن اصبح صارما .. أكره الأشخاص أمثاله ..
    قال بصرامة : روز تعالي إلى هنا ..
    أشار لي إلى الكرسي الموجود مقابله بجانب المكتب .. لكني قلت ببرود : يعجبني هذا المكان ولن أغيره ..
    سمعته يزفر بصوت عالي .. بعدها وقف وجلس على الكنبة المقابلة لي ..
    قال والجدية تعلو وجهه : روز هل تعانين من مشاكل في المدرسة ؟؟ هل يقوم أحد بالتنمر عليك ؟؟

    هذا ماكنت لا أريده .. أشحت ببصري بعيدا عنه قائلة : لا شأن لك ..
    ـ أنا سأساعدك يا روز ، ثقي بي ..
    قلت بوحشية : قلت لا شأن لك ..

    وقف وقال بإندفاع : أنت طالبة لدينا ، وهذا أمر يخصنا ، لاتحاولي أن تتحملي كل شيء لوحدك ، علمت أن لا أحد يعرف بما حصل لك ، حتى أصدقائك ..
    قلت بحدة : حتى لو أخبرتكم أنتم لن تستطيعوا عمل شيء لي ، لن تستطيعوا مساعدتي أبدا ..
    نظر إلي المدير نظرة ثاقبة .. خفت من نظراته وتراجعت للخلف ..مابه ينظر إلي هكذا ؟؟
    أحسست بالخوف وأنا أشعر بأنه ينظر إلي ، نظراته الحادة تلك تشعرني بالقلق ..

    صرخت بغضب : لاتنظر إلي هكذا ..
    أبعد ناظريه عني وقال بهدوء : روز حتى لو لم تخبريني عن الفاعل أو عن سبب تلك الجروح ، فأنا سأعرفه حتما ..
    نبرته هذه تحمل الكثير من الثقة .. جعلتني أشعر أنه حقا يمكنه فعل ذلك .. وقفت بسرعة قبل أن يقول شيئا آخر .. ومن حسن الحظ أن الجرس قد رن معلنا عن إنتهاء الحصة ..
    قلت وأنا أتوجه للباب : الحصة القادمة ستبدأ قريبا ، لذلك يجب أن أعود إلى الصف ..
    خرجت من مكتب المدير وبعدها أغلقت الباب بهدوء على غير العادة .. لا أعلم لماذا لكني خفت من المدير .. أشعر أنه سيعرف السبب .. ثقته تلك جعلتني أشك في نفسي ..

    ***

    ~ جوليا ~
    حصة أخرى انتهت وروز لم تعد بعد .. إلى متى ستبقى تلك الفتاة في العيادة ؟؟
    أغلقت الكتاب المدرسي بعد خروج المعلم .. ليخبرنا رئيس الصف أن المعلمة القادمة لن تأتي فهي غائبة هذا اليوم .. سعدنا جميعا بهذا الخبر.. فحصص الفراغ نادرة .. لذلك نسعد كثيرا حين يغيب أحد المعلمين ..
    أخرجت الكتاب الذي أقرأه .. وهو عبارة عن رواية بوليسية .. أعشق هذا النوع من القصص .. صحيح أنني لا أبدو من النوع الذي يحب العنف والقتال .. إلا أنني أعشق الغموض والجرائم .. والسبب هو أنني متأثرة بأبي كثيراً فهو محقق يعمل في حل القضايا.. لكني لا أحب أن أظهر هذا الجانب مني أمام أي شخص ..


    سمعت صوت الباب الخلفي يُفتح بعنف .. عرفت الداخل بسرعة .. حتى من دون أن أرفع رأسي ..
    وقفت بسرعة مستعدة لإستقبال روز التي دخلت للتو فهي الوحيدة التي تتصرف بعنف تجاه الأبواب ..
    إلتفت إلى الوراء لأجدها تمشي بهدوء .. وأنظار الجميع متوجهة نحوها ..
    ما إن اقتربت من مكانها حتى أسرعت في إحتضانها قائلة : لقد أشتقت لك كثيرا أيتها الحمقاء ، لقد أقلقتني حقا ..
    ضحكت روز قائلة : غريب حقا ، جوليا تقوم بإحتضاني ؟؟ هذا نادر جدا ..

    إبتعدت عنها ضاحكة .. أما هي فقد جلست على مقعدها .. ومازلت أشعر بتلك النظرات الحادقة المصوبة نحونا ..
    قال ياماتو: كيف حالك الآن أيتها السنفورة الغاضبة ؟؟
    إلتفتت إليه غاضبة وقالت : لا تتحدث معي أيها المحاق الثرثار ..
    ضحك ياماتو قائلا : إذا أنت بخير ..
    تأففت روز بصوت عالي علامة الضجر .. بينما تحدثت قبل أن يحل شجار بينهما : مارأيك يا روز أن نذهب إلى مكان ما قبل أن نعود إلى المنزل ؟؟
    قالت روز بحماس : نعم لنفعل ذلك ..
    ثم أردفت متسائلة : لكن إلى أين ؟؟

    بقيت حائرة أفكر .. لم أحدد مكانا نستطيع الذهاب إليه .. لقد إقترحت الأمر دون أن أفكر حتى ..
    قلت ضاحكة بغباء : آسفة لكني لا أعلم إلى أين أيضا ..
    ضربتني روز على رأسي بقبضتها متمتمة : أنت غبية حقا ..
    قاطعنا ياماتو قائلا : أنا لدي مكان رائع ، مارأيكما أن ترافقانا ؟؟
    نظرت إليه روز وقالت : لا شكرا لا نريد منك شيئا ، أفضل الموت على الذهاب معك ..

    قال ياماتو محاولا إغرائنا : ستندمين يا روز إذا لم تأتي معنا ، هناك محل يبيع أطعمة لن تنسيا طعمه أبدا ، إسئلا سوبارو فهو قد ذاقه من قبل ..
    نظرت روز إلى سوبارو .. ليقول بهدوء : ياماتو محق ، إنه شهي حقا ، أنصحكما بالذهاب ..
    قالت روز بتفكير : حسنا على شرط واحد ..
    ياماتو : وما هو ؟؟
    ـ سنأكل على حسابك ..

    إبتسم ياماتو قائلا ببساطة : شرطك سهل ، سأدفع لكما بقدر ما تشاءان ..
    إبتسمت وأنا أنظر إلى روز .. إنها لا تستطيع مقاومة الطعام أبدا .. ولن ترفض شيئا إذا تعلق الأمر بمعدتها .. إنها فتاة سهلة حقا ..
    سمعت ياماتو يقول لي : ستأتين معنا يا جوليا أليس كذلك ؟؟
    قلت مبتسمة وأنا أنظر إليه : بالطبع ، فأنا لن أدعكما تذهبان وحدكما ، فقد تبدآن بالشجار إذا لم أكن هناك ..
    قال مبتسما بطريقة جذابة : هذا رائع ، إذا أربعتنا سنذهب معا ..
    قلت متسائلة : أربعتنا ؟؟ من الرابع ؟؟
    قال وهو يشير على سوبارو: إنه سوبارو ..
    إلتفت إلى سوبارو بصدمة .. لماذا سيذهب معنا ؟؟ لا أريده أن يرافقنا ..
    لكني خشيت أن أتحدث ويغضب ياماتو مني .. سأجد طريقة أتهرب فيها عن الذهاب ..
    مرت آخر حصتان بسرعة البرق .. وبهذا انتهى الدوام المدرسي .. بدأت بجمع أغراضي لأسمع ياماتو يقول بحماس : هيا لنذهب جميعاً ..
    بعد إنتهائي .. إلتفت إلى روز وقلت بإبتسامة زائفة : أنا سعيدة حقا لأني سأذهب معكم ، ثم أنني لا ......
    صمت لثواني .. وبعدها تظاهرت بأني تذكرت شيئا وقلت : آوه صحيح لقد تذكرت للتو أن والدتي طلبت مني العودة بسرعة ، فهي لن تكون في المنزل ، لذلك يجب أن أعتني بأختي الصغرى ..

    قالت روز بإستغراب : هل تقصدين جودي ؟؟ هي تستطيع أن تعتني بنفسها ، فهي في المرحلة الإعدادية وليست طفلة لتعتني بها ..
    قلت بإبتسامة : صحيح أنها في الإعدادية إلا أنها لا تستطيع البقاء في المنزل وحيدة ..
    أحسست بنظرات ياماتو المصوبة نحوي .. أشعر أنه يشك في كلامي .. وكأنه يستطيع قراءة مايدور في داخلي ..
    قال ياماتو : جوليا تعالي إلى هنا قليلا ، أريد أن أتحدث معك على انفراد ..
    دب الخوف في قلبي .. سرت معه مبتعدين عن روز التي تنظر بإستغراب .. وسوبارو الذي ينظر ببرود ..
    قال بهمس : أجيبيني بصراحة ، هل سبب رفضك هو سوبارو ؟؟
    عضضت شفتي السفلي .. لقد إكتشف الأمر .. لكني لن أعترف بالحقيقة .
    قلت بإبتسامة بريئة مصطنعة : ولماذا أمنع نفسي من الإستمتاع بسبب سوبارو ؟؟ لا أبدا ، السبب الحقيقي هي أختي كما قلت سابقا ..
    اقتع بكلامي فأخذ يبتسم قائلاً : إذا لماذا لا نأخذها معنا ؟؟

    إنه مزعج حقا .. قلت ولازالت تلك الإبتسامة مرسومة على وجهي : لا لا فهي ستزعجنا حتما فهي وقحة ومزعجة، لذلك فالتذهبوا ثلاثتكم والتستمتعوا مع بعضكم ، وأنا سأذهب معكم لاحقا ..
    هز رأسه نافيا وقال : نحن لسنا أنانيين حتى نستمتع وحدنا ، يجب أن تشاركينا في ذلك ، لذلك سنتحمل أختك مهما كانت ، ثم أنني لا أظن أنها أكثر وقاحة من روز ..
    كتمت ضحكتي على جملته الأخيرة .. يبدو أنه يرى أن روز في مستوى متدني جدا ..
    ـ لا تقل هذا عن روز ، سأخبرها بما قلته عنها >> قلتها بخبث ..
    ـ لا لا أنا أسحب كلامي ، هي أروع فتاة في المدرسة بأكملها >> قالها وهو يتصنع الخوف ..
    ضحكت قائلة : على أي حال، فالتذهبوا لتستمتعوا ..

    قال بإصرار : ستذهبين معنا يا جوليا رغما عنك ، وأختك سترافقنا إذا لم تكن ترغب في المكوث في المنزل لوحدها ..
    آه من هذا الشخص العنيد .. الجدال معه لن يفيد .. لذلك قررت أن أستسلم .. ففي النهاية هو سيجبرني على ذلك ..
    عدنا إلى حيث روز وسوبارو واقفين ..
    قالت روز : مالذي كنتما تتهامسان به ؟؟ أخبراني بسرعة ..
    أجاب ياماتو : ليس بالأمر المهم ، كل ما هنالك أنني أقنعتها بالذهاب ..
    قال سوبارو : وماذا عن أختها ؟؟
    ـ ستذهب هي معنا أيضا ، سأطلب من السائق أن يمر على منزل جوليا ، ثم نأخذ أختها معنا ..
    خرجنا جميعا من المدرسة .. لينتظرنا سيارة سوداء فاخرة .. فتحت رجل مسن الباب لنا ج ..
    ركبنا أربعتنا للسيارة .. كان سوبارو جالسا مع ياماتو .. وفي الجهة المقابلة من ياماتو جلست أنا فيه .. أما روز فقد جلست مقابلة لسوبارو ..
    أغلق المسن الباب .. وبعدها توجه لمقعد السائق وبدأ يقود السيارة ..

    قال ياماتو يخاطبني : أين يقع منزلك يا جوليا ؟؟
    وصفت له شارع منزلي .. وبعدها طلب من السائق أن يقودنا إلى هناك .. عندما وصلنا إلى المنزل .. نزلت من السيارة حتى أنادي أختي ..
    قلت وأنا أترجاها : أرجوك يا جودي ، تعالي معي ..
    قالت جودي بملل : ولماذا ؟؟
    ـ لقد أخبرتهم أنك ستمكثين في المنزل لوحدك ، وأنك تخشين البقاء وحيدة ، لذلك قررنا أن نصطحبك معنا ، ولا أريد أن أظهر أمامهم بمظهر الكاذبة ..
    قالت ببرود : أنت من أعلاك إلى أسفلك كذبة ، لذا كذبة صغيرة كهذه لا شيء آمام أكاذيبك الأخرى..
    يا إلهي .. كيف أستطيع إقناع هذه الفتاة العنيدة .. جودي تمتلك شخصية قوية .. وهي إنسانة صريحة جدا .. ولا تعرف شيئا يسمى بالمجاملات ..
    نظرت إليها بنظرات مترجية .. علها تغير من رأيها .. لكنها كانت تبادلني بالنظرات الباردة ..
    قلت في محاولة أخيرة لإقناعها : إسمعيني نحن سنذهب بسيارة فاخرة لم تري مثلها أبدا ، فصديقي شخص ثري ..
    ردت ببرود : أنا لا يهمني المال ..
    ـ أرجوك يا جودي ، سأفعل أي شيء تطلبينه لمدة شهر ..
    إبتسمت بعدها جودي بخبث قائلة : هل حقا ستفعلين ذلك ؟؟
    هززت رأسي موافقة : نعم أي شيء ..
    وقفت جودي : حسنا سأذهب معك ، إنتظريني قليلا حتى أغير ملابسي ..
    تنهدت براحة .. الآن لن أظهر أمامهم بمظهر الكاذبة .. لذلك أنا مرتاحة قليلا ..



  17. #16



    رن هاتفي وكانت روز هي المتصلة .. تخبرني فيها أن أسرع .. فقد تأخرت كثيرا .. أخبرتها بأن تنتظرني نصف ساعة أ .. حتى أتمكن من تغير ملابسي أنا الأخرى..

    وأخيراً انتهينا .. غادرنا المنزل وعند صعودي للسيارة قال ياماتو موبخاً : ما كل هذا التأخير ؟؟
    قلت معتذرة : آسفة لكني استهلكت الكثير من الوقت حتى أقنع أختي بالذهاب معنا ..
    قالت روز : ولماذا لا تريد الذهاب ؟؟ ألم تكن تخشى البقاء وحيدة ؟؟
    أجابت جودي عوضا عني : لأن هذه الأخت قامت بالكـ........
    أغلقت فمها بيدي قبل أن تفضح أمري .. وقلت بإبتسامة متوترة : لا تهتموا بما تقوله ، فهي فتاة حمقاء ..
    إقترت من جودي وهمست قائلة : إذا قلت أي شيء أحمق فستلغى الصفقة ..

    ***

    ~ جودي ~
    أبعدت يد أختي عن فمي بقهر .. أكره أن ينظر إلي الآخرون بمنظر الفتاة الضعيفة والمغلوب على آمرها .. لكن بما أن جوليا ستطيعني لمدة شهر فلا بأس ..
    جلت ببصري على أرجاء السيارة الفاخرة .. يبدو حقا أن صديق جوليا ثري للغاية .. فمن النادر أن نرى سيارة كهذه ..
    نظرت إلى الشاب المقابل لجوليا .. إنه فتى وسيم حقا .. لكن يبدو مغرورا قليلا .. نظرت إلى الفتى الجالس بجواره .. لتصدر مني شهقة قوية ..
    إلتفت الجميع محدقين في وجهي .. والكل يتسائل عن سبب هذه الشهقة ..
    قلت مبتسمة بغباء : لا شيء ، كل ماهنالك أنني تفاجئت من هذا الشاب ..
    أشرت بيدي على الشخص الملفوف بالضمادات .. بينما صدرت ضحكة من روز .. أما جوليا فقد ضربت يدي الذي أشرت به نحوه وقالت غاضبة : جودي يجب أن تحترمي الآخرين ..
    سمعت الشاب الوسيم يقول بنبرة ساخرة : هي مثلك تماما يا جوليا ، لا تمثلي دور الفتاة الجيدة أمامها ..
    قلت لهذا الشاب : عرفني عن نفسك ..
    نظر إلي الشاب قائلا : أنا ياماتو وأنا زميل جوليا في الصف ..
    قلت بعدم رضى : أنت وسيم لكن إسمك ليس بتلك الجمال ..
    أتتني ضربة أخرى من جوليا .. لكن هذه المرة كانت على رأسي ..
    بينما إنفجرت روز ضاحكة .. كانت قهقهتها عاليا جدا .. أما ياماتو فقد صدرت منه ضحكة خفيفة .. رغم أنني خشيت أن يغضب مني ..
    - ألم تنزعج مما قلته !!
    قال بإبتسامة عريضة : أنت فتاة صريحة ، وتذكرينني بشخص أعرفه ..
    قال كلمته الأخيرة وهو ينقل ببصره إلى روز ..
    بينما أردف قائلا بعد دقائق : لم تعرفينا عن نفسك بعد ، ما اسمك وفي أي صف أنت ؟؟
    قلت وأنا أشير على الرجل الملفوف بالضمادات : دع هذا الرجل يعرف عن نفسه أولا ..
    نظر الرجل إلي .. بعدها قال ببرود : لا أريد أن أعرف عن نفسي لفتاة فظة لا تحترم الذين من هم أكبر منها سنا ..
    وضعت قدمي فوق الآخر وقلت بغرور : هه تتحدث كما لو أن هناك فارقا عمريا كبيرا بيننا ، بيننا سنتان فقط ، لذلك لست مجبرة على إحترامك ..

    حينها تدخل ياماتو : هذا الشاب يدعى سوبارو وهو في نفس صفنا أيضاً ، جاء دورك لأن تعرفينا بإسمك ..
    قلت وأنا أنفخ صدري بثقة : معكم جودي إبنة المحقق العظيم روك ، وأنا الآن في السنة الأخيرة من المرحلة الإعدادية ..
    ثم نظرت إلى روز وقلت متسائلة : روز ماسر الكمامة والنظارات ؟؟
    أجابتني روز بحدة : لا شأن لك ..
    تجاهلتها لأنني وبكل بساطة لا أتوافق مع روز إطلاقا ..
    لكني إندمجت سريعا مع ياماتو الذي كان مرحا وعفوياً عكس ما كنت أتوقعه .. لكن الشخص المدعو بسوبارو لم أرتح له إطلاقا .. فقد بقي هو صامتا طوال حديثنا .. وحتى أختي جوليا كانت صامتة دائما .. إلا إذا سألناها عن أمر ما فهي تجيب بإختصار وتعود إلى صمتها .. لكن روز كانت تشاركنا الحديث بإنفعال .. وبقينا نحن الثالثة نثرثر بشكلم تواصل ..

    توقفت السيارة بعد ذلك .. وقام السائق بفتح الباب لنا .. لم أتوقع في حياتي أني سأعامل كالملكة أو كشخصية مهمة..
    نزلت من السيارة برفقة الجميع .. لأتفاجأ بأنني في حي متواضع عكس ما كنت أتوقفه ..
    إلتفت إلى ياماتو قائلة بإستغراب : ألست من عائلة غنية ؟؟ هل تعيش في هذا المكان ؟؟
    إبتسم ياماتو وقال : بلى أنا كذلك ، لكننا الآن سنزور مطعما هنا ستحبينه حتما ..
    قلت بإحباط : ظننت أننا سنزور مطعما راقيا بما أنك ثري ..
    قالت جوليا بحدة : جودي توقفي عن ذلك الآن ..
    مشينا جميعا حتى وصلنا أمام محل متواضع .. نظرت إلى اللافتة ليصدر مني ضحكة ساخرة ..

    دخلنا جميعا إلى المكان .. ليجلس كل منا في مقعد .. كان المحل متوسط الحجم .. يوجد طاولة طويلة تفصل بين مكان وقوف البائع وبيننا ..
    طلبنا خمس أطباق متنوعة .. وبقينا ننتظر تجهيزه ..
    كانت روز تعبر عن مدى إستيائها من هذا المكان .. هي محقة تماما في إستيائها .. إذا كان هذا الياماتو ثري لماذا لم يدعنا على مطعم فاخر ؟؟
    إلتفت إلى جانبي الأيمن حيث يجلس ياماتو وقلت بصوت خافت حتى لا تسمعني جوليا الجالسة في الجهة اليسرى مني : ياماتو أنت رجل بخيل ..
    نظر إلي مبتسما وقال : ولماذ تقولين ذلك ؟؟
    قلت بنفس الهمس : على الرغم من أنك ثري إلا أنك دعوتنا إلى مكان قديم ومهترئ مثل هذا ..

    قال ياماتو وهو يحدق في البائع الذي يقوم بتجهيز الطعام لنا : إسمعيني يا جودي ، ليس كل الأماكن الراقية جيدة ، وليست كل الأماكن المتواضعة سيئة ..
    تأففت بصوت عالي .. لتقول جوليا لي : ماذا بك يا جودي ؟؟
    قلت بإبتسامة زائفة : لا شيء ..
    بعد دقائق انهى الطباخ إعداد الطعام .. ووضع أمام كل شخص طبقه الذي اختاره ..
    أمسكت بعيدان الطعام ..ثم قلت بعد أول لقمة : لذييذ ..
    إبتسم البائع قائلا : جميع الأطعمة التي نقدمها هي وصفات سرية توارثتها عائلتنا لأجيال ، وهذا شيء نفتخر به ..
    قلت مبتسمة : وأنا أشهد على ذلك ..
    قال ياماتو : هل رأيت ؟؟ قلت أنه سيعجبك ..
    قالت روز : لم أظن أنها بتلك اللذة ، لست نادمة إطلاقا على مجيئي إلى هنا ..
    جوليا : شكرا لك يا ياماتو على دعوتنا ..
    قال ياماتو مبتسما : أنا من يجب علي شكركم لأنك أتيتم معي ..
    بقينا نأكل ونحن نتحدث بسعادة عن مواضيع شتى .. لكن ذلك المدعو سوبارو لازال صامتا .. كما لو أنه ليس معنا ..

    سمعنا صوت باب المحل يُفتح ليأتينا صوت يقول : أبي آسف على تأخري ، على الرغم من أنني وعدتك بالمساعدة ..
    تصلب جسدي عندما سمعت الصوت .. أنا أعرف صاحبه حق المعرفة .. طأطأت رأسي للأسفل .. وأنا أدعو في داخلي أن لا يلاحظ وجودي .. فأنا لا أرغب في أن يراني هنا ..
    سمعت صوت خطوات آتية نحوي .. ليأتيني صوته عن قرب وهو يقول : جودي ماذا تفعلين هنا ؟؟
    تبا لقد كُشف أمري .. رفعت رأسي وقد كست ملامح البرود على وجهي ..
    قلت بنبرة باردة : أنا في موعد الآن أرجو ألا تزعجني ..
    سمعت شهقته العالية .. مختلط بشهقة أختي الحمقاء ..
    قال زاك بصدمة : هل أنت جادة ؟؟
    ثم نقل ببصره نحو ياماتو وقال بغضب : هل أنت صديقها ؟؟
    قلت بحدة : لا شأن لك في هذا يا زاك ، ثم لا ترعب صديقي بنبرتك الغاضبة هذه ..
    شعرت أن عينيه يتطاير منهما الشرر من شدة غضبه .. ويبدو أنه سيقتل ياماتو في أيت لحظة ..
    قال بنبرة غاضبة : لم أظن أبدا أنك تحبين الشبان الأكبر سنا ، لهذا كنت دائما ترفضينني ، مالذي يميزه عني ؟؟ هل لأنه وسيم فقط ؟؟
    كنت سأرد عليه .. لكن أختي قاطعتني قائلة : إهدأ أيها الفتى ، ثم أن جودي تكذب فقط ..
    إلتفت إليها زاك : ومن أنت؟؟
    قالت جوليا : أنا جوليا أخت جودي الكبرى ، وذلك الشاب هو زميلي في الصف ، والشاب الذي بجواره هو زميلنا أيضا ويدعى سوبارو وهذه الفتاة هي صديقتي روز ، وجودي أتت معنا حتى نتناول طبق رامن نصحنا به ياماتو ..
    تغيرت ملامح زاك مئة وثمانين درجة .. اختفت تلك النظرة الحادة .. وحل محلها نظرة هادئة .. واختفت تلك التقاسيم الحادة .. لتظهر إبتسامة جميلة وهو يقول لأختي : سررت بمعرفتكم جميعا ، أنا أدعى زاك وأنا في نفس سن جودي ، وأنا رئيس مجلس الطلبة في مدرستنا ..
    قلت بغضب مخاطبة أختي : أيتها الحمقاء لماذا أخبرته الحقيقة ؟؟ كنت أريده أن يستسلم ويبتعد عني ، لكنك أفسدت الخطة ..
    قال زاك وعيناه تشعان بالإصرار : أنا لن أستسلم أبدا يا جودي ، وسأظل ألاحقك حتى ترضي بي ..
    قال ياماتو مبتسما : أفهم منك أنك تحب جودي ؟؟
    إحمرت وجنتاه وهو يقول بخجل : أمم نعم لكنها لا تبادني المشاعر ذاتها ..
    أشار ياماتو بيده قائلا : أنا سأدعمك يا زاك ، فأنا أحب الأشخاص الذي لا يستسلمون بسهولة ..


    إبتسم زاك دون أن يقول شيئا .. أما أنا فقد نظرت إلى زاك نظرة ساخرة .. وعدت لأكمل طبقي ..
    بينما أنا آكل .. أشعر بنظراته المصوبة نحوي .. وهذا لا يجعلني أشعر بالراحة بتاتا ..
    رفعت راسي وأنا أضرب الطاولة بقبضتي .. قلت بغضب : إلى متى ستظل تحدق بي ؟؟ أنت مزعج حقا ..
    إلتفت الجميع إلي .. بينما أردفت قائلة : فالتخرج من هنا حالا فأنت تغضبني ..
    قالت جوليا : جودي فالتهدئي حالا وإلا غضبت منك ..
    صمت بسرعة خوفا منها .. جوليا مرعبة حقا عندما تغضب .. لذلك من الأفضل أن أتجنب غضبها ..
    لكن مع ذلك لازال هذا الأحمق يغضبني ..
    وقفت قائلة : سأنتظركم خارجا ..
    وقفت لأتوجه إلى الباب .. عندما أمسكت مقبض الباب .. أمسك شخص ما يدي الأخرى ..
    سمعته يقول : أرجوك أبقي هنا ، وأكملي وجبتك ، أنا سأذهب خارجا ..
    أبعدت يدي عن مقبض الباب .. وخرج من المحل .. وقبل أن يغلق الباب .. إبتسم إبتسامة لم أفهم مغازاها ثم أغلق الباب بعدها ..
    عدت إلى مقعدي وأنا لازلت غاضبة ..
    قال ياماتو : أنت قاسية حقا ..
    قلت بحدة : لا تتدخل ..
    أمسكت جوليا بيدي قائلة : تعالي معي ..
    نظرت إليها بخوف .. يبدو أنها غاضبة فعلا ..

    نهاية الجزء ..





  18. #17
    attachment
    ..( 12 )..

    ~ روز ~
    وقفت جوليا بهدوء ..و أمسكت بيد جودي قائلة : تعالي معي ..
    أحسست أن هناك شيئا سيحدث .. خصوصا أن جوليا تبدو على غير عادتها .. وقفت معهما لأرى ماذا ستفعل جوليا ..
    خرجت جوليا وهي ممسكة بيد جودي من المحل .. لحقت بهما لأرى جوليا تقف أمام زاك وتقول لجودي : إعتذري له حالا ..
    قالت جودي برفض : لن أفعل ذلك ..
    قال زاك مبتسما : لا بأس ففي النهاية أنا المخطئ ..
    رأيت ياماتو يقف بجانبي وهو يقول : ألا تبدو جوليا غريبة قليلا ..
    قلت مبتسمة وأنا أنظر إلى جوليا التي تنظر إلى جودي بنظرات حادة: يبدو أنها ستغضب حقا إذا لم تعتذر جودي ..
    ـ ألا يجب علينا تهدئتها قبل أن ترتكب جريمة بأختها ؟؟
    ـ فالنراقب بصمت فقط ، فأنا متشوقة لأرى ما سيحدث >> قلتها وعلى شفتاي إبتسامة خبيثة ..
    ضربني ياماتو على رأسي بخفة قائلا : لا تكوني شريرة يا روز ..
    تقدم ياماتو ناحيتهم .. وقال مبتسما : جوليا فالتهدئي أرجوك ، فالأمر لا يستدعي الغضب ، ثم أن زاك رجل ولن يهزه شيئ أليس كذلك ؟؟
    إبتسم زاك وقال : نعم فما تقوله جودي لن يؤثر علي ..
    نقلت جوليا بنظرها إلى جودي .. وظلت تحدق فيها بحدة .. بعدها أغمضت عيناها بهدوء لثواني ..
    لتفتحهما وتظهر جوليا جديدة تماما .. جوليا نظراتها تبعث على الهدوء والطمأنينة ..
    قالت مبتسمة عكس ماكانت سابقا وقالت لزاك : شكرا لك يا زاك لأنك تتحمل هذه الفتاة المزعجة ، وأنا آسفة حقا على ما تسببه أختي الصغرى من مشاكل ..
    إبتسم زاك قائلا : لا مشكلة إطلاقا ..

    عدنا جميعا إلى المحل من جديد .. أمسكني ياماتو قبل أن أدخل وهمس في أذني : روز لدي ...........
    لم يكمل حديثه لأنني دفعته بعيدا عني وأنا أرتعش في مكاني .. صرخت قائلة : لا تقترب مني ، إياك والإقتراب مني ..

    إحتضنت جسدي بكلتا يداي .. وأنا لا زلت أرتعش في مكاني .. ولازالت ذكريات تلك الليلة تُعرض أمامي .. كما لو أنها حدثت هذا اليوم ..
    لم تعد قدماي تستطيعان حملي .. إنهرت على الأرض وأنا أضغط على رأسي .. لازال صوت ضحكته الكريهة تتردد في أذناي .. لازال صراخه المتألم في رأسي ووعيده لم يفارقني ..

    ***

    ~ ياماتو ~
    ها هي ذا تصاب بالحالة ذاتها كالتي حصل معها في المدرسة .. توسلاتها العالية يصدح في أرجاء الحي ..
    تقدمت جوليا نحوي قائلة : ياماتو مالذي فعلته بها ؟؟
    قلت وأنا في وسط دهشتي : لا أعلم .
    ـ لا تكذب رأيتك تهمس في أذنها قبل دقائق ..
    ـ كل ما هنالك أنني أردت أن أسئلها سؤالا ، لكنها دفعتني وبدأت بالصريخ ..
    تقدمنا نحوها .. وحاولنا تهدئتها .. لكن يبدو أنها لا تنصت لنا .. ظلت تصرخ لدقائق .. وبعدها فقدت وعيها ..
    سقطت روز بين ذراعي جوليا التي بدأت بصفعها بخفة على وجهها ..
    نظرت إلى زاك الواقف بذهول .. قلت له بسرعة : أحضر كأس ماء يا زاك أسرع أرجوك ..
    نظرت إلى روز التي لا تشعر بشيء وقلت بقلق : مالذي اصابها يا ترى ؟؟ لماذا ينتابها هذه الحالة الغريبة ؟؟
    بعد ثوان جاء زاك وفي يده كأس الماء .. سكبت القليل من الماء في يدي .. وبدأت بمسح وجهها .. وقد نجح الأمر بالفعل .. إذ أنها بدأت تفتح عينيها شيئا فشيئا .. هتفت براحة : لقد استيقظت ..
    جلست روز بعد أن استعادت وعيها .. وظلت تتلفت يمينا وشمالا .. بعدها وقفت قائلة بتهديد : إياكم والتلفظ بكلمة واحدة ..
    لم أهتم بتهديدها .. قلت مستفسراً : روز أخبرينا ماذا بك ؟؟
    إلتفتت إلي بحدة وقالت : ألم تسمع ما قلته ؟؟ تصرف وكأن شيئا لم يحدث ..

    قلت معترضا : كيف أتصرف بذلك وقد حصل شيء غريب أمامي ؟؟ أخبرينا مالذي تخفيه ؟؟
    نظرت روز إلى جوليا وقالت : أسكتي هذا المحاق الثرثار إذا كنت تريدينني أن أبقى حية ..
    أشارت لي جوليا بالصمت .. بينما عادت روز إلى المحل ببرود .. وجميعنا نلاحقها بنظرات متسائلة ..


    أمسكت جوليا قائلا : جوليا من غير المعقول أنك لا تعلمين ما بها ، أنت صديقتها المقربة ويجب أن تعلمي ، أرجوك أخبريني مالذي أصابها ؟؟
    أبعدت جوليا يدي قائلة : لا أعلم لا تسألني ..
    قالت هذا ثم دخلت إلى المحل .. ودخلت أنا الآخر لأراهم يكملون الأكل بهدوء كما لو أن شيئا لم يكن ..
    بعد ان انتهينا توجهنا معاً إلى السيارة .. وكان الصمت هو سيد الموقف .. طوال المدة وأنا أنظر إلى روز التي تنظر إلى النافذة بعينان زائغتان .. ثم نقلت بصري إلى جوليا التي تجلس بهدوء وعيناها مثبتتان على حضنها ..
    قلت للسائق : توقف هنا والآن ..
    أوقف السائق السيارة والكل ينظر إلي بإستغراب .. لم يصل أحد إلى منزله بعد ..
    تابعت مخاطباً السائق : فالتغلق الباب من عندك بإحكام ..
    نفذ السائق أمري من دون أن يستفسر .. والجميع لازالوا يحدقون بي بإندهاش ..

    قلت بهدوء: لن يخرج أحد من هنا إلا بعد أن أعرف كل شيء ..
    قالت روز بإندفاع : كفاك جنونا أيها الغبي ، أعدنا إلى منازلنا ..
    قلت ببرود : لن أفعل ذلك حتى تُفصحي عن ما تخفيه ..
    قال سوبارو بنبرته الهادئة : إذا أردت أن تعرف ماتخفيه روز فما ذنبنا نحن البقية ؟؟
    روز بغضب : لست أنا الوحيدة التي تخفي الأسرار ، لدى كل شخص منكم سر يأبى البوح به ، لذلك لست مجبرة على الإجابة ..
    إعتدلت في جلستي وقلت بجدية : لنجعل هذه الجلسة جلسة مصارحة ، وكل شخص منا يجب أن يقول ما يخفيه ..
    ثم أردفت وأنا أنظر إلى الجميع بنظرات حادة : أشعر أن الجميع يخفي الكثير من الأسرار ، ويجب أن يُكشف ..
    أشاحت روز ببصرها بعيدا عني .. أما سوبارو فقد رمقني بنظرة حادة دون أن يقول شيئا ..
    أما جوليا فقد إبتسمت قائلة : ياماتو لا تكن أحمقا ، بأي حق تطلب منا أن نُفصح عن أسرارنا ..
    قلت بثقة : نحن أصدقاء ، ويجب ألا نخفي شيئا عن بعضنا البعض ..
    قالت روز ساخرة : أصدقاء !! لا تضحكني أيها الأحمق ..
    تكتفت وأنا أسند بجسدي إلى الخلف وقلت : يبدو أن اليوم سيكون طويلا ، لن أطلب من السائق أن يتحرك أبدا ، إلا إذا بدأتم بالتحدث ..
    إنقضت روز لناحيتي .. وأمسكت بياقة قميصي .. قالت غاضبة : إذا لم تتحرك سأقتلك أيها المجنون ، هل تفهم ؟؟
    إبتسمت بهدوء وقلت : روز أنت ضعيفة لا تحاولي التظاهر بالقوة ، أنت تعلمين أنك ستهزمين أمامي بكل سهولة ..
    رفعت يدي ممسكا كفيها اللذان التمسكان بها ياقتي .. وبعدها أبعدت يديها بكل يسر وسهولة ..
    قلت لأستفزها : روز لا تحاولي ، مهما تظاهرتي بالقوة فأنت تعلمين أنك ضعيفة ، لا تنسي أنك اعترفت بهذا أمام الجميع في الصف ..


    تجمدت ملامحها لثواني .. لتفاجأني فجأة بصوت صراخ عالي .. تليها سيل من الدموع والشهقات ..
    تيبست في مكاني .. لم أعلم ماذا أفعل .. لقد أبكيت روز .. لا أصدق ذلك ..
    سمعت جودي تقول بنبرة مستفزة : الفتى الوسيم قام بإبكاء فتاة ، هذا قاسي حقا ..
    نظرت إلى روز التي لاتزال تبكي بشكل متواصل .. وصوت شهقاتها يملأ المكان ..
    كردة فعل قمت بدفعها بعيدا عني .. بعد أن شعرت أنني السبب في بكائها .. سقطت روز في حضن جوليا .. ولازال صوت نحيبها مستمراً ..
    إحتضنتها جوليا وهي تنظر إلي بهدوء .. قلت بتوتر : لم أقصد أن أجعلها تبكي ، أنا آسف حقا ..
    قالت جوليا بهدوء : أعدنا إلى منازلنا بسرعة ..
    طلبت من السائق أن يوصلهم إلى المنزل بعد أن علمت أن منزل روز قريب من منزل جوليا ..
    لم يتكلم أحد بعد ذلك ..و روز دافنة وجهها في حضن جوليا .. أما جودي فظلت تنظر إلي بنظرات جعلني أؤنب نفسي ألف مرة ..

    عندما أوصلت الجميع .. لم يبقى إلا سوبارو الذي قال : أوصلني أمام بوابة المدرسة..
    نظرت إليه دون أن أقول كلمة .. لماذا لا يريدني أن أوصله إلى المنزل مباشرة ؟؟
    يبدو أنه يخفي شيئا ما .. لكن ما هو ؟..
    في النهاية عدت إلى المنزل .. ليستقبلني رئيس الخدم آلبرت ..
    نظرت إليه قائلا : ماذا تريد ؟؟ أنت لا تريني وجهك إلا إذا كان لديك خبر سيء ..
    إبتسم ببرود قائلا : اعذرني يا سيدي الصغير ، لكن والدك يطلب رؤيتك حالا ، إنه غاضب جدا ..
    زفرت بضيق .. لماذا هو غاضب ؟؟
    فجأة تذكرت أنه أخبرني أن زوجته الجديدة ستأتي اليوم .. ويجب أن أكون متواجدا لإستقبالها .. يا إلهي كيف نسيت ذلك ..

    نظرت إلى ألبرت وقلت : أين أبي الآن ؟؟
    ـ إنه في مكتبه منذ مدة ..
    أسرعت بخطواتي إلى مكتب أبي .. وقفت أمام الباب .. وقبل أن أفتحه أخذت نفسا عميقا .. بعدها طرقته بأدب ..
    لاسمع صوته الغليظ يقول من داخل الغرفة : أدخل ..
    فتحت الباب بهدوء .. دخلت وأنا مطأطئ الرأس ..
    لأسمعه يقول : تعال يا ياماتو ..
    عندما اقتربت من مكتبه .. رفعت رأسي لأراه واقفا .. وقد انهال علي بالصراخ غاضبا : ألم أخبرك أن تعود باكرا هذا اليوم ؟؟ لماذا تأخرت كثيرا ؟؟ لقد كنت أنتظرك منذ ساعتين ، ألا تحترم المواعيد أيها الإبن الغبي ؟؟ إسمعني أنت .......
    قاطع صراخ والدي صوت رقيق آتي من خلفي يقول : عزيزي لا تكن قاسيا على إبنك ..
    لحظة !! الصوت مألوف بالنسبة لي .. لقد سمعته قبلا .. إلتفت ببطء لأتفاجأ بأن معلمة الكيمياء راي تقف خلفي .. وعلى شفتيها إبتسامة ساحرة ..
    قلت بصدمة : ماذا تفعلين هنا ؟؟
    قال والدي وهو يقف بجانبها : دعني أعرفك بزوجتي الجديدة ، إنها تُدعى راي ، كما أنها معلمتك في المدرسة أليس كذلك ؟؟ أرجو أن تعاملها جيدا من الآن وصاعدا ..
    - كيف هذا ؟؟ ألم تجد سواها ؟؟
    تشنجت راي في مكانها من عبارتي .. أما والدي فقد صرخ في وجهي قائلا : ياماتو تحدث بإحترام ، فإهانتها هي إهانة لي ..

    بعد ثوان أشحت بوجهي بعيدا عنها وقلت : أنا سأعود إلى غرفتي الآن ..
    مررت بجانب والدي الذي قال بهمس : سنكمل حديثنا غدا ..
    يبدو أن والدي لن يسامحني بسهولة .. وسيعاقبني على ذلك حتما .. لكني لست خائفا منه بتاتا .. فاليفعل ما يشاء ..
    توجهت إلى غرفتي .. وبعد أن غيرت ملابسي .. ألقيت بثقلي على السرير وصوت شهقات روز عالقة في ذهني .. وصورتها وهي ترتعش لا يفارقني ..

    ***


    ~ جوليا ~
    استيقظت فجأة من النوم ثم نظرت إلى الساعة لأراها تشير إلى السابعة صباحا ..
    غريب حقا ! لقد نهضت باكرةً على الرغم من أن اليوم عطلة .. غسلت وجهي بعدها نزلت إلى الأسفل .. لأجد أبي يتناول إفطاره ووالدتي بجانبه ..
    نظرا إلي بإستغراب .. ليقول أبي مستفسرا : اليوم عطلة لماذا استيقظتي باكرا ؟؟
    إبتسمت وأنا أجلس بجانبه : لا أعلم ..
    أحاطني والدي بذراعه قائلا بحنان : هل مازلت تفكرين به ؟؟
    إبتعدت عنه بسرعة وأنا أقول بإندفاع : لا أبدا ، لقد نسيت الأمر تماما ، صدقني ..
    إبتسمت أمي بحزن وهي تقول : جوليا لا تلومي نفسك كثيرا ، ففي النهاية هو ليس خطأك ..

    طأطأت راسي وأنا أشدي على قبضتي .. ليس خطأي !! لا تمزحا معي .. أعلم جيدا أنني السبب في ذلك .. وأنهما يقولان ذلك لي للتخفيف عني .. لكني لن أسامح نفسي إطلاقا .. سأبقى أتحمل مسؤولية موته حتى يحين أجلي ..
    أيقظني أبي من شرودي قائلا : ما رأيك أن نتمشى قليلا بما أن الجو رائع ويبعث على الهدوء ..
    وقفت قائلة بحماس : حسنا ..
    ـ إذا فالتغيري ملابسك بسرعة ..
    صعدت إلى غرفتي بسرعة .. اخترت ملابس سريعة من خزانتي .. وبما أننا في الشتاء فقد ارتديت معطفا رمليا يصل حتى أسفل الركبة .. بعدها ارتديت صندلا بني اللون .. وحملت معي حقيبتي البيضاء ..
    نزلت للآسفل وبحماسة قلت : أنا جاهزة ..
    إبتسم والداي اللذان كان ينتظرانني أمام الباب ..
    قلت بإستغراب وأنا أتلفت يمنة ويسرة : ألن تذهب جودي معنا ؟؟
    أجابت أمي : لا تريد ذلك ، فهي تفضل النوم على الخروج معنا ..

    ياللأسف .. تمنيت أن نكون جميعاً تواجدين معاً فنحن غالباً لا نرى أبي كثيراً بسبب انشغاله الدائم ..
    خرج ثلاثتنا من المنزل .. لنتوجه إلى متنزه إفتتح قريباً .. وقفت في وسط تلك البساط الخضراء لآخذ نفسا عميقا وأنا أقول : كم أعشق الطبيعة ..
    فرشنا بساطا لنجلس عليه .. وأنا أتأمل الأشخاص الموجودون هنا ..
    كم من الرائع أن ترى عائلة مجتمعة مع بعضها البعض يتحدثون ويضحكون بسعادة .. منظر يبعث على السرور حقا .. وما يسعدني أكثر رؤية أولائك الأطفال الذين يركضون في أرجاء المكان وأصوات ضحكاتهم البريئة تُدخل البهجة على سامعها .. نظرت إلى الأطفال الذين يلعبون بالأراجيح الموجودة في الحديقة .. وبعض الألعاب الذي وُضعت خصيصا لهم ..
    لفت نظري وجود توأمين يبلغ أعمارهما بين الرابعة إلى السادسة .. يجلسان وحيدين على الكرسي الموجود في المتنزه .. وهو ينظرون إلى بقية الأطفال الذين يلعبون ..

    وقفت قائلة لوالداي : سأعود قريبا لا تقلقا ..
    توجهت بسرعة إليهما .. ما إن وقفت أمامهما حتى نظرا إلي بخوف بعينيهما البريئتين ..
    قلت بإبتسامة : مرحبا يا أطفال ، لماذا تجلسان وحدكما هنا ؟؟ مع من أتيتم ؟؟
    لاحظت أن الفتى قد أمسك الفتاة وهو يشد على قبضتها .. أدخلت يداي في جيبي .. بعدها أخرجت قطعتين من الحلوة وقلت وأنا أمده لهما : تفضلا إنها حلوى لكما ..
    نظر كليهما إلى بعضهما بتردد .. وبعد ثواني .. مد الفتى يده وأخذ الحلوى من يدي بسرعة وخبأها خلفه ..
    إبتسم له حتى أشعره بالأمان ..
    قلت مبتسمة : أخبراني ما اسمكما يا صغيراي ؟؟
    قال الفتى بتردد : أنا كيم ، وهذه أختي كين ..
    قلت مبتسمة : سررت بالتحدث إليكما ..
    لفت نظري تسريحة شعر الطفلة كين ، فقد كان فوضوياً وعشوائياً ، وضعت يدي على رأس الفتاة وقلت : تبدين جميلة يا صغيرتي مع ربطة شعرك هذا ، من ربطها لك ؟؟
    قالت الفتاة بخجل : إنه بابا ..
    ـ بابا إذا ، وهل هو من أحضركما إلى هنا أيضا ؟؟
    قال كيم : نعم ..
    ـ وأين بابا الآن ؟؟
    أشار الفتى بإصبعه الصغير إلى السيارة الموجودة في المتنزه وقال : لقد ذهب ليشتري البوظة لنا ..
    أردفت الفتاة : لقد أخبرنا بأن نبقى هنا حتى يعود ، وألا نتحدث مع الغرباء ..
    إحتضنتهما بحب .. أعشق الأطفال كثيرا .. خصوصا من هم في سنهم ..
    قلت بإبتسامة : وهل أنا غريبة ؟؟
    قالت الفتى بخجل ووجنتاه تتوهجان بالحمرة : لا أنت لست غريبة ، أنت فتاة الحلوى ..
    ضحكت من هذا اللقب .. وقلت : فتاة الحلوى !! إنه لقب جميل ..
    أردفت بعدها قائلة : أخبراني من اشترى لكما هذه الملابس الجميلة؟؟
    نظرا إلى ملابسهما المتشابهة .. وقالا في آن واحد : بابا ..
    لم أستطع تمالك نفسي أكثر .. إنهما رائعان جدا .. إحتضنتهما معا من جديد .. ولكن هذه المرة قمت بعصرهما بقوة أكبر وأنا أتمتم : أنتما لطيفان حقا ، أرغب في أن ألتهمكما ..

    سمعتهما يتمتمان بسعادة : بابا ، لقد أتى بابا ..
    أبعدتها عن حضني وأنا ألتفت إلى الوراء .. لأرى رجلا لايزال في ريعان شبابه .. وسامته مقاربة لوسامة ياماتو..
    قال الشاب حينها بصوت حازم : ماذا تفعلين بأطفالي ؟؟ هل أنت هنا لسرقتهم ؟؟

    نبرته الجادة جعلتني أقف بخوف وأنا أتمتم : آسفة لم أقصد إزعاجهما ..
    قفز الطفلان إلى والدهم .. قال كيم : بابا إنها فتاة الحلوة ..
    قال الرجل بإستغراب : فتاة الحلوة ؟؟؟
    نظر إلي بإستغراب .. كانه يستفسر عن سر هذا اللقب الغريب ..
    بينما أردفت كين : أنظر بابا لقد أعطتنا قطعة حلوى ..
    مسح الرجل رأسها بحنان ..وبعدها مد لهما المثلجات ليأكلاها بحماس ..
    عاد ينظر إلي وقال : شكرا لك على الحلوى التي أهديتها لأبنائي ..
    قلت مبتسمة : لا مشكلة إطلاقا ، حسنا وداعا ..
    أشرت بيدي مودعة الطفلين .. ليودعاني بدورهما بكفيهما الصغيرين ..

    عدت إلى والداي لأجدهما مندمجين معاً في الحديث لذا لم أشأ إزعاجهما وبقيت أنصت لهما بإستمتاع .. مضى زمن منذ أن جلست معهما بهذه الطريقة..
    سمعت أبي يقول لي وقد انتبه إلى وجودي : مابك تبدين شاردة !
    ـ لست كذلك أبداً يا أبي ..
    - إذاً إسمعيني لدي طلب
    - ما هو ؟؟
    قلت بهدوء : عودي إلى شخصيتك القديمة أرجوك فقد بدأت تصرفاتك المصطنعة تزعجني ..
    تشنج عضلات وجهي لثواني .. لماذا يطلب مني ذلك الآن ؟؟
    أشحت ببصري دون أن أرد عليه .. فاليطلب مني ما شاء .. إلا هذا الأمر ..
    وقفت قائلة بهدوء : سأذهب قليلا لأراقب الصغار ..
    توجهت إلى حيث المراجيح والألعاب .. وبقيت أراقب الصغار بهدوء .. هبت نسمة باردة جعلتني أشد من معطفي على جسدي ..
    الأطفال لا يشعرون بالبرد وسط كل هذه الضحكات .. فهم لا يهتمون سوى بالمتعة ولا غير .. سواء أكان الجو حار أو باردا فلا يهمهم ..
    شعرت بأحد يقوم بسحب معطفي للأسفل .. أنزلت ببصرها لأرى كين ممسكة بطرف المعطف .. أرخيت جسدي لأصل إلى مستواها قائلة : ماذا هناك يا عزيزتي ؟؟
    قالت ببراءة : لماذا فتاة الحلوى حزينة ؟؟ هل لأن الحلوى نفدت منك ؟؟
    ـ ومن قال أنني حزينة ؟؟ أنا سعيدة لمقابلتي لكم ..
    هزت رأسها بالنفي بقوة وهي تقول بإصرار : بلى أنت حزينة ..
    هل أصبحت شفافة إلى هذه الدرجة ؟؟ حتى الأطفال تمكنوا من معرفة حالتي النفسية ..
    أتاني صوت رجولي يقول : لا تحاولي الإنكار ، فكين بارعة في تحليل نظرات الآخرين ..
    نظرت إلى الرجل الممسك بيد كيم ..
    ثم وقفت وأنا أقول بإبتسامة: أحقا ما تقول ؟؟ إذا فستغدو ذكية في المستقبل ..
    قال الرجل مبتسما بجاذبية : أنا أدعى كازوما وأنت ؟؟
    ـ أنا جوليا يا سيد كازوما ..
    ـ تشرفت بمعرفتك ..
    ـ وأنا كذلك ..
    قلت بإستغراب : هل حضرتم إلى هنا وحدكم ؟؟ أين هي والدتهم ..
    اختفت تلك الإبتسامة الجذابة .. ليقول بهدوء : لقد توفيت منذ زمن ..
    وضعت يدي على فمي وقلت : أنا آسفة حقا لم أقصد أن أذكرك ..
    عادت تلك الإبتسامة وهو يقول : لا بأس ، مارأيك أن نتمشى معا قليلا ..
    قفزت كين في مكانها وهي تقول بعد أن رفعت يديها عاليا : إحمليني احمليني ..
    حملتها بين ذراعي لتضحك بسعادة وتتعلق برقبتي بكل براءة .. نظرت إلى السيد كازوما لأراه يبتسم لي ..
    سمعت كيم يقول بغيرة : إحمليني أيضا ..
    قلت بإحراج : آسفة لكني لا أستطيع حملكما معا في آن واحد ..
    قال كيم وهو يزم شفتيه بغضب : لكن بابا يحمل كلانا بين ذراعيه ، قولي أنك لا تحبينني ..
    قلت بسرعة: ومن قال ذلك ؟؟ أنا أحبكما لكني حقا لا أستطيع حملكما معا ..
    حمل السيد كازوما كيم وقال : كيم صغيري هي فتاة وليست رجل ، لذلك هي ضعيفة هل فهمت ؟؟
    هز كيم رأسه قائلا : حسنا لكن في المرة المقبلة سأدعها تحملني ..




  19. #18

    قال السيد كازوما لي : تعالي لنجلس قليلاً ..
    توجهت معه إلى أحد المقاعد الخالية .. وجلست بجانبه.. لكن تفصلنا مسافة بسيطة ..
    قال كيم لي : فتاة الحلوى ، لقد حان الوقت لتحمليني ..
    قلت كين وهي تتشبث بي : لا لا لا ، فتاة الحلوى لي أنا ..
    قال والدها ضاحكا : توقفا عن الشجار ، ثم أنها تدعى بجوليا وليست فتاة الحلوى ..
    قال كين بعناد : هي فتاة الحلوى يعني فتاة الحلوى ..
    قلت ضاحكة : فالينادونني بما شاؤوا ..
    قال السيد كازوما : مع من أتيت يا جوليا ؟؟ هل أنت لوحدك ؟؟
    ـ لا لقد أتيت مع والداي ..
    ـ وأين هما الآن ؟؟ ولماذا لا تجلسين معهما ؟؟
    قلت بمرح : لأني أحببت أن أخلي لهما الأجواء ..
    ضحك كازوما وهو يضرب رأسي بخفة : أنت مشاكسة فعلا ..

    صمتنا وكلانا لا يعرف كيف يفتح موضوعا .. ففي النهاية لقد تعرفنا على بعضنا للتو .. وليس هناك أي قواسم مشتركة بيننا ..
    قطع السيد كازوما هذا الصمت قائلا : جوليا لدي سؤال ..
    قلت بإستغراب : وما هو ؟؟
    قال بهدوء ونبرة حذرة : هل مررت بموقف غيّر من شخصيتك ؟؟
    على الرغم من أن سؤاله قد فاجأني .. إلا أنني لم أُظهر له ملامح الصدمة .. وفعلت كما لو أن سؤاله عادي جدا ..
    قلت مبتسمة : هل تسألني لأنك مررت بواحدة ؟؟
    ثم أردفت بنبرة خبيثة مغلفة بصوت بريء : كموت زوجتك مثلا ..
    تقصدت أن أجيب عليه بسؤال آخر .. ثم ألمس الوتر الحساس فيه .. حتى ينسى سؤاله لي .. ولا يرغمني على الإجابة ..
    وبالفعل .. كنت قد أفلحت في ذلك .. فقد تغيرت تقاسيم وجهه .. وأصبح شارد الذهن ..
    قلت متصنعة البراءة : : آوه آسفة لم أقصد أن أذكرك بها ..
    إنها المرة الثانية التي أقول فيها هذه الجملة .. في المرة الآولى كنت صادقة في إعتذاري .. لكن هذه المرة لم أكن كذلك ..

    حدق فيني بنظرات غامضة .. لم أفهم مغزاها .. لكني شعرت بقليل من الخوف من نظراته ..
    سرعان ما تتبدل هذه النظرات إلى نظرة هادئة وهو يقول مبتسما : لا بأس ففي النهاية أنا لا أنسى زوجتي الراحلة إطلاقا ، فهي كانت ومازالت في قلبي ، ونسيانها تُعتبر خيانة لها ، كما أنها طريقة أعبر فيها عن وفائي لها ..
    هذا ما كنت أهدف له بالتحديد .. ألا وهو نسيان الموضوع الرئيسي وابتداء موضوع جديد .. وقد أفلحت في ذلك ..
    فقد خرجنا عن الموضوع السابق لنبدأ التحدث عن زوجته الراحلة .. هذا جيد حقا ..

    قلت بإبتسامة : إن زوجتك الراحلة محظوظة حقا ، لإمتلاكها زوج وفي ومخلص وحساس مثلك ..
    قال وهو يمسح كفه برأسه من الخلف : لقد أخجلتني حقا ، لكن لأكون صريحا أنا هو المحظوظ لامتلاكي زوجة رائعة مثلها أنجبت ملاكين رائعين ألا وهما كيم وكين ..
    قلت بهدوء : متى توفيت زوجتك يا سيد كازوما ؟؟
    ـ في اليوم الذي أنجبت فيه هذان الطفلان ، وبصورة أدق في لحظة ولادتهما ..
    قلت بحزن وأنا أنظر إلى الطفلين : إذا فهما لم يذوقا حنان الأم في حياتهما قط ..
    ثم أردفت بسرعة وأنا أنظر إلى السيد كازوما : لكني على يقين أنك عوضتهما عن حنان الأم والأب ..

    رفع رأسه إلى السماء الزرقاء .. ليقول بصوت خافت كما لو أنه يخاطب نفسه : أنا لا أعلم حقا إن كنت هكذا أو لا ، أشعر أني مقصر في حقهما كثيرا ..
    نظر إلي ليقول بإبتسامة : جوليا أنت بارعة حقا في المراوغة والهرب أليس كذلك ؟؟
    ـ ماذا تقصد بذلك ؟؟ >> قلتها بإستغراب ..
    ـ ألم أسألك سؤالا قبل برهة ، لكنك لم تجيبيني بل قمت بتغيير الموضوع تماما ..
    قلت متظاهرة بالغباء : مالذي تعنيه ؟؟ لم تسألني عن شيء يا سيد كازوما ..
    ـ قبل أن أذكرك بالسؤال أرجو منك أن تناديني بكازوما فقط ، فأنت تخاطبينني كما لو أنني رجل عجوز ..
    قلت بسرعة : لا لا أقصد ذلك إطلاقا ، لكن من المهين أن أناديك بإسمك دون أي إحترام وأنت تمتلك طفلين في الخامسة من العمر ..
    قال وهو يشير على وجهه : برأيك كم عمري الآن ؟؟
    جلت ببصري على تقاسيم وجهه .. لأقول بعدها : أمم في الـ22 من العمر ..
    تعالت صوت ضحكاته .. لأقول بغيظ : مالذي يضحكك ؟؟
    قال بعد أن هدأ قليلا من الضحك : آسف لقد تذكرت شيئا ، بالنسبة لعمري فأنا الآن في الثلاثون من العمر وبشكل أدق سيصبح عمري أربع وثلاثون ..
    ـ وجهك لا يقول هذا مطلقاً ..
    ـ الجميع يقولون لي ذلك ..
    ثم أردف بإبتسامة : حتى أن يا جوليا لا تبدين في السابعة عشر من العمر لو لم أكن أعرفك لقلت أنك طالبة في الإبتدائية ..
    قلت مستنكرة : طالبة في الإبتدائية !! هذه إهانة ، ثم ماذا تقصد بعبارة لو أنك لم تعرفني ؟؟ هل تقابلنا سابقاً ؟؟ وأنى لك بمعرفة عمري الحقيقي ؟؟
    ـ لقد عشت أكثر منك لذلك اكتسبت الخبرة في تقدير أعمار الآخرين ..
    ـ هكذا إذا ..
    هذا الرجل يخفي أمراً ما ، تجاهل كل أسئلتي السابقة ولم يجب إلا على الجزء الأخير ، أظن أنه يجب المغادرة فأنا لا أحبذ فكرة البقاء مع أشخاص ماكرين من أمثاله ..
    نظرت إلى ساعة يدي لأقول بتفاجؤ كاذب : أوه يا إلهي لقد تأخرت كثيرا نحن عائدان الآن ، وداعا ..
    قلتها بسرعة وأنا أركض مبتعدة عنهم وألوح بيدي للأطفال ..
    لأسمعه يقول بصوت عالي : سنتقابل لاحقا يا جوليا ، ولن تهربي مني مرة أخرى ..
    بعد أن ابتعدت عنه بمسافة عدت أمشي ببطء .. وأنا أبتسم ساخرة من ذلك الكازوما .. لقد التقيت به صدفة ولا يعني هذا أننا سنتقابل لاحقا .. لكنه بدا واثقا من قوله أننا سنتقابل مجددا ..

    توجهت إلى والداي قائلة : هيا لنعد إلى المنزل فربما تقلق جودي علينا ..
    قالت أمي : أنت محقة هيا لنعد ..


    ***

    ~ ياماتو ~
    على مائدة طويلة كنت أنا وأبي وزوجة أبي جالسين عليها نتناول الفطور بهدوء .. دون أن يتحدث أحد إلى الآخر .. وضجيج الملاعق والسكاكين هي وحدها من يكسر هذا الصمت .. فهذا أحد قوانين هذا المنزل ..
    بعد أن انتهيت .. بقيت أنتظر إنتهاء والدي وزوجة والدي .. لأن القانون الآخر هو ألا ينهض أحد من المائدة إلا بعد أن ينتهي الجميع ..
    تبا لهذه القواعد الغبية التي تحاصرني .. حتى في الأكل هناك قيود ..
    دقائق وانتهى والدي وزوجته من تناول الإفطار .. ثم نهضنا جميعا .. لأسمع والدي يخاطبني : فالتتوجه إلى مكتبي وتنتظرني ، فهناك ما أريد أن أتحدث به ..
    يبدو أنه لم ينس ما حدث ليلة أمس .. توجهت إلى مكتب أبي كما طلب مني .. وألقيت بثقلي على أحد الكراسي المغطى بالجلد الفاخر ..
    وماهي إلا دقائق حتى دخل أبي وهو يرمقني بنظرات حادة .. جلس أمام المكتب ولازال يحدق فيني ..
    قلت بهدوء : ماذا تريد مني يا أبي ؟؟
    ـ نحن لم ننهي حديثنا في الأمس أليس كذلك ..
    هززت رأسي بإيجابية دون أن أقول شيئا ..
    ليقول لي : ماسبب تأخرك يا ياماتو ؟؟ أجبني بصراحة دون كذب أو مراوغة ..
    ـ لقد توجهت مع أصدقائي إلا أحد المطاعم لتناول الطعام ..
    أمال والدي فمه بسخرية ليقول : قلت أصدقائك !! لماذا شخص في مقامك هذا يصاحب أشخاص من مستويات متدنية ؟؟
    ثم أردف بغضب وهو يضرب الطاولة بكفه : هل تريد أن تُنزل من سمعتي ؟؟ ألا تعلم من أنا يا ياماتو ؟ ومن أي طبقة نحن ؟؟
    قلت ساخرة : نعم أعلم ، أنت السيد كودو أشهر رجال الأعمال ..
    قال بحدة : ومن أنت ؟؟
    أجبت ببرود : أنا ياماتو إبن السيد كودو ..
    عندها صرخ والدي بغضب : ولماذا إبني الوحيد يتسكع مع مجموعة من غريبي الأطوار ؟؟
    قطبت حاجباي بإستغراب وأنا أقول : غريبي أطوار !!
    بعد ثواني إنطلقت قهقة عالية بمجرد تذكري سوبارو الملفوف بالضمادات وروز بنظاراتها و كمامتها..
    انتبهت إلى نظرات والدي الحارقة .. لذلك توقفت عن الضحك وقلت وأنا أكبت ضحكتي : إحم آسفة ..

    قال والدي بجدية : لقد كان حماقة مني سماحي لك بالإنتقال إلى مدرسة غبية كتلك ، سأنقل أوراقك حالا إلى المدرسة التي يجدر أن تدرس بها حيث الأثرياء الذين هم من طبقتنا ..
    قلت بصدمة : ماذا ؟؟ هل أنت جاد ..
    ـ نعم كل الجدية ، وستبدأ الذهاب إليه من الأسبوع المقبل ..
    قلت برفض : لا أريد ذلك ، أنا مرتاح في مدرستي ..
    ـ أنا لم أخبرك لأطلب رأيك ، أنا أخبرك لتعلم فقط ..
    نظرت إليه بغضب .. لماذا يتدخل في شؤوني الخاصة ؟؟ لكني أعلم أنه لا جدوى من العناد .. فأبي دائما يفعل ما يحلو له ..
    قلت له وأنا أحاول أن أتمالك أعصابي : فلتؤجلها للأسبوع التي تليها ..
    نظر إلي بطرف عينه قائلا : ولماذا ؟؟
    قلت بهدوء : أريد أن أودع أصدقائي ، فليس من اللائق أن أنتقل من المدرسة دون أن أخبرهم ..
    قال ساخرا : حسنا كما تريد ، فالتودع أصدقائك الغرباء ..
    قلت بقهر : لا تناديهم بالغرباء فهم ليسوا كائنات فضائية لتقول ذلك ..
    ـ أشك في ذلك ..
    ثم أردف منهيا النقاش : فالتخرج الآن ، لدي الكثير من الأعمال ..

    نهاية الجزء ..

    اخر تعديل كان بواسطة » كاروجيتا السيان في يوم » 16-11-2020 عند الساعة » 21:18 السبب: تصحيح الخلفية

  20. #19
    attachment

    13
    ~ سوبارو ~
    كنت في طريقي إلى المدرسة .. والجميع يحدق فيني بشفقة .. وأصوات همساتهم تصل إلى مسامعي .. رغم ذلك لم آبه بما يقولونه .. فقد اعتدت على هذا كثيرا ..

    عندما وصلت إلى الصف .. جلست في مكاني .. وأخرجت الكتاب الذي لم أكمله .. بدأت أضيع وقتي بالقراءة ..
    بعد قليل لاحظت جوليا التي جلست أمامي في مقعدها .. أقفلت الكتاب بهدوء فهناك تسلية أخرى هنا غير القراءة ..
    قمت بندائها : جوليا ..
    لم ترد علي ..لذا أعدت ندائي ظنا من أنها لم تسمع لكن لم يجدي هذا نفعا ..
    مددت يدي لأمسك بكتفها .. لكنها وقفت فجأة وركضت خارج الفصل .. أدركت حينها أنها تجاهلتني عن قصد ..
    لم أكلف نفسي عناء الركض خلفها .. فهي في نهاية المطاف ستعود حتما ..
    بعد قليل سمعت روز تقول : أيها المومياء أين جوليا ؟؟
    رفعت رأسي ببطء إليها .. قلت بهدوء: هل تتحدثين إلي ؟؟
    ـ نعم ومن غيرك المومياء هنǿ؟
    قلت بحدة : أنا إسمي سوبارو ..
    قالت بغرور : أنا حرة في إختيار الإسم الذي سأطلقه عليك ، والآن أجبني أين هي جوليا ؟؟ أنا أرى حقيبتها لكني لا أراها ..
    قلت ببرود وأنا أعاود القراءة : عندما تتحدثين بإحترام سأجيب عليك ..
    سمعتها قالت غاضبة : أنا لا أحتاج مساعدتك في الأصل أيها المومياء ..
    قلت لأستفزها : ولماذا سألتني إذا كنت لا تحتاجين إلى مساعدتي ؟؟ أو أنك تحاولين أن تجدي فرصة لتتحدثي معي ..
    قالت بإستنكار : ماذا !! هل أنت جاد ؟؟
    ثم أردفت غاضبة : ومن أنت حتى أتحرى الفرصة للحديث معك ؟؟
    أجبت بثقة مفرطة : أنا سوبارو ..
    صدرت منها ضحكة خافتة .. وهي تقول : أنت أحمق بالفعل ..
    عندها قاطعنا ياماتو وهو يقول بمرح مخاطباً جميع من في الصف : مرحبا يا أصدقااء كيف حالكم جميعا ؟؟
    نظرنا إليه بإستغراب .. يبدو نشيطا على غير العادة .. قلت بإستفسار : هل حصل شيء جيد لك ؟؟
    قال مبتسما : ولماذا تسأل ؟؟
    ـ لأنك تبدو غريبا ..
    إبتسم بغموض دون أن يقول شيئا .. بعدها قال : أين جوليا ؟؟
    أجابت روز : وما شأنك ؟؟ كفاك تطفلا ..
    قلت لروز بملل : روز أنت تحبين إحداث الشجار ..
    إلتفتت إلي قائلة بغضب : ماذا تقصد ؟؟
    تأففت بضجر .. إنها مزعجة حقا ودائمة الغضب ..
    حينها خطر في ذهني فكرة ماكرة فقلت بخبث حتى أحرجها : أتعلمين لم أكن لأتوقع مطلقاً أن تقفي أمامنا الآن بعد أن انفجرت باكية في الأمس ..
    تغيرت ملامحها تماما .. يبدو أني قد ذكرتها بشيء حاولت نسيانه .. لاحظت إرتعاش يديها .. نظر إلي ياماتو معاتباً ..
    ثم تقدم نحوها وقال بإبتسامة عريضة محاولاً إصلاح الوضع : لا بأس يا روز ، فجميعنا ينتابنا لحظة ضعف ، ثم أن البكاء ليس عيبا إطلاقا ..

    دفعته روز جانبا وركضت خارج الصف .. قال ياماتو وهو ينظر إلي : أنظر ماذا فعلت ، أنت أحمق ..
    قلت ببرود : هي دائما ما تجرح الآخرين بلا مبالاة ، حان الوقت لأن تتذوق من نفس الكأس ..
    ـ لكنها فتاة أيها الأحمق ، والفتيات مهما تظاهرن بالقوة فسيبقين ضعيفات ..
    زفرت بضيق .. إذا أنا مخطئ .. وقفت قائلا : إذا لنذهب للبحث عنها ..
    تفرقنا عن بعضنا بحثا عن روز .. الحصة الأولى قارب على البدء .. لكني لا أستطيع العودة إلا عندما أجدها ..
    سرت في الممرات باحثا عنها .. لكني لم أجد لها أثرا .. يا ترى أين يمكن أن تكون ؟؟
    فكرت في مكان يمكن أن تبقى فيه .. ليخطر في بالي فجأة سطح المدرسة ..
    سرت بسرعة نحو السطح .. لأجد الباب مفتوحا .. دخلت لأتفاجأ بها تتسلق السور الموجود حول الحافة ..
    قلت بصراخ : أيتها الحمقاء ماذا تفعلين ..
    إلتفتت ببطء وقالت بعدها بإبتسامة خبيثة : سألقي نفسي من أعلى المدرسة ، لأجعلك تتحمل خطأ موتي ..
    قلت بسخرية : وهل تظنين أنني سأندم حقاً ؟؟ على العكس سأكون سعيدا جدا ، وأسأقيم حفلة صاخبة على شرف موتك ..
    صرخت غاضبة : أيها المتبلد ..
    قلت بجدية : روز لا تكوني غبية ، أنزلي حالا ..
    هزت روز رأسها وقالت : لن أنزل ، لا أريد أن أعيش أكثر ..
    ثم أردفت بصوت مهزوز وكأنها تُعلن عن بدء البكاء : أريد أن أموت لأرتاح ، هذه الحياة لا تسبب لي سوى الألم والبؤس ..
    صرخت بغضب : لا تكوني حمقاء ، فكري بوالديك وعائلتك ، هل سيكونون سعداء إذا ما ألقيت بنفسك من هنا ؟؟
    قالت ضاحكة وسط دموعها : أمي ستكون سعيدة بالتأكيد ، فعندما أموت ستتزوج قدر ما شاءت ، ولن يعارضها أحد ، وأخي سيسعد بالخبر كثيرا ، فهو لطالما تمنى موتي أصلا ..


    تفاجأت مما سمعته .. هل حقا ما تقوله ؟؟ لم يكن هناك وقت لأفكر في مدى صحة كلامها .. أسرعت بالتوجه نحوها .. وبعدها أحطت بيداي خصرها الصغير وجذبتها ناحيتي لتسقط فوقي ..
    قلت لها بملل : أنت فتاة غبية حقا ، تفكرين بالإنتحار في مثل هذا العمر ؟؟ لم تعيشي حياتك بعد لتفكري بالإنتحار ..
    أبعدتها عني ووقفت قائلا وأنا أنفض التراب عن ملابسي : لقد تأخرنا كثيرا ، هيا لنعد إلى الصف ..
    سرت متوجها نحو الباب لأسمعها تقول بصراخ : لماذا أنقذتني أيها المغفل ؟؟ نحن لا نعرف بعضنا ، ولا تربطنا أي علاقة ، وأنا دائما ما أناديك بالمومياء وأستفزك ، لماذا تنقذني إذا ؟؟




  21. #20
    [CENTER]


    وقفت في مكاني لثواني .. بعدها أكملت طريقي وأنا أقول : لأن هناك من سيحزن لموتك ..
    أخرجت هاتفي المحمول وأرسلت رسالة لياماتو أخبرته فيها عن مكان روز .. وأنني قد وجدتها ..
    سرنا كلينا إلى الأسفل لنتقابل مع ياماتو في منتصف الطريق ..
    قال ياماتو وهو يلهث : الحمد لله أننا وجدناك ، خشيت كثيرا من أن تقومي بشيء خطير ..
    يبدو أنه كان يركض كثيرا .. وهذا واضح جدا .. قلت له : هيا لنعد إلى الصف فالحصة الأولى بدأت منذ ربع ساعة ..
    سرنا ثلاثتنا إلى الصف .. قال ياماتو : يبدو أننا سنعاقب لا محالة ..
    قالت روز بغضب : من طلب منكم البحث عني ؟؟ أنتما حقا سخيفان ..
    قلت ببرود : أما يجب عليك شكرنا !! أنت فتاة ناكرة للجميل ..
    تجاهلت روز ما قلته وسألت بإستغراب : وهل جوليا بحثت معكما ؟؟
    قال ياماتو : نحن لم نرها حتى ، يبدو أنها في الصف الآن ..
    تفاجأنا برؤية جوليا واقفة خلف باب الصف .. ويبدو أنها خائفة من الدخول ..
    بدأ ياماتو بالحديث معها : جوليا ماذا تفعلين ؟؟ لماذا لم تدخلي ؟؟
    قال جوليا بتوتر وهي مطأطئة رأسها : أخشى أن يطردني معلم اللغة الإنجليزية ..
    أردفت روز : صحيح فذلك المعلم غير متفهم على الإطلاق ، لكن أين كنت أنت ؟؟
    ـ أمم كنت كنت ...
    صمتت جوليا ومن الواضح أنها لا تريد أن تخبرنا أين كانت .. أو بمعنى أصح لا تريد أن تخبرني أنا أين كانت .. ووجودي معهم يجعلها لا تشعر بالراحة أبدا ..
    قال ياماتو : لندخل والنجرب حظنا ..
    فتحنا الباب ودخلنا جميعا .. لينظر إلينا المعلم بإستحقار وهو يقول : أين كنتم جميعا ؟؟ لماذا التأخير ؟؟
    قالت روز : لقد كنا في دورة المياه فجميعنا يعاني مشكلة مع معدته ..
    قال المعلم ساخرا : إضحكي على شخص آخر بهذا العذر السخيف ، والآن فالتذهبوا جميعا إلى مكتب المدير ..
    قالت روز بغضب : ماذا ستخسر إذا ما سمحت لنا بالدخول ؟؟ لأنك المعلم تظن أنه بإستطاعتك أن تتحكم فينا ؟؟ لا وألف لا ..
    سحبتها من قميصها وأنا أقول : يكفي يا روز لا نريد مشاكل أخرى نحن في غنى عنها ..
    توجهنا جميعا إلى مكتب المدير وروز تتمتم بالشتائم طوال الطريق بصوت خافت .. لأن المعلم كان خلفنا ..

    وصلنا إلى مكتب المدير وطرقنا الباب .. عندما دخلنا إلى مكتب المدير كانت هذه أول مرة أراه فيها .. كان منظره مضحكا بنظارته الكبيرة الذي يضعها على وجهه ..
    أخبره المعلم بتأخرنا وبعدها غادر المكتب وبقينا نحن الأربعة بإنتظار ما سيقوله لنا ..


    ***

    ~ جوليا ~
    في الواقع أنا لا أشعر بالخوف إطلاقا .. ففي الماضي إعتدت كثيرا على زيارة مكتب المدير .. لذلك هذا لا يشكل أي فارق إطلاقا ..
    لكن هذا المدير لا يبدو صارما حقا .. ويبدو كشخص أحمق خلف تلك النظارات والتسريحة الفوضوية ..
    وقفنا نحن الأربعة بجانب بعضنا .. وكان ترتيبنا كالآتي .. كنت أقف وبجانبي ياماتو و روز وأخيرا سوبارو ..
    وقف المدير وبدأ بالسير أمامنا ببطء وهو يتأمل في وجوهنا .. بدأ السير من الجهة الأخيرة .. وعندما وصل لناحيتي ..
    قال بهدوء : لقد تقابلنا مجددا يا جوليا ..
    تفاجأت من أنه يعرفني .. ثم مالذي يقصده بأننا تقابلنا من جديد ؟؟
    سألني ياماتو بفضول : هل تعرفينه يا جوليا ؟؟
    قلت وأنا أهز كتفاي : لا أعلم ..
    قال المدير : يبدو أنك لم تعرفيني بسبب هذه النظارات ماذا إذا نزعتها ؟؟
    وضع يده على تلك النظارات الكبيرة ونزعها ببطء ثم أعاد شعره إلى الوراش لتظهر معالم وجهه واضحة .. نعم .. إنه السيد كازوما نفسه .. والد الطفلين كيم وكين ..
    تصنعت عدم التفاجؤ وقلت : والمطلوب ؟؟
    إبتسم قائلا وهو يعيد إرتدائها : يالبرودتك توقعت ردة فعل أقوى من هذا ، لكن صارحيني القول لم تتوقعي أبدا أن أكون مديرا لمدرستك أليس كذلك ..
    علمت الآن كيف علم بعمري .. ولماذا بدى واثقا من أنه سيقابلني مجددا .. يالخبثه !!
    وعلمت أيضا كيف علم بشأن شخصيتي القديمة .. لكني لن أعترف بذلك .. فإن كان ماكراً فأنا أشد مكراً منه ..

    قفزت روز ناحيتي قائلة بفضول : جوليا هل تعرفينه ؟؟ هل هو قريبك ؟؟
    أبعدتها عني بهدوء وأنا أقول مبتسمة : لا إطلاقا لا أعرفه ، هذه هي المرة الأولى التي إلتقينا فيها ..
    قال المدير ضاحكا : أنت قاسية حقا ، كيف تنكرين لقائنا ؟؟
    نظرت إليه بإبتسامة أخفي خلفها الغضب : سيدي المدير أرجوك قم بالإجراءات اللازمة التي يجب أن تتبعها بسبب تأخرنا عن الصف ..
    عاد المدير إلى مقعده الموجود خلف المكتبة وقال : لماذا تأخرتم جميعا في آن واحد ؟؟
    ياماتو : لقد كنا جميعا نعاني من آلام في المعدة ..
    أطلق المدير ضحكة خافتة بعدها قال : وماذا أكلتم جميعا ؟؟ يبدو أنه شيء فاسد ..
    ياماتو : لقد تناولنا وجبة أعدته روز لنا ، كان منظره مقرفا لكنها أجبرتنا على تناوله ويبدو أنه السبب في ما حصل لنا ..
    شهقت روز بصوت عالي وقالت بصراخ : أيها الكاااااااااااااااااااذب ، لا تؤلف قصصا من خيالك ..
    ضحك ياماتو بصوت عالي .. بينما احتقن وجه روز من الغضب .. قلت لأهدئ الأجواء : سيدي المدير ما حصل هو أننا قررنا التأخر عمدا حتى نزور مكتبك ، ونطمئن عليك ، ولم نجد سوى هذه الطريقة ..
    نظر الجميع إلي بصدمة .. وبعد ثواني دوت قهقهة المدير أرجاء مكتبه .. كانت قهقهة رجولية .. همست روز في أذني : أيتها الغبية وهل تظنين أن عذر غبي كهذا سينجينا من العقاب ؟؟
    قلت بهدوء : لكنه أفضل من عذر ياماتو ..

    بعد دقائق توقف المدير عن الضحك .. ونزع نظارته الكبيرة ومسح بها دموعه التي سالت من كثرة الضحك ..
    قال بعد أن وضع نظارته جانبا وظهرت ملامحه الوسيمة : إسمعوني جميعا بما أنكم أضحكتموني سأسامحكم هذه المرة ، لكن لا تكرروا فعلتكم من جديد ..
    قال سوبارو بسخرية : أنت مدير مستهتر حقا ، لا تستحق هذا المنصب ..
    ضربه ياماتو وهو يقول : أصمت أيها الأحمق ولا تتفوه بكلمة ..


    قال المدير : يبدو أنك تريد أن تُعاقب ، إذا لك ذلك ، ستقومون جميعا بتنظيف دورات المياه بعد إنتهاء الدوام ..
    قالت روز مستنكرة : ماذا !! ننظف دورات المياه !! محااال ..
    قال المدير ببرود : إذا فالتبحثوا عن مدرسة ستقبل بكم بعد أن أطردكم وأكتب في ملفاتكم عن أفعالكم الشنيعة ..
    قال ياماتو معارضا : إذا أردت معاقبة أحد فالتعاقب سوبارو وحده ..
    أمال المدير شفتيه بإبتسامة جانبية وقال : أنتم أصدقاء والصديق وقت الضيق ، والآن فالتخرجوا من هنا حالا ، وتذكرا ما قلته ..
    خرجنا جميعا من مكتب المدير ونحن نرمق سوبارو بنظرات غاضبة .. لم أظن أبدا أنه سيتفوه بهذه الترهات ..

    لكننا سمعنا المدير ينادينا من جديد .. دخلنا والغضب يشتعل في داخلنا ..
    روز بحدة : ماذا تريد أيضا ؟؟ هل ستزيد عقوبتنا ؟؟
    قال المدير : أدخلوا جميعا إذا لم ترغبوا في ذلك العقاب ..
    دخلنا جميعا وطلب منا أن نغلق الباب .. وقفنا ننتظر ما سيقوله ..
    المدير : إسمعوني جيدا إذا لم تريدوا تنظيف دورات المياه فهناك خيار آخر ..
    الكل بإستثناء سوبارو : وما هو ؟؟
    إبتسم المديرة إبتسامة غامضة وهو ينظر إلى روز قائلا : سأسامحكم إذا أخبرتني روز عن سبب الجروح التي في جسدها وقصة الحرق الموجود في ظهرها ..
    توجهت أنظار الجميع إلى روز .. وكلنا في شوق لما ستقوله ..
    لتقف روز وتقول : ستجد دورة المياه تلمع نظافة ..
    شعرت بالإحباط الشديد .. ظننت أنها ستعترف .. لكن يبدو أنها عنيدة حقا ..
    قال المدير وهو يحدق فيني : جوليا ألن تخبريني عن ما حصل لفتاة العدالة ؟؟
    سؤاله صدمني جدا .. لكني لم أُظهر هذا على ملامحي كالعادة .. وإنما تظاهرت بالغباء قائلة : فتاة العدالة !! عن ماذا تتحدث ؟؟
    إبتسم المدير وهو لازال يحدق في وجهي .. أشحت بوجهي قائلة : مهمة التنظيف بسيطة للغاية ..
    سمعت ضحكته الخافتة .. بعدها قال وهو يوجه أنظاره إلى سوبارو : على الجواهر الثمينة أن تخفي نفسها أليس كذلك يا سوبارو ؟؟
    رمقه سوبارو بنظرات حادة وقال بنبرة تهديد واضحة : هذا ليس من شأنك أيها المدير ..
    إبتسم المدير ثم نظر إلى ياماتو وقال : وأنت ماذا ستفعل بعد أسبوع ؟؟
    قال ياماتو بإبتسامة : لا تخبرهم بذلك ، فأنا لا أريد لأحد أن يعلم إلا بعد أن يحصل ..
    زفر المدير قائلا : أنتم حقا مثيرون للإعجاب ، تستطيعون الذهاب سأعفوا عنكم هذه المرة لكن لا تكرروا فعلتكم ..

    خرجنا جميعا من الصف ونحن صامتين .. كل منا يفكر في شيء مختلف عن الآخر .. يبدو أن هذا المدير يخفي الكثير .. شخص مرعب حقا .. يجب ألا أقابله مجددا ..
    نظرت إلى الثلاثة الذين يسيرون أمامي .. يبدو أن الجميع يخفي شيئا .. حقا هذا غريب ..

    مر اليوم بسلام دون أن يحدث شيء .. فالجميع كان يبدو شارد الذهن .. وكلٌ يفكر في أمر مختلف عن الآخر ..
    في نهاية الدوام .. قالت روز أنها ستغادر أولا .. لم أمانع ذلك .. بعدما انتهيت من جمع أغراضي ..
    سمعت سوبارو يناديني .. زفرت بضيق .. الهرب لن يجدي نفعا بعد الآن .. إلى متى سأظل أهرب ؟؟
    إلتفت إليه ببطء وأنا أقول : ماذا تريد ؟؟
    نظر إلي بإستغراب .. وكأنه أراد مني الهرب ..


    [/QUOTE]



الصفحة رقم 1 من 9 123 ... الأخيرةالأخيرة

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter