2842062_large-lnd




لم لا يأتي الدور أخيراً على ليتوانيا للظهور في المحافل الكبرى؟ فهذا البلد الواقع في منطقة البلطيق والذي تبلغ كثافته السكانية حوالي ثلاثة ملايين نسمة لم يتمكن منذ أن استعاد استقلاله عام 1990 من التأهل إلى أي بطولة كبرى، لكن حظوظه لا تبدو سيئة لضمان الحضور في نهائيات كأس العالم 2018 FIFA التي ستقام في الجارة روسيا. على الرغم من أن ليتوانيا وقعت في المجموعة السادسة مع إنجلترا المرشحة الكبرى التي لم تستقبل أي هدف إلى غاية الآن إلا أن الصراع على المركز الثاني على الأقل، الذي قد يكفي للعبور إلى النهائيات العالمية، يبدو مفتوحاً أكثر من أي وقت مضى.

إذ تملك منتخبات سلوفينيا (8 نقاط) وسلوفاكيا (6) وليتوانيا (5) واسكتلندا (4) جميعها في الوقت الراهن آمالاً مشروعة في تحقيق الغاية المرجوة. كانت بداية أبناء ليتوانيا مبهرة في التصفيات- حتى أنه كان بالإمكان أفضل بكثير مما كان: ففي المباراة الأولى تعادلوا بنتيجة 2-2 مع سلوفينيا التي لم تدرك هدف التعادل إلا في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع. ونفس الأمر حدث في اللقاء التالي عند التعادل 1-1 في اسكتلندǺ حيث أنقذ جيمس ماك آرثر في الدقيقة 89 صاحب الأرض من الخسارة وضمن له على الأقل الخروج بنقطة، قبل أن ينجح الليتوانيون في الفوز بهدفين نظيفين على حساب مالطا، التي مازالت لم تسجل أي نقطة حتى الآن، ليحققوا بذلك النقاط الثلاث ألاولى لهم في التصفيات. لكن الحصيلة كانت ستكون أكبر بكثير لو كان الفريق قد حافظ على تقدمه ضد كل من اسكتلندا وسلوفينيا. غير أنه، تعرض في الأسبوع الأخير لهزيمة مريرة برباعية نظيفة في سلوفاكيا.

بالرغم من ذلك، تعتبر ليتوانيا من المنتخبات التي سجلت صعوداً كبيراً في التصنيف العالمي FIFA/Coca-Cola، إذ انتقلت من المركز 117 إلى 98 لتدخل بذلك لأول مرة منذ عام 2014 ضمن قائمة 100. حتى وإن ظلت بعيدة عن أفضل ترتيب لها الذي يعود إلى منتصف التسعينات عندما كانت الكتيبة الليتوانية توجد بين المركزين 43 و50، إلا أن ذلك يعتبر خطوة كبرى إلى الأمام في بلد تعدّ فيه كرة السلة الرياضة الأكثر شعبية.

ولكن كرة القدم أيضاً تقدم الفرجة وتخطف الأنظار: ففي مارس/آذار 2003 حقق المنتخب الوطني التعادل 1-1 خارج ميدانه أمام ألمانيا، وصيفة بطل العالم آنذاك، وفي سبتمبر/أيلول 2006 نجح في تحقيق النتيجة نفسها خارج الديار أيضاً ضد إيطاليا بطلة العالم – مع الإشارة إلى أن ذلك كان ضمن التصفيات المؤهلة إلى البطولة الأوروبية. وبسبب نقطة واحدة فقط فشل المنتخب الليتواني في الوصول إلى الملحق المؤهل إلى نهائيات كأس العالم فرنسا 1998 FIFA، غير أنه في السنوات التالية ابتعد أكثر فأكثر عن المنتخبات المتأهلة.

التحول الصعب
ومنذ يناير/كانون الثاني 2016، يقود سفينة المنتخب الليتواني إدجاراس يانكاوسكاس الذي يعتبر من أشهر اللاعبين في البلاد، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق. وصرّح هذا الرجل الذي فاز بلقب دوري أبطال أوروبا تحت قيادة جوزي مورينيو عندما كان مهاجماً في نادي بورتو قائلاً: "أعرف مكانتنا كبلد وأعرف إمكانياتنا: أرى الأمور بواقعية." يعيش منتخب بلاده فترة انتقالية خاصة مع مغادرة توماس دانيليفيسيوس الهداف التاريخي للمنتحب وأيضا أندرياس سكيرلا صاحب أكبر عدد من المباريات الدولية مع ليتوانيا على مر التاريخ. فالتحول الذي يعيش الفريق حاليا ليس سهلاً على الإطلاق.

وعلّق يانكاوسكاس في هذا الصدد بقوله: "عندما كنت ألعب كان هناك لاعب أو لاعبين فقط من الدوري الليتواني. أما الآن فمن أصل 23 لاعبا هناك 14 أو 15 يلعبون هنا. يمكنني القول إن دورينا صار أقوى بكثير من السابق". وأضاف "عدد اللاعبين الذي يمارسون في الدوريات القوية أصبح قليلا وهذا مشكل. أريد أن أغير ذلك. أريد أن يلعب المزيد من اللاعبين الليتوانيين في الدوريات القوية. عندما نلعب ضد منتخبات يحترف لاعبوها في إيطاليا أو أسبانيا أو ألمانيا أو إنجلترا نواجه دائما عدة صعوبات". المشكل الأساسي الذي يعاني منه يانكاوسكاس هو قلة التحمل ونقص التجربة أمام خصوم أقوياء إلى جانب لياقة بدنية لا ترقى للمستوى المطلوب.

بيد أن ابن الواحد والأربعين سنة يجد أن المباريات الثلاث التي لعبها الفريق في بداية التصفيات المؤهلة إلى العرس العالمي إلى جانب اللقاء الودي قبل ذلك "منحتنا شعوراً جيداً وقاعدة يمكننا البناء عليها ومنحتنا المزيد من الثقة بالنفس". وأردف "كل مباراة هي نهائي كأس بالنسبة لنا. ليس هناك سحر ما. لم نشعر بأي خوف ضد سلوفينيا وفرضنا أسلوب لعبنا في بعض الفترات وأريد أن أستثمر ذلك. يجب علينا أن نفهم أين نتمركز ونصمد بكل حماسة وبذل كل في المستطاع. وإلا فلن تكون لدينا أي فرصة."

وإذا نجح الفريق في تطبيق كل ذلك سيكون بإمكانه بعدها أن يحقق ربما مفاجأة أخرى، قد تكون في إنجلترا هذه المرة. ومن يعلم ربما سيتقدم بعد ذلك خطوة أخرى إلى الأمام على طريق التأهل إلى النهائيات العالمية التي سقام في روسيا. ومازال عالم كرة القدم يتذكر التألق الكبير الذي حققته مؤخراً بعض البلدان الصغيرة


منقول
مصدر