/,
إلى عزازيل و حروفه الزجاجيّة
الحروف التي تراقصني بخفّة و دهاء !
و إلى .. November الذي يزيد من خصوبة قلمي دائماً !
و إلى .. من يحب أن يثمل بما أكتبه و ان كان سخيفاً!
( قراءة في رواية عزازيل )
الرّواية .. عظيمة بقدر ما بها من تماسك في حبكتها و بناءها الرّوائي " بناء صلب جداً "
و بقدر صلابته تنساب روح الرّواية إلى الأعماق من خلال " لغة ناصعة " و " سرد لذيذ " لا تشوبه ذرّة ملل !
و رغم أني أفضّل اسلوب الحوار في القصص و لكن أن يكون السّرد بهذه الحلة الأدبيّة ؟
هو سرد نوعي فعلاً .. و أن يستطيع الكاتب خلق موازنة بكل هذا الإحتراف بين لغته و حبكته القصصيّة
هذا يعني أنه يقدّم " عمل روائي " يستحق التأمل كثيراً ( هذا في اللغة و الحبكة )
أمّا في الشخصيّات " وجبتي المفضلة بعد اللغة " لنبدأ بهيبا .. النّفس المتزعزعة التي تحاول إستيعاب غصّة
فقد الأب بسبب غدر الأم ، العامل الذي ظل يؤثر في أعماق هيبا في أشكال عدّة ظهرت في تفاصيل حياته , هيبا النفس التي تحاول الوصول الى المثالية
في حياة الرّهبنة و لكنّها تقع فريسةً لـ التشدد المخالف للفطرة !
أبدع زيدان في تصويرها و ابراز تفاصيلها وتقديمها للقارئ شيئاً فشيئاً تحديداً في علاقته بأوكتافيا التي كانت برأيي نتيجة منطقيّة لمحاولة قمع فطرة الله في خلقه
وبرأيي أن الكاتب - بغض النظر عن تجاوزاته - عندما أظهر لنا شخصيّتها بهذه الصّورة ، برأيي أنه تصوير منطقي لشخصيّة وثنيّة بها من الخواء النفسي ما يجعلها
تتخذ من الوسائل أرخصها لتتودد الى من تعتقد أنّ الإله قد أرسله إليها .. و تأتي الصّدمة عندما قامت بطرد هيبا لحظة اكتشافها انه مسيحي من هنا يتضح
لنا حنقها العميق تجاه " عنصرية المسيحين " كانت .. ردة فعلها أحد مفاجآت الكاتب ، في خلق هالة من التناقض في مشاعرها تجاه هيبا !
أمّا مرتا " مارتا " , موسيقيّة الإسم و الرّوح .. فكانت الحب العذري الذي يُنتشى معه فمارتا هي الأنثى التي أيقضت مشاعر الرّجل هيبا ، الأنثى التي زعزعت ثقته في حياة الرهبنة و التقشف الأنثى التي ألهبت أحاديث نفسه مع نفسه ، الأنثى التي أوقعته في فخ التساؤلات التي لا تنتهي !
" الهرّة المشاكسة " التي و من وصف زيدان .. تتسرّب الى النّفس فتشعر حينها بمذاق "الجمال الأنثوي متجلّيا في الحروف العربيّة " تتأملها تتخيّلها .. ملياً !
و تتأمل ذاك الجمال في الحب الشريف حتى تتعدّى رياح قلم - زيدان - و تطفئ شمعة هذا الحب عندما يجمعها في مشهد من الرّذيلة فتهتز صورتها في داخلك
إهتزازت متتاليّة .. حتّى تتكسّر!!
أمّا النهاية ؟
ماذا يُقال .. في توقعات كثيرة قد نظمتها في عقد فاتن من اللؤلؤ تفنّن زيدان في " فرطه .. حتّى تناثرت حبّاته أمام ناظري "
توقعت أن تكون النّهاية لحظة انفجار مدوّي .. أو لحظةٌ تحبس الأنفاس أو لحظة دراميّة عميقة!
أمّا أن تكون بكل هذه البساطة .. متلاعب يا زيدان!!
الرّواية .. برغم ما بها من " عذوبة لغويّة " الا أنّها لم تخاطب وجدانيّاتي " الروحانيّة " بل أثارتني إلى تأمل ضعف و هشاشة النسيج الإجتماعي في المجتمع المسيحي ، و كيف أن بعض العقول ضعيفة جداً لدرجة انه يسهل على العقول المتوحشة التهامها بالخرافات و التطرفات و الانحرافات الفكرية .. و كل ذاك بإسم الدين!!
بالإضافة إلى حقارة الخلافات التي تثير حروباً غير منطقيّة ، أمّا التجاوزات على الذات الإلهية و سوء الأدب مع الخالق - كانت أكثر ما أثار اشمئزازي -
و كل تلك الأمور .. تغذي بنا إحساسنا بـ الدين الإسلامي و كيف أنه فعلا دين وسطيّة و دين يسر و سهولة .. دين جوهري بعيد كل البعد عن خواء الديانات الأخرى!
* مشهد موت هيباتيا .. أي براعة تجلّت في تصويره؟
برأيي أنه هذا المشهد تم تصويره بحروف من نشارة زجاج المرآة ، عكست كل التفاصيل في أذهاننا بصفاء تام تماما كما تعكس المرآة صورنا و نراها بوضوح
حيث ..توغّل بي ألم هيباتيا و توسّلاتها و أمّا اوكتافيا فموتها كان القشّة التي قصمت ظهر البعير !
ختاماً .. لم أتوقع - مطلقًا - أن تروق لي الرّواية بكل هذا القدر!
____________________________________________
حَ وْ جَ نْ .. هُنا ؟!
الأسود يليق بك ..
الإقتراب من حدودك ..موت صغير | محمد حسن علوان !
المفضلات