أخو إسمي
عَقَدْتُ يَراعي بالرِّثاءِ فَزَمْزَمِ ... تَفَلْسَفَ حُزْناً أمْ لِضِيقٍ يُهَمْهِمِ
غَريبٌ وإنْ ضَاقتْ عَلَيْهِ وَأعْتَمَت ... شئونُ الليالي يُسْتَثَارُ فَيَكْتُمِ
وحتّى إذا هاجتِ الأرْضُ كُلَّها ... عَلَيْهِ شِجوناً جارِياتٍ بِمُرْغَمِ
فَما يُخْبِرُ النَفْسَ التي في قَرارِهِ ... عَنِ الهاتِكاتِ السَافِكاتِ لِمُكْدَمِ
وَبَيْنَ البَنانِ القَلْبُ فاضَ حَنينُهُ ... يُناجي فَلا يَسْلو ولا بَعْدُ يُفْصَمِ !
وَتِسْعُ سِنينٍ قَدْ مَضَيْنَ وَمُهْجَتي ... بألْفِ رَجاءٍ أنْ تَعودَ فأنْعَمِ
أخي وإخاءُ الإسْمِ دامَ مُلازمي ... وَخالي وهذا الوَصْلُ مِنّي وفي دَمي
وَصَاحِبَ فَضْلٍ - في صِبايا ظَنَنْتُهُ - ... رسولَ هَلاكي وَهْوَ زُلْفى تَقَدُّمِ
وفي المَوْتِ بَعْثٌ للنفوسِ وَرُبَّما ... يثوبُ وَشْيكاً للفَناءِ بِمُفْحِمِ
أعالجُ ضِيْقا ً قَدْ كَساني بُرودَة ً ... وتَحْتَ غِطاءِ البَرْدِ نارٌ تُحَمْحِمِ
رَحَلْتَ حَقيقاً أمْ هواجِسُ غَفْلَةٍ ؟! ... بِربّي لِيوْمي قَدْ ظَنَنْتُ تَوَهُّمي !
وهَلْ تَسْمَعُ الدَّمْعَ الهَطولَ بِمَرْقدٍ ؟! ... يَهِدُّ كَياناً مَا وَرَاءَ تَفَهُّمِ
وَهَلْ تُبْصِرُ الجَفْنَ القَروحَ مُسَهَّداً ؟! ... إلى اللهِ يَتْلو دَعْوَة ً وَيُعَظِّمِ
فَسُبْحانَ مَنْ يَبْقى سَناهُ وَمُلْكُهُ ... وَسائلُ رَبَّاً مُكْرِماً مِنْ تَكَرُّمِ
وَمَهْلاً فإنّي في الظنونِ مُغَيَّبٌ ... وَعَفْواً فإنّي بالرِّثاءِ أُغَمْغِمِ
عليَّ بِساطُ الحُزْنِ غَيْرِ مُلَثَّمٍ ... وفي العَيْنِ سِرُّ المَرْءِ دونَ تلَثُّمِ
إذا أنْتَ تَدْري ما يجولُ بِخاطري ... لَقَمْتَ لِتَرْثي أنْتَ ضِلْعي وأعْظُمي
يقولونَ عَنّي قَهْرهُ مَحْضُ صَنْعَةٍ ! ... عَجِيبٌ ! وَمَنْ يَبغي شَقاءَ تَجَهُّمِ ؟!
ولكنْ بِضِلْعي مُضْغة ٌ إذْ تَقودُنا ... لِسالِف ذِكْرٍ ماحِقٍ لِتَبَسُّمِ
فلا تَعْذِلِ القَهْرَ المُقيمَ بِجَبْهَتي ... يُعَرِّفُ نَفْسي مِنْ مَرَدِّ تَحَطُّمِ
أخي قَدْ كَهِلْنا دونَ شَيّبٍ وَوَهْنةٍ ... وَلَكنَّ قَلْباً شاخَ قَبْلَ تَحَلُّمِ
إذِ الموْتُ جارٌ مُذْ عَرِفْنا شَقاوَة ً ... يَحومُ وَيَرْسو فَوْقَ طَلٍّ لِمُعْدَمِ
يُشابِهُ حَظّي حَظَّ عَبْدٍ بِهِ عَمىً ... وَكَلٌّ على مَولاهِ ضَحْلُ تَعَلُّمِ
بِهِ كُلُّ قُبْحٍ بالوجودِ مُجَسَّمٍ ... يَسِيرُ بِعَقْلٍ غَائِبِ الحِسِّ مُظْلِمِ
رَجاءُ مَمَاتي صارَ ديناً وَمَذْهَباً ... وأُسْلوبَ عَيْشٍ وابْتِهالَ تَرَنُّمِ
يَروحُ فؤادي بيْنَ يَأسٍ وَصَحْوَةٍ ... وأرْجِعُ فِيها غَيْرَ جَاحِدَ أنْعُمِ
وَرُبَّ ضَعِيفِ النَفْسِ حِينَ قَتامِةٍ ... يقولُ مَقالاً غَيْرَ واعٍ وَمُسْلِمِ
فأسْتَغْفِرُ اللهَ العَزيزَ وأرْتَجي ... وأرْضى بِما يَقْضي وأمْضي وَأُسْلِمِ
لَنَا مَا جَنَيْنا واجِبٌ وَمُقَدَّرٌ ... حَكيمٌ ولوْلا رَحْمة ٌ مِنْهُ نُهْدَمِ
فَيا صَاحِبَ البيْتِ البَعيدِ سَلامَة ً ... وَيا نَازِلَ القَبْرِ الفَسِيحِ تَنَعَّمِ
هَلِ المَوْتُ إلّا وَثْبَة ٌ لِحَقِيقَةٍ ... إلى خَيْرِ دارٍ إنْ صَلُحْنا وَمَغْنَمِ
نِهاية ُ عَهْدٍ لاخْتِبارٍ بِهِ ضَنى ... لبيبٌ - فَما حالُ الغَفولِ المُنَيَّمِ ؟!
بِكُلِّ صَباحٍ قُلْتُ هذا أوانُهُ ... يقومُ حُطامي ، فاسْتَزَادَ تَحَطُّمي !!
تآخى فؤادي بَعْدَ نَعْتِ شُخُوصِنا ... وقَلْبَكَ فالقَلْبانُ نَبْتٌ لِمُؤْلِمِ
أآلَمُ حُلْماً أمْ تَناقُضُ في الحِجا ؟! ... أذاكَ حَقيقٌ أمْ غَراسٌ لِهُيَّمِ ؟!
ألا واذْكُرِ الماضي القريبَ لَقَدْ بَدى ... مِنَ الشَّوْقِ طَيْفٌ للضَحوكِ المُهَنْدَمِ
جَلَسْنا على جاراتِ بَدْرٍ تلألَأتْ ... بِبَسْمَةِ وَجْهٍ للبَهِيِّ المُقَدَّمِ
تَقولُ سَلاماً يا بْنَ أخْتي وَمَرْحَباً ... لَقَدْ طالَ عَهْدٌ بالحديثِ فَقَدِّمِ
تعالَ جِواري نَسْتَفيضُ حِكاية ً ... بِماذا تَرَكْتَ الآلَ هَاتِ تَكَلَّمِ
أتوقُ لِقاءً عَزَّ حُلْمي وَمَطْلَبي ... بُنَيَّ أجِرْني مِنْ حَدِيْثٍ وَرَنِّمِ
بنوكَ بِخَيْرٍ حَسْبُهُمْ ظِلُّ مُكْرِمٍ ... فَقِرَّ مَباتاً إنَّهمْ صَفْوُ أنْجُمِ
عَلَيْهِمْ مِنَ اللهِ سَلامٌ وَرَحْمَة ٌ ... فَخُلْقٌ وَعِلْمٌ واعْتِدالُ مُقَوَّمِ
أُحاسِدُ فَضْلاً قَدْ أتاكَ بِفَضْلِهِمْ ... وفي القَبْرِ نورٌ مِنْ دُعاءٍ لِمُلْهَمِ
لَهُمْ وارفاتُ الفِكْرِ والدِّينِ والعُلا ... وَكُلُّ سَليمِ القَلْبِ مَحْمودِ بالفَمِ
فَنَمْ قَدْ كُفِيْتَ الدَّهْرَ عَيْناً تَحُوطُهُمْ ... وَرَبُّكَ لا يَنْسى كَفَاكَ بِمُكْرِمِ
رأيْتُ خِلالاً مِنْ مَنَابِعِ أطْهَرٍ ... وأبْرَكَ نَبْعٍ للنَبِيِّ المُعَظَّمِ
فَهُمْ رابطُونَ الجَاْشَ نَحْوَ مَعاليا ً ... وَهُمْ مالكونَ النَفْسَ حينَ تَبَرُّمِ
وَهُمْ واطِئونَ المَجْدَ في كُلِّ خَطْوةٍ ... وَهُمْ آسِرونَ الفَخْرَ في كُلِّ مَعْلَمِ
وَهُمْ سَادة ٌ زانَ التّواضُعُ تاجَهُمْ ... وَهُمْ عِزُّ بَيْتٍ بلْ بيوتٍ وأعْظَمِ
وَلِي ما رأيْتُ الخَيْرَ ما قَدْ ظَنَنْتَهُ ... وَظَنّي بِهِمْ طِيْبُ السَّرايا وَتَحْكُمِ
فَعَفْوا ً أخو إسْمي فلسْتُ بِقادراً ... سوى أنْ أقولَ الخَيْرَ فيهِمْ وأنْظُمِ
وَمَا أنا بالمَرْجُوُّ عِنْدَ نَوائِبٍ ... ولا أنا بالمسموعُ عِنْدَ تَكَلُّمِ
وَسامِحْ فؤادي ما جَنا مِنْ تَوَهُّمٍ ... جَنا ما جَنا بالآمِلَيْنِ فأجْرَمِ
تَفَرَّسَ في عَيْنِ النَهارِ نَجاتَهُ ... وَكانَ الهَلاكُ المُرُّ فيها إذا سُمي
فلا العَيْنُ تَدْري ما ترى في عيونِهِمْ ... وَقَدْ كانَ قلْبٌ في أمورِ الدُنا عَمِي
وَلَيْتَ الذي سَلَّ الصوارِمَ في النَّحورِ ... أوْدي ولكنْ قدْ بَلا غَيْرَ مُنْعِمِ
فَخَلِّ كَياني أنْ يَثوبَ مِنَ المُنى ... وَخلِّ رُفاتَ الرَّوْحِ تَحْيا أخا دَمِ
وَرُبَّ نُفوسٍ خَالِدَاتٍ بِظَعْنِها ... وَجُلُّ بَني الدُّنيا بِها مَحْضُ نُيَّمِ
نَزَلْنا خِفافاً في الحياةِ وَبَعْدُها ... نأوبُ بِحِمْلٍ قاصِمِ القلْبَ مُفْصِمِ
حَياة ٌ بِدينٍ لنْ يُضْيرُكَ ضَيْمُها ... ومَا غَيْرُ ذاكَ الضَّنْكُ فاحْذَرْ وَقَوِّمِ
سَلامٌ على هَادي الأناسِ مُحَمَّدٍ ... فَلُطْفاً بِنا اللهُمَّ فيها وَسَلِّمِ
وَصَلِّ إذا بَاحَ اليراعُ بِسِرِّنا ... وطارَ حَنيناً للرسولِ المُعَلِّمِ
المفضلات