السلام عليكم ورحمة الله وبركاته^^
سَجا الليلُ ومدّ جناحَه السرمَدي كاشفاً الغطاء عن ليلةِ قمراء؛ توشحَها سكونٌ هادئ تنعِشُ الأرْواحَ،تتخللُها نسَماتُ هواءٍ عليلة ؛يتَهادَي نورُها الصَافي بين الأزْهارِ ،وينْسابُ برِفقٍ فَوقَ جدَائلِ الأشجَارِ
ووسط هدأةِ ذاك الليلِ ،في إحدى الشرفاتِ ذابت أميراتُ النورِ في تأملِ سماءِ تلك الليلةِ الخريفية التي كانت تحيكُ بصَمتٍ ثَوباً رقْراقاً من دُررِ النجومِ الوضَاءةِ
قالت سمايل : سبحان الله الذي أبدع كل شيء خلقه !؛وأمتع الإنسان ببديع خلقه فوجه الليل الجميل يخفي تجاعيد النهار ؛وقد زينه الله بتاج أبيض يزدان بأشكال مختلفة يعكس ضوء الشمس بخجل وبهاء فتبارك الله رب العالمين ! وتبارك الله أحسن الخالقين ! و (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ).
انسلت ثمة ابتَسامةٍ حَزينةٍ من بين تقَاسيمِ وجهِ مَلكةِ النورِ لم تكنْ لِتَخْفى على أميرةِ النُورِ سمايل،التي بَادَرت بسُؤالِها عَن سِر هَذا الحُزن الذي تَسَربَل بِوجهها بالرغمِ من ذاك المنْظرِ الفَاتِن الأخاذ الذي يخلبُ الألبابَ
لترد آيس قائلة : صَدقت يا ابتسَامةَ الندى فهَذا المنْظرُ المطَرز فِتنةً وجَمالاً لا يمكن أن يفْتحَ للحزنِ باباً ؛ولكن ويح النَاسِ هذه الأيام ! ينَامون وسْطَ الأحْلام ؛ويُضيعونَ سَكينةً وسَلام ؛وثَواباً لا يعوضُ من صلاةِ القِيام ،جَرياً وعَبثاً وسْطَ الأوهَام
بل وأحياناً يتكاسلون عن صلاة الفجر التي تريحُ السقام
وأَسَفاه علَى أمةٍ تتخلى عن دِينها يوماً تلوَ الأخَر بعدَ أنْ كَانت خيرَ الأممِ ،لقد ذَكرتنِي ظلمةَ هذا الليلِ بظُلمةِ الدَربِ الشَقي الذَي سَلكنَاه مُحيدينَ عَن الصَوابِ
كَم أتمنَى لو أقولُ لهم هَلمُوا ! هلُموا قَبل أنْ تُداهِمكم جُيوشُ النَهارِ بتَسارعٍ جرارٍ،وزِحامِ الأعمالِ ؛أَتمنَى لو أهمسُ بأذنِهم وأقولَ لهم تَعالُوا فَوق قطراتِ المطرِ لنتأمل!
ردت عليها سمايل :
لَو يعلَمونَ أنَ هَذا لرُبَما كَان سَفينة النجاةِ مِن بَراثنِ تلكَ الحَياةِ ! لو يَعلمونَ أنّ أحَلامَهم التي يتَعلقُون بها وبلِحاقَها أوهَى من خُيوطِ العَنكَبوتِ ،وأنّها تُخفِي عَليهم أَعماقَ ليلٍ قد اصْطَفت الألمَاساتُحَباً لزِينتِه ؛وتَبلورَ القَمرُ جَوهَرةً لتتويجِه
لَو يعْلمونَ مَا في التأملِ مِن جمالٍ ورَوعةٍ وخَيالٍ وفُيوضٍ من الإيمانِ مَا تَركوا ليلةً خَريفيةً قَمراءَ ،أَبداً بدونِ ذِكرٍ وَدعاءٍ وَتأملٍ
مَا تَركوابحوراً قد انْتثرتْ فِي أنحاءِ الكَونِ الذي تَألقَ زينةً وبَهاءً بدونِ تَأمل ؛ولتأملُوا نارَ الدنيا التي يخْشونَها ويَخافُون حَرقَها واتخَذوا مِنها عِظةً ولفَتحوا صفحة جديدة مع الله
لكن لا تفْقِدي الأمل ! مَا بال نبرةِ اليَأسِ تلكَ فِي صَوتك !!
تَعالِي لأُريكِ مَدى رَحمةِ اللهِ بأمتنِا وأنَه تركَ فِيها مَن يُجددِون للناسِ دِينهم وَ يَحفَظون كِتابَ الله ،وتعالي لأريكِ فيِلماً تَزيت مَقاطعُه ومَشاهِده بأنوارِ الهُدى وَأعاذبَ القِيم
فِيلمُ يلخصُ سَنةً كَاملةً تألقَت فيها ألوانُ الصلاحِ والتُقَى زَاهيةً تفيضُ على القلبِ حبوراً وأملاً
فَهلمِي مَعي لنَر شُعاعَ هذا الخيرِ وإنْ قَل فاعلُه في هذا الزمانِ !
وَلكنْ بِرغم قِلتهم لاتزالُ بَصمتُهم بيْن ثَنايا التميزِ قَابعةً مُتألقةً وبَاقيةً إلى يومِ الدِين ....
*
*
*
المفضلات