(( سرحت عيناه الرماديتان في القصر الذي لم يسلم من الفوضى التي حلت بعالمِه، وهو يفكّر بما يمكنه أن يفعله، كان ذهنه ما يزال منشغلاً بوالدِه أيضًا، إلى أن قاطعه صوتٌ مألوف، التفت ليجد كينشين واقفًا خلفه وقد صفّ وراءه عددٌ كبير من الجنود، انحنى مستشار الأشباح إلى أميرهم قائلاً: لم أتمكن من جمع أكثر من ألفين وسبعمئة جنديّ حتى الآن سيدي، فمُعظم جيش القطاع "أ" مفقود أو مصاب، ربما سنحتاج إلى دعم من القطاعات الأخرى على هذه الحال.
نظر آيزوكو إليهم، وسار بضع خطوات ناحيتهم، وأجاب: هذا أكثر مما كنتُ أحتاج في الحقيقة، سيكفيني نصف العدد في الوقت الحالي، كينشين. لننطلق.
تعجّب مستشار والدِه من ذلك وحدّثه بعد أن كان قد اعتدل في وقفته: جيش المنقلبين يفوق عدده العشرة آلاف وفق آخر ما وصلني، سيدي، قد يكون عددهم قد ازداد خلال الأسابيع الأخيرة الماضية من غيابنا عن المكان خصوصًا بسقوط قصر القطاع "أ"، أخشى أن هذا يعدّ تهوّرًا.
حرّك آيزوكو عينيه إلى كينشين لينظر إليه من طرفهما، مجيبًا ثانية: غبتُ ما يكفي عن هذا العالم كينشين، ليس هناك وقتٌ للتأني، كما أنه لن يكون خياري ولا أسلوبي في هذه الحرب لذا عليكَ أن تواكبني فحسب.
صمت كينشين دون أن يدري بما يجيب سوى الإيماء بالطاعة، كان يشعر أن الغضب ما يزال مستعرًا بداخل أمير الأشباح، والذي كان بالفعل يحدّث نفسه وقتها: "لربما لم يكن كل هذا ليحصل إن كنتُ بقيتُ هنا عوضًا عن التواري بداخل عالم البشر خلال السنوات الماضية، ولربما قد حان أوانُ تولّي مسؤولياتي التي تنتظرني منذ زمن دون إبطاء أكثر".
ثم تحدّث بصوتٍ مسموع مخاطبًا كينشين: ما يهمّني، هو أن يكون هؤلاء الجند مستعدين لبذل أقصى طاقاتهم في سبيل إعادة النظام لهذا العالم وإيقاف المهزلة القائمة.
ردّ المعنيّ: إنهم كذلك سيّدي، تأكدتُ من ذلك حين كنتُ أقوم بجمعهم هنا.
علق آيزوكو سريعًا: جيّد.
وبدا أنه يتأهب لإعطاء الأوامر بالتحرك لكن قدوم عدد من الأشخاص استوقفه، حيث خاطبه أحد القادمين قائلاً: آيزوكو ساما! انتظر من فضلِك...
فاجأته رؤية زُمرة من آل تاكاهاتا، ظهرت من بينهم "جين" والدة كلّ من جو وكيو وريو وسارعت الخطى نحوه، كانت نظرات الرجاء والهلع بادية على وجهها حين نطقت متوقفة أمامه: آيزوكو ساما أنجِدني رجاءً! بلغنا قبل قليل أنّ الأشخاص الذين قاموا بأسر ولدَيّ يتأهبون لتجريمهما وإصدار حكم إعدام جائر بحقّهما! لن نتمكّن لوحدنا من إيقاف ذلك فالحراسة حولهما مشددة ولذلك أرجوك بشدة أن تنقذ جو وكيو!!
شدّ الخبرُ أعصابه أكثر، مما جعله يشدّ على قبضته، مع ذلك رفع يده إلى كتفها مطمئنًا: استعادتُهما كانت من أولوياتي منذ البداية لذلك سأتجه إليهما فورًا، ألديكِ معلومات عن موقعهما ؟
لم تستطِع تمالُك نفسِها فبدأت تبكي مما منعها من الإجابة، ليتدخّل أحد التاكاهاتا الموجودين مجيبًا نيابة عنها: ليسا بعيدَين سيدي، إنهما في قاعة القضاء الرئيسة للقطاع "أ"، الانقلابيّون قاموا بالسيطرة عليها قبل فترة.
التفت آيزوكو إليه وغرق في التفكير، لكنه لم يتأخر في الإجابة قائلاً: فهمت.
استدار إلى كينشين والجُند خلفه وخاطبهم جهرًا: أيها الجنود، نقطة البدء ستكون تحرير التوأم تاكاهاتا لكونهما عنصرَين مهمَّين في إتمام بقية العملية التي أعدّ لها، إليكُم الخطّة الحالية...
في تلك الأثناء كان التوأم تاكاهاتا المكبَّلَين بالأصفاد يمثُلان أمام المحكمة التي شكّلها الانقلابيّون، تحدّث الناطق فيها مخاطبًا الاثنين: تاكاهاتا جو، ترى المحكمة أن أبحاث المتّهم التي كان يجريها تحت سقف قصر القطاع "أ" وبتستُّر من حاكمه المخلوع هي أبحاث غير قانونية، وتعرّض حياة شعب الأشباح للخطر، بناءً على ذلك، تجدُه المحكمة مذنبًا وتقرر استنادًا إلى ذلك إصدار حكمٍ بالإعدام، يُستأنف تنفيذُه بانقضاء هذه الجلسة.
فوجئ كيو من ذلك القرار السريع لكنه تعجب من عدم إبداء جو لأي ردة فعل، بل كان عاقدًا حاجبيه محدقًا بالأشباح المتحلّقين أمامه على مقاعدهم، تنبّه إلى أنه كان يتمتم بشيء، فحاول إرهاف سمعه ليلتقط ما يهمس به جو: ثمانية.. متوسط.. ثلاثة.. عالٍ، سبعة، منخفض..
تلك الكلمات شوّشت كيو أكثر، تابع الناطق باسم المحكمة إصدار الحكم: تاكاهاتا كيو، سيودَع في حبس انفرادي حتى انعقاد الجلسة القادمة... انتهى.
اقترب اثنان من الأشباح وأمسكا بـ جو من ذراعيه ليقتاداه إلى ساحة المحكمة الخارجية، حيث قام الانقلابيون بتحويلها لساحة إعدام، لم يكن جو يقاوم وهذا ما جعل الضغط النفسيّ أكبر على كيو، هاجت حركتُه وكان يصرخ فيهم ليفكّوا وثاقه وليتوقفوا عن تنفيذ حكم أخيه، ولاضطرابه كانت شرارات الكهرباء تنطلق منه لتسري في اتجاهات عشوائية حوله مما صعّب على آسِريه السيطرة عليه، وحين انفضّ الممسكون به من حوله وتحرر من قبضتهم استوعب فجأة معنى رموز جو، فهدأ ، وصار يبعث شرارات قصيرة المدى حول معصم يديه المكبّلتين، بدأ بثمانية نبضات متوسطة القوة، تبعها بثلاثٍ عالية، وختم بسبع نبضات كهرباء منخفضة، في السابعة انفكّ قيدُ يديه فجأة، فانتابه شعور خاطف بالنصر، ولكنه أدرك أن عليه الإسراع إذ أن جو في الطرف الآخر من المحكمة كان يُقتاد إلى حاوية هي في الأصل إحدى اختراعاته التي كان يجري بداخلها اختباراته، كان وجودها في ذلك المكان صدمة بالنسبة إلى التوأم الأكبر، دفعه الأشباح الممسكون به إلى داخلها بقوة وأغلقوها، وكان هناك شبح ثالث يعدّل إعداداتها ليبدأ بثّ غازٍ قاتل بداخلها، اندفع كيو إلى أخيه مخترقًا الأشباح الذين حاولوا صدّه، وبالرغم من أنه بلغ الحاوية إلا أنه بوغِت بضربة قوية أصابته من الخلف وطرحتهُ أرضًا، ومن داخل تلك الزنزانة الزجاجية صرخ جو وهو لا يزال مقيّد الأطراف: كيو! احذر!!
نهض شقيقه متألمًا وتنبّه إلى أن الأشباح المحيطين به يحاولون إعادة السيطرة عليه وتكبيله، فاختفى من مكانه وظهر مجددًا إلى جانب الشبح الذي يتولى أمر الحاوية، دفع به محاولاً أن يبعده إلا أنه وقع في قبضة عدد من الأشباح الذين طوقوه من كل الجهات وباغتوه بالهجوم، كان أولئك الأشباح مصرّين على تنفيذ الحكم، لم يكن أيّ منهم مهتمًا حقًا بمصير التوأم المشهود لهما بالإنجازات المهمة لصالح عالم الأشباح، فقد كان الحكم الصادر في حقّهما قادمًا من جهة أعلى من هؤلاء، هي الجهة التي كانت تسيّر كل شيء يحصل.
ومن داخل الحاوية التي بدأ دخان ما يظهر بداخلها وقف جو مكتوف اليدين يراقب كل ذلك وقد بلغ توتُّره أشدّه وصار مشوشًا وغيرَ واثقٍ من الخيارات المتاحة أمامه لتخليص نفسه من هذا المأزق، حُبِست أنفاسُ كيو في المقابل ولم يكن يعرف كيف يمكنه أن ينقذ نفسه أولاً قبل أن يتمكن من إنقاذ أخيه الذي يوشك أن يموت!
ظهر أحدُهم فجأة أمام الحاوية القاتلة وأوقف تسريب الغاز بضغط الزر المخصص فورًا، بينما اندفع كيان خاطف ليشطر بنصله المحاط بطاقة زرقاء متوهجة زجاج تلك الحاوية ويحطّمها محررًا بذلك جو قبل أن يتركز الغاز القاتل فيها.
انتشر في المكان تباعًا مجموعة من أصحاب الشعر الأحمر إضافة إلى أشباح بزيّ جنود قصر القطاع "أ"، رفع الجنود أسلحتهم مهددين كل من في الساحة لكيلا يأتوا بأي حركة، وأسرع عدد منهم بإحاطة كيو وجو لتأمينهم من أي هجوم، ساعد أحدهم كيو على النهوض وقام آخران بإسناد جو وانتشاله من داخل الحاوية ليخرجاه منها.
أطبق صمت على المكان إثر الدهشة مما حصل ولكنه قَطِع سريعًا بواسطة ثلاثة من الانقلابيين حيث صرخ آمِرُهم: أنت! من تظنّ نفسك؟!
ردّ المعنيّ بملامح ألقت الرعب في نفس الشبح: إنني سيّدُك يا هذا.
وجد ذلك الشبح نفسه محاطًا بالجنود ، دفعه أحدهم فجأة وألقاه أرضًا وثبّته بقدمه، بينما وقع بصر كيو وجو على الشخص الذي جاء في اللحظة المناسبة ليحررهما، ونطقا بدهشة: آيزوكو ساما ؟!
كان آيزوكو يقف بثبات على نصب حجري نُقِش عليه اسم قاعة القضاء، وثب إلى الأرض وتقدم بخطى ثابتة ناحية الشبح الذي ثبّته كينشين، وواصل حديثه: يؤسفني أن أبلغك أنك لم تعد الآمر في هذا المكان، والأجدر بك وبأتباعك أن تستسلموا إن كانت حياتكم تهمّكم.
حاول الشبح مقاومة كينشين إلا أن الأخير دفع بوجهه إلى التراب وهدّده: أنصت إن أردت الحفاظ على عنقك.
بعضُ الانقلابيين لم يقبل بالوضع فقاموا بالهجوم إلا أن الجنود المرافقين لآيزوكو تصدّوا لهم مباشرة، حاول عدد منهم التعرّض لآيزوكو أيضًا ولكنه تحرّك من مكانه وهاجمهم بشراسة وقضى عليهم جميعًا، أمر بإبعاد كيو وجو إلى مكان أكثر أمانًا، وأن يقاد رئيسهم إلى سجون القصر لأجل استجوابه، ولإحكامه السيطرة على الوضع أعلن البقية استسلامهم له، وبهذا تمكّن من استرداد ساحة القضاء الرئيسية لتصبح تابعة لقصر الأشباح مجددًا.
ورغم ذلك وجد آيزوكو قوات الانقلابيين المسيطرة على القطاع تزحف ناحيته حين استشعروا وجود مشكلة في المكان، فخاض مع جيشه معركة حامية ضدهم، حتى قضى على قائدهم العسكري، وتوجّه من فوره إلى وسط المدينة حيث توجد ساحة واسعة اعتاد في الماضي التقاء أبناء شعبه فيها.
وطأ بقدمه على أرضيّة منصّة موجودة في ساحة القطاع "أ"، وتجمهر السكّان لأول مرة من بعد فوضى الانقلاب ناظرين إليه بأعيُن متسائلة، وقد كثرت همساتُهم وهُم يرون جنود القصر الرئيس يحيطون بتلك المنصّة ويقفون كلٌّ في مكانه بثبات.
رفع عينيه إليهم ثم تلاها صوته قائلاً بحزم: يا شعب الأشباح، غادرتُكم لأسباب خارجة عن إرادتي منذ عدّة سنوات، والآن عدّتُ لأجد كلّ هذه الفوضى تحلّ بموطني الذي حكمه والدي وأجدادي لسنوات طويلة؟!
علا صوتُه أكثر من ذلك، كان في داخله منزعجًا حدّ أنه قد يصرعُ أيّ شخصٍ يردّ أو ينطق بكلمة تخالفه، أكمل خطابه في الأشباح: ها أنا، أمير الأشباح، قد عدتُ ولن أسمح باستمرار هذه الفوضى أكثرَ من هذا، سأبيدُها وأتأكّد من اقتلاعها من جذورها!
هزّهُم صوته الغاضبُ بعنف، فبدؤوا يخافونه، بينما كان لا يزال يتابع: وكلّ من تسوّل له نفسُه أن يعارضني، أو يعترض طريقي، سيكون هو المسؤول الأول والأخير عمّا سيحلّ به!!
كان سكّان القطاع "أ" في حيرة شديدة، هل عاد أمير عالمهم أخيرًا ؟ أستتوقف الفوضى التي حلت بالعالم بوجوده؟ أما يزال هذا الشخص أميرهم الذي لطالما أحبوه أم أنه تحوّل إلى وحش عليهم أن يخشوه؟
رغم تلك التساؤلات تعالت هتافات السكّان باسم الأمير آيزوكو، فلطالما كان هذا العالم يكنّ ولاءه له، أكثر حتى من والده.
ولعلم آيزوكو بهذا، نطق جملة أخيرًا وهو يرفع يده إشارة إلى تلاوة القسم: ابتداءً من اليوم، أنصّب نفسي، أنا المدعو بإيتسوزوكي آيزوكو، حاكمًا للقطاع "أ" ولعالم الأشباح بأكمله! أقسم بحماية هذا العالم من أي شيء، بسيطًا كان أم جللًا، قد يقلق راحته!!
اشتدت هتافات الأشباح ناطقين باسمه، وترددت عبارة "يحيا الحاكم إيتسوزوكي آيزوكو" لتعمّ الأرجاء ويتردد صداها في أنحاء القطاع "أ" حتى بلغت كل بقعة منه.
:
وبعد التأكد من تأمين القطاع كاملاً، حرص آيزوكو على إعادة والده إلى القصر، ثم واصل التقدم بخطته.
حدّث الشخص الذي كان يجتمع به قائلاً: كيو، أعلم أنك مصاب ببعض الجروح إلا أني أرجو منك متابعة حالة والدي.
هزّ المعني رأسه: لا تقلق سيّدي، المركز الطبّي التابع للقصر يحتاج وقتًا ليتم إصلاحه، لكنّي وجو نبذل ما بوسعنا لتوفير المعدّات اللازمة لعلاج هاتشيرو ساما.
دخل جو في تلك اللحظة برفقة امرأة ما، وباشر القول: اعذرني على مقاطعة اجتماعك بـ كيو، آيزوكو ساما، أردت أن أبلغك أن الأشباح قد أتمّوا صنع وإصلاح الأجهزة الطبية التي كانت تنقصنا.
تحدّثت من كانت معه -وقد كانت إحدى الممرضات-: كيو سينسي، جميع المحاليل الطبية المطلوبة قد أعدّت أيضًا وهي بحوزتنا الآن.
استمع آيزوكو إلى كل ذلك باهتمام ثم حوّل بصره إلى كيو الذي أجاب: هذا جيد جدًا، سيّدي هذا يعني أنه سيمكنني مباشرة عملي، من بعد إذنك.
ردّ آيزوكو من فوره: نعم، افعل ذلك رجاءً.
استدار وسار إلى المخرج، وهو ينادي: كينشين سان، نحتاج لمواصلة عملنا.
التفت كيو وجو إليه متسائلَين، ظهر كينشين بعد ثوانٍ من ذكر اسمه وانحنى احترامًا، تحدّث كيو مخاطبًا آيزوكو: هل هذا يعني أنك لن تبقى حتى يستيقظ هاتشيرو ساما ؟
كان آيزوكو يتحرك متجها للمخرج بالفعل وأجاب: أود ذلك، ولكن كل دقيقة تمرّ مهمة في تسريع عملية ردّ النظام إلى عالم الأشباح، حسبما وردني فإن الانقلابيين يتمكنون من ضم المزيد لهم في أنحاء هذا العالم، ازدياد عددهم لن يكون في صالحي.
تكلم كينشين هذه المرة: هذا صحيح، سموُّك.
كانت نظرات الإصرار البادية على حاكم الأشباح الجديد جليّة للتوأمين اللذين شهداه يختفي برفقة كينشين.
بعد مضيّ ساعات وقف الاثنان إلى جانبيّ سرير تمدّد فيه هاتشيرو، وقد قام الطاقم الطبي بإمداد المحاليل العلاجية إلى جسده، أخذ كيو يراجع نتائج التحاليل، التفت إلى أياكو الواقفة في المكان قائلاً لها: بالنظر إلى التحاليل هنا، فحالة هاتشيرو ساما مستقرة بالفعل، أظن أن الفضل في هذا يعود إلى طاقتك أياكو ساما، يمكنني أن أرى قراءات لم تكن لتظهر بدون وجود أثر لطاقة التينشي.
ارتخت ملامح أياكو القلقة لتظهر الراحة على وجهها، قائلة: الحمد لله، شكرًا لك على هذه الأخبار المطمئنة كيو سان.
تحدّث جو فشدّ انتباههما: ألن تقوم بمحاولة الإيقاظ؟
علّقت أياكو: إيقاظ؟ أهذا ممكن؟!
ردّ كيو وقد بان على وجهه الارتباك: في الحقيقة لستُ واثقًا من نجاح الأمر، قدرتي محدودة في النهاية ولم أجرب هذا من قبل..
أردف جو: يفترض أن تكون أكثر ثقة بنفسك كيو! أنت الوحيد الذي بوسعه فعل هذا!
ظهرت إحداهنّ في المكان فجأة: ربما سيمكنني المساعدة، كيو كن.
التفت الثلاثة الموجودون في المكان إليها، وتساءلت أياكو عن هويّة المرأة ذات الشعر البنيّ التي حضرت للتو، نطق كيو باسمها وقد بدا على وجهه التفاجؤ: مايومي...
كما فوجئت أياكو بأن المدعوّة مايومي أسرعت خطاها ناحية كيو وطوّقته بيديها تحتضنه، ثم بدا وكأنها تعاتبه أثناء ذلك فالتفتت إلى جو الواقف إلى جانبها ووجدته يبتسم مانعًا نفسه من الضحك، مما زاد حيرتها، عقدت حاجبيها ونقرت كتفه سائلة: من تكون مايومي؟
نظر جو إليها وأجابها بعفوية: إنها أختي.
تحوّلت نظراتها إلى الدهشة، وكانت ملامحها تصرخ بالتساؤلات فاستدرك جو قائلاً: أوه، أعني مايومي هي زوجة كيو، لا بدّ وأنها كانت قلقة عليه.
وبالفعل لفتهما صوتها وهي تقول لكيو الذي احمرّ وجهه ارتباكًا وخجلاً: الحمد لله أنك بخير، لا تعلم كم كنت قلقة عليك، تركتُ ميو مع والديّ وجئتُ إلى هنا مسرعة فور علمي بمكانك.
ردّ كيو وهو يبتسم بارتباك: يسرني أنكِ وميو على ما يرام أيضًا، دعينا نباشر العمل إذن.
التفت جو مجددًا إلى أياكو ليحدّثها: أياكو ساما، دعينا ننتظر في خارج الغرفة لكيلا نعرقل عملهما.
أومأت أياكو بالإيجاب، وجدت عددًا من الممرضين يدخلون بينما كانت تتجه برفقة جو إلى خارج الغرفة، وبمجرد أن خرجت ظهر أمامها ساي وانحنى من فوره قائلاً: أياكو ساما، أُمِرتُ بأن أكون رهن إشارتكِ فيما يخص أمن القطاع ما دام السيد الحاكم غائبًا عنه، وأردتُ إبلاغكِ بأن الجنود في مواقعهم حول القصر وعلى حدود القطاع استعدادًا لأي طارئ.
نظرت أياكو إليه لوهلة ثم ابتسمت بارتباك: شكرًا لإبلاغي ساي سان، لا أعلم إن كانت اللهجة والنداءات الرسمية ضرورية لهذه الدرجة، هذه المعاملة تبدو غريبة علي.
ظهرت ريو بعده وتحدّثت بحزم: بالطبع ضرورية! هل نسيتِ فترة تأهيلكما أنتِ وآيزوكو ساما خلال سنوات خطبتكما ؟ ليس عليكِ القلق، ستعتادين الأمر مع مرور الوقت.
لم تختفِ ابتسامة أياكو المرتبكة وهي تنقل بصرها إلى ريو، وقد ظلت في داخلها متوتّرة من الفكرة، عادت ريو للتحدث قائلة: كيف حالُ هاتشيرو ساما ؟
أثناء ذلك كان كلّ من كيو ومايومي يستعدّان لعملهما، شدّت الأخيرة قفازاتها الطبية إلى يديها، ثم أمسكت بإحدى يدي هاتشيرو ورفعتها، عقدت حاجبيها مما دل على تركيزها ثم تحدّثت: هناك تذبذب بسيط في الطاقة لكنه لن يعرقل المهمة، نحتاج إلى الأجهزة الطبية للقياس الدقيق.
التفتت إلى الممرضين فأومؤوا بالإيجاب ثم همّوا بتهيئة الأجهزة والمعدات الطبية وإيصالها بجسد هاتشيرو.
وفور انتهائهم ظهر على شاشة إحدى الأجهزة رقم يشير إلى النبض والتنفس، ورسم بياني لمعدل دقات القلب وطيف الطاقة، إضافة إلى عُقَد معدنية وُزِّعت بشكل مدروس على أنحاء جسمه، كان كيو في وضع الاستعداد يجلس ويراقبهم إلى أن انتهت كل هذه الخطوات، ثم نهض من مكانه وتقدّم إلى هاتشيرو، كانت مايومي تنهي تثبيت مستشعرات على جبين هاتشيرو وتنظر إلى قراءات الشاشة، وحدّثت كيو فور أن صار بقربها: دعنا نستهدف الدماغ ونقاط الطاقة بشكل متزامن، لنكون في مأمن من أي أعراض جانبية غير مرغوب بها.
كان ينظر إليها، ثم تحرّك ليقف إلى جانب هاتشيرو وأعاد عينيه إلى مايومي: عُلِم، أعتمدُ عليكِ في إرشادي.
هزّت رأسها إيجابًا، ثم تحدّثت: سأذكر المناطق المطلوبة بالترتيب لكنك الأدرى بمقدار القوة اللازمة للتحفيز.
كان ينظر في عينيها، ثم نقل بصره إلى هاتشيرو الممدد أمامه، تنهّد ثم ردّ بهدوء: لنبدأ.
بدأت فورًا بإعطاء التعليمات: سي - الجذع السفلي... بي 3، بي 9 - الجذع العلوي، ...
كان كيو يقوم بإرسال شحنات خفيفة لكل المناطق المذكورة، وقد كانت مايومي تعطيه الإرشادات بالطريقة التي ذكرتها، بحيث تحدد المنطقة الدماغية ثم منطقة الطاقة المرتبطة بها، ويرسل كيو ذبذبات إلى الدماغ ثم تيارات كهربائية إلى العقد المعدنية الموضوعة تمامًا فوق نقاط الطاقة، وبعد كل مرحلة يتأكد الفريق الطبي من أن العملية تسير بشكل جيد وأن وضع هاتشيرو مستقر.
أكملت مايومي بعد عدد من الإرشادات: حسنًا، أظن أن الاستجابة جيدة، يبدو لي أن المناطق كانت تعاني ضررًا ولكني أعتقد أن طاقة التينشي استطاعت تقليله إلى حد كبير مما يثير الإعجاب.
أطلق كيو ضحكة قصيرة لينفّس قليلًا عن توتّره وردّ: يجب أن يكون مشروعي التالي دراسة هذه الطاقة إذن.
المفضلات