السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الإيمان هو غاية المسلم ، وإن من أهم السبل الموصلة لزيادة الإيمان وتعميقه في النفوس التأمل ،التأمل في آيات الله الشرعية والكونية
ولكن علينا ان نتوقف هنا برهة من الزمن، ونفكر هل يقتصر التأمل فقط على التأمل فى آيات الله الكونية فحسب ؟
الإجابة هنا ستكون لا ،فما علينا تأمله هما شيئان لا ثالث لهما هما التأمل فى آيات الله الكونية والتامل فى قرآنه الكريم
لقد حثنا الله - عزوجل -فى كتابه العزيز على التأمل فى أكثر من موضع فقد ذكرت كلمة يتفكرون حوالى 18 مرة فى القرآن الكريم ،وهناك حوالى 1300أية تتحدث عن الكون والمخلوقات وهذا تقريبا سدس القرآن ،وكل ذلك يدل على أهمية التآمل فى حياتنا ، فهيا بنا نبحر في رحلة تأمل؛ لنرى كيف يمكن للمتأمل أن يزداد إيمانه، ويشعر بسعادة واطمئنان في نفسه وبهجة في قلبه يصاحب ذلك كله شعور بالمحبة والرضا والأنس، تعجز الكلمات عن وصف تلكم الحالة وذلك الشعور الرائع ،ولنرسو معا عند أولى محطاتنا
فعندما نسرح بخيالنا فى جمال تلك الشجرة الخضراء ذات الأزهار المتفتحة ،والثمار اليانعة ، تلك الحُــلة الخضراء التي تكاد تبهر ، وتخطف أبصار الناظرين والمتأملين إليها ..
إننا حين نستشعر هذا الجمال يعجز اللسان إلا أن يقول سبحان الله، ومن ثم فى غمرة ذلك التأمل تتهادى على العقل أسئلة عدة منها ،كيف خرجت تلك الشجرة الباسقة من تلك الحبة الصغيرة التى لم تتجاوز عقلة الإصبع ؟ وأسئلة عدة حينما تطرأ على ذهن المؤمن تكون الإجابة حاضرة إذ إنه الله ،ومن ثم يعيش لحظة إيمانية ويزداد إيمانه بالله ،ولكن بالنسبة للكافر سيعلم بأن هذه الشجرة لم تخرج من تلقاء نفسها وبالتفكر سيصل إلى نفس النتيجة فإما أن يؤمن وإما أن يجحد ،وبعد ذلك يدرك الإنسان سواء أكان مؤمناً أم كافراً أن لهذه الشجرة علينا أفضال كثيرة فهى نقاء الجو ومن خشبها نصنع الأثاث ومنه يخرج الدفء وفوائد عدة أخرى ويدرك المؤمن أنعم الله المنهمرة ولا يسعه إلا أن يقول الحمد لله
والخلاصة
أننا فى تأملنا نمر بالآتى :
1- نستشعر جمال الله فى خلقه ونسبحه
2-يتغلغل الإيمان فى نفوسنا
-وأما بالنسبة للكافر فإما أن يهتدى ، وإما أن يجحد وهذا الذى مرض قلبه
3-وأخيرا نستشعر نعم الله المنهمرة علينا ونشكره
ولعل هذا ما سنحاول فعله فى خلال رحلتنا ،،،،
إن الليل والنهار آيتان كونيتان عظيمتان من آيات الله في الخلق،تشهدان علي دقة بناء الكون هذه الآيات معروضة للأنظار، يراها العالم والجاهل، ولها في القلب البشري روعة مباشرة وقد ذكرا فى القرآن كثيرا والآن لنتأمل قوله تعالى :
" يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ "
فلنتساءل هنا لماذا استخدم الله سبحانه وتعالى كلمة يكور ولم يستخدم أى لفظ آخر ؟
حسنا لنفكر معا إنك لو جئت بقماش ولففته حول كرة فإنك تقول إنك كورّت القماش أى جعلته يأخذ شكل الكرة الملفوف حولها ،فهذا يعنى أن القماش يحيط بالكرة كلها فى آن واحد ،والآن لنربط ذلك بالليل والنهار فنجد هنا الشئ نفسه ،إذ يعنى أن الليل والنهار مكوران حول الكرة الأرضية ويحطيان بها فى كل وقت ولكن هل إلى هنا ينتهى التأمل ؟
لا
إذ أن بلاغة القرآن لا تزال تذهلنا فى هذه الأية حيث أن استخدام كلمة على يستحق وقفة لماذا لم يقل الله يكور الليل ثم يكور النهار ؟ إذا ما دققنا النظر فى المعنى نجد أن المعنى يشير إلى انهما موجودان معا فى نفس الوقت حول الكرة الأرضية، وهذا ما اكتشفه الإنسان فى العصر الحديث الآن، حيث كان اعتقاد الناس أن الليل يغمر الكرة الأرضية كلها ثم يأتى النهار فيغمرها من بعده وهذا ما نبأ به القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا
مارأيكم أن نتأمل فى تلك الأية الكريمة ؟
" فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة "
لو تأمل الناس هذه الأية لعرفوا الاعجاز القرآن فى هذه وحدها، ولكان الاعجاز فيها كافيا لأن يؤمنوا لقد وصف الله النهار بانه هو المبصر، ولكن هل النهار هو الذي يبصر أم العين هي التي تبصر؟ الذي نفهمه من تلقائية الأبصار أن العين هي تبصر، ولكن الحقيقة العلمية تختلف، فلقد ثبت علميا أن ضوء الشمس ينعكس على الأشياء ثم تدخل أشعة النور الى العين فتبصر، اذن فالعين لا تبصر بذاتها ولا بذاتيتها ولكنها تبصر بالضوء الذي ينعكس على الأشياء الموجودة أمامهما ويدخل اليها، فإذا وجد الظلام فان العين لا تبصر ولا ترى شيئا في الظلام إلا أن تأتي بمصباح أو مصدر من نور يلقي الضوء على الأشياء فينعكس على العين فتبصر، وهكذا نرى دقة التعبير في القرآن الكريم في قوله تعالى.
"ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين "
هى كالالئ المنثورة على السجاد الاسود تشع جمالا ونورا وتبهر الإنسان بروعتها، وبالرغم من بعد النجوم عن الارض مئات الاميال بل إن تلك الجملة لا توفيها بعدها الشاسع عن الارض ،
فهى تسبح فى فضاء الله الواسع،ولكن بالرغم من ذلك خلقها الله وجعل لها منافع جمة تفيد الانسان كيف لا وهى هدى الانسان فى الظلمات، وكانت ذات فائدة عظيمة للإنسان منذ قديم الأزل فقد كانت ترشد البحارة فى السفن، وترشد الرحالة فى الصحراء وكل ذلك بالرغم من بعدها جعلها الله نعمة للإنسان وجمالا تسرح فيه العيون
فسبحان الله الخالق البارئ المصور
يتبع ~~
المفضلات