لم أرد الوقوع في الحب, ليسَ مجدداً, فقد تألمت كثيراً وحدي, أخفيت هذا السرّ وحدي وبكيتُ وحدي, لم يكن هناك من هوَ قادر على احتوائي, كفرتُ بمفهوم الحب وتجرّدتُ منه تماماً, واعتزلتُ الكتابة. ليسَ بسبب أولئك الأحبّاء على وجه الخصوص ولكني لم أعد أجد الحب في هذا العالم إلاّ كحكاية خرافية في كتاب رومانسيّ أو مشهد مليء بالكذب.
ولكنني رغم كل شيء, أدركتُ أمراً قتلني, لايمكنني أن أحيا بدون الشعور بالحب, لقد سقطتُ في أعمق نقطة يمكنني الوصول إليها منهارة, ثم لم يكن هناك أحد أو شيء يمكنني إسناد نفسي عليه لأنهض مجدداً, فكلما نهضت أقع بدون أن أتمكن من التسلّق, سافرت.. درست.. جرّبت الكثير من الأمور الجديدة التي كانت تؤكد إقراري بأنّ الحب لاوجود له بواقعيّة.
لقد أصبح الناس كلّهم يتصنّعون الإحساس, وكأنني الشخص الوحيد على وجه الأرض أن يشعر والذي يمكنه رؤية ذلك. وذلك يتضمن أهلي, حتى والديّ.. إن أحداً منهما لايحبنيّ بشكلٍ حقيقي, لم أجاري هذهِ الفكرة بل إنني حاربتها حتى أتمكن من الصمود, لكنني خسرتُ كل شيء, حتى حبيّ لنفسي.. لذاتي, فضعت تماماً وغرقت في مكان لايمكن أن يراهُ أحد.
حاولتُ الغوص في أعماق نفسي حتى أتمكن من الإيمان بالحب مجدداً, فوجدته في شيء واحد, في الإله فقط.. بتلك الفكرة الروحيّة.. بذلك الكيان العظيم الذي يعطيني رغم عصياني ورغم أخطائي, رغم كل ذلك التجرّد والسقوط.. كان الحب يتجسد فقط في المعنى الإلهي. ليسَ الوالدين ولا الأهل ولا الأصدقاء ولا أي حبيب عابر, حتى نفسي لايمكنني أن أحبها كما يبعث إليّ الله بالحب والذي بت أستشعره كل يوم.
توغلتُ أكثر بمفهوم الإلهية, أولئك البشر لايفهمونه حقاً, إنه يمارسون طقوس العبادة فحسب, بطريقة اعتيادية.. بشكلٍ عاديّ متكرر. خشيتُ بأنني بطريقة ما.. وصلتُ لنقطة قد توقعني في الإلحاد كما فعل الكثير بعد إيمانهم, توقفتُ.. خشيتُ أن أكفر كما كفرتُ بالحب بعد أن كان يغمرني.
الآن أنا لستُ بتلك المفعمة بالحب والتي ترغب بنشره بكل مكان, طاقة الحب لديّ ضعيفة جداً تجاه البشر, وضيّقة تجاه نفسي, أحاول إسعادي بما أملك وأنا أصعد بهدوء وبطء, وبين كل هذا وذاك وجدته, بل هوَ من وجدني.
لقد أثار خلايا الحب لديّ بطريقة غريبة, بالرغم من أنني أنكرتُ وجود معنى الحب, ولكنه يبعث إليّ بالراحة والأمان حينما يكون معي, حينما أشعر به وبوجوده, بشكلٍ يختلف عن البقية, أتساءل أحياناً إن كان هذا الشعور هوَ شعور الحب أم أنه مجرد شعور مختلف فحسب, لم يكن له سابقة.
المفضلات