قصة واقعية قصيرة ( اللى يشوف بلاوى الناس تهون عليه بلوته )ِ_____________________________________________
القصة التى سأرويها حدثت على متن القطار وما أكثر القصص التى تحدث فى قطار الحياة ولا يكفى لسردها ساعة ونص فقط.
فبينما كنت أستقل القطار المتجه إلى القاهرة ومن حسن حظى أنى وجدت مكاناً فارغاً بالرغم من أن القطار كان مزدحماً جداً ، وكالعادة جلست فى مكانى صامتاً أستمع وأشاهد أحوال الناس فى القطار وهو أشبه بالدنيا حيث تأتى ناس وتذهب والقطار يسير وكل راكب حينما تأتى محطته ينزل ويركب آخرون وأنا أشاهد وأتأمل وأفكر فى هذه الأحوال.
كانت تجلس بالكرسى المقابل سيدة فى الثلاثينيات من عمرها ترتدى عباءة سوداء وطرحة وبرفقتها طفل فى الخامسة من عمره ويبدو على وجهها البؤس والشقاء والمعاناة
وكأنها وردة جف عنها الماء فذبلت وراح عطرها، تبين لى أن هذه السيدة صعيدية مسيحية من لهجتها ومن الصليب الظاهر على يدها، ومر وقت ليس بقليل وأنا أشاهد وأستمع لهذا وذاك،ثم جاءت سيدة أخرى وجلست بجوارها وهى على عكس السيدة الأولى فهى فى الخمسينيات ولكن يبدو على وجهها بقايا جمال كانت تتمتع به فى صباها، وبدأت حكايات الستات....
وإذ بها تنفجر من البكاء....
فقد حكت السيدة الأولى أنه توفى عنها زوجها تاركاً لها ثلاثة أبناء
وقامت أم زوجها بطردها هى وأطفالها من البيت فقد كانت تكرهها منذ البداية ولا ترغب بهذه الزيجة وقد عانت معها الكثير فى حياة زوجها وبعد أن توفى بدأت المعاناة الكبرى فلم تكد تطيق أن تراها
وبعد مضى حوالى شهر من وفاة زوجها ضاقت بها زرعا وطردتها وأبناءها من المنزل
وماذا ستفعل تلك المسكينة وهى تبدو أنها من أسرة فقيرة لا تحتمل عبء تربية ثلاثة أطفال وأمهم فى الوقت الذى كل ما تبقى لهم هو معاش الزوج المتوفى وهو مبلغ 300 جنيه –كما ذكرت-
وهو مبلغ زهيد لا يكفى للطعام والشراب فى ظل هذه الحياة الصعبة التى نعيشها ، فكيف تستطيع أن تلبى متطلبات أولادها
وكيف تستطيع أن تلبى احتياجاتهم بعد أن يكبروا وتبدأ المعاناة فى توفير مصاريف المدارس والملابس وخلافه ، كانت تشكو من قسوة الحياة بنبرة مليئة بالحزن والأسى
وكانت جملتها الأخيرة قبل أن تنخرط فى البكاء
( ياطول الأيام بس اللى يقضيها على خير )
لقد بكت هذه السيدة بالدموع وأبكتنى ألماً وحسرة على حالها
وقلت فى نفسى الحمد لله
اللى يشوف بلاوى الناس تهون عليه بلوته
اضافة رد مع اقتباس
المفضلات