كيف تحرك قلبك إلى الله))
منقول
قاعدة تحرك القلوب إلى الله عز وجل، فتعتصم به؛ فتقل آفاتها، أو تذهب عنها بالكلية؛ بحول الله وقوته.
فنقول إعلم أن محركات القلوب إلى الله عز وجل ثلاثة: المحبة، والخوف والرجاء. وأقواها المحبة، وهي مقصودة تراد لذاها، لأنها تراد في الدنيا والآخرة بخلاف الخوف فإنه يزول في الآخرة، قال تعالى:
{أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [يونس: 62]
والخوف المقصود منه: الزجر والمنع من الخروج عن الطريق، فالمحبة تلقى العبد في السير إلى محبوه، وعبى قدر ضعفها وقوتها يكون سيره إليه، والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب، والرجاء يقوده؛ فهذا أصل عظيم، يجب على كل عبد أن يتنبه له، فإنه لا تحصل له العبودية بدونه، وكل أحد يجب أن يكون عبداً لله لا لغيره.
فإن قيل فالعبد في بعض الأحيان؛ قد لا يكون عنده محبة تبعثه على اطلب محبوبه، فأي شيء يحرك القلوب؟ قلنا يحركها شيئان:
أحدهما: كثرة الذكر للمحبوب، لأن كثرة ذكره تعلق القلوب به، ولهذا أمر الله عز وجل بالذكر الكثير، فقال تعالى:
{يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً } [الأحزاب: 41، 42].
والثاني: مطالعة آلائه ونعمائه، قال الله تعالى:
{أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِى ٱلْخَلْقِ بَسْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الأعراف: 69]
وقال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ } [النحل: 53].
وقال تعالى: {تِلْكَ ءاَيَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْحَكِيمِ } [لقمان: 2]
وقال تعالى: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [إبراهيم: 34].
فإذا ذكر العبد ما أنعم الله به عليه، من تسخير السماء والأرض، وما فيها من الأشجار والحيوان، وما أسبغ عليه من النعم الباطنة، من الإيمان وغيره، فلا بد أن يثير ذلك عنده باعثا، وكذلك الخوف؛ تحركه مطالعة آيات الوعيد، والزجر، والعرض، والحساب ونحوه؛ وكذلك الرجاء؛ يحركه مطالعة الكرم؛ والحلم؛ والعفو؛ وما ورد في الرجاء والكلام في التوحيد واسع.
وإنما الغرض مبلغ التنبيه على تضمنه الاسغناء بأدنى إشارة. والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
المفضلات