الفصل السادس..~
.
.
في صباح يوم يعج بضجة الأواني في مطبخ منزل عائلة إدوارديز..
يقف ذلك الشاب الطويل أمام طاولة رخامية تتوسط مطبخا كبيرا يعج بالعمال و الطهاة الذين يسرعون الخطى ذهابا و إياباً، بينما كان هو يقوم بتقطيع قطعة كبيرة من اللحم المدخن إلى شرائح رقيقة بوساطة سكين كبيرة و حادة..
و مع كل شريحة يقطعها، كان يتثاءب بشدة و هذا ما أثار غضب إحدى الطاهيات و التي كانت تعد بعض الفاصولياء الحلوة على النار..
التفتت إليه و رمته بمغرفة حساء حديدية أصابت رأسه بقوة، و قالت له بنبرة غاضبة: مــااارك، أسرع بتقطيع اللحم أيها البطيء.
- آاااااااااااااخ، لمَ فعلتِ هذا؟
قالها بصوت عالٍ بينما كان يفرك الجهة الأمامية من رأسه، فرمت عليه ملعقة أخرى و صرخت ثانية: هذا لأن تثاؤبك المتكرر قد أثار أعصابي، ألا تكفيك سبع ساعاتٍ من النوم؟
- لم أستطع النوم بسبب إزعاج ميشيل الذي استمر إلى الساعة الثانية عشـ.
قاطعته حين رمت عليه ملعقة ثالثة و قالت بغضب: لا تلقي اللوم على غيرك.
لحظتها..
رمى السكين على الأرض بشدة و قال غاضبا بينما كان يخرج من المطبخ: لن أعمل في المطبخ بعد اليوم، سأخبر العجوز جورج بأن يجد لي عملا في مكان آخر.
لحقته راكضة بعد أن أمسكت مفردة العجين الخشبية فزاد من سرعته هربا منها.. و حين خرج إلى الباحة الخلفية تنهدت ثم عادت أدراجها إلى المطبخ لتكمل إعداد وجبة الفطور الخاصة بالسيد إدوارديز و ابنته..
و حالما دخلت إليه، قالت بحدة لأحد الفتيان الصغار و الذي كان يقوم بتلميع الفضيات وقتها: بيـــــتر، أنهِ ما تفعله بسرعة و أكمل تقطيع اللحم الذي تركه أخاك.
- حسنا أمي.
وضع الملعقة التي كانت بين يديه على صينية فضية بجوار الفضيات الأخرى التي انتهى من تلميعها، ثم توجه نحو الطاولة حيث توجد قطعة اللحم فوقها..
لكنه حين وقف عندها لم يستطع الوصول إليها، فقد كان ارتفاع الطاولة مساوٍ لطوله تماما..
عاد إلى حيث كان يقف قبل قليل ثم قام بحمل السلم القصير الذي كان يعتليه للوصول إلى الفضيات و وضعه عند الطاولة، ثم وقف عليه ليستطيع الوصول إلى قطعة اللحم و بدأ بتقطيعها مستخدما سكيناً أخرى نظيفة..
خلال ذلك، كانت الطاهية المسئولة عن إعداد الخبز تنظر إليه بتقاسيم وجهها المجعدة، و التي زادت ابتسامتها من حدة تجاعيده ثم قالت لوالدته: بياتريس، هدئي من روعك يا امرأة.. لا تصبي غضبك على هذا المسكين أيضا.
تنهدت بياتريس الأم الأرملة ذات الاثني و الأربعين من عمرها بعمق ثم قالت: أعلم ذلك، لكن برود مارك و لا مبالاته سيصيبانني بالجنون.
- لا بأس، لقد أصبح ابنك في العشرين من عمره ولا يزال يعمل في هذا المنزل، دعيه يفعل ما يريد.
رفعت بياتريس القدر عن النار ثم توجهت نحو طاولة الإعداد و بدأت بسكب الفاصولياء التي أعدتها في الأطباق البيضاء الصغيرة المخصصة لها، ثم قالت لابنها الأصغر بعد أن أخرجت مقلاة و وضعتها فوق النار: ناولني شرائح اللحم يا بيتر.
كان واضحا بأنها تجاهلت ما قالته لها الطاهية الأخرى لشدة غضبها، لكنها فضلت تفريغ ذلك الغضب في إعداد طعام الفطور و تجهيزه بسرعة.
أثناء ذلك في الباحة الخلفية..
كان مارك يقف مستندا على باب المحبس الخشبي الخاص بأحد الخيول في الإسطبل، و كان يشكو همه لـ ميشيل الذي كان يدندن سيمفونية رخمانينوف و يقوم بتمشيط ذلك الخيل وقتها..
قال له مارك بغيظ ممزوج ببعض الغضب: هيي، هل أنت معي؟
أجابه ميشيل دون أن يلتفت إليه: نعم، لقد سمعت كل شيء.
مارك بحنق: حدث كل ذلك بسببك.
قام برفع خصلات شعره الصهباء و أعادها للخلف ثم أردف قائلا: انظر إلى كل تلك التورمات..
التفت إليه ميشيل ثم انفجر ضاحكا حين رأى جبهته الملونة بكدمات متفرقة حمراء مزرقة و قال له: يا إلهي، يبدو بأن السيدة بياتريس كانت غاضبة بحق.
تنهد مارك بعمق ثم قال: هي لا تزال غاضبة منذ اليوم الذي علمت فيه بأنني قدمت طلبا للالتحاق بكلية الطيران.
ميشيل بعينان تتلألآن: هل ستصبح طيارا؟
أومأ برأسه بالنفي قائلاً: ليس بعد، أرغب بأن أصبح طياراً لكن قد لا يتم قبولي في تلك الكلية.
ميشيل: ماذا ستفعل إن لم يقبلوك؟
ابتسم و قال: سألتحق بقسم الطيران الحربي في الجيش.
صمت قليلا ثم أردف بينما كان يداعب الحصان بكفيه الكبيرين: حلمي هو أن أحلق في السماء، لا يهمني إن كنت طياراً مدنياً أم حربياً، المهم أن أصعد إلى تلك العوالم البعيدة.
عم الهدوء المكان للحظات، ثم التفت مارك إلى ميشيل سائلاً إياه: وأنت، ما هو حلمك؟
أجابه باندفاع: أن أتعلم القراءة و الكتابة.
ضحك مارك بشدة ثم قال: هذا ليس حلماً.
ميشيل بنبرة منخفضة: أن أعود إلى المكان الذي جئت منه.
استمر مارك بالضحك كالسابق فأخفض ميشيل ناظريه إلى يديه بعد أن شبك أصابعه ببعضها و قال بصوت يكاد يُسمع: أن ألتقي بشخص..
قاطعه مارك بعد أن ضرب كتفيه النحيلين بيديه بشدة و قال باندفاع: هل هذا هو كل ما تطمح إليه في الحياة؟
ميشيل بتساؤل: تطمح؟ ما معنى هذه الكلمة؟
وضع مارك يديه في جيبي بنطاله قمحي اللون و قال متهكما: يا إلهي، أنت ميئوس منك.
ثم أردف بينما كان يخرج من الإسطبل: أوليس اليوم هو موعد زيارة أنابيل لك؟ اسألها عن معنى تلك الكلمة حين تأتي.
بعد فترة من الزمن و في إحدى غرف منزل عائلة إدوارديز الفخم و الكبير، تجلس تلك الفتاة التي تعودت منذ صغرها على ارتداء الفساتين و التنانير فقط على كرسي بانتصاب تام أمام سيدة ذات شعر أسود قصير..
تجلس مستمعة بإنصات إلى ما تقوله تلك السيدة التي تتحرك ذهابا و إيابا أمامها قائلة بنبرة جادة: آنسة روزماري، يجب على الـ ديبوتانت اعتماد وضعية الجسد الملائمة لفتاة شابة، ابقي هكذا لنصف ساعة أخرى، و لا تنسي أن تتنفسي بهدوء تام و....
وبينما تلك الاستاذة تتحدث، انحنت روزماري بظهرها للأمام قليلا لإراحة العضلات الخلفية لجذعها فنهرتها عن ذلك قائلة بصوت عالٍ و حازم: ظهرك، آنسة روزماري..
انتصبت من فورها موجهة أنظارها للأمام، فسألتها تلك السيدة الأنيقة: و الآن، أخبريني ما يتوجب على الـ ديبوتانت فعله في يوم الحفلة؟
أجابتها بنبرة واثقة بينما كانت لا تزال على وضعيتها السابقة: على الـ ديبوتانت أن ترتدي فستان سهرة طويل أبيض اللون، بالإضافة إلى القفازات البيضاء و اللؤلؤ.. و عليها أن تتقن رقصة الفالز الخاصة التي تُعزف في الحفلة الراقصة، و أن تتعلّم آداب المائدة والتصرف اللائق في المجتمع و بلاغة الكلام، و اعتماد وضعية الجسد الملائمة لفتاة شابة، و أن تكون ملمّةً بالآداب و الفنون الجميلة.
- جيد.. و هل أتقنت الرقصة؟
- اقتربت من تحقيق ذلك.
- و الفستان؟ هل انتهى تصميمه؟
- ستأتي المصممة اليوم لتجربة قياسات القطعة الأساسية له، ثم ستبدا بتجهيز الفستان بأكمله بعد ذلك.
نظرت الأستاذة إلى الساعة ثم قالت بعد أن ابتسمت بمكر: مضى من الوقت دقيقتان لم تفقدي خلالهما السيطرة على انتصابك و أنتِ تتحدثين، لقد أحسنت.. و الآن ابقي منتصبة هكذا لـ ثمانٍ و عشرين دقيقة..
و ما أن قالت ذلك حتى خرجت من الغرفة حاملة حقيبة يدها المخملية ذات اللون الزمردي لتبقى الآنسة إدوارديز جالسة في مكانها بانتصاب تام، تنظر إلى الساعة التي كانت عقاربها تدق برتم شديد البطء..
أرادت أن تنهي هذا التدريب بنفسها قبل اكتمال النصف ساعة، فوقت هذا الدرس قد انتهى مذ خرجت تلك الامرأة من الغرفة.. لكنها فضلت الاحتمال أكثر و الاستمرار على تلك الوضعية لأجل حفلة الـ ديبوتانت التي ستكون بعد شهرين من الآن، و التي ستكون مليئة بالعديد من أفراد العائلات المرموقة الذين إن لم يجدوا عيباً في أحدهم فسيحاولون الصاق أي خلل به..
تفعل ذلك لأجل والدها و سمعته، و لأجلها أيضا.. فهي الوريثة الوحيدة للعائلة، لذا، لزام عليها أن تتصنع الكمال في تلك الليلة لترضي كبرياءهم الجشع..
في صباح اليوم التالي..
يقف ذلك الشاب الطويل أمام طاولة رخامية تتوسط مطبخا كبيرا يعج بالعمال و الطهاة الذين يسرعون الخطى ذهابا و إياباً، بينما كان هو يقوم بتقطيع قطعة كبيرة من اللحم المدخن إلى شرائح رقيقة بوساطة سكين كبيرة و حادة..
و مع كل شريحة يقطعها، كان يتثاءب بشدة و هذا ما أثار غضب إحدى الطاهيات و التي كانت تعد بعض الفاصولياء الحلوة على النار..
التفتت إليه و رمته بمغرفة حساء حديدية أصابت رأسه بقوة، و قالت له بنبرة غاضبة: مــااارك، أسرع بتقطيع اللحم أيها البطيء.
- آاااااااااااااخ، لمَ فعلتِ هذا؟
قالها بصوت عالٍ بينما كان يفرك الجهة الأمامية من رأسه، فرمت عليه ملعقة أخرى و صرخت ثانية: هذا لأن تثاؤبك المتكرر قد أثار أعصابي، ألا تكفيك سبع ساعاتٍ من النوم؟
- لم أستطع النوم بسبب إزعاج ميشيل الذي استمر إلى الساعة الثانية عشـ.
قاطعته حين رمت عليه ملعقة ثالثة و قالت بغضب: لا تلقي اللوم على غيرك.
لحظتها..
رمى السكين على الأرض بشدة و قال غاضبا بينما كان يخرج من المطبخ: لن أعمل في المطبخ بعد اليوم، سأخبر العجوز جورج بأن يجد لي عملا في مكان آخر.
لحقته راكضة بعد أن أمسكت مفردة العجين الخشبية فزاد من سرعته هربا منها.. و حين خرج إلى الباحة الخلفية تنهدت ثم عادت أدراجها إلى المطبخ لتكمل إعداد وجبة الفطور الخاصة بالسيد إدوارديز و ابنته..
و حالما دخلت إليه، قالت بحدة لأحد الفتيان الصغار و الذي كان يقوم بتلميع الفضيات وقتها: بيـــــتر، أنهِ ما تفعله بسرعة و أكمل تقطيع اللحم الذي تركه أخاك.
- حسنا أمي.
وضع الملعقة التي كانت بين يديه على صينية فضية بجوار الفضيات الأخرى التي انتهى من تلميعها، ثم توجه نحو الطاولة حيث توجد قطعة اللحم فوقها..
لكنه حين وقف عندها لم يستطع الوصول إليها، فقد كان ارتفاع الطاولة مساوٍ لطوله تماما..
عاد إلى حيث كان يقف قبل قليل ثم قام بحمل السلم القصير الذي كان يعتليه للوصول إلى الفضيات و وضعه عند الطاولة، ثم وقف عليه ليستطيع الوصول إلى قطعة اللحم و بدأ بتقطيعها مستخدما سكيناً أخرى نظيفة..
خلال ذلك، كانت الطاهية المسئولة عن إعداد الخبز تنظر إليه بتقاسيم وجهها المجعدة، و التي زادت ابتسامتها من حدة تجاعيده ثم قالت لوالدته: بياتريس، هدئي من روعك يا امرأة.. لا تصبي غضبك على هذا المسكين أيضا.
تنهدت بياتريس الأم الأرملة ذات الاثني و الأربعين من عمرها بعمق ثم قالت: أعلم ذلك، لكن برود مارك و لا مبالاته سيصيبانني بالجنون.
- لا بأس، لقد أصبح ابنك في العشرين من عمره ولا يزال يعمل في هذا المنزل، دعيه يفعل ما يريد.
رفعت بياتريس القدر عن النار ثم توجهت نحو طاولة الإعداد و بدأت بسكب الفاصولياء التي أعدتها في الأطباق البيضاء الصغيرة المخصصة لها، ثم قالت لابنها الأصغر بعد أن أخرجت مقلاة و وضعتها فوق النار: ناولني شرائح اللحم يا بيتر.
كان واضحا بأنها تجاهلت ما قالته لها الطاهية الأخرى لشدة غضبها، لكنها فضلت تفريغ ذلك الغضب في إعداد طعام الفطور و تجهيزه بسرعة.
أثناء ذلك في الباحة الخلفية..
كان مارك يقف مستندا على باب المحبس الخشبي الخاص بأحد الخيول في الإسطبل، و كان يشكو همه لـ ميشيل الذي كان يدندن سيمفونية رخمانينوف و يقوم بتمشيط ذلك الخيل وقتها..
قال له مارك بغيظ ممزوج ببعض الغضب: هيي، هل أنت معي؟
أجابه ميشيل دون أن يلتفت إليه: نعم، لقد سمعت كل شيء.
مارك بحنق: حدث كل ذلك بسببك.
قام برفع خصلات شعره الصهباء و أعادها للخلف ثم أردف قائلا: انظر إلى كل تلك التورمات..
التفت إليه ميشيل ثم انفجر ضاحكا حين رأى جبهته الملونة بكدمات متفرقة حمراء مزرقة و قال له: يا إلهي، يبدو بأن السيدة بياتريس كانت غاضبة بحق.
تنهد مارك بعمق ثم قال: هي لا تزال غاضبة منذ اليوم الذي علمت فيه بأنني قدمت طلبا للالتحاق بكلية الطيران.
ميشيل بعينان تتلألآن: هل ستصبح طيارا؟
أومأ برأسه بالنفي قائلاً: ليس بعد، أرغب بأن أصبح طياراً لكن قد لا يتم قبولي في تلك الكلية.
ميشيل: ماذا ستفعل إن لم يقبلوك؟
ابتسم و قال: سألتحق بقسم الطيران الحربي في الجيش.
صمت قليلا ثم أردف بينما كان يداعب الحصان بكفيه الكبيرين: حلمي هو أن أحلق في السماء، لا يهمني إن كنت طياراً مدنياً أم حربياً، المهم أن أصعد إلى تلك العوالم البعيدة.
عم الهدوء المكان للحظات، ثم التفت مارك إلى ميشيل سائلاً إياه: وأنت، ما هو حلمك؟
أجابه باندفاع: أن أتعلم القراءة و الكتابة.
ضحك مارك بشدة ثم قال: هذا ليس حلماً.
ميشيل بنبرة منخفضة: أن أعود إلى المكان الذي جئت منه.
استمر مارك بالضحك كالسابق فأخفض ميشيل ناظريه إلى يديه بعد أن شبك أصابعه ببعضها و قال بصوت يكاد يُسمع: أن ألتقي بشخص..
قاطعه مارك بعد أن ضرب كتفيه النحيلين بيديه بشدة و قال باندفاع: هل هذا هو كل ما تطمح إليه في الحياة؟
ميشيل بتساؤل: تطمح؟ ما معنى هذه الكلمة؟
وضع مارك يديه في جيبي بنطاله قمحي اللون و قال متهكما: يا إلهي، أنت ميئوس منك.
ثم أردف بينما كان يخرج من الإسطبل: أوليس اليوم هو موعد زيارة أنابيل لك؟ اسألها عن معنى تلك الكلمة حين تأتي.
بعد فترة من الزمن و في إحدى غرف منزل عائلة إدوارديز الفخم و الكبير، تجلس تلك الفتاة التي تعودت منذ صغرها على ارتداء الفساتين و التنانير فقط على كرسي بانتصاب تام أمام سيدة ذات شعر أسود قصير..
تجلس مستمعة بإنصات إلى ما تقوله تلك السيدة التي تتحرك ذهابا و إيابا أمامها قائلة بنبرة جادة: آنسة روزماري، يجب على الـ ديبوتانت اعتماد وضعية الجسد الملائمة لفتاة شابة، ابقي هكذا لنصف ساعة أخرى، و لا تنسي أن تتنفسي بهدوء تام و....
وبينما تلك الاستاذة تتحدث، انحنت روزماري بظهرها للأمام قليلا لإراحة العضلات الخلفية لجذعها فنهرتها عن ذلك قائلة بصوت عالٍ و حازم: ظهرك، آنسة روزماري..
انتصبت من فورها موجهة أنظارها للأمام، فسألتها تلك السيدة الأنيقة: و الآن، أخبريني ما يتوجب على الـ ديبوتانت فعله في يوم الحفلة؟
أجابتها بنبرة واثقة بينما كانت لا تزال على وضعيتها السابقة: على الـ ديبوتانت أن ترتدي فستان سهرة طويل أبيض اللون، بالإضافة إلى القفازات البيضاء و اللؤلؤ.. و عليها أن تتقن رقصة الفالز الخاصة التي تُعزف في الحفلة الراقصة، و أن تتعلّم آداب المائدة والتصرف اللائق في المجتمع و بلاغة الكلام، و اعتماد وضعية الجسد الملائمة لفتاة شابة، و أن تكون ملمّةً بالآداب و الفنون الجميلة.
- جيد.. و هل أتقنت الرقصة؟
- اقتربت من تحقيق ذلك.
- و الفستان؟ هل انتهى تصميمه؟
- ستأتي المصممة اليوم لتجربة قياسات القطعة الأساسية له، ثم ستبدا بتجهيز الفستان بأكمله بعد ذلك.
نظرت الأستاذة إلى الساعة ثم قالت بعد أن ابتسمت بمكر: مضى من الوقت دقيقتان لم تفقدي خلالهما السيطرة على انتصابك و أنتِ تتحدثين، لقد أحسنت.. و الآن ابقي منتصبة هكذا لـ ثمانٍ و عشرين دقيقة..
و ما أن قالت ذلك حتى خرجت من الغرفة حاملة حقيبة يدها المخملية ذات اللون الزمردي لتبقى الآنسة إدوارديز جالسة في مكانها بانتصاب تام، تنظر إلى الساعة التي كانت عقاربها تدق برتم شديد البطء..
أرادت أن تنهي هذا التدريب بنفسها قبل اكتمال النصف ساعة، فوقت هذا الدرس قد انتهى مذ خرجت تلك الامرأة من الغرفة.. لكنها فضلت الاحتمال أكثر و الاستمرار على تلك الوضعية لأجل حفلة الـ ديبوتانت التي ستكون بعد شهرين من الآن، و التي ستكون مليئة بالعديد من أفراد العائلات المرموقة الذين إن لم يجدوا عيباً في أحدهم فسيحاولون الصاق أي خلل به..
تفعل ذلك لأجل والدها و سمعته، و لأجلها أيضا.. فهي الوريثة الوحيدة للعائلة، لذا، لزام عليها أن تتصنع الكمال في تلك الليلة لترضي كبرياءهم الجشع..
يتبع..
المفضلات