مشاهدة النتائج 1 الى 16 من 16
  1. #1

    رحلة لشهر في بلاد النور | بلال بن رباح ..~




    attachment


    YzfCI

    ...


    39NsZ



    اخر تعديل كان بواسطة » CRAZY RULE في يوم » 23-10-2013 عند الساعة » 08:52


  2. ...

  3. #2



    بسم الله الرحمن الرحيم ..
    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته ..

    ...

    kND15

    كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - , إذا ذكر أبو بكر قال:

    " أبو بكر سيدنا وأعتق سيّدنا"..

    يعني بلالا رضي الله عنه..

    وان رجلا يلقبه عمر بسيدنا هو رجل عظيم ومحظوظ..

    لكن هذا الرجل الشديد السمرة, النحيف الناحل, المفرط الطول الكثيف الشعر, الخفيف العارضين, لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه إليه, وتغدق عليه, إلا ويحني رأسه ويغض طرفه, ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل:

    "إنما أنا حبشي.. كنت بالأمس عبدا"..!!

    فمن هذا الحبشي الذي كان بالأمس عبدا..!!

    انه "بلال بن رباح" مؤذن الإسلام, ومزعج الأصنام..

    انه إحدى معجزات الإيمان والصدق.

    إحدى معجزات الإسلام العظيم..

    في كل عشرة مسلمين. منذ بدأ الإسلام إلى اليوم, والى ما شاء الله سنلتقي بسبعة على الأقل يعرفون بلالا..

    أي أن هناك مئات الملايين من البشر عبر القرون والأجيال عرفوا بلالا, وحفظوا اسمه, وعرفوا دوره. تماما كما عرفوا أعظم خليفتين في الإسلام: أبي بكر و عمر...!!..

    و انك في كل بقعة من الأرض يقتنها مسلمون, تستطيع أن تسأل أي طفل مسلم: من بلال يا غلام؟

    فيجيبك: انه مؤذن الرسول.. وانه العبد الذي كان سيّده يعذبه بالحجارة المستعرّة ليردّه عن دينه, فيقول:

    "أحد.. أحد.."



    وحينما تبصر هذا الخلود الذي منحه الإسلام بلالا.. فاعلم أن بلال هذا, لم يكن قبل الإسلام أكثر من عبد رقيق, يرعى ابل سيّده على حفنات من التمر, حتى يطو به الموت, ويطوّح به إلى أعماق النسيان..

    لكن صدق إيمانه, وعظمة الدين الذي آمن به بوأه في حياته, وفي تاريخه مكانا عليّا في الإسلام بين العظماء والشرفاء والكرماء

    إن كثيرا من عليّة البشر, وذوي الجاه والنفوذ والثروة فيهم, لم يظفروا بمعشار الخلود الذي ظفر به بلال العبد الحبشي..!!

    بل ان كثيرا من أبطال التاريخ لم ينالوا من الشهرة التاريخية بعض الذي ناله بلال..

    ان سواد بشرته, وتواضع حسبه ونسبه, وهوانه على الناس كعبد رقيق, لم يحرمه حين آثر الاسلام دينا, من أن يتبوأ المكان الرفيع الذي يؤهله له صدقه ويقينه, وطهره, وتفانيه..



    ان ذلك كله لم يكن له في ميزان تقييمه وتكريمه أي حساب, إلا حساب الدهشة حين توجد العظمة في غير مضامينها..

    فلقد كان الناس يظنون أن عبدا مثل بلال, ينتمي إلى أصول غريبة.. ليس له أهل, ولا حول, ولا يملك من حياته شيئا, فهو ملك لسيّده الذي اشتراه بماله.. يروح ويغدو وسط شاه سيده وماشيته..

    كانوا يظنون أن مثل هذا الكائن , لا يمكن أن يقدر على شيء ولا أن يكون شيئا..

    ثم إذ هو يخلف الظنون جميعا, فيقدر على إيمان, هيهات أن يقدر على مثله سواه.. ثم يكون أول مؤذن للرسول و الإسلام .. العمل الذي كان يتمناه لنفسه كل سادة قريش وعظمائها من الذين أسلموا واتبعوا الرسول..!!

    أجل.. بلال بن رباح!

    أيّة بطولة.. وأيّة عظمة تعبر عنها هذه الكلمات الثلاث بلال بن رباح..؟!


    ...

    39NsZ


  4. #3

    ...

    fDZYQ


    انه حبشي من أمة السود... جعلته مقاديره عبدا لأناس من بني جمح بمكة, حيث كانت أمه إحدى جواريهم..

    كان يعيش عيشة الرقيق, تمضي أيامه متشابهة قاحلة, لا حق له في يومه, ولا أمل له في غده..!!

    ولقد بدأت أنباء محمد تنادي سمعه, حين أخذ الناس في مكة يتناقلونها, وحين كان يصغي إلى أحاديث سادته و ضيوفهم , لاسيما " أمية بن خلف " أحد شيوخ بني جمح القبيلة التي كان بلال أحد عبيدها..

    لطالما سمع أمية وهو يتحدّث مع أصدقائه حينا, وأفراد قبيلته أحيانا عن الرسول حديثا يطفح غيظا, وغمّا وشرا..


    وكانت أذن بلال تلتقط من بين كلمات الغيظ المجنون, الصفات التي تصور له هذا الدين الجديد.. وكان يحس أنها صفات جديدة على هذه البيئة التي يعيش فيها.. كما كانت أذنه تلتقط من خلال أحاديثهم الرادعة المتوعدة اعترافهم بشرف محمد وصدقه وأمانته..!!

    أجل انه ليسمعهم يعجبون, ويحارون, في هذا الذي جاء به محمد..!!

    ويقول بعضهم لبعض: ما كان محمد يوما كاذبا. ولا ساحرا..ولا مجنونا.. وان لم يكن لنا بد من وصمه اليوم بذلك كله, حتى نصدّ عنه الذين سيسارعون إلى دينه..!!

    سمعهم يتحدّثون عن أمانته..

    عن وفائه..

    عن رجولته وخلقه..

    عن نزاهته ورجاحة عقله..

    وسمعهم يتهامسون بالأسباب التي تحملهم على تحديّ وعداوته, تلك هي: ولاؤهم لدين آبائهم أولا. والخوف على مجد قريش ثانيا, ذلك المجد الذي يفيئه عليها مركزها الديني, كعاصمة للعبادة والنسك في جزيرة العرب كلها, ثم الحقد على بني هاشم, أن يخرج منهم دون غيرهم نبي ورسول...!

    **

    وذات يوم يبصر بلال ب رباح نور الله, ويسمع في أعماق روحه الخيّرة رنينه, فيذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويسلم..

    وقد رُوي أن رسول الله وأبا بكر اعتزلا في غار، فبينما هما كذلك إذ مرّ بهما بلال وهو في غنم عبد الله بن جدعان، وبلال مُولَّد من مولدي مكة. وكان لعبد الله بمكة مائة مملوك مولّد، فلما بعث الله نبيه أمر بهم فأخرجوا من مكة إلا بلالاً يرعى عليه غنمه تلك. فأطلع الرسول رأسه من ذاك الغار , فقال : " يا راعي هل من لبن ؟ .. "
    فقال بلال: ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم. فقال رسول الله
    " ائت بها " ..
    فجاء بها فدعا رسول الله بقعبه فاعتقلها رسول الله فحلب في القعب حتى ملأه فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانت، ثم قال :
    " هل لك في الإسلام ؟ .. فإني رسول الله .. "
    فأسلم .. و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أكتم إسلامك .. " ففعل
    وانصرف بغنمه وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله: لقد رعيت مرعى طيبًا فعليك به. فعاد إليه ثلاثة أيام يستقيهما ويتعلم الإسلام ..

    ولا يلبث خبر إسلامه أن يذيع.. وتدور الأرض برؤوس أسياده من بني جمح.. تلك الرؤوس التي نفخها الكبر وأثقلها الغرور..!! وتجثم شياطين الأرض فوق صدر أميّة بن خلف الذي رأى في إسلام عبد من عبيدهم لطمة جللتهم جميعا بالخزي والعار..

    عبدهم الحبشي يسلم ويتبع محمد..؟!

    ويقول أميّة لنفسه: ومع هذا فلا بأس.. إن شمس هذا اليوم لن تغرب إلا ويغرب معها إسلام هذا العبد الآبق..!!

    ولكن الشمس لم تغرب قط بإسلام بلال بل غربت ذات يوم بأصنام قريش كلها, وحماة الوثنية فيها...!



    ...

    39NsZ


  5. #4

    ...

    GWgNV



    أما بلال فقد كان له موقف ليس شرفا للإسلام وحده, وان كان الإسلام أحق به, ولكنه شرف للإنسانية جميعا..

    لقد صمد لأقسى ألوان التعذيب صمود الأبرار العظام.

    و كأنما جعله الله مثلا على أن سواد البشرة وعبودية الرقبة لا ينالان من عظمة الروح إذا وجدت إيمانها, واعتصمت بباريها, وتشبثت بحقها..

    لقد أعطى بلال درسا بليغا للذين في زمانه, وفي كل زمان, للذين على دينه و على كل الأديان.. درسا مدلوله أن حريّة الضمير و سيادته لا يباعان بملء الأرض ذهبا, ولا بملئها عذابا..

    لقد وضع عريانا فوق الجمر, على أن يزيغ عن دينه, أو يزيف اقتناعه فأبى..

    لقد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام, و الإسلام, من هذا العبد الحبشي المستضعف أستاذا للبشرية كلها في فن احترام الضمير, والدفاع عن حريته وسيادته..

    لقد كانوا يخرجون به في الظهيرة التي تتحول الصحراء فيها إلى جهنم قاتلة.. فيطرحونه على حصاها الملتهب وهو عريان, ثم يأتون بحجر مستعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال, ويلقون به فوق جسده وصدره..

    ويتكرر هذا العذاب الوحشي كل يوم, حتى رقّت لبلال من هول عذابه بعض قلوب جلاديه, فرضوا آخر الأمر أن يخلوا سبيله, على أن يذكر آلهتهم بخير ولو بكلمة واحدة تحفظ لهم كبرياءهم, ولا تتحدث قريش أنهم انهزموا صاغرين أمام صمود عبدهم و إصراره..



    ولكن حتى هذه الكلمة الواحدة العابرة التي يستطيع أن يلقيها من وراء قلبه, ويشتري بها حياة نفسه, دون أن يفقد إيمانه, ويتخلى عن اقتناعه..

    حتى هذه الكلمة الواحدة رفض بلال أن يقولها..!

    نعم لقد رفض أن يقولها, وصار يردد مكانها نشيده الخالد:

    " أحد أحد .. "

    يقولون له: قل كما نقول..

    فيجيبهم في تهكم عجيب وسخرية كاوية:

    "إن لساني لا يحسنه "..!!

    ويظل بلال في ذوب الحميم وصخره, حتى إذا حان الأصيل أقاموه, وجعلوا في عنقه حبلا, ثم أمروا صبيانهم أن يطوفوا به جبال مكة و شوارعها. وبلال لا يفقه لسانه بغير نشيده المقدس:

    " أحد أحد "


    وكانوا إذا جنّ عليهم الليل يساومونه:

    " غدا قل كلمات خير في آلهتنا, قل ربي اللات و العزى, لنذرك و شأنك, فقد تعبنا من تعذيبك, حتى لكأننا نحن المعذبون "!

    فيهز رأسه ويقول:" أحد.. أحد..".

    ويلكزه أمية بن خلف و ينفجر غمّا وغيظا, ويصيح: أي شؤم رمانا بك يا عبد السوء..؟واللات والعزى لأجعلنك للعبيد والسادة مثلا.

    ويجيب بلال في يقين المؤمن وعظمة القديس:

    "أحد.. أحد.."

    ويعود للحديث والمساومة, من وكل إليه تمثيل دور المشفق عليه, فيقول:

    خل عنك يا أميّة.. واللات لن يعذب بعد اليوم, إن بلالا منا أمه جاريتنا, وانه لن يرضى أن يجعلنا بإسلامه حديث قريش وسخريّتها..

    ويحدّق بلال في الوجوه الكاذبة الماكرة, ويفتر ثغره عن ابتسامة كضوء الفجر, ويقول في هدوء يزلزلهم زلزالا:

    " أحد.. أحد.."

    وتجيء الغداة وتقترب الظهيرة, ويؤخذ بلال إلى الرمضاء, وهو صابر محتسب, صامد ثابت.

    ويذهب إليهم أبو بكر الصديق وهم يعذبونه, ويصيح بهم:

    (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله)؟؟

    ثم يصيح في أميّة بن خلف: خذ أكثر من ثمنه واتركه حرا..

    وكأنما كان أمية يغرق وأدركه زورق النجاة..



    لقد طابت نفسه وسعدت حين سمع أبا بكر يعرض ثمن تحريره إذ كان اليأس من تطويع بلال قد بلغ في نفوسهم أشده, ولأنهم كانوا من التجار, فقد أدركوا أن بيعه أربح لهم من موته..

    باعوه لأبي بكر الذي حرّره من فوره, وأخذ بلال مكانه بين الرجال الأحرار...

    وحين كان الصدّيق يتأبط ذراع بلال منطلقا به إلى الحرية قال له أمية:

    خذه, فواللات والعزى, لو أبيت الا أن تشتريه بأوقية واحدة لأعطيتك بها..

    وفطن أبو بكر لما في هذه الكلمات من مرارة اليأس وخيبة الأمل وكان حريّا بألا يجيبه..

    ولكن لأن فيها مساسا بكرامة هذا الذي قد صار أخا له, وندّا,أجاب أمية قائلا:

    والله لو أبيتم أنتم الا مائة أوقية لدفعتها..!!

    وانطلق بصاحبه الى رسول الله يبشره بتحريره.. وكان عيدا عظيما!


    ...

    39NsZ


  6. #5

    ...

    cmStU



    وبعد هجرة الرسول والمسلمين الى المدينة, واستقرارهم بها, يشرّع الرسول للصلاة أذانها..

    فمن يكون المؤذن للصلاة خمس مرات كل يوم..؟ وتصدح عبر الأفق تكبيراته و تهليلاته..؟

    انه بلال.. الذي صاح منذ ثلاث عشرة سنة والعذاب يهدّه ويشويه أن: "الله أحد..أحد".

    لقد وقع اختيار الرسول عليه اليوم ليكون أول مؤذن للإسلام.

    وبصوته النديّ الشجيّ مضى يملأ الأفئدة إيمانا, والأسماع روعة وهو ينادى:

    الله أكبر.. الله أكبر

    الله أكبر .. الله أكبر

    أشهد أن لا اله إلا الله

    أشهد أن لا اله إلا الله

    أشهد أن محمدا رسول الله

    أشهد أن محمدا رسول الله

    حي على الصلاة

    حي على الصلاة

    حي على الفلاح

    حي على الفلاح

    الله أكبر.. الله أكبر

    لا اله إلا الله...


    ...

    39NsZ


  7. #6

    ...

    Sz8PP


    5

    ونشب القتال بين المسلمين وجيش قريش الذي قدم إلى المدينة غازيا..

    وتدور الحرب عنيفة قاسية ضارية..وبلال هناك يصول ويجول في أول غزوة يخوضها الإسلام, غزوة بدر.. تلك الغزوة التي أمر الرسول عليه السلام أن يكون شعارها: "أحد..أحد".



    **



    في هذه الغزوة ألقت قريش بأفلاذ أكبادها, وخرج أشرافها جميعا لمصارعهم..!!

    ولقد همّ بالنكوص عن الخروج "أمية بن خلف" .. هذا الذي كان سيدا لبلال, والذي كان يعذبه في وحشيّة قاتلة..



    همّ بالنكوص لولا أن ذهب إليه صديقه "عقبة بن أبي معيط" حين علم عن نبأ تخاذله وتقاعسه, حاملا في يمينه مجمرة حتى إذا واجهه وهو جالس وسط قومه, ألقى الجمرة بين يديه وقال له: يا أبا علي, استجمر بهذه , فإنما أنت من النساء..!!!

    وصاح به أمية قائلا: قبحك الله, وقبّح ما جئت به..

    ثم لم يجد بدّا من الخروج مع الغزاة فخرج..

    أيّة أسرار للقدر, يطويها وينشرها..؟

    لقد كان عقبة بن أبي معيط أكبر مشجع لأمية على تعذيب بلال, وغير بلال من المسلمين المستضعفين..

    واليوم هو نفسه الذي يغريه بالخروج إلى غزوة بدر التي سيكون فيها مصرعه..!!

    كما سيكون فيها مصرع عقبة أيضا!

    لقد كان أمية من القاعدين عن الحرب.. ولولا تشهير عقبة به على هذا النحو الذي رأيناه لما خرج..!!

    ولكن الله بالغ أمره, فليخرج أمية فان بينه وبين عبد من عباد الله حسابا قديما, جاء أوان تصفيته, فالديّان لا يموت, وكما تدينون تدانون..!!



    وان القدر ليحلو له أن يسخر بالجبارين.. فعقبة الذي كان أمية يصغي لتحريضه, ويسارع إلى هواه في تعذيب المؤمنين الأبرياء, هو نفسه الذب سيقود أميّة إلى مصرعه..

    وبيد من..؟

    بيد بلال نفسه.. وبلال وحده!!

    نفس اليد التي طوّقها أميّة بالسلاسل, وأوجع صاحبها ضربا, وعذابا..

    مع هذه اليد ذاتها, هي اليوم, وفي غزوة بدر, على موعد أجاد القدر توقيته, مع جلاد قريش الذي أذل المؤمنين بغيا وعدوا..

    ولقد حدث هذا تماما..



    وحين بدأ القتال بين الفريقين, وارتج جانب المعركة من قبل المسلمين بشعارهم:" أحد.. أحد" انخلع قلب أمية, وجاءه النذير..

    إن الكلمة التي كان يرددها بالأمس عبد تحت وقع العذاب والهول قد صارت اليوم شعار دين بأسره وشعار الأمة الجديدة كلها..!!

    "أحد..أحد"؟؟!!

    أهكذا..؟ وبهذه السرعة.. وهذا النمو العظيم..؟؟



    **



    وتلاحمت السيوف وحمي القتال..

    وبينما المعركة تقترب من نهايتها, لمح أمية بن خلف" عبد الرحمن بن عوف" صاحب رسول الله, فاحتمى به, وطلب إليه أن يكون أسيره رجاء أن يخلص بحياته..

    وقبل عبد الرحمن عرضه وأجاره, ثم سار به وسط العمعمة إلى مكان السرى.

    وفي الطريق لمح بلال فصاح قائلا:

    "رأس الكفر أميّة بن خلف.. لا نجوت إن نجا".

    ورفع سيفه ليقطف الرأس الذي لطالما أثقله الغرور والكبر, فصاح به عبد الرحمن بن عوف:

    "أي بلال.. انه أسيري".

    أسير والحرب مشبوبة دائرة..؟

    أسير وسيفه يقطر دما مما كان يصنع قبل لحظة في أجساد المسلمين..؟

    لا.. ذلك في رأي بلال ضحك بالعقول وسخرية.. ولقد ضحك أمية وسخر بما فيه الكفاية..

    سخر حتى لم يترك من السخرية بقية يدخرها ليوم مثل هذا اليوم, وهذا المأزق, وهذا المصير..!!

    ورأى بلال أنه لن يقدر وحده على اقتحام حمى أخيه في الدين عبد الرحمن بن عوف, فصاح بأعلى صوته في المسلمين:

    "يا أنصار الله.. رأس الكفر أمية بن خلف, لا نجوت إن نجا"...!

    وأقبلت كوكبة من المسلمين تقطر سيوفهم المنايا, وأحاطت بأمية وابنه ولم يستطع عبد الرحمن بن عوف أن يصنع شيئا.. بل لم يستطع أن يحمي أذراعه التي بددها الزحام.

    وألقى بلال على جثمان أمية الذي هوى تحت السيوف القاصفة نظرة طويلة, ثم هرول عنه مسرعا وصوته النديّ يصيح:

    "أحد.. أحد.."


    ...

    39NsZ



  8. #7

    ...

    akEJ5




    وتمضي الأيام وتفتح مكة..

    ويدخلها الرسول شاكرا مكبرا على رأس عشرة آلاف من المسلمين..

    ويتوجه الى الكعبة رأسا.. هذا المكان المقدس الذي زحمته قريش بعدد أيام السنة من الأصنام..!!

    لقد جاء الحق وزهق الباطل..

    ومن اليوم لا عزى.. ولا لات.. ولا اله إلا الله .. لن يجني الإنسان بعد اليوم هامته لحجر, ولا وثن.. ولن يعبد الناس ملء ضمائرهم إلا الله إلي ليس كمثله شيء, الواحد الأحد, الكبير المتعال..

    ويدخل الرسول الكعبة, مصطحبا معه بلال..!

    ولا يكاد يدخلها حتى يواجه تمثالا منحوتا, يمثل إبراهيم عليه السلام وهو يستقسم بالأزلام, فيغضب الرسول ويقول:

    قتلهم الله .. ما كان شيخنا يستقسم بالأزلام .. ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين


    ويأمر بلال أن يعلو ظهر المسجد, ويؤذن.

    ويؤذن بلال.. فيا لروعة الزمان, والمكان, والمناسبة..!!

    كفت الحياة في مكة عن الحركة, ووقفت الألوف المسلمة كالنسمة الساكنة, تردد في خشوع وهمس كلمات الآذان وراء بلال.



    والمشركون في بيوتهم لا يكادون يصدقون:

    أهذا هو محمد وفقراؤه الذين أخرجوا بالأمس من هذا الديار..؟؟

    أهذا هو حقا, ومعه عشرة آلاف من المؤمنين..؟؟

    أهذا هو حقا الذي قاتلناه, وطاردناه , وقتلنا أحب الناس إليه..؟

    أهذا هو حقا الذي كان يخاطبنا من لحظات ورقابنا بين يديه, ويقول لنا:

    "اذهبوا فأنتم الطلقاء"..!!



    ولكن ثلاثة من أشراف قريش, كانوا جلوسا بفناء الكعبة, وكأنما يلفحهم مشهد بلال وهو يدوس أصنامهم بقدميه, ويرسل من فوق ركامها المهيل صوته بالأذان المنتشر في آفاق مكة كلها كعبير الربيع..

    أما هؤلاء الثلاثة فهم, أبو سفيان بن حرب, وكان قد أسلم منذ ساعات, وعتّاب بن أسيد, والحارث بن هشام, وكانا لم يسلما بعد.



    قال عتاب وعينه على بلال وهو يصدح بأذانه:

    لقد أكرم الله أسيادا, ألا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه. وقال الحارث:

    أما والله لو أعلم أن محمدا محق لاتبعته..!!

    وعقب أبو سفيان الداهية على حديثهما قائلا:

    إني لا أقول شيئا, فلو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى!! وحين غادر النبي الكعبة رآهم, وقرأ وجوههم في لحظة, قال وعيناه تتألقان بنور الله, وفرحة النصر:

    قد علمت الذي قلتم..!!!

    ومضى يحدثهم بما قالوا..

    فصاح الحارث وعتاب:

    نشهد أنك رسول الله, والله ما سمعنا أحد فنقول أخبرك..!!

    واستقبلا بلال بقلوب جديدة..في أفئدتهم صدى الكلمات التي سمعوها في خطاب الرسول أول دخول مكة:

    " يا معشر قريش..

    إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء..

    الناس من آدم وآدم من تراب"..



    **



    وعاش بلال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, يشهد معه المشاهد كلها, يؤذن للصلاة, ويحيي ويحمي شعائر هذا الدين العظيم الذي أخرجه من الظلمات إلى النور, ومن الرق إلى الحريّة..

    وعلا شأن الإسلام, وعلا معه شأن المسلمين, وكان بلال يزداد كل يوم قربا من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يصفه بأنه:" رجل من أهل الجنة"..

    لكن بلالا بقي كما هو كريما متواضعا, لا يرى نفسه إلا أنه:" الحبشي الذي كان بالأمس عبدا"..!!





    ذهب يوما يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما:

    "أنا بلال, هذا أخي عبدان من الحبشة.. كنا ضالين فهدانا الله.. ومنا عبدين فأعتقنا الله.. ان تزوّجونا فالحمد لله.. وان تمنعونا فالله أكبر.."!!
    ...

    39NsZ


  9. #8

    ...

    BANri



    وذهب الرسول إلى الرفيق الأعلى راضيا مرضيا, ونهض بأمر المسلمين من بعده خليفته أبو بكر الصديق..

    وذهب بلال إلى خليفة رسول الله يقول له:

    ..يا خليفة رسول الله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل عمل لمؤمن الجهاد في سبيل الله"..

    فقال له أبو بكر: فما تشاء يا بلال..؟

    قال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت..

    قال أبو بكر: ومن يؤذن لنا؟

    قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع : إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله.

    قال أبو بكر: بل ابق وأذن لنا يا بلال..

    قال بلال: إن كنت أعتقتني لأكون لك فليكن لك ما تريد. وان كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له..

    قال أبو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال..

    ويختلف الرواة, فيروي بعضهم أنه سافر إلى الشام حيث بقي فيها مجاهدا مرابطا.

    ويروي بعضهم الآخر, أنه قبل رجاء أبي بكر في أن يبقى معه بالمدينة, فلما قبض وولي عمر الخلافة استأذنه وخرج إلى الشام.



    على أية حال, فقد نذر بلال بقية حياته وعمره للمرابطة في ثغور الإسلام, مصمما أن يلقى الله ورسوله وهو على خير عمل يحبانه.


    ...

    39NsZ


  10. #9

    ...

    FrNo5


    ولم يعد يصدح بالأذان بصوته الشجي الحفيّ المهيب, ذلك أنه لم ينطق في أذانه "أشهد أن محمدا رسول الله" حتى تجيش به الذميات فيختفي صوته تحت وقع أساه, وتصيح بالكلمات دموعه وعبراته.

    وكان آخر أذان له أيام زار أمير المؤمنين عمر وتوسل المسلمون إليه أن يحمل بلالا على أن يؤذن لهم صلاة واحدة.

    ودعا أمير المؤمنين بلال, وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها.

    وصعد بلال وأذن.. فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله وبلال يؤذن له.. بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا.. وكان عمر أشدهم بكاء..!!



    **



    ومات بلال في الشام مرابطا في سبيل الله كما أراد و كان ذلك في السنة العشرين للهجرة ..

    و لما احتضر بلال نادت امرأته : " و حزناه " .. فقال :
    " و فرحتاه .. غدا ألقى الأحبة محمد و أصحابه " ..
    و دفن عند الباب الصغير في مقبرة دمشق، وهو ابن بضع وستين سنة.
    وتحت ثرى دمشق يثوى اليوم وفات رجل من أعظم رجال البشر صلابة في الوقوف إلى جانب العقيدة والاقتناع...


    ...

    هذا كان عملنا المشترك أنا و براءة دموع ..

    في المرحلة الأولى من المسابقة النورانية الرمضانية ..

    كان موضوعنا الصحابي رضي الله عنه " بلال بن رباح " ..

    أتمنى أن يكون قد حاز على استحسانكم ..

    و بالتوفيق للجميع ..

    في أمان الله ..
    و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته ..



    اخر تعديل كان بواسطة » ASOùLA في يوم » 01-08-2013 عند الساعة » 09:57

  11. #10

  12. #11
    يسلموو ع الرد =) ..
    سبحان الله و بحمده .. سبحان الله العضيم
    24224dd4cd86887cddd5eca282110038

    3d8d9e0b4f332e55db13c8d6f21598a9

  13. #12
    موضوع مفيد حقًا ولطيف^^
    شكرًا جزيلًا ♡ ~

    attachment



    !!!!embarrassed This pretty signature is my birthday treat
    =" )
    thank U very much Dark

  14. #13

  15. #14
    إقتباس الرسالة الأصلية كتبت بواسطة ASOùLA مشاهدة المشاركة

    ...

    FrNo5


    ولم يعد يصدح بالأذان بصوته الشجي الحفيّ المهيب, ذلك أنه لم ينطق في أذانه "أشهد أن محمدا رسول الله" حتى تجيش به الذميات فيختفي صوته تحت وقع أساه, وتصيح بالكلمات دموعه وعبراته.

    وكان آخر أذان له أيام زار أمير المؤمنين عمر وتوسل المسلمون إليه أن يحمل بلالا على أن يؤذن لهم صلاة واحدة.

    ودعا أمير المؤمنين بلال, وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها.

    وصعد بلال وأذن.. فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله وبلال يؤذن له.. بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا.. وكان عمر أشدهم بكاء..!!



    **



    ومات بلال في الشام مرابطا في سبيل الله كما أراد و كان ذلك في السنة العشرين للهجرة ..

    و لما احتضر بلال نادت امرأته : " و حزناه " .. فقال :
    " و فرحتاه .. غدا ألقى الأحبة محمد و أصحابه " ..
    و دفن عند الباب الصغير في مقبرة دمشق، وهو ابن بضع وستين سنة.
    وتحت ثرى دمشق يثوى اليوم وفات رجل من أعظم رجال البشر صلابة في الوقوف إلى جانب العقيدة والاقتناع...


    ...

    هذا كان عملنا المشترك أنا و براءة دموع ..

    في المرحلة الأولى من المسابقة النورانية الرمضانية ..

    كان موضوعنا الصحابي رضي الله عنه " بلال بن رباح " ..

    أتمنى أن يكون قد حاز على استحسانكم ..

    و بالتوفيق للجميع ..

    في أمان الله ..
    و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته ..



    جزاكم الله خير
    مؤثر

  16. #15
    مأثر ،رضي الله عنه و ارضاه
    احييكما على الموضوع
    sigpic593526_4

  17. #16
    مأثر ،رضي الله عنه و ارضاه
    احييكما على الموضوع

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter