مشاهدة النتائج 1 الى 5 من 5
  1. #1

    Thumbs up **** حقيقة التقوى****

    السلام عليكم
    حقيقة التقوى
    التقوى تضبط حياة الفرد والمجتمع
    التقوى مناط السعادة في الدارين
    التواصى بالتقوى في السراء والضراء
    قطار الحياة سيره سريع لا يفتأ ولا يفتر
    إن أفضل ما نستلهم منه حديثنا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأرى أن نستلهم حديثنا من آية من كتاب الله هذه الآية المباركة تكفي أن تكون دليلا للمؤمن في حياته لأجل ربط العمل بالجزاء والمسير بالمصير والدنيا بالآخرة حتى لا تتغلب على الإنسان شهواته العارمة ونزعاته المتعددة وإنما يضبط بسنة الله تبارك وتعالى كل خلجة من خلجاته وكل حركة من حركاته وفقا لأوامر الله عز وأجل التي تجمع كل خير للعباد هذه الآية قول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون(.
    في هذه الآية الكريمة ينادي الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين الذين هم أجدر وأولى بأن ينتفعوا بما أنزل الله سبحانه وتعالى لأنهم هم الذين لامس الايمان شغاف قلوبهم ونور بصائرهم وفتح أذهانهم وهداهم إلى الله عز وجل وهم الذين بإمكانهم أن يستفيدوا مما أنزل الله تبارك تعالى والكتاب كله إنما هو رحمة للمحسنين وهدى وبشرى للمؤمنين فالذين يستفيدون بما أنزل الله تبارك وتعالى من وعظ وإرشاد وتوجيه هم المؤمنون وقد عبر الله سبحانه وتعالى عنهم بعبارات حسنة في مواضع متعددة تارة عبر عنهم بالمؤمنين وتارة عبر عنهم بالمحسنين وتارة عبر عنهم بالمتقين يقول تبارك وتعالى في وصف هذا الكتاب العزيز: ( هدى للمتقين ( وقال فيه : (هدى ورحمة للمحسنين ( وقال فيه: ( هدى وبشرى للمؤمنين ( فهو وإن كان ذكرا للعالمين إلا أن الذين يستفيدون منه هم المؤمنون والمحسنون والمتقون فجدير إذا بأي مؤمن تقرع مسامعه هذه الآية الكريمة وأمثالها أن يصيغ إليها سمعه فإنه نداء العلى الأعلى لعباده لأجل أن يبصرهم بما يأتون وما يذرون.
    والله سبحانه وتعالى بعد أن حفز همم عباده الصالحين بندائهم بأحسن الألقاب وهو نداء الذين آمنوا في الآية الكريمة وجه إليهم أمره عندما قال لهم: ( اتقوا الله( وكلمة اتقوا الله تجمع كل خير من خيري الدنيا والآخرة فإن بدون تقوى الله سبحانه وتعالى تكون حياة الإنسان في دنياه حياة ضائعة متلاشية وأشبه بحياة السباع في غابها إذ لا يمكن للإنسان أن يضبط نزعاته المختلفة إلا بتقوى من الله سبحانه على أن تكوين الإنسان تكوين عجيب فإنه بطبعه متكون كما شاء الله سبحانه وتعالى من جسم وروح وعقل وقلب وضمير وغرائز وهذه الأشياء كلها مطالب مختلفة فالإنسان بسببها وقع بين تتدافع وتتجاذب فلذلك لا بد أن يكون عنده ميزان حتى يضع كل شيء موضعه وينسق ما بين هذه الجوانب المتباينة في حياته لتكون حياته كلها حياة منسجمة ثم بجانب ذلك أيضا الإنسان كائن مدني في كل فرد من أفراد المجتمع البشري بحاجة إلى جميع الأفراد من أجل ذلك جعل الله سبحانه وتعالى مصالح الناس متشابكة ومنافعهم متداخلة وبسبب ذلك لا بد أن يكون ما بين الناس تجاذب وتتدافع ولكن تقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تضبط حياة أفرادهم فيعمل الجميع لأجل مصلحة الجميع بحيث يكون الفرد متحركا في إطار المجتمع والأمة فكل حركة من حركاته ليست لصالح نفسه وإنما هي لصالح أمته ومجتمعه هذا بجانب كون الإنسان ليست حياته هذه كل شيء فرحلة الحياة هذه إنما هي مرحلة اختبار وامتحان تليها مرحلة الجزاء في الدار الآخرة هذا الجزاء إنما هو بحسب ما يقدم الإنسان هنا في حياته هذه وقطار الحياة يسير سيرا سريعا لا يتوقف في أي حال من الأحوال سواء كان هذا الإنسان في ذكر أو غفلة سواء كان في نوم أو يقظة سواء كان في سلم أو حرب إنما قطار الحياة يسر سيرا سريعا لا يهدأ بأي حال من الأحوال فكل نفس يتنفسه الإنسان إنما هو على حساب العمر وكل لحظة تمر به إنما تقربه إلى الله سبحانه وتعالى فإذا ما أجدر هذا


    تابع *****
    attachment

    عاشت ايدج ألوومه على التووقيع الحلوووwink


  2. ...

  3. #2
    الإنسان ان يتزود بزاد التقوى لأجل أن ينقلب لحسن العقبى في الدار الآخرة وتقوى الله تبارك وتعالى كلمة ذات مدلول واسع فإنها من حيث الدلالة اللغوية تدل على معنى التخلي ولكنها من حيث الدلالة الشرعية تدل على معنى التخلي والتحلي معا أما دلالتها اللغوية على التخلي فمن حيث أن كلمة التقوى تفيد التجنب والابتعاد يقال اتقي بمعنى تجنب إذ هذا الفعل الذي اتقي إنما هو مطاوع لوقى يقال وقيته أقيه فاتقى فإذا هذه المطاوع للفعل الذي هو وقى تدل على التجنب والابتعاد والشواهد التي جاءت في نصوص الكتاب العزيز وفي نصوص كلام العرب هي داله على ذلك فإن كلام العرب يدل على أن اتقي بمعنى تجنب وابتعد عن الشيء فالعرب تقول اتقي هذا الأمر بمعنى تجنبه ولا تقترب منه فمن ذلك قول الشاعر:
    فتناولته واتقتنا باليد سقط النصيف ولم ترد إسقاطه أي تجنبت رؤيتنا إياها باليد وتقوى الله تبارك وتعالى كلمة مجازة لا يمكن أن يتجنب الإنسان ذات الله فإن الحق سبحانه وتعالى لا يوصف بالاتصال بمخلوقاته ولا يوصف بانفصال عنها لأنه كان قبل خلق هذه المخلوقات فهو قد كان قبل خلق الأين وقبل خلق الزمان والمكان وهو الآن على ما عليه كان لا يطلب بأين ولا يدرك بعيد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فإذا تقوى الله تبارك وتعالى ليس بمعنى تجنب الله وإنما تقواه بمعنى تجنب سخطه عز وجل ومثل ذلك قوله سبحانه( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون( فإن اتقاء ذلك اليوم بمعنى تجنب المصير إليه أمر متعذر فكل أحد من الناس موعود بأن ينقلب على ذلك اليوم ويصير إليه فإذا ليس من المعقول أن يقوى أحد على تجنب ذلك اليوم وإنما هو تجنب ما يريديه في ذلك اليوم من المهلكات ولئن كان المراد بتقوى الله سبحانه وتعالى اتقاء سخطه فإذا اتقاء سخط الله يكون بفعل المأمورات وتجنب المنهيات وبهذا تكون كلمة التقوى في المدلول الشرعي دالة على الفعل والترك أو كما يقال دالة على التخلي والتحلي فهي دالة على التخلي عن كل المرديات التي تؤدي إلى سخط الله وعلى التحلي بكل الأمور الحسنة التي تؤدي إلى رضوان الله سبحانه وتعالى فما من شيء يقرب إلى الله من الأعمال الصالحة إلا وفعله بعد اتقاء الله تبارك وتعالى لأنه اتقاء لسخطه عز وجل وكذلك ما من أمر يؤدي إلى سخط الله عز وجل إلا وتجنبه من تقوى الله لأن تجنبه يؤدي إلى نيل رضوان الله تبارك وتعالى فبهذا يكون الإنسان بفعله المأمورات واجتنابه المنهيات متقيا الله ولأهمية التقوى جاء الأمر في الكتاب العزيز بالتقوى في مواضع كثيرة إذ لم يؤمر الإنسان بشيء في الكتاب كما أمر بالتقوى فقد تكرر الأمر بالتقوى في مواضع كثيرة من كتاب الله سواء كان في موضع التشريع أو كان في معرض الوعد والوعيد أو كان في معرض الامتنان من الله سبحانه وتعالى على عباده فنجد أن الله تبارك وتعالى يقول ( واتقوا الله إن الله شديد العقاب( فالله تعالى في هذه الآية يأمر عباده بأن يتقوه ويذكرهم بأنه شديد العقاب ويقول الله عز وجل( واتقوا الله الذي إليه تحشرون( ويقول تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ( ويقول في معرض التخويف: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ(ويقول سبحانه وتعالى في معرض الامتنان(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً(.
    ونجد في الأوامر والنواهي الأمر بالتقوى وتبشير المتقين فالله سبحانه وتعالى عندما يأمر بشيء يؤكد على ذلك الأمر بالأمر بالتقوى فعندما ذكر أحكام الدين قال ( واتقوا الله ويعلمكم الله( وكذلك عندما ذكر الأحكام الزوجية في كتابه حتى عندما ذكر معاشرة الأزواج أمر سبحانه وتعالى بالتقوى في كل ذلك لأن على الإنسان أن يتقى الله على كل حال فالإنسان ليس مطالبا بتقوى الله في فترة من فترات حياته وفي ساعة من ساعات يومه بل هو مطالب بأن يتقى الله في يقظته ونومه وفي بيعه وشراه وفي سلمه وحربه ترون أن الآيات القرآنية عندما تحدثت عن أحكام الحرب مع أعداء الله وحضت عباد الله عز وجل على الجهاد في سبيل الله من أجل


    تابع *****
    اخر تعديل كان بواسطة » عيون بغداد في يوم » 23-10-2005 عند الساعة » 17:16

  4. #3
    إعلاء كلمة الله أمر الله سبحانه وتعالى بالتقوى في معرض هذا الأمر فقد قال سبحانه بعد ذكر طائفة أحكام الجهاد وتحريض عباد الله المؤمنين عليه ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ( فإذا ما من حالة من الحالات التي يكون عليها الإنسان إلا وهو مطالب بأن يتقي الله تبارك وتعالى ووصف الله عز وجل في معرض الأمر بالتقوى وفي معرض حث المؤمنين على الاستمساك بأوامره والازدجار عن نواهيه بما وصف به تعالى في كتابه العزيز إنما يدل على أن الأمر بالتقوى في كتاب الله سبحانه وتعالى إنما جاء لأن الله سبحانه وتعالى هو أهل التقوى فهو جدير أن يتقى على كل حال لأن العبد لا يمكن أن يستغنى عنه في أي لحظة من اللحظات فهو الذي خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما الرجال والنساء في هذه الأرض وكل ذلك مما تتوقف عليه حياة البشر ويستمر عليه الوجود الإنساني على ظهر هذه الأرض. فإذا هو جدير بأن نتقيه بسبب ذلك فهو وحده سبحانه وتعالى الذي وفر لنا الأرزاق وهيأ لنا الأسباب وأتانا ما أتانا من نعمه التي لو وقفنا حياتنا كلها من أولها إلى آخرها من أجل شكر أقل نعمة من هذه النعم لما وفينا بأي شيء تستحقه من الشكر فإذن الله تبارك وتعالى جدير بالتقوى وهو أيضا جدير بأن يتقى بسبب بطشه وعذابه فإن عذابه لا يشبهه عذاب وهو جدير بأن يتقى ولئن كان الإنسان مطالبا بتقوى الله تبارك وتعالى على أي حال فإذن هذه هي حقيقة التقوى الشرعية ومدلول التقوى في الشرع يشمل الإيمان وجميع أعمال البر التي هي ثمرات للإيمان ودلائل عليه وهي من مقتضياته إذ لا يمكن أن يستوفى الإنسان الإيمان بدونها وجميع أعمال البر داخلة في ضمن التقوى سواء كانت بدنية باللسان أو كانت بسائر الجوارح فالأقوال والأعمال كلها داخلة في ضمن التقوى إذا كانت وفق أمر الله عز وجل كذلك تجنب الإنسان لسخط الله تبارك وتعالى بازدجاره عن مناهيه سبحانه أيضا ذلك داخل في مدلول التقوى والأدلة على ذلك كثيرة في كتاب الله فنجد أن الله عز وجل في فواتح سورة البقرة وصف المتقين بقوله (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ( فإذا التقوى لا بد أن تكون قائمة على أساس الإيمان وبدون الإيمان لا يمكن أن يستوفى الإنسان معنى التقوى إذ لا يمكن أبدا أن يكون متقيا لربه وهو لم يؤمن به سبحانه ولم يؤمن بما يجب أن يؤمن به مما فرض الله تعالى به فالإيمان إذا أن يكون متقيا لربه وهو الأساس الأول لتقوى الله وبدونه لا يمكن أن يكون الإنسان من المتقين ووصف الله تعالى المتقين هنا بإقامة الصلاة وأنهم مما رزقناهم ينفقون وإنهم يؤمنون بما أنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل على من قبله من الأنبياء ويقول تبارك وتعالى أيضا في سورة البقرة في آية البر: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ( فقد وصف الله تعالى هؤلاء الذين استجمعوا هذه الصفات جميعا بأنهم الذين صدقوا وأنهم هم المتقون هؤلاء جمعوا بين الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبين إيتاء المال ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وبجانب ذلك أيضا هم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهودهم إذا عاهدوا ويصبرون في البأساء والضراء وحين البأس هؤلاء هم الذين صدقوا وهم المتقون حقا فإذا التقوى تشتمل على هذه الحقائق التي ذكرت في الآية الكريمة بأسرها ويقول الله تعالى أيضا مبينا صفات المتقين: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ( فهؤلاء هم المتقون الذين وعدهم الله تعالى هذا الوعد العظيم وما أدراكم ما هذا الوعد الذي وعد الله تعالى به المتقين إنه جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وقد بين الله تعالى أيضا صفات المتقين في معرض هذا الوعد في سورة آل عمران عندما قال: (وَسَارِعُوا

    تابع****

  5. #4
    إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ( فالله تعالى وصف هؤلاء المتقين هنا بما وصفهم به في معرض هذا الوعد العظيم الذي وعدهم إياه وهو جنة عرضها السماوات والأرض وصفهم بأنهم ينفقون في السراء والضراء ويكظمون الغيظ ويعفون عن الناس وإنهم لا يصرون على معصية فلإن بدرت من أحد منهم هفوة تدارك نفسه فغسلها تغسيلا بطهور التوبة إلى الله عز وجل وقوى صلته بالله سبحانه وأناب إلى الله مستغفرا خائفا وجلا راجيا ثواب الله مطمئنا إلى وعد الله عز وجل هذه هي صفات المتقين ومما يدل على شمول التقوى لأعمال القلب بجانب أعمال الجوارح أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام قال: التقوى هاهنا التقوى هاهنا ثلاث مرات وهو يشير إلى قلبه ولا يعني ذلك أن الأعمال البدنية لا تدخل في مدلول التقوى ولكن ذلك لأن صلاح باطن الناس هو سبب لصلاح ظاهره وإن من لم يصلح الباطن لم يصلح الظاهر فالله تعالى لا ينظر إلى الأشكال الظاهرة وإنما ينظر عز وجل إلى الحقائق الباطنة وبقدر ما يصح قلب الإنسان تصلح أعماله وتستقيم أحواله كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ألا وإن في الجسد لمضغة إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فبقدر ما يصلح هذا القلب ويكون سليما من الرياء والعجب والكبر والحسد والأشر والبطر وجميع ما يكدر صفوه ويغير اتجاهه يكون هذا القلب نقيا موصولا بالله ولا بد من أن يترتب على صلاح هذا الباطن صلاح الظاهر.
    التقوى وثمرتها
    هذا وتقوى الله عز وجل هي ثمرة للعبادات التي فرضها الله عز وجل فإن هذه العبادات المشروعة بأسرها إنما تؤدي إلى تقوى الله فكل عبادة شرعها الله سبحانه وتعالى تؤدي في هذه الحياة الدنيا إلى تقوى الله كما أنها هي وقود للنفس والذي يملأ حياة الإنسان كلها نورا وضياء فالله عز وجل ربط ما بين العبادة والتقوى في كتابه العزيز فقد قال تعالى( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( وليست لعل ها هنا للترجي: الترجي مستحيل على الله عز وجل فإنه القادر على كل شيء والعليم كل ما سيقع ويعلم كل ما لا يقع ولا يقع أي شيء في الكون إلا بإرادته سبحانه وتعالى وكل ما لا يريده لا يمكن أن يقع قط وكل ما يريده لا بد من أن يكون فالله تعالى على كل شيء قدير فإذا يستحيل عليه الرجاء وإنما لعل هاهنا للتعليل أي أعبدوا الله الذي خلقكم والذي خلق من قبلكم لتتقوه أي لتجعلوا هذه العبادة وسيلة إلى تقوى الله سبحانه وتعالى وكما أن الله عز وجل ذكر العبادة هنا مجملة مربوطة بالتقوى ذكرها تعالى أيضا مفصلة مربوطة بالتقوى فقد بين سبحانه وتعالى أن ، كلا من الصلاة والزكاة والصيام والحج يؤديان إلى تقوى الله فقد قال تعالى في الصلاة(وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (وهذه هي حقيقة التقوى فإن تجنب الفحشاء وتجنب المنكر فعل أوامر الله هي حقيقة التقوى ويقول الله تعالى في الزكاة(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا( أي تنقيهم وتصفيهم من جميع أدران المعاصي بحيث يكونون موصولين بالله عاملين من أجل إرضائه سبحانه ويقول الله في الصيام(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( وعندما ذكر الحج ذكره مقرونا بالتقوى في آيات متعددة فقد قال الله تعالى(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ( إلى أن قال في خاتمة الآية ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ( وقال بعد ذلك: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ( ثم قال تعالى أيضا في آيات الحج في نفس السورة (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ( وقال أيضا في سورة الحج في معرض ذكر أحكام الحج: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ( فإذا الغاية من العبادات التي فرضها الله وصول الإنسان إلى ساحة التقوى فكل عبادة من هذه العبادات تبعث عزيمة النفس على التقوى وتنهية النفس عن الوقوع في معاصي الله وكما أن تقوى الله سبحانه وتعالى سبب لوصول الإنسان إلى سعادة العقبى فإنها سبب لنيل الخير العظيم في هذه الدنيا فالله تعالى بين أن رزقه الطيب الحلال يهبه عباده المتقين وينفس لهم الكربات ويدفع عنهم الشدائد ويوصلهم إلى الغاية المطلوبة فقد قال عز من قائل: (ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ( وقال أيضا سبحانه وتعالى مبينا أن عاقبة الدنيا والآخرة للمتقين (وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى( (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ( فالعاقبة في الدنيا بالانتصار والاستخلاف إنما هي للمتقين والعاقبة في الآخرة لتتبوأ الدرجات العلي في جنة عرضها السماوات والأرض بجوار الله سبحانه وتعالى وجوار رسله.
    الأرض يرثها الصالحون
    وفي قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ( اختلف الناس هل المراد بالأرض هنا أرض الدنيا أو أرض الآخرة منهم من قال إن المراد بذلك أرض الدنيا فإن الله عز وجل وعد عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن يستخلفهم فيها كما استخلف الذين من قبلهم وقد أنجز الله هذا الوعد للمتقدمين وسوف ينجزه للمتأخرين فإن وعد الله لا يتبدل وقيل إن هذه الأرض هي أرض الجنة وعدها الله عباده المتقين (ولقد كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ( اختلف في الذكر هل هو التوراة أو الكتب التي هي سابقة على الزبور أو هي ما أنزلها الله تبارك وتعالى على رسله من غير كتب وعلى كل حال فهذا الوعد لا بد من أن ينجزه الله أرض الآخرة يورثها عباده الصالحين وكذلك أرض الدنيا عندما يقومون بما أمرهم الله تعالى به ويوفون بوعدهم ويستمسكون بحبله ويأخذون الأشياء بأسبابها والله تعالى يدفع عن عباده المتقين شرور هذه الدنيا كما يدفع عنهم شرور الدار الآخرة فقد جاء فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من اتقى الله كفاه مئونة الناس ومن اتقى الناس ولم يتق الله سلط الله عليه الناس وخذله فالذي يتقى ربه سبحانه وتعالى يكفيه مئونة الناس ويهيئ له من أمره رشدا أما الذي يعمل عكس ذلك بحيث يتقي عباد الله ولا يتقي الله فإن العافية تكون عكس ما يأمل بحيث يسلط الله عليه أولئك الذين يقيهم ويخذله بحيث لا يتمكن من التخلص مما يأتيه من قبلهم من الشر.
    أمير المؤمنين والأجناد
    ولذلك كان السلف الصالح يحرصون كل الحرص على التواصي بالتقوى على أي حال من الأحوال وخصوصا عندما تواجههم الشدائد فكما تعلمون عندما جند أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه الأجناد لمواجهة إمبراطورية فارس التي كانت تعد الإمبراطورية الأولى في العالم في ذلك الوقت زودهم نصيحته بالتقوى حيث قال لقائد الجند: أوصيك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال فإن تقوى الله أفضل العدة في الحرب وأقوى المكيدة على العدو وأوصيك ومن معك من الأجناد بأن تكونوا أشد احتراسا عن المعاصي منكم من عدوكم فإن ذنوب الجند أخوف عليكم من عدوهم وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله فإن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة وإلا ننتصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا واعلموا أن في سيركم عليكم من الله حفظة يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيله ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلم يسلط علينا فرب قوم سلط عليهم من هو شر منهم كما سلط على بني إسرائيل إذ عملوا بمعاصي الله كفار المجرمين فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا فاسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم أسأل الله ذلك لي ولكم وهذه الوصية من الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه كانت هي القوة التي لا تقهر فقد تضاءلت جميع القوى أمام هذه القوة وتمكن المسلمون من دحر أعدائهم حتى أن (يزدجرد) الإمبراطور الفارسي أرسل رسولا إلى الصين يطلب نصره من إمبراطور الصين وكتب إليه كتابا يؤكد فيه ما زود به رسوله من الرسالة وعندما مثل الرسول بين يدي إمبراطور الصين وسأله عن مسائل متعددةأله وكان فيما سأله عنه: هل أولئك


    تابع*****

  6. #5
    القوم الذين خرجوا عليكم هم أكثر عددا منكم أو أقل عددا؟ قال: بل هم أقل عددا قال له: هل هم أكثر عدة أو أقل عددا؟ قال: بل هم أقل عدة قال له: أخبرني عن حالهم؟ قال له: هم رهبان بالليل وفرسان بالنهار قال له أخبرني عن طعامهم؟ قال له: يأكلون بقدر ما يعيشون فقال له: أخبرني عن لباسهم؟ قال له: يلبسون بقدر ما يستترون ويقولون ولباس التقوى ذلك خير قال له: أخبرني عن حالتهم فيما بينهم؟ قال له: قلوبهم كقلب رجل واحد فقال له: لم ينتصروا عليكم مع قلتهم وكثرتكم إلا بما ذكرته من صفاتهم ثم كتب رسالة جوابية إلى إمبراطور فارس يقول له فيها: قد وصلني كتابك وفهمت ما عند رسولك ولا يمنعني من إرسال جيش أوله بمرو وأخره بالصين إلا أولئك القوم الذين خرجوا عليكم لا يقاومهم شيء ولو وقفت في وجوهم الجبال لدكوها ولو أرادوني لأزالوني من مكاني هذا فهكذا كانت النصرة لعباد الله المتقين بسبب الاستمساك بحبل التقوى فإذا هذا الوعد إنما هو للمتقين.
    وليس من التقوى في شيء أن يدعي الإنسان تقوى الله بلسانه وهو يغدو ويروح على أكل الحرام وليس من تقوى الله في شيء أن يدعي الإنسان أنه من المتقين وأنه منتظم في سلكهم وملتحق بزمرتهم ولكنه مع ذلك يغدو ويروح وهو لا يبالي بما يأتيه من معاصي الله عز وجل بحيث يلغو لسانه في أعراض الناس ويقع في حرمات الله ولا يبالي بما ينهك من فرائض الله فإن ذلك كله مما ينافي تقوى الله سبحانه وتعالى على أن بعض علماء السلف قال: إن الإنسان لا يصل إلى درجة التقوى ولا يستحق الاتصاف بأنه من المتقين حتى يكون ما في سريرته أو أخرج ووضع في طبق وطيف به في الأسواق على الناس لما استحي منه ومعنى ذلك أن تكون سريرته كعلانيته أن يظهر العلانية الحسنة ويظهر السريرة السيئة وإنما تقوى الله قبل كل شيء في القلب بحيث تكون السريرة صالحة ويكون الإنسان خائفا من ربه وراجيا منه معتمدا عليه ومنيبا إليه ومتكلا عليه ومفوضا كل أمره إليه ومخلصا له في كل ما يأتيه وما يذره هذا والله تبارك وتعالى عندما أمر عباده في هذه الآية بالتقوى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه( اتبع ذلك قوله: ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ( فإن هذه الدنيا ليست هي كل حياة الإنسان وإنما هذه الحياة جزء لا يمكن أن يقاس بالحياة الأبدية الدائمة في الدار الآخرة فإذا عليه أن يفكر فيما بعد في الغد عندما يقف أمام رب عزيز مقتدر قاهر يعلم ما في طوايا الضمائر وما بين الحنايا فما من شيء تنطوي عليه سريرة الإنسان إلا وهو معلوم لله تبارك وتعالى فإذا عليه أن يفكر في قدومه على ربه ولئن كان الإنسان يشعر بأنه يحاسب من قبل مسئول أقوى من البشر في حياته الدنيا فليحسب حسابه لتلك المحاسبة بحيث يعد لكل سؤال جوابا حتى يتبين منه أنه لم يخنه في شيء ولم يخالفه في أمر فكيف إذا كان القدوم على الله تبارك وتعالى وكيف إذا كان المحاسب هو السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء على أنه سبحانه وتعالى وعد وأوعد ولا تبديل لكلمات الله ووعد الله تبارك وتعالى وعد عظيم ووعيد أليم فإذا على الإنسان وهو يدري أنه سينقلب على ذلك اليوم ولكنه لا يدري متى ساعة الانتقال حينها يفاجئه ريب المنون أن يكون في كل لحظة من لحظاته متزودا بزاد التقوى مستعدا بلقاء الله متهيأ لهذه الرحلة تلك الدار الخالدة وهكذا السلف الصالح الذين تشبعوا بالإيمان والذين تزودوا زاد التقوى وأولئك هم الذين وعدهم الله تبارك وتعالى الفوز لأنهم أولياؤه الذين جمعوا بين الإيمان والتقوى فقد بين تعالى في كتابه العزيز أن ولاية الله تعالى لعباده إنما هي لمن جمع بين الإيمان والتقوى إذ قال: ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَة( هؤلاء هم المبشرون في الحياة الدنيا الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ولذلك تتنزل عليهم الملائكة وعندما تحضرهم المنية وتستقبلهم عندما يبعثون من قبورهم ( أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ( ثم لأجل أهمية الموضوع أكد الله تبارك وتعالى الأمر بالتقوى مرة أخرى إذ قال سبحانه: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ( حتى لا تكون هناك غفلة من الإنسان بل استمرارا... الله تعالى في كل ما يأتيه وما يذره فإن كان وراء الستر فعليه أن يشعر بأن الله تعالى مطلع على أمره كيف والله تعالى يعلم ما يختلج في قلبه وما تنطوي عليه حنايا ضميره إن الله تبارك وتعالى ولا تخفى عليه خافية فهو يعلم الغيب كما يعلم الشهادة ويعلم كل ما في هذا الكون من دقيقة وجليلة وما خطرة تخطر ببال الإنسان إلا وهي معلومة لله عز وجل على أن الأمر ليس كذلك فحسب بل لأجل إقامة الحجة على الإنسان أعد الله تعالى ملائكة كراما كاتبين يسجلون كل دقيقة وجليلة مما يأتيه الإنسان ويذره (كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ( وقد قال تعالى ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ( (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( فإذا ما أجدر بهذا الإنسان أن يعد العدة لذلك اليوم وهو يعلم أن قطار الحياة يسير سيرا سريعا لا يفتأ ولا يفتر في أي حال من الأحوال في الليل والنهار وفي السفر والحضر وفي اليقظة والنوم في الحركة والسكون وفي شتى الأمور التي ينقلب فيها الإنسان فقطار الزمن يسير ولا يفتأ وكل واحد من الناس- ركاب هذا القطار- ينتهي أجله يخر من القطار من غير أن يتوقف به السير وما مثل الناس وهم في هذه الدنيا إلا كمثل السجناء الذين حكم عليهم جميعا بالإعدام ولكن لا يدري أحدهم ساعة تنفيذ الحكم فيه فإذا على كل واحد أن يكون متهيئا لتنفيذ هذا الحكم فإنه حكم من لا تبديل لكلماته وقد قال عز من قائل لخير خلقه: ( انك ميت وأنهم ميتون( وقال سبحانه وتعالى: ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ( والله تبارك وتعالى كما أخبر بنفسه وهو عليم بكل شيء فإذا يجب أن يكون المراقبة دقيقة ويكون الزاد هو التقوى ( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ( فمطلوب من الإنسان أن يتزود هذا الزاد في جميع الأحوال وفي كل لحظاته بل مطلوب من الإنسان أن يكون في كل لحظة تمر به رصيده من التقوى أكثر مما هو في اللحظة التي سبقت لأن كل لحظة إنما تدنيه من لقاء ربه.


    وان شاء الله يعجبكم الموضعsmile nervous


    اختكم
    عيون بغداد

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter