السلام عليكم
حقيقة التقوى
التقوى تضبط حياة الفرد والمجتمع
التقوى مناط السعادة في الدارين
التواصى بالتقوى في السراء والضراء
قطار الحياة سيره سريع لا يفتأ ولا يفتر
إن أفضل ما نستلهم منه حديثنا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأرى أن نستلهم حديثنا من آية من كتاب الله هذه الآية المباركة تكفي أن تكون دليلا للمؤمن في حياته لأجل ربط العمل بالجزاء والمسير بالمصير والدنيا بالآخرة حتى لا تتغلب على الإنسان شهواته العارمة ونزعاته المتعددة وإنما يضبط بسنة الله تبارك وتعالى كل خلجة من خلجاته وكل حركة من حركاته وفقا لأوامر الله عز وأجل التي تجمع كل خير للعباد هذه الآية قول الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون(.
في هذه الآية الكريمة ينادي الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين الذين هم أجدر وأولى بأن ينتفعوا بما أنزل الله سبحانه وتعالى لأنهم هم الذين لامس الايمان شغاف قلوبهم ونور بصائرهم وفتح أذهانهم وهداهم إلى الله عز وجل وهم الذين بإمكانهم أن يستفيدوا مما أنزل الله تبارك تعالى والكتاب كله إنما هو رحمة للمحسنين وهدى وبشرى للمؤمنين فالذين يستفيدون بما أنزل الله تبارك وتعالى من وعظ وإرشاد وتوجيه هم المؤمنون وقد عبر الله سبحانه وتعالى عنهم بعبارات حسنة في مواضع متعددة تارة عبر عنهم بالمؤمنين وتارة عبر عنهم بالمحسنين وتارة عبر عنهم بالمتقين يقول تبارك وتعالى في وصف هذا الكتاب العزيز: ( هدى للمتقين ( وقال فيه : (هدى ورحمة للمحسنين ( وقال فيه: ( هدى وبشرى للمؤمنين ( فهو وإن كان ذكرا للعالمين إلا أن الذين يستفيدون منه هم المؤمنون والمحسنون والمتقون فجدير إذا بأي مؤمن تقرع مسامعه هذه الآية الكريمة وأمثالها أن يصيغ إليها سمعه فإنه نداء العلى الأعلى لعباده لأجل أن يبصرهم بما يأتون وما يذرون.
والله سبحانه وتعالى بعد أن حفز همم عباده الصالحين بندائهم بأحسن الألقاب وهو نداء الذين آمنوا في الآية الكريمة وجه إليهم أمره عندما قال لهم: ( اتقوا الله( وكلمة اتقوا الله تجمع كل خير من خيري الدنيا والآخرة فإن بدون تقوى الله سبحانه وتعالى تكون حياة الإنسان في دنياه حياة ضائعة متلاشية وأشبه بحياة السباع في غابها إذ لا يمكن للإنسان أن يضبط نزعاته المختلفة إلا بتقوى من الله سبحانه على أن تكوين الإنسان تكوين عجيب فإنه بطبعه متكون كما شاء الله سبحانه وتعالى من جسم وروح وعقل وقلب وضمير وغرائز وهذه الأشياء كلها مطالب مختلفة فالإنسان بسببها وقع بين تتدافع وتتجاذب فلذلك لا بد أن يكون عنده ميزان حتى يضع كل شيء موضعه وينسق ما بين هذه الجوانب المتباينة في حياته لتكون حياته كلها حياة منسجمة ثم بجانب ذلك أيضا الإنسان كائن مدني في كل فرد من أفراد المجتمع البشري بحاجة إلى جميع الأفراد من أجل ذلك جعل الله سبحانه وتعالى مصالح الناس متشابكة ومنافعهم متداخلة وبسبب ذلك لا بد أن يكون ما بين الناس تجاذب وتتدافع ولكن تقوى الله سبحانه وتعالى هي التي تضبط حياة أفرادهم فيعمل الجميع لأجل مصلحة الجميع بحيث يكون الفرد متحركا في إطار المجتمع والأمة فكل حركة من حركاته ليست لصالح نفسه وإنما هي لصالح أمته ومجتمعه هذا بجانب كون الإنسان ليست حياته هذه كل شيء فرحلة الحياة هذه إنما هي مرحلة اختبار وامتحان تليها مرحلة الجزاء في الدار الآخرة هذا الجزاء إنما هو بحسب ما يقدم الإنسان هنا في حياته هذه وقطار الحياة يسير سيرا سريعا لا يتوقف في أي حال من الأحوال سواء كان هذا الإنسان في ذكر أو غفلة سواء كان في نوم أو يقظة سواء كان في سلم أو حرب إنما قطار الحياة يسر سيرا سريعا لا يهدأ بأي حال من الأحوال فكل نفس يتنفسه الإنسان إنما هو على حساب العمر وكل لحظة تمر به إنما تقربه إلى الله سبحانه وتعالى فإذا ما أجدر هذا
تابع *****
المفضلات