فى حديقة واسعة و جميلة
بلا اسوار او حدود
يخرج من ارضها العشب الطويل ليصنع رائحة منعشة
و من بعيد فى السماء تظهر الشمس
لتلقى اشعتها الذهبية على بعض السحب الصغيرة المتناثرة فى الافق
مع اعطاء العشب لون ذهبى كلون القمح
فى كل هذا الجمال وجد شيئ يفوق جمال المكان
يفوق كل الجمال
بالأصح هو شخص
طفلة
كانت تلعب هنا و هناك بمرح و ضحكاتها تنطلق لتملأ الأفاق
ببراءة غير مهتمة بحياة شرسة
حياة بلا فائدة
كانت الشمس تقترب من الغروب عندما لمحت هذة البقعة
بقعة سوداء تماما فى وسط العشب
نظرت لها بعينيها الواسعتين متسائلة
ثم أتجهت اليها
بمجرد ان اقتربت شعرت بهذا الشيئ
ظلام يدخل قلبها و عقلها
كانت الاعشاب متعفنة فى هذة البقعة
الارض سوداء و تفوح منها رائحة عفنة
رائحة الموت
حاولت الابتعاد
لكنها لمحت شخص ما يجلس هناك
كان لا يتحرك اطلاقا
كان كالتمثال
او الميت
اتجهت نحوه ببطئ شديد
كانت خائفة
لكنها مع ذلك اقتربت نحوه اكثر حتى وضعت يدها على رأسه
فى هذة اللحظة انتبه لوجودها فنظر لها بعينى باردتين كالجسده
ارتعشت من رأسها لقدميها
لكنها بالرغم من هذا سألته "لماذا تجلس هنا؟"
شعر بالحيرة
حيرة قاتلة
لماذا يجلس هنا؟
لم يستطع ان يتذكر
لم يعرف اين البداية
بداية النهاية
نظر لها بعين ترغب ان تبكى
خرج صوته من فم يرغب ان يصرخ
"انا انتظر نهايتى"
كانت نظراته كلها حائرة شاردة
اكمل كلامه بشرود كأنه لا يدرى ما يقوله
"أترى هذا الظلام هناك فى الافق؟عندما يأتى الى سأرتاح اخيرا من هذة الحياة"
نظرت اليه بتعجب شديد و قالت
"ما الذى يجبرك على البقاء هنا؟اهرب فقط اذهب بعيدا"
ألمه كلامها كثيرا
شعر بوخز شديد فى صدره
لكنه تجاهل كلامها و قال لها
"اقترب الظلام يجب تذهبى"
لكنها اصرت على البقاء
اصرت بشكل جعله يندهش من اصرارها هذا
حذرها و انذرها
لكنها بقيت
خلع معطفه
و وضعه عليها قائلا"حاولى ان تنامى اذا"
كان المعطف رائحته كريهة لكنها كانت بعد دقائق نائمة
نظر لها نظرة حنونة
ثم وجه نظره للأمام مرة اخرى
و بمجرد ان فعل هذا حتى شعر ان كيانه يتفتت
ادرك ان الظلام جاء اخيرا
ادرك انه حصل على ما يتمنى
حصل على نهايته
فى الصباح استيقظت من نومها
كان كل شيئ يبدو غريبا
ظنت انه كان حلم
لكنها وجدت معطفه عليها
صدمت للحظة
ثم فى اللحظة التالية سقطت منها دمعة حارة ملتهبة
و همست"سأتذكرك دائما"
للأبد
المفضلات