بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و انسلت خفية اشعة الشمس محمرةً وراء الشفق كأنها سئمت شرور البشر و كرهت بطشهم
و ابتدا الظلام من دياجيره يحوك بخيوط الظل و السكون مع سقسقة بعض الحشراتِ و صوت خطى اقدام ثقيلة ترفت الغبار من على الأرض
كما لو كانت زوبعة عتيدة !، رفع عينيه إلى العلاء بعد ان اغرز نصل سيفه بالأرض و وضع يده على مقبضه
و صرخ بأعلى صوت : هؤلاء هم فرسانك ايتها الحرب ، فما عرفناهم يومًا إلا و كانوا للصليل ملبيين و للزحف مقبلين فبورك مُحَياهم
أين أنت يا آريز و أين انت يا مارس؟ فهؤلاء الفرسان هم قعقعة الحرب بألم جراحها و لذة فوزها ، اين انتما لرؤيتهم
*آريز = رمز الحرب حسب الميثولوجيا الإغريقية
*مارس = رمز الحرب حسب الميثولوجيا الرومانية
و فتح الباب بكلتا يديه و ظهرت من خلفه اطراف خُوذ الجنود الفضية!
و قال بصوتٍ تملئه الرهبة :سيدي ! جيوشنا على اتم إستعداد انفاس مفعمة بكل ما تحمل القوة من ضراوة
غضب جامح يتصبب لمعانًا من اسلحتهم ، صدقني جايا بصلابتها لم تكن للتحمل اقدامًا كأقدام جحافلنا هذه
*جايا = هي الرمز الذي يجسد الأرض بالمثولوجيا الإغريقية
ذلك السيد عَضّد على مأسدة كرسيه بغضبٍ جامح بعد أن غُرِزت مخالبه بوسط راحته
: ارسل السرايا فالكتائب و لتكن تلك المقاليع و الكِباش بنهاية الجيش و اجعل العمالقة و بعضًا من الماشية يجرونها ، بدأت الجحافل تشق طريقها مخلفةً خلفها ارضًا وعرة من شدة وطء الأقدام يُسمع دويها على بعد عشرات الكيلومترات
وقفت بين هذه الجحافل وقفة يكسوها الهدير بعد ان حطت مرساها و قد بكلت بيدي حفنة من تراب الأرض و رفعتها عاليًا
بينما ينبثق نثيرها من بين اصابعي مثل ساعةٍ رملية اوشكت على الإنتهاء و صرخت قائلًا
: فالتقاتلوا حتى تُتقلوا و لإن قُطعتم إربًا او حُرقتم لهبًا فلا فر و لا كر بهذه المعركة
لا حجة لكم و اياكم ان تجعلوا سهامي تجتاح ظهور الهاربين منكم فلا تولوا ظهوركم و اقبلوا بصدوركم فالتنصهر دروعكم على اجسادكم خيرٌ من نحيبٍ بالي تذروه هزيمة رعناء كونوا كسباعِ الغاب العطشى في دماء العدو مغرمة ،
"هتافات و صيحات الجنود تجتاح المنطقة مع رفعهم عاليًا لاسلحتهم التي زادت لمعانها قطرات المطر"
بدأت المعركة و اختلطت الجيوش ببعضها البعض فسارع الطرف الأول بالركض بكل ما اوتيت اقدامهم من قوة للإقتراب من القلعة
و كان المقابل وابل بل آبال من السِهام التي فاقت عدد قطرات المطر
رافعين رماحهم لأعلى ناصبين و واضعين السلالم على أسوار القلعة هكذا كان حالهم ، لم يكن يكترث أحد لتلك الآلام رغم ان فظاعتها مزقت انسجتهم
بدأت الجثث تصطف جانبًا جانبًا ، لا احد يُريد الموت لا يزال ذلك المٌقاتل متشبث بالسلم و لكن جسده خذله فأرداه جثة هامدة
العشرات خذلتهم اجسادهم ، بعد ان صاروا شبيهين بالقنافذ من كثرة السهام التي اختزنتها اجسامهم ،
الرماة و المبارزين و اصحاب الرماح جميعهم اصبحوا بجوار بعضهم البعض حتى أن الرامي اتخذ من السهم سيفًا و المُبارز اتخذ من السيف رمحًا
و جميعهم اتخذوا من اجسادهم درعًا! ربما لم يكن بتلك الصلابة! فقد تفوق اصحاب القلعة على تلك الجيوش و لكن لم ينتهي الأمر بعد
ما إن انقشعت تلك السحابة السوداء حتى بُهت جنود القلعة بما رآوه فقد حان وقت السلاح من العيار الثقيل تلك الكِباش و تلك المنجنيقات المُشتعِلة
التي تجرها تلك المواشي الضخمة ، و نادي منادي بعد ان قام بتلقيم الكبش : ادفعوا !!!
لم تصمد كثيرًا تلك البوابة الخشبية المهترئة فبضربة واحدة من ذلك الكبش الذي قسمها نصفين مشتعلين كما النار في براثين الحِمم
و ما إن حطموا البوابة حتى ارتعشت انفس جنود القلعة كما لو كانوا واقفين على رمالٍ متحركة
فهم لا يتحركون لذا ستلتهمهم الرمال المتحركة فتدفقت صرخات العمالقة و كانوا أول من دخل حاملين مطارق ضخمة تكاد ضربة واحدة منها تُجهد على ديناصور
و تطاير جنود القلعة بعد ان قُلعت رؤسهم و اطرافهم و حلقوا بل طاروا من تلك الضربات لإرتفاعٍ اعلى من السور نفسه
عويلٌ و بكاء كبارًا صغارًا ، لم تكن لتميز بين أصواتهم من زفير صوت إرتطام حجارة المنجنيق المشتعلة و بين صوت ترسنة دروع المقاتلين الراكضين
كان عدد جنود القلعة بتعداد حبات الرمال تمركزهم كان فوق السور ، و ظنوا انهم سينتصرون و لكن
: هيهات ! قالها بحقد وهو يصر على اسنانه و بدا خيطًا رفيعًا من الدم يتشرنق من فمه بعد ان اُشرحجت حنجرته
و بدأت تشهق : تب ًا لاجس..ادنا لا تخذلينا!!! و قذف بنفسه بعد ان ربط على ظهره برميلًا مليئ بحجارة البارود التي تُصنع منها حجارة المنجنيق فتفجر
و فجر السور كما لو كان ينبوعًا ساخنًا قد شق الثرى و وصل عنان الثُريا!
و بتلك الضربة انتهت المعركة الأول بإنتصارٍ ساحق غشى اصحاب القلعة
و بعدما انتهى قدح غبار المعركة ترجل ذلك النبيل عن فرسه المزرانة بالزينة المزركشة بعد ان شد اللجام الفضي ، ليعلن بذلك عن إنتهاء المعركة لصالح جيوشه بالشرق الأقصى ، أما بالجهة الأخرى فما الذي كان يدور يا تُرى ؟
صفوف منتظمة مرتصة تسير بخطى ثابتة ، كانت عددها خمسة عشر الف فرسٍ بعتادٍ كامل
كان يُقابلهم جيش آخر لا يقل عن عددهم ، بينما تدق حدوات الخيل شررًا و أخذ القائد بشحذ همم مقدمة جيشه بتمرير سيفه على جميع انصالهم
و ما إن وصل لنهاية الطابور بعد ان قرع سيفه نصل الجندي الأخير ، انطلق إلى الأمام كالفرس الذي يتشعب من ذيله خمسة عشر خصلة فكان الجيش يتبعه ، كانوا بعداءٍ مع الموت فالأسهم تسقط من كل حدب
إلا أن النتيجة حُسمت بسرعة لصالح الطرف الذي خاض بعداء مع السهام
و لكن فجأة دخل جيش ثالث لساحة المعركة بتلك المواميث الضخمة فما لبثت اعين المواميث بأن تحط على شيء حتى تخط قدمها عليه بعد أن تقذفه بنابها
فتفرع الجيش لعدة فرق لتفريق شمل المواميث حتى صاروا فُرادى فانقضوا عليهم من كل الجهات ، و لم يكن المرء يجد من يُبارزه مهما تلفت يمينًا و يسارًا
لا يجد سوى جثث ملونة بلونٍ الترابِ و الدم ممزوجة ببعض الأنين
المفضلات