الصفحة رقم 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
مشاهدة النتائج 1 الى 20 من 26
  1. #1

    @ستار اكاديمي اسلامي@






    @ستار اكاديمي اسلامي@


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،
    ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
    وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لاشريك له،
    وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلاّ وأنتم مسلمون،
    يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً،
    يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما.

    015
    اما بعد
    فقد انتشر في منتدانا الحبيب إشاعة او قول بان
    الاختلاط بين الجنسين ليس حراما بل امر عادي جدا اهم شئ الاخلاق والقلب الصافي
    وطبعا قمت بفضل الله تعالى في هذا المبحث البسيط بقراءة العديد من المقالات من هنا وهناك
    وتجميعها وعرضها بشكل مبسط
    من اجل توضيح
    حكم الاختلاط والشبهات التي واجهت العديد من الناس في هذا الزمان المغبر
    ونبدء باسم الله


    @مقدمة@

    قبل الإسلام وبالأصح في العصر مايعرف بالعصر الجاهلي
    كانت النساء عفيفات متحفظات كالدرة المصونة رغم عدم وجود شريعة أو دين
    وازداد بها ء النساء وجمالهم بعفافهم بظهور الإسلام
    الذي كرم المرأة وجعلها شامخة بإيمانها وحجابها

    وقد ظلت نساء المسلمين مصونة في مدن حصينة ضد الغزو الفكري التغريبي،
    عبر عقود بل قرون ازدهرت فيها حضارة الإسلام،
    بينما كان غيرهم غارق في الفساد ، أو عصور الظلام.
    ثم مع انحسار العفاف رويداً رويداً،
    وغياب الوازع الديني
    وتلطخ القلب بلا هواء والفتن
    بدأت تنحسر دولة الإسلام شيئاً فشيئاً،
    ومع انتشار الفتن، وجاءت الأهواء فساقت الناس نحو جحر الغرب المظلم،
    وظهرت دعاوي الاختلاط والدعوة إليه ليلا نهار
    وما يحزن القلب ويدميه
    إنا من يطالب بالاختلاط هم أناس من جلدتنا ويتكلمون بلغتنا ويدينون بديننا الإسلامي
    ياترى ما معنى الاختلاط؟
    وما الشبهات حول الاختلاط؟
    ولماذا منع الإسلام الاختلاط بين الرجل والمرأة؟


    وأمور أخرى يدور حولها مبحثنا وسوف أقوم بصياغة العبارات بطريقتي وأسلوبي بقدر المستطاع
    وأتمنى أن أصل إلى المراد وبالله التوفيق
    وأزيل المفهوم الخاطئ
    بسم الله نبدء


    @المواضيع:@:
    1-ما هو الاختلاط؟
    2-حكم الاختلاط
    3-ادلة منع الاختلاط من الكتاب والسنة:
    4-كلام أهل العلم في المنع من الاختلاط:
    50مراعاة المنع من الاختلاط في التشريع:
    6-متى بدء الاختلاط:
    7-شبهات في طريق الاختلاط
    8-احوال اختلاط الرجال بالنساء
    الخاتمة



    @ما هو الاختلاط؟@

    الاختلاط لفظ له استعمالات عديدة تدور على أصل واحد:
    فمنه الاختلاط بمعنى التداخل،
    ومنه اختلاط الرجال بالنساء أي التداخل بينهم
    وكذلك يكون الاختلاط بضم الشيء إلى آخر،
    فيقال خلط الشيء بالشيء خلطاً إذا ضمه إليه
    والمعنى الشرعي
    لايختلف عن اللغوي ومنه قوله:
    "
    وآخَرُونَ اعتَرَفوُا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالحِاً وآخَرَ سَيَّئاً .. [التوبة:102]، أي ضموا ومزجوا.
    وقوله: وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانِكُمْ.. [البقرة: 220]، أي تداخلوهم.
    وقوله: أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ [الأنعام:46]، أي انضم والتصق.
    وقوله: وإنَّ كَثَيِراً مِن الخُلَطَاءِ لَيَبغِي بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص: 24]، أي الشركاء" سموا كذلك لأن الشراكة تحصل بالخلط قبل العقد .
    قال الراغب: "الخلط: هو الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعدا، سواء كانا مائعين، أو جامدين، أو أحدهما مائعا والآخر جامدا، وهو أعم من المزج،

    ويقال اختلط الشيء، قال تعالى: فاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ [يونس:24]،
    ويقال للصديق والمجاور والشريك: خليط، والخليطان في الفقه من ذلك،
    قال تعالى:  وإنَّ كَثَيِراً مِن الخُلَطَاءِ لَيَبغِي بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ  [ص:24]، ويقال الخليط للواحد والجمع،
    وقال: خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحَاً وَآخَرَ سَيِّئاً [التوبة:102]، أي: يتعاطون هذا مرة وذاك مرة،
    ويقال: أخلط فلان في كلامه: إذا صار ذا تخليط،
    وأخلط الفرس في جريه كذلك، وهو كناية عن تقصيره فيه".
    وكذلك ما ورد في السنة يدور حول هذه المعاني، فأصل المادة واحد ،
    اخر تعديل كان بواسطة » ياقوت في يوم » 18-10-2005 عند الساعة » 04:36
    attachment


    "اللهم اغفر لوالدي وارحمه انك انت الغفور الرحيم " اللهم انزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور وجازه بالاحسان احسانا" وبالسيئات عفوا وغفرانا♡


  2. ...

  3. #2




    @المعنى الاصطلاحي@

    قال العلامة ابن باز رحمه الله في تعريف الاختلاط:
    "هو اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات، في مكان واحد، بحكم العمل،
    أو البيع، أو الشراء، أو النزهة، أو السفر، أو نحو ذلك".

    وقال الشيخ عبدالله بن جار الله رحمه الله:
    "الاختلاط هو: الاجتماع بين الرجل والمرأة التي ليست بمحرم،
    أو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم، في مكان واحد يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم،
    بالنظر أو الإشارة أو الكلام، فخلوة الرجل بالمرأة الأجنبية على أي حال من الأحوال تعتبر اختلاطاً".

    وقال الشيخ محمد المقدم في تعريف الاختلاط المستهتر:
    "هو اجتماع الرجل بالمرأة التي ليست بمحرم،
    اجتماعاً يؤدي إلى الريبة،
    أو هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد يمكنهم فيه الاتصال فيما بينهم بالنظر، أو الإشارة، أو الكلام،
    أو البدن، من غير حائل أو مانع يدفع الريبة والفساد" .


    @حكم الاختلاط بالأجانب وحكمته@

    اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس،
    وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل.
    وهذه الضروريات إذا فقدت، لم تجر مصالح الدنيا على استقامة،
    بل على فساد
    وفاحشة الزنا -كما ذكر أهل العلم- انتهت من القبح إلى الغاية،
    فهي من أعظم الفواحش، ومن أشدها خطراً على ضروريات الدين؛
    ولهذا صار تحريم الزنا مجمعاً عليه من قبل العامة والخاصة،
    فهو معلوم من الدين بالضرورة، ونصوص تحريمه ظاهرة مشهورة.
    قال الله عز وجل: ولا تَقْرَبُوا الزِنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً،
    والنهي عن قربان الزنا أبلغ من النهي عن مجرد فعله
    قال العلامة ابن سعدي:
    لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه؛
    فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه
    وللأستاذ سيد قطب كلمة لطيفة يقول فيها:
    " ولأن هذه الفواحش ذات إغراء وجاذبية,
    كان التعبير: ولا تقربوا. .
    للنهي عن مجرد الاقتراب, سداً للذرائع, واتقاء للجاذبية التي تضعف معها الإرادة. .
    لذلك حرمت النظرة الثانية -بعد الأولى غير المتعمدة- ولذلك كان الاختلاط ضرورة تتاح بقدر الضرورة.
    ولذلك كان التبرج -حتى بالتعطر في الطريق- حراماً,
    وكانت الحركات المثيرة، والضحكات المثيرة, والإشارت المثيرة,
    ممنوعة في الحياة الإسلامية النظيفة..
    فهذا الدين لا يريد أن يعرض الناس للفتنة ثم يكلف أعصابهم عنتا في المقاومة!
    فهو دين وقاية قبل أن يقيم الحدود,
    ويوقع العقوبات.
    وهو دين حماية للضمائر والمشاعر والحواس والجوارح. وربك أعلم بمن خلق, وهو اللطيف الخبير . ." .
    ، أن الشارع الحكيم إذا نهى عن محرم،
    منع أسبابه وما يقود إليه،
    فالوسائل لها أحكام المقاصد، والشريعة جاءت بسد الذرائع،
    والنهي عن الشيء نهي عنه وعن الذرائع المؤدية إليه،
    وهذه الذرائع إما أن تفضي إلى المحرم غالباً، فتحرم مطلقاً،
    وكذلك تحرم إذا كانت محتملة قد تفضي أو لاتفضي،
    ومن أعظم مقدمات فاحشة الزنا؛ اختلاط الرجال بالنساء،
    قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
    "واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا" ،
    وقال العلامة محمد ابن إبراهيم:
    "إن الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل إلى النساء،
    وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف ولين،
    فإذا حصل الاختلاط، نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيئ؛
    لأن النفوس أمارة بالسوء، والهوى يعمي ويصم،
    والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر"
    وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
    "فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال
    أمر خطير على المجتمع الإسلامي ومن أعظم آثاره:
    الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع، ويهدم قيمه وأخلاقه" .
    وما ذكره أهل العلم أقر به الغربيون، وشهد له الواقع،
    قالت الكاتبة الإنجليزية الليدي كوك:
    .. وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا،
    وهاهنا البلاء العظيم على المرأة. إلى أن قالت: علِّموهن الابتعاد عن الرجال أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد.

    والخلاصة: "الاختلاط بين الرجال والنساء، محرم ظاهر التحريم"من حيث الأصل،وبعض صوره على ما تقرر في تعريفه،
    نقل بعض أهل العلم الإجماع على تحريمها،
    وهي الخلوة ولو بمخطوبة اتفاقاً
    . بل قال بعض أهل العلم: "وتحرم الخلوة بغير محرم، ولو بحيوان يشتهي المرأة وتشتهيه كالقرد".
    وهناك صور أظهر في تحريم الاختلاط من غيرها، كـ"إذا كان فيه:
    1- الخلوة بالأجنبية، والنظر بشهوة إليها.
    2- تبذل المرأة وعدم احتشامها.
    3- عبث ولهو وملامسة للأبدان، كالاختلاط في الأفراح والموالد والأعياد".
    فهذا اختلاط واضح التحريم، لمخالفته قواعد الشريعة،
    وقد تستثنى منه صور تحت إلجاء الضرورة، من نحو ما قد يضطر إليه الطبيب
    .

  4. #3



    ثانياً:
    @ادلة منع الاختلاط من الكتاب والسنة@
    1-
    اولا:
    قوله تعالى: وإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِنَّ.

    دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن الرجال
     فَسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ 
    أي يكون بينكم وبينهن ستر يستر عن النظر لعدم الحاجة اليه
    فصار النظر اليهن ممنوعا
    ولقد أوجب الله أن يكون الخطاب بينهن من وراء حجاب يحجز بين المرأة والرجل
    ((والآية موجهة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين عامة
    فهو حكم عام ))
    والسبب بقول ربنا سبحانه: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهُنَّ "فبين أن العلة هي طهورية قلوب النوعين
    لانه ابعد عن الريبة وكلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر فانه اسلم له واطهر لقلبه
    ولاشك أن هذه العلة تشمل جميع نساء المؤمنين
    لكن الم نسال نفسنا يوما
    هل قلوبنا اطهر ام قلوب الصحابة والصحابيات؟
    طبعا الأمر لا يحتاج إلى تفكير
    هم طبعا
    فسبحان الذي منعهم رضوان الله عليهم من النظر إلى النساء واوجب الستر
    رغم طهارة قلوبهم وصفائها
    فمن باب أولى نحن من يطبق



    ملاحظة:
    فإن قيل: آية الحجاب تخص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
    فالجواب:
    أنها لم تدل على أن غيرهن من النساء لا يشاركهن في حكمها.
    والأصل مساواة الجميع في الأحكام الشرعية إلا ما قام عليه دليل خاص.
    2-
    :
    فقال تعالى: قُل لِلمُؤمِنِينَ يَغُضُوا مِنْ أَبصَارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذَلِك أَزكَى لَهُم إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ  وَقُلْ للّمُؤمِنَاتِ يَغضُضُنَ مِن أَبَصَارِهِنَّ
    هنا أمر الله الرجال بغض البصر، وأمر النساء بذلك ايضا
    ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة،
    فقد صح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري
    وروي عن علي –رضي الله- عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا علي، لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة"


    وهنا دليل قاطع على ان الشارع لم يرخص للرجال في الجلوس في الطرقات

    والدليل ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والجلوس بالطرقات"، فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها. فقال: "إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه"، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: "غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))

    فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير
    وإذا كان استراق النظر خيانة كما في قول الله تعالى: يَعلَمُ خُائِنَةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُدُورُ فكيف تكون المخالطة؟

    وواقع الناس اليوم يبين أن الاختلاط يفضي لزاماً لوقع البصر عما أمر الله بحفظه عنه، وإذا كان الذي يفضي إلى الوقوع في المحظور يلزم منه وقوع المحظور، ففعله حرام عند من قال بسد الذرائع وعند من لم يقل

    والسؤال هنا إذا كانت النساء بكامل حجابهن فعما يغض البصر؟
    وجوابه أن غض البصر يكون عن المحارم كلها
    وربما كان المجتمع –كشأن سائر المجتمعات- خليطاً
    لايخلو من كتابيات ونحوهن، وغض البصر مطلوب عن كل سافرة
    3- حديث: "المرأة عورة..".
    روى ابن خزيمة في صحيحه وغيره حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان))
    معنى الحديث:
    يعني رفع البصر

    إليها ليغويها أو يغوي بها فيوقع أحدهما أو كلاهما في الفتنة،
    أو المراد شيطان الإنس سماه به على التشبيه،
    بمعنى أن أهل الفسق إذا رأوها بارزة طمحوا بأبصارهم نحوها،
    والاستشراف فعلهم لكن أسند إلى الشيطان لما أشرب في قلوبهم من الفجور ففعلوا ما فعلوا بإغوائه وتسويله وكونه الباعث عليه.


    وقال الطيبي: هذا كله خارج عن المقصود والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس فإذا خرجت طمع وأطمع لأنها حبائله وأعظم فخوخه
    وسواء كان الاستشراف هنا حقيقياً من شياطين الجن –وهو الظاهر وماذكروه من تأويل لازم له- أو ما ذكر من تأويلات فإن المعنى المتفق عليه مرادٌ،
    وهو حضُّ النساء على عدم الخروج ولزوم البيوت، لكونه أصون لهن، فكيف يقال بجواز اختلاطهن بالرجال.
    4- دلالة قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ
    ومن الأدلة قوله تعالى: وقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى، فأمرهن بالقرار،
    ثم منعهن من الخروج غير متحجبات، ومع قرارهن في البيوت منع صلى الله عليه وسلم الرجال الأجانب من الدخول عليهن فقال: "إياكم والدخول على النساء" فلما قيل له: الحمو قال: "الحمو الموت"،
    وهذه الاية امر ليس خاص بنساء النبي فقط بل لكل النساء عامة والدليل
    1- الاقتران بالصلاة، والزكاة، وطاعة الله التي لايشك المسلم من دخول سائر النساء فيها، فقد قال الله: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
    5 - دلالة قوله صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا النساء".
    كما في حديث أبي سعيد الخدري عن مسلم، قال صلى الله عليه وسلم:"إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء[/COLOR
    ]و"وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء، وهو أمر يقتضي الوجوب، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟! هذا لا يجوز
    6- قصة سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة
    والشاهد فيها أنها "جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يارسول الله! إنا كنا ندعو سالما ابناً، وإن الله قد أنزل ما أنزل، وإنه كان يدخل علي..." الحديث فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على عدم الاختلاط معها بذلك التبني بعد نزول القرآن، وأمرها بإرضاعه خمس رضعات لتحرم عليه".
    فإذا كان لايجوز الاختلاط مع من يقوم مقام الابن مالم يكن محرماً، فكيف يسوغ الاختلاط بغيره.
    7- "على رسلكما إنها صفية" الحديث
    وفيه أن صفية –رضي الله عنها- زارته في معتكفه، فأرادت أن تنقلب فقال لها: لا تعجلي حتى أنصرف معك. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، معها فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا،
    فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي.
    قالا: سبحان الله يا رسول الله!
    قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً.
    والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم، قرر أن خلطة الرجل بالمرأة موطن ريبة، ومحل تهمة، مع أن هذه الخلطة كانت عند المسجد، وفي محل عام مطروق، وزمانها ليلة من ليال العشر الأواخر من رمضان ، مع امرأة مضروب عليها الحجاب الكامل بغير خلاف لكونها من أزواجه، صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك الأصول المقررة؛ كعصمة النبي صلى الله عليه وسلم، ورسوخ إيمان صحابته، رضوان الله تعالى عليهم.
    كل ذلك لم يبرر ترك بيان أن الاختلاط بالنساء موضع تهمة، ومحل شبهة.

  5. #4



    @كلام أهل العلم في المنع من الاختلاط@:ا

    بن القيم رحمه الله تعالى ((ولي الأمر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق, والفرج, ومجامع الرجال. ))
    قال مالكٌ رحمه الله ورضي عنه: قال صلى الله عليه وسلم : "ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء" ... ويجب عليه منع النساء من الخروج متزيِّناتٍ مُتجمِّلاتٍ,
    ومنعهنَّ من الثياب التي يكنَّ بها كاسياتٍ عاريَّاتٍ, كالثياب الواسعة والرِّقَاقِ,
    ومنعهنَّ من حديث الرجال, في الطرقات,
    ومنع الرجال من ذلك
    ثم قال ((قال رحمه الله مشيراً إلى ما يناسب واقعهم: "وإن رأى وليُّ الأمر أن يُفسِد على المرأة -إذا تجمَّلت وتزيَّنت وخرجت- ثيابهَا بحبرٍ ونحوه, فقد رخَّصَ في ذلك بعض الفقهاء وأصاب, وهذا من أدنى عقوبتهنَّ الماليَّة. وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها, ولا سيَّما إذا خرجت متجمِّلةً, بل إقرار النساء على ذلك إعانةٌ لهنَّ على الإثم والمعصية, والله سائل وليَّ الأمرِ عن ذلِك. وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق الرجال, والاختلاط بهم في الطريق. فعلى ولي الأمر أن يقتدي به في ذلك ..".
    وقال الماوردي رحمه الله يعرف الدَيُّوث: "هو الذي يجمع بين الرجال والنساء، سمي بذلك لأنه يدث بينهم"
    وقد نقل أئمة المالكية؛ كابن فرحون، وابن زيد البرناسي، وأحمد القرافي، أنه لايختلف في المذهب في عدم قبول شهادة من يحضرون الأعراس التي يمتزج فيها الرجال بالنساء، وما شابه ذلك،
    وقالوا: لأن بحضورهم في هذه المواضع تسقط عدالتهم





    من كلام العلامة ابن باز:
    قال رحمه الله: "والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه".
    وقال: "لقد ذكرنا من الأدلة الشرعية والواقع الملموس ما يدل على تحريم الاختلاط واشتراك المرأة في أعمال الرجال مما فيه كفاية ومقنع لطالب الحق،
    ولكن نظراً إلى أن بعض الناس قد يستفيدون من كلمات رجال الغرب والشرق،
    أكثر مما يستفيدون من كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام علماء المسلمين،
    رأينا أن ننقل لهم
    ما يتضمن اعتراف رجال الغرب والشرق بمضار الاختلاط ومفاسده، لعلهم يقتنعون بذلك,
    ويعلمون أن ما جاء به دينهم العظيم من منع الاختلاط هو عين الكرامة والصيانة للنساء وحمايتهن من وسائل الإضرار بهن والانتهاك لأعراضهن".
    ثم قال: "ولو أردنا أن نستقصي ما قاله منصفو الغرب في مضمار الاختلاط الذي هو نتيجة نزول المرأة إلى ميدان أعمال الرجال لطال بنا المقال ولكن الإشارة المفيدة تكفي عن طول العبارة".
    وقال معلقاً على من زعم بأن عزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة،
    وأن المسلمين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤدون الصلاة في جامع واحد:
    "ولاشك أن هذا الكلام فيه جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية،
    لأن الشريعة لم تدع إلى الاختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها، بل هي تمنعه وتشدد في ذلك".
    ومما قاله رحمه الله: "فمن واجب النصح والتذكير أن أنبه على أمر لاينبغي السكوت عليه،
    بل يجب الحذر منه، والابتعاد عنه،
    وهو الاختلاط الحاصل من بعض الجهلة، في بعض الأماكن والقرى مع غير المحارم،
    ولايرون بذلك بأساً بحجة أن هذا عادة أجدادهم، وأن نياتهم طيبة..".
    وقال حول الاختلاط في المدارس الابتدائية: "إن الاختلاط وسيلة لشر كثير،
    وفساد كبير لايجوز فعله"
    ثم قال: "وبكل حال فاختلاط البنين والبنات في المراحل الابتدائية منكر لايجوز فعله".
    وقال رحمه الله: "من المعلوم أن نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال يؤدي إلى الاختلاط،
    وذلك أمر خطير جداً، له تبعاته الخطيرة،
    وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة،
    وهو مصادم لنصوص الشريعة التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها،
    والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحو،
    مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال"... إلى أن قال: "والأدلة الصريحة الصحيحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية، وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله، أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدي إلى ما لاتحمد عقباه"

    وسئل عن حفلات التوديع المختلطة، فقال: "الحفلات لاتكون بالاختلاط!
    بل الواجب أن تكون حفلات الرجال للرجال وحدهم،
    وحفلات النساء للنساء وحدهن،
    أما الاختلاط فهو منكر، ومن عمل أهل الجاهلية نعوذ بالله من ذلك".
    وما سبق نزر يسير، وطرف من كثير، ولعل فيه كفاية، ولعله قد تبين من خلال العرض الآنف أن المنع من اختلاط الرجال بالنساء، ليس من مفردات الحنابلة! فهؤلاء علماء الإسلام بشتى مذاهبهم، وبمختلف أعصارهم وأمصارهم يقولون به. فليست الدعوة إلى ترك الاختلاط إذاً، دعوة إقليمية، ولامذهبية، بل هي إسلامية إسلامية
    .

  6. #5



    @مراعاة المنع من الاختلاط في التشريع@
    إذا عرضت للمرأة حاجة تسوغ خروجها فلا حرج عليها إن خرجت وفقاً للمعاير الشرعية
    ، غير أن تلك الحاجة لاتسوغ اختلاطها بالرجال إلاّ أن تكون ضرورة،
    وذلك لحرمة الاختلاط وإن من أقوى الأدلة على تحريم الاختلاط،
    رعاية الشارع للنساء، وصيانته لهن من الاختلاط في سائر أحكام التشريع.
    ولهذا "اتفقت الأمة، بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس...
    وكان علمها عند الأمة كالضروري، مع أنه لم يثبت ذلك بدليل معين، ولا شهد به أصل معين يمتاز برجوعها إليه، بل علمت ملأمتها للشريعة بمجموعة أدلة لا تنحصر في باب واحد".
    فمن تأمل نصوص الشريعة وجد أنها راعت طبيعة المرأة فلم توجب عليها التكاليف التي يكون فيها بروز ومخالطة للرجال،
    ومن ذلك إيجاب الجمع والجماعات على الرجال دون النساء،
    ومنه فرض الجهاد على الرجال دون النساء،
    وكذلك فرض النفقة على الرجل دون المرأة.
    لكن ربما دعت الشريعة النساء إلى شهود ما يحضره الرجال،
    خلافاً للأصل الذي قررته وهو قرارهن في البيوت،
    غير أن المتأمل يلحظ في هذا أحد أمرين:
    الأول: إما أن تكون المناسبة مما يفوت وقته وتذهب مصلحته بتأخيره كنحو شهود الأعياد.
    الثاني: يضيف إلى ما سبق أن يكون محل المأمور به واحداً، اقتضت الحكمة الإلهية أن لايتعدد، كالطواف والسعي والرمي وغيرها من أعمال الحج أو العمرة.
    وفي كلا الأمرين مصلحة العبادة تشمل جميع المكلفين،
    والعنت يلحق الناس إذا وضع لها الشارع نمطاً يكفل عدم الاختلاط،
    ومع ذلك فإن نحو هذه العبادات وضع الشارع لها من الضوابط ما يكفل عدم امتزاج الرجال بالنساء.

    وإذا نظرت إلى واقع النساء في العهد الأول، وجدتهن بعيدات عن خلطة الرجال،
    يخرجن للحاجات والضروريات،
    متقيدات بالشريعة غير مفتئتات، ملتزمات في عبادتهن بما يكفل لهن الصيانة من خلطة الغرباء.
    وفي ما يلي بعض العبادات التي راعى فيها التشريع ذلك الأصل وقد تكون محل التباس عند البعض:

    1- طلبهن العلم:
    طلب العلم واجب على كل مسلمة
    ، كشأن الرجال فالكل محتاج إليه،
    ومع ذلك لم يكنَّ يُزاحمن الرجال لأجل تحصيله،
    ولكن طلبن أن يَجْعَل لهنّ النبي صلى الله عليه وسلم مجلساً خاصاً لايكون للرجال فيه نصيب،
    وقد بوب البخاري في كتاب العلم من الصحيح،
    باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم،
    وساق حديث أبي سعيد،
    قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً.. الحديث ، قال العيني: "أي عين لنا يوماً"
    وقال: "قوله غلبنا عليك الرجال معناه أن الرجال يلازمونك كل الأيام ويسمعون العلم وأمور الدين، ونحن نساء ضعفة لا نقدر على مزاحمتهم، فاجعل لنا يوماً من الأيام نسمع العلم ونتعلم أمور الدين"
    وقد نص الفقهاء على المنع من اختلاط رجال بنساء في المسجد، لما يترتب عليه من مفاسد ويشمل ذلك الاختلاط بغية طلب العلم.
    ولو كان الاختلاط جائزاً لقال لهن احضرن مع الرجال مجالس العلم والذكر، فهو أولى من تبديد الطاقات والنبي صلى الله عليه وسلم أحرص على حفظ الأوقات.

    2-- مبايعتهن النبي صلى الله عليه وسلم:
    من مراعاة التشريع للمنع في الاختلاط فيها،
    جعل محل خاص بهن، بعيد عن الرجال،
    أتاهن النبي صلى الله عليه وسلم فيه،
    ولم تقل إحداهن لماذا لم تأخذ علينا البيعة مع الرجال!
    بل خرجن فاجتمعن مع بنات جنسهن لهذه الحاجة الدينية،
    ملتزمات بالضوابط الشرعية، فأخذ عليهن النبي صلى الله عليه وسلم البيعة وعلمهن وما مست يده يد امرأة قط
    ، وما يُروى في صفة ذلك من نحو مصافحة عمر –رضي الله عنه- لهن نيابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في إناء فيه ماء، أو جاء بحائل فهذا ونحوه لم يثبت بنقل صحيح، فلا يعارض به ما ثبت.

    3- ندبهن لشهود أعياد المسلمين، وجواز حضورهن الجمع والجماعات:
    صلاة العيد مناسبة يفوت وقتها وتذهب مصلحتها بتأخيرها،
    ومن نظر إلى مقاصد العيد علم حكمة الشارع في عدم تكرار شعائره لأجل فصل الرجال والنساء فيه،
    فإن في ذلك عنتاً لايتناسب مع تيسير الشريعة،
    ومشقة لاتتناسب وتلك الأيام التي جعلها الشارع للتوسعة والترخص المنضبط وصلة الأرحام،
    ولذلك ناسب أن يحض الرجال والنساء على أداء صلاتها جميعاً مع وضع الضوابط التي تكفل عدم امتزاج الرجال بالنساء،
    قال ابن حجر في تعليقه على خطبة النبي صلى الله عليه وسلم النساء يوم العيد: " قوله: "ثم أتى النساء" يُشعِر بأنّ النساء كُنّ على حدة من الرجال غير مختلطات بهم،
    وقوله: "ومعه بلال" فيه أن الأدب في مخاطبة النساء في الموعظة أو الحكم أن لا يحضر من الرجال إلا من تدعو الحاجة إليه من شاهد ونحوه،
    لأن بلالاً كان خادم النبي صلى الله عليه وسلم ومتولي قبض الصدقة،
    وأما ابن عباس فقد تقدم أن ذلك اغتفر له بسبب صغره"
    ، وقريب منه قول الخراشي في تعليل استحباب صلاة العيد في الفضاء حيث يقول: "ولبعدهن من الرجال لما فرغ من خطبته وصلاته، جاء إليهن فوعظهن وذكرهن، فلو كن قريباً لسمعن
    الخطبة.." ،
    ومع ذلك اختلف أهل العلم فقال ابن عبدالبر: "..قال مالك لا يمنع النساء الخروج إلى المساجد، فإذا جاء الاستسقاء والعيد فلا أرى بأسا أن تخرج كل امرأة مُتَجَّالَّة .( تجالت: أي أسنَّت وكَبُرت)
    هذه رواية ابن القاسم عنه.
    وروى عنه أشهب قال: تخرج المرأة المتجالّة إلى المسجد، ولا تكثر التردد، وتخرج الشابة مرة بعد مرة.
    وكذلك في الجنائز يختلف في ذلك أمر العجوز والشابة في جنائز أهلها وأقاربها.
    وقال الثوري ليس للمرأة خير من بيتها، وإن كانت عجوزاً.
    قال الثوري: قال عبد الله: المرأة عورة، وأقرب ما تكون إلى الله في قعر بيتها، فإذا خرجت استشرفها الشيطان.
    وقال الثوري: أكره اليوم للنساء الخروج إلى العيدين.
    وقال ابن المبارك أكره اليوم الخروج للنساء في العيدين،
    فإن أبت المرأة إلا أن تخرج فليأذن لها زوجها أن تخرج في أطمارها ولا تتزين،
    فإن أبت أن تخرج كذلك فللزوج أن يمنعها من ذلك".
    ثم قال أبو عمر: "أقوال الفقهاء في هذا الباب متقاربة المعنى وخيرها قول ابن المبارك لأنه غير مخالف لشيء منها ويشهد له قول عائشة: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه

    وسلم ما أحدثه النساء لمنعهن المسجد، ومع أحوال الناس اليوم ومع فضل صلاة المرأة في بيتها فتدبر ذلك"، وفي زماننا هذا ما أحوجنا لأن نتدبر ذلك.
    ثم إن جواز شهودهن الجمع والجماعات بالضوابط التي وضعها الشارع لصلاة المرأة في المسجد،
    دليل واضح يفيد مراعاة الشريعة لأصل الفصل بين الرجال والنساء،
    فقد جعل الشارع صلاة المرأة في قعر دارها خير لها حتى جاء عند أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها"
    قال في العون: " لأن مبنى أمرها على التستر"
    ، قال ابن حجر: "ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل تحقق الأمن فيه من الفتنة ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة"
    وبعد ذلك إذا خرجت المرأة أمرها الشارع أن تخرج تفلة غير متطيبة ولا متزينة،
    فإن خالفت ذلك عصت الله بخروجها ولو إلى مسجد،
    كما في صحيح مسلم عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً".
    ثم إذا جاءت المسجد تدخل من باب خاص لايدخل منه الرجال
    فقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء، وقال: "لو تركنا هذا الباب للنساء"
    قال نافع فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات
    فإذا دخلت المرأة المسجد كان خير صفوفها أبعدها عن الرجال،
    وكان شرها أقربها منهم لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها" ،
    وقد علل الفقهاء ذلك لما فيه من البعد عن مخالطة الرجال
    فإذا خرجت من المسجد فعليها أن تستأخر وتلتزم حافة الطريق كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق "
    فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها كما جاء عند أبي داود بسند حسن
    قال ابن الأثير: يحققن الطريق هو أن يركبن حقها، وهو وسطها
    ، ووجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرص
    على قطع كل سبب للاختلاط وإن كان غرض الخروج أداء الفرض فكيف يسوغ في غيره، وإذا منعهن من الاختلاط العابر في الطريق إلى المسجد والمؤقت في داخل المسجد لأنه يؤدي إلى الافتنان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غيره؟


  7. #6


    4- حج النساء واعتمارهن:
    مما فرضه الله على المرأة والرجل،
    الركن الخامس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً،
    ولما كانت أعمال الحج والعمرة يتحد محلها للرجال والنساء،
    ولامصلحة من تغيير وقته أو فصل محله فإن في ذلك عنتاً لايخفى على المتأمل،
    لهذا اقتصر التشريع على وضع ضوابط لمن قصد هذا الركن من النساء،
    تكفل صيانة أعراضهن، وتمنع من اختلاطهن بالرجال قدر الإمكان،
    ومن ذلك أن الشارع لم يوجب على المرأة حجاً أو عمرة إلاّ إذا كان معها محرم،
    ومن أباح لها السفر من الفقهاء مع رفقة من النساء مأمونةٍ قال: "لتستأنس بهنَّ ولاتحتاج إلى مخالطة الرجال"
    بل كره مالك أن تركب البحر ولو للحج لأنه مظنة خلطة،
    وفرق فقهاء المالكية بين ما إذا كان في السفينة مكان تستغني به عن مخالطة الرجال فجوزوا هذا ومنعوا إذا لم يكن
    ، ثم جعل الشارع رخصاً لمن كانت معه نساء أوضعفة ليست لغيره،
    كالدفع من مزدلفة بليل فقد رويت فيه آثار ومن ذلك حديث عبد الله مولى أسماء عن أسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي،
    فصلت ساعة ثم قالت" يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا. فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها،
    فقلت: لها يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا،
    قالت: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن
    . والأحاديث في هذا معروفة وقد رخص بها جمع من أهل العلم للنساء في الرمي قبل طلوع الشمس ولو كانت جمرة العقبة.
    ومن مراعاة المرأة قول طائفة من الفقهاء بجواز تأخير الرمي إلى بعد الغروب،
    بل إن الفقهاء مراعاة لأصل المنع من الاختلاط في الشريعة استحبوا للمرأة ما لم يستحبوا للرجل من نحو طوافها بعيدة عن البيت
    ، ورخصوا لها في تأخير طواف القدوم إلى الليل خشية الزحام.
    ومن مراعاتهم للمنع من الاختلاط في النسك قولهم: لايستحب لها أن تزاحم الرجال لاستلام الحجر الأسود
    وقولهم: لاتقف المرأة على الصفا للدعاء إلاّ إذا خلا المكان عن مزاحمة الرجال، ويكون سنة في حقها إذا خلا المكان .
    ولعله يأتي ذكر طرف من أقوالهم التي تفيد اعتبارهم المنع من الاختلاط في التعليل للأحكام.

    ومن مراعاة بعض أمهات المؤمنين للأمر بلزوم البيوت ونبذهن الاختلاط، اكتفاؤهن بحجة الفريضة، وترك القيام للتطوع، وهذا مأثور عن زينب وسودة رضي الله عنهما، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: "هذه ثم ظهور الحصر" .

    ومما سبق نخلص إلى أن الشارع حف الحج والعمرة بمأحكام تكفل منع الخلطة المحرمة ومن ذلك اشتراط المحرم، ومع ذلك ندب المرأة إلى ترك مزاحمة الرجال، واستحب لها الفقهاء لأجل ذلك ما لم يستحبوه للرجال. وقد كانت أمهات المؤمنين ونساء الصالحين يراعين ذلك فيمتزن عن الرجال، غير أنه تبقى طائفة نسوةٍ في القديم والحديث يصدق فيهن قول الأول:
    من اللائيْ لم يحججن يبغين حسبةً ولكن ليقتلن البـريءَ المغفـلا
    فعلى أخت الإسلام أن لاتغتر بهن، نسأل الله أن يصلح حال أخواتنا وأمهاتنا ونسائنا ونساء المسلمين.

    5- خروجهن للجهاد:
    إن خروج النساء في الصدر الأول للغزو تطوعاً بل واستشهاد بعضهن حق لامرية فيه، وقد بوب البخاري في صحيحه؛ باب: الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء، وباب: غزو المرأة في البحر، وباب: حمل الرجل امرأته في غزو دون بعض نسائه، وباب: غزو النساء وقتالهن مع الرجال، وباب: مداواة النساء الجرحى في الغزو، وباب: رد النساء الجرحى والقتلى.
    غير أن الشارع لم يوجب عليهن الجهاد بالاتفاق ، قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: "أفلا نجاهد؟" قال: "لا، لَكُنَّ أفضل الجهاد حج مبرور" ، ومن علله قول الصنعاني: "لأن النساء مأمورات بالستر والسكون، والجهاد ينافي ذلك، إذ فيه مخالطة الأقران، والمبارزة ورفع الأصوات" ، وقد نص أهل العلم على أن الذكورية شرط لوجوبه.

    الخلاصة..
    بناء على ما سبق فليس في جهاد النساء المأثور إباحة امتزاج الرجال بالنساء أو اجتماعهم متداخلين في ميدان واحد، بل لا يُتصور وجود النساء أو غيرهن من أجل المداواة والإسعاف وسط ميدان المعركة الذي يختلط فيه الحابل بالنابل وتتطاير فيه الرؤوس، وقد عُلم أنَّ لِمَنْ يشتغل بالإسعاف والمداوة أماكن خاصة منعزلة يخلى إليها الجرحى أو المرضى.
    ومعلوم أن ما أباحتة الضرورة يقدر بقدره ومن ذلك مباشرة المرأة علاج الجريح المثخن والمريض المقعد وفقاً لشرطه، ومنه أيضاً التحامها بالرجال للذود عن عرضها وحماية نفسها.
    هذا مع أن الحال في موطن الجهاد بعيدة عن الظِنَّةِ، فأنى لمن طُنَّت قدمه أو فُتَّ عضده أن يلتفت يمنة أو يسرة، وهل يُظن بمَنْ تُعايِن أمثال هؤلاء، و من يشارفون على الهَلَكَة كل حين، بل لاتدري إلى أيِّ شيء يصير أمرها إذا انجلى غبار المعركة، هل يُظن أنّ هذه كغيرها؟ فكيف إذا كُنَّ نساء الصحابة ورجالاتها؟ فكيف يقال بجواز الاختلاط بعد ذلك في الأسواق وغيرها من مواطن الرِيَبِ وأسباب الفتن. بل كيف يقال بجواز مشاركتهن في الجيش أو الشرطة مع معطيات واقع الناس اليوم.
    أيحق لمنصف قرأ الشريعة، وعلم مقاصدها، ونظر في دَأَبِها على حماية النساء بسياج يحول دونهن ودن الخلطة والابتذال، أيحق له أن يستدل بما وقع عرضاً أو اضطراراً على جواز الاختلاط في المنتديات والقاعات، ولنُسلِّم جدلاً –على سبيل قل إن كان للرحمن ولد- بأن الاختلاط حق مكفول في الحج والجهاد وبعض التشريعات فهل يقبل في موازين العقول قياس أماكن اللهو والفساد على مواطن الإيمان والجهاد؟ أيستوي مكتب ضيق أو محل لاتؤمن فيه ريبة، مع موطن يزداد فيه الإيمان، ويتنزل فيه الرضا على العباد من الرحمن؟
    إنه قياس مع الفارق، ومثله قياس خروج بعض النساء مع ضوابط الأمس في الغزو، بدخول بعضهن الشرطة أوالجيش في واقع الناس اليوم.
    قال الشيخ بكر أبوزيد: "وعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها قالت‏:‏ يا رسول الله‏!‏ تغزو الرجال ولا نغزو، ولنا نصف الميراث‏؟‏ فأنزل الله‏:‏ وَلاتَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللهُ بِه بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ‏[‏النساء‏:‏ 32‏]‏ ‏.‏ رواه أحمد، والحاكم وغيرهما بسند صحيح‏.‏

  8. #7


    @متى بدء الاختلاط@
    قال الشيخ علي الطنطاوي : [ أما الحرب التي تواجه الإسلام الآن فهي أشد وأنكى من كل ما كان ، إنها عقول كبيرة جداً ، شريرة جداً ،
    تمدها قُوى قوية جداً ، وأموال كثيرة جداً ،
    كل ذلك مسخَّر لحرب الإسلام على خطط محكمة ، والمسلمون أكثرهم غافلون .
    يَجِدُّ أعداؤهم ويهزلون ، ويسهر خصومهم وينامون ،
    أولئك يحاربون صفاً واحداً ،
    والمسلمون قد فرَّقت بينهم خلافات في الرأي ، ومطامع في الدنيا .
    يدخلون علينا من بابين كبيرين ،
    حولهما أبواب صغار لا يُحصى عددها ،
    أما البابان الكبيران فهما باب الشبهات وباب الشهوات .
    أما الشبهات فهي كالمرض الذي يقتل من يصيبه ، ولكن سريانه بطيء وعدواه ضعيفة .
    فما كل شاب ولا شابة إذا ألقيت عليه الشبه في عقيدته يقبلها رأساً ويعتنقها .
    أما الشهوات فهي داء يمرض وقد لا يقتل ، ولكن أسرع سرياناً وأقوى عدوى ،
    إذ يصادف من نفس الشاب والشابة غريزة غرزها الله ،
    وغرسها لتنتج طاقة تستعمل في الخير ،
    فتنشيء أسرة وتنتج نسلاً ، وتقوي الأمة ،
    وتزيد عدد أبنائها ، فيأتي هؤلاء فيوجهونها في الشر ، للذة العاجلة التي لا تثمر .
    طاقة نعطلها ونهملها ودافع أوجد ليوجه إلى عدونا ، لندافع بها عن بلدنا ، فنحن نطلقها في الهواء ،
    فنضيعها هباء ، أو يوجهها بعضنا إلى بعض .
    هذا هو باب الشهوات وهو أخطر الأبواب .
    عرف ذلك خصوم الإسلام فاستغلوه ،
    وأول هذا الطريق هو الاختلاط .
    بدأ الاختلاط من رياض الأطفال ،
    ولما جاءت الإذاعة انتقل منها إلى برامج الأطفال فصاروا يجمعون الصغار من الصبيان والصغيرات من البنات .
    ونحن لا نقول أن لبنت خمس سنين عورة يحرم النظر إليها كعورة الكبيرة البالغة ،
    ولكن نقول أن من يرى هذه تُذَكِّرُهُ بتلك ،
    فتدفعه إلى محاولة رؤيتها .
    ثم إنه قد فسد الزمان ،
    حتى صار التعدي على عفاف الأطفال ،
    منكراً فاشياً ، ومرضاً سارياً ، لا عندنا ،
    بل في البلاد التي نعدُّ أهلها هم أهل المدنية والحضارة في أوربا وأمريكا .
    كان أعداء الحجاب يقولون أن اللواط والسحاق ،
    وتلك الانحرافات الجنسية سببها حجب النساء ،
    ولو مزقتم هذا الحجاب وألقيتموه لخلصتم منها ،
    ورجعتم إلى الطريق القويم .
    وكنا من غفلتنا ومن صفاء نفوسنا نصدقهم ،
    ثم لما عرفناهم وخبرنا خبرهم ، ظهر لنا أن القائلين بهذا أكذب من مسيلمة .
    إن كان الحجاب مصدر هذا الشذوذ ،
    فخبروني هل نساء ألمانيا وبريطانيا محجبات الحجاب الشرعي ؟
    فكيف إذن نرى هذا الشذوذ منتشراً فيهم حتى سَنّوا قانوناً يجعله من المباحات ؟
    ثم إن أصول العقائد ، وبذور العادات ومبادئ الخير والشر ،
    إنما تغرس في العقل الباطن للإنسان ، من حيث لا يشعر في السنوات الخمس أو الست الأولى من عمره ، فإذا عودنا الصبي والبنت الاختلاط فيها ، ألا تستمر هذه العادة إلى السبع والثمان ؟ ثم تصير أمراً عادياً ينشأ عليه الفتى ، وتشب الفتاة ، فيكبران وهما عليه ؟ وهل تنتقل البنت في يوم معين من شهر معين ، من الطفولة إلى الصبا في ساعات معدودات ، حتى إذا جاء ذلك اليوم حجبناها عن الشباب ؟
    أم هي تكبر شعرة شعرة ، كعقرب الساعة تراه في الصباح ثابتاً فإذا عدت إليه بعد ساعتين وجدته قد انتقل من مكانه . فهو إذن يمشي وإن لم تر مشيه ، فإذا عودنا الأطفال على هذا الاختلاط فمتى نفصل بينهم ؟
    والصغير لا يدرك جمال المرأة كما يدركه الكبير ، ولا يحس إن نظر إليها بمثل ما يحس به الكبير ، ولكنه يختزن هذه الصورة في ذاكراته فيخرجها من مخزنها ولو بعد عشرين سنة . أنا أذكر نساء عرفتهن وأنا ابن ست سنين ، قبل أكثر من سبعين سنة . وأستطيع أن أتصور الآن ملامح وجوههن ، وتكوين أجسادهن .
    ثم إن من تُشْرِف على تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياته كلها ، يظهر في عاطفته ، وفي سلوكه ، في أدبه ، إذا كان أديباً . ولا تبعد في ضرب الأمثال ، فهاكم الإمام ابن حزم يحدثكم في كتابه العظيم الذي ألَّفه في الحب " طوق الحمامة " حديثاً مستفيضاً في الموضوع .
    خلق الله الرجال والنساء بعضهم من بعض ، ولكن ضرب بينهم بسورٍ له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَلِهِ العذاب . فمن طلب الرحمة والمودة واللذة والسكون والاطمئنان دخل من الباب ، والباب هو الزواج . ومن تسوَّر الجدار أو نقب السقف ، أو أراد سرقة متعة ليست له بحق ، ركبه في الدنيا القلق والمرض وازدراء الناس ، وتأديب الضمير ، وكان له في الآخرة عذاب السعير ] " ذكريات الشيخ على الطنطاوي (5/268-271) "
    هذا ما قاله الشيخ عن بلادٍ غير بلادنا ، والسعيد من وُعِظَ بغيره ولم يتعظ به الناس ، فليحذر الذين يدندنون حول هذا الموضوع في بلادنا أن يشملهم قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } [النور:19]
    جنبنا الله مسالك أهل الفساد والإفساد ، وجعلنا من الهُداة المهتدين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

  9. #8

    [B]@شبهات في طريق الاختلاط@
    اولا: الاستدلال بقصة يوسف عليه السلام:
    من شبه من أشكل عليه الاختلاط، ما يستدل به بعضهم، من دخول نبي الله يوسف على النسوة، قال الله: فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكيناً وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن الآية، ومن تأمل هذه الآية وما جاء قبلها وبعدها جزم بأنه لايصح الاستدلال بها على جواز الاختلاط، بل الآيات حجة عند النظر والتأمل لمن منع من الدخول على النساء ومخالطتهن:
    فيوسف عليه السلام اشتراه عزيز مصر، وكان في بيته وكان خروجه بأمر ربة البيت فكان الخروج في حقه لضرورة أو حاجة، خاصة وأنه لايعلم لماذا دُعي، فغاية ما في القصة الاستدلال بفعل النسوة أو امرأة العزيز، وهذا استدلال بفعل من كان على الشرك، ومع ذلك فإن الآيات في سياق القصة وما تبعها من فتنة حصلت للنساء بل ولامرأة العزيز من قبل دليل على حرمة الاختلاط، فمن حلل الاختلاط بقصة يوسف لم يفقه ما استدل به عليه من سورة يوسف، ولو فقهه لحرم الاختلاط به، فانظر إلى الفتنة التي حصلت إثر الدخول على النساء ولئن عصم الله يوسف عليه السلام فأراه برهان ربه لكونه من المخلصين، فمن الذي يضمن هداية من تقحم الفتن وعرض نفسه لها؟ فـ"إياكم والدخول على النساء"، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم
    3-الاستدلال بنبأ موسى مع المرأتين:
    ومن عجيب ما يتمسكون به كذلك نبأ موسى –عليه السلام- مع بنتي صاحب مدين، وليس فيه حجة على جواز الاختلاط بل هو دليل آخر على المنع، فموسى لما رأى أُمّة من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين تذودان غنمهما عن السقيا مع القوم، منعزلتان لاتسقيان مع الناس، لم يرضه موقفهما واستغربه ولهذا سألهما بعبارة مختصرة: ما خطبكما؟ فكان الجواب بأوجز عبارة وبقدر الحاجة: لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير.
    والأسئلة التي ينبغي أن تطرح هنا لماذا هذا الاقتضاب؟ مع أنه عند أبيهما قص القصص! ولماذا لم تسقيا؟ ولماذا ذادتا غنمهما؟ وعن ماذا ذادتا الغنم؟ أليس عن الاختلاط بغنم القوم؟ ثم أليس الأولى لهما أن تعجلا؟ جواب ذلك في القول باستقرار المنع من الاختلاط عندهما ولهذا قالتا: لا نسقي حتى يصدر الرعاء، وقد ذكر بعض المشايخ المعاصرين أربعة عشر وجهاً في القصة انتزع منها الدلالة على منع الاختلاط. وآخر ذكر تسعة عشر مظهراً من مظاهر العفة في القصة.

    2-الشبهة الثالثة: حديث الفارسي:ا
    ستدلّ بعض دعاة الاختلاط بين الرجال والنساء بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن جارًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسيًا كان طيب المرق،
    فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء يدعوه، فقال: ((وهذه؟)) لعائشة،
    فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا))، فعاد يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وهذه؟)) قال: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا))، ثم عاد يدعوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وهذه؟)) قال: نعم، في الثالثة. فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله[1].
    قالوا: ففي هذا الحديث تسويغٌ للمسلم أن يصحب زوجته إلى المآدب يقيمها جار أو صديق[2].
    الجواب:
    1- هذا الحديث لا يدل على أكثر من شيء واحد وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطحب عائشة معه إلى بيت الرجل الفارسي، وهو كما دلت أحاديث كثيرة أخرى على اصطحاب الصحابة نساءهم إلى المساجد، وكما دلت أحاديث أخرى على زيارة كثير من الصحابة لأمهات المؤمنين عامة وعائشة رضي الله عنها خاصة، من أجل رواية الحديث أو أخذ الفتاوى أو السؤال عن بعض أحوال النبي عليه الصلاة والسلام.

    فأي تعارض بين هذه الدلالة التي لا إشكال فيها ولا نزاع وبين الحكم الإلهي القاضي باحتجاب المرأة عن الرجال والأمر لهم إذا جاؤوا يسألونهن حاجة أن يسألوهن من وراء حجاب؟![3].

    2- أما أن يرفض رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستجابة لدعوة الفارسي إلا أن تصحبه عائشة رضي الله عنها فشيء ثابت لا إشكال فيه ولا منقصة، بل إن فيه الصورة البارزة الحية لجميل خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله وعظيم رحمته وعاطفته تجاهها، فقد كانت تمر الأيام الطويلة ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار لطعام، وإنما طعامه وطعام أهله الأسودان: التمر والماء[4]، أفيترك رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله ـ وهي إنما ترضى بالشظف أسوة به ـ ليجلس من ورائها إلى مائدة شهية عامرة عند جاره الفارسي؟! ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرضى بذلك.

    وأما أن يكون في ذلك ما يدل على أن عائشة رضي الله عنها ذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متبرجة وجلست أمام الفارسي سافرة واختلطت العائلات على نحو ما يتم اليوم فهو شيء لا دلالة عليه، وحمل الحديث على هذا المعنى كحمل الشرق على أن يولد من داخله الغرب[5].

    الشبهة الثالثة: حديث زوجة أبي أسيد الساعدي:
    عن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعامًا ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلّت تمرات في تور[6] من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له[7]، فسقته تتحفه بذلك[8].
    قالوا: فالحديث يدل على أنه يسوغ للمسلم أن يدع زوجته تستقبل ضيوفه وأن تشرف بنفسها على تكريمهم، وأن هذا ليس مما يأباه الإسلام[9].
    الجواب:
    1- لقد علم الفقهاء وعلماء المسلمين جميعًا أنه لا ضير في أن تتقدم المرأة بسترها الإسلامي الكامل فتقدم إلى ضيوف في دارها طعامًا أو شرابًا تكرمهم به وزوجها أو قريبها جالس. وهذا هو الذي وقع من امرأة أبي أسيد في حفل عرسه.

    قال ابن حجر: "وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر"[10].

    وليس كثيرًا في حفل يحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكرم العروس مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتولى بنفسها إكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقديم الضيافة إليه، وليس في ذلك ما يشينها، كما أنه ليس فيه ما يلصق به عليه الصلاة والسلام أي منقصة.

    وإنما الشين واقع فيما لو عثر المتعلق بهذا الحديث على أنها برزت أمام الرجال سافرة بادية الجسم والزينة، وهذا ما لا يمكن أن يعثر عليه، وما لا دليل عليه في الحديث[11].

    2- لقد ظهر الكثير من نساء الصحابة في صفوف القتال يضمدن الجرحى ويسقين العطاش ومنهن أم سليم رضي الله عنها، فمن قال: إن ذلك دليل على أن المرأة لا حرج عليها في أن تختلط بالرجال كما تشاء وأن تتزين كما تريد؟!

    إن قول القائل: "قامت العروس بنفسها تقدم الشراب إلى رسول الله، إذًا فللمرأة أن تعرض زينتها ومفاتنها أمام الرجال" ليس إلا كقول الآخر: "لقد شرع الله التجارة بالمال والسعي في الأرض من أجل الرزق، إذًا فلا بأس أن يخدع ويغبن"[12].

    الشبهة الربعة: الاختلاط في التعليم للصغار:
    ينادي بعض الناس بالاختلاط في المدارس للصغار بحجة أن ذلك لا يضرهم ولا يؤثر عليهم، وبحجة أن المرأة أشد لباقة وأحسن معايشة للصغار[13].
    الجواب:
    1- إن هذه الخطوة يتبعها خطوات، ويصبح الأمر سهلاً، ويأتي من يقره عبر المراحل الدراسية الطويلة على تلك الحال الممقوتة، فأول الغيث قطرة، ومعظم النار من مستصغر الشرر، والإسلام العظيم وضع القواعد والأسس الثاتبة التي لا تتغير ولا تتبدل أحكامها وقوانينها، ومنع الحيل وأمر بسد الذرائع[14].

    2- إن فكرة الاختلاط في التعليم أو غيره بين الرجال والنساء فكرة ماسونية وبذورها استعمارية دخيلة على الأمة، وهي أشد ضررًا على هذه الأمة من الدعوة إلى السفور علانية والتبرج ونزع الحجاب؛ لأنها تشتمل على هذا كله وأكثر منه[15].

    3- إن الطفل يبدأ في النمو والتفتح والتطلع إلى المعرفة من السنة السادسة وهذا أمر واقع وثابت بالتجربة.
    3- فها هو يدرس ويتعلم ويحفظ ويحرص على العلم والتعلم والمعرفة من هذا السن بل قبلها، وتجد أن الإسلام أمر الأبوين بأن يأمرا صغيرهما بالصلاة من بعد السنة السابعة بنين وبنات، وأمر بعزل البنين عن البنات في سن العاشرة وهو سن التمييز، فالابن يبدأ تفتحه وتحرك غرائزه من هذا السن، ويبدأ يدرك فيها كثيرًا من أمور الحياة.

    وبالتجربة فإن بعض الصغار من بنين وبنات يبلغون سن الرشد من بعد التاسعة، وقد يتخلف بعضهم في الدراسة الأولى فيصل عمره إلى الثانية عشرة تقريبًا أو أكثر وهو في الصف الثاني أو الثالث، وهذه بداية سن المراهقة[16].

    4- إذا رجعنا إلى الإحصائيات التي تأتي من البلاد المختلطة عرفنا تمامًا النسبة العالية في انتشار جرائم الزنا واللواط بين الصغار، ونسبة الحوامل فيمن سنهن في حدود الثانية عشرة من أعمارهن، وكثرة الشذوذ بين الجنس الذكري، تقول اللادي كوك: "إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، وها هنا البلاء العظيم على المرأة"[17].

    وذكر الأستاذ سيد قطب من مشاهداته في أمريكا أنه ظهر أن نسبة الفتيات الحوامل في إحدى المدارس الثانوية هناك 48% [18].

    5- ومن نتائج الاختلاط في التعليم ضعف سوية التعليم وتدني نسبة الاستفادة العلمية، ومن يزور بعض الفروع الجامعية المختلطة أو ينظر في نتائج الامتحانات آخر العام الدراسي يتبين له ذلك.

    وقد زار بعض الكتاب مدرسة في بلجيكا ولاحظ أن جميع طلابها بنات، فلما سأل عن ذلك أجابته المديرة بقولها: "قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة الابتدائية"[19].

    ويخمّن القاضي لندسي الأمريكي أن 45% من فتيات المدارس يدنسن أعراضهن قبل خروجهن منها، وترتفع هذه النسبة كثيرًا في مراحل التعليم العالية[20].

    الشبهة الخامسة: الاختلاط يخفف الشهوة:
    يدعي دعاة الاختلاط أن اختلاط الرجال بالنساء يمكن أن يخفف من حدة إثارة الدافع الجنسي لدى كل من الرجل والمرأة[21].
    الجواب:
    1- الأمر بالعكس تمامًا، فإن الاختلاط يزيد من شدة إثارة الدافع الجنسي، ولو أن اختلاط الرجل بالمرأة غير المحرمة يخفف من حدة الدافع الجنسي لدى كل من الرجل والمرأة لوجدنا أن هذا الدافع يخف تدريجيًا ثم يصل إلى درجة الانعدام عند كل واحد من الزوجين بعد فترة من زواجهما لشدة اختلاط أحدهما بالآخر بشكل مستديم، ولكن الواقع هو عكس ذلك، إذ يستمر هذا الدافع لدى كل منهما ما دام أنه سوي في صحته الجسمية والعقليةB]

  10. #9


    ا@حوال اختلاط الرجال بالنساء@
    اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات :
    الأولى :
    اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال ، وهذا لا إشكال في جوازه .
    الثانية :
    اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد ، وهذا لا إشكال في تحريمه .
    الثالثة :
    اختلاط النساء بالأجانب في : دور العلم ، والحوانيت والمكاتب ، والمستشفيات ، والحفلات ، ونحو ذلك ، فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى إفتتان كل واحد من النوعين بالآخر ، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق : مجمل ، ومفصل .

    أما المجمل :
    فهو أن الله تعالى جبل الرجال عن القوة والميل إلى النساء ،
    وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف بان ،
    فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء ،
    لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر .

    أما المفصل :
    فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ،
    ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه ،
    فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال ،
    وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر ،
    وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة .
    الاول:
    تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } وجه الدلالة أنه لما حصل اختلاط بين إمرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كاان كامناً فطلبت منه أن ويافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى : { فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم } وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .

    الدليل الثاني :
    أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك فقال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } . وجه الدلالة من الآيتين : أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وأمره يقتضي الوجوب ، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر . ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة، فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة
    وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا ، فروى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطأ " متفق عليه ، واللفظ لمسلم . وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها . فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه

    الدليل الثالث :
    قال تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } . وجه الأدلة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم غليهن، وكذلك الاختلاط يُمنع لما يؤدي إليه من الفساد .

    الدليل الرابع :
    قوله تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غمض ، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها ، وأنه لو قدر عليها فزنى بها . وجه الدلالة أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .

    الدليلالخامس:
    أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } . وجه الأدلة : أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، أما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل على الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق ؟ . على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلبات الحياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوزاع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .

    أما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر تسعة أدلة :
    الأول
    روى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد إمرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله : إني أحب الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي . قالت : فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه ، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت . وروى ابن خزيمة في صحيحه ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة . ويعطي هذين الحديثين عدة أحادث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد . وجه الدلالة : أنه إذا شرع في حقها أن تصلي بي بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ، متى يمنع الاخلاط من باب أولى .

    الثاني
    ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها " قال الترمذي بعد إخراجه : حديث حسن صحيح . وجه الدلالة : المسجد فاتهن ينفصلن عن الجماعة على حدة ، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير ، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك ، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربة من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع ، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط ، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى ، فيمنع الاختلاط من باب أولى .

    الثالث
    روى مسلم في صحيحه ، عن زينب زوجة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنها ، قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً " وروى أبو داود في سننه والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات " . قال ابن دقيق العبد : فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً ، قال: ويلحق بالطيب مافي معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال ، وقال الخطابي في ( معالم السنن ) : التفل سوء الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات .
    الرابع
    روى أسامة بن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " . وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون ؟ هذا لا يجوز .

    الخامس
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الدنيا خلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظرة كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء " رواه مسلم . وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء ، وهو يقتضي الوجوب ، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ هذا لا يجوز .

    السادس
    روى ابو داود في السنن والبخاري في الكني بسنديهما ، عن حمزة بن السيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأت تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ، هذا لفظ ابي داود . قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : " يحقق الطريق " هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك ؟
    السابع
    روى ابو داود البالسي في سننه وغيره ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال : " لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد " وروى البخاري في التاريخ الكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء " . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سداً للذريعة الاختلاط ، فغذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففيه ذلك من باب أولى .

    الثامن
    روى البخاري في صحيحه ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً ، وفي رواية ثانية له ، كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية ثالثة : كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله . فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " . وجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل ، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضوع .

    ارحب بكل استفسار او سؤال
    بارك الله فيكم وسدد الله خطاكم على الحق دوما وأبدا

    ===============
    @المراجع@
    هكذا بدأ الاختلاط سليمان بن صالح الخراشي
    شبهات حول المرأة : سادسًا: الاختلاط
    الاختلاط بين الواقع والتشريع دراسة فقهية: علمية تطبيقية في حكم الاختلاط وآثاره جمع وإعداد:ابراهيم بن عبدالله الأزرق
    رسالة في الاختلاط لسماحة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ

  11. #10
    الله يبارك فيج اختي ياقوت ويجزاج كل خير smile

    العلاقه البريئه أو الصداقه البريئه ما هي إلاعبارات سرت في مجتمعاتنا من أناس يزينون المعاصي ويطربون للمنكرات فنجد منهم من يتهاونون في عبادتهم..ويعتقدون ان منكرا لن يؤثر في ميزانه .. فهم واثقون من أن اعمالهم الحسنة قد ثقلت ميزانهم ..!! ولكن من يعلم منا .
    ندعو الى الله ان يتقبل أعمالنا و ان يرحمنا.

    نصيحتي لكل بنت راقبي نفسك وأعيدي حساباتك فيما تكتبيه وتعقبيه فاليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل .

    فالليونه في التعقيب ما هو الا مدخل لشيطان رجيم نسأل الله الهداية والثبات .

    لكن اختي انا عندي استفسار بسيط redface

    في الحج المعروف الرجال يكونون بجانب النساء لدرجه الاحتكاك في النساء وامتزاج الرجال بالنساء فهل يعتبر هذا اختلاط محرم وهل يمنع ذهاب المرأه للحج في هذه الحاله .؟!

    عارفه انج ذكرتيها من ضمن الموضوع (الشارع حف الحج والعمرة بأحكام تكفل منع الخلطة المحرمة) بس احنا ما نشوف هالشي في الحج اللي نشوفه النفس على النفس .

    والله يجزاج خير الجزاء ويجعله في ميزان حسناتج smile

  12. #11
    ههههههههههه
    والله حسبت الموضوع مسابقة أو شي هههه قلت ستار مكسات مره ثانيه بس دينيه الأسئله biggrin
    ياقوت .. شرايك ببرنامج أو موضوع مسابقة أسمه :
    من سيربح المليون حسنه cool
    موضوع راااااااااائع
    وبارك الله فيك وفي ما كتبته
    اختك
    بندروفي
    smoker

  13. #12
    مشكوره أختي على الموضوع

    ما تقصرين
    بـ ن ـت الـ س ـبيل

  14. #13
    والله اني كنت متوقع مسابقه biggrin


    ياقوت مانقول الا جزاك الله خير وكتب جهودك بهذا القسم وخارجه في موازين حسناتك

    شكرا لك


    بس انا عندي عنوان موضوع حلو , ولايهون الموضوع الي حطه بندورفي tongue

    وهو ( اربح اكثر من وزنك ذهب ) tongue


    gooood

  15. #14
    وهو ( اربح اكثر من وزنك ذهب )
    هههههههههههههههههههههههههههههههههههههاي
    ااااه يا بطني .. فقعتنا ياخوك كعكي 24 أكل!!
    أنتفخ بطني .. يعنبو كم وزنك تصدز؟

  16. #15

  17. #16
    مشكوووووووووووووووووووووووورة ع الموضوع الرائع




    و هو بالفعل يستحق التثبيت












    و مشكورة

  18. #17

  19. #18

  20. #19
    ألف شكر لك يا الاخت ياقوت على الموضوع المميز

    والله يجعله في ميزان حسناتك

    ومشكورة وجزاك الله خير على الموضوع هذا

    لكن عنوان الموضوع يفضل انه يغير

    لأن يمكن الزائر يشوف العنوان يقول الكتاب يبين من عنوانه

    وان شاء الله يكون كلامك مؤثر في القلوب الضعية اللي يتبعون شهواتهم وينسون طاعة الله سبحانه

    اختم كلامي والتحيا والصلاة على النبي

    اللهم صلي وسلم على محمد وعلى ال محمد كم صليت على ال ابراهيم

    سبحانك اللهم وبحمدك اشهد اللا اله اللا انت استغفرك واتوب اليك
    2386bc6c285805b5602e3620bbb1c799
    Miss ya BMA

  21. #20
    مشكورة اختي ياقوت عالموضوع الحلوasian
    والله يجعله في ميزان حسناتك يوم القيامه

الصفحة رقم 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter