بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحيانا يمتنع الحيوان عن اللعب مع مدربه لفرط حبه له وخوفه عليه!
فعندما يحس الحيوان أنه قد لا يستطيع أداء ما يجب عليه أداء كاملا, مما قد يعرض صاحبه للخطر, يتوقف عن اللعبة التي يرى أنها قد تصيب صاحبه...
يقول ((جورج كيللر)) في كتابه ((رأسي في فم الأسد)) عن حادث وقع له مع أسد يلعب في السيرك اسمه ((ليو)): ( كانت صداقتي مع ليو قد تقدمت إلى الحد الذي سمح لي فيه بالجلوس فوقه والرقاد على جسمه المتمدد, وعندئذ بدأت أضع يدي على وجهه وأدير بأصابعي حول فمه وفكيه, فلم يحاول قط أن يقضم يدي. ثم بدأت أدخل المكنسة داخل فمه برقة, وفي اليوم الثالث دفعتها من خلال فمه بسهولة حتى أصبح مرفقي مستندا بين أنيابه دون أن يفعل شيئا. وبعد أن بلغت هذه المرحلة ثنيت ذراعي قليلا أفتح فك ليو. وكنت أزيد الفتحة اتساعا كل يوم, وفي نفس الوقت أضع رأسي على مقربة من رأسه. وبعد أسبوعين استطعت أن أفتح فم ليو على مصراعيه ثم وضعت وجهي بين فكيه فلم يغضب.
وأخذت طوال الشهر التالي أضع وجهي داخل فمه وأدخله شيئا فشيئا حتى يصبح رأسي كله داخل الفم. وعندما أحسست بأنيابه خلف أذني أدركت أن اللعبة قد تمت. وكنت بعد أن أدخل رأسي أعد من واحد إلى عشرة ببطء, ثم أربت بيدي تحت ذقن الأسد كإشارة ليتركني أخرج رأسي.
وكاد ليو أن يقتلني يوما دون أن يقصد إيذائي! إذ أمطرت السماء فجأة وأنا أضع رأسي داخل فمه, ولما كانت الحيوانات تخاف المطر خوفا مميتا, فقد أحسست بعضلات فكي الأسد تتوتر بشدة. وبعد أن عددت حتى عشرة كالمعتاد, وأعطيته الإشارة المعهودة ليطلق سراحي, لم يستجب لها الأسد. وعدت أربت على فكيه بالإشارة ولكن فم ليو تصلب حول رأسي كالحديد. وأطلق بعض رجالي طلقات نارية في الهواء ليجتذبوا أنظاره دون جدوى. وكنت على وشك الاختناق. لقد نسيني ليو وقطرات الماء تنهمر على وجهه. وفكرت في محاولة فتح فكيه بالقوة. ولكنه قد يهز رأسه فيحطم عنقي!
وفقدت الوعي. ولم أشعر بما حولي إلا وقناع الأكسجين فوق وجهي, والطبيب يجري لي تنفسا صناعيا ويفحص قلبي ونبضي, وقال الطبيب: لقد كدت تختنق تماما, ولحسن الحظ أن الأسد تركك بمجرد فقدك للوعي, وانقطع نزول المطر في تلك اللحظة!
وعلى الرغم من احتجاجات الطبيب فقد عدت إلى الحلبة, واستدعيت الأسد ليو وفتحت فكيه, وأدخلت رأسي في فمه مرة أخرى, وبعد أن عددت حتى العشرة أعطيته الإشارة فأطاع على الفور, ولكن عندما حاولت إعادة اللعبة معه في الربيع الثاني رفض ليو أن يفتح فمه! لقد أدرك أنه أخطأ, وهو لا يريد أن يغامر مرة أخرى حتى لا يؤذيني))!!
لقد امتنع الأسد ليو عن اللعب مع مدربه عندما عاد الربيع خوفا من أن تمطر السماء فلا يستطيع أن يسيطر على عضلات فكيه, فيموت صاحبه خطأ, وما ذلك إلا لفرط حب الأسد لصاحبه!
هذا بالنسبة للحيوانات والطيور والحشرات كبيرها وصغيرها, مستأنسها ومتوحشها, لو تدبر الإنسان أمرها وتفكر في أحوالها ودرس تصرفاتها لوجدها تفيض بحب عجيب, وعاطفة جياشة لأفراد جنسها, أو لغيرهم, يتقدمهم بنو الإنسان. وأما بالنسبة للنبات فإن أمره يفيض بالأسرار والعجب....
المفضلات